احكام الشريعة الاسلامية

ما حكم زكاة الفطر

حُكم زكاة الفطر

تُعَدّ زكاة الفطر عند جمهور الفقهاء واجبة على كلّ مسلم ومسلمة، وقد حدّدها الشارع بصاع* من حِنطة، أو شعير، أو تمر، ويُشار إلى أنّها فُرِضت في السنة الثانية من الهجرة في شعبان من العام نفسه الذي فُرِض فيه الصيام، والدليل على وجوبها ما يأتي:[١]

  • ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى النَّاسِ، صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، علَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، مِنَ المُسْلِمِينَ).[٢]
  • ما رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: (كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كانَ فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ، عن كُلِّ صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ، حُرٍّ، أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِن طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِن أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ علَى المِنْبَرِ، فَكانَ فِيما كَلَّمَ به النَّاسَ أَنْ قالَ: إنِّي أَرَى أنَّ مُدَّيْنِ مِن سَمْرَاءِ الشَّامِ، تَعْدِلُ صَاعًا مِن تَمْرٍ فأخَذَ النَّاسُ بذلكَ. قالَ أَبُو سَعِيدٍ: فأمَّا أَنَا فلا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كما كُنْتُ أُخْرِجُهُ، أَبَدًا ما عِشْتُ).[٣]

حكمة مشروعية زكاة الفطر

جاء التّشريع بوجوب زكاة الفطر يحمل حِكَماً بالغةً ومقاصد سامية، ومنها ما يأتي:[٤]

  • تُعَدّ مُطهِّرةً لنفس الصائم من اللغو؛ وهو الكلام الذي لا خير فيه، وهي مُطهّرة لنفسه من الرفث؛ أي الفحش، والسقط من الكلام؛ لأنّ الصائم خلال صومه لا يخلو أن يقع في نقص بوجه من الوجوه، فتجبر زكاة الفطر ما وقع فيه من الزّلل.[٥]
  • تُحقِّق الثواب والأجر العظيم، إذ يُثاب مُخرجها في الوقت المُحدَّد لها.
  • تُعَدّ زكاةً للبدن؛ فهي واجبة على كلّ مسلم؛ كبيراً كان أم صغيراً، ذكراً أو أنثى، غنيّاً أو فقيراً؛ شُكراً لله على عُمره الذي وهبه الله إيّاه.
  • تُعدُّ سبيلاً لحمد الله وشكره على إتمام صيام رمضان، وعلى باقي النِّعَم التي لا تُعَدّ، ولا تُحصى.

حُكم من لم يُخرج زكاة الفطر

اتّفق الفقهاء على أنّ زكاة الفطر تُؤدّى قبل صلاة العيد؛ بدليل ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بإخْرَاجِ زَكَاةِ الفِطْرِ، أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ)[٦] وقد أجاز العلماء إخراجها قبل العيد بيوم، أو يومَين؛ حتى يستطيع الفقير الانتفاع بها؛ تحقيقاً لحكمة زكاة الفطر، فإن أخرجها قبل الصلاة فقد أدّى الفرض، ويُؤجَر على ذلك، وإن أُخرِجت بعد الصلاة فهي صدقة كما ورد عن ابن عبّاس؛ إذ إنّ صيام المسلم يبقى مُعلَّقاً حتى يُخرج زكاة الفطر، فلا يُعفى منها حتى يخرجها، إلّا أنّها تكون بأجر الصدقة، وليست بأجر الزكاة،[٧] وذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أنّ من لم يخرج زكاة الفطر في وقتها المُحدَّد مع قدرته على إخراجها آثم، وهي دَينٌ لا يسقط إلّا بأدائها، وصرّح الحنفية بكراهة تأخيرها فقط، ووقت قضائها عندهم مُتاح وغير مُحدَّد بزمن.[٨]

حكم نسيان إخراج زكاة الفطر

إذا نسي المسلم إخراج زكاة الفطر في وقتها المحدّد شرعاً فحينئذٍ يلزمه إخراجها عندما يتذكّرها ولو طالت المدة، وليس عليه حرجٌ شرعاً أو كفارة طالما كان السبب هو النسيان؛ لأنه معذور بذلك، أما إذا وكّل شخصاً موثوقاً أو جمعية خيرية موثوق بها ونحوه قبل العيد ثم حصل التأخير من قِبل الوكيل في إخراج زكاة الفطر بوقتها الشرعي فلا يلحقه الإثم؛ وذلك لأنه أخرج الزكاة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وبذل جهده بدون تفريط، وقد أخرج الصدقة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وإنّما الإثم يكون على الوكيل إذا فرّط في ذلك لأنه هو الذي تسبّب في التأخير بدون عذر.[٩]

أثر إخراج زكاة الفطر على المجتمع

يُعَدّ أثر زكاة الفطر كبيراً في المجتمع؛ فهي توفّر للفقير وأهله المؤونةَ التي يحتاجونها يوم العيد، وتنشر الفرحة في قلوبهم دون حاجتهم إلى سؤال الناس،[٤] ولا شكّ أنّ لزكاة الفطر أثر عظيم في تكافل المجتمع وتماسُكه؛ إذ إنّها تُؤثّر في أفراده خاصّة، الأمر الذي يُؤثّر إيجاباً في مجتمعهم عامّة، كما أنّ زكاة الفطر تَجبُر وتُتمّم صيام المسلم من النواقص والذنوب؛ كي لا يكون نتاج صيامه هو الجوع والعطش فقط، كما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (رُبَّ قائمٍ ليس له من قيامهِ إلَّا السهرُ ورُبَّ صائمٍ ليس له من صومهِ إلَّا الجوعُ والعطشُ)؛[١٠] فهي تجبر نقصه، وأخطاءه، وتُطهّره من المعاصي، فيُقبِل على العيد بنفسٍ راضية، وسعيدة، وهي أيضاً تربط الأفراد ببعضهم، وتُؤلّف بين قلوبهم، وتنشر الرحمة والمودّة بينهم، وتُعزّز قِيم التعاون، والعطاء، والبَذل في سبيل رضا الله -تعالى-، ممّا يُحقّق الرضا، والراحة، والسرور لأفراد المجتمع جميعهم، ويُبعد عنهم الحقد، والبغضاء، والحسد، والظلم، وغضب الله -سبحانه وتعالى-.[١١]

للمزيد من التفاصيل عن الاطّلاع على المقالات الآتية:


الهامش

* الصاع: مقدار يُكال به، وهو شرعاً يوازي 2.948 كلغ أي ثلاث كيلو تقريبا، وهو يوازي أربعة أمداد، وله مقادير أخرى بحسب البلدان.[١٢]

المراجع

  1. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الطبعة الرَّابعة)، سوريَّة-دمشق: دار الفكر ، صفحة 2035-2036، جزء الجزء 3. بتصرّف.
  2. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 984، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 985 ، صحيح.
  4. ^ أ ب عبدالله المعيدي، المختصر في أحكام زكاة الفطر، صفحة 3. بتصرّف.
  5. عبد الله الجبرين (29-رمضان-1428ه)، “الحكمة من زكاة الفطر و تقسيمها على عدة فقراء”، المسلم، اطّلع عليه بتاريخ 29-1-2020. بتصرّف.
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 986 ، صحيح.
  7. “مضى العيد ولم يخرج زكاة الفطر”، www.ar.islamway.net، 2008-09-28 ، اطّلع عليه بتاريخ 28-1-2020. بتصرّف.
  8. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (1404 – 1427 ه)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة لطبعة الأولى )، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 41، جزء الجزء 34. بتصرّف.
  9. خالد البليهد، “حكم نسيان إخراج صدقة الفطر”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-2-2020. بتصرّف.
  10. رواه السفاريني الحنبلي ، في شرح كتاب الشهاب، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 607 ، إسناده صحيح.
  11. محمد البنهاوي، زكاة الفطر و آثارها الإجتماعية، صفحة 50-51. بتصرّف.
  12. “تعريف ومعنى صاع في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-7-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

حُكم زكاة الفطر

تُعَدّ زكاة الفطر عند جمهور الفقهاء واجبة على كلّ مسلم ومسلمة، وقد حدّدها الشارع بصاع* من حِنطة، أو شعير، أو تمر، ويُشار إلى أنّها فُرِضت في السنة الثانية من الهجرة في شعبان من العام نفسه الذي فُرِض فيه الصيام، والدليل على وجوبها ما يأتي:[١]

  • ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى النَّاسِ، صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، علَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، مِنَ المُسْلِمِينَ).[٢]
  • ما رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: (كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كانَ فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ، عن كُلِّ صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ، حُرٍّ، أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِن طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِن أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ علَى المِنْبَرِ، فَكانَ فِيما كَلَّمَ به النَّاسَ أَنْ قالَ: إنِّي أَرَى أنَّ مُدَّيْنِ مِن سَمْرَاءِ الشَّامِ، تَعْدِلُ صَاعًا مِن تَمْرٍ فأخَذَ النَّاسُ بذلكَ. قالَ أَبُو سَعِيدٍ: فأمَّا أَنَا فلا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كما كُنْتُ أُخْرِجُهُ، أَبَدًا ما عِشْتُ).[٣]

حكمة مشروعية زكاة الفطر

جاء التّشريع بوجوب زكاة الفطر يحمل حِكَماً بالغةً ومقاصد سامية، ومنها ما يأتي:[٤]

  • تُعَدّ مُطهِّرةً لنفس الصائم من اللغو؛ وهو الكلام الذي لا خير فيه، وهي مُطهّرة لنفسه من الرفث؛ أي الفحش، والسقط من الكلام؛ لأنّ الصائم خلال صومه لا يخلو أن يقع في نقص بوجه من الوجوه، فتجبر زكاة الفطر ما وقع فيه من الزّلل.[٥]
  • تُحقِّق الثواب والأجر العظيم، إذ يُثاب مُخرجها في الوقت المُحدَّد لها.
  • تُعَدّ زكاةً للبدن؛ فهي واجبة على كلّ مسلم؛ كبيراً كان أم صغيراً، ذكراً أو أنثى، غنيّاً أو فقيراً؛ شُكراً لله على عُمره الذي وهبه الله إيّاه.
  • تُعدُّ سبيلاً لحمد الله وشكره على إتمام صيام رمضان، وعلى باقي النِّعَم التي لا تُعَدّ، ولا تُحصى.

حُكم من لم يُخرج زكاة الفطر

اتّفق الفقهاء على أنّ زكاة الفطر تُؤدّى قبل صلاة العيد؛ بدليل ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بإخْرَاجِ زَكَاةِ الفِطْرِ، أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ)[٦] وقد أجاز العلماء إخراجها قبل العيد بيوم، أو يومَين؛ حتى يستطيع الفقير الانتفاع بها؛ تحقيقاً لحكمة زكاة الفطر، فإن أخرجها قبل الصلاة فقد أدّى الفرض، ويُؤجَر على ذلك، وإن أُخرِجت بعد الصلاة فهي صدقة كما ورد عن ابن عبّاس؛ إذ إنّ صيام المسلم يبقى مُعلَّقاً حتى يُخرج زكاة الفطر، فلا يُعفى منها حتى يخرجها، إلّا أنّها تكون بأجر الصدقة، وليست بأجر الزكاة،[٧] وذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أنّ من لم يخرج زكاة الفطر في وقتها المُحدَّد مع قدرته على إخراجها آثم، وهي دَينٌ لا يسقط إلّا بأدائها، وصرّح الحنفية بكراهة تأخيرها فقط، ووقت قضائها عندهم مُتاح وغير مُحدَّد بزمن.[٨]

حكم نسيان إخراج زكاة الفطر

إذا نسي المسلم إخراج زكاة الفطر في وقتها المحدّد شرعاً فحينئذٍ يلزمه إخراجها عندما يتذكّرها ولو طالت المدة، وليس عليه حرجٌ شرعاً أو كفارة طالما كان السبب هو النسيان؛ لأنه معذور بذلك، أما إذا وكّل شخصاً موثوقاً أو جمعية خيرية موثوق بها ونحوه قبل العيد ثم حصل التأخير من قِبل الوكيل في إخراج زكاة الفطر بوقتها الشرعي فلا يلحقه الإثم؛ وذلك لأنه أخرج الزكاة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وبذل جهده بدون تفريط، وقد أخرج الصدقة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وإنّما الإثم يكون على الوكيل إذا فرّط في ذلك لأنه هو الذي تسبّب في التأخير بدون عذر.[٩]

أثر إخراج زكاة الفطر على المجتمع

يُعَدّ أثر زكاة الفطر كبيراً في المجتمع؛ فهي توفّر للفقير وأهله المؤونةَ التي يحتاجونها يوم العيد، وتنشر الفرحة في قلوبهم دون حاجتهم إلى سؤال الناس،[٤] ولا شكّ أنّ لزكاة الفطر أثر عظيم في تكافل المجتمع وتماسُكه؛ إذ إنّها تُؤثّر في أفراده خاصّة، الأمر الذي يُؤثّر إيجاباً في مجتمعهم عامّة، كما أنّ زكاة الفطر تَجبُر وتُتمّم صيام المسلم من النواقص والذنوب؛ كي لا يكون نتاج صيامه هو الجوع والعطش فقط، كما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (رُبَّ قائمٍ ليس له من قيامهِ إلَّا السهرُ ورُبَّ صائمٍ ليس له من صومهِ إلَّا الجوعُ والعطشُ)؛[١٠] فهي تجبر نقصه، وأخطاءه، وتُطهّره من المعاصي، فيُقبِل على العيد بنفسٍ راضية، وسعيدة، وهي أيضاً تربط الأفراد ببعضهم، وتُؤلّف بين قلوبهم، وتنشر الرحمة والمودّة بينهم، وتُعزّز قِيم التعاون، والعطاء، والبَذل في سبيل رضا الله -تعالى-، ممّا يُحقّق الرضا، والراحة، والسرور لأفراد المجتمع جميعهم، ويُبعد عنهم الحقد، والبغضاء، والحسد، والظلم، وغضب الله -سبحانه وتعالى-.[١١]

للمزيد من التفاصيل عن الاطّلاع على المقالات الآتية:


الهامش

* الصاع: مقدار يُكال به، وهو شرعاً يوازي 2.948 كلغ أي ثلاث كيلو تقريبا، وهو يوازي أربعة أمداد، وله مقادير أخرى بحسب البلدان.[١٢]

المراجع

  1. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الطبعة الرَّابعة)، سوريَّة-دمشق: دار الفكر ، صفحة 2035-2036، جزء الجزء 3. بتصرّف.
  2. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 984، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 985 ، صحيح.
  4. ^ أ ب عبدالله المعيدي، المختصر في أحكام زكاة الفطر، صفحة 3. بتصرّف.
  5. عبد الله الجبرين (29-رمضان-1428ه)، “الحكمة من زكاة الفطر و تقسيمها على عدة فقراء”، المسلم، اطّلع عليه بتاريخ 29-1-2020. بتصرّف.
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 986 ، صحيح.
  7. “مضى العيد ولم يخرج زكاة الفطر”، www.ar.islamway.net، 2008-09-28 ، اطّلع عليه بتاريخ 28-1-2020. بتصرّف.
  8. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (1404 – 1427 ه)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة لطبعة الأولى )، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 41، جزء الجزء 34. بتصرّف.
  9. خالد البليهد، “حكم نسيان إخراج صدقة الفطر”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-2-2020. بتصرّف.
  10. رواه السفاريني الحنبلي ، في شرح كتاب الشهاب، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 607 ، إسناده صحيح.
  11. محمد البنهاوي، زكاة الفطر و آثارها الإجتماعية، صفحة 50-51. بتصرّف.
  12. “تعريف ومعنى صاع في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-7-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

حُكم زكاة الفطر

تُعَدّ زكاة الفطر عند جمهور الفقهاء واجبة على كلّ مسلم ومسلمة، وقد حدّدها الشارع بصاع* من حِنطة، أو شعير، أو تمر، ويُشار إلى أنّها فُرِضت في السنة الثانية من الهجرة في شعبان من العام نفسه الذي فُرِض فيه الصيام، والدليل على وجوبها ما يأتي:[١]

  • ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى النَّاسِ، صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، علَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، مِنَ المُسْلِمِينَ).[٢]
  • ما رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: (كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كانَ فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ، عن كُلِّ صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ، حُرٍّ، أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِن طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِن أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ علَى المِنْبَرِ، فَكانَ فِيما كَلَّمَ به النَّاسَ أَنْ قالَ: إنِّي أَرَى أنَّ مُدَّيْنِ مِن سَمْرَاءِ الشَّامِ، تَعْدِلُ صَاعًا مِن تَمْرٍ فأخَذَ النَّاسُ بذلكَ. قالَ أَبُو سَعِيدٍ: فأمَّا أَنَا فلا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كما كُنْتُ أُخْرِجُهُ، أَبَدًا ما عِشْتُ).[٣]

حكمة مشروعية زكاة الفطر

جاء التّشريع بوجوب زكاة الفطر يحمل حِكَماً بالغةً ومقاصد سامية، ومنها ما يأتي:[٤]

  • تُعَدّ مُطهِّرةً لنفس الصائم من اللغو؛ وهو الكلام الذي لا خير فيه، وهي مُطهّرة لنفسه من الرفث؛ أي الفحش، والسقط من الكلام؛ لأنّ الصائم خلال صومه لا يخلو أن يقع في نقص بوجه من الوجوه، فتجبر زكاة الفطر ما وقع فيه من الزّلل.[٥]
  • تُحقِّق الثواب والأجر العظيم، إذ يُثاب مُخرجها في الوقت المُحدَّد لها.
  • تُعَدّ زكاةً للبدن؛ فهي واجبة على كلّ مسلم؛ كبيراً كان أم صغيراً، ذكراً أو أنثى، غنيّاً أو فقيراً؛ شُكراً لله على عُمره الذي وهبه الله إيّاه.
  • تُعدُّ سبيلاً لحمد الله وشكره على إتمام صيام رمضان، وعلى باقي النِّعَم التي لا تُعَدّ، ولا تُحصى.

حُكم من لم يُخرج زكاة الفطر

اتّفق الفقهاء على أنّ زكاة الفطر تُؤدّى قبل صلاة العيد؛ بدليل ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بإخْرَاجِ زَكَاةِ الفِطْرِ، أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ)[٦] وقد أجاز العلماء إخراجها قبل العيد بيوم، أو يومَين؛ حتى يستطيع الفقير الانتفاع بها؛ تحقيقاً لحكمة زكاة الفطر، فإن أخرجها قبل الصلاة فقد أدّى الفرض، ويُؤجَر على ذلك، وإن أُخرِجت بعد الصلاة فهي صدقة كما ورد عن ابن عبّاس؛ إذ إنّ صيام المسلم يبقى مُعلَّقاً حتى يُخرج زكاة الفطر، فلا يُعفى منها حتى يخرجها، إلّا أنّها تكون بأجر الصدقة، وليست بأجر الزكاة،[٧] وذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أنّ من لم يخرج زكاة الفطر في وقتها المُحدَّد مع قدرته على إخراجها آثم، وهي دَينٌ لا يسقط إلّا بأدائها، وصرّح الحنفية بكراهة تأخيرها فقط، ووقت قضائها عندهم مُتاح وغير مُحدَّد بزمن.[٨]

حكم نسيان إخراج زكاة الفطر

إذا نسي المسلم إخراج زكاة الفطر في وقتها المحدّد شرعاً فحينئذٍ يلزمه إخراجها عندما يتذكّرها ولو طالت المدة، وليس عليه حرجٌ شرعاً أو كفارة طالما كان السبب هو النسيان؛ لأنه معذور بذلك، أما إذا وكّل شخصاً موثوقاً أو جمعية خيرية موثوق بها ونحوه قبل العيد ثم حصل التأخير من قِبل الوكيل في إخراج زكاة الفطر بوقتها الشرعي فلا يلحقه الإثم؛ وذلك لأنه أخرج الزكاة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وبذل جهده بدون تفريط، وقد أخرج الصدقة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وإنّما الإثم يكون على الوكيل إذا فرّط في ذلك لأنه هو الذي تسبّب في التأخير بدون عذر.[٩]

أثر إخراج زكاة الفطر على المجتمع

يُعَدّ أثر زكاة الفطر كبيراً في المجتمع؛ فهي توفّر للفقير وأهله المؤونةَ التي يحتاجونها يوم العيد، وتنشر الفرحة في قلوبهم دون حاجتهم إلى سؤال الناس،[٤] ولا شكّ أنّ لزكاة الفطر أثر عظيم في تكافل المجتمع وتماسُكه؛ إذ إنّها تُؤثّر في أفراده خاصّة، الأمر الذي يُؤثّر إيجاباً في مجتمعهم عامّة، كما أنّ زكاة الفطر تَجبُر وتُتمّم صيام المسلم من النواقص والذنوب؛ كي لا يكون نتاج صيامه هو الجوع والعطش فقط، كما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (رُبَّ قائمٍ ليس له من قيامهِ إلَّا السهرُ ورُبَّ صائمٍ ليس له من صومهِ إلَّا الجوعُ والعطشُ)؛[١٠] فهي تجبر نقصه، وأخطاءه، وتُطهّره من المعاصي، فيُقبِل على العيد بنفسٍ راضية، وسعيدة، وهي أيضاً تربط الأفراد ببعضهم، وتُؤلّف بين قلوبهم، وتنشر الرحمة والمودّة بينهم، وتُعزّز قِيم التعاون، والعطاء، والبَذل في سبيل رضا الله -تعالى-، ممّا يُحقّق الرضا، والراحة، والسرور لأفراد المجتمع جميعهم، ويُبعد عنهم الحقد، والبغضاء، والحسد، والظلم، وغضب الله -سبحانه وتعالى-.[١١]

للمزيد من التفاصيل عن الاطّلاع على المقالات الآتية:


الهامش

* الصاع: مقدار يُكال به، وهو شرعاً يوازي 2.948 كلغ أي ثلاث كيلو تقريبا، وهو يوازي أربعة أمداد، وله مقادير أخرى بحسب البلدان.[١٢]

المراجع

  1. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الطبعة الرَّابعة)، سوريَّة-دمشق: دار الفكر ، صفحة 2035-2036، جزء الجزء 3. بتصرّف.
  2. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 984، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 985 ، صحيح.
  4. ^ أ ب عبدالله المعيدي، المختصر في أحكام زكاة الفطر، صفحة 3. بتصرّف.
  5. عبد الله الجبرين (29-رمضان-1428ه)، “الحكمة من زكاة الفطر و تقسيمها على عدة فقراء”، المسلم، اطّلع عليه بتاريخ 29-1-2020. بتصرّف.
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 986 ، صحيح.
  7. “مضى العيد ولم يخرج زكاة الفطر”، www.ar.islamway.net، 2008-09-28 ، اطّلع عليه بتاريخ 28-1-2020. بتصرّف.
  8. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (1404 – 1427 ه)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة لطبعة الأولى )، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 41، جزء الجزء 34. بتصرّف.
  9. خالد البليهد، “حكم نسيان إخراج صدقة الفطر”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-2-2020. بتصرّف.
  10. رواه السفاريني الحنبلي ، في شرح كتاب الشهاب، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 607 ، إسناده صحيح.
  11. محمد البنهاوي، زكاة الفطر و آثارها الإجتماعية، صفحة 50-51. بتصرّف.
  12. “تعريف ومعنى صاع في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-7-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

حُكم زكاة الفطر

تُعَدّ زكاة الفطر عند جمهور الفقهاء واجبة على كلّ مسلم ومسلمة، وقد حدّدها الشارع بصاع* من حِنطة، أو شعير، أو تمر، ويُشار إلى أنّها فُرِضت في السنة الثانية من الهجرة في شعبان من العام نفسه الذي فُرِض فيه الصيام، والدليل على وجوبها ما يأتي:[١]

  • ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى النَّاسِ، صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، علَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، مِنَ المُسْلِمِينَ).[٢]
  • ما رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: (كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كانَ فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ، عن كُلِّ صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ، حُرٍّ، أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِن طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِن أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ علَى المِنْبَرِ، فَكانَ فِيما كَلَّمَ به النَّاسَ أَنْ قالَ: إنِّي أَرَى أنَّ مُدَّيْنِ مِن سَمْرَاءِ الشَّامِ، تَعْدِلُ صَاعًا مِن تَمْرٍ فأخَذَ النَّاسُ بذلكَ. قالَ أَبُو سَعِيدٍ: فأمَّا أَنَا فلا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كما كُنْتُ أُخْرِجُهُ، أَبَدًا ما عِشْتُ).[٣]

حكمة مشروعية زكاة الفطر

جاء التّشريع بوجوب زكاة الفطر يحمل حِكَماً بالغةً ومقاصد سامية، ومنها ما يأتي:[٤]

  • تُعَدّ مُطهِّرةً لنفس الصائم من اللغو؛ وهو الكلام الذي لا خير فيه، وهي مُطهّرة لنفسه من الرفث؛ أي الفحش، والسقط من الكلام؛ لأنّ الصائم خلال صومه لا يخلو أن يقع في نقص بوجه من الوجوه، فتجبر زكاة الفطر ما وقع فيه من الزّلل.[٥]
  • تُحقِّق الثواب والأجر العظيم، إذ يُثاب مُخرجها في الوقت المُحدَّد لها.
  • تُعَدّ زكاةً للبدن؛ فهي واجبة على كلّ مسلم؛ كبيراً كان أم صغيراً، ذكراً أو أنثى، غنيّاً أو فقيراً؛ شُكراً لله على عُمره الذي وهبه الله إيّاه.
  • تُعدُّ سبيلاً لحمد الله وشكره على إتمام صيام رمضان، وعلى باقي النِّعَم التي لا تُعَدّ، ولا تُحصى.

حُكم من لم يُخرج زكاة الفطر

اتّفق الفقهاء على أنّ زكاة الفطر تُؤدّى قبل صلاة العيد؛ بدليل ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بإخْرَاجِ زَكَاةِ الفِطْرِ، أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ)[٦] وقد أجاز العلماء إخراجها قبل العيد بيوم، أو يومَين؛ حتى يستطيع الفقير الانتفاع بها؛ تحقيقاً لحكمة زكاة الفطر، فإن أخرجها قبل الصلاة فقد أدّى الفرض، ويُؤجَر على ذلك، وإن أُخرِجت بعد الصلاة فهي صدقة كما ورد عن ابن عبّاس؛ إذ إنّ صيام المسلم يبقى مُعلَّقاً حتى يُخرج زكاة الفطر، فلا يُعفى منها حتى يخرجها، إلّا أنّها تكون بأجر الصدقة، وليست بأجر الزكاة،[٧] وذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أنّ من لم يخرج زكاة الفطر في وقتها المُحدَّد مع قدرته على إخراجها آثم، وهي دَينٌ لا يسقط إلّا بأدائها، وصرّح الحنفية بكراهة تأخيرها فقط، ووقت قضائها عندهم مُتاح وغير مُحدَّد بزمن.[٨]

حكم نسيان إخراج زكاة الفطر

إذا نسي المسلم إخراج زكاة الفطر في وقتها المحدّد شرعاً فحينئذٍ يلزمه إخراجها عندما يتذكّرها ولو طالت المدة، وليس عليه حرجٌ شرعاً أو كفارة طالما كان السبب هو النسيان؛ لأنه معذور بذلك، أما إذا وكّل شخصاً موثوقاً أو جمعية خيرية موثوق بها ونحوه قبل العيد ثم حصل التأخير من قِبل الوكيل في إخراج زكاة الفطر بوقتها الشرعي فلا يلحقه الإثم؛ وذلك لأنه أخرج الزكاة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وبذل جهده بدون تفريط، وقد أخرج الصدقة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وإنّما الإثم يكون على الوكيل إذا فرّط في ذلك لأنه هو الذي تسبّب في التأخير بدون عذر.[٩]

أثر إخراج زكاة الفطر على المجتمع

يُعَدّ أثر زكاة الفطر كبيراً في المجتمع؛ فهي توفّر للفقير وأهله المؤونةَ التي يحتاجونها يوم العيد، وتنشر الفرحة في قلوبهم دون حاجتهم إلى سؤال الناس،[٤] ولا شكّ أنّ لزكاة الفطر أثر عظيم في تكافل المجتمع وتماسُكه؛ إذ إنّها تُؤثّر في أفراده خاصّة، الأمر الذي يُؤثّر إيجاباً في مجتمعهم عامّة، كما أنّ زكاة الفطر تَجبُر وتُتمّم صيام المسلم من النواقص والذنوب؛ كي لا يكون نتاج صيامه هو الجوع والعطش فقط، كما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (رُبَّ قائمٍ ليس له من قيامهِ إلَّا السهرُ ورُبَّ صائمٍ ليس له من صومهِ إلَّا الجوعُ والعطشُ)؛[١٠] فهي تجبر نقصه، وأخطاءه، وتُطهّره من المعاصي، فيُقبِل على العيد بنفسٍ راضية، وسعيدة، وهي أيضاً تربط الأفراد ببعضهم، وتُؤلّف بين قلوبهم، وتنشر الرحمة والمودّة بينهم، وتُعزّز قِيم التعاون، والعطاء، والبَذل في سبيل رضا الله -تعالى-، ممّا يُحقّق الرضا، والراحة، والسرور لأفراد المجتمع جميعهم، ويُبعد عنهم الحقد، والبغضاء، والحسد، والظلم، وغضب الله -سبحانه وتعالى-.[١١]

للمزيد من التفاصيل عن الاطّلاع على المقالات الآتية:


الهامش

* الصاع: مقدار يُكال به، وهو شرعاً يوازي 2.948 كلغ أي ثلاث كيلو تقريبا، وهو يوازي أربعة أمداد، وله مقادير أخرى بحسب البلدان.[١٢]

المراجع

  1. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الطبعة الرَّابعة)، سوريَّة-دمشق: دار الفكر ، صفحة 2035-2036، جزء الجزء 3. بتصرّف.
  2. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 984، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 985 ، صحيح.
  4. ^ أ ب عبدالله المعيدي، المختصر في أحكام زكاة الفطر، صفحة 3. بتصرّف.
  5. عبد الله الجبرين (29-رمضان-1428ه)، “الحكمة من زكاة الفطر و تقسيمها على عدة فقراء”، المسلم، اطّلع عليه بتاريخ 29-1-2020. بتصرّف.
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 986 ، صحيح.
  7. “مضى العيد ولم يخرج زكاة الفطر”، www.ar.islamway.net، 2008-09-28 ، اطّلع عليه بتاريخ 28-1-2020. بتصرّف.
  8. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (1404 – 1427 ه)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة لطبعة الأولى )، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 41، جزء الجزء 34. بتصرّف.
  9. خالد البليهد، “حكم نسيان إخراج صدقة الفطر”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-2-2020. بتصرّف.
  10. رواه السفاريني الحنبلي ، في شرح كتاب الشهاب، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 607 ، إسناده صحيح.
  11. محمد البنهاوي، زكاة الفطر و آثارها الإجتماعية، صفحة 50-51. بتصرّف.
  12. “تعريف ومعنى صاع في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-7-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

حُكم زكاة الفطر

تُعَدّ زكاة الفطر عند جمهور الفقهاء واجبة على كلّ مسلم ومسلمة، وقد حدّدها الشارع بصاع* من حِنطة، أو شعير، أو تمر، ويُشار إلى أنّها فُرِضت في السنة الثانية من الهجرة في شعبان من العام نفسه الذي فُرِض فيه الصيام، والدليل على وجوبها ما يأتي:[١]

  • ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى النَّاسِ، صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، علَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، مِنَ المُسْلِمِينَ).[٢]
  • ما رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: (كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كانَ فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ، عن كُلِّ صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ، حُرٍّ، أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِن طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِن أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ علَى المِنْبَرِ، فَكانَ فِيما كَلَّمَ به النَّاسَ أَنْ قالَ: إنِّي أَرَى أنَّ مُدَّيْنِ مِن سَمْرَاءِ الشَّامِ، تَعْدِلُ صَاعًا مِن تَمْرٍ فأخَذَ النَّاسُ بذلكَ. قالَ أَبُو سَعِيدٍ: فأمَّا أَنَا فلا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كما كُنْتُ أُخْرِجُهُ، أَبَدًا ما عِشْتُ).[٣]

حكمة مشروعية زكاة الفطر

جاء التّشريع بوجوب زكاة الفطر يحمل حِكَماً بالغةً ومقاصد سامية، ومنها ما يأتي:[٤]

  • تُعَدّ مُطهِّرةً لنفس الصائم من اللغو؛ وهو الكلام الذي لا خير فيه، وهي مُطهّرة لنفسه من الرفث؛ أي الفحش، والسقط من الكلام؛ لأنّ الصائم خلال صومه لا يخلو أن يقع في نقص بوجه من الوجوه، فتجبر زكاة الفطر ما وقع فيه من الزّلل.[٥]
  • تُحقِّق الثواب والأجر العظيم، إذ يُثاب مُخرجها في الوقت المُحدَّد لها.
  • تُعَدّ زكاةً للبدن؛ فهي واجبة على كلّ مسلم؛ كبيراً كان أم صغيراً، ذكراً أو أنثى، غنيّاً أو فقيراً؛ شُكراً لله على عُمره الذي وهبه الله إيّاه.
  • تُعدُّ سبيلاً لحمد الله وشكره على إتمام صيام رمضان، وعلى باقي النِّعَم التي لا تُعَدّ، ولا تُحصى.

حُكم من لم يُخرج زكاة الفطر

اتّفق الفقهاء على أنّ زكاة الفطر تُؤدّى قبل صلاة العيد؛ بدليل ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بإخْرَاجِ زَكَاةِ الفِطْرِ، أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ)[٦] وقد أجاز العلماء إخراجها قبل العيد بيوم، أو يومَين؛ حتى يستطيع الفقير الانتفاع بها؛ تحقيقاً لحكمة زكاة الفطر، فإن أخرجها قبل الصلاة فقد أدّى الفرض، ويُؤجَر على ذلك، وإن أُخرِجت بعد الصلاة فهي صدقة كما ورد عن ابن عبّاس؛ إذ إنّ صيام المسلم يبقى مُعلَّقاً حتى يُخرج زكاة الفطر، فلا يُعفى منها حتى يخرجها، إلّا أنّها تكون بأجر الصدقة، وليست بأجر الزكاة،[٧] وذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أنّ من لم يخرج زكاة الفطر في وقتها المُحدَّد مع قدرته على إخراجها آثم، وهي دَينٌ لا يسقط إلّا بأدائها، وصرّح الحنفية بكراهة تأخيرها فقط، ووقت قضائها عندهم مُتاح وغير مُحدَّد بزمن.[٨]

حكم نسيان إخراج زكاة الفطر

إذا نسي المسلم إخراج زكاة الفطر في وقتها المحدّد شرعاً فحينئذٍ يلزمه إخراجها عندما يتذكّرها ولو طالت المدة، وليس عليه حرجٌ شرعاً أو كفارة طالما كان السبب هو النسيان؛ لأنه معذور بذلك، أما إذا وكّل شخصاً موثوقاً أو جمعية خيرية موثوق بها ونحوه قبل العيد ثم حصل التأخير من قِبل الوكيل في إخراج زكاة الفطر بوقتها الشرعي فلا يلحقه الإثم؛ وذلك لأنه أخرج الزكاة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وبذل جهده بدون تفريط، وقد أخرج الصدقة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وإنّما الإثم يكون على الوكيل إذا فرّط في ذلك لأنه هو الذي تسبّب في التأخير بدون عذر.[٩]

أثر إخراج زكاة الفطر على المجتمع

يُعَدّ أثر زكاة الفطر كبيراً في المجتمع؛ فهي توفّر للفقير وأهله المؤونةَ التي يحتاجونها يوم العيد، وتنشر الفرحة في قلوبهم دون حاجتهم إلى سؤال الناس،[٤] ولا شكّ أنّ لزكاة الفطر أثر عظيم في تكافل المجتمع وتماسُكه؛ إذ إنّها تُؤثّر في أفراده خاصّة، الأمر الذي يُؤثّر إيجاباً في مجتمعهم عامّة، كما أنّ زكاة الفطر تَجبُر وتُتمّم صيام المسلم من النواقص والذنوب؛ كي لا يكون نتاج صيامه هو الجوع والعطش فقط، كما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (رُبَّ قائمٍ ليس له من قيامهِ إلَّا السهرُ ورُبَّ صائمٍ ليس له من صومهِ إلَّا الجوعُ والعطشُ)؛[١٠] فهي تجبر نقصه، وأخطاءه، وتُطهّره من المعاصي، فيُقبِل على العيد بنفسٍ راضية، وسعيدة، وهي أيضاً تربط الأفراد ببعضهم، وتُؤلّف بين قلوبهم، وتنشر الرحمة والمودّة بينهم، وتُعزّز قِيم التعاون، والعطاء، والبَذل في سبيل رضا الله -تعالى-، ممّا يُحقّق الرضا، والراحة، والسرور لأفراد المجتمع جميعهم، ويُبعد عنهم الحقد، والبغضاء، والحسد، والظلم، وغضب الله -سبحانه وتعالى-.[١١]

للمزيد من التفاصيل عن الاطّلاع على المقالات الآتية:


الهامش

* الصاع: مقدار يُكال به، وهو شرعاً يوازي 2.948 كلغ أي ثلاث كيلو تقريبا، وهو يوازي أربعة أمداد، وله مقادير أخرى بحسب البلدان.[١٢]

المراجع

  1. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الطبعة الرَّابعة)، سوريَّة-دمشق: دار الفكر ، صفحة 2035-2036، جزء الجزء 3. بتصرّف.
  2. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 984، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 985 ، صحيح.
  4. ^ أ ب عبدالله المعيدي، المختصر في أحكام زكاة الفطر، صفحة 3. بتصرّف.
  5. عبد الله الجبرين (29-رمضان-1428ه)، “الحكمة من زكاة الفطر و تقسيمها على عدة فقراء”، المسلم، اطّلع عليه بتاريخ 29-1-2020. بتصرّف.
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 986 ، صحيح.
  7. “مضى العيد ولم يخرج زكاة الفطر”، www.ar.islamway.net، 2008-09-28 ، اطّلع عليه بتاريخ 28-1-2020. بتصرّف.
  8. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (1404 – 1427 ه)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة لطبعة الأولى )، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 41، جزء الجزء 34. بتصرّف.
  9. خالد البليهد، “حكم نسيان إخراج صدقة الفطر”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-2-2020. بتصرّف.
  10. رواه السفاريني الحنبلي ، في شرح كتاب الشهاب، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 607 ، إسناده صحيح.
  11. محمد البنهاوي، زكاة الفطر و آثارها الإجتماعية، صفحة 50-51. بتصرّف.
  12. “تعريف ومعنى صاع في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-7-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

حُكم زكاة الفطر

تُعَدّ زكاة الفطر عند جمهور الفقهاء واجبة على كلّ مسلم ومسلمة، وقد حدّدها الشارع بصاع* من حِنطة، أو شعير، أو تمر، ويُشار إلى أنّها فُرِضت في السنة الثانية من الهجرة في شعبان من العام نفسه الذي فُرِض فيه الصيام، والدليل على وجوبها ما يأتي:[١]

  • ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى النَّاسِ، صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، علَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، مِنَ المُسْلِمِينَ).[٢]
  • ما رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: (كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كانَ فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ، عن كُلِّ صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ، حُرٍّ، أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِن طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِن أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ علَى المِنْبَرِ، فَكانَ فِيما كَلَّمَ به النَّاسَ أَنْ قالَ: إنِّي أَرَى أنَّ مُدَّيْنِ مِن سَمْرَاءِ الشَّامِ، تَعْدِلُ صَاعًا مِن تَمْرٍ فأخَذَ النَّاسُ بذلكَ. قالَ أَبُو سَعِيدٍ: فأمَّا أَنَا فلا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كما كُنْتُ أُخْرِجُهُ، أَبَدًا ما عِشْتُ).[٣]

حكمة مشروعية زكاة الفطر

جاء التّشريع بوجوب زكاة الفطر يحمل حِكَماً بالغةً ومقاصد سامية، ومنها ما يأتي:[٤]

  • تُعَدّ مُطهِّرةً لنفس الصائم من اللغو؛ وهو الكلام الذي لا خير فيه، وهي مُطهّرة لنفسه من الرفث؛ أي الفحش، والسقط من الكلام؛ لأنّ الصائم خلال صومه لا يخلو أن يقع في نقص بوجه من الوجوه، فتجبر زكاة الفطر ما وقع فيه من الزّلل.[٥]
  • تُحقِّق الثواب والأجر العظيم، إذ يُثاب مُخرجها في الوقت المُحدَّد لها.
  • تُعَدّ زكاةً للبدن؛ فهي واجبة على كلّ مسلم؛ كبيراً كان أم صغيراً، ذكراً أو أنثى، غنيّاً أو فقيراً؛ شُكراً لله على عُمره الذي وهبه الله إيّاه.
  • تُعدُّ سبيلاً لحمد الله وشكره على إتمام صيام رمضان، وعلى باقي النِّعَم التي لا تُعَدّ، ولا تُحصى.

حُكم من لم يُخرج زكاة الفطر

اتّفق الفقهاء على أنّ زكاة الفطر تُؤدّى قبل صلاة العيد؛ بدليل ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بإخْرَاجِ زَكَاةِ الفِطْرِ، أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ)[٦] وقد أجاز العلماء إخراجها قبل العيد بيوم، أو يومَين؛ حتى يستطيع الفقير الانتفاع بها؛ تحقيقاً لحكمة زكاة الفطر، فإن أخرجها قبل الصلاة فقد أدّى الفرض، ويُؤجَر على ذلك، وإن أُخرِجت بعد الصلاة فهي صدقة كما ورد عن ابن عبّاس؛ إذ إنّ صيام المسلم يبقى مُعلَّقاً حتى يُخرج زكاة الفطر، فلا يُعفى منها حتى يخرجها، إلّا أنّها تكون بأجر الصدقة، وليست بأجر الزكاة،[٧] وذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أنّ من لم يخرج زكاة الفطر في وقتها المُحدَّد مع قدرته على إخراجها آثم، وهي دَينٌ لا يسقط إلّا بأدائها، وصرّح الحنفية بكراهة تأخيرها فقط، ووقت قضائها عندهم مُتاح وغير مُحدَّد بزمن.[٨]

حكم نسيان إخراج زكاة الفطر

إذا نسي المسلم إخراج زكاة الفطر في وقتها المحدّد شرعاً فحينئذٍ يلزمه إخراجها عندما يتذكّرها ولو طالت المدة، وليس عليه حرجٌ شرعاً أو كفارة طالما كان السبب هو النسيان؛ لأنه معذور بذلك، أما إذا وكّل شخصاً موثوقاً أو جمعية خيرية موثوق بها ونحوه قبل العيد ثم حصل التأخير من قِبل الوكيل في إخراج زكاة الفطر بوقتها الشرعي فلا يلحقه الإثم؛ وذلك لأنه أخرج الزكاة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وبذل جهده بدون تفريط، وقد أخرج الصدقة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وإنّما الإثم يكون على الوكيل إذا فرّط في ذلك لأنه هو الذي تسبّب في التأخير بدون عذر.[٩]

أثر إخراج زكاة الفطر على المجتمع

يُعَدّ أثر زكاة الفطر كبيراً في المجتمع؛ فهي توفّر للفقير وأهله المؤونةَ التي يحتاجونها يوم العيد، وتنشر الفرحة في قلوبهم دون حاجتهم إلى سؤال الناس،[٤] ولا شكّ أنّ لزكاة الفطر أثر عظيم في تكافل المجتمع وتماسُكه؛ إذ إنّها تُؤثّر في أفراده خاصّة، الأمر الذي يُؤثّر إيجاباً في مجتمعهم عامّة، كما أنّ زكاة الفطر تَجبُر وتُتمّم صيام المسلم من النواقص والذنوب؛ كي لا يكون نتاج صيامه هو الجوع والعطش فقط، كما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (رُبَّ قائمٍ ليس له من قيامهِ إلَّا السهرُ ورُبَّ صائمٍ ليس له من صومهِ إلَّا الجوعُ والعطشُ)؛[١٠] فهي تجبر نقصه، وأخطاءه، وتُطهّره من المعاصي، فيُقبِل على العيد بنفسٍ راضية، وسعيدة، وهي أيضاً تربط الأفراد ببعضهم، وتُؤلّف بين قلوبهم، وتنشر الرحمة والمودّة بينهم، وتُعزّز قِيم التعاون، والعطاء، والبَذل في سبيل رضا الله -تعالى-، ممّا يُحقّق الرضا، والراحة، والسرور لأفراد المجتمع جميعهم، ويُبعد عنهم الحقد، والبغضاء، والحسد، والظلم، وغضب الله -سبحانه وتعالى-.[١١]

للمزيد من التفاصيل عن الاطّلاع على المقالات الآتية:


الهامش

* الصاع: مقدار يُكال به، وهو شرعاً يوازي 2.948 كلغ أي ثلاث كيلو تقريبا، وهو يوازي أربعة أمداد، وله مقادير أخرى بحسب البلدان.[١٢]

المراجع

  1. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الطبعة الرَّابعة)، سوريَّة-دمشق: دار الفكر ، صفحة 2035-2036، جزء الجزء 3. بتصرّف.
  2. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 984، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 985 ، صحيح.
  4. ^ أ ب عبدالله المعيدي، المختصر في أحكام زكاة الفطر، صفحة 3. بتصرّف.
  5. عبد الله الجبرين (29-رمضان-1428ه)، “الحكمة من زكاة الفطر و تقسيمها على عدة فقراء”، المسلم، اطّلع عليه بتاريخ 29-1-2020. بتصرّف.
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 986 ، صحيح.
  7. “مضى العيد ولم يخرج زكاة الفطر”، www.ar.islamway.net، 2008-09-28 ، اطّلع عليه بتاريخ 28-1-2020. بتصرّف.
  8. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (1404 – 1427 ه)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة لطبعة الأولى )، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 41، جزء الجزء 34. بتصرّف.
  9. خالد البليهد، “حكم نسيان إخراج صدقة الفطر”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-2-2020. بتصرّف.
  10. رواه السفاريني الحنبلي ، في شرح كتاب الشهاب، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 607 ، إسناده صحيح.
  11. محمد البنهاوي، زكاة الفطر و آثارها الإجتماعية، صفحة 50-51. بتصرّف.
  12. “تعريف ومعنى صاع في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-7-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

حُكم زكاة الفطر

تُعَدّ زكاة الفطر عند جمهور الفقهاء واجبة على كلّ مسلم ومسلمة، وقد حدّدها الشارع بصاع* من حِنطة، أو شعير، أو تمر، ويُشار إلى أنّها فُرِضت في السنة الثانية من الهجرة في شعبان من العام نفسه الذي فُرِض فيه الصيام، والدليل على وجوبها ما يأتي:[١]

  • ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى النَّاسِ، صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، علَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، مِنَ المُسْلِمِينَ).[٢]
  • ما رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: (كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كانَ فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ، عن كُلِّ صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ، حُرٍّ، أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِن طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِن أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ علَى المِنْبَرِ، فَكانَ فِيما كَلَّمَ به النَّاسَ أَنْ قالَ: إنِّي أَرَى أنَّ مُدَّيْنِ مِن سَمْرَاءِ الشَّامِ، تَعْدِلُ صَاعًا مِن تَمْرٍ فأخَذَ النَّاسُ بذلكَ. قالَ أَبُو سَعِيدٍ: فأمَّا أَنَا فلا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كما كُنْتُ أُخْرِجُهُ، أَبَدًا ما عِشْتُ).[٣]

حكمة مشروعية زكاة الفطر

جاء التّشريع بوجوب زكاة الفطر يحمل حِكَماً بالغةً ومقاصد سامية، ومنها ما يأتي:[٤]

  • تُعَدّ مُطهِّرةً لنفس الصائم من اللغو؛ وهو الكلام الذي لا خير فيه، وهي مُطهّرة لنفسه من الرفث؛ أي الفحش، والسقط من الكلام؛ لأنّ الصائم خلال صومه لا يخلو أن يقع في نقص بوجه من الوجوه، فتجبر زكاة الفطر ما وقع فيه من الزّلل.[٥]
  • تُحقِّق الثواب والأجر العظيم، إذ يُثاب مُخرجها في الوقت المُحدَّد لها.
  • تُعَدّ زكاةً للبدن؛ فهي واجبة على كلّ مسلم؛ كبيراً كان أم صغيراً، ذكراً أو أنثى، غنيّاً أو فقيراً؛ شُكراً لله على عُمره الذي وهبه الله إيّاه.
  • تُعدُّ سبيلاً لحمد الله وشكره على إتمام صيام رمضان، وعلى باقي النِّعَم التي لا تُعَدّ، ولا تُحصى.

حُكم من لم يُخرج زكاة الفطر

اتّفق الفقهاء على أنّ زكاة الفطر تُؤدّى قبل صلاة العيد؛ بدليل ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بإخْرَاجِ زَكَاةِ الفِطْرِ، أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ)[٦] وقد أجاز العلماء إخراجها قبل العيد بيوم، أو يومَين؛ حتى يستطيع الفقير الانتفاع بها؛ تحقيقاً لحكمة زكاة الفطر، فإن أخرجها قبل الصلاة فقد أدّى الفرض، ويُؤجَر على ذلك، وإن أُخرِجت بعد الصلاة فهي صدقة كما ورد عن ابن عبّاس؛ إذ إنّ صيام المسلم يبقى مُعلَّقاً حتى يُخرج زكاة الفطر، فلا يُعفى منها حتى يخرجها، إلّا أنّها تكون بأجر الصدقة، وليست بأجر الزكاة،[٧] وذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أنّ من لم يخرج زكاة الفطر في وقتها المُحدَّد مع قدرته على إخراجها آثم، وهي دَينٌ لا يسقط إلّا بأدائها، وصرّح الحنفية بكراهة تأخيرها فقط، ووقت قضائها عندهم مُتاح وغير مُحدَّد بزمن.[٨]

حكم نسيان إخراج زكاة الفطر

إذا نسي المسلم إخراج زكاة الفطر في وقتها المحدّد شرعاً فحينئذٍ يلزمه إخراجها عندما يتذكّرها ولو طالت المدة، وليس عليه حرجٌ شرعاً أو كفارة طالما كان السبب هو النسيان؛ لأنه معذور بذلك، أما إذا وكّل شخصاً موثوقاً أو جمعية خيرية موثوق بها ونحوه قبل العيد ثم حصل التأخير من قِبل الوكيل في إخراج زكاة الفطر بوقتها الشرعي فلا يلحقه الإثم؛ وذلك لأنه أخرج الزكاة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وبذل جهده بدون تفريط، وقد أخرج الصدقة من ذمّته إلى ذمة الوكيل، وإنّما الإثم يكون على الوكيل إذا فرّط في ذلك لأنه هو الذي تسبّب في التأخير بدون عذر.[٩]

أثر إخراج زكاة الفطر على المجتمع

يُعَدّ أثر زكاة الفطر كبيراً في المجتمع؛ فهي توفّر للفقير وأهله المؤونةَ التي يحتاجونها يوم العيد، وتنشر الفرحة في قلوبهم دون حاجتهم إلى سؤال الناس،[٤] ولا شكّ أنّ لزكاة الفطر أثر عظيم في تكافل المجتمع وتماسُكه؛ إذ إنّها تُؤثّر في أفراده خاصّة، الأمر الذي يُؤثّر إيجاباً في مجتمعهم عامّة، كما أنّ زكاة الفطر تَجبُر وتُتمّم صيام المسلم من النواقص والذنوب؛ كي لا يكون نتاج صيامه هو الجوع والعطش فقط، كما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (رُبَّ قائمٍ ليس له من قيامهِ إلَّا السهرُ ورُبَّ صائمٍ ليس له من صومهِ إلَّا الجوعُ والعطشُ)؛[١٠] فهي تجبر نقصه، وأخطاءه، وتُطهّره من المعاصي، فيُقبِل على العيد بنفسٍ راضية، وسعيدة، وهي أيضاً تربط الأفراد ببعضهم، وتُؤلّف بين قلوبهم، وتنشر الرحمة والمودّة بينهم، وتُعزّز قِيم التعاون، والعطاء، والبَذل في سبيل رضا الله -تعالى-، ممّا يُحقّق الرضا، والراحة، والسرور لأفراد المجتمع جميعهم، ويُبعد عنهم الحقد، والبغضاء، والحسد، والظلم، وغضب الله -سبحانه وتعالى-.[١١]

للمزيد من التفاصيل عن الاطّلاع على المقالات الآتية:


الهامش

* الصاع: مقدار يُكال به، وهو شرعاً يوازي 2.948 كلغ أي ثلاث كيلو تقريبا، وهو يوازي أربعة أمداد، وله مقادير أخرى بحسب البلدان.[١٢]

المراجع

  1. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الطبعة الرَّابعة)، سوريَّة-دمشق: دار الفكر ، صفحة 2035-2036، جزء الجزء 3. بتصرّف.
  2. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 984، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 985 ، صحيح.
  4. ^ أ ب عبدالله المعيدي، المختصر في أحكام زكاة الفطر، صفحة 3. بتصرّف.
  5. عبد الله الجبرين (29-رمضان-1428ه)، “الحكمة من زكاة الفطر و تقسيمها على عدة فقراء”، المسلم، اطّلع عليه بتاريخ 29-1-2020. بتصرّف.
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 986 ، صحيح.
  7. “مضى العيد ولم يخرج زكاة الفطر”، www.ar.islamway.net، 2008-09-28 ، اطّلع عليه بتاريخ 28-1-2020. بتصرّف.
  8. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (1404 – 1427 ه)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة لطبعة الأولى )، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 41، جزء الجزء 34. بتصرّف.
  9. خالد البليهد، “حكم نسيان إخراج صدقة الفطر”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-2-2020. بتصرّف.
  10. رواه السفاريني الحنبلي ، في شرح كتاب الشهاب، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 607 ، إسناده صحيح.
  11. محمد البنهاوي، زكاة الفطر و آثارها الإجتماعية، صفحة 50-51. بتصرّف.
  12. “تعريف ومعنى صاع في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-7-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى