الله الرازق
من أسماء الله -تعالى- الحسنى الرازق؛ فهو الذي يرزق خلقه دون تعبٍ منه، ولا مشقّةٍ، ودون أن ينقص من ملكه شيءٌ، وقد كفل الله الرزق للإنسان، فليس هناك داعٍ للخوف أو الهمّ، أو السعي بغير حقٍّ من أجل تحصيله، ولن يموت أيّ عبدٍ دون أن يحصّل كامل رزقه الذي كتبه الله له، فالله -تعالى- يرزق جميع الناس من أهل الإيمان، و أهل الضلال، وكثرة الرزق ليس دليلاً على محبة الله؛ لأنّ الإنسان يرى أحياناً رزقاً كثيراً بيد أهل الضلال والجهل، ورزقاً قليلاً مع أهل الإيمان، فالله -تعالى- يعطي عطاياه الدنيوية لمن يحبّ ومن لا يحبّ، أمّا الإيمان فلا يكون إلّا لمن يحبّه الله، والله متصرّفٌ في أرزاق العباد، يوسّع على عبادٍ، ويقدر على آخرين، فله حكمةٌ من وراء ذلك، فهو أعلم بالنفوس، والبركة في الرزق مهمةٌ، وتحصيلها يكون بالطاعات، والبعد عن المعاصي، فالمعاصي تمحق بركة الرزق، وإن كان في ظاهره كثيرٌ، وتجدر الإشارة إلى أنّ الرزق لا يقتصر على المال فقط، فله معانٍ عديدةٌ، منها: العطاء من الله تعالى، والطعام، والفاكهة، ونفقة المولود، والغيث الذي يهطل على الأرض، وتحصل الخيرات، والرزق ثواب الله تعالى، وعطاؤه الذي لا ينتهي ولا ينفد، والجنة أيضاً رزقٌ.[١][٢]
أسباب الرزق
حثّ الإسلام الإنسان على العمل والجدّ، وأوصى بالابتعاد عن الذل والمسألة، فالإنسان يسعى من الصباح الباكر؛ لطلب الرزق، ليؤمّن احتياجات أسرته وأولاده، والناس مختلفين في ذلك، فمنهم من تشغله الدنيا، وجمع المال عن الآخرة، فذلك من الخاسرين، ومنهم من تبقى الآخرة، ولقيا الله أمام عينيه أثناء جمعه للرزق والمال، وذلك من الفائزين، وقد بات طلب الرزق يشغل بال العديد من الناس، وأخذوا يسعون إليه، ويسلكون طرقاً غير مشروعةٍ في ذلك؛ كالسرقة، والغش، والرشوة، والخداع، والقتل، وقطيعة الرحم، والبُعد عن طاعة الله، علماً بأنّهم تغافلوا بأنّ الله ضمن للإنسان رزقه، وأوجد أسباباً له، وعلى الإنسان الأخذ بالأسباب، والتوكّل على الله، من أجل تحصيله، حيث قال الله تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ*فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُون)،[٣] وقد شرع الله وبيّن للإنسان مفاتيحاً جالبةً للرزق، وفيما يأتي بيان بعضها:[١][٤][٥][٦]
- الاستغفار والتوبة إلى الله: حيث إنّ التوبة من الذنب، والرجوع إلى الله تعالى، والتزام الاستغفار، أمورٌ جالبةٌ للرزق، فبالتوبة والاستغفار يبارك الله في الأرزاق، ويزيدها، ويصلح الأحوال.
- الصدقة والإنفاق: إنّ إنفاق المال، وبذله في الصدقات، يعود على الإنسان بمنافعٍ عديدةٍ، فيدفع الله عنه البلاء، ويبارك له في رزقه، فالصدقة تفرّج الكروب، وتيسّر الأمور.
- صلة الأرحام: وعد الله -تعالى- من يصل رحمه بأن يُطيل في عمره، ويوسّع عليه في رزقه، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (مَن سرَّهُ أن يُبسطَ لَه في رزقِهِ، وأن يُنسَأَ لَه في أثرِهِ، فليَصِلْ رَحِمَهُ).[٧]
- تقوى الله تعالى: وتكون تقوى الله بطاعته، والعمل على اجتناب معاصيه، ومن يتّق الله يجعل له مخرجاً، من كلّ ضيقٍ، أو كربٍ، ويرزقه من حيث لا يحتسب، أو يتوقّع، أو ينتظر.
- شكر النعم: على الإنسان أن يكون دائم الشكر والحمد، و الثناء لله، وبالشكر تكون الزيادة، والبركة من الله تعالى.
- الدعاء: قدّر الله -تعالى- للإنسان رزقه، وأمره بأن يسعى ويدعو لتحصيل ذلك الرزق، فعلى الإنسان أن يدعو بالرزق الطيّب الواسع، وأن يبارك له فيه.
- الحجّ والعمرة: إذا خشي الإنسان على نفسه، من أن يفتقر إلى المال، فما عليه إلّا المداومة بين الحجّ والعمرة؛ فإنّهما ينفيان الفقر والذنوب.
- حسن التوكّل على الله تعالى: هناك فرقٌ بين التوكّل والتّواكل؛ فإنّ التوكل أخذٌ وعملٌ بالأسباب، ويقينٌ تامٌّ بأنّ الرزق سيصل للإنسان مهما حدث، أمّا التواكل فجلوسٌ بلا عملٍ، وانتظارٌ للرزق، باعتبار أنّ الله -تعالى- كتبه للإنسان، فإنّ التوكل على الله -تعالى- والأخذ بالأسباب لا التواكل مفتاحٌ وسببٌ للرزق.
- التبكير في طلب الرزق: حيث روي عن عبد الله بن عمر أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (بُورِكَ لأُمَّتِي في بُكورِها)،[٨] فعلى الإنسان أن يسعى منذ الصباح لتحصيل رزقه؛ لحصول البركة في ذلك الوقت، كما ورد في الحديث الشريف.
قلة البركة في الرزق
المال الكثير، وقلّة البركة، أمران مجتمعان عند كثيرٍ من الناس، فبعض الناس يتقاضون رواتب عاليةً، ولديهم تجارة واسعة، ويعيشون في بيوتٍ فارهةٍ، ويركبون سياراتٍ فخمةٍ، ومع ذلك فإنّهم لا يجدون بركةً فيما يملكون، حيث إنّ البركة خيرٌ من الله، يؤتيها من يشاء من عباده، وعندما تحلّ على شيءٍ قليلٍ، تجعله كثيراً، وإن حلّت على شيءٍ صغيرٍ، يصبح بها كبيراً، فبالبركة يزداد المال وإن قلّ، وكما أنّ للرزق مفاتيحٌ وأبوابٌ، فإنّ لقلة البركة في الرزق أسبابٌ، وفيما يأتي بيان بعضها:[٩]
- الابتعاد عن تقوى الله تعالى، في حياة الإنسان، فإنّ بذهاب التقوى، تذهب البركة من الرزق.
- عدم الإلحاح على الله -تعالى- بالدعاء، والانشغال عنه.
- عقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، سببان لضيق العيش، وقلّة الرزق.
- عدم الإنفاق والتصدّق على المحتاجين، والمكروبين.
- التكاسل، وعدم الذهاب للعمل.
- قلّة التوكّل على الله تعالى.
وإنّ الرزق وإن كان قليلٌ ومشكورٌ، فإنّه خيرٌ من رزقٍ كثيرٍ، يطغي الإنسان وينسيه شكر الله تعالى، والرزق نوعان: رزقٌ يطلب بالسعي، والعمل، وذلك من عدل الله بالعباد، ورزقٌ يأتي رغم ضعف الإنسان، ودون طلبه، وهو كذلك فضلٌ من الله للعباد.[٤]
المراجع
- ^ أ ب حسام العيسوي إبراهيم (2013-2-13)، “قضية الرزق وكيف نظر الإسلام إليها؟”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-4. بتصرّف.
- ↑ “لفظ (الرزق) في القرآن الكريم”، www.islamweb.net، 2011-10-13، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-4. بتصرّف.
- ↑ سورة الذاريات، آية: 22،23.
- ^ أ ب أمير بن محمد المدري، “من رسائل الإيمان (29) مفاتيح الرزق وأسبابه”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-4. بتصرّف.
- ↑ عبدالرحمن بن عبدالله الطريف، “الرزق و الأسباب الجالبة له”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-4. بتصرّف.
- ↑ الشيخ عبد الله بن جار الله آل جار الله (2009-7-22)، “من أسباب الرزق”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-4. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5985، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمر و أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2841، صحيح.
- ↑ د. خالد الحسن، “أسباب قلة البركة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-4. بتصرّف.