محتويات
عدد آيات القرآن الكريم
عدد آيات القرآن الكريم ستة آلافٍ ومئتان (6200) آيةً بإجماع العلماء، واختلف القرّاء بين الأمصار في الزيادة البسيطة عليها؛ فمنهم من قال هي ستة آلاف ومئتان وأربعة (6204)، وقيل هي ستة آلاف ومئتان وأربعة عشر (6214)، أو ستة آلاف ومئتان وخمسة وعشرون (6225)، أوستة آلاف ومئتان وستة وثلاثون (6236)، ومنهم من لم يزد عليها،[١] وهذا الاختلاف صوريّ، وسببه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قرأ القرآن أمام أصحابه -رضي الله عنهم- يقف على رؤوس الآيات ليعلموا أنها رأس آية، ثم يعيد فَيَصِلُ الآية بالتي بعدها، فيحسَبُ من لم يسمعه عندما يقف في المرة الأولى أنها آية واحدة، فتصبح عنده الآيتين آية، ولا أثر لهذا الاختلاف ما دام القرآن الكريم سالماً من الزيادة أو النقصان.[٢] وتُقسّم أعداد الآيات حسب الموضوعات على النحو الآتي تقريباً:[٣]
- ألفان ومئتان وعشرون (2220) آية في شرائع الإيمان والتوحيد وصفات الله.
- ألف وستمئة (1600) آية في قصص الأنبياء.
- ألف (1000) آية في ترتيب الولايات.
- سبعمئة وثلاثون (730) آية في أحكام فقهية مختلفة؛ كأحكام المعاملات، وأحكام النكاح والطلاق، وأحكام الجهاد.
- أربعمئة (400) آية في الرّقية وتعويذ الآفات.
- مئتان وخمسون (250) آية في قضايا متفرّقة.
معلومات عن آيات القرآن الكريم
تعرّف الآية اصطلاحاً بأنها طائفةٌ ذات مطلعٍ ومقطعٍ مندرجة في سورةٍ من القرآن، وهي في اللغة على عدّة معاني ورد بعضها في القرآن نحو ما يأتي:[٤]
- المعجزة: كقوله -تعالى-: (سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ).[٥]
- العلامة: كقوله -تعالى-: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ).[٦]
- العبرة: كقوله -تعالى-: (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).[٧]
- البرهان والدليل: كقوله -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).[٨] فيظهر لنا سموّ معناها اللغوي في معناها الاصطلاحي، فالآية القرآنية معجزة، وهي علامةٌ تدلّ على صدق من جاء بها، وفيها العبرة والعظة، وهي دليلٌ وبرهانٌ على أنّ هذا القرآن منزلٌ من عند الله -سبحانه-، ويجتمع فيها البلاغة والإعجاز.
ويتفاوت طول الآيات القرآنية بين آياتٍ قصيرة وأخرى طويلة، وأطول آية في القرآن هي آية الدَّين من سورة البقرة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ..)، وتنتهي بقوله -تعالى-: (وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)،[٩] وطولها بمقدار صفحة كاملة،[١٠] كما تتفاضل الآيات في عِظمها وفضلها، وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ القرآن الكريم كتابٌ عظيم، وكلُّ آياته عظيمةٌ من عَظمته، إلا أنَّ أعظم آيةٍ كما أخبر النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- هي آية الكرسي من سورة البقرة: (اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ …)، إلى قوله -سبحانه-: (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)،[١١] بدليل ما جاء في صحيح مسلم، قال -صلى الله عليه وسلم-: (يا أبا المُنْذِرِ أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟ قالَ: قُلتُ: {اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا هو الحَيُّ القَيُّومُ} قالَ: فَضَرَبَ في صَدْرِي، وقالَ: واللَّهِ لِيَهْنِكَ العِلْمُ أبا المُنْذِرِ)،[١٢] فهي آيةٌ جامعة للتوحيد بسائر معانيه، إذ يتحقّق فيها مقام المعرفة والعبودية لله -عز وجل-.[١٣]
كما أن الآيات القرآنية لم تُنَزّل كلها دفعةً واحدة، فالقرآن نزل متفرّقاً من وقت البعثة وإلى وقت وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأوّل آيةٍ نزلت هي مطلع سورة العلق: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).[١٤][١٥]
كيفية معرفة الآيات
معرفة بداية الآيات ونهايتها
إنّ للعلماء في طريق معرفة بداية الآية ونهايتها قولان:[١٦][١٧]
- القول الأول: إن معرفة الآيات القرآنية توقيفيّة؛ لا سبيل لمعرفتها إلا من الشّارع سواءاً كانت هذه المعرفة عن طريق الوحي أو إرشاد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فما من قاعدةٍ ثابتةٍ لمعرفة الآية القرآنية سِوا بأخذها كما هي، وهذا لأن الآيات تتفاوت، ففي مطلع سورة الرحمن الآية الأولى: (الرَّحْمَـنُ)؛[١٨] كلمة واحدة فقط، وتعدّ آيةً مستقلةً، وكذلك: (مُدْهَامَّتَانِ)؛[١٩] في نفس السورة آية مستقلة.
- والحروف المقطعة تفاوتت كذلك، فآية: (طسم)؛[٢٠] آية واحدة في سورتي القصص والشعراء، بينما قوله -تعالى-: (الر)؛[٢١] ليست بآية واحدة دائماً في سورها الخمسة، ويدلّ على هذا أيضاً ما أشار إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لمّا كَثُرَ سؤاله عن الكلالة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتي في آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ)[٢٢] وهي آية رقم مئة وستة وسبعون، وتتضمّن أحكام الكلالة؛ أي الميراث، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقرّر لنا موضع آية الصيف، وما كنّا لنعرف ذلك لولاه.
- القول الثاني: على تفصيل فيجعلونه على ضَربين؛ الأول: سماعيّ توقيفيّ كما في القول الأول، والثاني: قياسيٌّ يدخله الاجتهاد، ويتم التفريق بينهما بالرجوع إلى فاصلة الآية؛ أي آخر كلمة في الآية القرآنية،[١] فما علمنا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يقف عليه دائماً تحقّقنا أنه رأس آية، وما علمنا أنه وصله دائماً تحقّقنا أنه ليس بآية، وما وقف عليه مرّة ووصله مرّة أخرى احتمل الأمرين، وهنا يكون مجال القياس بتعيين محلّ الوصل أو الفصل.
معرفة ترتيب آيات القرآن
إنّ ترتيب الآيات في السور توقيفيٌّ ثابتٌ من الوحي، وأوامر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومما عُلِم من تلاوته -صلى الله عليه وسلم- للقرآن على مسمع الصحابة -رضي الله عنهم-، كما دلّت عليه النصوص، وانعقد عليه الإجماع، وفيما يأتي ذكر الأدلة على ذلك:[٢٣]
- كان جبريل -عليه السلام- ينزل بالقرآن على الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويخبره بمواضع الآيات من السّور، فيقرؤها الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أصحابه -رضي الله عنهم-، ويأمر كتّاب الوحي بكتابتها مرتّبةً كما نزلت عليه.
- كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يرتّب آيات القرآن الكريم أثناء تلاوتهِ في الصلاة، كما هو الأمر في مواعظه، فيحفظها الصحابة -رضي الله عنهم- مرتّبة من بعده، وكانوا يعرضونها على الرسول -صلى الله عليه وسلم- مما كتبوه، حتى انتشر الترتيب وشاع في الأمصار، وتناقلته الأمّةُ حتى وصل إلينا في يومنا هذا.
- أخرج أبو داود والترمذي من حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ مِمَّا يأتي علَيهِ الزَّمانُ وَهوَ تنزلُ علَيهِ السُّوَرُ ذواتُ العددِ، فَكانَ إذا نزلَ علَيهِ الشَّيءُ دعا بعضَ مَن كانَ يَكْتبُ، فيقولُ: ضعوا هذِهِ الآيةَ الَّتي يُذكَرُ فيها كذا وَكَذا)،[٢٤] كما أخرج البخاري عن عبد الله بن الزبير-رضي الله عنه- قال: (قلت لعثمان بن عفان: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا)،[٢٥] نسختها الآية الأخرى فَلِمَ تكتبها أو تدعها -والمعنى لماذا تكتبها؟- أو قال: لماذا تتركها مكتوبة مع أنها منسوخة؟ قال: يا ابن أخي لا أغيّر شيئا منه من مكانه)،[٢٦] فقوله: (لا أغيّر شيئا من مكانه)؛ يدلّ على إدراك الصحابة وحرصهم على عدم تغيير شيءٍ من مكانه، وإبقاء كل آية في موضعها الذي نزلت به وأرشد إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم-.[٢٧]
- نقل الإجماع جملةٌ من العلماء، كان منهم الزركشي في كتابه البرهان، وأبو جعفر بن الزبير في مناسباته وعبارته، حيث قال: “ترتيب الآيات في سورها واقعٌ بتوقيفه -صلى الله عليه وسلم- وأمره، من غير خلاف في هذا بين المسلمين”.[٢٨]
المراجع
- ^ أ ب محمد أبو شهبة (2003م)، كتاب المدخل لدراسة القرآن الكريم (الطبعة الثانية)، القاهرة: مكتبة السنة، صفحة 311-312. بتصرّف.
- ↑ فهد الرومي (2003م)، كتاب دراسات في علوم القرآن (الطبعة الثانية عشرة)، صفحة 116-117. بتصرّف.
- ↑ الفيروزآبادي (1996)، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – لجنة إحياء التراث الإسلامي، صفحة 560-561، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ فهد الرومي (2003م)، كتاب دراسات في علوم القرآن (الطبعة الثانية عشرة)، القاهرة: حقوق الطبع محفوظة للمؤلف، صفحة 115. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 211.
- ↑ سورة البقرة، آية: 248.
- ↑ سورة البقرة، آية: 248.
- ↑ سورة الروم، آية: 22.
- ↑ سورة البقرة، آية: 282.
- ↑ لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية (2009م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 294، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 255.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 210، صحيح.
- ↑ يوسف الغفيص، كتاب شرح الواسطية، صفحة 4، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ سورة العلق، آية: 1-5.
- ↑ نادية العمري (2001م)، كتاب أضواء على الثقافة الاسلامية، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 119. بتصرّف.
- ↑ فهد الرومي (2003م)، كتاب دراسات في علوم القرآن (الطبعة الثانية عشرة)، صفحة 118-119. بتصرّف.
- ↑ محمد أبو شهبة (2003م)، كتاب المدخل لدراسة القرآن الكريم (الطبعة الثانية)، القاهرة: مكتبة السنة، صفحة 313. بتصرّف.
- ↑ سورة الرحمن، آية: 1.
- ↑ سورة الرحمن، آية: 64.
- ↑ سورة القصص، الشعراء، آية: 1.
- ↑ سورة هود، يونس، يوسف، إبراهيم، الحجر، آية: 1.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري، الصفحة أو الرقم: 1617، صحيح.
- ↑ فهد الرومي (2003م)، دراسات في علوم القرآن (الطبعة الثانية عشرة)، صفحة 117. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 3086، حسن صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 234.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن الزبير، الصفحة أو الرقم: 4530، صحيح.
- ↑ أحمد حسن فرحات، كتاب مناسبات الآيات والسور، المدينة المنورة: مجلة الجامعة الإسلامية، صفحة 52، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ غانم قدوري (2003م)، كتاب محاضرات في علوم القرآن (الطبعة الأولى)، عمان: دار عمار، صفحة 69. بتصرّف.