رسل و أنبياء

قصة خلق آدم

الأنبياء والرسل

الرسول اسم مُشتقٌ من أرسل ومنه الرسالة، وسميّ الرسول رسولاً؛ لأنّه ذو رسالةٍ، ويمكن تعريف الرسول لغةً بأنّه الذي يتابع أخبار الذي بعثه، أمّا النبي لغةً؛ فيأتي بمعنى المخبر عن الله تعالى، ومثال ذلك قوله تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)،[١] وكقوله تعالى: (قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)،[٢] ويعرف النبيّ بالإنسان الذي ُينبّؤه الله تعالى ويُخبر الناس ويبلغهم أوامر الله تعالى ونواهيه، وقد اختلف العلماء في التفريق بين الرسول والنبيّ، حيث قال فريقٌ منهم: أنّ كلّ نبيٍّ رسولٌ وكلّ رسولٍ نبيٌّ، فلا فرق بينهما وهما لفظان مترادفان، واستدلوا على رأيهم بقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ)؛[٣] حيث إنّ الله تعالى أثبت الإرسال للرسول والنبيّ كما في الآية السابقة، ويُردّ على هذا القول؛ بأنّه لو كان اللفظان لمعنى واحدٍ، لما حسن تكرارهما في الكلام البليغ، ولكنّ الله فرق بينهما، وقال الفريق الآخر وهم الجمهور: أنّ اللفظين يجتمعان من وجهٍ ويختلفان من آخر؛ فكلّ رسولٍ نبيٌّ، وليس كلّ نبيٍّ رسولٌ، واستدلوا على رأيهم بحديث أبي ذر الغفاريّ -رضي الله عنه- عندما سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن عدد الأنبياء، فقال:(يا رسولَ اللهِ كمِ الأنبياءُ؟ قال: مئةُ ألفٍ وعشرونَ ألفًا، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ كمِ الرُّسلُ مِن ذلك؟ قال: ثلاثُمئةٍ وثلاثةَ عشَرَ، جمًّا غفيرًا)، [٤] ومن الجدير بالذكر أنّ العلماء اختلفوا في تحديد الفرق بين النبي والرسول، ولكنّ أرجح الأقول: هو أنّ النبيّ من أُمر بالتبليغ، ولكن بشرع من قبله من الرسل، ومثال ذلك أنبياء بني إسرائيل؛ حيث كانوا يبلغون قومهم بشريعة موسى عليه السلام، وأمّا الرسل فقد أمروا بتبليغ شرعٍ جديد.[٥]

خَلْق آدم عليه السلام

بدأت القصّة عندما أخبر الله تعالى الملائكة عليهم السّلام، بأنّه سيخلق في الأرض بشراً يخلف بعضهم بعضاً، كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[٦] فردّ الملائكة سائلين الله تعالى؛ استكشافاً واستعلاماً عن الحكمة من خلق آدم عليه السّلام، وليس اعتراضاً، ويدلّ قولهم أنّ لديهم إلهاماً وبصيرةً كشفت لهم فطرة هذا المخلوق، فتوقعوا أنّه سيفسد في الأرض ويسفك الدماء، وخفيت عليهم حكمة الله تعالى من خلق آدم؛ حيث إنّهم رغم قربهم من الله تعالى وعبادتهم له، وتكريمه لهم، إلا أنّهم لا يشتركون معه في علمه، ولا يعلمون الغيب، ولا يعرفون حكمته الخافية، ثمّ أصدر الله تعالى أمره للملائكة -عليهم السّلام- بالسجود للبشر الذي سيخلقه من طين وينفخ فيه من روحه حال تسويته، والسجود هنا سجود تكريمٍ لا سجود عبادةٍ، ثمّ أخذ الله تعالى من تربة الأرض الحمراء، والصفراء، والسوداء، والبيضاء -وذلك سبب اختلاف ألوان البشر- ومزجها بالماء، فأصبحت صلصالاً من حمأ مسنونٍ، وكان كلّما مرّ إبليس على ذلك الطين تعجّب منه؛ بأن ماذا سيصبح؟! فكان ذلك الصلصال ما خُلق منه آدم عليه السّلام؛ إذ إنّ الله تعالى سواه بيديه ونفخ فيه من روحه، فدبّت فيه الحياة، وفتح عينيه، وتحرك جسده، ولمّا تمّ خلق آدم، سجد الملائكة كلّهم له كما أمرهم ربُّ العزة، إلا إبليس لم يسجد، فقال له الله تعالى:(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ)،[٧] فردّ إبليس على الله تعالى بكلّ حسدٍ وكبر: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)،[٨] فحلّت لعنة الله تعالى على إبليس، وطرده من رحمته، كما قال تعالى: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ)،[٩] ثمّ طلب إبليس من الله تعالى فرصةً بعد أن تحوّل حسده لآدم -عليه السّلام- حقداً، فاقتضت حكمة الله تعالى بإجابته بما جاء في قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ* إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ* قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)[١٠][١١]

ذنب آدم عليه السلام

بعد أن خلق الله تعالى آدم -عليه السّلام- وأسكنه في الجنّة، شعر آدمُ بالوحشة؛ إذ لم يكن له زوجةٌ يسكن إليها، فنام نومةً، ولمّا استيقظ وجد امرأةً جالسةً عند رأسه، وقد خلقها الله تعالى من ضلعه، فعاش آدم وزجته في الجنّة حياةً رغيدةً هنيئةً، وجعل الله تعالى له محظوراً واحداً في مقابل مباحاتٍ لا حدّ لها، حيث منعه من أكل شجرةٍ واحدةٍ فقط، وقال المفسّرون: هي الكرم، وقيل الحنطة، وقيل النخلة، وجاء في قوله تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)،[١٢] وعاش آدم وزوجته في هناءٍ ورغدٍ من العيش ملتزمين بأمر الله تعالى، ولكنّ إبليس الذي كان يُضمر الحقد على آدم عليه السّلام، أتى بصورة الناصح الأمين، ونصحه بأن يأكل من تلك الشجرة؛ ليكون خالداً مع ملكٍ لا يبلى، وأقسم لآدم -عليه السّلام- على ذلك، واستمر بالوسوسة له؛ لينغّص عيشه ويسوقه إلى درب الهلاك والعصيان، فنسي آدم ما أمره الله تعالى به وأكل من الشجرة، فأوقعه الشيطان في التهلكة وأنزل رتبته من عليائها وعزتها، وكان لباس آدم وزوجته من النور، فلما ارتكبا الخطيئة بالأكل من الشجرة، تعرّيا بسبب العصيان، وكان بالقرب منهما شجرة تين، فأخذا يقطفان من ورقها ويستتران به، ثمّ أخرج الله تعالى آدم وزوجته من الجنّة؛ لعيشا في الأرض دار الكدّ والعمل والامتحان، وبقيا على هذه الحال حتى توفاهم الله تعالى.[١٣]

المراجع

  1. سورة الحجر، آية: 49.
  2. سورة التحريم، آية: 3.
  3. سورة الحج، آية: 52.
  4. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 361، أخرجه في صحيحه.
  5. “الإيمان بالأنبياء والرسل حقيقته ومقتضياته”، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية: 30.
  7. سورة ص، آية: 75.
  8. سورة ص، آية: 76.
  9. سورة ص، آية: 77.
  10. سورة ص، آية: 79-83.
  11. “آدم عليه السلام”، new.knowingallah.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.
  12. سورة البقرة، آية: 35.
  13. “قصة آدم عليه السلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الأنبياء والرسل

الرسول اسم مُشتقٌ من أرسل ومنه الرسالة، وسميّ الرسول رسولاً؛ لأنّه ذو رسالةٍ، ويمكن تعريف الرسول لغةً بأنّه الذي يتابع أخبار الذي بعثه، أمّا النبي لغةً؛ فيأتي بمعنى المخبر عن الله تعالى، ومثال ذلك قوله تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)،[١] وكقوله تعالى: (قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)،[٢] ويعرف النبيّ بالإنسان الذي ُينبّؤه الله تعالى ويُخبر الناس ويبلغهم أوامر الله تعالى ونواهيه، وقد اختلف العلماء في التفريق بين الرسول والنبيّ، حيث قال فريقٌ منهم: أنّ كلّ نبيٍّ رسولٌ وكلّ رسولٍ نبيٌّ، فلا فرق بينهما وهما لفظان مترادفان، واستدلوا على رأيهم بقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ)؛[٣] حيث إنّ الله تعالى أثبت الإرسال للرسول والنبيّ كما في الآية السابقة، ويُردّ على هذا القول؛ بأنّه لو كان اللفظان لمعنى واحدٍ، لما حسن تكرارهما في الكلام البليغ، ولكنّ الله فرق بينهما، وقال الفريق الآخر وهم الجمهور: أنّ اللفظين يجتمعان من وجهٍ ويختلفان من آخر؛ فكلّ رسولٍ نبيٌّ، وليس كلّ نبيٍّ رسولٌ، واستدلوا على رأيهم بحديث أبي ذر الغفاريّ -رضي الله عنه- عندما سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن عدد الأنبياء، فقال:(يا رسولَ اللهِ كمِ الأنبياءُ؟ قال: مئةُ ألفٍ وعشرونَ ألفًا، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ كمِ الرُّسلُ مِن ذلك؟ قال: ثلاثُمئةٍ وثلاثةَ عشَرَ، جمًّا غفيرًا)، [٤] ومن الجدير بالذكر أنّ العلماء اختلفوا في تحديد الفرق بين النبي والرسول، ولكنّ أرجح الأقول: هو أنّ النبيّ من أُمر بالتبليغ، ولكن بشرع من قبله من الرسل، ومثال ذلك أنبياء بني إسرائيل؛ حيث كانوا يبلغون قومهم بشريعة موسى عليه السلام، وأمّا الرسل فقد أمروا بتبليغ شرعٍ جديد.[٥]

خَلْق آدم عليه السلام

بدأت القصّة عندما أخبر الله تعالى الملائكة عليهم السّلام، بأنّه سيخلق في الأرض بشراً يخلف بعضهم بعضاً، كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[٦] فردّ الملائكة سائلين الله تعالى؛ استكشافاً واستعلاماً عن الحكمة من خلق آدم عليه السّلام، وليس اعتراضاً، ويدلّ قولهم أنّ لديهم إلهاماً وبصيرةً كشفت لهم فطرة هذا المخلوق، فتوقعوا أنّه سيفسد في الأرض ويسفك الدماء، وخفيت عليهم حكمة الله تعالى من خلق آدم؛ حيث إنّهم رغم قربهم من الله تعالى وعبادتهم له، وتكريمه لهم، إلا أنّهم لا يشتركون معه في علمه، ولا يعلمون الغيب، ولا يعرفون حكمته الخافية، ثمّ أصدر الله تعالى أمره للملائكة -عليهم السّلام- بالسجود للبشر الذي سيخلقه من طين وينفخ فيه من روحه حال تسويته، والسجود هنا سجود تكريمٍ لا سجود عبادةٍ، ثمّ أخذ الله تعالى من تربة الأرض الحمراء، والصفراء، والسوداء، والبيضاء -وذلك سبب اختلاف ألوان البشر- ومزجها بالماء، فأصبحت صلصالاً من حمأ مسنونٍ، وكان كلّما مرّ إبليس على ذلك الطين تعجّب منه؛ بأن ماذا سيصبح؟! فكان ذلك الصلصال ما خُلق منه آدم عليه السّلام؛ إذ إنّ الله تعالى سواه بيديه ونفخ فيه من روحه، فدبّت فيه الحياة، وفتح عينيه، وتحرك جسده، ولمّا تمّ خلق آدم، سجد الملائكة كلّهم له كما أمرهم ربُّ العزة، إلا إبليس لم يسجد، فقال له الله تعالى:(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ)،[٧] فردّ إبليس على الله تعالى بكلّ حسدٍ وكبر: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)،[٨] فحلّت لعنة الله تعالى على إبليس، وطرده من رحمته، كما قال تعالى: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ)،[٩] ثمّ طلب إبليس من الله تعالى فرصةً بعد أن تحوّل حسده لآدم -عليه السّلام- حقداً، فاقتضت حكمة الله تعالى بإجابته بما جاء في قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ* إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ* قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)[١٠][١١]

ذنب آدم عليه السلام

بعد أن خلق الله تعالى آدم -عليه السّلام- وأسكنه في الجنّة، شعر آدمُ بالوحشة؛ إذ لم يكن له زوجةٌ يسكن إليها، فنام نومةً، ولمّا استيقظ وجد امرأةً جالسةً عند رأسه، وقد خلقها الله تعالى من ضلعه، فعاش آدم وزجته في الجنّة حياةً رغيدةً هنيئةً، وجعل الله تعالى له محظوراً واحداً في مقابل مباحاتٍ لا حدّ لها، حيث منعه من أكل شجرةٍ واحدةٍ فقط، وقال المفسّرون: هي الكرم، وقيل الحنطة، وقيل النخلة، وجاء في قوله تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)،[١٢] وعاش آدم وزوجته في هناءٍ ورغدٍ من العيش ملتزمين بأمر الله تعالى، ولكنّ إبليس الذي كان يُضمر الحقد على آدم عليه السّلام، أتى بصورة الناصح الأمين، ونصحه بأن يأكل من تلك الشجرة؛ ليكون خالداً مع ملكٍ لا يبلى، وأقسم لآدم -عليه السّلام- على ذلك، واستمر بالوسوسة له؛ لينغّص عيشه ويسوقه إلى درب الهلاك والعصيان، فنسي آدم ما أمره الله تعالى به وأكل من الشجرة، فأوقعه الشيطان في التهلكة وأنزل رتبته من عليائها وعزتها، وكان لباس آدم وزوجته من النور، فلما ارتكبا الخطيئة بالأكل من الشجرة، تعرّيا بسبب العصيان، وكان بالقرب منهما شجرة تين، فأخذا يقطفان من ورقها ويستتران به، ثمّ أخرج الله تعالى آدم وزوجته من الجنّة؛ لعيشا في الأرض دار الكدّ والعمل والامتحان، وبقيا على هذه الحال حتى توفاهم الله تعالى.[١٣]

المراجع

  1. سورة الحجر، آية: 49.
  2. سورة التحريم، آية: 3.
  3. سورة الحج، آية: 52.
  4. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 361، أخرجه في صحيحه.
  5. “الإيمان بالأنبياء والرسل حقيقته ومقتضياته”، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية: 30.
  7. سورة ص، آية: 75.
  8. سورة ص، آية: 76.
  9. سورة ص، آية: 77.
  10. سورة ص، آية: 79-83.
  11. “آدم عليه السلام”، new.knowingallah.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.
  12. سورة البقرة، آية: 35.
  13. “قصة آدم عليه السلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الأنبياء والرسل

الرسول اسم مُشتقٌ من أرسل ومنه الرسالة، وسميّ الرسول رسولاً؛ لأنّه ذو رسالةٍ، ويمكن تعريف الرسول لغةً بأنّه الذي يتابع أخبار الذي بعثه، أمّا النبي لغةً؛ فيأتي بمعنى المخبر عن الله تعالى، ومثال ذلك قوله تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)،[١] وكقوله تعالى: (قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)،[٢] ويعرف النبيّ بالإنسان الذي ُينبّؤه الله تعالى ويُخبر الناس ويبلغهم أوامر الله تعالى ونواهيه، وقد اختلف العلماء في التفريق بين الرسول والنبيّ، حيث قال فريقٌ منهم: أنّ كلّ نبيٍّ رسولٌ وكلّ رسولٍ نبيٌّ، فلا فرق بينهما وهما لفظان مترادفان، واستدلوا على رأيهم بقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ)؛[٣] حيث إنّ الله تعالى أثبت الإرسال للرسول والنبيّ كما في الآية السابقة، ويُردّ على هذا القول؛ بأنّه لو كان اللفظان لمعنى واحدٍ، لما حسن تكرارهما في الكلام البليغ، ولكنّ الله فرق بينهما، وقال الفريق الآخر وهم الجمهور: أنّ اللفظين يجتمعان من وجهٍ ويختلفان من آخر؛ فكلّ رسولٍ نبيٌّ، وليس كلّ نبيٍّ رسولٌ، واستدلوا على رأيهم بحديث أبي ذر الغفاريّ -رضي الله عنه- عندما سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن عدد الأنبياء، فقال:(يا رسولَ اللهِ كمِ الأنبياءُ؟ قال: مئةُ ألفٍ وعشرونَ ألفًا، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ كمِ الرُّسلُ مِن ذلك؟ قال: ثلاثُمئةٍ وثلاثةَ عشَرَ، جمًّا غفيرًا)، [٤] ومن الجدير بالذكر أنّ العلماء اختلفوا في تحديد الفرق بين النبي والرسول، ولكنّ أرجح الأقول: هو أنّ النبيّ من أُمر بالتبليغ، ولكن بشرع من قبله من الرسل، ومثال ذلك أنبياء بني إسرائيل؛ حيث كانوا يبلغون قومهم بشريعة موسى عليه السلام، وأمّا الرسل فقد أمروا بتبليغ شرعٍ جديد.[٥]

خَلْق آدم عليه السلام

بدأت القصّة عندما أخبر الله تعالى الملائكة عليهم السّلام، بأنّه سيخلق في الأرض بشراً يخلف بعضهم بعضاً، كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[٦] فردّ الملائكة سائلين الله تعالى؛ استكشافاً واستعلاماً عن الحكمة من خلق آدم عليه السّلام، وليس اعتراضاً، ويدلّ قولهم أنّ لديهم إلهاماً وبصيرةً كشفت لهم فطرة هذا المخلوق، فتوقعوا أنّه سيفسد في الأرض ويسفك الدماء، وخفيت عليهم حكمة الله تعالى من خلق آدم؛ حيث إنّهم رغم قربهم من الله تعالى وعبادتهم له، وتكريمه لهم، إلا أنّهم لا يشتركون معه في علمه، ولا يعلمون الغيب، ولا يعرفون حكمته الخافية، ثمّ أصدر الله تعالى أمره للملائكة -عليهم السّلام- بالسجود للبشر الذي سيخلقه من طين وينفخ فيه من روحه حال تسويته، والسجود هنا سجود تكريمٍ لا سجود عبادةٍ، ثمّ أخذ الله تعالى من تربة الأرض الحمراء، والصفراء، والسوداء، والبيضاء -وذلك سبب اختلاف ألوان البشر- ومزجها بالماء، فأصبحت صلصالاً من حمأ مسنونٍ، وكان كلّما مرّ إبليس على ذلك الطين تعجّب منه؛ بأن ماذا سيصبح؟! فكان ذلك الصلصال ما خُلق منه آدم عليه السّلام؛ إذ إنّ الله تعالى سواه بيديه ونفخ فيه من روحه، فدبّت فيه الحياة، وفتح عينيه، وتحرك جسده، ولمّا تمّ خلق آدم، سجد الملائكة كلّهم له كما أمرهم ربُّ العزة، إلا إبليس لم يسجد، فقال له الله تعالى:(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ)،[٧] فردّ إبليس على الله تعالى بكلّ حسدٍ وكبر: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)،[٨] فحلّت لعنة الله تعالى على إبليس، وطرده من رحمته، كما قال تعالى: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ)،[٩] ثمّ طلب إبليس من الله تعالى فرصةً بعد أن تحوّل حسده لآدم -عليه السّلام- حقداً، فاقتضت حكمة الله تعالى بإجابته بما جاء في قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ* إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ* قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)[١٠][١١]

ذنب آدم عليه السلام

بعد أن خلق الله تعالى آدم -عليه السّلام- وأسكنه في الجنّة، شعر آدمُ بالوحشة؛ إذ لم يكن له زوجةٌ يسكن إليها، فنام نومةً، ولمّا استيقظ وجد امرأةً جالسةً عند رأسه، وقد خلقها الله تعالى من ضلعه، فعاش آدم وزجته في الجنّة حياةً رغيدةً هنيئةً، وجعل الله تعالى له محظوراً واحداً في مقابل مباحاتٍ لا حدّ لها، حيث منعه من أكل شجرةٍ واحدةٍ فقط، وقال المفسّرون: هي الكرم، وقيل الحنطة، وقيل النخلة، وجاء في قوله تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)،[١٢] وعاش آدم وزوجته في هناءٍ ورغدٍ من العيش ملتزمين بأمر الله تعالى، ولكنّ إبليس الذي كان يُضمر الحقد على آدم عليه السّلام، أتى بصورة الناصح الأمين، ونصحه بأن يأكل من تلك الشجرة؛ ليكون خالداً مع ملكٍ لا يبلى، وأقسم لآدم -عليه السّلام- على ذلك، واستمر بالوسوسة له؛ لينغّص عيشه ويسوقه إلى درب الهلاك والعصيان، فنسي آدم ما أمره الله تعالى به وأكل من الشجرة، فأوقعه الشيطان في التهلكة وأنزل رتبته من عليائها وعزتها، وكان لباس آدم وزوجته من النور، فلما ارتكبا الخطيئة بالأكل من الشجرة، تعرّيا بسبب العصيان، وكان بالقرب منهما شجرة تين، فأخذا يقطفان من ورقها ويستتران به، ثمّ أخرج الله تعالى آدم وزوجته من الجنّة؛ لعيشا في الأرض دار الكدّ والعمل والامتحان، وبقيا على هذه الحال حتى توفاهم الله تعالى.[١٣]

المراجع

  1. سورة الحجر، آية: 49.
  2. سورة التحريم، آية: 3.
  3. سورة الحج، آية: 52.
  4. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 361، أخرجه في صحيحه.
  5. “الإيمان بالأنبياء والرسل حقيقته ومقتضياته”، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية: 30.
  7. سورة ص، آية: 75.
  8. سورة ص، آية: 76.
  9. سورة ص، آية: 77.
  10. سورة ص، آية: 79-83.
  11. “آدم عليه السلام”، new.knowingallah.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.
  12. سورة البقرة، آية: 35.
  13. “قصة آدم عليه السلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

مقالات ذات صلة

الأنبياء والرسل

الرسول اسم مُشتقٌ من أرسل ومنه الرسالة، وسميّ الرسول رسولاً؛ لأنّه ذو رسالةٍ، ويمكن تعريف الرسول لغةً بأنّه الذي يتابع أخبار الذي بعثه، أمّا النبي لغةً؛ فيأتي بمعنى المخبر عن الله تعالى، ومثال ذلك قوله تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)،[١] وكقوله تعالى: (قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)،[٢] ويعرف النبيّ بالإنسان الذي ُينبّؤه الله تعالى ويُخبر الناس ويبلغهم أوامر الله تعالى ونواهيه، وقد اختلف العلماء في التفريق بين الرسول والنبيّ، حيث قال فريقٌ منهم: أنّ كلّ نبيٍّ رسولٌ وكلّ رسولٍ نبيٌّ، فلا فرق بينهما وهما لفظان مترادفان، واستدلوا على رأيهم بقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ)؛[٣] حيث إنّ الله تعالى أثبت الإرسال للرسول والنبيّ كما في الآية السابقة، ويُردّ على هذا القول؛ بأنّه لو كان اللفظان لمعنى واحدٍ، لما حسن تكرارهما في الكلام البليغ، ولكنّ الله فرق بينهما، وقال الفريق الآخر وهم الجمهور: أنّ اللفظين يجتمعان من وجهٍ ويختلفان من آخر؛ فكلّ رسولٍ نبيٌّ، وليس كلّ نبيٍّ رسولٌ، واستدلوا على رأيهم بحديث أبي ذر الغفاريّ -رضي الله عنه- عندما سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن عدد الأنبياء، فقال:(يا رسولَ اللهِ كمِ الأنبياءُ؟ قال: مئةُ ألفٍ وعشرونَ ألفًا، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ كمِ الرُّسلُ مِن ذلك؟ قال: ثلاثُمئةٍ وثلاثةَ عشَرَ، جمًّا غفيرًا)، [٤] ومن الجدير بالذكر أنّ العلماء اختلفوا في تحديد الفرق بين النبي والرسول، ولكنّ أرجح الأقول: هو أنّ النبيّ من أُمر بالتبليغ، ولكن بشرع من قبله من الرسل، ومثال ذلك أنبياء بني إسرائيل؛ حيث كانوا يبلغون قومهم بشريعة موسى عليه السلام، وأمّا الرسل فقد أمروا بتبليغ شرعٍ جديد.[٥]

خَلْق آدم عليه السلام

بدأت القصّة عندما أخبر الله تعالى الملائكة عليهم السّلام، بأنّه سيخلق في الأرض بشراً يخلف بعضهم بعضاً، كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[٦] فردّ الملائكة سائلين الله تعالى؛ استكشافاً واستعلاماً عن الحكمة من خلق آدم عليه السّلام، وليس اعتراضاً، ويدلّ قولهم أنّ لديهم إلهاماً وبصيرةً كشفت لهم فطرة هذا المخلوق، فتوقعوا أنّه سيفسد في الأرض ويسفك الدماء، وخفيت عليهم حكمة الله تعالى من خلق آدم؛ حيث إنّهم رغم قربهم من الله تعالى وعبادتهم له، وتكريمه لهم، إلا أنّهم لا يشتركون معه في علمه، ولا يعلمون الغيب، ولا يعرفون حكمته الخافية، ثمّ أصدر الله تعالى أمره للملائكة -عليهم السّلام- بالسجود للبشر الذي سيخلقه من طين وينفخ فيه من روحه حال تسويته، والسجود هنا سجود تكريمٍ لا سجود عبادةٍ، ثمّ أخذ الله تعالى من تربة الأرض الحمراء، والصفراء، والسوداء، والبيضاء -وذلك سبب اختلاف ألوان البشر- ومزجها بالماء، فأصبحت صلصالاً من حمأ مسنونٍ، وكان كلّما مرّ إبليس على ذلك الطين تعجّب منه؛ بأن ماذا سيصبح؟! فكان ذلك الصلصال ما خُلق منه آدم عليه السّلام؛ إذ إنّ الله تعالى سواه بيديه ونفخ فيه من روحه، فدبّت فيه الحياة، وفتح عينيه، وتحرك جسده، ولمّا تمّ خلق آدم، سجد الملائكة كلّهم له كما أمرهم ربُّ العزة، إلا إبليس لم يسجد، فقال له الله تعالى:(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ)،[٧] فردّ إبليس على الله تعالى بكلّ حسدٍ وكبر: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)،[٨] فحلّت لعنة الله تعالى على إبليس، وطرده من رحمته، كما قال تعالى: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ)،[٩] ثمّ طلب إبليس من الله تعالى فرصةً بعد أن تحوّل حسده لآدم -عليه السّلام- حقداً، فاقتضت حكمة الله تعالى بإجابته بما جاء في قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ* إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ* قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)[١٠][١١]

ذنب آدم عليه السلام

بعد أن خلق الله تعالى آدم -عليه السّلام- وأسكنه في الجنّة، شعر آدمُ بالوحشة؛ إذ لم يكن له زوجةٌ يسكن إليها، فنام نومةً، ولمّا استيقظ وجد امرأةً جالسةً عند رأسه، وقد خلقها الله تعالى من ضلعه، فعاش آدم وزجته في الجنّة حياةً رغيدةً هنيئةً، وجعل الله تعالى له محظوراً واحداً في مقابل مباحاتٍ لا حدّ لها، حيث منعه من أكل شجرةٍ واحدةٍ فقط، وقال المفسّرون: هي الكرم، وقيل الحنطة، وقيل النخلة، وجاء في قوله تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)،[١٢] وعاش آدم وزوجته في هناءٍ ورغدٍ من العيش ملتزمين بأمر الله تعالى، ولكنّ إبليس الذي كان يُضمر الحقد على آدم عليه السّلام، أتى بصورة الناصح الأمين، ونصحه بأن يأكل من تلك الشجرة؛ ليكون خالداً مع ملكٍ لا يبلى، وأقسم لآدم -عليه السّلام- على ذلك، واستمر بالوسوسة له؛ لينغّص عيشه ويسوقه إلى درب الهلاك والعصيان، فنسي آدم ما أمره الله تعالى به وأكل من الشجرة، فأوقعه الشيطان في التهلكة وأنزل رتبته من عليائها وعزتها، وكان لباس آدم وزوجته من النور، فلما ارتكبا الخطيئة بالأكل من الشجرة، تعرّيا بسبب العصيان، وكان بالقرب منهما شجرة تين، فأخذا يقطفان من ورقها ويستتران به، ثمّ أخرج الله تعالى آدم وزوجته من الجنّة؛ لعيشا في الأرض دار الكدّ والعمل والامتحان، وبقيا على هذه الحال حتى توفاهم الله تعالى.[١٣]

المراجع

  1. سورة الحجر، آية: 49.
  2. سورة التحريم، آية: 3.
  3. سورة الحج، آية: 52.
  4. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 361، أخرجه في صحيحه.
  5. “الإيمان بالأنبياء والرسل حقيقته ومقتضياته”، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية: 30.
  7. سورة ص، آية: 75.
  8. سورة ص، آية: 76.
  9. سورة ص، آية: 77.
  10. سورة ص، آية: 79-83.
  11. “آدم عليه السلام”، new.knowingallah.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.
  12. سورة البقرة، آية: 35.
  13. “قصة آدم عليه السلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الأنبياء والرسل

الرسول اسم مُشتقٌ من أرسل ومنه الرسالة، وسميّ الرسول رسولاً؛ لأنّه ذو رسالةٍ، ويمكن تعريف الرسول لغةً بأنّه الذي يتابع أخبار الذي بعثه، أمّا النبي لغةً؛ فيأتي بمعنى المخبر عن الله تعالى، ومثال ذلك قوله تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)،[١] وكقوله تعالى: (قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)،[٢] ويعرف النبيّ بالإنسان الذي ُينبّؤه الله تعالى ويُخبر الناس ويبلغهم أوامر الله تعالى ونواهيه، وقد اختلف العلماء في التفريق بين الرسول والنبيّ، حيث قال فريقٌ منهم: أنّ كلّ نبيٍّ رسولٌ وكلّ رسولٍ نبيٌّ، فلا فرق بينهما وهما لفظان مترادفان، واستدلوا على رأيهم بقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ)؛[٣] حيث إنّ الله تعالى أثبت الإرسال للرسول والنبيّ كما في الآية السابقة، ويُردّ على هذا القول؛ بأنّه لو كان اللفظان لمعنى واحدٍ، لما حسن تكرارهما في الكلام البليغ، ولكنّ الله فرق بينهما، وقال الفريق الآخر وهم الجمهور: أنّ اللفظين يجتمعان من وجهٍ ويختلفان من آخر؛ فكلّ رسولٍ نبيٌّ، وليس كلّ نبيٍّ رسولٌ، واستدلوا على رأيهم بحديث أبي ذر الغفاريّ -رضي الله عنه- عندما سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن عدد الأنبياء، فقال:(يا رسولَ اللهِ كمِ الأنبياءُ؟ قال: مئةُ ألفٍ وعشرونَ ألفًا، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ كمِ الرُّسلُ مِن ذلك؟ قال: ثلاثُمئةٍ وثلاثةَ عشَرَ، جمًّا غفيرًا)، [٤] ومن الجدير بالذكر أنّ العلماء اختلفوا في تحديد الفرق بين النبي والرسول، ولكنّ أرجح الأقول: هو أنّ النبيّ من أُمر بالتبليغ، ولكن بشرع من قبله من الرسل، ومثال ذلك أنبياء بني إسرائيل؛ حيث كانوا يبلغون قومهم بشريعة موسى عليه السلام، وأمّا الرسل فقد أمروا بتبليغ شرعٍ جديد.[٥]

خَلْق آدم عليه السلام

بدأت القصّة عندما أخبر الله تعالى الملائكة عليهم السّلام، بأنّه سيخلق في الأرض بشراً يخلف بعضهم بعضاً، كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[٦] فردّ الملائكة سائلين الله تعالى؛ استكشافاً واستعلاماً عن الحكمة من خلق آدم عليه السّلام، وليس اعتراضاً، ويدلّ قولهم أنّ لديهم إلهاماً وبصيرةً كشفت لهم فطرة هذا المخلوق، فتوقعوا أنّه سيفسد في الأرض ويسفك الدماء، وخفيت عليهم حكمة الله تعالى من خلق آدم؛ حيث إنّهم رغم قربهم من الله تعالى وعبادتهم له، وتكريمه لهم، إلا أنّهم لا يشتركون معه في علمه، ولا يعلمون الغيب، ولا يعرفون حكمته الخافية، ثمّ أصدر الله تعالى أمره للملائكة -عليهم السّلام- بالسجود للبشر الذي سيخلقه من طين وينفخ فيه من روحه حال تسويته، والسجود هنا سجود تكريمٍ لا سجود عبادةٍ، ثمّ أخذ الله تعالى من تربة الأرض الحمراء، والصفراء، والسوداء، والبيضاء -وذلك سبب اختلاف ألوان البشر- ومزجها بالماء، فأصبحت صلصالاً من حمأ مسنونٍ، وكان كلّما مرّ إبليس على ذلك الطين تعجّب منه؛ بأن ماذا سيصبح؟! فكان ذلك الصلصال ما خُلق منه آدم عليه السّلام؛ إذ إنّ الله تعالى سواه بيديه ونفخ فيه من روحه، فدبّت فيه الحياة، وفتح عينيه، وتحرك جسده، ولمّا تمّ خلق آدم، سجد الملائكة كلّهم له كما أمرهم ربُّ العزة، إلا إبليس لم يسجد، فقال له الله تعالى:(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ)،[٧] فردّ إبليس على الله تعالى بكلّ حسدٍ وكبر: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)،[٨] فحلّت لعنة الله تعالى على إبليس، وطرده من رحمته، كما قال تعالى: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ)،[٩] ثمّ طلب إبليس من الله تعالى فرصةً بعد أن تحوّل حسده لآدم -عليه السّلام- حقداً، فاقتضت حكمة الله تعالى بإجابته بما جاء في قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ* إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ* قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)[١٠][١١]

ذنب آدم عليه السلام

بعد أن خلق الله تعالى آدم -عليه السّلام- وأسكنه في الجنّة، شعر آدمُ بالوحشة؛ إذ لم يكن له زوجةٌ يسكن إليها، فنام نومةً، ولمّا استيقظ وجد امرأةً جالسةً عند رأسه، وقد خلقها الله تعالى من ضلعه، فعاش آدم وزجته في الجنّة حياةً رغيدةً هنيئةً، وجعل الله تعالى له محظوراً واحداً في مقابل مباحاتٍ لا حدّ لها، حيث منعه من أكل شجرةٍ واحدةٍ فقط، وقال المفسّرون: هي الكرم، وقيل الحنطة، وقيل النخلة، وجاء في قوله تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)،[١٢] وعاش آدم وزوجته في هناءٍ ورغدٍ من العيش ملتزمين بأمر الله تعالى، ولكنّ إبليس الذي كان يُضمر الحقد على آدم عليه السّلام، أتى بصورة الناصح الأمين، ونصحه بأن يأكل من تلك الشجرة؛ ليكون خالداً مع ملكٍ لا يبلى، وأقسم لآدم -عليه السّلام- على ذلك، واستمر بالوسوسة له؛ لينغّص عيشه ويسوقه إلى درب الهلاك والعصيان، فنسي آدم ما أمره الله تعالى به وأكل من الشجرة، فأوقعه الشيطان في التهلكة وأنزل رتبته من عليائها وعزتها، وكان لباس آدم وزوجته من النور، فلما ارتكبا الخطيئة بالأكل من الشجرة، تعرّيا بسبب العصيان، وكان بالقرب منهما شجرة تين، فأخذا يقطفان من ورقها ويستتران به، ثمّ أخرج الله تعالى آدم وزوجته من الجنّة؛ لعيشا في الأرض دار الكدّ والعمل والامتحان، وبقيا على هذه الحال حتى توفاهم الله تعالى.[١٣]

المراجع

  1. سورة الحجر، آية: 49.
  2. سورة التحريم، آية: 3.
  3. سورة الحج، آية: 52.
  4. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 361، أخرجه في صحيحه.
  5. “الإيمان بالأنبياء والرسل حقيقته ومقتضياته”، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية: 30.
  7. سورة ص، آية: 75.
  8. سورة ص، آية: 76.
  9. سورة ص، آية: 77.
  10. سورة ص، آية: 79-83.
  11. “آدم عليه السلام”، new.knowingallah.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.
  12. سورة البقرة، آية: 35.
  13. “قصة آدم عليه السلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الأنبياء والرسل

الرسول اسم مُشتقٌ من أرسل ومنه الرسالة، وسميّ الرسول رسولاً؛ لأنّه ذو رسالةٍ، ويمكن تعريف الرسول لغةً بأنّه الذي يتابع أخبار الذي بعثه، أمّا النبي لغةً؛ فيأتي بمعنى المخبر عن الله تعالى، ومثال ذلك قوله تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)،[١] وكقوله تعالى: (قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)،[٢] ويعرف النبيّ بالإنسان الذي ُينبّؤه الله تعالى ويُخبر الناس ويبلغهم أوامر الله تعالى ونواهيه، وقد اختلف العلماء في التفريق بين الرسول والنبيّ، حيث قال فريقٌ منهم: أنّ كلّ نبيٍّ رسولٌ وكلّ رسولٍ نبيٌّ، فلا فرق بينهما وهما لفظان مترادفان، واستدلوا على رأيهم بقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ)؛[٣] حيث إنّ الله تعالى أثبت الإرسال للرسول والنبيّ كما في الآية السابقة، ويُردّ على هذا القول؛ بأنّه لو كان اللفظان لمعنى واحدٍ، لما حسن تكرارهما في الكلام البليغ، ولكنّ الله فرق بينهما، وقال الفريق الآخر وهم الجمهور: أنّ اللفظين يجتمعان من وجهٍ ويختلفان من آخر؛ فكلّ رسولٍ نبيٌّ، وليس كلّ نبيٍّ رسولٌ، واستدلوا على رأيهم بحديث أبي ذر الغفاريّ -رضي الله عنه- عندما سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن عدد الأنبياء، فقال:(يا رسولَ اللهِ كمِ الأنبياءُ؟ قال: مئةُ ألفٍ وعشرونَ ألفًا، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ كمِ الرُّسلُ مِن ذلك؟ قال: ثلاثُمئةٍ وثلاثةَ عشَرَ، جمًّا غفيرًا)، [٤] ومن الجدير بالذكر أنّ العلماء اختلفوا في تحديد الفرق بين النبي والرسول، ولكنّ أرجح الأقول: هو أنّ النبيّ من أُمر بالتبليغ، ولكن بشرع من قبله من الرسل، ومثال ذلك أنبياء بني إسرائيل؛ حيث كانوا يبلغون قومهم بشريعة موسى عليه السلام، وأمّا الرسل فقد أمروا بتبليغ شرعٍ جديد.[٥]

خَلْق آدم عليه السلام

بدأت القصّة عندما أخبر الله تعالى الملائكة عليهم السّلام، بأنّه سيخلق في الأرض بشراً يخلف بعضهم بعضاً، كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[٦] فردّ الملائكة سائلين الله تعالى؛ استكشافاً واستعلاماً عن الحكمة من خلق آدم عليه السّلام، وليس اعتراضاً، ويدلّ قولهم أنّ لديهم إلهاماً وبصيرةً كشفت لهم فطرة هذا المخلوق، فتوقعوا أنّه سيفسد في الأرض ويسفك الدماء، وخفيت عليهم حكمة الله تعالى من خلق آدم؛ حيث إنّهم رغم قربهم من الله تعالى وعبادتهم له، وتكريمه لهم، إلا أنّهم لا يشتركون معه في علمه، ولا يعلمون الغيب، ولا يعرفون حكمته الخافية، ثمّ أصدر الله تعالى أمره للملائكة -عليهم السّلام- بالسجود للبشر الذي سيخلقه من طين وينفخ فيه من روحه حال تسويته، والسجود هنا سجود تكريمٍ لا سجود عبادةٍ، ثمّ أخذ الله تعالى من تربة الأرض الحمراء، والصفراء، والسوداء، والبيضاء -وذلك سبب اختلاف ألوان البشر- ومزجها بالماء، فأصبحت صلصالاً من حمأ مسنونٍ، وكان كلّما مرّ إبليس على ذلك الطين تعجّب منه؛ بأن ماذا سيصبح؟! فكان ذلك الصلصال ما خُلق منه آدم عليه السّلام؛ إذ إنّ الله تعالى سواه بيديه ونفخ فيه من روحه، فدبّت فيه الحياة، وفتح عينيه، وتحرك جسده، ولمّا تمّ خلق آدم، سجد الملائكة كلّهم له كما أمرهم ربُّ العزة، إلا إبليس لم يسجد، فقال له الله تعالى:(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ)،[٧] فردّ إبليس على الله تعالى بكلّ حسدٍ وكبر: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)،[٨] فحلّت لعنة الله تعالى على إبليس، وطرده من رحمته، كما قال تعالى: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ)،[٩] ثمّ طلب إبليس من الله تعالى فرصةً بعد أن تحوّل حسده لآدم -عليه السّلام- حقداً، فاقتضت حكمة الله تعالى بإجابته بما جاء في قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ* إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ* قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)[١٠][١١]

ذنب آدم عليه السلام

بعد أن خلق الله تعالى آدم -عليه السّلام- وأسكنه في الجنّة، شعر آدمُ بالوحشة؛ إذ لم يكن له زوجةٌ يسكن إليها، فنام نومةً، ولمّا استيقظ وجد امرأةً جالسةً عند رأسه، وقد خلقها الله تعالى من ضلعه، فعاش آدم وزجته في الجنّة حياةً رغيدةً هنيئةً، وجعل الله تعالى له محظوراً واحداً في مقابل مباحاتٍ لا حدّ لها، حيث منعه من أكل شجرةٍ واحدةٍ فقط، وقال المفسّرون: هي الكرم، وقيل الحنطة، وقيل النخلة، وجاء في قوله تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)،[١٢] وعاش آدم وزوجته في هناءٍ ورغدٍ من العيش ملتزمين بأمر الله تعالى، ولكنّ إبليس الذي كان يُضمر الحقد على آدم عليه السّلام، أتى بصورة الناصح الأمين، ونصحه بأن يأكل من تلك الشجرة؛ ليكون خالداً مع ملكٍ لا يبلى، وأقسم لآدم -عليه السّلام- على ذلك، واستمر بالوسوسة له؛ لينغّص عيشه ويسوقه إلى درب الهلاك والعصيان، فنسي آدم ما أمره الله تعالى به وأكل من الشجرة، فأوقعه الشيطان في التهلكة وأنزل رتبته من عليائها وعزتها، وكان لباس آدم وزوجته من النور، فلما ارتكبا الخطيئة بالأكل من الشجرة، تعرّيا بسبب العصيان، وكان بالقرب منهما شجرة تين، فأخذا يقطفان من ورقها ويستتران به، ثمّ أخرج الله تعالى آدم وزوجته من الجنّة؛ لعيشا في الأرض دار الكدّ والعمل والامتحان، وبقيا على هذه الحال حتى توفاهم الله تعالى.[١٣]

المراجع

  1. سورة الحجر، آية: 49.
  2. سورة التحريم، آية: 3.
  3. سورة الحج، آية: 52.
  4. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 361، أخرجه في صحيحه.
  5. “الإيمان بالأنبياء والرسل حقيقته ومقتضياته”، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية: 30.
  7. سورة ص، آية: 75.
  8. سورة ص، آية: 76.
  9. سورة ص، آية: 77.
  10. سورة ص، آية: 79-83.
  11. “آدم عليه السلام”، new.knowingallah.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.
  12. سورة البقرة، آية: 35.
  13. “قصة آدم عليه السلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2018. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى