محتويات
'); }
ماذا رأى النبي يوسف في منامه؟
كان نبي الله يوسف -عليه السلام- يحظى بحبّ أبيه، وزادت مكانة يوسف عند أبيه يعقوب -عليه السلام- عنما أخبره بما رآه في منامه، قال -تعالى-: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ)،[١] وقد نصح يعقوب عليه السلام ابنه يوسف بألّا يقول لإخوته ما قد رآه في المنام، وفهم يعقوب -عليه السلام- من هذه الرؤيا أنّ ابنه يوسف سيكون نبيًّا من بعده، وفسّر يعقوب هذه الرؤيا؛ بأنّ الأحد عشر كوكبًا هم أخوة يوسف، وأمّا القمر فهو يعقوب عليه السلام، وأما الشمس فهي أمّ يوسف.[٢]
كيف تآمر إخوة النبي يوسف عليه؟
لاحظ إخوة يوسف اهتمام أبيهم بيوسف مما كان لذلك سببًا في إثارة الحقد والغل في نفوسهم، قال -تعالى-: (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)،[٣] فاجتمع الإخوة فيما بينهم، وأصبح كل واحد منهم يضع حلًّا للتخلّص من يوسف.[٤]
'); }
اقترح أخ من الإخوة أن يقتلوا يوسف، وقال آخر أن يرموه في الصحراء، قال -تعالى-: (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ)،[٥] ثم جاء بعد ذلك اقتراح وسط بين هذين الاقتراحين، فقال حد الأخوة أن يلقوه في البئر فيقوم أحد المارين بأخذه، وقد وافقوا على هذا الاقتراح؛ لأنه يجمع بين التخلّص من يوسف، وفي نفس الوقت يبقى يوسف على قيد الحياة فلا يموت.[٤]
وبالفعل بدأوا بتنفيذ خطّتهم، وذهبوا لأبيهم يطلبوا منه أن يصطحبوا معهم يوسف للعمل، لكنّ يعقوب -عليه السلام-، لم يوافق في بداية الأمر؛ لصغر سن يوسف، ولخوفه عليه من الذئاب، لكنّهم طمأنوا أباهم بأنّه سيذهب معهم للّعب، وقطعوا عهدًا لأبيهم بحمايته من الذئاب، وبذلك وافق يعقوب -عليه السلام- على ذهاب ابنه يوسف – عليه السلام.[٤]
كيف وصل النبي يوسف إلى بيت العزيز؟
انطلق إخوة يوسف إلى وجهتهم، ثم توجّهوا بيوسف نحو بئر يرتاده عادة التجار في سفرهم، وبالفعل قد ألقوه في البئر، وبعد فترة من الزمن جاءت قوافل تجارية، وجلست بالقرب من البئر، وقاموا بإرسال الساقي ليحضر لهم ماءًا من البئر، فلما ذهب ومد الدلو إلى البئر، تعلّق يوسف بالحبل، فكتموا خبر إخراجه من البئر، وجعلوه من البضاعة الّتي أحضروها من بلاد الشام إلى مصر، فباعوه بثمن قليل جدًّا، وقام بشرائه عزيز مصر وربّاه.[٦]
لماذا سُجن النبي يوسف؟
شاءت إرادة الله -تعالى- أن يكبر يوسف في بيت عزيز مصر، فأخذه لزوجته وقال لها: (أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا)،[٧] فرحّبت به وأحسنت تربيته، حتّى تعلّق قلبها به، فتأثّرت به، وأرادته لنفسها، فأصبحت تتزيّن أمامه؛ لتلفت نظره إليْها، لكنّ يوسف -عليه السلام- لم يلتفت لشيء من هذا القبيل، حتّى وصلت للتصريح برغبتها بأن تنال منه، وأغلقت الأبواب عليهما، لكنّه استعاذ بالله -تعالى- ورفض طلب امرأة العزيز، وتذكر إحسان زوجها له، الّذي آواه في بيته، وهنا ظهرت عفّته بوضوح -عليه السلام-.[٨]
وصل هذا الأمر إلى سيدات المجتمع، فتداولنَ خبر ما أرادته امرأة العزيز من يوسف، وعندما علمت امرأة العزيز بذلك أرادت وضعهن بالوضع الّذي وضعت به؛ فدعتهن إلى الطعام، وأثناء وجودهن أمرت يوسف بالخروج إليْهن، فما إن رأينه حتى ذهلن بجماله، وقطّعنَ أيديهن دون أن يشعرنَ بألم، حينها أحس يوسف بأن الدخول إلى السجن أفضل إليه من الاستجابة لما تطلبه امرأة العزيز منه؛ فدعا الله أن يدخل السجن.[٨]
حكم النبي يوسف لمصر
دخل يوسف السجن ودخل معه فَتَيَان سألاه عن تفسير أحلامهما، أحدهما ساقي الملك والآخر خبّازه، ففسر لهما وقد تحقق ما قد قال، فبعد مرور مدّة من الزمن، وكان قد خرج ساقي الملك من السجن، خرج الملك إلى قومه، ليخربهم برؤيا كان قد رآها وقد فزع منها، عسى أن يعرف تأويلها أحد من رجال القوم.[٩]
ذكّر حينها ساقي الملك براعة يوسف في تأويل الرؤيا، فاستأذن الملك ليذهب إلى يوسف، عسى أن يفيده، وبالفعل قد قصّ عليه يوسف تأويل الرؤيا بالتفصيل، وقد عاد الساقي للملك محمّلًا له بالأخبار في تأويل الرؤيا.[٩]
عاد الساقي إلى الملك ليخبره بتأويل يوسف الصدّيق لرؤيا الملك، فأبدى الملك سعادته بما قاله يوسف، وأحس بتميّز يوسف وحكمته، وحسن إدارته، بالإضافة لإخلاصه في الإجابة، بالأخص أنه أجاب بكامل النصح وهو مسجون ظلمًا منذ عدّة سنين، فطلب من الساقي بأن يأتي بيوسف من السجن، فرفض يوسف الخروج من السجن إلّا بعد أن يعقد الملك محاكمة؛ للحديث عن قضيّة امرأة العزيز ويوسف، وتُعلَن براءته أمام الجميع، وبالفعل هذا ما حدث، وما إن ذهب يوسف للملك، طلب منه أن يجعله على خزائن مصر ليتولى إدارة أموالها.[١٠]
كيف اعترف إخوة النبي يوسف بذنبهم؟
جاء إخوة يوسف إلى مصر، ولم يعرفوه فقد تركوه صغيرًا،وقد جهّز لهم عدّتهم من الزاد الذي يحتاجونه للسفر، وطلب منهم بأن يأتوا بأخ لهم من أبيهم، فإن لم يفعلوا فلن يستقبلهم يوسف بعد ذلك أبدًا، فأجابوه بأنّهم سيقنعوا أباهم بذلك، وبعد أن أتوا بأخيهم إلى يوسف،، وعرّف يوسف عن نفسه لأخيه، وتركه عنده بعد أن قام بحيلة أمام إخوته تُبيّن أنّ أخاهم قد سرق.[١١]
وعاد الأخوة إلى أبيهم خائبين، فحزن الأب حزنًا شديداً على فقد ابنه الثاني؛ فطلب منهم الرجوع غلى مصر للبحث عن يوسف وأخيه، وما إن دخ الإخوة إلى مصر وذهبوا إلى يوسف لأخذ أخيهم،[١١] كشف يوسف عليه السلام عن هويّته، وفوجئوا بأنّه أخوهم الذي ألقوه في البئر منذ عدة سنين، فأعلنوا اعتذارهم عما فعلوه به فيما سبق، وطلبوا المغفرة من الله تعالى.[١١]
العبر المستفادة من قصة النبي يوسف
يُستفاد من قصة يوسف -عليه السلام- ما يأتي:
- العدل بين الأولاد، وعدم تفضيل أحدهم على الآخر؛ مما يؤدي إلي الغيرة والحقد بينهم، وهذا يُفسّر مكيدة إخوة يوسف.
- الابتعاد عن المعاصي وأسبابها، واستشعار مراقبة الله والخوف منه عندما يقترب الإنسان من ارتكاب المعصية، وهذا يظهر في قصة يوسف مع امرأة العزيز.
- الرضا والصبر على الابتلاء والمحن الشديدة؛ فما بعد العسر إلا اليٍُسر والفرج، وهذا يظهر في صبره على السجن والابتلاء.
- ظهور الحق حتى لو طال الزمان، رغم مكزث يوسف بضع سنين في السجن إلاّ أنّ براءته قد ظهرت.
- التقوى والصبر مفاتيح كل خير وإحسان في الدنيا والآخرة.
- تقلب الحال سنة من سنن الله في الكون، فكل حال يزول، تقلب حال يوسف من البئر إلى القصر إلى السجن ثم أصبح عزيزاً واجتمع بأهله بعد طول انتظار.
- معرفة القدرات والمهارات في نفس الإنسان مما يؤهله إلى تولي المناصب؛ فقد عرض يوسف على الملك أن يتولى خزائن مصر لأّنه يعرف أنّه قوي وأمين.
- الثقة بالله -تعالى- أنّه سيستجيب الدعاء ولو بعد حين؛ وهذه ثقة يعقوب بالله أنّه سيرد له يوسف.
- مسامحة المُسيء والعفو عنه، فقد سامح يوسف إخوته.
المراجع
- ↑ سورة يوسف، آية:4
- ↑ احمد غلوش، دعوة الرسل، صفحة 191-192. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية:8
- ^ أ ب ت احمد غلوش، كتاب دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 194-196. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية:9
- ↑ مجموعة من المؤلفين، التفسير الوسيط، صفحة 296. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية:12
- ^ أ ب مصطفى العدوي، سلسلة التفسير، صفحة 20-25. بتصرّف.
- ^ أ ب الجزائري، ايسر التفاسير، صفحة 611-615. بتصرّف.
- ↑ ابو بكر الجزائري، ايسر التفاسير، صفحة 617-621. بتصرّف.
- ^ أ ب ت جعفر شرف الدين، الموسوعة القرآنية، صفحة 140-145. بتصرّف.