اسئلة دينية

كيف أبتعد عن المعاصي

أوّل معصيةٍ

تُعدّ المعاصي والذّنوب من أدران النّفس وآفاتها، وأوّل معصيةٍ كانت على الإطلاق هي معصية إبليسَ لعنه الله، عندما أمره الله سبحانه وتعالى بالسّجود لآدمَ الذي خلقه بيديه من ترابٍ، فتكبَّر إبليس ورفض أمر الله عزَّ وجلّ، فاستحقّ مقابل تلك المعصية اللّعنةَ والطّرد من الجنّة بعد أن كان من مُقرّبي الجنّ، قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ*فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ*إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ*قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ*قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ*قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ*وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ)،[١] فكانت أوّل معصيةٍ يُعصى بها الله سبحانه وتعالى عائدةً إلى الكِبر.

عندما طُرِد إبليس من الجنّة، وأصبح معلوناً مُبعَداً من رحمة الله، في حين أصبح آدم مُقرَّباً من أهل الجنّة، يتنعّم بنعيمها هو وزوجُه، حينها نظر إليهم إبليس نظرة الحقد والحسد والحنَق، وطلب من الله سبحانه وتعالى أن يُبقيَه حيّاً إلى يوم الدّين، وكان له ما طلب، قال تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ*قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ*إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ*قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ*إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)،[٢]

منذُ ذلك الوقت وحتّى يومنا هذا وإلى يوم القيامة وإبليس يحاول إغواء عباد الله؛ حتّى يبتعدوا عن طريق الله عزّ وجلّ، ويصلوا إلى ما وصل إليه من الطّرد واللعن، وقد ابتدأ بآدم عليه الصّلاة والسّلام؛ حيث أغواه ليعصيَ الله بما أمره أن ينتهيَ عنه، وهو الأكل من الشّجرة، وأوهمه هو وزوجه حوّاء أنّ في أكلهما من تلك الشّجرة خلدَهما وبقاءَهما، حتّى أكلا منها، فعاقبهما الله بأن أنزلهما من الجنّة إلى الأرض، ومن فضل الله على عباده أن شرع لمن يعصيه ثمَّ يندم على ذلك أفعالاً تُكفِّر عن تلك المعاصي، وهيّأ كذلك أسباباً تُبعد المسلم عن المعاصي وإطاعة إبليس،

كيفيّة الابتعاد عن المعاصي والآثام

إذا أراد المسلم الكفَّ عن معصيةٍ دام عليها طويلاً، وعزم على ذلك، فإنّ الله سبحانه وتعالى سيوفّقه لذلك إن كانت نِيّته خالصةً لوجه الله، وكذلك من أراد الابتعاد عن المعاصي قبل الخوض فيها، فإنّ ذلك من خير الأعمال وأفضلها، قال تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)،[٣] ومن يسعى لذلك ويقصده فلن يجدَه سهلاً يسيراً، بل هو من أصعب ما يمرُّ على العبد؛ لأنّه يحارب شهواتِ نفسه وملذّاتِ الدّنيا، في حين يسعى الشّيطان لإغوائِه بشتّى الوسائل والطُّرق، وحتّى يصبر على ذلك فلا بدّ له من الاستعانة ببعض الأمور، ومنها:[٤]

  • الاستعانة بالله عزَّ وجلّ، والتّوكل عليه، والتضرّع إليه بأن ينزع من قلبه حبّ الشّهوات والمعاصي والملذّات، قال تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).[٥]
  • سؤال الله سبحانه وتعالى أن يثبّته على الإسلام؛ فإنّ قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه تعالى، يقلّبهما كيفما شاء، فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن قلبٍ إلَّا بَيْنَ إصبَعَيْنِ مِن أصابعِ الرَّحمنِ إنْ شاء أقامه وإنْ شاء أزاغه)، قال: وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: (يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قلوبَنا على دِينِكَ)، وقال: (والميزانُ بيدِ الرَّحمنِ يرفَعُ قومًا ويخفِضُ آخَرينَ إلى يومِ القيامةِ).[٦]
  • المُداومة على الفرائض والمأمورات، وخاصّةً الصّلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة؛ فإنّها تمنع من الوقوع فيما لا يرضي الله؛ حيث قال سبحانه وتعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).[٧]
  • استحضار ضرر المعصية وسوء عاقبتها في الدّين والدّنيا والآخرة؛ فذلك يجعل العبد أشدَّ تمسُّكاً بالطّاعة، وأكثر بُعداً عن المعاصي، يقول ابن القيّم: (وإن كنت على شكٍّ، فراجعْ آياتِ الربّ تعالى الدّالة على وجوده، وقدرته، ومشيئته، ووحدانيّته، وصدق رسله فيما أخبروا به عنه، وتجرَّدْ، وقُمْ لله ناظراً أو مُناظراً حتى يتبيّن لك أن ما جاءت به الرّسل عن الله فهو الحقّ الذي لا شكّ فيه).[٨]
  • اتّخاذ رفقةٍ صالحةٍ تُعينه على الخير إذا عزم عليه، وتُذكّره إن غَفِل عنه، ويجب عليه كذلك الابتعاد عن رفاق السّوء؛ فالمرء يُعرف بخلّانه، فقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: (المرءُ على دينِ خليلِه، فلينظُرْ أحدُكم من يَخالُّ).[٩]
  • الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبُّر آياته؛ فهو أعظم شفاءٍ لأدواء القلب، وأهمّ سبيلٍ للبُعد عن المعاصي.

التّوبة عن المعاصي عند الوقوع فيها

شروط التّوبة

إذا أذنب العبد، ثمّ ندم على معصيته، وعزم على ألّا يرجع إليها، فإنّه يكون بذلك تائباً عنها، فإن كان صادقاً قُبِلت توبتُه، وقد وضع العلماء عدداً من الشروط التي يجب توفّرها في التوبة الصّادقة، معتمدين في ذلك على النّصوص الصّحيحة، ومن تلك الشّروط ما يأتي:[١٠]

  • أن يندم على ما فعل من ذنوبٍ وآثامٍ ومعاصٍ.
  • أن يعزم على ألّا يعود إلى المعصية التي ارتكبها.
  • أن يُقلع عن المعصية في الحال.
  • أن يردّ الحقّ إلى صاحبه إن كانت المعصية التي ارتكبها فيها حقٌّ لآدميّ؛ حتى تُقبل توبته.

وللتّوبة من الذّنوب إن كانت بين العبد وربّه عزَّ وجلّ خمسة شروطٍ، هي:[١١]

  • إخلاص التّوبة لله جلَّ وعلا.
  • وقوع التّوبة في وقتها المقبول، فلا تُقبل التوبة لمن تاب بعد أن تطلع الشمس من المغرب مثلاً، أو لمن تاب؛ ليهرب من العقاب الدنيويّ، أو أن يتوب الرجل في الغرغرة قبل الموت؛ فراراً من العقاب، كما حصل مع فرعون.
  • الإقلاع عن الذّنوب والمعاصي.
  • النّدم على ما ارتكبه من معاصٍ وآثامٍ.
  • عدم العودة إلى المعصية مرّةً أخرى.

شروط التوبة النّصوح

إن فُقد أحد تلك الشّروط التي ذُكِرت فإنّ التوبة لم تصحّ، ولم تُقبَل، أمّا إن كان للذّنب بحقّ أحد البشر فيُشترَط بالإضافة إلى ما ذُكر أن يعيد المُذنب الحقّ إلى صاحبه، أو يبرأ منه بالمسامحة إن كان حقّاً معنويّاً، والتوبة النّصوح تستوجب ثلاثة أمور، هي: التوبة من الذنوب والمعاصي جميعها التي ارتكبها في حياته دون استثناء شيءٍ منها، والعزم على التوبة صادقاً، وأن تكون التوبة خالصةً لله جلّ وعلا،[١١] حيث قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).[١٢]

المراجع

  1. سورة ص، آية: 71-78.
  2. سورة ص، آية: 79-83.
  3. سورة النور، آية: 51-52.
  4. “نصائح للبعد عن المعاصي”، إسلام ويب، 31/10/2013، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2016.
  5. سورة آل عمران، آية: 186.
  6. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن النواس بن سمعان، الصفحة أو الرقم: 943، صحيح.
  7. سورة العنكبوت، آية: 45.
  8. أبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (1429)، الداء والدواء (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: دار عالم الفوائد، صفحة 81-82.
  9. رواه ابن عساكر، في معجم الشيوخ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/1220، حسن غريب.
  10. أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان، الأسئلة والأجوبة الفقهية، صفحة 87، جزء 6. بتصرّف.
  11. ^ أ ب محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: بيت الأفكار الدولية، صفحة 537، جزء 5. بتصرّف.
  12. سورة التحريم، آية: 8.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

أوّل معصيةٍ

تُعدّ المعاصي والذّنوب من أدران النّفس وآفاتها، وأوّل معصيةٍ كانت على الإطلاق هي معصية إبليسَ لعنه الله، عندما أمره الله سبحانه وتعالى بالسّجود لآدمَ الذي خلقه بيديه من ترابٍ، فتكبَّر إبليس ورفض أمر الله عزَّ وجلّ، فاستحقّ مقابل تلك المعصية اللّعنةَ والطّرد من الجنّة بعد أن كان من مُقرّبي الجنّ، قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ*فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ*إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ*قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ*قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ*قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ*وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ)،[١] فكانت أوّل معصيةٍ يُعصى بها الله سبحانه وتعالى عائدةً إلى الكِبر.

عندما طُرِد إبليس من الجنّة، وأصبح معلوناً مُبعَداً من رحمة الله، في حين أصبح آدم مُقرَّباً من أهل الجنّة، يتنعّم بنعيمها هو وزوجُه، حينها نظر إليهم إبليس نظرة الحقد والحسد والحنَق، وطلب من الله سبحانه وتعالى أن يُبقيَه حيّاً إلى يوم الدّين، وكان له ما طلب، قال تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ*قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ*إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ*قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ*إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)،[٢]

منذُ ذلك الوقت وحتّى يومنا هذا وإلى يوم القيامة وإبليس يحاول إغواء عباد الله؛ حتّى يبتعدوا عن طريق الله عزّ وجلّ، ويصلوا إلى ما وصل إليه من الطّرد واللعن، وقد ابتدأ بآدم عليه الصّلاة والسّلام؛ حيث أغواه ليعصيَ الله بما أمره أن ينتهيَ عنه، وهو الأكل من الشّجرة، وأوهمه هو وزوجه حوّاء أنّ في أكلهما من تلك الشّجرة خلدَهما وبقاءَهما، حتّى أكلا منها، فعاقبهما الله بأن أنزلهما من الجنّة إلى الأرض، ومن فضل الله على عباده أن شرع لمن يعصيه ثمَّ يندم على ذلك أفعالاً تُكفِّر عن تلك المعاصي، وهيّأ كذلك أسباباً تُبعد المسلم عن المعاصي وإطاعة إبليس،

كيفيّة الابتعاد عن المعاصي والآثام

إذا أراد المسلم الكفَّ عن معصيةٍ دام عليها طويلاً، وعزم على ذلك، فإنّ الله سبحانه وتعالى سيوفّقه لذلك إن كانت نِيّته خالصةً لوجه الله، وكذلك من أراد الابتعاد عن المعاصي قبل الخوض فيها، فإنّ ذلك من خير الأعمال وأفضلها، قال تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)،[٣] ومن يسعى لذلك ويقصده فلن يجدَه سهلاً يسيراً، بل هو من أصعب ما يمرُّ على العبد؛ لأنّه يحارب شهواتِ نفسه وملذّاتِ الدّنيا، في حين يسعى الشّيطان لإغوائِه بشتّى الوسائل والطُّرق، وحتّى يصبر على ذلك فلا بدّ له من الاستعانة ببعض الأمور، ومنها:[٤]

  • الاستعانة بالله عزَّ وجلّ، والتّوكل عليه، والتضرّع إليه بأن ينزع من قلبه حبّ الشّهوات والمعاصي والملذّات، قال تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).[٥]
  • سؤال الله سبحانه وتعالى أن يثبّته على الإسلام؛ فإنّ قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه تعالى، يقلّبهما كيفما شاء، فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن قلبٍ إلَّا بَيْنَ إصبَعَيْنِ مِن أصابعِ الرَّحمنِ إنْ شاء أقامه وإنْ شاء أزاغه)، قال: وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: (يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قلوبَنا على دِينِكَ)، وقال: (والميزانُ بيدِ الرَّحمنِ يرفَعُ قومًا ويخفِضُ آخَرينَ إلى يومِ القيامةِ).[٦]
  • المُداومة على الفرائض والمأمورات، وخاصّةً الصّلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة؛ فإنّها تمنع من الوقوع فيما لا يرضي الله؛ حيث قال سبحانه وتعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).[٧]
  • استحضار ضرر المعصية وسوء عاقبتها في الدّين والدّنيا والآخرة؛ فذلك يجعل العبد أشدَّ تمسُّكاً بالطّاعة، وأكثر بُعداً عن المعاصي، يقول ابن القيّم: (وإن كنت على شكٍّ، فراجعْ آياتِ الربّ تعالى الدّالة على وجوده، وقدرته، ومشيئته، ووحدانيّته، وصدق رسله فيما أخبروا به عنه، وتجرَّدْ، وقُمْ لله ناظراً أو مُناظراً حتى يتبيّن لك أن ما جاءت به الرّسل عن الله فهو الحقّ الذي لا شكّ فيه).[٨]
  • اتّخاذ رفقةٍ صالحةٍ تُعينه على الخير إذا عزم عليه، وتُذكّره إن غَفِل عنه، ويجب عليه كذلك الابتعاد عن رفاق السّوء؛ فالمرء يُعرف بخلّانه، فقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: (المرءُ على دينِ خليلِه، فلينظُرْ أحدُكم من يَخالُّ).[٩]
  • الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبُّر آياته؛ فهو أعظم شفاءٍ لأدواء القلب، وأهمّ سبيلٍ للبُعد عن المعاصي.

التّوبة عن المعاصي عند الوقوع فيها

شروط التّوبة

إذا أذنب العبد، ثمّ ندم على معصيته، وعزم على ألّا يرجع إليها، فإنّه يكون بذلك تائباً عنها، فإن كان صادقاً قُبِلت توبتُه، وقد وضع العلماء عدداً من الشروط التي يجب توفّرها في التوبة الصّادقة، معتمدين في ذلك على النّصوص الصّحيحة، ومن تلك الشّروط ما يأتي:[١٠]

  • أن يندم على ما فعل من ذنوبٍ وآثامٍ ومعاصٍ.
  • أن يعزم على ألّا يعود إلى المعصية التي ارتكبها.
  • أن يُقلع عن المعصية في الحال.
  • أن يردّ الحقّ إلى صاحبه إن كانت المعصية التي ارتكبها فيها حقٌّ لآدميّ؛ حتى تُقبل توبته.

وللتّوبة من الذّنوب إن كانت بين العبد وربّه عزَّ وجلّ خمسة شروطٍ، هي:[١١]

  • إخلاص التّوبة لله جلَّ وعلا.
  • وقوع التّوبة في وقتها المقبول، فلا تُقبل التوبة لمن تاب بعد أن تطلع الشمس من المغرب مثلاً، أو لمن تاب؛ ليهرب من العقاب الدنيويّ، أو أن يتوب الرجل في الغرغرة قبل الموت؛ فراراً من العقاب، كما حصل مع فرعون.
  • الإقلاع عن الذّنوب والمعاصي.
  • النّدم على ما ارتكبه من معاصٍ وآثامٍ.
  • عدم العودة إلى المعصية مرّةً أخرى.

شروط التوبة النّصوح

إن فُقد أحد تلك الشّروط التي ذُكِرت فإنّ التوبة لم تصحّ، ولم تُقبَل، أمّا إن كان للذّنب بحقّ أحد البشر فيُشترَط بالإضافة إلى ما ذُكر أن يعيد المُذنب الحقّ إلى صاحبه، أو يبرأ منه بالمسامحة إن كان حقّاً معنويّاً، والتوبة النّصوح تستوجب ثلاثة أمور، هي: التوبة من الذنوب والمعاصي جميعها التي ارتكبها في حياته دون استثناء شيءٍ منها، والعزم على التوبة صادقاً، وأن تكون التوبة خالصةً لله جلّ وعلا،[١١] حيث قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).[١٢]

المراجع

  1. سورة ص، آية: 71-78.
  2. سورة ص، آية: 79-83.
  3. سورة النور، آية: 51-52.
  4. “نصائح للبعد عن المعاصي”، إسلام ويب، 31/10/2013، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2016.
  5. سورة آل عمران، آية: 186.
  6. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن النواس بن سمعان، الصفحة أو الرقم: 943، صحيح.
  7. سورة العنكبوت، آية: 45.
  8. أبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (1429)، الداء والدواء (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: دار عالم الفوائد، صفحة 81-82.
  9. رواه ابن عساكر، في معجم الشيوخ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/1220، حسن غريب.
  10. أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان، الأسئلة والأجوبة الفقهية، صفحة 87، جزء 6. بتصرّف.
  11. ^ أ ب محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: بيت الأفكار الدولية، صفحة 537، جزء 5. بتصرّف.
  12. سورة التحريم، آية: 8.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

أوّل معصيةٍ

تُعدّ المعاصي والذّنوب من أدران النّفس وآفاتها، وأوّل معصيةٍ كانت على الإطلاق هي معصية إبليسَ لعنه الله، عندما أمره الله سبحانه وتعالى بالسّجود لآدمَ الذي خلقه بيديه من ترابٍ، فتكبَّر إبليس ورفض أمر الله عزَّ وجلّ، فاستحقّ مقابل تلك المعصية اللّعنةَ والطّرد من الجنّة بعد أن كان من مُقرّبي الجنّ، قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ*فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ*إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ*قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ*قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ*قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ*وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ)،[١] فكانت أوّل معصيةٍ يُعصى بها الله سبحانه وتعالى عائدةً إلى الكِبر.

عندما طُرِد إبليس من الجنّة، وأصبح معلوناً مُبعَداً من رحمة الله، في حين أصبح آدم مُقرَّباً من أهل الجنّة، يتنعّم بنعيمها هو وزوجُه، حينها نظر إليهم إبليس نظرة الحقد والحسد والحنَق، وطلب من الله سبحانه وتعالى أن يُبقيَه حيّاً إلى يوم الدّين، وكان له ما طلب، قال تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ*قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ*إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ*قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ*إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)،[٢]

منذُ ذلك الوقت وحتّى يومنا هذا وإلى يوم القيامة وإبليس يحاول إغواء عباد الله؛ حتّى يبتعدوا عن طريق الله عزّ وجلّ، ويصلوا إلى ما وصل إليه من الطّرد واللعن، وقد ابتدأ بآدم عليه الصّلاة والسّلام؛ حيث أغواه ليعصيَ الله بما أمره أن ينتهيَ عنه، وهو الأكل من الشّجرة، وأوهمه هو وزوجه حوّاء أنّ في أكلهما من تلك الشّجرة خلدَهما وبقاءَهما، حتّى أكلا منها، فعاقبهما الله بأن أنزلهما من الجنّة إلى الأرض، ومن فضل الله على عباده أن شرع لمن يعصيه ثمَّ يندم على ذلك أفعالاً تُكفِّر عن تلك المعاصي، وهيّأ كذلك أسباباً تُبعد المسلم عن المعاصي وإطاعة إبليس،

كيفيّة الابتعاد عن المعاصي والآثام

إذا أراد المسلم الكفَّ عن معصيةٍ دام عليها طويلاً، وعزم على ذلك، فإنّ الله سبحانه وتعالى سيوفّقه لذلك إن كانت نِيّته خالصةً لوجه الله، وكذلك من أراد الابتعاد عن المعاصي قبل الخوض فيها، فإنّ ذلك من خير الأعمال وأفضلها، قال تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)،[٣] ومن يسعى لذلك ويقصده فلن يجدَه سهلاً يسيراً، بل هو من أصعب ما يمرُّ على العبد؛ لأنّه يحارب شهواتِ نفسه وملذّاتِ الدّنيا، في حين يسعى الشّيطان لإغوائِه بشتّى الوسائل والطُّرق، وحتّى يصبر على ذلك فلا بدّ له من الاستعانة ببعض الأمور، ومنها:[٤]

  • الاستعانة بالله عزَّ وجلّ، والتّوكل عليه، والتضرّع إليه بأن ينزع من قلبه حبّ الشّهوات والمعاصي والملذّات، قال تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).[٥]
  • سؤال الله سبحانه وتعالى أن يثبّته على الإسلام؛ فإنّ قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه تعالى، يقلّبهما كيفما شاء، فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن قلبٍ إلَّا بَيْنَ إصبَعَيْنِ مِن أصابعِ الرَّحمنِ إنْ شاء أقامه وإنْ شاء أزاغه)، قال: وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: (يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قلوبَنا على دِينِكَ)، وقال: (والميزانُ بيدِ الرَّحمنِ يرفَعُ قومًا ويخفِضُ آخَرينَ إلى يومِ القيامةِ).[٦]
  • المُداومة على الفرائض والمأمورات، وخاصّةً الصّلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة؛ فإنّها تمنع من الوقوع فيما لا يرضي الله؛ حيث قال سبحانه وتعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).[٧]
  • استحضار ضرر المعصية وسوء عاقبتها في الدّين والدّنيا والآخرة؛ فذلك يجعل العبد أشدَّ تمسُّكاً بالطّاعة، وأكثر بُعداً عن المعاصي، يقول ابن القيّم: (وإن كنت على شكٍّ، فراجعْ آياتِ الربّ تعالى الدّالة على وجوده، وقدرته، ومشيئته، ووحدانيّته، وصدق رسله فيما أخبروا به عنه، وتجرَّدْ، وقُمْ لله ناظراً أو مُناظراً حتى يتبيّن لك أن ما جاءت به الرّسل عن الله فهو الحقّ الذي لا شكّ فيه).[٨]
  • اتّخاذ رفقةٍ صالحةٍ تُعينه على الخير إذا عزم عليه، وتُذكّره إن غَفِل عنه، ويجب عليه كذلك الابتعاد عن رفاق السّوء؛ فالمرء يُعرف بخلّانه، فقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: (المرءُ على دينِ خليلِه، فلينظُرْ أحدُكم من يَخالُّ).[٩]
  • الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبُّر آياته؛ فهو أعظم شفاءٍ لأدواء القلب، وأهمّ سبيلٍ للبُعد عن المعاصي.

التّوبة عن المعاصي عند الوقوع فيها

شروط التّوبة

إذا أذنب العبد، ثمّ ندم على معصيته، وعزم على ألّا يرجع إليها، فإنّه يكون بذلك تائباً عنها، فإن كان صادقاً قُبِلت توبتُه، وقد وضع العلماء عدداً من الشروط التي يجب توفّرها في التوبة الصّادقة، معتمدين في ذلك على النّصوص الصّحيحة، ومن تلك الشّروط ما يأتي:[١٠]

  • أن يندم على ما فعل من ذنوبٍ وآثامٍ ومعاصٍ.
  • أن يعزم على ألّا يعود إلى المعصية التي ارتكبها.
  • أن يُقلع عن المعصية في الحال.
  • أن يردّ الحقّ إلى صاحبه إن كانت المعصية التي ارتكبها فيها حقٌّ لآدميّ؛ حتى تُقبل توبته.

وللتّوبة من الذّنوب إن كانت بين العبد وربّه عزَّ وجلّ خمسة شروطٍ، هي:[١١]

  • إخلاص التّوبة لله جلَّ وعلا.
  • وقوع التّوبة في وقتها المقبول، فلا تُقبل التوبة لمن تاب بعد أن تطلع الشمس من المغرب مثلاً، أو لمن تاب؛ ليهرب من العقاب الدنيويّ، أو أن يتوب الرجل في الغرغرة قبل الموت؛ فراراً من العقاب، كما حصل مع فرعون.
  • الإقلاع عن الذّنوب والمعاصي.
  • النّدم على ما ارتكبه من معاصٍ وآثامٍ.
  • عدم العودة إلى المعصية مرّةً أخرى.

شروط التوبة النّصوح

إن فُقد أحد تلك الشّروط التي ذُكِرت فإنّ التوبة لم تصحّ، ولم تُقبَل، أمّا إن كان للذّنب بحقّ أحد البشر فيُشترَط بالإضافة إلى ما ذُكر أن يعيد المُذنب الحقّ إلى صاحبه، أو يبرأ منه بالمسامحة إن كان حقّاً معنويّاً، والتوبة النّصوح تستوجب ثلاثة أمور، هي: التوبة من الذنوب والمعاصي جميعها التي ارتكبها في حياته دون استثناء شيءٍ منها، والعزم على التوبة صادقاً، وأن تكون التوبة خالصةً لله جلّ وعلا،[١١] حيث قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).[١٢]

المراجع

  1. سورة ص، آية: 71-78.
  2. سورة ص، آية: 79-83.
  3. سورة النور، آية: 51-52.
  4. “نصائح للبعد عن المعاصي”، إسلام ويب، 31/10/2013، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2016.
  5. سورة آل عمران، آية: 186.
  6. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن النواس بن سمعان، الصفحة أو الرقم: 943، صحيح.
  7. سورة العنكبوت، آية: 45.
  8. أبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (1429)، الداء والدواء (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: دار عالم الفوائد، صفحة 81-82.
  9. رواه ابن عساكر، في معجم الشيوخ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/1220، حسن غريب.
  10. أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان، الأسئلة والأجوبة الفقهية، صفحة 87، جزء 6. بتصرّف.
  11. ^ أ ب محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: بيت الأفكار الدولية، صفحة 537، جزء 5. بتصرّف.
  12. سورة التحريم، آية: 8.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

أوّل معصيةٍ

تُعدّ المعاصي والذّنوب من أدران النّفس وآفاتها، وأوّل معصيةٍ كانت على الإطلاق هي معصية إبليسَ لعنه الله، عندما أمره الله سبحانه وتعالى بالسّجود لآدمَ الذي خلقه بيديه من ترابٍ، فتكبَّر إبليس ورفض أمر الله عزَّ وجلّ، فاستحقّ مقابل تلك المعصية اللّعنةَ والطّرد من الجنّة بعد أن كان من مُقرّبي الجنّ، قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ*فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ*إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ*قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ*قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ*قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ*وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ)،[١] فكانت أوّل معصيةٍ يُعصى بها الله سبحانه وتعالى عائدةً إلى الكِبر.

عندما طُرِد إبليس من الجنّة، وأصبح معلوناً مُبعَداً من رحمة الله، في حين أصبح آدم مُقرَّباً من أهل الجنّة، يتنعّم بنعيمها هو وزوجُه، حينها نظر إليهم إبليس نظرة الحقد والحسد والحنَق، وطلب من الله سبحانه وتعالى أن يُبقيَه حيّاً إلى يوم الدّين، وكان له ما طلب، قال تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ*قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ*إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ*قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ*إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)،[٢]

منذُ ذلك الوقت وحتّى يومنا هذا وإلى يوم القيامة وإبليس يحاول إغواء عباد الله؛ حتّى يبتعدوا عن طريق الله عزّ وجلّ، ويصلوا إلى ما وصل إليه من الطّرد واللعن، وقد ابتدأ بآدم عليه الصّلاة والسّلام؛ حيث أغواه ليعصيَ الله بما أمره أن ينتهيَ عنه، وهو الأكل من الشّجرة، وأوهمه هو وزوجه حوّاء أنّ في أكلهما من تلك الشّجرة خلدَهما وبقاءَهما، حتّى أكلا منها، فعاقبهما الله بأن أنزلهما من الجنّة إلى الأرض، ومن فضل الله على عباده أن شرع لمن يعصيه ثمَّ يندم على ذلك أفعالاً تُكفِّر عن تلك المعاصي، وهيّأ كذلك أسباباً تُبعد المسلم عن المعاصي وإطاعة إبليس،

كيفيّة الابتعاد عن المعاصي والآثام

إذا أراد المسلم الكفَّ عن معصيةٍ دام عليها طويلاً، وعزم على ذلك، فإنّ الله سبحانه وتعالى سيوفّقه لذلك إن كانت نِيّته خالصةً لوجه الله، وكذلك من أراد الابتعاد عن المعاصي قبل الخوض فيها، فإنّ ذلك من خير الأعمال وأفضلها، قال تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)،[٣] ومن يسعى لذلك ويقصده فلن يجدَه سهلاً يسيراً، بل هو من أصعب ما يمرُّ على العبد؛ لأنّه يحارب شهواتِ نفسه وملذّاتِ الدّنيا، في حين يسعى الشّيطان لإغوائِه بشتّى الوسائل والطُّرق، وحتّى يصبر على ذلك فلا بدّ له من الاستعانة ببعض الأمور، ومنها:[٤]

  • الاستعانة بالله عزَّ وجلّ، والتّوكل عليه، والتضرّع إليه بأن ينزع من قلبه حبّ الشّهوات والمعاصي والملذّات، قال تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).[٥]
  • سؤال الله سبحانه وتعالى أن يثبّته على الإسلام؛ فإنّ قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه تعالى، يقلّبهما كيفما شاء، فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن قلبٍ إلَّا بَيْنَ إصبَعَيْنِ مِن أصابعِ الرَّحمنِ إنْ شاء أقامه وإنْ شاء أزاغه)، قال: وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: (يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قلوبَنا على دِينِكَ)، وقال: (والميزانُ بيدِ الرَّحمنِ يرفَعُ قومًا ويخفِضُ آخَرينَ إلى يومِ القيامةِ).[٦]
  • المُداومة على الفرائض والمأمورات، وخاصّةً الصّلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة؛ فإنّها تمنع من الوقوع فيما لا يرضي الله؛ حيث قال سبحانه وتعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).[٧]
  • استحضار ضرر المعصية وسوء عاقبتها في الدّين والدّنيا والآخرة؛ فذلك يجعل العبد أشدَّ تمسُّكاً بالطّاعة، وأكثر بُعداً عن المعاصي، يقول ابن القيّم: (وإن كنت على شكٍّ، فراجعْ آياتِ الربّ تعالى الدّالة على وجوده، وقدرته، ومشيئته، ووحدانيّته، وصدق رسله فيما أخبروا به عنه، وتجرَّدْ، وقُمْ لله ناظراً أو مُناظراً حتى يتبيّن لك أن ما جاءت به الرّسل عن الله فهو الحقّ الذي لا شكّ فيه).[٨]
  • اتّخاذ رفقةٍ صالحةٍ تُعينه على الخير إذا عزم عليه، وتُذكّره إن غَفِل عنه، ويجب عليه كذلك الابتعاد عن رفاق السّوء؛ فالمرء يُعرف بخلّانه، فقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: (المرءُ على دينِ خليلِه، فلينظُرْ أحدُكم من يَخالُّ).[٩]
  • الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبُّر آياته؛ فهو أعظم شفاءٍ لأدواء القلب، وأهمّ سبيلٍ للبُعد عن المعاصي.

التّوبة عن المعاصي عند الوقوع فيها

شروط التّوبة

إذا أذنب العبد، ثمّ ندم على معصيته، وعزم على ألّا يرجع إليها، فإنّه يكون بذلك تائباً عنها، فإن كان صادقاً قُبِلت توبتُه، وقد وضع العلماء عدداً من الشروط التي يجب توفّرها في التوبة الصّادقة، معتمدين في ذلك على النّصوص الصّحيحة، ومن تلك الشّروط ما يأتي:[١٠]

  • أن يندم على ما فعل من ذنوبٍ وآثامٍ ومعاصٍ.
  • أن يعزم على ألّا يعود إلى المعصية التي ارتكبها.
  • أن يُقلع عن المعصية في الحال.
  • أن يردّ الحقّ إلى صاحبه إن كانت المعصية التي ارتكبها فيها حقٌّ لآدميّ؛ حتى تُقبل توبته.

وللتّوبة من الذّنوب إن كانت بين العبد وربّه عزَّ وجلّ خمسة شروطٍ، هي:[١١]

  • إخلاص التّوبة لله جلَّ وعلا.
  • وقوع التّوبة في وقتها المقبول، فلا تُقبل التوبة لمن تاب بعد أن تطلع الشمس من المغرب مثلاً، أو لمن تاب؛ ليهرب من العقاب الدنيويّ، أو أن يتوب الرجل في الغرغرة قبل الموت؛ فراراً من العقاب، كما حصل مع فرعون.
  • الإقلاع عن الذّنوب والمعاصي.
  • النّدم على ما ارتكبه من معاصٍ وآثامٍ.
  • عدم العودة إلى المعصية مرّةً أخرى.

شروط التوبة النّصوح

إن فُقد أحد تلك الشّروط التي ذُكِرت فإنّ التوبة لم تصحّ، ولم تُقبَل، أمّا إن كان للذّنب بحقّ أحد البشر فيُشترَط بالإضافة إلى ما ذُكر أن يعيد المُذنب الحقّ إلى صاحبه، أو يبرأ منه بالمسامحة إن كان حقّاً معنويّاً، والتوبة النّصوح تستوجب ثلاثة أمور، هي: التوبة من الذنوب والمعاصي جميعها التي ارتكبها في حياته دون استثناء شيءٍ منها، والعزم على التوبة صادقاً، وأن تكون التوبة خالصةً لله جلّ وعلا،[١١] حيث قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).[١٢]

المراجع

  1. سورة ص، آية: 71-78.
  2. سورة ص، آية: 79-83.
  3. سورة النور، آية: 51-52.
  4. “نصائح للبعد عن المعاصي”، إسلام ويب، 31/10/2013، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2016.
  5. سورة آل عمران، آية: 186.
  6. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن النواس بن سمعان، الصفحة أو الرقم: 943، صحيح.
  7. سورة العنكبوت، آية: 45.
  8. أبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (1429)، الداء والدواء (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: دار عالم الفوائد، صفحة 81-82.
  9. رواه ابن عساكر، في معجم الشيوخ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/1220، حسن غريب.
  10. أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان، الأسئلة والأجوبة الفقهية، صفحة 87، جزء 6. بتصرّف.
  11. ^ أ ب محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: بيت الأفكار الدولية، صفحة 537، جزء 5. بتصرّف.
  12. سورة التحريم، آية: 8.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

أوّل معصيةٍ

تُعدّ المعاصي والذّنوب من أدران النّفس وآفاتها، وأوّل معصيةٍ كانت على الإطلاق هي معصية إبليسَ لعنه الله، عندما أمره الله سبحانه وتعالى بالسّجود لآدمَ الذي خلقه بيديه من ترابٍ، فتكبَّر إبليس ورفض أمر الله عزَّ وجلّ، فاستحقّ مقابل تلك المعصية اللّعنةَ والطّرد من الجنّة بعد أن كان من مُقرّبي الجنّ، قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ*فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ*إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ*قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ*قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ*قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ*وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ)،[١] فكانت أوّل معصيةٍ يُعصى بها الله سبحانه وتعالى عائدةً إلى الكِبر.

عندما طُرِد إبليس من الجنّة، وأصبح معلوناً مُبعَداً من رحمة الله، في حين أصبح آدم مُقرَّباً من أهل الجنّة، يتنعّم بنعيمها هو وزوجُه، حينها نظر إليهم إبليس نظرة الحقد والحسد والحنَق، وطلب من الله سبحانه وتعالى أن يُبقيَه حيّاً إلى يوم الدّين، وكان له ما طلب، قال تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ*قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ*إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ*قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ*إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)،[٢]

منذُ ذلك الوقت وحتّى يومنا هذا وإلى يوم القيامة وإبليس يحاول إغواء عباد الله؛ حتّى يبتعدوا عن طريق الله عزّ وجلّ، ويصلوا إلى ما وصل إليه من الطّرد واللعن، وقد ابتدأ بآدم عليه الصّلاة والسّلام؛ حيث أغواه ليعصيَ الله بما أمره أن ينتهيَ عنه، وهو الأكل من الشّجرة، وأوهمه هو وزوجه حوّاء أنّ في أكلهما من تلك الشّجرة خلدَهما وبقاءَهما، حتّى أكلا منها، فعاقبهما الله بأن أنزلهما من الجنّة إلى الأرض، ومن فضل الله على عباده أن شرع لمن يعصيه ثمَّ يندم على ذلك أفعالاً تُكفِّر عن تلك المعاصي، وهيّأ كذلك أسباباً تُبعد المسلم عن المعاصي وإطاعة إبليس،

كيفيّة الابتعاد عن المعاصي والآثام

إذا أراد المسلم الكفَّ عن معصيةٍ دام عليها طويلاً، وعزم على ذلك، فإنّ الله سبحانه وتعالى سيوفّقه لذلك إن كانت نِيّته خالصةً لوجه الله، وكذلك من أراد الابتعاد عن المعاصي قبل الخوض فيها، فإنّ ذلك من خير الأعمال وأفضلها، قال تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)،[٣] ومن يسعى لذلك ويقصده فلن يجدَه سهلاً يسيراً، بل هو من أصعب ما يمرُّ على العبد؛ لأنّه يحارب شهواتِ نفسه وملذّاتِ الدّنيا، في حين يسعى الشّيطان لإغوائِه بشتّى الوسائل والطُّرق، وحتّى يصبر على ذلك فلا بدّ له من الاستعانة ببعض الأمور، ومنها:[٤]

  • الاستعانة بالله عزَّ وجلّ، والتّوكل عليه، والتضرّع إليه بأن ينزع من قلبه حبّ الشّهوات والمعاصي والملذّات، قال تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).[٥]
  • سؤال الله سبحانه وتعالى أن يثبّته على الإسلام؛ فإنّ قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه تعالى، يقلّبهما كيفما شاء، فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن قلبٍ إلَّا بَيْنَ إصبَعَيْنِ مِن أصابعِ الرَّحمنِ إنْ شاء أقامه وإنْ شاء أزاغه)، قال: وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: (يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قلوبَنا على دِينِكَ)، وقال: (والميزانُ بيدِ الرَّحمنِ يرفَعُ قومًا ويخفِضُ آخَرينَ إلى يومِ القيامةِ).[٦]
  • المُداومة على الفرائض والمأمورات، وخاصّةً الصّلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة؛ فإنّها تمنع من الوقوع فيما لا يرضي الله؛ حيث قال سبحانه وتعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).[٧]
  • استحضار ضرر المعصية وسوء عاقبتها في الدّين والدّنيا والآخرة؛ فذلك يجعل العبد أشدَّ تمسُّكاً بالطّاعة، وأكثر بُعداً عن المعاصي، يقول ابن القيّم: (وإن كنت على شكٍّ، فراجعْ آياتِ الربّ تعالى الدّالة على وجوده، وقدرته، ومشيئته، ووحدانيّته، وصدق رسله فيما أخبروا به عنه، وتجرَّدْ، وقُمْ لله ناظراً أو مُناظراً حتى يتبيّن لك أن ما جاءت به الرّسل عن الله فهو الحقّ الذي لا شكّ فيه).[٨]
  • اتّخاذ رفقةٍ صالحةٍ تُعينه على الخير إذا عزم عليه، وتُذكّره إن غَفِل عنه، ويجب عليه كذلك الابتعاد عن رفاق السّوء؛ فالمرء يُعرف بخلّانه، فقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: (المرءُ على دينِ خليلِه، فلينظُرْ أحدُكم من يَخالُّ).[٩]
  • الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبُّر آياته؛ فهو أعظم شفاءٍ لأدواء القلب، وأهمّ سبيلٍ للبُعد عن المعاصي.

التّوبة عن المعاصي عند الوقوع فيها

شروط التّوبة

إذا أذنب العبد، ثمّ ندم على معصيته، وعزم على ألّا يرجع إليها، فإنّه يكون بذلك تائباً عنها، فإن كان صادقاً قُبِلت توبتُه، وقد وضع العلماء عدداً من الشروط التي يجب توفّرها في التوبة الصّادقة، معتمدين في ذلك على النّصوص الصّحيحة، ومن تلك الشّروط ما يأتي:[١٠]

  • أن يندم على ما فعل من ذنوبٍ وآثامٍ ومعاصٍ.
  • أن يعزم على ألّا يعود إلى المعصية التي ارتكبها.
  • أن يُقلع عن المعصية في الحال.
  • أن يردّ الحقّ إلى صاحبه إن كانت المعصية التي ارتكبها فيها حقٌّ لآدميّ؛ حتى تُقبل توبته.

وللتّوبة من الذّنوب إن كانت بين العبد وربّه عزَّ وجلّ خمسة شروطٍ، هي:[١١]

  • إخلاص التّوبة لله جلَّ وعلا.
  • وقوع التّوبة في وقتها المقبول، فلا تُقبل التوبة لمن تاب بعد أن تطلع الشمس من المغرب مثلاً، أو لمن تاب؛ ليهرب من العقاب الدنيويّ، أو أن يتوب الرجل في الغرغرة قبل الموت؛ فراراً من العقاب، كما حصل مع فرعون.
  • الإقلاع عن الذّنوب والمعاصي.
  • النّدم على ما ارتكبه من معاصٍ وآثامٍ.
  • عدم العودة إلى المعصية مرّةً أخرى.

شروط التوبة النّصوح

إن فُقد أحد تلك الشّروط التي ذُكِرت فإنّ التوبة لم تصحّ، ولم تُقبَل، أمّا إن كان للذّنب بحقّ أحد البشر فيُشترَط بالإضافة إلى ما ذُكر أن يعيد المُذنب الحقّ إلى صاحبه، أو يبرأ منه بالمسامحة إن كان حقّاً معنويّاً، والتوبة النّصوح تستوجب ثلاثة أمور، هي: التوبة من الذنوب والمعاصي جميعها التي ارتكبها في حياته دون استثناء شيءٍ منها، والعزم على التوبة صادقاً، وأن تكون التوبة خالصةً لله جلّ وعلا،[١١] حيث قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).[١٢]

المراجع

  1. سورة ص، آية: 71-78.
  2. سورة ص، آية: 79-83.
  3. سورة النور، آية: 51-52.
  4. “نصائح للبعد عن المعاصي”، إسلام ويب، 31/10/2013، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2016.
  5. سورة آل عمران، آية: 186.
  6. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن النواس بن سمعان، الصفحة أو الرقم: 943، صحيح.
  7. سورة العنكبوت، آية: 45.
  8. أبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (1429)، الداء والدواء (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: دار عالم الفوائد، صفحة 81-82.
  9. رواه ابن عساكر، في معجم الشيوخ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/1220، حسن غريب.
  10. أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان، الأسئلة والأجوبة الفقهية، صفحة 87، جزء 6. بتصرّف.
  11. ^ أ ب محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: بيت الأفكار الدولية، صفحة 537، جزء 5. بتصرّف.
  12. سورة التحريم، آية: 8.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

أوّل معصيةٍ

تُعدّ المعاصي والذّنوب من أدران النّفس وآفاتها، وأوّل معصيةٍ كانت على الإطلاق هي معصية إبليسَ لعنه الله، عندما أمره الله سبحانه وتعالى بالسّجود لآدمَ الذي خلقه بيديه من ترابٍ، فتكبَّر إبليس ورفض أمر الله عزَّ وجلّ، فاستحقّ مقابل تلك المعصية اللّعنةَ والطّرد من الجنّة بعد أن كان من مُقرّبي الجنّ، قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ*فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ*إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ*قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ*قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ*قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ*وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ)،[١] فكانت أوّل معصيةٍ يُعصى بها الله سبحانه وتعالى عائدةً إلى الكِبر.

عندما طُرِد إبليس من الجنّة، وأصبح معلوناً مُبعَداً من رحمة الله، في حين أصبح آدم مُقرَّباً من أهل الجنّة، يتنعّم بنعيمها هو وزوجُه، حينها نظر إليهم إبليس نظرة الحقد والحسد والحنَق، وطلب من الله سبحانه وتعالى أن يُبقيَه حيّاً إلى يوم الدّين، وكان له ما طلب، قال تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ*قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ*إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ*قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ*إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)،[٢]

منذُ ذلك الوقت وحتّى يومنا هذا وإلى يوم القيامة وإبليس يحاول إغواء عباد الله؛ حتّى يبتعدوا عن طريق الله عزّ وجلّ، ويصلوا إلى ما وصل إليه من الطّرد واللعن، وقد ابتدأ بآدم عليه الصّلاة والسّلام؛ حيث أغواه ليعصيَ الله بما أمره أن ينتهيَ عنه، وهو الأكل من الشّجرة، وأوهمه هو وزوجه حوّاء أنّ في أكلهما من تلك الشّجرة خلدَهما وبقاءَهما، حتّى أكلا منها، فعاقبهما الله بأن أنزلهما من الجنّة إلى الأرض، ومن فضل الله على عباده أن شرع لمن يعصيه ثمَّ يندم على ذلك أفعالاً تُكفِّر عن تلك المعاصي، وهيّأ كذلك أسباباً تُبعد المسلم عن المعاصي وإطاعة إبليس،

كيفيّة الابتعاد عن المعاصي والآثام

إذا أراد المسلم الكفَّ عن معصيةٍ دام عليها طويلاً، وعزم على ذلك، فإنّ الله سبحانه وتعالى سيوفّقه لذلك إن كانت نِيّته خالصةً لوجه الله، وكذلك من أراد الابتعاد عن المعاصي قبل الخوض فيها، فإنّ ذلك من خير الأعمال وأفضلها، قال تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)،[٣] ومن يسعى لذلك ويقصده فلن يجدَه سهلاً يسيراً، بل هو من أصعب ما يمرُّ على العبد؛ لأنّه يحارب شهواتِ نفسه وملذّاتِ الدّنيا، في حين يسعى الشّيطان لإغوائِه بشتّى الوسائل والطُّرق، وحتّى يصبر على ذلك فلا بدّ له من الاستعانة ببعض الأمور، ومنها:[٤]

  • الاستعانة بالله عزَّ وجلّ، والتّوكل عليه، والتضرّع إليه بأن ينزع من قلبه حبّ الشّهوات والمعاصي والملذّات، قال تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).[٥]
  • سؤال الله سبحانه وتعالى أن يثبّته على الإسلام؛ فإنّ قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه تعالى، يقلّبهما كيفما شاء، فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن قلبٍ إلَّا بَيْنَ إصبَعَيْنِ مِن أصابعِ الرَّحمنِ إنْ شاء أقامه وإنْ شاء أزاغه)، قال: وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: (يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قلوبَنا على دِينِكَ)، وقال: (والميزانُ بيدِ الرَّحمنِ يرفَعُ قومًا ويخفِضُ آخَرينَ إلى يومِ القيامةِ).[٦]
  • المُداومة على الفرائض والمأمورات، وخاصّةً الصّلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة؛ فإنّها تمنع من الوقوع فيما لا يرضي الله؛ حيث قال سبحانه وتعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).[٧]
  • استحضار ضرر المعصية وسوء عاقبتها في الدّين والدّنيا والآخرة؛ فذلك يجعل العبد أشدَّ تمسُّكاً بالطّاعة، وأكثر بُعداً عن المعاصي، يقول ابن القيّم: (وإن كنت على شكٍّ، فراجعْ آياتِ الربّ تعالى الدّالة على وجوده، وقدرته، ومشيئته، ووحدانيّته، وصدق رسله فيما أخبروا به عنه، وتجرَّدْ، وقُمْ لله ناظراً أو مُناظراً حتى يتبيّن لك أن ما جاءت به الرّسل عن الله فهو الحقّ الذي لا شكّ فيه).[٨]
  • اتّخاذ رفقةٍ صالحةٍ تُعينه على الخير إذا عزم عليه، وتُذكّره إن غَفِل عنه، ويجب عليه كذلك الابتعاد عن رفاق السّوء؛ فالمرء يُعرف بخلّانه، فقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: (المرءُ على دينِ خليلِه، فلينظُرْ أحدُكم من يَخالُّ).[٩]
  • الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبُّر آياته؛ فهو أعظم شفاءٍ لأدواء القلب، وأهمّ سبيلٍ للبُعد عن المعاصي.

التّوبة عن المعاصي عند الوقوع فيها

شروط التّوبة

إذا أذنب العبد، ثمّ ندم على معصيته، وعزم على ألّا يرجع إليها، فإنّه يكون بذلك تائباً عنها، فإن كان صادقاً قُبِلت توبتُه، وقد وضع العلماء عدداً من الشروط التي يجب توفّرها في التوبة الصّادقة، معتمدين في ذلك على النّصوص الصّحيحة، ومن تلك الشّروط ما يأتي:[١٠]

  • أن يندم على ما فعل من ذنوبٍ وآثامٍ ومعاصٍ.
  • أن يعزم على ألّا يعود إلى المعصية التي ارتكبها.
  • أن يُقلع عن المعصية في الحال.
  • أن يردّ الحقّ إلى صاحبه إن كانت المعصية التي ارتكبها فيها حقٌّ لآدميّ؛ حتى تُقبل توبته.

وللتّوبة من الذّنوب إن كانت بين العبد وربّه عزَّ وجلّ خمسة شروطٍ، هي:[١١]

  • إخلاص التّوبة لله جلَّ وعلا.
  • وقوع التّوبة في وقتها المقبول، فلا تُقبل التوبة لمن تاب بعد أن تطلع الشمس من المغرب مثلاً، أو لمن تاب؛ ليهرب من العقاب الدنيويّ، أو أن يتوب الرجل في الغرغرة قبل الموت؛ فراراً من العقاب، كما حصل مع فرعون.
  • الإقلاع عن الذّنوب والمعاصي.
  • النّدم على ما ارتكبه من معاصٍ وآثامٍ.
  • عدم العودة إلى المعصية مرّةً أخرى.

شروط التوبة النّصوح

إن فُقد أحد تلك الشّروط التي ذُكِرت فإنّ التوبة لم تصحّ، ولم تُقبَل، أمّا إن كان للذّنب بحقّ أحد البشر فيُشترَط بالإضافة إلى ما ذُكر أن يعيد المُذنب الحقّ إلى صاحبه، أو يبرأ منه بالمسامحة إن كان حقّاً معنويّاً، والتوبة النّصوح تستوجب ثلاثة أمور، هي: التوبة من الذنوب والمعاصي جميعها التي ارتكبها في حياته دون استثناء شيءٍ منها، والعزم على التوبة صادقاً، وأن تكون التوبة خالصةً لله جلّ وعلا،[١١] حيث قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).[١٢]

المراجع

  1. سورة ص، آية: 71-78.
  2. سورة ص، آية: 79-83.
  3. سورة النور، آية: 51-52.
  4. “نصائح للبعد عن المعاصي”، إسلام ويب، 31/10/2013، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2016.
  5. سورة آل عمران، آية: 186.
  6. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن النواس بن سمعان، الصفحة أو الرقم: 943، صحيح.
  7. سورة العنكبوت، آية: 45.
  8. أبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (1429)، الداء والدواء (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: دار عالم الفوائد، صفحة 81-82.
  9. رواه ابن عساكر، في معجم الشيوخ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/1220، حسن غريب.
  10. أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان، الأسئلة والأجوبة الفقهية، صفحة 87، جزء 6. بتصرّف.
  11. ^ أ ب محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: بيت الأفكار الدولية، صفحة 537، جزء 5. بتصرّف.
  12. سورة التحريم، آية: 8.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

أوّل معصيةٍ

تُعدّ المعاصي والذّنوب من أدران النّفس وآفاتها، وأوّل معصيةٍ كانت على الإطلاق هي معصية إبليسَ لعنه الله، عندما أمره الله سبحانه وتعالى بالسّجود لآدمَ الذي خلقه بيديه من ترابٍ، فتكبَّر إبليس ورفض أمر الله عزَّ وجلّ، فاستحقّ مقابل تلك المعصية اللّعنةَ والطّرد من الجنّة بعد أن كان من مُقرّبي الجنّ، قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ*فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ*إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ*قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ*قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ*قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ*وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ)،[١] فكانت أوّل معصيةٍ يُعصى بها الله سبحانه وتعالى عائدةً إلى الكِبر.

عندما طُرِد إبليس من الجنّة، وأصبح معلوناً مُبعَداً من رحمة الله، في حين أصبح آدم مُقرَّباً من أهل الجنّة، يتنعّم بنعيمها هو وزوجُه، حينها نظر إليهم إبليس نظرة الحقد والحسد والحنَق، وطلب من الله سبحانه وتعالى أن يُبقيَه حيّاً إلى يوم الدّين، وكان له ما طلب، قال تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ*قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ*إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ*قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ*إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)،[٢]

منذُ ذلك الوقت وحتّى يومنا هذا وإلى يوم القيامة وإبليس يحاول إغواء عباد الله؛ حتّى يبتعدوا عن طريق الله عزّ وجلّ، ويصلوا إلى ما وصل إليه من الطّرد واللعن، وقد ابتدأ بآدم عليه الصّلاة والسّلام؛ حيث أغواه ليعصيَ الله بما أمره أن ينتهيَ عنه، وهو الأكل من الشّجرة، وأوهمه هو وزوجه حوّاء أنّ في أكلهما من تلك الشّجرة خلدَهما وبقاءَهما، حتّى أكلا منها، فعاقبهما الله بأن أنزلهما من الجنّة إلى الأرض، ومن فضل الله على عباده أن شرع لمن يعصيه ثمَّ يندم على ذلك أفعالاً تُكفِّر عن تلك المعاصي، وهيّأ كذلك أسباباً تُبعد المسلم عن المعاصي وإطاعة إبليس،

كيفيّة الابتعاد عن المعاصي والآثام

إذا أراد المسلم الكفَّ عن معصيةٍ دام عليها طويلاً، وعزم على ذلك، فإنّ الله سبحانه وتعالى سيوفّقه لذلك إن كانت نِيّته خالصةً لوجه الله، وكذلك من أراد الابتعاد عن المعاصي قبل الخوض فيها، فإنّ ذلك من خير الأعمال وأفضلها، قال تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)،[٣] ومن يسعى لذلك ويقصده فلن يجدَه سهلاً يسيراً، بل هو من أصعب ما يمرُّ على العبد؛ لأنّه يحارب شهواتِ نفسه وملذّاتِ الدّنيا، في حين يسعى الشّيطان لإغوائِه بشتّى الوسائل والطُّرق، وحتّى يصبر على ذلك فلا بدّ له من الاستعانة ببعض الأمور، ومنها:[٤]

  • الاستعانة بالله عزَّ وجلّ، والتّوكل عليه، والتضرّع إليه بأن ينزع من قلبه حبّ الشّهوات والمعاصي والملذّات، قال تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).[٥]
  • سؤال الله سبحانه وتعالى أن يثبّته على الإسلام؛ فإنّ قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه تعالى، يقلّبهما كيفما شاء، فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن قلبٍ إلَّا بَيْنَ إصبَعَيْنِ مِن أصابعِ الرَّحمنِ إنْ شاء أقامه وإنْ شاء أزاغه)، قال: وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: (يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قلوبَنا على دِينِكَ)، وقال: (والميزانُ بيدِ الرَّحمنِ يرفَعُ قومًا ويخفِضُ آخَرينَ إلى يومِ القيامةِ).[٦]
  • المُداومة على الفرائض والمأمورات، وخاصّةً الصّلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة؛ فإنّها تمنع من الوقوع فيما لا يرضي الله؛ حيث قال سبحانه وتعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).[٧]
  • استحضار ضرر المعصية وسوء عاقبتها في الدّين والدّنيا والآخرة؛ فذلك يجعل العبد أشدَّ تمسُّكاً بالطّاعة، وأكثر بُعداً عن المعاصي، يقول ابن القيّم: (وإن كنت على شكٍّ، فراجعْ آياتِ الربّ تعالى الدّالة على وجوده، وقدرته، ومشيئته، ووحدانيّته، وصدق رسله فيما أخبروا به عنه، وتجرَّدْ، وقُمْ لله ناظراً أو مُناظراً حتى يتبيّن لك أن ما جاءت به الرّسل عن الله فهو الحقّ الذي لا شكّ فيه).[٨]
  • اتّخاذ رفقةٍ صالحةٍ تُعينه على الخير إذا عزم عليه، وتُذكّره إن غَفِل عنه، ويجب عليه كذلك الابتعاد عن رفاق السّوء؛ فالمرء يُعرف بخلّانه، فقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: (المرءُ على دينِ خليلِه، فلينظُرْ أحدُكم من يَخالُّ).[٩]
  • الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبُّر آياته؛ فهو أعظم شفاءٍ لأدواء القلب، وأهمّ سبيلٍ للبُعد عن المعاصي.

التّوبة عن المعاصي عند الوقوع فيها

شروط التّوبة

إذا أذنب العبد، ثمّ ندم على معصيته، وعزم على ألّا يرجع إليها، فإنّه يكون بذلك تائباً عنها، فإن كان صادقاً قُبِلت توبتُه، وقد وضع العلماء عدداً من الشروط التي يجب توفّرها في التوبة الصّادقة، معتمدين في ذلك على النّصوص الصّحيحة، ومن تلك الشّروط ما يأتي:[١٠]

  • أن يندم على ما فعل من ذنوبٍ وآثامٍ ومعاصٍ.
  • أن يعزم على ألّا يعود إلى المعصية التي ارتكبها.
  • أن يُقلع عن المعصية في الحال.
  • أن يردّ الحقّ إلى صاحبه إن كانت المعصية التي ارتكبها فيها حقٌّ لآدميّ؛ حتى تُقبل توبته.

وللتّوبة من الذّنوب إن كانت بين العبد وربّه عزَّ وجلّ خمسة شروطٍ، هي:[١١]

  • إخلاص التّوبة لله جلَّ وعلا.
  • وقوع التّوبة في وقتها المقبول، فلا تُقبل التوبة لمن تاب بعد أن تطلع الشمس من المغرب مثلاً، أو لمن تاب؛ ليهرب من العقاب الدنيويّ، أو أن يتوب الرجل في الغرغرة قبل الموت؛ فراراً من العقاب، كما حصل مع فرعون.
  • الإقلاع عن الذّنوب والمعاصي.
  • النّدم على ما ارتكبه من معاصٍ وآثامٍ.
  • عدم العودة إلى المعصية مرّةً أخرى.

شروط التوبة النّصوح

إن فُقد أحد تلك الشّروط التي ذُكِرت فإنّ التوبة لم تصحّ، ولم تُقبَل، أمّا إن كان للذّنب بحقّ أحد البشر فيُشترَط بالإضافة إلى ما ذُكر أن يعيد المُذنب الحقّ إلى صاحبه، أو يبرأ منه بالمسامحة إن كان حقّاً معنويّاً، والتوبة النّصوح تستوجب ثلاثة أمور، هي: التوبة من الذنوب والمعاصي جميعها التي ارتكبها في حياته دون استثناء شيءٍ منها، والعزم على التوبة صادقاً، وأن تكون التوبة خالصةً لله جلّ وعلا،[١١] حيث قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).[١٢]

المراجع

  1. سورة ص، آية: 71-78.
  2. سورة ص، آية: 79-83.
  3. سورة النور، آية: 51-52.
  4. “نصائح للبعد عن المعاصي”، إسلام ويب، 31/10/2013، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2016.
  5. سورة آل عمران، آية: 186.
  6. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن النواس بن سمعان، الصفحة أو الرقم: 943، صحيح.
  7. سورة العنكبوت، آية: 45.
  8. أبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (1429)، الداء والدواء (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: دار عالم الفوائد، صفحة 81-82.
  9. رواه ابن عساكر، في معجم الشيوخ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/1220، حسن غريب.
  10. أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان، الأسئلة والأجوبة الفقهية، صفحة 87، جزء 6. بتصرّف.
  11. ^ أ ب محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: بيت الأفكار الدولية، صفحة 537، جزء 5. بتصرّف.
  12. سورة التحريم، آية: 8.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى