أسباب سعة الرزق

أسباب سعة الرزق

ضمِن الله لعباده أرزاقهم إلى انتهاء آجالهم، فقال -تعالى-: (وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّـهِ رِزقُها وَيَعلَمُ مُستَقَرَّها وَمُستَودَعَها كُلٌّ في كِتابٍ مُبينٍ)،[١] فأوصاهم بالتوكّل عليه والقناعة بما كتبه لهم، فقال -صلّى الله عليه وسلّم-: (انْظُرُوا إلى مَن أسْفَلَ مِنكُمْ، ولا تَنْظُرُوا إلى مَن هو فَوْقَكُمْ)،[٢] فالعبد يسعى لرزقه ثمّ يتوكل على خالقه، راضياً بما قسمه الله له.[٣]

التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب

}

الاستغفار والتوبة

إنّ من أعظم الأسباب التي تجلب الرّزق اجتناب الذنوب والمعاصي؛ لانّها تحرم مُرتكبها من الخير في الدنيا والآخرة، قال -تعالى-: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)،[٦] فما يرتكبه العبد من الذنوبِ تكون حائلاً بينه وبين رزقه، ثمّ التوبة إلى الله منها.[٧]

والاستغفار سبباً عظيماً لجلب الرّزق، فقال -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).[٨][٧]

تقوى الله تعالى

يضمّ مفهوم التقوى اجتناب كلّ ما نهى الله عنه، والابتعاد عنه خوفاً من الوقوع في سخطِ الله وعذابه، وحماية النفس من الوقوع فيما يُسبّب لها العذاب؛ بمنع الجوارح عن ارتكاب المحرّمات، فيمنع بصره وسمعه ويده وقدمه من اقتراف ما حرّم الله.[٩]

مقالات ذات صلة

لذلك جعل الله التقوى وصيته للخلق من الأولين والآخرين ومنهم الأنبياء، فقال -تعالى-: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّـهَ)،[١٠] ووصّى بالتقوى كذلك سيدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم-.[٩]

ووعد -سبحانه وتعالى- عباده المتّقين بأن يجعل لهم من كلِّ ضيقٍ مخرجاً، ومن كل همٍّ فرجاً، ويُوسّع عليهم في الرّزق من حيث لا يحتسبون ولا يأملون من الخير والعطاء، فقال -تعالى-: (وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).[١١][٩]

الإنفاق في سبيل الله

يُعدّ الإنفاق في سبيل الله، باباً عظيماً من أبواب الرّزق وسعته، وله مجالات عديدة وميادين كثيرة؛ فمنه الإنفاق على الفقراء والمساكين ومساعدتهم، والإنفاق لنصرة دين الله، فما أنفق العبد شيئاً في مجال ممّا أباحه الله يريد به وجهه، إلّا أعطاه الله خيره في الدنيا وفتح عليه أبواب الرزق.[١٢]

وله في الآخرة الجزاء العظيم على ذلك، تحقيقاً لقول الله -تعالى-: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)،[١٣] فالصدقة سبب لحصول البركة فيما بقي من المال، والزيادة عليه.[١٢]

ومن ذلك ما فعلته إحدى زوجات رسول الله -رضيَ الله عنها- حينما قامت بذبح شاة، ثمّ وزعتها على الفقراء وأبقت منها الذراع، فسألها رسول الله عن الشاة فقالت: ذهبت كلّها، وبقي الذراع، فقال رسول الله: بل بقيت كلّها وذهب الذراع، وقد أراد رسول الله أن يُوضّح لها أنّ أجر ما قامت بتوزيعه باقٍ بالأجر والثواب.[١٢]

صلة الرحم

من أفضل الطاعات التي يتقرّب بها العبد إلى الله صلة الرّحم؛ لما لها من فضلٍ عظيمٍ في حصول البركة في العمرِ والرزق، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)،[١٤] فإن صلة الرحم سبباً لتوفيق الله لعبده.[١٥]

وأيضاً فتح أبواب الرزق أمامه، فعلى المسلم أن يُخصّص وقتاً لزيارة رحمه، والاطمئنان عليهم، والجلوس معهم وتبادل أطراف الحديث، فالرّحم أولى النّاس بالصّلة والعناية والرحمة، قال -تعالى-: (وَأُولُو الأَرحامِ بَعضُهُم أَولى بِبَعضٍ في كِتابِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ).[١٦][١٥]

المراجع

  1. سورة هود، آية:6
  2. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:2963، صحيح .
  3. عبد المحسن القاسم (1427)، خطوات إلى السعادة (الطبعة 4)، صفحة 29. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين ، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (الطبعة 4)، جدة :دار الوسيلة ، صفحة 1378، جزء 4. بتصرّف.
  5. أبو فيصل البدراني ، معالم الطريق إلى الله، صفحة 62. بتصرّف.
  6. سورة الشورى، آية:30
  7. ^ أ ب عبد الملك بن قاسم ، الرزق أبوابه ومفاتحه، صفحة 11. بتصرّف.
  8. سورة نوح، آية:10-12
  9. ^ أ ب ت محمد المقدم ، دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم، صفحة 5، جزء 25. بتصرّف.
  10. سورة النساء، آية:131
  11. سورة الطلاق، آية:2-3
  12. ^ أ ب ت محمد المقدم ، دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم، صفحة 10، جزء 25. بتصرّف.
  13. سورة سبأ، آية:39
  14. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم:5986، صحيح .
  15. ^ أ ب عبد المحسن القاسم (1426)، خطوات إلى السعادة (الطبعة 4)، صفحة 35. بتصرّف.
  16. سورة الأنفال، آية:75

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

أعزائي الزوار، أعلم أن الإعلانات قد تزعجكم، لكنها تدعمنا لتقديم المحتوى مجانًا. إيقاف مانع الإعلانات يساعدنا كثيرًا. شكرًا لتفهمكم!
Dear visitors, I know ads can be annoying, but they keep our content free. Disabling your ad blocker helps us a lot. Thanks for understanding!