عبادات

جديد ما هي أفضل العبادات عند الله

العبادات

يحتاج الإنسان إلى التقرب إلى الله عزّ وجلّ بجميع أشكال العبادات التي يُشرع له القيام بها، حتى يفوز بمرضاة الله عزّ وجلّ ويصل إلى جنته التي وعدها الله عباده المتقين، وذلك أكثر ما يهمّ أيّ مؤمنٍ بالله -سبحانه وتعالى- كما أن العبادة هي أساس وجود الخلق جميعاً، ويُشير ذلك ابتداءً إلى توحيد الله عزّ وجلّ وتنزيهه عن الشريك والولد، وتقديسه عن كل ما يعتري المخلوقين من النقص والخلل، وذلك من أهمّ مقاصد الشريعة التي استخلف الله الإنسان على وجه البسيطة لأجلها؛ قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ*مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ*إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)،[١] فقد بيّن الله -جلَّ وعلا- في هذه الآية أنّه أسمى من أن يكون بحاجة عبيده، بل هم المحتاجون لربٍ كريمٍ حكيم، منعمٍ يُعينهم ويهديهم ويُرشدهم إلى الخير في القول والعمل، ويرزقهم من حيث لا يحتسبون، وقد جعل الله سبحانه وتعالى العبادة وسيلةً يعلم من خلالها الذي يشكر أنعم الله ويأتمر بأوامره، ممن يعصيه ويكفر بنعمه التي أنعم بها عليه.

معنى العِبادة

العِبادة في اللّغة

العبادة في اللغة: هي مصدر عَبَدَ، وعَبَدْتُ اللهَ أَعْبُدُهُ وجمعها عِبادٌ وعبيد؛ ويعني ذلك الانقِيَادُ التام وَالخُضُوع المطلق، ويؤخذ من العبادة ويوافقها؛ العَابِدُ، وجمعه عُبَّادٌ وَعَبَدَةٌ، وَالعَبْدُ هو عكس الحُرِّ.[٢]

العِبادة في الاصطلاح

للعبادة عند العلماء تعريفات عدَّة؛ منها:[٣]

  • قيل إن العبادة هي: اسمٌ جامع لكلّ فعلٍ أو قولٍ يحبّه الله سبحانه وتعالى ويرضاه لعباده، سواء كان ذلك الفعل ظاهراً أو باطناً.
  • كما عرَّف الإمام ابن تيمية العبادة بأنّها: طاعة الله سبحانه وتعالى التي تظهر بامتثال أوامره التي جاء بها الوحي للرسل والأنبياء المُبلّغين عن الله.
  • والعبادة كذلك هي: الغاية التي يُحبها الله سبحانه وتعالى، والتي خلق الخلق لأجلها؛ وأوجدهم للقيام بها، ويدلَّ على تلك المعاني قول الله سبحانه وتعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)،[٤] ولأجل ذلك فقد أرسل الله سبحانه الرّسل، وأمرهم بتبليغ تلك الرسالة التي تتضمن عبادة الله بالمجمل، لذلك يظهر في كتاب الله أن رسالة الأنبياء والرسل جميعاً تتلخص بآية واحدة من كتاب الله؛[٥] هي قول الله سبحانه وتعالى على لسان أنبيائه: (اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ).[٦]

أفضل العبادات عند الله

تنوعت آراء العلماء في أفضل العبادات وأنفعها للمسلم، فمنهم من قال: إن أنفعها الصلاة إطلاقاً، ومنهم من قال: بل أنفعها ذكر الله والاستغفار، والعلماء في ذلك على أربعة آراء هي كما يلي:[٧]

  • الرأي الأول: يرى أصحاب هذا الرأي أنَّ أفضل العبادات وأنفعها على الإطلاق أشقُّها وأصعبها على النفس، ويختلف ذلك باختلاف وقت العبادة وقدرة القائم بها عليها، وحُجَّتهم في ذلك أنّ العبرة في العبادة البعد عن الهوى، وكلما كانت العبادة أكثر مشقةً كانت أجزل في الأجر، وأفضل من غيرها من العبادات، لأن الأجر على قدر المشقَّة.
  • الرأي الثاني: أنَّ أفضل العبادات على الأطلاق التجرّد عن الهوى، والزهد في الدنيا، والبعد عنها قدر الإمكان وعدم الانتباه لها، وترك الاهتمام بها، وترك التفكير بكل ما يُشغل عن العبادة من أمور الدنيا، ويُقسَّم أصحاب هذا الرأي إلى قسمين حسب فهمهم للزهد وهما:
العوام: جعل أصحاب هذه النظرة الزهد أفضل درجةً من العلم بأنواعه والعبادة بأشكالها، وذهبوا إلى أنَّ الزهد هو غاية العِبَادَة وأصلها، وأن العبادة التي لا تقوم على الزهد لا نفع فيها.
الخواص: وقد رأى أصحاب هذا القسم أن الزهد مقصودٌ لغيره لا لذاته، بل إنّ المراد به على الحقيقة عكوف القلب على الله وتوجهه إليه، وجمع الهمة للوصول إليه، وتفريغ القلب لمحبته دون غيره، والتوكُّل عليه، والإنابة إليه والاشتغال بما يُرضيه، لذلك قالوا إنَّ أفضل العبادات على الإطلاق يكون في الإقبال على الله، والمداومة على ذكره بالقلب واللسان والجوارح، والانشغال بمراقبته، دون تعبٍ أو نَصَب، وقد انقسم هذا القسم أيضاً إلى قسمين؛ هما العارفون المتَّبعون، فأصحاب هذا القسم إذا جاء أمرٌ من الله أو نهيٌ عنه امتثلوا له في الحال، وبادروا للقيام به أو الانتهاء عنه، وقد انحرف أصحاب القسم الثاني فقدَّموا ذكر الله على ما افترضه.
  • الرأي الثالث: أنَّ أفضل العبادات وأنفعها ما كان فيه نفعٌ متعدٍّ إلى غير القائم بالعبادة، ولم يكن نفعها قاصراً على العبد ذاته، كخدمة الفقراء مثلاً، والاشتغال بمصالح الناس عموماً وقضاء حوائجهم، والبقاء في خدمتهم ومساعدتهم بالمال والعزوة والعمل والقول، ورأوا ذلك أفضل أنواع العبادات، فعملوا به وقصدوه في عبادتهم، ودليلهم بذلك؛ ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الخَلْقُ كلُّهم عِيالُ اللهِ، فأحَبُّ الخلقِ إلى اللهِ مَن أحسَنَ إلى عيالِه)،[٨] واحتجوا كذلك بأنَّ عمل العابد جهدٌ قاصر، فلا ينتفع بعبادته إلا هو، أما مساعدة الناس وخدمتهم فهي عبادةٌ متعديةٌ ينتفع بها القائم بها، كما ينتفع بها الناس جميعا، فذلك أفضل وأجزل في الأجر، ولهذا كان فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب.
  • الرأي الرابع: يرى أصحاب هذا الصنف أنَّ أفضل العبادات على الإطلاق العمل على إرضاء الله -سبحانه وتعالى- في كل الأوقات والأحوال بما يقتضي ذلك الوقت ويحتاجه من الأعمال والعبادات، فأفضل العبادات في وقت الجهاد مثلاً هو الجهاد، ولا يُقدَّم عليه في وقته شيءٌ غيره، حتى إن ترك الأذكار والأوراد وقيام الليل والدعاء، وسائر العبادات، بل إن المُجاهد في وقت الجهاد يُشرع له عدم إتمام الفريضة، كما ثبت في صلاة الخوف التي تؤدى فيها الفريضة ركعتين فقط.
والأفضل في وقت حضور الضيوف كذلك القيام بخدمتهم وأداء حقِّهم، والاشتغال بهم عن جميع الأوراد المُستحبة، وكذلك الحال في أداء حق الزوجة في وقته، وحق الأهل وعدم تقديم ما هو لازمٌ عما كان في وقته ألزم، والأفضل في الثلث الأخير من الليل الاشتغال بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والتهجُّد والاستغفار، وعلى ذلك تُقاس سائر العبادات من حيث الأفضلية بتقديم صاحبة الوقت عن غيرها.

أنواع العبادات

يُمكن تقسيم العبادات بحسب أدائها إلى ثلاثة أقسام رئيسة هي:[٩]

  • عبادات قلبيّة: ويُقصد بها العبادات التي تكون في أصلها صادرةً عن القلب، فلا تعتمد في أدائها على أفعال ظاهرة، ومثالها: حبّ الله سبحانه وتعالى، أو الحبّ القائم على حبه، كالحبّ في الله ولله، والخوف من الله، ورجاء مغفرته والتوكُّل عليه، والإنابة إليه، قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ).[١٠]
  • عبادات لسانيّة: ويُقصد بها ما كان من العبادة قائماً على النُّطق باللسان، ويقصد به المسلم التقرُّب إلى الله، كالنُّطق بالشّهادتين، وذكر الله والاستغفار والدعاء، وقراءة القُرآن، وغير ذلك مما يعتمد على اللسان.
  • عبادات بدنيّة: وهي العبادات القائمة على الفعل الجسديّ، وتحتاج إلى جهدٍ وحركةٍ وانتقال، كالصّلاة، والحجّ، والجهاد، وسائر العبادات العمليّة الأخرى القائمة على فعل الجسد المُعاين.

المراجع

  1. سورة الذاريات، آية: 56-58.
  2. أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثمّ الحموي، أبو العباس، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 389، جزء 2. بتصرّف.
  3. سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (2002)، تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد (الطبعة الأولى)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 29. بتصرّف.
  4. سورة الذاريات، آية: 56.
  5. سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (1984)، التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: دار طيبة، صفحة 191. بتصرّف.
  6. سورة هود، آية: 50.
  7. أبو عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية ( 1996)، الآداب والرقائق مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 107-111، جزء 1. بتصرّف.
  8. رواه العجلوني، في كشف الخفاء ومزيل الإلباس، الصفحة أو الرقم: 1/457، يُحتجُّ به.
  9. عبدالله بن صالح القصيِّر (4/5/2016)، “أنواع العبادة في الإسلام”، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2017. بتصرّف.
  10. سورة الإسراء، آية: 57.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى