اسئلة دينية

كيف يتم إخراج زكاة الفطر

كيفيّة إخراج زكاة الفطر وأنواعها

اتّفق الفقهاء على مشروعيّة زكاة الفطر؛ بناءً على النصوص الشرعيّة، وأنّ إخراجها يكون في شهر رمضان المبارك، وقد كان الصحابة يخرجونها من أصناف مُعيَّنة من الطعام، ثمّ اختلف الفقهاء في إخراج زكاة الفطر من غير تلك الأصناف؛ بإخراج القيمة النقديّة لها مثلاً، فقد يلجأ المُزكّي إلى إخراج القيمة بدلاً عن الصنف لسبب مُعيّن، كحاجة الفقير إلى الحصول على النقود أكثر من حاجته إلى الطعام، أو عدم تمكّن المُزكّي من شراء الأصناف المخصوصة، كما أنّ توزيع النقود يُعَدّ أسهل من شراء الطعام، وتوزيعه.[١]

إخراج زكاة الفطر طعاماً

تتنوّع الأطعمة التي يجوز إخراجها في الزكاة، والتي كان يخرجها الصحابة، وهي: التمر، والزبيب، والبُرّ؛ أي القمح، والشعير، والأقط*؛ فقد ورد عن أبي سعيد الخدري أنّه قال: (كنَّا نُخرِجُ في صدقةِ الفطرِ إذ كان فينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صاعًا مِن طعامٍ أو صاعًا مِن تمرٍ أو صاعًا مِن شعيرٍ أو صاعًا مِن أَقِطٍ ولم نزَلْ كذلك حتَّى قدِم علينا معاويةُ مِن الشَّامِّ إلى المدينةِ قَدْمةً فكان فيما كلَّم به النَّاسَ: ما أرى مُدَّيْنِ مِن سمراءِ الشَّامِ إلَّا تعدِلُ صاعًا مِن هذه فأخَذ النَّاسُ بذلك)،[٢][٣]

والأصل أن يُخرج المُزكّي زكاة ماله من هذه الأصناف التي جاء ذِكرها في الحديث النبويّ الشريف، كما يجوز أن يتمّ إخراجها بصنف من الطعام الذي يغلب اعتماد القوم عليه في طعامهم، كالأرز مثلاً، وقد قُدِّر الصاع الذي ورد ذِكره في الحديث بكيلوَين ورُبع من وزن القمح بالأوزان الحالية، وإن اختار المُزكّي أن يخرِج صنفاً من غير تلك الواردة في الحديث، فإنّه يُعتبَر في قيمتها ما تمّ ذِكره في الحديث؛ ففي اللحم مثلاً يتمّ إخراج ما قيمته كيلوين ورُبع من القمح، وهكذا،[٣] ويُشار إلى أنّ الحكمة من فرض زكاة الفطر في أصلها من الطعام قلّة تداول النقود بين الناس في تلك الأوقات، فكان إعطاء الطعام أسهل عليهم من إخراج النقود، كما أنّ قيمة النقود تزيد وتنقص بين عَصر وعَصر، على العكس من الصاع فإنّه يقضي حاجة مُعيَّنة.[٤]

للمزيد من التفاصيل عن أنواع طعام زكاة الفطر الاطّلاع على مقالة: ((أنواع طعام زكاة الفطر)).

إخراج قيمة زكاة الفطر

اختلف العلماء على القول بحصر إخراج زكاة الفطر في الطعام على قولَين، هما:[٥]

  • أبو حنيفة وأصحابه: ذهبوا إلى أنّ الزكاة على اختلاف أنواعها يجوز أن يتمّ إخراجها بالقيمة، وأيّدهم في ذلك عمر بن عبدالعزيز، والحسن البصريّ، وسفيان الثوريّ، ووجهة نظرهم في ذلك أنّ كثرة الطعام عند المحتاج قد تفيض عن حاجته، ممّا يضطره إلى بَيعه؛ ليشتريَ ما يحتاجه، أمّا إن اُعطِي القيمة مباشرة، فإنّه يستطيع أن يشتريَ بها ما يحتاج إليه، وقد قال بذلك الإمام الرملي من الشافعيّة، وقال ابن تيمية بجواز دفع القيمة بدلاً من الطعام حين الحاجة، وترجيح المصلحة، فكان قوله وسطاً ما بين دفع القيمة، والطعام، وكلّ من أجاز دفع القيمة استند في قوله إلى قول الله -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ)؛[٦] فالمذكور في الآية أن يُؤخَذ من المُزكّي المال، والقيمة في زكاة الفطر تشبه المال، وعليه يُعَدّ إخراج القيمة أمراً جائزاً.
  • الشافعيّ ومالك وأحمد بن حنبل: ذهبوا إلى عدم جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة، بل يكون إخراجها طعاماً؛ واستدلّوا على ذلك بحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي ورد سابقاً في إخراج الطعام.

للمزيد من التفاصيل عن حكم إخراج زكاة الفطر نقداً الاطّلاع على مقالة: ((اخراج زكاة الفطر نقدا)).

وللمزيد من التفاصيل عن مقدار زكاة الفطر الاطّلاع على مقالة: ((كم مقدار زكاة الفطر للفرد الواحد)).

أفضل زكاة الفطر

وقع الاختلاف عند الحنفيّة في الأفضليّة بين دفع القيمة، أو إخراج الأصناف التي ورد ذِكرها في النصوص؛ فذهب بعضهم إلى أنّ إخراج الطعام هو الأفضل؛ التزاماً بالنصوص، وفصّل آخرون فقالوا إن كان وقت شدّة، كالمجاعات، فالأفضل إخراج الطعام، وإن كان وقت رخاء، فالأفضل دفع القيمة؛ حتى تُعينَ الفقير على قضاء ما يحتاج إليه من أمور أخرى غير الطعام، ويتّضح من خلال ذلك أنّ ما يُخرجه المُزكّي يرتكز في الدرجة الأولى على حاجة الفقير، ووضعه الأسريّ؛ فإن كانت حاجته إلى الطعام أكبر يكون الإخراج من الطعام، وإن كانت حاجته إلى النقود أكبر فيتمّ إخراج القيمة.[٧]

مَن يتمّ إخراج زكاة الفطر عنهم

معلوم أنّ زكاة الفطر واجبة على المسلمين جميعهم؛ سواء كانوا فقراء، أو أغنياء، فإن لم يجد المسلم معه ما يكفي حاجاته الأساسية فلا فِطرة عليه، أمّا إذا وجد زيادة في ماله ما يسدّ زكاة فرد واحد أخرجَ ما معه عن نفسه؛ وذلك اعتماداً على النفقة؛ فالمسلم يُنفق على نفسه أوّلاً، وكذلك في الزكاة، فإن أخرج عن نفسه وبقي معه ما يكفي، فإنّه يُخرج عن ولده الصغير؛ لأنّه يُنفق عليه، ثمّ يُخرج عن زوجته؛ لأنّ نفقتها تجب عليه في أحواله كلّها، ثمّ إن بقي معه شيء فإنّه يُخرج عن والدَيه، وإن كان مُخيَّراً بين الأب والأم، فالأمّ أولى؛ لأنّها أحقّ بالبِرّ من الأب، ولأنّها غير قادرة على كَسب المال، ثمّ يُخرج عن جدّه، ثمّ ينتقل إلى الأقرب فالأقرب على حسب ترتيب العصبات* في توزيع الميراث؛ فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ رجلاً قال: (يا رسولَ اللهِ! عندي دينارٌ، قال: تصدَّقْ به على نفسِك، قال: عندي آخرُ، قال: تصدَّق به على ولدِك، قال: عندي آخرُ، قال: تصدَّقْ به على زوجتِك، قال: عندي آخر، قال: تصدَّق به على خادمِك، قال: عندي آخرُ، قال: أنت أبصرُ به)،[٨] فالابن مقدّمٌ لأنه أصلٌ عن أبيه، ثم الزوجة لأنه واجب عليه النفقة عليها.[٩]

ويُعَدّ إخراج الزكاة عن الأولاد الكبار؛ سواء كانوا أغنياء، أو فقراء غير واجب على الوالد؛ إذ إنّ الأغنياء منهم يُخرجون عن أنفسهم، وعمّن هم تحت ولايتهم ولاية كاملة، أمّا الفقراء منهم فلا يُخرج عنهم؛ لأنّ ولايته عليهم ليست ولاية كاملة؛ فلو كان لهم مال، فهو لا يستطيع أن يتصرّف بهذا المال إلّا بإذن صاحبه، مع العلم بأنّه من الواجب عليه أن ينفق عليهم في حالة الفقر، أمّا إن كان له ولد مجنون على الرغم من كونه غنيّاً، فإنّه يدفع عنه الزكاة من مال هذا الابن، وإن كان فقيراً فإنّ الأب يدفع عنه من ماله الخاصّ؛ لأنّه يُنفق عليه وله ولاية كاملة عليه، وقال الحنفية إنّه لا يخرجها عن الأولاد الفقراء فيما لو كانوا كباراً؛ لأنّ ولايته عليهم ليست كاملة، أمّا المالكية فقالوا إنّه يخرجها عن الأولاد الذكور والإناث إن كانوا فقراء، وذهب الشافعيّة إلى أنّه يُخرج الزكاة عن فرعه؛ ذكراً، أو أنثى، صغيراً، أو كبيراً، بشرط أن يكونوا فقراء، وقال الحنابلة إنّه يُخرجها عن كلّ من تجب عليه نفقتهم.[١٠]

مكان دفع زكاة الفطر

يتمّ دفع زكاة الفطر في المكان الذي تجب على صاحبها فيه؛ أي المكان الذي يُوجَد فيه المُزكّي، حتى لو كان ماله في مكان آخر،[١١] كما يجوز أن تُنقَل أموال الزكاة إلى غير المكان الذي يُوجَد فيه مُزكّيها إلى مكان آخر، ويتأكّد هذا الجواز حين يكون المكان المنقول إليه بحاجة إليه؛ إمّا لكثرة وجود الفقراء فيه، أو بسبب حدوث كارثة، ممّا يضطر أهل ذلك المكان إلى طلب المساعدة، وقد نقل الصحابة الزكاة من اليمن إلى المدينة المُنوَّرة، وسار على هذا القول المُتأخِّرون من الشافعية، وكثير من المُتقدِّمين.[١٢]

للمزيد من التفاصيل عن زكاة الفطر الاطّلاع على المقالات الآتية:


الهامش

*العصبات: هم الذكور من أصول الرجل، أو فروعه، أو فروع أبيه، أو فروع جده، ولا تدخل في نسبته الأنثى.[١٣]
* الأقط: لبن يتمّ تحميضه حتّى يصبح كالحجارة، ويطبخ به، ومنه. [١٤]

المراجع

  1. عبد الله الغفيلي ، نوازل الزكاة دراسة فقهية تأصيلية لمستجدات الزكاة (الطبعة الأولى )، صفحة 515. بتصرّف.
  2. رواه ابن حبان ، في صحيح ابن حبان، عن أبي سعيد الخدري ، الصفحة أو الرقم: 3305 ، أخرجه في صحيحه .
  3. ^ أ ب وهبة الزحيلي ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة )، صفحة 7956-7957، جزء 10. بتصرّف.
  4. يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة (الطبعة الثانية)، بيروت : مؤسسة الرسالة ، صفحة 949. بتصرّف.
  5. أحمد الحسيني ، تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال، صفحة 125-127. بتصرّف.
  6. سورة التوبة، آية: 103.
  7. يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة ، بيروت : مؤسسة الرسالة ، صفحة 950-951، جزء الأول . بتصرّف.
  8. رواه ابن حبان ، في بلوغ المرام ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 179، صحيح.
  9. محمد بنهاوي (1408 هـ)، زكاة الفطر وآثارها الاجتماعية، صفحة 24-25. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 338-340، جزء 23. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 345، جزء 23. بتصرّف.
  12. لجنة الإفتاء (23-8-2012)، “هل يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2020. بتصرّف.
  13. “تعريف و معنى العصبة في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2020. بتصرّف.
  14. “تعريف و معنى الاقط في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كيفيّة إخراج زكاة الفطر وأنواعها

اتّفق الفقهاء على مشروعيّة زكاة الفطر؛ بناءً على النصوص الشرعيّة، وأنّ إخراجها يكون في شهر رمضان المبارك، وقد كان الصحابة يخرجونها من أصناف مُعيَّنة من الطعام، ثمّ اختلف الفقهاء في إخراج زكاة الفطر من غير تلك الأصناف؛ بإخراج القيمة النقديّة لها مثلاً، فقد يلجأ المُزكّي إلى إخراج القيمة بدلاً عن الصنف لسبب مُعيّن، كحاجة الفقير إلى الحصول على النقود أكثر من حاجته إلى الطعام، أو عدم تمكّن المُزكّي من شراء الأصناف المخصوصة، كما أنّ توزيع النقود يُعَدّ أسهل من شراء الطعام، وتوزيعه.[١]

إخراج زكاة الفطر طعاماً

تتنوّع الأطعمة التي يجوز إخراجها في الزكاة، والتي كان يخرجها الصحابة، وهي: التمر، والزبيب، والبُرّ؛ أي القمح، والشعير، والأقط*؛ فقد ورد عن أبي سعيد الخدري أنّه قال: (كنَّا نُخرِجُ في صدقةِ الفطرِ إذ كان فينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صاعًا مِن طعامٍ أو صاعًا مِن تمرٍ أو صاعًا مِن شعيرٍ أو صاعًا مِن أَقِطٍ ولم نزَلْ كذلك حتَّى قدِم علينا معاويةُ مِن الشَّامِّ إلى المدينةِ قَدْمةً فكان فيما كلَّم به النَّاسَ: ما أرى مُدَّيْنِ مِن سمراءِ الشَّامِ إلَّا تعدِلُ صاعًا مِن هذه فأخَذ النَّاسُ بذلك)،[٢][٣]

والأصل أن يُخرج المُزكّي زكاة ماله من هذه الأصناف التي جاء ذِكرها في الحديث النبويّ الشريف، كما يجوز أن يتمّ إخراجها بصنف من الطعام الذي يغلب اعتماد القوم عليه في طعامهم، كالأرز مثلاً، وقد قُدِّر الصاع الذي ورد ذِكره في الحديث بكيلوَين ورُبع من وزن القمح بالأوزان الحالية، وإن اختار المُزكّي أن يخرِج صنفاً من غير تلك الواردة في الحديث، فإنّه يُعتبَر في قيمتها ما تمّ ذِكره في الحديث؛ ففي اللحم مثلاً يتمّ إخراج ما قيمته كيلوين ورُبع من القمح، وهكذا،[٣] ويُشار إلى أنّ الحكمة من فرض زكاة الفطر في أصلها من الطعام قلّة تداول النقود بين الناس في تلك الأوقات، فكان إعطاء الطعام أسهل عليهم من إخراج النقود، كما أنّ قيمة النقود تزيد وتنقص بين عَصر وعَصر، على العكس من الصاع فإنّه يقضي حاجة مُعيَّنة.[٤]

للمزيد من التفاصيل عن أنواع طعام زكاة الفطر الاطّلاع على مقالة: ((أنواع طعام زكاة الفطر)).

إخراج قيمة زكاة الفطر

اختلف العلماء على القول بحصر إخراج زكاة الفطر في الطعام على قولَين، هما:[٥]

  • أبو حنيفة وأصحابه: ذهبوا إلى أنّ الزكاة على اختلاف أنواعها يجوز أن يتمّ إخراجها بالقيمة، وأيّدهم في ذلك عمر بن عبدالعزيز، والحسن البصريّ، وسفيان الثوريّ، ووجهة نظرهم في ذلك أنّ كثرة الطعام عند المحتاج قد تفيض عن حاجته، ممّا يضطره إلى بَيعه؛ ليشتريَ ما يحتاجه، أمّا إن اُعطِي القيمة مباشرة، فإنّه يستطيع أن يشتريَ بها ما يحتاج إليه، وقد قال بذلك الإمام الرملي من الشافعيّة، وقال ابن تيمية بجواز دفع القيمة بدلاً من الطعام حين الحاجة، وترجيح المصلحة، فكان قوله وسطاً ما بين دفع القيمة، والطعام، وكلّ من أجاز دفع القيمة استند في قوله إلى قول الله -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ)؛[٦] فالمذكور في الآية أن يُؤخَذ من المُزكّي المال، والقيمة في زكاة الفطر تشبه المال، وعليه يُعَدّ إخراج القيمة أمراً جائزاً.
  • الشافعيّ ومالك وأحمد بن حنبل: ذهبوا إلى عدم جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة، بل يكون إخراجها طعاماً؛ واستدلّوا على ذلك بحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي ورد سابقاً في إخراج الطعام.

للمزيد من التفاصيل عن حكم إخراج زكاة الفطر نقداً الاطّلاع على مقالة: ((اخراج زكاة الفطر نقدا)).

وللمزيد من التفاصيل عن مقدار زكاة الفطر الاطّلاع على مقالة: ((كم مقدار زكاة الفطر للفرد الواحد)).

أفضل زكاة الفطر

وقع الاختلاف عند الحنفيّة في الأفضليّة بين دفع القيمة، أو إخراج الأصناف التي ورد ذِكرها في النصوص؛ فذهب بعضهم إلى أنّ إخراج الطعام هو الأفضل؛ التزاماً بالنصوص، وفصّل آخرون فقالوا إن كان وقت شدّة، كالمجاعات، فالأفضل إخراج الطعام، وإن كان وقت رخاء، فالأفضل دفع القيمة؛ حتى تُعينَ الفقير على قضاء ما يحتاج إليه من أمور أخرى غير الطعام، ويتّضح من خلال ذلك أنّ ما يُخرجه المُزكّي يرتكز في الدرجة الأولى على حاجة الفقير، ووضعه الأسريّ؛ فإن كانت حاجته إلى الطعام أكبر يكون الإخراج من الطعام، وإن كانت حاجته إلى النقود أكبر فيتمّ إخراج القيمة.[٧]

مَن يتمّ إخراج زكاة الفطر عنهم

معلوم أنّ زكاة الفطر واجبة على المسلمين جميعهم؛ سواء كانوا فقراء، أو أغنياء، فإن لم يجد المسلم معه ما يكفي حاجاته الأساسية فلا فِطرة عليه، أمّا إذا وجد زيادة في ماله ما يسدّ زكاة فرد واحد أخرجَ ما معه عن نفسه؛ وذلك اعتماداً على النفقة؛ فالمسلم يُنفق على نفسه أوّلاً، وكذلك في الزكاة، فإن أخرج عن نفسه وبقي معه ما يكفي، فإنّه يُخرج عن ولده الصغير؛ لأنّه يُنفق عليه، ثمّ يُخرج عن زوجته؛ لأنّ نفقتها تجب عليه في أحواله كلّها، ثمّ إن بقي معه شيء فإنّه يُخرج عن والدَيه، وإن كان مُخيَّراً بين الأب والأم، فالأمّ أولى؛ لأنّها أحقّ بالبِرّ من الأب، ولأنّها غير قادرة على كَسب المال، ثمّ يُخرج عن جدّه، ثمّ ينتقل إلى الأقرب فالأقرب على حسب ترتيب العصبات* في توزيع الميراث؛ فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ رجلاً قال: (يا رسولَ اللهِ! عندي دينارٌ، قال: تصدَّقْ به على نفسِك، قال: عندي آخرُ، قال: تصدَّق به على ولدِك، قال: عندي آخرُ، قال: تصدَّقْ به على زوجتِك، قال: عندي آخر، قال: تصدَّق به على خادمِك، قال: عندي آخرُ، قال: أنت أبصرُ به)،[٨] فالابن مقدّمٌ لأنه أصلٌ عن أبيه، ثم الزوجة لأنه واجب عليه النفقة عليها.[٩]

ويُعَدّ إخراج الزكاة عن الأولاد الكبار؛ سواء كانوا أغنياء، أو فقراء غير واجب على الوالد؛ إذ إنّ الأغنياء منهم يُخرجون عن أنفسهم، وعمّن هم تحت ولايتهم ولاية كاملة، أمّا الفقراء منهم فلا يُخرج عنهم؛ لأنّ ولايته عليهم ليست ولاية كاملة؛ فلو كان لهم مال، فهو لا يستطيع أن يتصرّف بهذا المال إلّا بإذن صاحبه، مع العلم بأنّه من الواجب عليه أن ينفق عليهم في حالة الفقر، أمّا إن كان له ولد مجنون على الرغم من كونه غنيّاً، فإنّه يدفع عنه الزكاة من مال هذا الابن، وإن كان فقيراً فإنّ الأب يدفع عنه من ماله الخاصّ؛ لأنّه يُنفق عليه وله ولاية كاملة عليه، وقال الحنفية إنّه لا يخرجها عن الأولاد الفقراء فيما لو كانوا كباراً؛ لأنّ ولايته عليهم ليست كاملة، أمّا المالكية فقالوا إنّه يخرجها عن الأولاد الذكور والإناث إن كانوا فقراء، وذهب الشافعيّة إلى أنّه يُخرج الزكاة عن فرعه؛ ذكراً، أو أنثى، صغيراً، أو كبيراً، بشرط أن يكونوا فقراء، وقال الحنابلة إنّه يُخرجها عن كلّ من تجب عليه نفقتهم.[١٠]

مكان دفع زكاة الفطر

يتمّ دفع زكاة الفطر في المكان الذي تجب على صاحبها فيه؛ أي المكان الذي يُوجَد فيه المُزكّي، حتى لو كان ماله في مكان آخر،[١١] كما يجوز أن تُنقَل أموال الزكاة إلى غير المكان الذي يُوجَد فيه مُزكّيها إلى مكان آخر، ويتأكّد هذا الجواز حين يكون المكان المنقول إليه بحاجة إليه؛ إمّا لكثرة وجود الفقراء فيه، أو بسبب حدوث كارثة، ممّا يضطر أهل ذلك المكان إلى طلب المساعدة، وقد نقل الصحابة الزكاة من اليمن إلى المدينة المُنوَّرة، وسار على هذا القول المُتأخِّرون من الشافعية، وكثير من المُتقدِّمين.[١٢]

للمزيد من التفاصيل عن زكاة الفطر الاطّلاع على المقالات الآتية:


الهامش

*العصبات: هم الذكور من أصول الرجل، أو فروعه، أو فروع أبيه، أو فروع جده، ولا تدخل في نسبته الأنثى.[١٣]
* الأقط: لبن يتمّ تحميضه حتّى يصبح كالحجارة، ويطبخ به، ومنه. [١٤]

المراجع

  1. عبد الله الغفيلي ، نوازل الزكاة دراسة فقهية تأصيلية لمستجدات الزكاة (الطبعة الأولى )، صفحة 515. بتصرّف.
  2. رواه ابن حبان ، في صحيح ابن حبان، عن أبي سعيد الخدري ، الصفحة أو الرقم: 3305 ، أخرجه في صحيحه .
  3. ^ أ ب وهبة الزحيلي ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة )، صفحة 7956-7957، جزء 10. بتصرّف.
  4. يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة (الطبعة الثانية)، بيروت : مؤسسة الرسالة ، صفحة 949. بتصرّف.
  5. أحمد الحسيني ، تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال، صفحة 125-127. بتصرّف.
  6. سورة التوبة، آية: 103.
  7. يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة ، بيروت : مؤسسة الرسالة ، صفحة 950-951، جزء الأول . بتصرّف.
  8. رواه ابن حبان ، في بلوغ المرام ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 179، صحيح.
  9. محمد بنهاوي (1408 هـ)، زكاة الفطر وآثارها الاجتماعية، صفحة 24-25. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 338-340، جزء 23. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 345، جزء 23. بتصرّف.
  12. لجنة الإفتاء (23-8-2012)، “هل يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2020. بتصرّف.
  13. “تعريف و معنى العصبة في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2020. بتصرّف.
  14. “تعريف و معنى الاقط في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كيفيّة إخراج زكاة الفطر وأنواعها

اتّفق الفقهاء على مشروعيّة زكاة الفطر؛ بناءً على النصوص الشرعيّة، وأنّ إخراجها يكون في شهر رمضان المبارك، وقد كان الصحابة يخرجونها من أصناف مُعيَّنة من الطعام، ثمّ اختلف الفقهاء في إخراج زكاة الفطر من غير تلك الأصناف؛ بإخراج القيمة النقديّة لها مثلاً، فقد يلجأ المُزكّي إلى إخراج القيمة بدلاً عن الصنف لسبب مُعيّن، كحاجة الفقير إلى الحصول على النقود أكثر من حاجته إلى الطعام، أو عدم تمكّن المُزكّي من شراء الأصناف المخصوصة، كما أنّ توزيع النقود يُعَدّ أسهل من شراء الطعام، وتوزيعه.[١]

إخراج زكاة الفطر طعاماً

تتنوّع الأطعمة التي يجوز إخراجها في الزكاة، والتي كان يخرجها الصحابة، وهي: التمر، والزبيب، والبُرّ؛ أي القمح، والشعير، والأقط*؛ فقد ورد عن أبي سعيد الخدري أنّه قال: (كنَّا نُخرِجُ في صدقةِ الفطرِ إذ كان فينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صاعًا مِن طعامٍ أو صاعًا مِن تمرٍ أو صاعًا مِن شعيرٍ أو صاعًا مِن أَقِطٍ ولم نزَلْ كذلك حتَّى قدِم علينا معاويةُ مِن الشَّامِّ إلى المدينةِ قَدْمةً فكان فيما كلَّم به النَّاسَ: ما أرى مُدَّيْنِ مِن سمراءِ الشَّامِ إلَّا تعدِلُ صاعًا مِن هذه فأخَذ النَّاسُ بذلك)،[٢][٣]

والأصل أن يُخرج المُزكّي زكاة ماله من هذه الأصناف التي جاء ذِكرها في الحديث النبويّ الشريف، كما يجوز أن يتمّ إخراجها بصنف من الطعام الذي يغلب اعتماد القوم عليه في طعامهم، كالأرز مثلاً، وقد قُدِّر الصاع الذي ورد ذِكره في الحديث بكيلوَين ورُبع من وزن القمح بالأوزان الحالية، وإن اختار المُزكّي أن يخرِج صنفاً من غير تلك الواردة في الحديث، فإنّه يُعتبَر في قيمتها ما تمّ ذِكره في الحديث؛ ففي اللحم مثلاً يتمّ إخراج ما قيمته كيلوين ورُبع من القمح، وهكذا،[٣] ويُشار إلى أنّ الحكمة من فرض زكاة الفطر في أصلها من الطعام قلّة تداول النقود بين الناس في تلك الأوقات، فكان إعطاء الطعام أسهل عليهم من إخراج النقود، كما أنّ قيمة النقود تزيد وتنقص بين عَصر وعَصر، على العكس من الصاع فإنّه يقضي حاجة مُعيَّنة.[٤]

للمزيد من التفاصيل عن أنواع طعام زكاة الفطر الاطّلاع على مقالة: ((أنواع طعام زكاة الفطر)).

إخراج قيمة زكاة الفطر

اختلف العلماء على القول بحصر إخراج زكاة الفطر في الطعام على قولَين، هما:[٥]

  • أبو حنيفة وأصحابه: ذهبوا إلى أنّ الزكاة على اختلاف أنواعها يجوز أن يتمّ إخراجها بالقيمة، وأيّدهم في ذلك عمر بن عبدالعزيز، والحسن البصريّ، وسفيان الثوريّ، ووجهة نظرهم في ذلك أنّ كثرة الطعام عند المحتاج قد تفيض عن حاجته، ممّا يضطره إلى بَيعه؛ ليشتريَ ما يحتاجه، أمّا إن اُعطِي القيمة مباشرة، فإنّه يستطيع أن يشتريَ بها ما يحتاج إليه، وقد قال بذلك الإمام الرملي من الشافعيّة، وقال ابن تيمية بجواز دفع القيمة بدلاً من الطعام حين الحاجة، وترجيح المصلحة، فكان قوله وسطاً ما بين دفع القيمة، والطعام، وكلّ من أجاز دفع القيمة استند في قوله إلى قول الله -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ)؛[٦] فالمذكور في الآية أن يُؤخَذ من المُزكّي المال، والقيمة في زكاة الفطر تشبه المال، وعليه يُعَدّ إخراج القيمة أمراً جائزاً.
  • الشافعيّ ومالك وأحمد بن حنبل: ذهبوا إلى عدم جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة، بل يكون إخراجها طعاماً؛ واستدلّوا على ذلك بحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي ورد سابقاً في إخراج الطعام.

للمزيد من التفاصيل عن حكم إخراج زكاة الفطر نقداً الاطّلاع على مقالة: ((اخراج زكاة الفطر نقدا)).

وللمزيد من التفاصيل عن مقدار زكاة الفطر الاطّلاع على مقالة: ((كم مقدار زكاة الفطر للفرد الواحد)).

أفضل زكاة الفطر

وقع الاختلاف عند الحنفيّة في الأفضليّة بين دفع القيمة، أو إخراج الأصناف التي ورد ذِكرها في النصوص؛ فذهب بعضهم إلى أنّ إخراج الطعام هو الأفضل؛ التزاماً بالنصوص، وفصّل آخرون فقالوا إن كان وقت شدّة، كالمجاعات، فالأفضل إخراج الطعام، وإن كان وقت رخاء، فالأفضل دفع القيمة؛ حتى تُعينَ الفقير على قضاء ما يحتاج إليه من أمور أخرى غير الطعام، ويتّضح من خلال ذلك أنّ ما يُخرجه المُزكّي يرتكز في الدرجة الأولى على حاجة الفقير، ووضعه الأسريّ؛ فإن كانت حاجته إلى الطعام أكبر يكون الإخراج من الطعام، وإن كانت حاجته إلى النقود أكبر فيتمّ إخراج القيمة.[٧]

مَن يتمّ إخراج زكاة الفطر عنهم

معلوم أنّ زكاة الفطر واجبة على المسلمين جميعهم؛ سواء كانوا فقراء، أو أغنياء، فإن لم يجد المسلم معه ما يكفي حاجاته الأساسية فلا فِطرة عليه، أمّا إذا وجد زيادة في ماله ما يسدّ زكاة فرد واحد أخرجَ ما معه عن نفسه؛ وذلك اعتماداً على النفقة؛ فالمسلم يُنفق على نفسه أوّلاً، وكذلك في الزكاة، فإن أخرج عن نفسه وبقي معه ما يكفي، فإنّه يُخرج عن ولده الصغير؛ لأنّه يُنفق عليه، ثمّ يُخرج عن زوجته؛ لأنّ نفقتها تجب عليه في أحواله كلّها، ثمّ إن بقي معه شيء فإنّه يُخرج عن والدَيه، وإن كان مُخيَّراً بين الأب والأم، فالأمّ أولى؛ لأنّها أحقّ بالبِرّ من الأب، ولأنّها غير قادرة على كَسب المال، ثمّ يُخرج عن جدّه، ثمّ ينتقل إلى الأقرب فالأقرب على حسب ترتيب العصبات* في توزيع الميراث؛ فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ رجلاً قال: (يا رسولَ اللهِ! عندي دينارٌ، قال: تصدَّقْ به على نفسِك، قال: عندي آخرُ، قال: تصدَّق به على ولدِك، قال: عندي آخرُ، قال: تصدَّقْ به على زوجتِك، قال: عندي آخر، قال: تصدَّق به على خادمِك، قال: عندي آخرُ، قال: أنت أبصرُ به)،[٨] فالابن مقدّمٌ لأنه أصلٌ عن أبيه، ثم الزوجة لأنه واجب عليه النفقة عليها.[٩]

ويُعَدّ إخراج الزكاة عن الأولاد الكبار؛ سواء كانوا أغنياء، أو فقراء غير واجب على الوالد؛ إذ إنّ الأغنياء منهم يُخرجون عن أنفسهم، وعمّن هم تحت ولايتهم ولاية كاملة، أمّا الفقراء منهم فلا يُخرج عنهم؛ لأنّ ولايته عليهم ليست ولاية كاملة؛ فلو كان لهم مال، فهو لا يستطيع أن يتصرّف بهذا المال إلّا بإذن صاحبه، مع العلم بأنّه من الواجب عليه أن ينفق عليهم في حالة الفقر، أمّا إن كان له ولد مجنون على الرغم من كونه غنيّاً، فإنّه يدفع عنه الزكاة من مال هذا الابن، وإن كان فقيراً فإنّ الأب يدفع عنه من ماله الخاصّ؛ لأنّه يُنفق عليه وله ولاية كاملة عليه، وقال الحنفية إنّه لا يخرجها عن الأولاد الفقراء فيما لو كانوا كباراً؛ لأنّ ولايته عليهم ليست كاملة، أمّا المالكية فقالوا إنّه يخرجها عن الأولاد الذكور والإناث إن كانوا فقراء، وذهب الشافعيّة إلى أنّه يُخرج الزكاة عن فرعه؛ ذكراً، أو أنثى، صغيراً، أو كبيراً، بشرط أن يكونوا فقراء، وقال الحنابلة إنّه يُخرجها عن كلّ من تجب عليه نفقتهم.[١٠]

مكان دفع زكاة الفطر

يتمّ دفع زكاة الفطر في المكان الذي تجب على صاحبها فيه؛ أي المكان الذي يُوجَد فيه المُزكّي، حتى لو كان ماله في مكان آخر،[١١] كما يجوز أن تُنقَل أموال الزكاة إلى غير المكان الذي يُوجَد فيه مُزكّيها إلى مكان آخر، ويتأكّد هذا الجواز حين يكون المكان المنقول إليه بحاجة إليه؛ إمّا لكثرة وجود الفقراء فيه، أو بسبب حدوث كارثة، ممّا يضطر أهل ذلك المكان إلى طلب المساعدة، وقد نقل الصحابة الزكاة من اليمن إلى المدينة المُنوَّرة، وسار على هذا القول المُتأخِّرون من الشافعية، وكثير من المُتقدِّمين.[١٢]

للمزيد من التفاصيل عن زكاة الفطر الاطّلاع على المقالات الآتية:


الهامش

*العصبات: هم الذكور من أصول الرجل، أو فروعه، أو فروع أبيه، أو فروع جده، ولا تدخل في نسبته الأنثى.[١٣]
* الأقط: لبن يتمّ تحميضه حتّى يصبح كالحجارة، ويطبخ به، ومنه. [١٤]

المراجع

  1. عبد الله الغفيلي ، نوازل الزكاة دراسة فقهية تأصيلية لمستجدات الزكاة (الطبعة الأولى )، صفحة 515. بتصرّف.
  2. رواه ابن حبان ، في صحيح ابن حبان، عن أبي سعيد الخدري ، الصفحة أو الرقم: 3305 ، أخرجه في صحيحه .
  3. ^ أ ب وهبة الزحيلي ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة )، صفحة 7956-7957، جزء 10. بتصرّف.
  4. يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة (الطبعة الثانية)، بيروت : مؤسسة الرسالة ، صفحة 949. بتصرّف.
  5. أحمد الحسيني ، تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال، صفحة 125-127. بتصرّف.
  6. سورة التوبة، آية: 103.
  7. يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة ، بيروت : مؤسسة الرسالة ، صفحة 950-951، جزء الأول . بتصرّف.
  8. رواه ابن حبان ، في بلوغ المرام ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 179، صحيح.
  9. محمد بنهاوي (1408 هـ)، زكاة الفطر وآثارها الاجتماعية، صفحة 24-25. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 338-340، جزء 23. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 345، جزء 23. بتصرّف.
  12. لجنة الإفتاء (23-8-2012)، “هل يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2020. بتصرّف.
  13. “تعريف و معنى العصبة في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2020. بتصرّف.
  14. “تعريف و معنى الاقط في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كيفيّة إخراج زكاة الفطر وأنواعها

اتّفق الفقهاء على مشروعيّة زكاة الفطر؛ بناءً على النصوص الشرعيّة، وأنّ إخراجها يكون في شهر رمضان المبارك، وقد كان الصحابة يخرجونها من أصناف مُعيَّنة من الطعام، ثمّ اختلف الفقهاء في إخراج زكاة الفطر من غير تلك الأصناف؛ بإخراج القيمة النقديّة لها مثلاً، فقد يلجأ المُزكّي إلى إخراج القيمة بدلاً عن الصنف لسبب مُعيّن، كحاجة الفقير إلى الحصول على النقود أكثر من حاجته إلى الطعام، أو عدم تمكّن المُزكّي من شراء الأصناف المخصوصة، كما أنّ توزيع النقود يُعَدّ أسهل من شراء الطعام، وتوزيعه.[١]

إخراج زكاة الفطر طعاماً

تتنوّع الأطعمة التي يجوز إخراجها في الزكاة، والتي كان يخرجها الصحابة، وهي: التمر، والزبيب، والبُرّ؛ أي القمح، والشعير، والأقط*؛ فقد ورد عن أبي سعيد الخدري أنّه قال: (كنَّا نُخرِجُ في صدقةِ الفطرِ إذ كان فينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صاعًا مِن طعامٍ أو صاعًا مِن تمرٍ أو صاعًا مِن شعيرٍ أو صاعًا مِن أَقِطٍ ولم نزَلْ كذلك حتَّى قدِم علينا معاويةُ مِن الشَّامِّ إلى المدينةِ قَدْمةً فكان فيما كلَّم به النَّاسَ: ما أرى مُدَّيْنِ مِن سمراءِ الشَّامِ إلَّا تعدِلُ صاعًا مِن هذه فأخَذ النَّاسُ بذلك)،[٢][٣]

والأصل أن يُخرج المُزكّي زكاة ماله من هذه الأصناف التي جاء ذِكرها في الحديث النبويّ الشريف، كما يجوز أن يتمّ إخراجها بصنف من الطعام الذي يغلب اعتماد القوم عليه في طعامهم، كالأرز مثلاً، وقد قُدِّر الصاع الذي ورد ذِكره في الحديث بكيلوَين ورُبع من وزن القمح بالأوزان الحالية، وإن اختار المُزكّي أن يخرِج صنفاً من غير تلك الواردة في الحديث، فإنّه يُعتبَر في قيمتها ما تمّ ذِكره في الحديث؛ ففي اللحم مثلاً يتمّ إخراج ما قيمته كيلوين ورُبع من القمح، وهكذا،[٣] ويُشار إلى أنّ الحكمة من فرض زكاة الفطر في أصلها من الطعام قلّة تداول النقود بين الناس في تلك الأوقات، فكان إعطاء الطعام أسهل عليهم من إخراج النقود، كما أنّ قيمة النقود تزيد وتنقص بين عَصر وعَصر، على العكس من الصاع فإنّه يقضي حاجة مُعيَّنة.[٤]

للمزيد من التفاصيل عن أنواع طعام زكاة الفطر الاطّلاع على مقالة: ((أنواع طعام زكاة الفطر)).

إخراج قيمة زكاة الفطر

اختلف العلماء على القول بحصر إخراج زكاة الفطر في الطعام على قولَين، هما:[٥]

  • أبو حنيفة وأصحابه: ذهبوا إلى أنّ الزكاة على اختلاف أنواعها يجوز أن يتمّ إخراجها بالقيمة، وأيّدهم في ذلك عمر بن عبدالعزيز، والحسن البصريّ، وسفيان الثوريّ، ووجهة نظرهم في ذلك أنّ كثرة الطعام عند المحتاج قد تفيض عن حاجته، ممّا يضطره إلى بَيعه؛ ليشتريَ ما يحتاجه، أمّا إن اُعطِي القيمة مباشرة، فإنّه يستطيع أن يشتريَ بها ما يحتاج إليه، وقد قال بذلك الإمام الرملي من الشافعيّة، وقال ابن تيمية بجواز دفع القيمة بدلاً من الطعام حين الحاجة، وترجيح المصلحة، فكان قوله وسطاً ما بين دفع القيمة، والطعام، وكلّ من أجاز دفع القيمة استند في قوله إلى قول الله -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ)؛[٦] فالمذكور في الآية أن يُؤخَذ من المُزكّي المال، والقيمة في زكاة الفطر تشبه المال، وعليه يُعَدّ إخراج القيمة أمراً جائزاً.
  • الشافعيّ ومالك وأحمد بن حنبل: ذهبوا إلى عدم جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة، بل يكون إخراجها طعاماً؛ واستدلّوا على ذلك بحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي ورد سابقاً في إخراج الطعام.

للمزيد من التفاصيل عن حكم إخراج زكاة الفطر نقداً الاطّلاع على مقالة: ((اخراج زكاة الفطر نقدا)).

وللمزيد من التفاصيل عن مقدار زكاة الفطر الاطّلاع على مقالة: ((كم مقدار زكاة الفطر للفرد الواحد)).

أفضل زكاة الفطر

وقع الاختلاف عند الحنفيّة في الأفضليّة بين دفع القيمة، أو إخراج الأصناف التي ورد ذِكرها في النصوص؛ فذهب بعضهم إلى أنّ إخراج الطعام هو الأفضل؛ التزاماً بالنصوص، وفصّل آخرون فقالوا إن كان وقت شدّة، كالمجاعات، فالأفضل إخراج الطعام، وإن كان وقت رخاء، فالأفضل دفع القيمة؛ حتى تُعينَ الفقير على قضاء ما يحتاج إليه من أمور أخرى غير الطعام، ويتّضح من خلال ذلك أنّ ما يُخرجه المُزكّي يرتكز في الدرجة الأولى على حاجة الفقير، ووضعه الأسريّ؛ فإن كانت حاجته إلى الطعام أكبر يكون الإخراج من الطعام، وإن كانت حاجته إلى النقود أكبر فيتمّ إخراج القيمة.[٧]

مَن يتمّ إخراج زكاة الفطر عنهم

معلوم أنّ زكاة الفطر واجبة على المسلمين جميعهم؛ سواء كانوا فقراء، أو أغنياء، فإن لم يجد المسلم معه ما يكفي حاجاته الأساسية فلا فِطرة عليه، أمّا إذا وجد زيادة في ماله ما يسدّ زكاة فرد واحد أخرجَ ما معه عن نفسه؛ وذلك اعتماداً على النفقة؛ فالمسلم يُنفق على نفسه أوّلاً، وكذلك في الزكاة، فإن أخرج عن نفسه وبقي معه ما يكفي، فإنّه يُخرج عن ولده الصغير؛ لأنّه يُنفق عليه، ثمّ يُخرج عن زوجته؛ لأنّ نفقتها تجب عليه في أحواله كلّها، ثمّ إن بقي معه شيء فإنّه يُخرج عن والدَيه، وإن كان مُخيَّراً بين الأب والأم، فالأمّ أولى؛ لأنّها أحقّ بالبِرّ من الأب، ولأنّها غير قادرة على كَسب المال، ثمّ يُخرج عن جدّه، ثمّ ينتقل إلى الأقرب فالأقرب على حسب ترتيب العصبات* في توزيع الميراث؛ فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ رجلاً قال: (يا رسولَ اللهِ! عندي دينارٌ، قال: تصدَّقْ به على نفسِك، قال: عندي آخرُ، قال: تصدَّق به على ولدِك، قال: عندي آخرُ، قال: تصدَّقْ به على زوجتِك، قال: عندي آخر، قال: تصدَّق به على خادمِك، قال: عندي آخرُ، قال: أنت أبصرُ به)،[٨] فالابن مقدّمٌ لأنه أصلٌ عن أبيه، ثم الزوجة لأنه واجب عليه النفقة عليها.[٩]

ويُعَدّ إخراج الزكاة عن الأولاد الكبار؛ سواء كانوا أغنياء، أو فقراء غير واجب على الوالد؛ إذ إنّ الأغنياء منهم يُخرجون عن أنفسهم، وعمّن هم تحت ولايتهم ولاية كاملة، أمّا الفقراء منهم فلا يُخرج عنهم؛ لأنّ ولايته عليهم ليست ولاية كاملة؛ فلو كان لهم مال، فهو لا يستطيع أن يتصرّف بهذا المال إلّا بإذن صاحبه، مع العلم بأنّه من الواجب عليه أن ينفق عليهم في حالة الفقر، أمّا إن كان له ولد مجنون على الرغم من كونه غنيّاً، فإنّه يدفع عنه الزكاة من مال هذا الابن، وإن كان فقيراً فإنّ الأب يدفع عنه من ماله الخاصّ؛ لأنّه يُنفق عليه وله ولاية كاملة عليه، وقال الحنفية إنّه لا يخرجها عن الأولاد الفقراء فيما لو كانوا كباراً؛ لأنّ ولايته عليهم ليست كاملة، أمّا المالكية فقالوا إنّه يخرجها عن الأولاد الذكور والإناث إن كانوا فقراء، وذهب الشافعيّة إلى أنّه يُخرج الزكاة عن فرعه؛ ذكراً، أو أنثى، صغيراً، أو كبيراً، بشرط أن يكونوا فقراء، وقال الحنابلة إنّه يُخرجها عن كلّ من تجب عليه نفقتهم.[١٠]

مكان دفع زكاة الفطر

يتمّ دفع زكاة الفطر في المكان الذي تجب على صاحبها فيه؛ أي المكان الذي يُوجَد فيه المُزكّي، حتى لو كان ماله في مكان آخر،[١١] كما يجوز أن تُنقَل أموال الزكاة إلى غير المكان الذي يُوجَد فيه مُزكّيها إلى مكان آخر، ويتأكّد هذا الجواز حين يكون المكان المنقول إليه بحاجة إليه؛ إمّا لكثرة وجود الفقراء فيه، أو بسبب حدوث كارثة، ممّا يضطر أهل ذلك المكان إلى طلب المساعدة، وقد نقل الصحابة الزكاة من اليمن إلى المدينة المُنوَّرة، وسار على هذا القول المُتأخِّرون من الشافعية، وكثير من المُتقدِّمين.[١٢]

للمزيد من التفاصيل عن زكاة الفطر الاطّلاع على المقالات الآتية:


الهامش

*العصبات: هم الذكور من أصول الرجل، أو فروعه، أو فروع أبيه، أو فروع جده، ولا تدخل في نسبته الأنثى.[١٣]
* الأقط: لبن يتمّ تحميضه حتّى يصبح كالحجارة، ويطبخ به، ومنه. [١٤]

المراجع

  1. عبد الله الغفيلي ، نوازل الزكاة دراسة فقهية تأصيلية لمستجدات الزكاة (الطبعة الأولى )، صفحة 515. بتصرّف.
  2. رواه ابن حبان ، في صحيح ابن حبان، عن أبي سعيد الخدري ، الصفحة أو الرقم: 3305 ، أخرجه في صحيحه .
  3. ^ أ ب وهبة الزحيلي ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة )، صفحة 7956-7957، جزء 10. بتصرّف.
  4. يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة (الطبعة الثانية)، بيروت : مؤسسة الرسالة ، صفحة 949. بتصرّف.
  5. أحمد الحسيني ، تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال، صفحة 125-127. بتصرّف.
  6. سورة التوبة، آية: 103.
  7. يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة ، بيروت : مؤسسة الرسالة ، صفحة 950-951، جزء الأول . بتصرّف.
  8. رواه ابن حبان ، في بلوغ المرام ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 179، صحيح.
  9. محمد بنهاوي (1408 هـ)، زكاة الفطر وآثارها الاجتماعية، صفحة 24-25. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 338-340، جزء 23. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 345، جزء 23. بتصرّف.
  12. لجنة الإفتاء (23-8-2012)، “هل يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2020. بتصرّف.
  13. “تعريف و معنى العصبة في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2020. بتصرّف.
  14. “تعريف و معنى الاقط في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كيفيّة إخراج زكاة الفطر وأنواعها

اتّفق الفقهاء على مشروعيّة زكاة الفطر؛ بناءً على النصوص الشرعيّة، وأنّ إخراجها يكون في شهر رمضان المبارك، وقد كان الصحابة يخرجونها من أصناف مُعيَّنة من الطعام، ثمّ اختلف الفقهاء في إخراج زكاة الفطر من غير تلك الأصناف؛ بإخراج القيمة النقديّة لها مثلاً، فقد يلجأ المُزكّي إلى إخراج القيمة بدلاً عن الصنف لسبب مُعيّن، كحاجة الفقير إلى الحصول على النقود أكثر من حاجته إلى الطعام، أو عدم تمكّن المُزكّي من شراء الأصناف المخصوصة، كما أنّ توزيع النقود يُعَدّ أسهل من شراء الطعام، وتوزيعه.[١]

إخراج زكاة الفطر طعاماً

تتنوّع الأطعمة التي يجوز إخراجها في الزكاة، والتي كان يخرجها الصحابة، وهي: التمر، والزبيب، والبُرّ؛ أي القمح، والشعير، والأقط*؛ فقد ورد عن أبي سعيد الخدري أنّه قال: (كنَّا نُخرِجُ في صدقةِ الفطرِ إذ كان فينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صاعًا مِن طعامٍ أو صاعًا مِن تمرٍ أو صاعًا مِن شعيرٍ أو صاعًا مِن أَقِطٍ ولم نزَلْ كذلك حتَّى قدِم علينا معاويةُ مِن الشَّامِّ إلى المدينةِ قَدْمةً فكان فيما كلَّم به النَّاسَ: ما أرى مُدَّيْنِ مِن سمراءِ الشَّامِ إلَّا تعدِلُ صاعًا مِن هذه فأخَذ النَّاسُ بذلك)،[٢][٣]

والأصل أن يُخرج المُزكّي زكاة ماله من هذه الأصناف التي جاء ذِكرها في الحديث النبويّ الشريف، كما يجوز أن يتمّ إخراجها بصنف من الطعام الذي يغلب اعتماد القوم عليه في طعامهم، كالأرز مثلاً، وقد قُدِّر الصاع الذي ورد ذِكره في الحديث بكيلوَين ورُبع من وزن القمح بالأوزان الحالية، وإن اختار المُزكّي أن يخرِج صنفاً من غير تلك الواردة في الحديث، فإنّه يُعتبَر في قيمتها ما تمّ ذِكره في الحديث؛ ففي اللحم مثلاً يتمّ إخراج ما قيمته كيلوين ورُبع من القمح، وهكذا،[٣] ويُشار إلى أنّ الحكمة من فرض زكاة الفطر في أصلها من الطعام قلّة تداول النقود بين الناس في تلك الأوقات، فكان إعطاء الطعام أسهل عليهم من إخراج النقود، كما أنّ قيمة النقود تزيد وتنقص بين عَصر وعَصر، على العكس من الصاع فإنّه يقضي حاجة مُعيَّنة.[٤]

للمزيد من التفاصيل عن أنواع طعام زكاة الفطر الاطّلاع على مقالة: ((أنواع طعام زكاة الفطر)).

إخراج قيمة زكاة الفطر

اختلف العلماء على القول بحصر إخراج زكاة الفطر في الطعام على قولَين، هما:[٥]

  • أبو حنيفة وأصحابه: ذهبوا إلى أنّ الزكاة على اختلاف أنواعها يجوز أن يتمّ إخراجها بالقيمة، وأيّدهم في ذلك عمر بن عبدالعزيز، والحسن البصريّ، وسفيان الثوريّ، ووجهة نظرهم في ذلك أنّ كثرة الطعام عند المحتاج قد تفيض عن حاجته، ممّا يضطره إلى بَيعه؛ ليشتريَ ما يحتاجه، أمّا إن اُعطِي القيمة مباشرة، فإنّه يستطيع أن يشتريَ بها ما يحتاج إليه، وقد قال بذلك الإمام الرملي من الشافعيّة، وقال ابن تيمية بجواز دفع القيمة بدلاً من الطعام حين الحاجة، وترجيح المصلحة، فكان قوله وسطاً ما بين دفع القيمة، والطعام، وكلّ من أجاز دفع القيمة استند في قوله إلى قول الله -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ)؛[٦] فالمذكور في الآية أن يُؤخَذ من المُزكّي المال، والقيمة في زكاة الفطر تشبه المال، وعليه يُعَدّ إخراج القيمة أمراً جائزاً.
  • الشافعيّ ومالك وأحمد بن حنبل: ذهبوا إلى عدم جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة، بل يكون إخراجها طعاماً؛ واستدلّوا على ذلك بحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي ورد سابقاً في إخراج الطعام.

للمزيد من التفاصيل عن حكم إخراج زكاة الفطر نقداً الاطّلاع على مقالة: ((اخراج زكاة الفطر نقدا)).

وللمزيد من التفاصيل عن مقدار زكاة الفطر الاطّلاع على مقالة: ((كم مقدار زكاة الفطر للفرد الواحد)).

أفضل زكاة الفطر

وقع الاختلاف عند الحنفيّة في الأفضليّة بين دفع القيمة، أو إخراج الأصناف التي ورد ذِكرها في النصوص؛ فذهب بعضهم إلى أنّ إخراج الطعام هو الأفضل؛ التزاماً بالنصوص، وفصّل آخرون فقالوا إن كان وقت شدّة، كالمجاعات، فالأفضل إخراج الطعام، وإن كان وقت رخاء، فالأفضل دفع القيمة؛ حتى تُعينَ الفقير على قضاء ما يحتاج إليه من أمور أخرى غير الطعام، ويتّضح من خلال ذلك أنّ ما يُخرجه المُزكّي يرتكز في الدرجة الأولى على حاجة الفقير، ووضعه الأسريّ؛ فإن كانت حاجته إلى الطعام أكبر يكون الإخراج من الطعام، وإن كانت حاجته إلى النقود أكبر فيتمّ إخراج القيمة.[٧]

مَن يتمّ إخراج زكاة الفطر عنهم

معلوم أنّ زكاة الفطر واجبة على المسلمين جميعهم؛ سواء كانوا فقراء، أو أغنياء، فإن لم يجد المسلم معه ما يكفي حاجاته الأساسية فلا فِطرة عليه، أمّا إذا وجد زيادة في ماله ما يسدّ زكاة فرد واحد أخرجَ ما معه عن نفسه؛ وذلك اعتماداً على النفقة؛ فالمسلم يُنفق على نفسه أوّلاً، وكذلك في الزكاة، فإن أخرج عن نفسه وبقي معه ما يكفي، فإنّه يُخرج عن ولده الصغير؛ لأنّه يُنفق عليه، ثمّ يُخرج عن زوجته؛ لأنّ نفقتها تجب عليه في أحواله كلّها، ثمّ إن بقي معه شيء فإنّه يُخرج عن والدَيه، وإن كان مُخيَّراً بين الأب والأم، فالأمّ أولى؛ لأنّها أحقّ بالبِرّ من الأب، ولأنّها غير قادرة على كَسب المال، ثمّ يُخرج عن جدّه، ثمّ ينتقل إلى الأقرب فالأقرب على حسب ترتيب العصبات* في توزيع الميراث؛ فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ رجلاً قال: (يا رسولَ اللهِ! عندي دينارٌ، قال: تصدَّقْ به على نفسِك، قال: عندي آخرُ، قال: تصدَّق به على ولدِك، قال: عندي آخرُ، قال: تصدَّقْ به على زوجتِك، قال: عندي آخر، قال: تصدَّق به على خادمِك، قال: عندي آخرُ، قال: أنت أبصرُ به)،[٨] فالابن مقدّمٌ لأنه أصلٌ عن أبيه، ثم الزوجة لأنه واجب عليه النفقة عليها.[٩]

ويُعَدّ إخراج الزكاة عن الأولاد الكبار؛ سواء كانوا أغنياء، أو فقراء غير واجب على الوالد؛ إذ إنّ الأغنياء منهم يُخرجون عن أنفسهم، وعمّن هم تحت ولايتهم ولاية كاملة، أمّا الفقراء منهم فلا يُخرج عنهم؛ لأنّ ولايته عليهم ليست ولاية كاملة؛ فلو كان لهم مال، فهو لا يستطيع أن يتصرّف بهذا المال إلّا بإذن صاحبه، مع العلم بأنّه من الواجب عليه أن ينفق عليهم في حالة الفقر، أمّا إن كان له ولد مجنون على الرغم من كونه غنيّاً، فإنّه يدفع عنه الزكاة من مال هذا الابن، وإن كان فقيراً فإنّ الأب يدفع عنه من ماله الخاصّ؛ لأنّه يُنفق عليه وله ولاية كاملة عليه، وقال الحنفية إنّه لا يخرجها عن الأولاد الفقراء فيما لو كانوا كباراً؛ لأنّ ولايته عليهم ليست كاملة، أمّا المالكية فقالوا إنّه يخرجها عن الأولاد الذكور والإناث إن كانوا فقراء، وذهب الشافعيّة إلى أنّه يُخرج الزكاة عن فرعه؛ ذكراً، أو أنثى، صغيراً، أو كبيراً، بشرط أن يكونوا فقراء، وقال الحنابلة إنّه يُخرجها عن كلّ من تجب عليه نفقتهم.[١٠]

مكان دفع زكاة الفطر

يتمّ دفع زكاة الفطر في المكان الذي تجب على صاحبها فيه؛ أي المكان الذي يُوجَد فيه المُزكّي، حتى لو كان ماله في مكان آخر،[١١] كما يجوز أن تُنقَل أموال الزكاة إلى غير المكان الذي يُوجَد فيه مُزكّيها إلى مكان آخر، ويتأكّد هذا الجواز حين يكون المكان المنقول إليه بحاجة إليه؛ إمّا لكثرة وجود الفقراء فيه، أو بسبب حدوث كارثة، ممّا يضطر أهل ذلك المكان إلى طلب المساعدة، وقد نقل الصحابة الزكاة من اليمن إلى المدينة المُنوَّرة، وسار على هذا القول المُتأخِّرون من الشافعية، وكثير من المُتقدِّمين.[١٢]

للمزيد من التفاصيل عن زكاة الفطر الاطّلاع على المقالات الآتية:


الهامش

*العصبات: هم الذكور من أصول الرجل، أو فروعه، أو فروع أبيه، أو فروع جده، ولا تدخل في نسبته الأنثى.[١٣]
* الأقط: لبن يتمّ تحميضه حتّى يصبح كالحجارة، ويطبخ به، ومنه. [١٤]

المراجع

  1. عبد الله الغفيلي ، نوازل الزكاة دراسة فقهية تأصيلية لمستجدات الزكاة (الطبعة الأولى )، صفحة 515. بتصرّف.
  2. رواه ابن حبان ، في صحيح ابن حبان، عن أبي سعيد الخدري ، الصفحة أو الرقم: 3305 ، أخرجه في صحيحه .
  3. ^ أ ب وهبة الزحيلي ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة )، صفحة 7956-7957، جزء 10. بتصرّف.
  4. يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة (الطبعة الثانية)، بيروت : مؤسسة الرسالة ، صفحة 949. بتصرّف.
  5. أحمد الحسيني ، تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال، صفحة 125-127. بتصرّف.
  6. سورة التوبة، آية: 103.
  7. يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة ، بيروت : مؤسسة الرسالة ، صفحة 950-951، جزء الأول . بتصرّف.
  8. رواه ابن حبان ، في بلوغ المرام ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 179، صحيح.
  9. محمد بنهاوي (1408 هـ)، زكاة الفطر وآثارها الاجتماعية، صفحة 24-25. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 338-340، جزء 23. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 345، جزء 23. بتصرّف.
  12. لجنة الإفتاء (23-8-2012)، “هل يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2020. بتصرّف.
  13. “تعريف و معنى العصبة في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2020. بتصرّف.
  14. “تعريف و معنى الاقط في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى