محتويات
حلف وارسو
ظهر حلف وارسو؛ نتيجةً للمُعاهدة التي عُقِدت بين مجموعة من الدُّول؛ بقصد إنشاء مُنظَّمة للدفاع المتبادل، حيث أُطلِق عليها اسم (مُعاهدة وارسو للصداقة، والتعاون، والمساعدة المتبادلة)، وبدأ العمل بهذه المُعاهدة يوم 14من شهر مايو/أيّار سنة 1955م، والتي بدورها أعلنت تأسيس حلف وارسو رسميّاً، ثمّ أُجرِيَت عليها تعديلات سنة 1985م؛ إذ نصَّت المُعاهدة على إنشاء قيادة عسكريّة مُوحَّدة بين دُوَل الحلف، والتعهُّد بصيانة الوحدات العسكريّة السوفيتيّة الموجودة على أراضي الدُّول الأخرى المشاركة، وانتهت المُعاهدة بفكِّ الحلف الناتج عنها، وذلك يوم 1 من شهر يوليو/تمّوز سنة 1991م، عِلماً بأنَّ المُعاهدة تتألَّف من مجموعة من الدُّول، وهي: الاتّحاد السوفيتي، وبُلغاريا، وتشيكوسلوفاكيا، والمجر، وبولندا، ورومانيا، وألبانيا التي انسحبت عام 1968م، وألمانيا الشرقيّة التي انسحبت عام 1990م، وكان السبب المُباشر لهذه المُعاهدة هو اعتراف الدُّول الغربيّة بألمانيا الغربيّة، وضمّها لمُنظَّمة حلف شمال الأطلسيّ في اتّفاقيّة باريس، أمَّا الأسباب الأُخرى التي دفعت لانبعاث هذا الحلف؛ فتُعزى إلى رغبة الاتّحاد السوفيتي في تعزيز السيطرة السوفيتيّة على أقماره الصناعيّة التي هي عبارة عن برنامج أوجَده الزعيمان السوفيتيّان (نيكيتا خروتشوف، ونيكولاي بولكانين) في أوائل عام 1955م، كما نصَّت المُعاهدة على أنَّ الاتّفاق سيحلُّ إذا ما حصل اتّفاق أمنيّ مُشترَك بين الشرق، والغرب؛ فهو بذلك وسيلة لتعزيز الموقف التفاوضيّ للاتّحاد السوفيتي في الدبلوماسيّة الدوليّة.[١]
أعمال حلف وارسو
أُنشئ حلف وارسو؛ للحفاظ على الاتّحاد السوفيتي كهدف رئيسيّ، بالإضافة إلى الدفاع عن الدُّول الأعضاء ضِدَّ حلف الناتو، إلّا أنَّ الحلفَ كانت له مجموعة من الأنشطة بحجَّة الحفاظ على الدُّول الأعضاء،[٢] ومن أهمّ هذه الأعمال التي حفظتها السجلّات التاريخيّة لحلف وارسو غزوُ تشيكوسلوفاكيا؛ ففي سنة 1968م غزت القُوَّات العسكريّة التابعة للحزب تشيكوسلوفاكيا، وذلك كردِّ فعلٍ على الإصلاحات السياسيّة، والاقتصاديّة التي بدأ بها (ألكسندر دوبتشيك) بما يُسمَّى (ربيع براغ)؛ إذ أرسل الحِلف فِرقاً وصل عددها إلى 20 فرقة تتألَّف من 250 ألف رجل من القُوَّات السوفيتيّة، والألمانيّة الشرقيّة، والبولنديّة، والمجريّة؛ حيثُ احتلَّت هذه القُوَّات النقاط الاستراتيجيّة في تشيكوسلوفاكيا.[٣]
ميثاق حلف وارسو
وقَّعت الدُّول المشاركة في حلف وارسو على ميثاق وارسو في 14 من شهرأيّار/مايو سنة 1955م، ومن أهمّ نصوص هذا الميثاق:[٤]
- تعهُّد الأطراف المشاركة في الميثاق بالامتناع في علاقاتهم الدوليّة عن التهديد بالقُوَّة، أو استخدامها، واللُّجوء إلى الطُّرُق السلميّة؛ لتسوية منازعاتهم الدوليّة؛ وذلك بهدف حِفظ السلام، والأمن الدوليَّين.
- التزام الأطراف الدوليّة بالاشتراك في التعهُّدات الدوليّة، وتحريم استخدام الأسلحة الذرّية، والهيدروجينيّة.
- اللُّجوء دائماً إلى التشاوُر في المسائل الدوليّة المُهمّة، والتي تُعَدُّ مصلحة مشتركة لأعضاء الحزب.
- وجوب دفع العدوان المُسلَّح عن أيِّ دولة من الدُّوَل الأعضاء، وتقديم المساعدات اللازمة لها.
- إنشاء قيادة مشتركة للقُوَّات المُسلّحة للدُّول الأعضاء، وإنشاء لجنة سياسيّة استشاريّة تَضمُّ مُمثِّلاً عن كلِّ دولة.
- التعاون الاقتصاديّ، والثقافيّ بين الدُّول الأعضاء، وعدم التدخُّل في الشؤون الداخليّة الخاصَّة بهم.
- الامتناع عن المشاركة في مُعاهدات قد تكون مُعارضة لميثاق وارسو.
- تحديد فعاليّة ميثاق وارسو لمُدَّة 20 عاماً، وهو قابل للتمديد تلقائيّاً.
تنظيم حلف وارسو
تألَّف حلف وارسو من مجموعة أجهزة مسؤولة عن تسيير القرارات، والإجراءات الصادرة عنه؛ إذ يَضمُّ التنظيم خمسة أجهزة رئيسيّة، وهي:[٤]
- اللجنة الاستشاريّة السياسيّة: حيث تتكوَّن اللجنة الاستشاريّة من سكرتاريا الأحزاب الشيوعيّة للدُّول الأعضاء، ومن رؤساء الحكومات لهذه الدُّول، ومساعديهم، ووُزراء الدفاع، والخارجيّة، وتتلخَّص وظيفة هذه اللجنة بتنفيذ نصوص مُعاهدة وارسو، والتنسيق، والتشاور العسكريّ بين الدُّول الأعضاء، والإعلان عن آراء دُوَل الأعضاء حول بعض المشاكل الدوليّة، إلّا أنَّه لا يمكن لهذه اللجنة اتّخاذ القرارات المُهمّة، أو اقتراح السياسات المعمول بها؛ إذ تقتصر هذه الإجراءات على مشاورات بين زُعماء الحزب الشيوعيّ السوفيتيّ، وزُعماء الأحزاب الشيوعيّة.
- اللجنة الدائمة: وتتلخَّص مهمّة هذه اللجنة بمُعالجة التوصيات السياسيّة الصادرة عن اللجنة الرئيسيّة.
- لجنة وزارة الدفاع: حيث تأسَّست هذه اللجنة سنة 1969م، وهي تَضمُّ وزير الدفاع السوفيتيّ، ووُزراء دِفاع الدُّول الأعضاء، وتُعَدُّ هذه اللجنة السُّلطة العسكريّة العُليا للحلف، ووظيفتها هي تنفيذ السياسة العسكريّة للحلف.
- القيادة العُليا المُشتركة: وهي الجهاز الرئيسيّ للحزب، وتتمثَّل وظيفتها في إيصال وجهة نظر دُوَل أوروبّا الشرقيّة إلى القائد العام، كما أنَّها الوسيلة التي من خلالها يُوصل الحزب أوامره إلى قُوَّاته، وتتلخَّص وظيفة هذا الجهاز بتقوية القُدرات الدفاعيّة للحزب، ووضع الخُطط العسكريّة في حال وقوع حرب، واتّخاذ القرارات المُتعلِّقة بإنشاء القُوَّات، ويتشكَّل هذا الجهاز من قائد عامّ، ومجلس عسكريّ، ورئيس أركان، ومُمثلِّين عسكريِّين دائمين من القُوَّات المُسلَّحة للدُّول الأعضاء، وأركان عسكريّة تَضمُّ كبار الضبَّاط من غير السوفيت.
- الأمانة العامّة: تتشكَّل هذه اللجنة من مُوظَّفين من مختلف الدُّوَل الأعضاء، ووظيفتها مُشابهة لوظيفة الأمانات العامّة للمُنظَّمات الدوليّة، مثل: عمليّات حِفظ السلام، وإجراء دراسات في حقوق الإنسان، وتنظيم المُؤتمَرات الدوليّة، والتعريف بالحلف من خلال دعاية إعلاميّة له، وغيرها من المهمّات اليوميّة.[٥]
نهاية حلف وارسو
بعدَ مرور 20 سنة من إنشاء الحلف، تمّ تجديد المُعاهدة حسب ما نصَّ عليه أحد بُنود الاتّفاقية، وذلك عام 1985م، إلّا أنَّ الحِلف بدأ يضعف، وخاصّة بعدما أُدخِلت تعديلات البيريسترويكا من قِبل (ميخائيل غورباتشوف)، والتي أعادت تعريف العلاقات السوفيتيّة في دُوَل أوروبا الشرقيّة، ممَّا زاد التطلُّعات الوطنيّة في أوروبّا الشرقيّة، ومن العوامل الأُخرى التي أضعفت الحِلف: تراجُع الحالة الاقتصاديّة، وتغيُّر المشهد السياسيّ سنة 1987م؛ حيثُ حاول الاتّحاد السوفيتيّ التكيُّف مع الأوضاع؛ فأجرى تعديلاً على مبدأ مُنظَّمة التجارة العالميّة؛ للتأكيد على طابعها الدفاعيّ، وبالرغم من ذلك فإنَّ الحلف استمرَّ بالانهيار حتى أعلنت ألمانيا توحُّدها، فكان هذا التحوُّل السياسيّ خَرقاً لا يُمكن إصلاحه، وفي الأوَّل من شهر يوليو/تمّوز سنة 1991م، أُعلِن في اجتماعٍ أخير لقادة الحِلف في براغ أنَّ الحِلف غير موجود، وتمّ سَحْب قُوَّات الاتّحاد السوفيتيّ من البُلدان المُستقِلَّة، وانضمَّت دُوَل حِلف وارسو إلى حزب الناتو عدا روسيا السوفيتيّة.[٢][١]
المراجع
- ^ أ ب Shiveta Singh (25-11-2008), “Warsaw Pact”، www.britannica.com, Retrieved 1-11-2018. Edited.
- ^ أ ب Andrew A. Michta (2004), “Warsaw Treaty Organization”، www.encyclopedia.com, Retrieved 3-11-2018. Edited.
- ↑ “A Look Back … The Prague Spring & the Soviet Invasion of Czechoslovakia”, www.cia.gov,21-8-2008، Retrieved 3-11-2018. Edited.
- ^ أ ب إيمان قسطلي، صحرة ناصلي (2016)، حلف وارسو و أوروبا الشرقية في ظل القطبية الثنائية، الجزائر: جامعة العربي التبسي، صفحة 58-62. بتصرّف.
- ↑ “الأمانة العامة”، www.un.org، اطّلع عليه بتاريخ 3-11-2018. بتصرّف.