'); }
دخول الجنة
يُحشر أهل الجنة إليها زُمراً، وهم يركبون على نوقٍ لم يُرى مثلها، عليها رحالٌ من ذهبٍ، وأزمتها الزبرجد، إلى أن يأتوا باب الجنة، وفي ذلك المكان يجدون ماءً ينبع من تحت شجرةٍ، فيشربون من أحد الأعين، فلا يبقى في بطونهم أي شيءٍ فيه أذى أو بأسٍ، ثمّ يغتسلون من العين الأخرى فيبدو عليهم أثر النعيم، وتبدو شعورهم لامعةً، كأنّها دهنت بالدهان، ثمّ تبقى أشكالهم على ما هي عليه من الجمال والنضارة إلى الأبد، وبعد ذلك يد]]خلون الجنّة، فيستقبلهم خزنة الجنّة، كما قال الله تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)،[١] ثمّ يتلقّاهم سبعون ألف خادمٍ، كأنّهم اللؤلؤ، وقيل بل يتلقّاهم ولدان الجنّة بلهفةٍـ كما يتلقّى الأطفال في الدنيا أحبابهم بعد غيبةٍ واشتياقٍ، ويقولون لهم أبشروا بما أعدّ الله لكم، فينطلق غلامٌ منهم إلى زوجاتهم من الحور العين، فيُبشّر زوجة كلّ واحدٍ منهم بقدوم زوجها، ويؤكّد لها ذلك بذكر اسمه الذي كان يُنادى به في الدنيا، فتفرح بقدومه فرحاً شديداً، حتى إذا وصل إلى منزله وجد أنّ أساسه من لؤلؤٍ، فينظر إلى السقف، فيُوشك بصره على الزوال من شدّة الجمال الذي يراه، ثمّ ينظر إلى ما أنعم الله عليه من الزوجات، والنمارق المصفوفة، والزرابي المبثوثة، فيقول: (الحَمدُ لِلَّـهِ الَّذي هَدانا لِهـذا وَما كُنّا لِنَهتَدِيَ لَولا أَن هَدانَا اللَّـهُ)،[٢] وبينما هم يتنعّمون بما أكرمهم الله به، يسمعون صوتاً يبشّرهم بأنّهم سيعيشون للأبد فلا موت، وأنّهم سيصحّون للأبد فلا مرض، وسيُقيمون للأبد فلا يرحلون.[٣]
باب الريان
سميّ باب الريان بهذا الاسم المشتقّ من الريّ، وهو ضدّ العطش، فكان اسمه مناسباً لمعناه، حيث إنّه الباب الذي يدخل منه الصائمون، وممّا يدلّ على عِظَم فضل الصوم أنّ أبواب الجنّة كلّها تُفتح في رمضان، بالإضافة إلى أنّ الله -تعالى- خصّص باب الريان لعباده الصائمين دون غيرهم، والمقصود من الصائمين ليس الذين يصومون ما فرضه الله عليهم من الصيام فقط؛ لأنّ كلّ المسلمين من أهل صوم رمضان، ولكن الذين خصّهم الله -تعالى- بالدخول من باب الريان هم الذين يُكثرون من صيام النوافل، ويُتبعون صيام الفريضة بالنافلة، وتجدر الإشارة إلى أنّ للجنّة ثمانية أبواب مقسّمةً حسب الأعمال، ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أوّل من يفتح تلك الأبواب ويدخلها، ثمّ يدخل كلّ مؤمنٍ من الباب الذي يختصّ بعمله، فيدخل المخلصين في توحيدهم من أمّة محمّد -عليه الصلاة والسلام- من أحد أبواب الجنّة، ويسمّى الباب الأيمن، ومن المسلمين من يُدعى من كلّ أبواب الجنّة بسبب عِظَم أعماله، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن أَنفَقَ زوجَينِ في سبيلِ اللهِ، نودِيَ من أبوابِ الجنةِ: يا عبدَ اللهِ هذا خيرٌ، فمَن كان من أهلِ الصلاةِ دُعِيَ من بابِ الصلاةِ، ومَن كان من أهلِ الجهادِ دُعِيَ من بابِ الجهادِ، ومَن كان من أهلِ الصيامِ دُعِيَ من بابِ الرَّيَّانِ، ومَن كان من أهلِ الصدقةِ دُعِيَ من بابِ الصدقةِ)،[٤] فقال أبو بكر رضي الله عنه: (بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورةٍ، فهل يُدعى أحدٌ من تلك الأبواب كلّها؟) فقال: (نعم، وأرجو أن تكون منهم)،[٥] وعلى الرغم من أنّ أبواب الجنة هائلة السعة، وعظيمة الحجم، حيث قال عتبة بن غزوان -رضي الله عنه- فيما سمعه أنّ بين مصرعي الباب مسيرة أربعين سنةً، إلّا أنّ الناس يزدحمون عند دخول تلك الأبواب، ممّا يدلّ على كثرة الداخلين إليها.[٦]
'); }
مساكن أهل الجنة
إنّ في الجنة ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، ففيها ظلٌ ممدود، ونورٌ يتلألأ، وثمارٌ، وأنهارٌ، فترابها المسك والزعفران، وحجارتها من الياقوت والمرجان، وفي الجنة مساكن أُحيطت بالأنهار والأشجار، وقد قال الله تعالى:(وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ*سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ*وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ)،[٧] ويُمكن القول أنّ ثمة تفاوتٍ في درجات مساكن الجنة، حيث إنّ فيها الغرف، والخيام، والقصور، والبيوت، كما أنّ أهل الجنة يعرفون بيوتهم في الجنة كما يعرفوا بيوت الدنيا، وممّا يدلّ على جمال بيوت الجنة وصف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لها بعد أنّ أكرمه الله -تعالى- برؤيتها، حيث شاهد فيها قصراً من ذهب، فاستغرب النبي -عليه الصلاة والسلام- من شدّة جماله، فسأل عنه، فقيل له: لشابٍ من قريشٍ، فظنّ النبي -عليه السلام- أنّ ذلك القصر له، فسأل عن صاحبه فقيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمراً بذلك، وقال: (لولا غَيرتُكَ يا عمرُ لدخلتُ القصرَ)،[٨] فبكى عمر -رضي الله عنه- لمّا سمعه من النبي عليه الصلاة والسلام، وفي أحد الأيام سأل الصحابة -رضي الله عنهم- النبي عن بيوت الجنّة، فقال: (الجنةُ بناؤها لَبِنَةٌ من فضةٍ، ولَبِنَةٌ من ذهبٍ، ومِلاطُها المسكُ الأذفرُ)،[٩] بالإضافة إلى الغرف الشفافة التي يُرى ما في خارجها من داخلها، ويُرى داخلها من خارجها، وغرف بعضها فوق بعض، يغمرها الأمن والطمأنينة، ولا يُسمع حولها إلّا خرير المياه التي تتدفّق من الأنهار، ومن مساكن الجنة الخيام الواسعة العظيمة، ذات البهجة والبهاء، والمفروشة بالبسط الناعمة الملساء، والوسائد الجميلة، وفيها الخدم والغلمان، والأواني الذهبية، وتسكنها الحور العين فلا تخرج منها، ولا تمدّ عينيها لغير زوجها، كما قال الله تعالى: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ).[١٠][١١]
المراجع
- ↑ سورة الزمر، آية: 73.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 43.
- ↑ ابن قيم الجوزية، حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، صفحة 149-150. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1897، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1897، صحيح.
- ↑ “تأملات عند باب الريان”، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة محمد، آية: 4-6.
- ↑ رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 166، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3116، صحيح.
- ↑ سورة الرحمن، آية: 72.
- ↑ “مساكن الآخرة والطريق إليها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2018. بتصرّف.