تعريفات إسلامية

ما هو توحيد الألوهية

الإيمان بالله

الإيمان بالله سبحانه وتعالى هو الرُّكن الأوّل من أركانِ الإيمان؛ وهُو الاعتقادُ الجازم بأنّه ربُّ كل شيءٍ، ومليكه، والاعتقاد بأنّ الله سُبحانه وتَعالى مُتّصفٌ بصفات الكمال، ومُنزّهٌ عن كل عيبٍ ونقص؛ ولذلك فالله سبحانه وتعالى هو المُستحقّ للعبادة، وَحده لا شريك له، ويجب على المسلمين الإيمان بذلك إيماناً جازماً، قولاً، وعملاً.[١]

توحيد الألوهية

حقيقة توحيد الألوهية

التوحيد هو الإفراد، وتوحيد الألوهية هو: إفراد اللهِ وحدَه بالعبادة دون سواه.[٢] وهُو التوحيد المبني على إخلاص التألُّه والعِبادة لله تعالى وحده لا شريك له، بحيث تتوجّه جميع العبادات لله؛ كالمحبة، والرجاء، والتوكّل، والدعاء، والرّهبة، والرغبة، والخوف، فينبغي أن تتوجّه هذه العبادات وغيرها خالصةً لله سبحانه وتعالى.[٣]

الألوهية أوّل دعوة الرسل

توحيد الألوهية هو أوّل الدين وآخره، بل إنّ أول ما كان يدعو به الرسل أقوامهم عبادة الله وحده لا شريك له؛ فتوحيد الألوهية هو أوّل دعوة الرسل وآخرها،[٣] وقد وردت في القرآن الكريم الدلالة على ذلك في معرض الحديث عن قصة سيدنا نوح ومبعثه -عليه السلام- قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ)[٤]

الألوهية أوّل واجب على المكلف

توحيد الألوهية هو أوّل واجبٍ على المسلم المكلف بالعبادة، وهو معنى لا إله إلا الله؛ ولذلك فإنّ أول ما يجب على المُكلف أن يعبد الله وحده لا شريك له، وقد كان الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- يوصي أصحابه بأن يكون أول ما يبدؤوا به في الدعوة؛[٥] فقد روي أنّه -عليه الصلاة والسلام- قال لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه-: (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول اللهِ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)[٦]

توحيد الألوهية في القرآن الكريم

دعوة القرآن لتوحيد الألوهية

لا تكادُ تخلو سورةٌ من سور القرآن الكريم من الدعوة لتوحيد الألوهية، وضرورة توجّه جميع عبادات الإنسان لله سبحانه وتعالى المُستحق للعبادة وحده دون سواه، فلله تبارك وتعالى الأمر والنهي، والحكم والقضاء؛ ولذا فالمُؤمن الحقّ يَعبد الله تعالى وحده، ولا يُشرك بعبادته أحداً.[٧]

أخبر القرآن الكريم عن الله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وتحدّث عن الإيجاد والرزق، وهو توحيد الربوبية، ودعا إلى عِبادة الله وحده لا شريك له، وترك وخلع كل ما يُعبد دون الله، وما أَمْرُ الله في القرآن الكريم بالعبادات بأنواعها، ولا نهيه عن المُخالفات بأنواعها، وبجميع أشكالها إلّا إقرارٌ للألوهيّة، ودعوةٌ لتَوحيد الألوهية؛ فكلّ ما في القرآن من دعواتٍ للربوبية، وذكرٌ لصِفات الربّانية، ودعوةٌ للعبادة، وتركٌ للمخالفة إلّا لإخلاص العبادة والألوهية لله وحده المُستحق للعبادة.[٨]

آيات توحيد الألوهية

  • قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)[٩] وهذه الآية لا تتعارض مع الاستعانة بالمَخلوق بما يقدر عليه بتوفيق الله.[١٠]
  • قوله تعالى: (وَلِلَّـهِ غَيبُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلُّهُ فَاعبُدهُ وَتَوَكَّل عَلَيهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ)[١١]فالأمر كله لله، والمرجع لله عالِم غيب السموات والأرض، وبما أنّ الأمر لله ينبغي على الإنسان أن يعبده وحده، ويتوكّل عليه؛ فهو الذي سيوفي كل عاملٍ جزاء عمله يوم الحساب.[١٢]
  • قوله تعالى: (فَإِن تَوَلَّوا فَقُل حَسبِيَ اللَّـهُ لا إِلـهَ إِلّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ)؛[١٣] فالله هو كافي العبد في كل ما أهمّه، وهو النافع الضار؛ فلا يستحق العبادة إلا هو سبحانه.[١٤]
  • قوله تعالى: (رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَما بَينَهُما فَاعبُدهُ وَاصطَبِر لِعِبادَتِهِ هَل تَعلَمُ لَهُ سَمِيًّا)[١٥]فالله هو ربُ السموات وربُ الأرض، والأمر هنا بعبادته سبحانه وتعالى، ثم يُتبع الأمر بالعبادة بسؤالٍ إنكاري، بقوله: هل تعلم له سميّاً؟ أي: هل تعلم له نظيراً يستحقّ أن يُسمى خالق، وعالم، وقادر؟ ليُقدّم إثباتاً جديداً أنّه لا يستحق العبادة إلا الخالق، القادر، العالم بكل ما كان، وما يكون.[١٦]
  • قوله تعالى: (وَما تَوفيقي إِلّا بِاللَّـهِ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَإِلَيهِ أُنيبُ)؛[١٧]الآية هنا حكاية عن نبي الله شعيب -عليه السلام-، حيث جعل توكّله على الله، فالتوكل عبادةٌ، والعبادة يجب أن تكون خالصةً لله سبحانه وتعالى دون سواه.[١٨]
  • قوله تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا)[١٩] وهي دعوةٌ للاعتماد في جميع شؤون الحياة على الله الواحد الأحد، فهو الدائم الباقي، والحيّ الذي لا يموت أبداً، وهو يكفي عباده وينصرهم ويظهر دينه على سائر الأديان، (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) أي: دعوةٌ للمُؤمن لينزّه الله تعالى عمّا يصفه به الكفار من شتى الصفات ممّا لا يليق به سبحانه وتعالى من الشركاء والأولاد، (وكفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً) أي: يكفي المؤمنين اطلاع الله على أعمال العباد ولا يخفى عليه ولا عنه شيءٌ منها.[٢٠]
  • قوله تعالى: (وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ)؛ [٢١] فالآية فيها أمرٌ بِعبادة الله سبحانه وتعالى حتّى الموت، وهذا المعنى الذي يفيده إضافة قوله تعالى: (حتى يأتيك اليقين) بعد قوله: (واعبد ربك)، ولو اكتَفى بالأمرِ بالعِبادة بقوله: (واعبد ربّك) لحصل تحقيق الأمر بالعبادة لمرّةٍ واحدةٍ، ولكن جاء الأمر بأن: (اعبد ربّك حتى يأتيك اليقين)، ليدلّ الأمر باستمرار العبادة إلى المَوتِ ومُفارقة الحَياة الدُّنيا.[٢٢]

المراجع

  1. صالح الفوزان (1411هـ)، شرح العقيدة الواسطية (الطبعة الخامسة)، الرياض: الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والدعوة والإرشاد، صفحة 11.
  2. عبد الرحمن حسن حبنكة (1418هـ-1997م)، العقيدة الإسلامية وأسسها (الطبعة الثامنة)، دمشق: دار القلم، صفحة 158.
  3. ^ أ ب سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (1408هـ-1988م)، تيسير العزيز الحميد (الطبعة السابعة)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 36.
  4. سورة المؤمنون، آية: 23.
  5. سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (1408هـ-1988م)، تيسير العزيز الحميد (الطبعة السابعة)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 37.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. عبد الرحمن حسن حبنكة (1418هـ- 1997م)، العقيدة الإسلامية وأسسها (الطبعة الثامنة)، دمشق: القلم، صفحة 159.
  8. سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (1408هـ-1988م)، تيسير العزيز الحميد (الطبعة السابعة)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 39.
  9. سورة الفاتحة، آية: 5.
  10. شرح الطحاوية (1418هـ)، علي بن علي بن محمد (الطبعة الأولى)، الرياض: وزارة الشؤون الإسلامية السعودية، صفحة 358.
  11. سورة هود، آية: 123.
  12. إسماعيل بن كثير (1420هـ – 1999 م)، تفسير القرآن العظيم (الطبعة الثانية)، الرياض: طيبة، صفحة 364، جزء 4.
  13. سورة التوبة، آية: 129
  14. عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (1420هـ -2000 م)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (الطبعة الأولى)، دمشق: مؤسسة الرسالة، صفحة 356.
  15. سورة مريم، آية: 66.
  16. محمد بن علي الشوكاني (1414 هـ)، فتح القدير (الطبعة الأولى)، دمشق: دار ابن كثير، صفحة 404، جزء 3.
  17. سورة هود، آية: 88.
  18. محمد متولي الشعراوي (1997م)، تفسير الشعراوي (الطبعة الأولى)، القاهرة: مطابع أخبار اليوم، صفحة 6623، جزء 11.
  19. سورة الفرقان، آية: 59.
  20. محمد علي الصابوني (1417 هـ – 1997 م)، صفوة التفاسير (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الصابوني، صفحة 337، جزء 2.
  21. سورة الحجر، آية: 99.
  22. منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد المروزي السمعاني (1418هـ – 1997م)، تفسير القرآن (الطبعة الأولى)، الرياض: دار الوطن، صفحة 156، جزء 3.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

الإيمان بالله

الإيمان بالله سبحانه وتعالى هو الرُّكن الأوّل من أركانِ الإيمان؛ وهُو الاعتقادُ الجازم بأنّه ربُّ كل شيءٍ، ومليكه، والاعتقاد بأنّ الله سُبحانه وتَعالى مُتّصفٌ بصفات الكمال، ومُنزّهٌ عن كل عيبٍ ونقص؛ ولذلك فالله سبحانه وتعالى هو المُستحقّ للعبادة، وَحده لا شريك له، ويجب على المسلمين الإيمان بذلك إيماناً جازماً، قولاً، وعملاً.[١]

توحيد الألوهية

حقيقة توحيد الألوهية

التوحيد هو الإفراد، وتوحيد الألوهية هو: إفراد اللهِ وحدَه بالعبادة دون سواه.[٢] وهُو التوحيد المبني على إخلاص التألُّه والعِبادة لله تعالى وحده لا شريك له، بحيث تتوجّه جميع العبادات لله؛ كالمحبة، والرجاء، والتوكّل، والدعاء، والرّهبة، والرغبة، والخوف، فينبغي أن تتوجّه هذه العبادات وغيرها خالصةً لله سبحانه وتعالى.[٣]

الألوهية أوّل دعوة الرسل

توحيد الألوهية هو أوّل الدين وآخره، بل إنّ أول ما كان يدعو به الرسل أقوامهم عبادة الله وحده لا شريك له؛ فتوحيد الألوهية هو أوّل دعوة الرسل وآخرها،[٣] وقد وردت في القرآن الكريم الدلالة على ذلك في معرض الحديث عن قصة سيدنا نوح ومبعثه -عليه السلام- قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ)[٤]

الألوهية أوّل واجب على المكلف

توحيد الألوهية هو أوّل واجبٍ على المسلم المكلف بالعبادة، وهو معنى لا إله إلا الله؛ ولذلك فإنّ أول ما يجب على المُكلف أن يعبد الله وحده لا شريك له، وقد كان الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- يوصي أصحابه بأن يكون أول ما يبدؤوا به في الدعوة؛[٥] فقد روي أنّه -عليه الصلاة والسلام- قال لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه-: (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول اللهِ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)[٦]

توحيد الألوهية في القرآن الكريم

دعوة القرآن لتوحيد الألوهية

لا تكادُ تخلو سورةٌ من سور القرآن الكريم من الدعوة لتوحيد الألوهية، وضرورة توجّه جميع عبادات الإنسان لله سبحانه وتعالى المُستحق للعبادة وحده دون سواه، فلله تبارك وتعالى الأمر والنهي، والحكم والقضاء؛ ولذا فالمُؤمن الحقّ يَعبد الله تعالى وحده، ولا يُشرك بعبادته أحداً.[٧]

أخبر القرآن الكريم عن الله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وتحدّث عن الإيجاد والرزق، وهو توحيد الربوبية، ودعا إلى عِبادة الله وحده لا شريك له، وترك وخلع كل ما يُعبد دون الله، وما أَمْرُ الله في القرآن الكريم بالعبادات بأنواعها، ولا نهيه عن المُخالفات بأنواعها، وبجميع أشكالها إلّا إقرارٌ للألوهيّة، ودعوةٌ لتَوحيد الألوهية؛ فكلّ ما في القرآن من دعواتٍ للربوبية، وذكرٌ لصِفات الربّانية، ودعوةٌ للعبادة، وتركٌ للمخالفة إلّا لإخلاص العبادة والألوهية لله وحده المُستحق للعبادة.[٨]

آيات توحيد الألوهية

  • قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)[٩] وهذه الآية لا تتعارض مع الاستعانة بالمَخلوق بما يقدر عليه بتوفيق الله.[١٠]
  • قوله تعالى: (وَلِلَّـهِ غَيبُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلُّهُ فَاعبُدهُ وَتَوَكَّل عَلَيهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ)[١١]فالأمر كله لله، والمرجع لله عالِم غيب السموات والأرض، وبما أنّ الأمر لله ينبغي على الإنسان أن يعبده وحده، ويتوكّل عليه؛ فهو الذي سيوفي كل عاملٍ جزاء عمله يوم الحساب.[١٢]
  • قوله تعالى: (فَإِن تَوَلَّوا فَقُل حَسبِيَ اللَّـهُ لا إِلـهَ إِلّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ)؛[١٣] فالله هو كافي العبد في كل ما أهمّه، وهو النافع الضار؛ فلا يستحق العبادة إلا هو سبحانه.[١٤]
  • قوله تعالى: (رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَما بَينَهُما فَاعبُدهُ وَاصطَبِر لِعِبادَتِهِ هَل تَعلَمُ لَهُ سَمِيًّا)[١٥]فالله هو ربُ السموات وربُ الأرض، والأمر هنا بعبادته سبحانه وتعالى، ثم يُتبع الأمر بالعبادة بسؤالٍ إنكاري، بقوله: هل تعلم له سميّاً؟ أي: هل تعلم له نظيراً يستحقّ أن يُسمى خالق، وعالم، وقادر؟ ليُقدّم إثباتاً جديداً أنّه لا يستحق العبادة إلا الخالق، القادر، العالم بكل ما كان، وما يكون.[١٦]
  • قوله تعالى: (وَما تَوفيقي إِلّا بِاللَّـهِ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَإِلَيهِ أُنيبُ)؛[١٧]الآية هنا حكاية عن نبي الله شعيب -عليه السلام-، حيث جعل توكّله على الله، فالتوكل عبادةٌ، والعبادة يجب أن تكون خالصةً لله سبحانه وتعالى دون سواه.[١٨]
  • قوله تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا)[١٩] وهي دعوةٌ للاعتماد في جميع شؤون الحياة على الله الواحد الأحد، فهو الدائم الباقي، والحيّ الذي لا يموت أبداً، وهو يكفي عباده وينصرهم ويظهر دينه على سائر الأديان، (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) أي: دعوةٌ للمُؤمن لينزّه الله تعالى عمّا يصفه به الكفار من شتى الصفات ممّا لا يليق به سبحانه وتعالى من الشركاء والأولاد، (وكفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً) أي: يكفي المؤمنين اطلاع الله على أعمال العباد ولا يخفى عليه ولا عنه شيءٌ منها.[٢٠]
  • قوله تعالى: (وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ)؛ [٢١] فالآية فيها أمرٌ بِعبادة الله سبحانه وتعالى حتّى الموت، وهذا المعنى الذي يفيده إضافة قوله تعالى: (حتى يأتيك اليقين) بعد قوله: (واعبد ربك)، ولو اكتَفى بالأمرِ بالعِبادة بقوله: (واعبد ربّك) لحصل تحقيق الأمر بالعبادة لمرّةٍ واحدةٍ، ولكن جاء الأمر بأن: (اعبد ربّك حتى يأتيك اليقين)، ليدلّ الأمر باستمرار العبادة إلى المَوتِ ومُفارقة الحَياة الدُّنيا.[٢٢]

المراجع

  1. صالح الفوزان (1411هـ)، شرح العقيدة الواسطية (الطبعة الخامسة)، الرياض: الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والدعوة والإرشاد، صفحة 11.
  2. عبد الرحمن حسن حبنكة (1418هـ-1997م)، العقيدة الإسلامية وأسسها (الطبعة الثامنة)، دمشق: دار القلم، صفحة 158.
  3. ^ أ ب سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (1408هـ-1988م)، تيسير العزيز الحميد (الطبعة السابعة)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 36.
  4. سورة المؤمنون، آية: 23.
  5. سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (1408هـ-1988م)، تيسير العزيز الحميد (الطبعة السابعة)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 37.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. عبد الرحمن حسن حبنكة (1418هـ- 1997م)، العقيدة الإسلامية وأسسها (الطبعة الثامنة)، دمشق: القلم، صفحة 159.
  8. سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (1408هـ-1988م)، تيسير العزيز الحميد (الطبعة السابعة)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 39.
  9. سورة الفاتحة، آية: 5.
  10. شرح الطحاوية (1418هـ)، علي بن علي بن محمد (الطبعة الأولى)، الرياض: وزارة الشؤون الإسلامية السعودية، صفحة 358.
  11. سورة هود، آية: 123.
  12. إسماعيل بن كثير (1420هـ – 1999 م)، تفسير القرآن العظيم (الطبعة الثانية)، الرياض: طيبة، صفحة 364، جزء 4.
  13. سورة التوبة، آية: 129
  14. عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (1420هـ -2000 م)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (الطبعة الأولى)، دمشق: مؤسسة الرسالة، صفحة 356.
  15. سورة مريم، آية: 66.
  16. محمد بن علي الشوكاني (1414 هـ)، فتح القدير (الطبعة الأولى)، دمشق: دار ابن كثير، صفحة 404، جزء 3.
  17. سورة هود، آية: 88.
  18. محمد متولي الشعراوي (1997م)، تفسير الشعراوي (الطبعة الأولى)، القاهرة: مطابع أخبار اليوم، صفحة 6623، جزء 11.
  19. سورة الفرقان، آية: 59.
  20. محمد علي الصابوني (1417 هـ – 1997 م)، صفوة التفاسير (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الصابوني، صفحة 337، جزء 2.
  21. سورة الحجر، آية: 99.
  22. منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد المروزي السمعاني (1418هـ – 1997م)، تفسير القرآن (الطبعة الأولى)، الرياض: دار الوطن، صفحة 156، جزء 3.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الإيمان بالله

الإيمان بالله سبحانه وتعالى هو الرُّكن الأوّل من أركانِ الإيمان؛ وهُو الاعتقادُ الجازم بأنّه ربُّ كل شيءٍ، ومليكه، والاعتقاد بأنّ الله سُبحانه وتَعالى مُتّصفٌ بصفات الكمال، ومُنزّهٌ عن كل عيبٍ ونقص؛ ولذلك فالله سبحانه وتعالى هو المُستحقّ للعبادة، وَحده لا شريك له، ويجب على المسلمين الإيمان بذلك إيماناً جازماً، قولاً، وعملاً.[١]

توحيد الألوهية

حقيقة توحيد الألوهية

التوحيد هو الإفراد، وتوحيد الألوهية هو: إفراد اللهِ وحدَه بالعبادة دون سواه.[٢] وهُو التوحيد المبني على إخلاص التألُّه والعِبادة لله تعالى وحده لا شريك له، بحيث تتوجّه جميع العبادات لله؛ كالمحبة، والرجاء، والتوكّل، والدعاء، والرّهبة، والرغبة، والخوف، فينبغي أن تتوجّه هذه العبادات وغيرها خالصةً لله سبحانه وتعالى.[٣]

الألوهية أوّل دعوة الرسل

توحيد الألوهية هو أوّل الدين وآخره، بل إنّ أول ما كان يدعو به الرسل أقوامهم عبادة الله وحده لا شريك له؛ فتوحيد الألوهية هو أوّل دعوة الرسل وآخرها،[٣] وقد وردت في القرآن الكريم الدلالة على ذلك في معرض الحديث عن قصة سيدنا نوح ومبعثه -عليه السلام- قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ)[٤]

الألوهية أوّل واجب على المكلف

توحيد الألوهية هو أوّل واجبٍ على المسلم المكلف بالعبادة، وهو معنى لا إله إلا الله؛ ولذلك فإنّ أول ما يجب على المُكلف أن يعبد الله وحده لا شريك له، وقد كان الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- يوصي أصحابه بأن يكون أول ما يبدؤوا به في الدعوة؛[٥] فقد روي أنّه -عليه الصلاة والسلام- قال لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه-: (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول اللهِ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)[٦]

توحيد الألوهية في القرآن الكريم

دعوة القرآن لتوحيد الألوهية

لا تكادُ تخلو سورةٌ من سور القرآن الكريم من الدعوة لتوحيد الألوهية، وضرورة توجّه جميع عبادات الإنسان لله سبحانه وتعالى المُستحق للعبادة وحده دون سواه، فلله تبارك وتعالى الأمر والنهي، والحكم والقضاء؛ ولذا فالمُؤمن الحقّ يَعبد الله تعالى وحده، ولا يُشرك بعبادته أحداً.[٧]

أخبر القرآن الكريم عن الله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وتحدّث عن الإيجاد والرزق، وهو توحيد الربوبية، ودعا إلى عِبادة الله وحده لا شريك له، وترك وخلع كل ما يُعبد دون الله، وما أَمْرُ الله في القرآن الكريم بالعبادات بأنواعها، ولا نهيه عن المُخالفات بأنواعها، وبجميع أشكالها إلّا إقرارٌ للألوهيّة، ودعوةٌ لتَوحيد الألوهية؛ فكلّ ما في القرآن من دعواتٍ للربوبية، وذكرٌ لصِفات الربّانية، ودعوةٌ للعبادة، وتركٌ للمخالفة إلّا لإخلاص العبادة والألوهية لله وحده المُستحق للعبادة.[٨]

آيات توحيد الألوهية

  • قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)[٩] وهذه الآية لا تتعارض مع الاستعانة بالمَخلوق بما يقدر عليه بتوفيق الله.[١٠]
  • قوله تعالى: (وَلِلَّـهِ غَيبُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلُّهُ فَاعبُدهُ وَتَوَكَّل عَلَيهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ)[١١]فالأمر كله لله، والمرجع لله عالِم غيب السموات والأرض، وبما أنّ الأمر لله ينبغي على الإنسان أن يعبده وحده، ويتوكّل عليه؛ فهو الذي سيوفي كل عاملٍ جزاء عمله يوم الحساب.[١٢]
  • قوله تعالى: (فَإِن تَوَلَّوا فَقُل حَسبِيَ اللَّـهُ لا إِلـهَ إِلّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ)؛[١٣] فالله هو كافي العبد في كل ما أهمّه، وهو النافع الضار؛ فلا يستحق العبادة إلا هو سبحانه.[١٤]
  • قوله تعالى: (رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَما بَينَهُما فَاعبُدهُ وَاصطَبِر لِعِبادَتِهِ هَل تَعلَمُ لَهُ سَمِيًّا)[١٥]فالله هو ربُ السموات وربُ الأرض، والأمر هنا بعبادته سبحانه وتعالى، ثم يُتبع الأمر بالعبادة بسؤالٍ إنكاري، بقوله: هل تعلم له سميّاً؟ أي: هل تعلم له نظيراً يستحقّ أن يُسمى خالق، وعالم، وقادر؟ ليُقدّم إثباتاً جديداً أنّه لا يستحق العبادة إلا الخالق، القادر، العالم بكل ما كان، وما يكون.[١٦]
  • قوله تعالى: (وَما تَوفيقي إِلّا بِاللَّـهِ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَإِلَيهِ أُنيبُ)؛[١٧]الآية هنا حكاية عن نبي الله شعيب -عليه السلام-، حيث جعل توكّله على الله، فالتوكل عبادةٌ، والعبادة يجب أن تكون خالصةً لله سبحانه وتعالى دون سواه.[١٨]
  • قوله تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا)[١٩] وهي دعوةٌ للاعتماد في جميع شؤون الحياة على الله الواحد الأحد، فهو الدائم الباقي، والحيّ الذي لا يموت أبداً، وهو يكفي عباده وينصرهم ويظهر دينه على سائر الأديان، (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) أي: دعوةٌ للمُؤمن لينزّه الله تعالى عمّا يصفه به الكفار من شتى الصفات ممّا لا يليق به سبحانه وتعالى من الشركاء والأولاد، (وكفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً) أي: يكفي المؤمنين اطلاع الله على أعمال العباد ولا يخفى عليه ولا عنه شيءٌ منها.[٢٠]
  • قوله تعالى: (وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ)؛ [٢١] فالآية فيها أمرٌ بِعبادة الله سبحانه وتعالى حتّى الموت، وهذا المعنى الذي يفيده إضافة قوله تعالى: (حتى يأتيك اليقين) بعد قوله: (واعبد ربك)، ولو اكتَفى بالأمرِ بالعِبادة بقوله: (واعبد ربّك) لحصل تحقيق الأمر بالعبادة لمرّةٍ واحدةٍ، ولكن جاء الأمر بأن: (اعبد ربّك حتى يأتيك اليقين)، ليدلّ الأمر باستمرار العبادة إلى المَوتِ ومُفارقة الحَياة الدُّنيا.[٢٢]

المراجع

  1. صالح الفوزان (1411هـ)، شرح العقيدة الواسطية (الطبعة الخامسة)، الرياض: الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والدعوة والإرشاد، صفحة 11.
  2. عبد الرحمن حسن حبنكة (1418هـ-1997م)، العقيدة الإسلامية وأسسها (الطبعة الثامنة)، دمشق: دار القلم، صفحة 158.
  3. ^ أ ب سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (1408هـ-1988م)، تيسير العزيز الحميد (الطبعة السابعة)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 36.
  4. سورة المؤمنون، آية: 23.
  5. سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (1408هـ-1988م)، تيسير العزيز الحميد (الطبعة السابعة)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 37.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. عبد الرحمن حسن حبنكة (1418هـ- 1997م)، العقيدة الإسلامية وأسسها (الطبعة الثامنة)، دمشق: القلم، صفحة 159.
  8. سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (1408هـ-1988م)، تيسير العزيز الحميد (الطبعة السابعة)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 39.
  9. سورة الفاتحة، آية: 5.
  10. شرح الطحاوية (1418هـ)، علي بن علي بن محمد (الطبعة الأولى)، الرياض: وزارة الشؤون الإسلامية السعودية، صفحة 358.
  11. سورة هود، آية: 123.
  12. إسماعيل بن كثير (1420هـ – 1999 م)، تفسير القرآن العظيم (الطبعة الثانية)، الرياض: طيبة، صفحة 364، جزء 4.
  13. سورة التوبة، آية: 129
  14. عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (1420هـ -2000 م)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (الطبعة الأولى)، دمشق: مؤسسة الرسالة، صفحة 356.
  15. سورة مريم، آية: 66.
  16. محمد بن علي الشوكاني (1414 هـ)، فتح القدير (الطبعة الأولى)، دمشق: دار ابن كثير، صفحة 404، جزء 3.
  17. سورة هود، آية: 88.
  18. محمد متولي الشعراوي (1997م)، تفسير الشعراوي (الطبعة الأولى)، القاهرة: مطابع أخبار اليوم، صفحة 6623، جزء 11.
  19. سورة الفرقان، آية: 59.
  20. محمد علي الصابوني (1417 هـ – 1997 م)، صفوة التفاسير (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الصابوني، صفحة 337، جزء 2.
  21. سورة الحجر، آية: 99.
  22. منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد المروزي السمعاني (1418هـ – 1997م)، تفسير القرآن (الطبعة الأولى)، الرياض: دار الوطن، صفحة 156، جزء 3.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى