معلومات عن رمضان

'); }

تعريف شهر رمضان

شهرُ رمضان هو الشَّّهرُ التَّاسع في ترتيب الشُّهور الهجريَّة القمريَّة، ويكونُ بعدَ شهرِ شعبان، ويليه شهرُ شوال، وهو شهرٌ مميَّزٌ لدى المسلمينَ، وقد وردَ ذكره في القرآنِ الكريمِ في قوله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)،[١] وقال فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ)،[٢][٣] ورمضان لغةً من الرَّمَض أو الرَّمضاء، وهو الحرُّ الشَّديدُ،[٤][٥] وجَمعُهُ رماضانات، ورماضين، وأرمضاء، وأرمضة، وأرمض،[٦] وتعدّدت آراء العلماءُ في سبب تسميته بذلك، ونوضِّح ذلك كما يأتي:

  • القول الأوَّل: سُمِّيَ رمضان بذلك؛ لأنَّ العرب لمَّا نقلت أسماءَ الشُّهورِ من الُّلغةِ القديمة راعت طبيعة وقته، فوقع رمضان في الحرِّ الشَّديد فأسمته بناءً على ذلك.[٥]
  • القول الثَّاني: سُمِّيَ بذلك لأنَّه يحرقُ الذُّنوب، إذ يَرمِضُها فلا يتركُ منها شيئاً.[٦]
  • القول الثَّالث: لا وجودَ لمعنى من تسميته بذلك.[٤]

ويُطلِقُ المُسلِمونَ على رمضان أسماءً عدَّة، ومنها:شهرُ الصِّيام، وشهرُ القيام، وشهرُ العِتقِ من النَّار، وشهرُ الرَّحمة، وشهرُ الصَّبرِ، وشهرُ الإحسانِ، وشهرُ الخيراتِ، وشهرُ الجودِ، وشهرُ المغفرة، وشهرُ المواساة، وشهرُ إجابة الدُّعاء.[٦]

'); }

عبادة الصِّيام في شهر رمضان

الصِّيام لُغةً هو الإمساكُ أو الامتناع، وشرعاً: هو الامتناعُ عن الطَّعامِ والشَّرابِ والجِماعِ وغيرها منَ المُفطّراتِ من طلوعِ الفجر وحتَّى غروبِ الشَّمسِ عبادةً للهِ -عزَّ وجل-، وقد جاءتَ فرضيّةُ الصِّيام في السَّنة الثَّانيةِ لهجرةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شهرِ شعبان، إذ قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ)،[٧] والمقصودُ بالأيامِ المعدودة هو شهرُ رمضان، ويَثبتُ الصِّيامُ بثبوتِ دخولِ الشَّهر.[٨]

إنّ صيامَ شهرِ رمضان فرضٌ على كلِّ مُسلمٍ بالغٍ عاقلٍ، مقيمٍ في بلدٍ معيَّن، قادرٌ عليه، ذَكَراً كانَ أم أُنثى، يخلو حالهُ مِن الموانعِ؛ كالحيضِ والنّفاس، إذ جاءَ التفصيلُ في شروطِ الصِّيامِ في الآية التي تقدَّمت، قال الله -تعالى-: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)،[٩] إذ تُرخِّصُ الآية للمرضى والمُسافرينَ في الإفطارِ إن هُم أرادوا ثمَّ قضاء ما فاتهم منه بعد انقضاءِ الشَّهر، أمّا الحيض والنِّفاسُ فهُما عَرضَانِ يُصيبانِ النِّساء تتركُ بهما أداءَ العباداتِ من الصلاة والصيام، ودليلُ ذلكَ ما جاءَ في حديثٍ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال فيه عن المرأة: (إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ ولَمْ تَصُمْ).[١٠][١١]

وقد شُرِعَ الصّيامُ لِحكمٍ عدَّة تتحقَّق فيه، نذكرُ منها ما يأتي:[١٢]

  • أوَّلاً: الصِّيامُ يورِثُ تقوى الله -عزَّ وجل- ويُربِّي المسلم على مراقبةِ النَّفسِ؛ فالمُسلِمُ يمتنعُ عن المحرَّماتِ كلِّها في شهرِ رمضانُ ويمتنعُ عن محبوباتِ نفسه من طعامٍ وشرابٍ وجِماعٍ، طاعةً لله -عزَّ وجل- بفعلِ أوامره والابتعادِ عن محرَّماته، وقد أشارَ الله -عز وجل- إلى هذه الحكمة في الآية المتقدّمة، إذ قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).[١٣]
  • ثانياً: استشعار الصَّائم لنِعَمِ الله -سبحانه وتعالى- عليه وشعورهُ بإخوانه من الفقراء؛ إذ يُعلِّمه الصِّيامُ والامتناع عن النِّعم أنَّ هناكَ أُناساً يفقتدونَ إلى هذه النِّعَم أيَّاماً وأسابيع وأشهر، فيُقدِّرُ ما أعطاهُ الله -تعالى- ويُحافِظُ عليهِ ويشكرُ الله عليه، كما وأنَّ شعوره بالفقراءِ والمساكينَ يدفعه إلى مدِّ يدِ العون إليهم.
  • ثالثاً: في الصِّيام مساواةٌ بينَ أفرادِ المجتمع؛ حيث إنَّ الصِّيامَ لمَّا كُتِبَ على المؤمنين لم يفرِّق بينَ فقيرٍ وغنيٍّ، فأفرادُ المجتمعِ المُسلم جميعُهم مُطالَبونَ بالصِّيامِ، وإنّ الصَّائمَ الفقير ليستشعرُ عدل الله -عزَّ وجل- ومساواته بين أفرادِ المجتمع في فرضية الصِّيام.

ثبوت شهر رمضان

إنّ لثبوت شهر رمضان المبارك طريقتانِ نذكرُهما فيما يأتي:[٨]

  • الطَّريقةُ الأُولى: إتمامُ عدَّة شهرِ شعبان ثلاثين يوماً؛ فإذا أتمَّ شعبان ثلاثينَ يوماً كان اليومُ الواحدُ والثلاثين هو اليومُ الأوَّل من رمضان، وشعبان كما تقدَّم هو الشَّهر الذي يسبِقُ رمضان في ترتيب الأشهر الهجريَّة القمريَّة.
  • الطَّريقةُ الثَّانية: تحرِّي الهِلال؛ وذلك بالخروجِ لرؤيةِ هلالِ رمضان في ليلةِ الثلاثينَ مِن شعبان، وقد أرشدنا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- على اتِّباعِ هذه الطَّريقة، إذ جاءَ في صحيح مُسلم أنَّ رسول الله قال: (ذا رَأَيْتُمُ الهِلالَ فَصُومُوا، وإذا رَأَيْتُمُوهُ فأفْطِرُوا، فإنْ غُمَّ علَيْكُم فَصُومُوا ثَلاثِينَ يَوْمًا)،[١٤] وتتعلَّقُ الرؤيةُ بأهلِ المنطقةِ والإقليمِ؛ إذ قد تختلفُ المطالعُ بينَ الشَّرقِ والغربِ اختلافاً يسيراً، وقد كانَ الاعتمادُ على الرُّؤيةِ معمولاً به قديماً، فهو الوسيلةُ الأشهَر في ثبوتِ الشَّهر، وإن كانَ الاعتمادُ اليوم على علومِ الفلك والحِسابِ أكثر دقَّةً مِنَ الرُّؤية، ولعلَّ اجتماع المسلمين على صيامه معاً دون اختلاف يعدُّ من محاسِنِ الشَّريعةِ ووحدةِ المُسلمين.

فضل شهر رمضان

إن لشهر رمضان المبارك الكثير من الفضائل، وفيما يأتي ذكر بعضها:[١٥]

  • أولاً: صيامُ شهر رمضان ركنٌ من أركانِ الإسلامِ: فللإسلامِ أركانٌ خمسةٌ أساسيَّةٌ، وإتيانها واجبٌ على كلِّ المسلمين، وتركها نقصٌ في إسلامِ تاركها، ومنها ركن صيام رمضان، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ).[١٦]
  • ثانياً: لا حدَّ لثوابِ الصَّائم على صيامه: فالصِّيامٌ عبادةٌ صعبةٌ ومميَّزة، ويقعُ أجرها على الله الكريم الرحيم، ويروي الإمامُ البخاري أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في الحديث القدسيِّ: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ).[١٧]
  • ثالثاً: في الصِّيامِ تربيةٌ للمسلمِ على العِفةِ والصَّبر على شهوات النفس: فإنّ الجِماعَ ممنوعٌ في الصِّيامِ، وقد حثَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شباب المسلمين على الإكثارِ من الصِّيامِ إذا لم يقدروا على الزَّواج قائلاً: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).[١٨]
  • رابعاً: في صيامِ شهر رمضان تهذيبٌ للمسلم وتعويدهُ على تركِ الحرامِ: إذ يروي أبو هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال في الصَّائم: (مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ)،[١٩] كما قالَ في موضعٍ آخر: (إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا، فلا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ، أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ، إنِّي صَائِمٌ).[٢٠]
  • خامساً: اختصاصُ الصَّائمينَ يومَ القيامة بدخولِ الجنَّة من باب الريّان: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أحَدٌ).[٢١]
  • سادساً: الصِّائِمُ موعودٌ بالفَرحِ: إذ جاءَ في السُّنَّة الشريفةُ بشارةٌ للصَّائمين، حيثُ قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: (لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بفِطْرِهِ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ).[٢٢]
  • سابعاً: فضلُ دعاء الصَّائم: لقد اقترنت آيةُ فرضيَّة صيام شهر رمضان بآية استجابة الدُّعاء، ووردَ هذا في سورة البقرة، إذ قال -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ* وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).[٢٣]
  • ثامناً: صيامُ شهرِ رمضان كفَّارةٌ للذُّنوب: حيث إنَّ أبرزَ ما يُذكرُ في فضلِ شهر رمضان هو حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)،[٢٤] كما قال -صلى الله عليه وسلم- في حديثٍ آخر: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر).[٢٥][٢٦]
  • تاسعاً: وقوعُ ليلة القَدرِ في أواخرِ شهرِ رمضان: حيث إنَّ ليلة القدرِ هي اللّيلةُ التي ابتدأ فيها نزولُ القرآن الكريمِ على سيِّدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد سمِّيت سورةٌ في القرآن على اسم هذه الَّليلة الكريمة، وجاءَ في مطلَعِها قول الله -تعالى-: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ).[٢٧][٢٨]
وقد أسماها الله -عز وجل- في موضعٍ آخر بالَّليلة المُباركة، إذ قال: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ)،[٢٩] إذ جاءَ شرفها وفضلها من عند الله -عز وجل-، كما أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتحرِّيها في العشر الأواخِر من شهر رمضان والاجتهاد فيها بالعباداتِ والدُّعاء، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تَحَيَّنُوا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأواخِرِ، أوْ قالَ في التِّسْعِ الأواخِرِ)،[٣٠][٢٨] وعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي تصف حال النبي بالعشر الأواخر قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ).[٣١]
  • عاشراً: تُعدُّ العشر ليالٍ الأخيرة من شهر رمضان أفضل ليالِ السَّنة: وذلكَ لأنَّ فيها ليلة القدر، وتروي أمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كانَ يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ ويقولُ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ).[٣٢][٣٣]
  • فضلُ صلاة التَّراويح: تُؤدّى صلاةُ التَّراويح في رمضان بعد صلاةِ العِشاء، وتُعتبر من أصنافِ القيامِ المقصود في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).[٣٤][٣٥]

أحداث متعلِّقة بشهر رمضان

توجد العديد من الأحكام والوقائع والأحداث المتعلّقة بشهر رمضان المبارك، ونذكر منها ما يأتي:[٣٦]

  • أوَّلاً: أحكام شُرِعَت في شهرِ رمضان: شُرِعَ الصِّيامُ بدايةً ليكونَ أبرزَ الأحكامِ المتعلِّقة بشهرِ رمضانَ، ثُمَّ شُرِعَت زكاةُ الفِطر في نهايةِ رمضان.[٣٧]
  • ثانياً: وقوعُ معركة بدرٍ الكُبرى في شهرِ رمضان: وقعت معركةُ بدر وهي المعركةُ الأُولى بين المسلمين والمشركين في يومِ الجمعة من السَّابعِ عشر من رمضان من تلك السَّنة، وهي من أهمِّ المعارك التي خاضها المسلمون ونصرهم الله -تعالى- فيها قبل توسُّع الإسلامِ وانتشاره.
  • ثالثاً: وقوع فتح مكَّة في شهرِ رمضان: وكان ذلك في السَّنةِ الثَّامنة للهجرة في اليوم العشرين أو الواحد والعشرينَ من رمضان، وهو اليومُ الذي استعادَ فيه المسلمونَ البيتَ الحرامِ وحطِّمَت فيه أًصنامُ الكعبة.
  • رابعاً: استعدادُ المسلمينَ لغزوة الخندق: وقعت غزوة الخندق في شهر شوال بعد انتهاء شهر رمضان مُباشرةً، إذ كان استعداد المسلمينَ لها في رمضان.
  • خامساً: وقعت في رمضان كلٌّ من معركةُ القادسيّة، ومعركة البويب وفتح رودس، وبعضُ أحداثِ غزوةِ تبوك.
  • سادساً: وصلَ وانتشرَ الإسلامُ إلى اليمنِ في رمضان؛ وكانَ ذلك في السَّنة العاشرةِ للهجرة، حيثُ أُرِسلَ علي بن طالب -رضي الله عنه- إلى اليمن ومعه كتابٌ إليهم.
  • سابعاً: هدمَ خالد بن الوليد -رضي الله عنه- للأصنام في السَّنة الثامنة للهجرة: وهو بيتٌ كانت تعبَدُ فيه العُزَّى -وهو اسم أحد الاصنام-، كما هُدِمَ صنمُ اللاتِ في السَّنة التَّاسعة للهجرة أيضاً في رمضان.
  • ثامناً: انتصارُ المسلمين في الأندلس على جيش الفِرَنجة في واقعة الزَّلاقة: وكان ذلكَ في يومِ الجمعة من الخامِس والعشرينَ من رمضان سنة 479 هجري، وكانَ يبلغُ جيشُ الفرنجة آنذاك ثمانون ألفَ مُقاتِل.
  • تاسعاً: فَتحُ الأندلسِ: وقعَ فتحُ الأندلسِ في الثَّامن والعشرينَ من رمضان لعام 92 للهجرة، حيثُ انتصر قائدُ المسلمين آنذاك طارق بن زياد في واقعةِ البحيرة، وتلا ذلك فتح قرطبة وغرناطة وطليطلة -وهي العاصمة السياسيَّة للأندلس آنذاك-.
  • عاشراً: وقوعُ معركة الكرامة: وقعت معركة الكرامة بين المسلمين والصهاينة في رمضان من عام 1968م، حيثُ انتهت بانتصارِ المسلمين على الصهاينة.
  • النقطة الحادية عَشرة: انتصارُ المسلمينَ على المغول في واقعةِ عين جالوت؛ وكانَ ذلك في يوم الجمعة في الخامس عشر من شهر رمضان لعام 658 هجري، وتقع هذه المنطقة في فلسطين، وكان من نتائجِ هذا الانتصار توحيد المسلمين في مصر وبلاد الشَّام، ويُعدُّ هذا الانتصار أحد أبرز انتصارات صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين والمغول.[٣٨]

كيفية الاستعداد لشهر رمضان

يتفاوت المسلمونَ في استعدادهم للاجتهادِ في شهرِ العبادة، وفيما يأتي جملةً من النصائح التي قد تُساعِدُ في الاستعدادِ الجيّد لشهرِ رمضان المبارك:[٣٩][٤٠]

  • أولاً: التَّوبة إلى الله -تعالى-: فالتَّوبةُ لا تقتصرُ على قول الإنسان بلسانه: “ربِّ تبت إليك فاغفر لي”، إذ ينبغي استحضارُ القلبِ في التَّوبة، واستشعارُ أهميَّة تجديدها، فعن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: (كنَّا لنعدُّ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في المَجلِسِ الواحدِ مائةَ مرَّةٍ: ربِّ اغفر لي، وتُب عليَّ، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ).[٤١]
والتَّوبة تُطهِّرُ الذُّنوب وتُخَفِّفُ أعبائها عن كاهلِ المُسلم، فإذا تحرَّر منها انطلقَ إلى عبادةِ الله -عز وجل- بهمَّةٍ عاليةٍ، فيستحسنُ أن يتوبَ المُسلمُ بدلاً من تضييعِ الوقتِ والتسويفِ، والتوبة من الفراغِ وشرودِ الذهن وتشتته بأمورِ الدُّنيا عن العبادة، والتَّوبة عن قبيحِ الكلامِ وما لا نفعَ فيهِ، وعنِ الغيبةِ والنميمة، وقضاء الوقت في اللعب واللهو.
  • ثانياً: تعظيمِ الشَّعائِر: ويكونُ هذا التَّعظيمُ قلبيَّاً ابتداءً، ثمَّ بالحرصِ على الشَّعائر وتفريغ الوقتِ لها، حيثُ يَصبُّ المسلم جلَّ اهتمامه في رمضان على الإحسانِ في أداءِ العباداتِ راجياً أن تُعتَقَ رقبته من النَّار، قال الله -تعالى- في هذا الباب: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).[٤٢]
  • ثالثاً: التَّدريب على استقامةِ القلب؛ يستقيمُ قلبُ المسلم إذا كان حبُ الله -عز وجل- أكبرَ ما فيه، فيتركُ المعاصي ويتركُ محبوباتِ نفسه، ويتَّبِعُ أوامِرَ الله -تعالى-، فيُطهّر ظاهرهِ وباطنه، ولا يتعلَّقُ إلّا بالله -تعالى-، ويبحثُ عن حلاوةِ الإيمان في عباداته التي يؤدّيها.
  • رابعاً: تدريبُ القلبِ على كره المعاصي: فيستنكرها في عقله، ويرفُضُها في ذهنه، ويبتعد وينصَرِفُ عنها، فالمسلم إذا استسهل رؤية المعاصي ومخالطةُ العُصاةِ فإنَّ قلبهُ قد يألفها ويصبِحُ تركها والابتعادُ عنها أصعب.
  • خامساً: التَّدريبُ على التَّذلل لله -عز وجل- والانكسار له: فالإنسانُ ضعيفٌ في قوَّته، وضعيفٌ في صحَّته، وفقيرٌ في ماله، وصغيرٌ في حجمه، ولا حولَ له ولا قوَّة، وإنَّ تكبُّره لن يجلبَ له سوى قسوةِ القلبِ والإعراض عن الذِّكر، لذا ينبغي للمسلمِ الصَّالح أنّ يُذكِّرَ نفسه بضعفه، وأنَّ الله -عز وجل- هو ذو القوَّة والغِنى، فينكسرُ له عند سؤاله.
  • سادساً: التَّمرينُ على الأذكار: إنَّ ذكِرَ الله -عزَّ وجل- يشحذُ الهمَّةَ ويجلبُ البركة إلى يوم المسلم، فإذا تمرَّنَ المسلم على الذِّكر يوماً بيوم؛ كأن يجعلَ يوماً يسبِّحُ فيه ألفَ مرَّةٍ، ويوماً يستغفرُ فيه ألف مرَّةٍ، فيجعل يوماً للحمدِ ويوماً للدُّعاءِ وهكذا، حتّى يعتادَ لسانهُ على الذِّكر صباحَاً ومساءً، ويَنطَلِقُ به في رمضان حيثُ تتضاعفُ الأجور.
  • سابعاً: ترويضُ الحواسِ على العبادات: إذ يُعوِّدُ المسلمُ أذنه على سماعِ القرآن، ويعوِّدُ بصره على النَّظر إلى آياتِ القرآنِ، ويعوِّدُ لسانهُ على الذِّكر وتركِ قبيحِ الكلام من الكلام الفاحش أو الغيبة أو النميمة، فيؤدّي الطاعة والعبادة، ويجتنب المحرّمات.
  • ثامناً: استحضارُ الذّهنِ للعبادةِ قبل الشُّروعِ فيها: حيث إنَّ الاستعجالَ في أداءِ العبادة يسرقُ منها أهمَّ ما فيها؛ ألا وهو الخشوع، فالعبدُ إذا أرادَ أداء عبادةٍ سألَ نفسه لماذا يؤدِّيها، ولِمنَ يؤدِّيها، وكيف يجعلها أفضل، فإذا كان يُصلّي لملكِ الملوكِ وواقفٌ بين يديه، يحاولُ أن يُقدِّمَ ركوعاً وسجوداً وقراءةً تليقُ أن تُقدَّمَ بين يدي هذا الإله العظيم -سبحانه وتعالى-.
  • تاسعاً: تعلُّم الأحكام التي يحتاجها في شهر رمضان: ينبغي للمسلم قبل رمضان مُراجعةُ معلوماته في فقه الصِّيامِ، فيتعلّم ما يجوز فيه وما لا يجوز، ما يجبُ فيه وما لا يجب، وسُنَنُه وفرائضه، ومن ذلكَ أيضاً تعلُّمُ أحكام الاعتكافِ في المسجدِ، وصلاةُ التَّراويحِ والتَّهجُّد، وكيفيَّة إخراجِ زكاةِ الفِطرِ، فيدخل شهر رمضان على بصيرةٍ وعلمٍ.

المراجع

  1. سورة البقرة، آية: 185.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1079، صحيح.
  3. أحمد مختار عمر (2008م)، معجم اللغة العربية المعاصرة (الطبعة الأولى)، الرياض: عالم الكتب، صفحة 943، جزء 2. بتصرّف.
  4. ^ أ ب شمس الدين ابن مفلح (2003م)، الفروع وتصحيح الفروع (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 403، جزء 4. بتصرّف.
  5. ^ أ ب عبد الله الطيار (2012م)، الفقه الميسر (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية: مَدَارُ الوَطن للنَّشر،، صفحة 11، جزء 3. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت عبد الكريم العمري (2001م)، صفحات رمضانية (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة: دار المآثر، صفحة 13. بتصرّف.
  7. سورة البقرة، آية: 184-183.
  8. ^ أ ب صالح السدلان (1425ه)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 68-69. بتصرّف.
  9. سورة البقرة، آية: 183.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 304، صحيح.
  11. محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، عمان: بيت الأفكار الدولية، صفحة 127، جزء 3. بتصرّف.
  12. عبد الكريم الخضير، شرح بلوغ المرام، دروس مفرغة من موقع الشيخ الخضير، صفحة 6-8، جزء 61. بتصرّف.
  13. سورة البقرة، آية: 183.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1081، صحيح.
  15. خالد الجريسي، الصوم جنة، صفحة 33-37، جزء 1. بتصرّف.
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
  17. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5927، صحيح.
  18. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1400، صحيح.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1903، صحيح.
  20. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1151، صحيح.
  21. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 1896، صحيح.
  22. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1151، صحيح.
  23. سورة البقرة، آية: 185-186.
  24. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 38، صحيح.
  25. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 233، صحيح.
  26. مجموعة من المؤلفين (1424ه)، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، المملكة العربية السعودية: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 151. بتصرّف.
  27. سورة القدر، آية: 1-3.
  28. ^ أ ب ابن عاشور (1984م)، التحرير والتنوير، تونس: الدار التونسية للنشر، صفحة 457-458، جزء 30. بتصرّف.
  29. سورة الدخان، آية: 3.
  30. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 1165، صحيح.
  31. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2024، صحيح .
  32. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2020، صحيح.
  33. المناوي، فيض القدير (الطبعة الأولى)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 51، جزء 2. بتصرّف.
  34. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 37، صحيح.
  35. سعيد القحطاني، قيام الليل ، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 62، جزء 1. بتصرّف.
  36. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار الفكر، صفحة 1625-1628، جزء 3. بتصرّف.
  37. أحمد أحمد غلوش (2002م)، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 316. بتصرّف.
  38. مجموعة من المؤلفين، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، المدينة المنورة: موقع الجامعة على الإنترنت، صفحة 277، جزء 15. بتصرّف.
  39. محمد حسين يعقوب (2005م)، أسرار المحبين في رمضان (الطبعة الأولى)، مكتبة التقوى ومكتبة شوق الآخرة، صفحة 53-71. بتصرّف.
  40. شحاتة صقر، دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ، مصر: دَارُ الفُرْقَان للتُرَاث، صفحة 534، جزء 1. بتصرّف.
  41. رواه أبي داود، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1516، صحيح.
  42. سورة الحج، آية: 32.
Exit mobile version