مواضيع دينية متفرقة

ما هو وصف الجنة

صورة مقال ما هو وصف الجنة

مقالات ذات صلة

ما هو وصف الجنة

وصَف الله -تعالى- الجنَّة وما فيها في كثيرٍ من الآيات، قال -تعالى-: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ)،[١] فماؤها غير آسن؛ أي غير مُتغيّر أو مُنتِن، كما أنَّ فيها خمرٌ لذيذٌ لم يُدنّس، وكذلك الأنهار من العسل المُصفّى، ومن جميع الثمرات،[٢] وفيها من ما لا عينٌ رأت، ولا أُذنٌ سمعت، ولا خَطَرَ على قلب بشر، كما أخبر بذلك النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (قالَ اللَّهُ: أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ)،[٣] وفيها ما يشتهيهِ الإنسان ويتمنّاه، لِقولهِ -تعالى-: (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).[٤][٥]

إنَّ أقلَّ منزلةٍ فيها تكونُ لِرجُلٍ لهُ عشرةُ أمثالِ أعظمِ مُلوكِ الدُنيا، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (فيَقولُ: هذا لكَ وعَشَرَةُ أمْثالِهِ، ولَكَ ما اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، ولَذَّتْ عَيْنُكَ)،[٦] وأمّا وصفُها من حيث الإجمال، فهي جنَّةٌ عاليةٌ فوق السماء السابعة، لِقولهِ -تعالى-: (عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى* عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى)،[٧] وأمّا أبوابها فهي ثمانية، وبناؤها لَبِنَةٌ من ذهب، وأُخرى من فضّة كما ورد في الأحاديث، وفيها جنّتان من ذهب، وكُلّ ما فيهما من ذهبٍ، وجنّتان كُلُّ ما فيهما من فضَّة، وأمّا عرضُها فهي كعرض السماء والأرض، وطولها لا يعلمهُ إلا الله -تعالى-، وأوَّلُ من يدخُلها أُمّة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وتُرابُها من المسك الأبيض الخالص، والزعفران، وحَصباؤها؛ أي الحصى من اللؤلؤ الكبير، ووجوهُ من فيها بيضاء، ضاحكةٌ، ومُستبشرة، كالقمر ليلة البدر، وتكون الجنَّة درجات، أعلاها الوسيلة، و الدُخول إلى الجنَّة يكون جماعاتٍ تلو جماعات.[٥]

غُرَف الجنة ومساكنها

وَصَفَ الله -تعالى- غُرفَ الجنَّة ومساكنِها بقوله: (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ الله لا يُخْلِفُ الله الْمِيعَادَ)؛[٨] فقال ابنُ كثير في تفسيره: إنَّ هذه الغُرف تكون قُصوراً شاهقة، وتكونُ طبقاتٍ بعضها فوق بعض، مبنيّةٌ بإحْكام، وهي عالية ومُزخرفةٌ، ووصفها النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بقوله: (إنَّ في الجنَّةِ غرفًا يُرى ظاهرُها من باطنِها وباطنُها من ظاهرِها)،[٩][١٠] ففي الجنَّة غُرفٌ، وبيوتٌ، وقُصورٌ، وخيام، لِقولهِ -تعالى- على لسان امرأة فرعون: (رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ)،[١١] وأمّا بالنسبة للخيام، فجاء ذِكرُها في قولهِ -تعالى-: (حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ)،[١٢] ويُمكن لأهلِ الجنَّة الذهاب فيها حيثُ يشاؤون.[١٣]

إنَّ في الجنَّة قُصوراً من زبرجد، ومن ذهب، ومن فضَّة، وفيها أنواعاً من الأحجار الكريمة والجواهر، ووصف النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بعضاً من خيامها بقوله: (إنَّ لِلْمُؤْمِنِ في الجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِن لُؤْلُؤَةٍ واحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ، طُولُها سِتُّونَ مِيلًا، لِلْمُؤْمِنِ فيها أهْلُونَ، يَطُوفُ عليهمِ المُؤْمِنُ فلا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا)،[١٤] وتكون جميعُ مساكنها مُجهّزةً ومفروشة، وجاء عن بعضِ أهل العلم كالطبريّ والقُرطُبيّ أنَّها تُبنى بالذِّكر والتسبيح.[١٥]

بناء الجنة

بِناءُ الجنَّة مِن الذهب والفضَّة، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (الجنّةُ بناؤها لَبِنَةٌ من فضةٍ، ولَبِنَةٌ من ذهبٍ، ومِلاطُها المسكُ الأذفرُ، وحصباؤها اللؤلؤُ والياقوتُ، وتربتُها الزَّعفرانُ)،[١٦] وأمّا المادة التي تُوضع بين اللّبِنَتين فهي المسْك، وتُرابُها من المِسك،[١٧] وأمّا أبوابها فهي ثمانية، والباب الواحد ما بين مصراعيه كما بين مكّة والبحرين كما أخبر بذلك النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وفي روايةٍ أُخرى كما بين مكة وبُصرى في الشام، وجاء عن خالد بن عُمير العدويّ قوله: خطبنا عتبة بن غزوان فقال في خطبته: “وإنّ ما بين مصراعين من مصاريع الجنَّة مسيرة أربعين عاماً”، ومع ذلك يكونُ مُزدحماً بالناس الداخلةِ فيه، وباب التوبة منها يبقى مفتوحاً حتى تطلُع الشمس من مغربها، وقيل إنَّ أبواب الجنّة تُفتح كُلّ اثنين وخميس، ويوجد لهذه الأبوابِ حِلَقٌ، ويكون النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أوّل من يطرُقها، وأمّا رائحتُها فتُشمُّ من مسيرةِ خمسِمئة عام، وقيل مئة عام، وقيل أقلّ من ذلك، وهي أطيبُ رائحة، ويَشمُّها الإنسان بحسب عمله.[١٨][١٩]

شجر الجنة

بيَّنت الكثير من الأدلّة وَصفاً لِشجرِ الجنّة، كقولهِ -تعالى-: (وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ)،[٢٠] وكذلك قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّ في الجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ لا يَقْطَعُهَا)،[٢١] ومما يُميِّزها أنَّ ظِلُّها دائمٌ،[٢٢] وساقُها من الذهب والفضّة، وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّ جِذعها من الزُمُرّد الأخضر، كما أنَّ في الجنَّة شجرة يُقال لها سدرة المُنتهى عند جنّة المأوى، ووصف النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- ثمرها بأنّه مثل قِلال هجر*، وورقها مثلُ آذان الفيلة، والورقةُ الواحدة منها تكاد تُغطّي الأُمّة، ويزرعُ الإنسانُ شجرَ الجنّةِ بالتّسبيح، والتّحميد، والتّهليل، والتّكبير،[٢٣] كما أنَّ الرياح تجعلها تُصفّق، وتُصدِر أصواتاً يَطربُ السامعُ لها.[٢٤]

أنهار الجنة

يُعدُّ ماءُ الأنهار في الجنَّة أعذب من المياه، وأخبر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- عن بعض هذه الأنهار بقوله: (سَيْحانُ وجَيْحانُ، والْفُراتُ والنِّيلُ كُلٌّ مِن أنْهارِ الجَنَّةِ)،[٢٥] وتجري هذه الأنهار من غير أخاديد، وحوافّها من اللؤلؤ والياقوت، وطِينتهُ من المِسك، كما أنَّ من أنهارها الكوثر؛ الذي قِبابهُ من اللؤلؤ، وكذلك حَصاه، ومن أنهار الجنَّة أيضاً ما ورد في قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّ في الجنَّةِ بَحرَ الماءِ، وبَحرَ العَسلِ، وبَحرَ اللَّبنِ، وبَحرَ الخمرِ، ثمَّ تُشَقَّقُ الأنهارُ بعدُ)،[٢٦][٢٧] وجاء في ذكر بعض أوصافها في قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (لعلَّكُم تظنُّونَ أنَّ أنهارَ الجنَّةِ أُخدودٌ في الأرضِ؟ لا واللهِ، إنَّها لسائحةٌ على وجهِ الأرضِ، إحدَى حافَّتَيْها اللؤلؤُ، والأخرَى الياقوتُ، وطِينةُ المِسْكِ الأذْفَرِ قال: قلتُ: ما الأذْفَرُ؟ قال: الَّذي لا خلْطَ لهُ).[٢٨][٢٩]

فرش الجنة

تُعدُّ فُرش الجنَّة من السُرر -جمع سرير- المرفوعة، وتتكوّن من الياقوت الأحمر، ولها جناحان من الزُمُرّد الأخضر، وعليها سبعون فِراشاً محشوةً بالنور، وظاهرها السُندس، ومن داخلها الاستبرق، وطولها مسيرة أربعين عاماً، وأرائكها من اللؤلؤ، قال الله -تعالى-: (هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ)،[٣٠][٣١] كما أنَّ من فُرشها العبقري؛ وهو الفِراش المُطرَّز، وكذلك الزرابيّ، والرفرف، وهي المفارش التي تكون فوق السُّرر، لِقولهِ -تعالى-: (فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ* وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ* وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ* وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ)،[٣٢] وتصعد هذه السُّرر بصاحبها حيثُ يُريد.[٣٣]

نور الجنة وجوها

أجواء الجنَّة من نور، حيث لا يوجد شمسٌ أو قمرٌ، أو ليلٌ أو نهارٌ، أو صيفٌ أو شِتاءٌ، وجاء عن بعض السلف قوله: إنَّ جَوَّها كالنور الذي يكون عند الفجر وقبل طُلوع الشمس، كما أنَّه لا يوجد بها نوم، وفيها سوقٌ يدخله الإنسانُ كُلُّ جُمعةٍ، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّ في الجَنَّةِ لَسُوقًا، يَأْتُونَها كُلَّ جُمُعَةٍ، فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمالِ فَتَحْثُو في وُجُوهِهِمْ وثِيابِهِمْ، فَيَزْدادُونَ حُسْنًا وجَمالًا، فَيَرْجِعُونَ إلى أهْلِيهِمْ وقَدِ ازْدادُوا حُسْنًا وجَمالًا، فيَقولُ لهمْ أهْلُوهُمْ: واللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنا حُسْنًا وجَمالًا، فيَقولونَ: وأَنْتُمْ، واللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنا حُسْنًا وجَمالًا).[٣٤][٣٥]

درجات الجنة

تُوجد في الجنَّة درجاتٍ كثيرة، ويتفاوت أهلُها في النعيم، لِقولهِ -تعالى-: (وَلَلآخِرَةُ أَكبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكبَرُ تَفضيلًا)،[٣٦] فالأولياء الصالحون في أعلى درجات الجنَّة، وأدنى أهل الجنَّة هم أقوامٌ يدخلون النار ويُعذَّبون فيها بقدر ذُنوبهم، ثُمّ يُخرجون منها ويَدخُلون الجنَّة، ويُسمَّون الجهنّميين، ثُمّ تُمحى عنهم بعد دُعائهم، وممن يسكنون في الدرجات العُليا من الجنَّة كما ذكرهم الله -تعالى- في القُرآن؛ عباد الله، والمُتقون، والمُقربون، والسابقون، والسابق بالخيرات، وأعلى درجاتُها هي الوسيلة التي لا تكون إلا لِشخصٍ واحدٍ، وهو النبيّ محمّد -عليه الصلاةُ والسلام-.[٣٧]

وسُمّيت درجة الوسيلة بهذا الاسم؛ لأنَّها أقرب الدرجات إلى عرش الرحمن، وهي أقرب الدرجات إلى الله -تعالى-، لقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ)،[٣٨][٣٩] فمن سألها للنبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- نال شفاعتهُ يوم القيامة.[٤٠]

وجاء في صحيح البُخاريّ أنَّ للمُجاهد مِئة درجة، وما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض، وأعلى درجات الجنّة هي الفِردوس،[٤١] وجاء عن ابن عباس أنَّ أقلَّ أهل الجنَّة درجة يكونُ له فيها ما يُقارب مسيرةَ خمسِمئة عام، كما أنّ من درجات الجنَّة؛ دار السلام، وجنَّة عَدن، وجنَّةُ الخُلد.[٤٢]

وصف أهل الجنة ونعيمهم

نعيمُ أهل الجنَّة لا يُمكنُ وصفه، فقد أعدَّ الله -تعالى- فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أُذنٌ سمعت، وما لم يخطر على قُلوب الناس،[٤٣] ووصف أهل الجنّة ونعيمهم كما ورد في النصوص الشرعيّة فيما يأتي:

  • صِفاتُ أهلِ الجنّة: جاء في قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّ أوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ علَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ علَى أشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ في السَّمَاءِ إضَاءَةً، لا يَبُولونَ ولَا يَتَغَوَّطُونَ، ولَا يَتْفِلُونَ ولَا يَمْتَخِطُونَ، أمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، ورَشْحُهُمُ المِسْكُ، ومَجَامِرُهُمُ الألُوَّةُ الأنْجُوجُ، عُودُ الطِّيبِ وأَزْوَاجُهُمُ الحُورُ العِينُ، علَى خَلْقِ رَجُلٍ واحِدٍ، علَى صُورَةِ أبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا في السَّمَاءِ)،[٤٤] فيكون جمالهُم بحسب وقت دُخولهم، وقيل: إنَّ جمالهم كجمال يوسف -عليه السلام-، وقلبهم كقلب أيوب -عليه السلام-، ويَلبسون الحرير، وأمّا طعامُهم فغير مقطوعٍ عنهم، وأمّا أزواجُهم فهي من الحُور الحِسان، وتكون بِكراً على الدوام حتى وإن جامعها زوجُها، وتستقبل الحُور أزواجهنّ بالغناء بأحلى الكلمات.[٤٥]
  • حُليِّ أهل الجنَّة: إنّ حُليِّ أهل الجنَّة من الذهب واللؤلؤ، لِقول الله -تعالى-: (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ)[٤٦][٤٧]
  • طعام أهل الجنّة: فيها جميع ما تشتهيهِ أنفُسهم، كما أنَّ فيها زيادة كبدُ النون وهو الحوت، ولحم الطير،[٤٨][٤٩] وقال الله -تعالى- عن طعامهم وشرابهم: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ* وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ* كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)،[٥٠] ويشربون من عين السلسبيل، والتسنيم، ويشربون الخمر اللّذيذ؛ ولكن من غير أن تُصدَّع رؤوسهم، فهو لا يُشبه خمر الدنيا إلا بالاسم، وأوّل طعامٍ يأكُلهُ أهل الجنَّة هو زيادة كَبِد الحوت، ثُمّ ياكلون من لَحم ثور الجنَّة الذي يأكُل من أطراف الجنّة، ومع أنَّهم يأكلون ويشربون إلّا أنّهم لا يتغوّطون، ولا يتبوّلون، ولا يتمخّطون، ولكن ما يخرجُ منهم يكون كرشح المسك.[٥١][٥٢]
  • مقام أهل الجنة: فهم في الدور والقُصور آمنون، لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ)،[٥٣] حيثُ إنّهم يكونون بين أهليهم من الحور والولدان والخدم آمنون،[٥٤]
  • خدم أهل الجنة: خدمُهُم هم الولدان الذين يُنشئهم الله -تعالى- لخدمتهم، ويكونون في غاية الكمال والجمال، وقيل إنّهم الذين يموتون وهم صغار من أبناء المؤمنين أو المُشركين، ووصفهم الله -تعالى- بقوله: (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ* بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ)،[٥٥][٥٦]
  • صِفتهم عند دُخولهم الجنَّة: فهي كما قال عنهم النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (يدخلُ أهلُ الجنةِ الجنةَ جُرْدًا مُرْدًا مُكَحَّلِينَ، بَنِي ثلاثٍ وثلاثِينَ)،[٥٧] وجاء في بعض الأحاديث أنَّ طولهم كطول أبيهم آدم -عليه السلام- ستّين ذراعاً طولاً، وسبعةُ أذرع عرضاً، وعلى جمال يوسف -عليه السلام-، وعلى سِنِّ عيسى -عليه السلام- ثلاثةٌ وثلاثين،[٥٨]
  • وصف الزوجات في الجنَّة، فهُنّ الحور العين الحِسان المُطهَّرة، مُتزيِّناتٌ بالمسك، كاحلات العين والأطراف، وقال -تعالى- في وصفهنّ: (فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ* فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ* حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ* فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ* لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ* فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ* مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ)،[٥٩] ويستقبلن أزواجهُنّ بالمُصافحة والمُعانقة، ونور إصبع الواحدة منهنّ يغلب ضوء الشمس والقمر،[٦٠][٦١] وصفات نسائهنّ وحور العين؛ بيضاوات كاللؤلؤ، يُرى مُخُّ سُوقهنّ من وراء اللّحم؛ لشدَّة حُسنِهِنّ، ولا يَنظُرن إلّا إلى أزواجِهِنّ، ويُعطى الرجُل في الجنّة قوّة مِئة شخص في الشهوة والجِماع والمأكل والمشرب،[٤٨][٤٩]

أعظم ما يُعطاه أهل الجنة

يُعدُّ النَّظر إلى وجه الله -تعالى- أعظم ما يُعطاهُ أهلُ الجنَّة،[٦٢] وقد سمَّى الله -تعالى- ذلك بالزيادة بقوله: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)،[٦٣] وجاء في قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إذا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، قالَ: يقولُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: تُرِيدُونَ شيئًا أزِيدُكُمْ؟ فيَقولونَ: ألَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنا؟ ألَمْ تُدْخِلْنا الجَنَّةَ، وتُنَجِّنا مِنَ النَّارِ؟ قالَ: فَيَكْشِفُ الحِجابَ، فَما أُعْطُوا شيئًا أحَبَّ إليهِم مِنَ النَّظَرِ إلى رَبِّهِمْ عزَّ وجلَّ. وفي رواية: وزادَ ثُمَّ تَلا هذِه الآيَةَ: {لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وزِيادَةٌ} [يونس: 26]).[٦٤][٦٥]

وجاء عن ابن الأثير قوله إنّ رؤية الله هي الغاية القصوى في نعيم الآخرة، والدرجة العليا من عطايا الله الفاخرة،[٦٥] وكذلك من أعظم النّعيم في الجنَّة أنَّ الله -تعالى- يَحلُّ عليهم رضوانه فلا يَسخطُ عليهم بعد ذلك أبدا،[٦٦] وذكر ابنُ تيمية أنَّ هذه الرؤية تكون مُتفاوتةً بين أهل الجنَّة، فمنهم من يرى الله -تعالى- يومياً، ومنهم من يراه في الأُسبوع مرَّة، ومنهم من يراه في الأعياد فقط.[٦٧]

______________________________

الهامش

* قلال هجر: الهجر بلدة معروفة، والقلال الثمر، كنايةً على عِظم حجم ثمارها.[٦٨]

المراجع

  1. سورة محمد، آية: 15.
  2. عبد الرحمن بن سعيد بن علي بن وهف القحطاني، الجنة والنار من الكتاب والسنة المطهرة (الطبعة الثالثة)، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 105، جزء 1. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7498، صحيح.
  4. سورة الزخرف، آية: 71.
  5. ^ أ ب مصطفى بن العدوي، وصف الجنة، مكة المكرمة: مكتبة مكة، صفحة 16-22. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن المغيرة بن شعبة، الصفحة أو الرقم: 189، صحيح.
  7. سورة النجم، آية: 14-15.
  8. سورة الزمر، آية: 20.
  9. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي مالك الأشعري وعلي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 2308، صحيح.
  10. عبد الرحمن القحطاني، الجنة والنار من الكتاب والسنة المطهرة (الطبعة الثالثة)، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 107، جزء 1. بتصرّف.
  11. سورة التحريم، آية: 11.
  12. سورة الرحمن، آية: 72.
  13. مصطفى بن العدوي، وصف الجنة، مكة المكرمة: مكتبة مكة، صفحة 74-77. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 2838، صحيح.
  15. عبد الله بهجت، إيمان كردي، عوائد الاستثمار (الطبعة الثالثة)، صفحة 27-28، جزء 2. بتصرّف.
  16. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3116، صحيح.
  17. محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 337، جزء 2. بتصرّف.
  18. أبو الأشبال المنصوري، شرح صحيح مسلم، صفحة 3-8، جزء 5. بتصرّف.
  19. محمد بن إبراهيم بن إبراهيم بن حسان، سلسلة الدار الآخرة، صفحة 5، جزء 2. بتصرّف.
  20. سورة الواقعة، آية: 30.
  21. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3251، صحيح.
  22. محمد محمد عبد اللطيف بن الخطيب (1964)، أوضح التفاسير (الطبعة السادسة)، مصر: المطبعة المصرية ومكتبتها، صفحة 661، جزء 1. بتصرّف.
  23. محمود المصري (2011)، يوم في الجنة (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، صفحة 286-290. بتصرّف.
  24. محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 337، جزء 2. بتصرّف.
  25. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2839، صحيح.
  26. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن معاوية بن حيدة القشيري، الصفحة أو الرقم: 2310، صحيح.
  27. سامي محمد، العمل الصالح، صفحة 689-691، جزء 1. بتصرّف.
  28. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3723، صحيح.
  29. يَاسِر الحَمَدَاني (2008)، جواهر من أقوال الرسول، مصر: دار الحرمين، صفحة 1792. بتصرّف.
  30. سورة يس، آية: 56.
  31. جمال الدين بنالجوزي (1998)، بستان الواعظين ورياض السامعين (الطبعة الثانية)، بيروت: مؤسسة الكتب الثقافية، صفحة 235. بتصرّف.
  32. سورة الغاشية، آية: 13-16.
  33. عبد الله بهجت، إيمان كردي، عوائد الاستثمار (الطبعة الثالثة)، صفحة 31، جزء 2. بتصرّف.
  34. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2833، صحيح.
  35. عبد الله بهجت، إيمان كردي، عوائد الاستثمار (الطبعة الثالثة)، صفحة 25-26، جزء 2. بتصرّف.
  36. سورة الإسراء، آية: 21.
  37. عبد الله بهجت، إيمان كردي، عوائد الاستثمار (الطبعة الثالثة)، صفحة 13-14، جزء 2. بتصرّف.
  38. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 384، صحيح.
  39. محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 358، جزء 2. بتصرّف.
  40. سامي محمد، العمل الصالح، صفحة 576، جزء 1. بتصرّف.
  41. راشد بن حسين العبد الكريم (2010)، الدروس اليومية من السنن والأحكام الشرعية (الطبعة الرابعة)، السعودية: دار الصميعي، صفحة 606. بتصرّف.
  42. جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (1998)، بستان الواعظين ورياض السامعين (الطبعة الثانية)، بيروت: مؤسسة الكتب الثقافية، صفحة 132. بتصرّف.
  43. عبد الله ابن أبي الدنيا، صفة الجنة، القاهرة: مكتبة ابن تيمية، صفحة 245. بتصرّف.
  44. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3327، صحيح.
  45. محمد بن إبراهيم بن حسان، سلسلة الدار الآخرة، صفحة 6-9، جزء 2. بتصرّف.
  46. سورة الحج، آية: 23.
  47. مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي السقاف (1433هـ)، الموسوعة العقدية، السعودية: الدرر السنية dorar.net، صفحة 129، جزء 5. بتصرّف.
  48. ^ أ ب مصطفى العدوي، وصف الجنة، مكة المكرمة: مكتبة مكة، صفحة 26-29. بتصرّف.
  49. ^ أ ب سامي محمد، العمل الصالح، صفحة 695، جزء 1. بتصرّف.
  50. سورة المرسلات، آية: 41-43.
  51. مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي السقاف (1433هـ)، الموسوعة العقدية، السعودية: الدرر السنية dorar.net، صفحة 122-126، جزء 5. بتصرّف.
  52. عبد الرحمن القحطاني، الجنة والنار من الكتاب والسنة المطهرة (الطبعة الثالثة)، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 110، جزء 1. بتصرّف.
  53. سورة الدخان، آية: 51.
  54. محمد المنتصر بالله بن محمد الزمزمي الكتاني الإدريسي، تفسير القرآن الكريم، صفحة 7، جزء 255. بتصرّف.
  55. سورة الواقعة، آية: 17-18.
  56. مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي السقاف (1433هـ)، الموسوعة العقدية، السعودية: الدرر السنية dorar.net، صفحة 131، جزء 5. بتصرّف.
  57. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 6/1224، صحيح بجميع طرقه.
  58. إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي (1988)، النهاية في الفتن والملاحم، بيروت: دار الجيل، صفحة 131، جزء 2. بتصرّف.
  59. سورة الرحمن، آية: 70-76.
  60. محمد بن إبراهيم بن إبراهيم بن حسان، سلسلة الدار الآخرة، صفحة 8، جزء 2. بتصرّف.
  61. جمال الدين ابن الجوزي (1998)، بستان الواعظين ورياض السامعين (الطبعة الثانية)، بيروت: مؤسسة الكتب الثقافية، صفحة 130. بتصرّف.
  62. عبد الرحمن بن صالح المحمود، شرح لمعة الاعتقاد، صفحة 21، جزء 11. بتصرّف.
  63. سورة يونس، آية: 26.
  64. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صهيب بن سنان الرومي، الصفحة أو الرقم: 181، صحيح.
  65. ^ أ ب مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي السقاف (1433هـ)، الموسوعة العقدية، السعودية: الدرر السنية dorar.net، صفحة 144، جزء 5. بتصرّف.
  66. عمر عبد الكافى شحاتة، سلسلة الدار الآخرة، صفحة 1، جزء 33. بتصرّف.
  67. محمد حسن عبد الغفار، شرح كتاب التوحيد لابن خزيمة، صفحة 9، جزء 23. بتصرّف.
  68. “شجرة سدرة المُنتهى”، www.ar.islamway.net، 31-3-2014، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2021. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الجنّة

شرع الله -تعالى- عدّة أحكام في الشّريعة الإسلاميّة وجعل في النّفس البشريّة محفّزات لتدفعها إلى عبادة الله -تعالى- وطاعته، فبعض النّاس يخاف من نزول العذاب المذكور في القرآن الكريم فيه؛ ممّا يدفع ويحفّز إلى الطّاعة والالتزام بأوامر الله تعالى، وبعض النّاس يميلون بفطرتهم إلى التّرغيب وانتظار الأجر والعاقبة الحَسَنة فيقومون بأوامر الله -تعالى- رغبةً في المنقلب الحَسن، وكانت إحدى طرق ترغيب النّاس بالطّاعات والعبادات ذِكْر الجنّة ووصفها وصفاً دقيقاً؛ ليتشجّع الناس ويُقبلون على أوامر الله -تعالى- وينتظرونها بلهفةٍ ورغبةٍ، ويلتزمون بما يوصلهم إلى الجنّة ويجتنبون ما يُبعدهم عنها، وفي المقال الآتي بيان أوصاف الجنّة وذكر بعض الأحاديث النبويّة والآيات القرآنية التي وصفت الجنّة وأهلها.

وَصْف الجنّة

زيّن الله -تعالى- الجنّة لعباده فهي أجمل ما رأته الأعين وأهنأ ما تسكن إليه النّفوس، حيث غرس الله -تعالى- غرسها بيده وجعلها مُستقرّاً لأوليائه فضلاً ورحمةً منه، وملأها بالخير والرّحمات والحبّ والسّعادة، وكفى أهلها المرض والهمّ والبلاء، حتى إنّهم لا يتغوّطون ولا يتبوّلون، وأرضها من المِسك والزعفران، وسقفها من فوق المؤمنين هو عرش الرحمن، وحصاها من اللؤلؤ والجواهر، كما أنّها بُنيت بلبنةٍ من فضّة ولبِنةٍ من ذهب، وثمر شجرها كبير الحجم وألينُ من الزّبد وأحلى من العسل، وفيها أنهار تجري بعضها من العسل وبعضها من اللبن وبعضها الآخر من الخَمْر الطيّب، وطعام أهلها الفواكه ولحوم الطير التي تُشتهى كلّ حين، وشرابهم الزّنجبيل والتسّنيم والكافور، وسيقان شجرها من الفضّة والذّهب، والرّاكب السّريع يسير في ظلّ شجرها مئة عام.[١]

ووجوه أهل الجنّة كالقمر ليلة البدر، ويطوف بينهم غلمانهم ويكونوا كاللؤلؤ المكنون، وزوجات رجال الجنّة وصفنّ بالكواعب الأتراب، ويُرى ما في عروق النّساء؛ ممّا يدلّ على شدّة جمالها، ولو أنّها تطّلع على أهل الأرض لملأتهم رِيحاً من ريحها، وقد تطهّرنّ نساء الجنّة من الحيض والنفاس والولادة والغائط والمخاط والبصاق ومن كلّ عيبٍ قد يلحق الإنسان في الدنيا، وفي الجنّة يعيش المؤمنون نعيماً خالداً لا يفنى، ويتمتّعون بالهناء والسّعادة والرضى والخلود، والصحّة التي ليس بعدها مرض، والجمال الذي لا يتأثر مع مرور السنين، إذ قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ في الجنَّةِ لَسوقاً، يأتونَها كلَّ جمعةٍ، فتَهُبُّ ريحُ الشَّمالِ فتَحثو في وجوهِهِم وثيابِهِم، فيَزدادونَ حُسناً وجمالاً، فيرجِعونَ إلى أَهْليهم وقدِ ازدادوا حُسناً وجمالاً، فَيقولُ لَهُم أَهْلوهُم: واللَّهِ لقدِ ازددتُمْ بَعدَنا حُسناً وجَمالاً، فيقولونَ: وأنتُمْ، واللَّهِ لقدِ ازدَدتُمْ بَعدَنا حُسناً وجمالاً).[٢][١]

وَصْف أهل الجنّة

إنّ للجنّة ثمانية أبواب ليدخل منها المؤمنون حسب أعمالهم في الحياة الدّنيا، فمَن كان من أهل الصّلاة يدخل الجنّة من باب الصّلاة، ومَن كان من أهل الصّيام يدخلها من باب الرّيان، وحين يستقرّ المؤمنون في الجنّة ويدخل أهل النّار إلى النّار يُؤتى بالموت على هيئة كبش، ويُنادى المؤمنين والكافرين ويعرفون أنّه الموت، ثمّ يذبح الكبش دلالةً على أنّ الحياة في الجنّة والنّار خالدة، فيزداد فرح أهل الجنّة ويزداد غمّ الكفّار، ويدخل المؤمنون إلى الجنّة زُمراً جماعاتٍ على هيئة القمر ليلة البدر، وأمشاطهم من الذّهب ورشحهم المِسك كما وصفهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وأعدّ الله لهم نعيماً منه وفضلاً لا يخطر على بال بشر، قال الله -تعالى- في الحديث القدسيّ: (أعدَدتُ لعِبادي الصَّالحين ما لا عَينٌ رأَتْ، ولا أذُنٌ سمِعَت، ولا خطَر على قلْبِ بشَرٍ، ذُخراً، بَلْهَ ما أُطْلِعْتُم عليه)،[٣] فوعد الله -تعالى- عباده بنعيمٍ لا يزول وهو أعظم من كلّ نعيم الدّنيا، ومن صفات أهل الجنّة التي ذكرها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الرّجل المؤمن ليُعطى قوّة مئة رجل في الطّعام والشّراب والشّهوة، وإنّ فضلات طعامه وشرابه تخرج كرائحة المسك من جلده.[٤][٥]

إنّ آخر أهل الجنّة دخولاً إلى الجنّة رجل كثُرت خطاياه وسيئاته ثمّ عفا الله -تعالى- عنه فأخرجه من النّار، فيمشي مرّةً ويكبو مرّة حتّى إذا تخلّص من النّار ونجا، حَمَد الله -تعالى- وظنّ أنّه أسعد النّاس بنجاته من عذاب جهنّم، فيرفع الله -تعالى- له شجرةً فيدعو الله -تعالى- بأن يُدنيه منها لستظلّ بظلّها ويعاهد الله -تعالى- بأن لا يطلب غير ذلك، فيقرّبه منها ويشرب من مائها، ثمّ تُرفع له شجرةً أخرى فيطلب ذات الطلب ويجيبه الله تعالى، ثمّ تُرفع له شجرة ثالثة فيطلب من الله -تعالى- أنّ يستظلّ بظلّها فيجيبه، حتى يسمع صوت أهل الجنّة فيسأل الله -تعالى- أن يدخلها، فيعطيه الله -تعالى- مسألته.[٤]

أعظم نعيم الجنّة

إنّ أعظم نعيم أهل الجنّة هو النّظر لوجه الله تعالى، حيث ورد في القرآن الكريم: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ*إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)،[٦] فوجوه أهل الجنّة تبتهج عندما تنظ إلى وجه ربّها عزّ وجلّ، وقال الله تعالى: (لِلَّذينَ أَحسَنُوا الحُسنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرهَقُ وُجوهَهُم قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصحابُ الجَنَّةِ هُم فيها خالِدونَ)،[٧] وقال البعض في تفسير الآية الكريمة إنّ الحسنى هي الجنّة، والزيادة هي النّظر إلى وجه الله تعالى، فالله -تعالى- في الجنّة يستزير عباده المؤمنين وينادي فيهم منادٍ لزيارة الله -تعالى- فيلبّون النداء، فتُنصب لهم منابر من نور وزبرجد وذهب وفضة ليجلسوا عليها، ثمّ يسمعون صوت ربّهم وهو مُقبِل عليهم، فينكشف الحجاب عن وجهه الكريم فيرونه، وقال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في وَصْف ذلك: عندما يدخلُ المؤمنون الجنّة ويهنأون بنعيمها، يناديهم ربّهم أن هل تريدون شيئاً آخر، فيردّ المؤمنون أن لا يريدون شيئاً أكثر من هذا النعيم، فقد بيّض الله وجوههم وأدخلهم جنّاته، فيكشف الله تعالى الحجاب عن وجهه الكريم، فيقول النبيّ عليه السلام: (إذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ، قال يقولُ اللهُ تبارك وتعالى: تريدونَ شيئاً أزيدكُم؟ فيقولونَ: ألم تبيضْ وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنةَ وتنجنا من النار، قال فيكشِفُ الحجابَ، فما أُعطوا شيئاً أحبَّ إليهِم من النظرِ إلى ربّهم عزّ وجلَّ).[٨][٥][٩]

المراجع

  1. ^ أ ب “وصف الجنة وشيء من نعيمها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-14. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2833، صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4780، صحيح.
  4. ^ أ ب “صفة الجنة وأهلها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-14. بتصرّف.
  5. ^ أ ب “وصف الجنة”،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-14. بتصرّف.
  6. سورة القيامة، آية: 22-23.
  7. سورة يونس، آية: 26.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صهيب بن سنان، الصفحة أو الرقم: 181، صحيح.
  9. “هل يرى المؤمنون ربهم في الجنة ؟”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-14. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى