محتويات
'); }
من هي زليخة امرأة العزيز؟
هي زوجة الوزير الذي كان مُستخلفًا على خزائن مصر واسمه أطفير بن رُوحيب، وهو الذي اشترى سيدنا يوسف -عليه السلام- عندما قدم إلى مصر، واسم زوجة العزيز هو راعيل بن رعاييل، وزليخة قيل إنه اسمها وقيل هو لقبٌ لها، وكان حاكم مصر آنذاك الريان بن الوليد، وقد ذكر القرآن الكريم قصة زليخة امرأة العزيز مع سيدنا يوسف -عليه السلام-، وكيف اختارهم الله تعالى لاستضافة يوسف -عليه السلام- في بيتهم.[١]
كانت زليخة زوجة لعزيز مصر الذي اشترى سيدنا يوسف -عليه السلام-، وقد ذكر القرآن الكريم قصة زليخة امرأة العزيز مع نبيه يوسف عليه السلام.
'); }
وصول النبي يوسف لبيت العزيز
بلغ الحسد عند إخوة يوسف أشدّ درجاته؛ حتى أنّهم أعدوا له مكيدةً لإبعاده عن أبيه الذي كان يحبه أكثر منهم، فاجتمعوا على أن يرموا يوسف -عليه السلام- في بئر، وطلبوا من أبيهم أن يرسله معهم للعب، فأخذوه ورموه في البئر، وفي العشاء عادوا إلى أبيهم وكانوا يتظاهرون بحزنهم على فراق أخيهم، وأخبروا أبيهم، بأنّهُ حصل ليوسف ما كان يخشاه، وهو أنّ الذئب قد أكله، ولكي يصدقهم جاؤوا بقميص يوسف وعليه دم كاذب.[٢]
وبعد ذلك كانت توقفت قافلة عند البئر، وكانت تسير من الشام إلى مصر، فألقى أحدهم إناءه ليغترف ماءً من البئر فوجدوا يوسف قد تعلق فيه، فأخذته هذه القافلة على أنّه عبد، وباعوه في مصر، والذي اشتراه هو عزيز مصر وامرأته زليخة.[٣]
كان السبب في وصول نبي الله يوسف -عليه السلام-إلى بيت العزيز هو إلقاء إخوته له في البئر؛ فبعدما ألقوه في البئر جاءت قافلة كانت تتجه إلى مصر، فحملته معها وباعته في مصر للعزيز.
ماذا فعلت امرأة العزيز بالنبي يوسف؟
كان عزيز مصر قد أوصى زوجته زليخة بإكرام يوسف -عليه السلام- وهو في بيتهم، إلا أنّ زليخة قد وقعت في حب سيدنا يوسف -عليه السلام-؛ وذلك بسبب جماله الشديد ووسامته غير المعهودة، فدعاها ذلك إلى مروادة يوسف عن نفسه، فتجملّت له، وأغلقت الأبواب عليهما، ودعته إلى نفسها، وقد وصف القرآن الكريم هذه الواقعة حيث قال الله -تعالى-: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)،[٤] فامتنع يوسف -عليه السلام- عن ذلك، وتذكر الإحسان الذي كان من زوجها تجاهه، وإكرامه له في منزله، فرفض أن يقابل إحسانه بالإساءة، وقضى الله -تعالى- أمره بأن يصرف عنه هذا الفعل الفاحش.[٥]
ولمّا رأت زليحة امرأة العزيز امتناع يوسف عنها، عظم الأمر في نفسها، وحاولت أن تقنعه بمرادها، لكن يوسف -عليه السلام- أبعدها عنه، وترك هذا الأمر، فالله -تعالى- قد أراه برهانًا من عنده جعله يمتنع عنها، فدفعها وخرج مسرعًا من عندها باتجاه الباب، فلحقت به وشدت قميصه، فشّقت قميصه من الخلف، وحاولت أن تسبقه في الوصول للباب لتحكم إغلاقه، ولتمنعه من الخروج.[٦]
فلمّا وصلت الباب وجدت سيدها أمامها، وكانوا يسمون الزوج سيدًا، ولتبعد التهمة عن نفسها، بادرت هي بالشكوى إلى زوجها، وأخبرته أنّ يوسف هو من حاول أن يقترب منها، وقد جاء خبر ذلك في القرآن الكريم حيث قال الله -تعالى-: (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)،[٧] ولم تكتفِ باتهام يوسف -عليه السلام؛ بل بدأت بتحريض العزيز عليه، بأن يسجنه، أو يضربه ضربًا موجعًا.[٨]
حاولت امرأة العزيز مراودة يوسف -عليه السلام- عن نفسه، وهيأت لذلك الأسباب إلا أنّه استعصم عن هذه الفعلة، ورفض خيانة سيده.
كيف نجّا الله النبي يوسف من كيد امرأة العزيز؟
وبعدما احتالت امرأة العزيز على زوجها، وأخبرته بأنّ يوسف هو من راودها عن نفسها، دافع يوسف -عليه السلام- عن نفسه وأخبر العزيز بأنّ زليخة هي التي راودته عن نفسه، وحاولت إقناعه بشتى الطرق والوسائل، وجاء ذلك في كتاب الله -تعالى- حيث قال: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي)،[٩] ويسر الله -تعالى- ليوسف شاهد من أهلها وأقاربها، ليشهد بصدقه وبرائته، وأخبرهم الشاهد بطريقة تُبين إن كان يوسف -عليه السلام- صادقًا أم كاذبًا؛ وذلك بحسب الشق الموجود في قميصه، فإن كان من الأمام فإنّ زليخة هي الصادقة، وإن كان من الخلف فإنها كاذبة في ادعائها علي يوسف -عليه السلام-.[١٠]
وقد بيّن الله -تعالى- برائته في آياته حيث قال: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ* وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ* فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)،[١١] فعلم العزيز أنّها هي التي راودت يوسف -عليه السلام- عن نفسه، وأن ما فعلتها من كيدها، وكان حكم العزيز ضعيفًا، فطلب إليه أن يكتم الخبر، وأن تستغفر هي عن فعلتها.[١٠]
وبعدما انتشرت هذه القصة بين نسوة المدينة، وبدأنّ بالتحدث عن زليخة ومحبتها ليوسف -عليه السلام-، وما بدر منها من خيانةٍ لزوجها العزيز، طلبت زليخة من نسوة المدينة أن يحضرنّ عندها وهيأت المكان لجلوسهنّ، ووضعت أمامهنّ طعامًا وسكينًا لتناوله، وطلبت من يوسف أن يخرج إليهنّ، فلما رأينّ حسنه وجماله، قطعنّ أيديهنّ بالسكاكين من غير أن يشعرنّ بذلك.[١٢]
فاعترفت عندها زليخة أنّها هي من راودته عن نفسه حيث قال الله -تعالى-: (قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ)،[١٣] وبعدما رأى يوسف -عليه السلام- ذلك الموقف طلب من الله -تعالى- أن يُبعد عنه كيدهنّ، وفضّل السجن على الوقوع في الحرام، وهذا ما حدث فعلًا، فقد سُجن يوسف -عليه السلام- لسنوات.[١٢]
نجّا الله تعالى يوسف -عليه السلام- عن طريق محاورته للعزيز وتبرئته لنفسه بشهادة شاهد من أقارب امرأة العزيز.
العبر المستفادة من قصة زليخة امرأة العزيز
يستفاد من قصة زليخة امرأة العزيز عدد من العبر منها ما يأتي:[١٤]
- أنّ الزنا من الكبائر التي نهى عنها الله تعالى، والتي عصم أنبياءه -عليهم السلام- من الوقوع فيها.
- أنّ الإحسان لا يُقابل بالإساءة، فقد رفض يوسف -عليه السلام- خيانة العزيز الذي تربى في بيته، وتذكر معروفه معه عندما راودته زوجته، ورفض أن يكون جزاء إحسانه إليه فضيحة وعارًا يطاله.
- أنّ الإنسان يجب أن يتوخى الصدق في أمره، ويحذر من إيقاع الفتن عن طريق الاحتيال، أو لإبعادها عن نفسه.
مُلخص المقال: يتبين من قصة زليخة امرأة العزيز؛ ضرورة أن يكون الإنسان صادقًا، فلا يكون سببًا في حدوث فتنة أو ظلم أحدٍ من الناس، كما تُبين خطورة الزنا وتحريمه وعصمة الله تعالى لأنبياءه منه، وكذلك أنّه يجب على الإنسان أن لا ينسى الذي يقدم له معروفًا.
المراجع
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 202. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي، صفحة 221. بتصرّف.
- ↑ محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط لطنطاوي، صفحة 332. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية:23
- ↑ محمد علي الصابوني، مختصر تفسير ابن كثير، صفحة 245. بتصرّف.
- ↑ محمد أبو زهرة، زهرة التفاسير، صفحة 3816. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية:25
- ↑ شمس الدين القرطبي، تفسير القرطبي، صفحة 171. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية:26
- ^ أ ب محمد محمود حجازي، التفسير الواضح، صفحة 172. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية:26 27 28
- ^ أ ب أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 206. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية:32
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي، صفحة 248. بتصرّف.