فقهاء وأئمة

تعريف بجلال الدين السيوطي

تعريف بجلال الدين السيوطي

اسم السيوطي ومولده

وُلد الإمام السُّيوطي في مصر في بداية شهر رجب سنة 849 من العام الهجري، الذي يوافق الثالث من تشرين الأوّل من عام 1445 ميلادي، واسمه: عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد بن سابق الدين بن الفخر عثمان بن ناصر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين الأسيوطي نسبة لبلد تُسمّى أسيوط في صعيد مصر. وقد لقَّبه أبوه بجلال الدين، وابن الكتب، لأنَّه وُلد عند الكتب، وكان شيخه عِزّ الدين أحمد الحنبلي قد كنّاه بأبي الفضل. وكان أبو الإمام السيوطي من أهل العلم وقد عمل في بلدته أسيوط وتولّى حكمها نيابةً، وقد سمّع صحيح مسلم على الحافظ ابن حجر العسقلاني في القاهرة، وأخذ علوم الفقه والكلام من الإمام شمس الدين القياتي.[١][٢]

نشأة السيوطي وحياته

كانت حياة السيوطي مليئة بالعلم والرحلات إليه، ولازم العديد من العلماء، وحفظ الكثير من العلماء، وفيما يأتي بيان نبذةٍ عن ذلك:[٣][٤]

  • حياة السيوطي قبل وفاة والده: وُلد الإمام السيوطي لعائلةٍ من أهل العلم، فقد عُرف جدّه همام الدين بأنَّه من “أهل الحقيقة ومن مشايخ الطريقة”، وكان والده إماماً في الفقه والفرض وغيرها الكثير من العلوم.[٥] ونشأ السيوطي في القاهرة، حيث كان والده يسكن فيها، وكان الإمام الحافظ ابن حجر -وهو شيخ والده- يُقيم فيها المجالس، وقد حضر السيوطي مع والده مجلساً له وهو بعمر الثالثة، وقد حفِظ السيوطي من القرآن الكريم حتى سورة التحريم بحياة والده، إذ تُوفّي والده وهو بالسادسة من العمر، وأصبح تحت وصاية الشيخ جمال الدين بن الهمام.
  • حفظ السيوطي للعديد من العلوم: أكمل السيوطي حفظه لكتاب الله لما بلغ الثامنة من عمره، وتمتّع الإمام السيوطي منذ الصغر بالذكاء وقوة الحفظ، فبعد حفظه لكتاب الله حَفِظ عدداً من الكتب؛ مثل كتاب عمدة الأحكام، والمنهاج الفرعي في الفقه للنووي، والمنهاج في الأصول، وألفية ابن مالك في النحو، ومنهاج البيضاوي، وعَرض حفظه على الشيوخ في ذلك الوقت..
  • بدء السيوطي برحلة طلب العلم: بدأ السيوطي برحلة طلب العلم قبل سن الخامسة عشر، ودرس على يد عددٍ من الشيوخ؛ كالشمس محمد بن موسى الحنفي، والفخر عثمان المقسي، والشموس البامي، وابن الفالاتي، وابن يوسف، والعجلوني، والنعماني، وقد أخذ عنهم الفقه والنحو، ودرس الفرائض مع الشيخ شهاب الدين الشارمساحي.
  • عمل السيوطي في التدريس: لما بَلَغ السيوطي السابعة عشر من العُمُر سُمح له بتدريس اللغة العربية، وكان قد ألّف كتاباً في الاستعاذة والبسملة، وقد مدح كتابه شيخ الإسلام علم الدين البلقيني، وقد بدأ بالتدريس والإفتاء لما بلغ السابعة والعشرين، وكتب -رحمه الله- شرحاً في ألفية ابن مالك، وجمع الجوامع في العربية، وعرضهم على شيخه تقي الدين الشمسي وقد أثنى عليه.
  • ملازمة السيوطي للعملاء والشيوخ: لزم السيوطي الشيخ شرف الدين المناوي وقرأ عليه عدداً من كتب الفقه والتفسير، وبقي مع العلّامة محيي الدين الكافيجي لمدة أربع عشرة سنة، وقد أجازه في التفسير، والأصول العربية، والمعاني، وكان يُتابع دروس الشيخ سيف الدين الحنفي ويحضرها.
  • رحلة السيوطي خارج البلاد لطلب العلم: فانتقل لدمياط والاسكندرية والفيوم والمحلّة، وقصد بيت الله الحرام للحجّ، ومكث في مكة لمدّة سنةٍ كاملة، وسافر إلى بلاد الشام والمغرب، ووصل غينيا، وكانت تُسمّى التكرور في ذلك الوقت، وأخذ العلم على يد عددٍ من الشيوخ، وأجازوه بالكثير من العلوم التي أخذها عنهم.
  • اعتزال الناس والتفرغ للعبادة: قرّر الإمام السيوطي اعتزال الناس، وتفرَّغ للعبادة والتصنيف لمَّا بلغ من العمر الكثير، فبقي في منزله في القاهرة في منطقةٍ تُسمّى روضة المقياس، وترك الإفتاء واعتذر عنه، وبقي معتزلاً الناس حتى توفَّاه الله.[٦]

مكانة السيوطي ومنزلته العلمية

اجتهد الإمام السيوطي وتبحّر وتوسع في العلم، ولم يكتفِ بعلمٍ واحدٍ بل بسبعة علومٍ، وهي التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع، وكان يملك معرفةً قويّة بباقي العلوم؛ كأصول الفقه، والفرائض، والحساب، والإنشاء، والتصرف، والجدل، وغيرها. ولم يكن السيوطي مجرّد قارئٍ وباحثٍ يستنبط ويشرح؛ بل كان مُجدِّداً مُتميّزاً لم يُشبهه أحدٌ في زمانه، ولا ماثله أحدٌ في مؤلّفاته، وقد ألّف الكثير من الكتب والموسوعات، وتفرّد بها وبموضوعاتها، وتُعتبر من المراجع المهمّة للأمّة الإسلامية، كموسعاته في علوم القرآن، والحديث، والفقه، والبلاغة، والنحو، والطبقات، وغيرها.[٧]

ويُعتبر الإمام السيوطي من آخر الأئمة والحُفّاظ الكِبار، فقد أثنى عليه ومدحه عددٌ كبيرٌ من العلماء والشيوخ، إلا أنَّه انتُقد من عددٍ من العلماء كالسخاوي وغيره بسبب اجتهاده، مع العلم أنَّ الإمام السيوطي لم يستقل في الاجتهاد، بل كان يلتزم بأصول الإمام الشافعي -رحمه الله-، وما حصل بين السيوطي والسخاوي لا يعدّ خلافاً إنَّما تنافس كالذي يكون بين الأقران من العلماء.[٨]

وحظيَ الإمام السيوطي بمكانةٍ رفيعةٍ في المجتمع، فقد كان تحت وِصاية كمال الدين؛ وهو من كبار فقهاء الحنفية في ذلك الوقت، وكان مقرّباً من الخلفاء العباسيين بفضل والده والسلاطين؛ كالسلطان قايتباي. ولمّا بلغ من العلم الكثير أصبح من كبار علماء عصره، وعلا شأنه وارتفعت منزلته في المجتمع، فقد كان مؤثراً وصاحبِ كلمةٍ، وكان معروفاً في مصر وبلاد الشام، وانتفع الناس من علمه وكتبه، واعتُمدت فتاويه عند السلاطين والعوامّ، وانتشرت في مصر وبلاد الشام.[٩]

شخصية السيوطي وأخلاقه

اتّصفَ السيوطي بالتواضع، والصفاء، والوضوح، والثّقة العالية بالنّفس، فقد كان صريحاً في الحديث عن نفسه عن نِعم الله -تعالى- التي حَظِي بها، وكان يذكر خِصاله الجيّدة والمُمَيّزة، وقد قال في ذلك: “أقول ذلك تحدّثاً بنعمة الله تعالى لا فخراً، وأي شيء في الدنيا حتى يُطلب تحصيلها في الفخر، وقد أزِف الرحيل وبدا الشيب وذهب أطيب العمر”، وكان -رحمه الله- وَرِعاً، تقياً، مُتمسّكاً بسنّة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومتَّخذاً علماء السلف قدوةً وأسوةً له.[١٠]

واتّسم بالشجاعة، وقول كلمة الحق، وكان صاحب مسؤوليةٍ كبيرةٍ وعظيمةٍ؛ وهي أمانة نشر العلم، وحَرِص على الاجتهاد في العمل، وتأليف ما يستطيع من المؤلّفات التي تعود على الناس بالخير، وكان مُحبَّاً للخير والصلاح. ولم يكن يُجيب على الأسئلة إلا عند التأكّد منها، فكان حريصاً على التأنّي وعدم الاستعجال، وكان يقول -رحمه الله-: “ما أجبت قط عن مسألةٍ جواباً إلا وأعددْت جوابها بين يدي الله -تعالى- إن سُئِلت عنها”.[١٠]

وكان السيوطي متصوّفاً، زاهداً، قنوعاً، لم تجذبه حياة الأغنياء، واعتزلهم وردَّ هداياهم، ورغم تميّزه بالبساطة والاستقامة وحُسن السيرة والاعتقاد، إلا أنَّه كان يَتَّصِف بالغضب الشديد والحدِّة في الطباع، وكان يحاول معالجة هذه الخِصلة باعتزال الناس وتأليف الرسائل، ومن صفاته أنَّه يُعرِض عن من يُهاجمه، ولم يُسمع عنه أنّه دعا أو سبّ على أحدهم، ويكتفي باحتساب أمره لله -تعالى-.[١١]

مؤلفات السيوطي

ألّفَ الإمام السيوطي -رحمه الله- الكثير من المُؤلفات، وقسّم مؤلفاته لسبعةِ أقسامٍ في كتابه “التحدّث بنعمة الله”، وهي: ما تفرَّد بها ولا يستطيع أحد مماثلتها، ومنها ما يَسهل مشابهتها، وذات الحجم الصغير وتتكوّن من كرّاس إلى عشر كرّاسات، ومنها ما هو مختصر بكرّاس واحد، ومنها ما يتحدَّث عن الفتاوى، ومنها ما لا يعتمدها ولا يأخذ بها، والشروحات.[١٢] وفيما يأتي بيان عددٍ من كتبه:[١٣]

  • الإتقان في علوم القرآن.
  • إتمام الدراية لقراء النقاية.
  • الأحاديث المنيفة.
  • الأرج في الفرج.
  • الازدهار في ما عقده الشعراء من الآثار.
  • إسعاف المبطأ في رجال الموطأ.
  • الأشباه والنظائر في العربية.
  • الأشباه والنظائر في فروع الشافعية.
  • الاقتراح.
  • الإكليل في استنباط التنزيل.
  • الألفاظ المعربة.
  • الألفية في مصطلح الحديث.
  • الألفية في النحو.
  • إنباه الأذكياء لحياة الأنبياء.
  • بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة.
  • التاج في إعراب مشكل المنهاج.
  • تاريخ أسيوط.
  • تاريخ الخلفاء.
  • التحبير لعلم التفسير.
  • تحفة المجالس ونزهة المجالس.
  • تحفة الناسك.
  • تدريب الراوي.
  • ترجمان القرآن.
  • تفسير الجلالين.
  • تنوير الحوالك في شرح موطأ الإمام مالك.
  • الجامع الصغير في الحديث.
  • جمع الجوامع أو الجامع الكبير.
  • الحاوي للفتاوي.
  • حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة.
  • الخصائص والمعجزات النبويّة.
  • درّ السحابة في من دخل مصر من الصحابة.
  • الدر المنثور في التفسير بالمأثور.
  • الدر النثير في تلخيص نهاية ابن الأثير.
  • الدراري في أبناء السراري.
  • الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة.
  • الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج.
  • ديوان الحيوان مختصر من حياة الحيوان للدميري.
  • رشف الزلال.
  • زهر الربى في شرح سنن النسائي.
  • زيادات الجامع الصغير.
  • السبل الجلية في الآباء العلية.
  • شرح شواهد المغني يُسمى بفتح القريب.
  • الشماريخ في علم التاريخ.
  • صون المنطق والكلام.
  • طبقات الحفاظ.
  • طبقات المفسرين.
  • عقود الجمان في المعاني والبيان.
  • عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد.
  • قطف الثمر في موافقات عمر.
  • كوكب الروضة.
  • مقامات.
  • اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة.
  • لب اللباب في تحرير الأنساب.
  • لباب النقول في أسباب النزول.
  • ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين.
  • متشابه القرآن.
  • المحاضرات والمحاورات.
  • المذهب في ما وقع في القرآن من المعرب.
  • المزهر.
  • مسالك الحُنَفا في والدي المصطفى.
  • المستطرف من أخبار الجواري.
  • مشتهى العقول في منتهى النقول.
  • مصباح الزجاجة في شرح سنن ابن ماجة.
  • مفحمات الأقران في مبهمات القرآن.
  • مقامات في الأدب.
  • المقامة السندسية في النسبة المصطفوية.
  • مناقب أبي حنيفة.
  • مناقب مالك.
  • مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا.
  • المنجم في المعجم.
  • نزهة الجلساء في أشعار النساء.
  • النفحة المسكية والتحفة المكية.
  • نواهد الأبكار.
  • همع الهوامع.
  • الوسائل إلى معرفة الأوائل.

وفاة الإمام جلال الدين السيوطي

تُوفِّي الإمام السيوطي بعمر الواحد والستين قبل فجر يوم الجمعة في التاسع عشر من جمادى الأولى عام 911 هجري،[١٤] وقد كان مريضاً لمدَّة سبعةِ أيامٍ يُعاني فيها من ورمٍ شديدٍ في يده اليُسرى، وقد توفِّي في منزله، ودُفن في حوش قوصون خارج باب القرافة.[١٥]

المراجع

  1. إياد الطباع (1996م)، الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي معلمة العلوم الإسلامية (الطبعة الأولى)، سوريا – دمشق: دار القلم، صفحة 29-32. بتصرّف.
  2. محمد موسى (1997م)، إعجاز القرآن الكريم بين الإمام السيوطي والعلماء دراسة نقدية ومقارنة (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية – جدة: دار الأندلس الخضراء، صفحة 219-220. بتصرّف.
  3. ابن العماد الحنبلي (1986م)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب (الطبعة الأولى)، لبنان – بيروت: دار ابن كثير، صفحة 75-80، جزء 10. بتصرّف.
  4. طاهر حمودة (1989م)، جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي (الطبعة الأولى)، لبنان – بيروت: المكتب الاسلامى، صفحة 94-97. بتصرّف،
  5. جلال الدين السيوطي (2010م)، حُسْنُ السَّمْتِ فِي الصَّمْتِ، مصر: دار العلم والإيمان للنشر والتوزيع، صفحة 44-45.بتصرف.
  6. عادل نويهض (1988م)، معجم المفسرين من صدر الإسلام وحتى العصر الحاضر (الطبعة الثالثة)، لبنان – بيروت: مؤسسة نويهض الثقافية للتأليف والترجمة والنشر، صفحة 264، جزء 1. بتصرّف.
  7. إياد الطباع (1996م)، الإمام الخافظ جلال الدين السيوطي معلمة العلوم الإسلامية (الطبعة الأولى)، سوريا – دمشق: دار القلم، صفحة 73-76. بتصرّف.
  8. محمد موسى (1997م)، إعجاز القرآن الكريم بين الإمام السيوطي والعلماء دراسة نقدية ومقارنة (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية – جدة: دار الأندلس الخضراء، صفحة 259-262. بتصرّف.
  9. طاهر حمودة (1989م)، جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي (الطبعة الأولى)، لبنان – بيروت: المكتب الاسلامى، صفحة 122-126. بتصرّف.
  10. ^ أ ب إياد الطباع (1996م)، الإمام الخافظ جلال الدين السيوطي معلمة العلوم الإسلامية (الطبعة الأولى)، سوريا – دمشق: دار القلم، صفحة 77-80. بتصرّف.
  11. طاهر حمودة (1989م)، جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي (الطبعة الأولى)، لبنان – بيروت: المكتب الاسلامى، صفحة 138-142. بتصرّف.
  12. جلال الدين السيوطي (2010م)، حُسْنُ السَّمْتِ فِي الصَّمْتِ، مصر: دار العلم والإيمان للنشر والتوزيع، صفحة 48-50. بتصرّف.
  13. خير الدين الزركلي (2002م)، الأعلام (الطبعة الخامسة عشر)، لبنان – بيروت: دار العلم للملايين، صفحة 301-302، جزء 3. بتصرّف.
  14. محمد موسى (1997م)، إعجاز القرآن الكريم بين الإمام السيوطي والعلماء دراسة نقدية ومقارنة (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية – جدة: دار الأندلس الخضراء، صفحة 268. بتصرّف.
  15. ابن العماد الحنبلي (1986م)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب (الطبعة الأولى)، لبنان – بيروت: دار ابن كثير، صفحة 78-79، جزء 10. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

تعريف بجلال الدين السيوطي

اسم السيوطي ومولده

وُلد الإمام السُّيوطي في مصر في بداية شهر رجب سنة 849 من العام الهجري، الذي يوافق الثالث من تشرين الأوّل من عام 1445 ميلادي، واسمه: عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد بن سابق الدين بن الفخر عثمان بن ناصر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين الأسيوطي نسبة لبلد تُسمّى أسيوط في صعيد مصر. وقد لقَّبه أبوه بجلال الدين، وابن الكتب، لأنَّه وُلد عند الكتب، وكان شيخه عِزّ الدين أحمد الحنبلي قد كنّاه بأبي الفضل. وكان أبو الإمام السيوطي من أهل العلم وقد عمل في بلدته أسيوط وتولّى حكمها نيابةً، وقد سمّع صحيح مسلم على الحافظ ابن حجر العسقلاني في القاهرة، وأخذ علوم الفقه والكلام من الإمام شمس الدين القياتي.[١][٢]

نشأة السيوطي وحياته

كانت حياة السيوطي مليئة بالعلم والرحلات إليه، ولازم العديد من العلماء، وحفظ الكثير من العلماء، وفيما يأتي بيان نبذةٍ عن ذلك:[٣][٤]

  • حياة السيوطي قبل وفاة والده: وُلد الإمام السيوطي لعائلةٍ من أهل العلم، فقد عُرف جدّه همام الدين بأنَّه من “أهل الحقيقة ومن مشايخ الطريقة”، وكان والده إماماً في الفقه والفرض وغيرها الكثير من العلوم.[٥] ونشأ السيوطي في القاهرة، حيث كان والده يسكن فيها، وكان الإمام الحافظ ابن حجر -وهو شيخ والده- يُقيم فيها المجالس، وقد حضر السيوطي مع والده مجلساً له وهو بعمر الثالثة، وقد حفِظ السيوطي من القرآن الكريم حتى سورة التحريم بحياة والده، إذ تُوفّي والده وهو بالسادسة من العمر، وأصبح تحت وصاية الشيخ جمال الدين بن الهمام.
  • حفظ السيوطي للعديد من العلوم: أكمل السيوطي حفظه لكتاب الله لما بلغ الثامنة من عمره، وتمتّع الإمام السيوطي منذ الصغر بالذكاء وقوة الحفظ، فبعد حفظه لكتاب الله حَفِظ عدداً من الكتب؛ مثل كتاب عمدة الأحكام، والمنهاج الفرعي في الفقه للنووي، والمنهاج في الأصول، وألفية ابن مالك في النحو، ومنهاج البيضاوي، وعَرض حفظه على الشيوخ في ذلك الوقت..
  • بدء السيوطي برحلة طلب العلم: بدأ السيوطي برحلة طلب العلم قبل سن الخامسة عشر، ودرس على يد عددٍ من الشيوخ؛ كالشمس محمد بن موسى الحنفي، والفخر عثمان المقسي، والشموس البامي، وابن الفالاتي، وابن يوسف، والعجلوني، والنعماني، وقد أخذ عنهم الفقه والنحو، ودرس الفرائض مع الشيخ شهاب الدين الشارمساحي.
  • عمل السيوطي في التدريس: لما بَلَغ السيوطي السابعة عشر من العُمُر سُمح له بتدريس اللغة العربية، وكان قد ألّف كتاباً في الاستعاذة والبسملة، وقد مدح كتابه شيخ الإسلام علم الدين البلقيني، وقد بدأ بالتدريس والإفتاء لما بلغ السابعة والعشرين، وكتب -رحمه الله- شرحاً في ألفية ابن مالك، وجمع الجوامع في العربية، وعرضهم على شيخه تقي الدين الشمسي وقد أثنى عليه.
  • ملازمة السيوطي للعملاء والشيوخ: لزم السيوطي الشيخ شرف الدين المناوي وقرأ عليه عدداً من كتب الفقه والتفسير، وبقي مع العلّامة محيي الدين الكافيجي لمدة أربع عشرة سنة، وقد أجازه في التفسير، والأصول العربية، والمعاني، وكان يُتابع دروس الشيخ سيف الدين الحنفي ويحضرها.
  • رحلة السيوطي خارج البلاد لطلب العلم: فانتقل لدمياط والاسكندرية والفيوم والمحلّة، وقصد بيت الله الحرام للحجّ، ومكث في مكة لمدّة سنةٍ كاملة، وسافر إلى بلاد الشام والمغرب، ووصل غينيا، وكانت تُسمّى التكرور في ذلك الوقت، وأخذ العلم على يد عددٍ من الشيوخ، وأجازوه بالكثير من العلوم التي أخذها عنهم.
  • اعتزال الناس والتفرغ للعبادة: قرّر الإمام السيوطي اعتزال الناس، وتفرَّغ للعبادة والتصنيف لمَّا بلغ من العمر الكثير، فبقي في منزله في القاهرة في منطقةٍ تُسمّى روضة المقياس، وترك الإفتاء واعتذر عنه، وبقي معتزلاً الناس حتى توفَّاه الله.[٦]

مكانة السيوطي ومنزلته العلمية

اجتهد الإمام السيوطي وتبحّر وتوسع في العلم، ولم يكتفِ بعلمٍ واحدٍ بل بسبعة علومٍ، وهي التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع، وكان يملك معرفةً قويّة بباقي العلوم؛ كأصول الفقه، والفرائض، والحساب، والإنشاء، والتصرف، والجدل، وغيرها. ولم يكن السيوطي مجرّد قارئٍ وباحثٍ يستنبط ويشرح؛ بل كان مُجدِّداً مُتميّزاً لم يُشبهه أحدٌ في زمانه، ولا ماثله أحدٌ في مؤلّفاته، وقد ألّف الكثير من الكتب والموسوعات، وتفرّد بها وبموضوعاتها، وتُعتبر من المراجع المهمّة للأمّة الإسلامية، كموسعاته في علوم القرآن، والحديث، والفقه، والبلاغة، والنحو، والطبقات، وغيرها.[٧]

ويُعتبر الإمام السيوطي من آخر الأئمة والحُفّاظ الكِبار، فقد أثنى عليه ومدحه عددٌ كبيرٌ من العلماء والشيوخ، إلا أنَّه انتُقد من عددٍ من العلماء كالسخاوي وغيره بسبب اجتهاده، مع العلم أنَّ الإمام السيوطي لم يستقل في الاجتهاد، بل كان يلتزم بأصول الإمام الشافعي -رحمه الله-، وما حصل بين السيوطي والسخاوي لا يعدّ خلافاً إنَّما تنافس كالذي يكون بين الأقران من العلماء.[٨]

وحظيَ الإمام السيوطي بمكانةٍ رفيعةٍ في المجتمع، فقد كان تحت وِصاية كمال الدين؛ وهو من كبار فقهاء الحنفية في ذلك الوقت، وكان مقرّباً من الخلفاء العباسيين بفضل والده والسلاطين؛ كالسلطان قايتباي. ولمّا بلغ من العلم الكثير أصبح من كبار علماء عصره، وعلا شأنه وارتفعت منزلته في المجتمع، فقد كان مؤثراً وصاحبِ كلمةٍ، وكان معروفاً في مصر وبلاد الشام، وانتفع الناس من علمه وكتبه، واعتُمدت فتاويه عند السلاطين والعوامّ، وانتشرت في مصر وبلاد الشام.[٩]

شخصية السيوطي وأخلاقه

اتّصفَ السيوطي بالتواضع، والصفاء، والوضوح، والثّقة العالية بالنّفس، فقد كان صريحاً في الحديث عن نفسه عن نِعم الله -تعالى- التي حَظِي بها، وكان يذكر خِصاله الجيّدة والمُمَيّزة، وقد قال في ذلك: “أقول ذلك تحدّثاً بنعمة الله تعالى لا فخراً، وأي شيء في الدنيا حتى يُطلب تحصيلها في الفخر، وقد أزِف الرحيل وبدا الشيب وذهب أطيب العمر”، وكان -رحمه الله- وَرِعاً، تقياً، مُتمسّكاً بسنّة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومتَّخذاً علماء السلف قدوةً وأسوةً له.[١٠]

واتّسم بالشجاعة، وقول كلمة الحق، وكان صاحب مسؤوليةٍ كبيرةٍ وعظيمةٍ؛ وهي أمانة نشر العلم، وحَرِص على الاجتهاد في العمل، وتأليف ما يستطيع من المؤلّفات التي تعود على الناس بالخير، وكان مُحبَّاً للخير والصلاح. ولم يكن يُجيب على الأسئلة إلا عند التأكّد منها، فكان حريصاً على التأنّي وعدم الاستعجال، وكان يقول -رحمه الله-: “ما أجبت قط عن مسألةٍ جواباً إلا وأعددْت جوابها بين يدي الله -تعالى- إن سُئِلت عنها”.[١٠]

وكان السيوطي متصوّفاً، زاهداً، قنوعاً، لم تجذبه حياة الأغنياء، واعتزلهم وردَّ هداياهم، ورغم تميّزه بالبساطة والاستقامة وحُسن السيرة والاعتقاد، إلا أنَّه كان يَتَّصِف بالغضب الشديد والحدِّة في الطباع، وكان يحاول معالجة هذه الخِصلة باعتزال الناس وتأليف الرسائل، ومن صفاته أنَّه يُعرِض عن من يُهاجمه، ولم يُسمع عنه أنّه دعا أو سبّ على أحدهم، ويكتفي باحتساب أمره لله -تعالى-.[١١]

مؤلفات السيوطي

ألّفَ الإمام السيوطي -رحمه الله- الكثير من المُؤلفات، وقسّم مؤلفاته لسبعةِ أقسامٍ في كتابه “التحدّث بنعمة الله”، وهي: ما تفرَّد بها ولا يستطيع أحد مماثلتها، ومنها ما يَسهل مشابهتها، وذات الحجم الصغير وتتكوّن من كرّاس إلى عشر كرّاسات، ومنها ما هو مختصر بكرّاس واحد، ومنها ما يتحدَّث عن الفتاوى، ومنها ما لا يعتمدها ولا يأخذ بها، والشروحات.[١٢] وفيما يأتي بيان عددٍ من كتبه:[١٣]

  • الإتقان في علوم القرآن.
  • إتمام الدراية لقراء النقاية.
  • الأحاديث المنيفة.
  • الأرج في الفرج.
  • الازدهار في ما عقده الشعراء من الآثار.
  • إسعاف المبطأ في رجال الموطأ.
  • الأشباه والنظائر في العربية.
  • الأشباه والنظائر في فروع الشافعية.
  • الاقتراح.
  • الإكليل في استنباط التنزيل.
  • الألفاظ المعربة.
  • الألفية في مصطلح الحديث.
  • الألفية في النحو.
  • إنباه الأذكياء لحياة الأنبياء.
  • بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة.
  • التاج في إعراب مشكل المنهاج.
  • تاريخ أسيوط.
  • تاريخ الخلفاء.
  • التحبير لعلم التفسير.
  • تحفة المجالس ونزهة المجالس.
  • تحفة الناسك.
  • تدريب الراوي.
  • ترجمان القرآن.
  • تفسير الجلالين.
  • تنوير الحوالك في شرح موطأ الإمام مالك.
  • الجامع الصغير في الحديث.
  • جمع الجوامع أو الجامع الكبير.
  • الحاوي للفتاوي.
  • حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة.
  • الخصائص والمعجزات النبويّة.
  • درّ السحابة في من دخل مصر من الصحابة.
  • الدر المنثور في التفسير بالمأثور.
  • الدر النثير في تلخيص نهاية ابن الأثير.
  • الدراري في أبناء السراري.
  • الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة.
  • الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج.
  • ديوان الحيوان مختصر من حياة الحيوان للدميري.
  • رشف الزلال.
  • زهر الربى في شرح سنن النسائي.
  • زيادات الجامع الصغير.
  • السبل الجلية في الآباء العلية.
  • شرح شواهد المغني يُسمى بفتح القريب.
  • الشماريخ في علم التاريخ.
  • صون المنطق والكلام.
  • طبقات الحفاظ.
  • طبقات المفسرين.
  • عقود الجمان في المعاني والبيان.
  • عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد.
  • قطف الثمر في موافقات عمر.
  • كوكب الروضة.
  • مقامات.
  • اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة.
  • لب اللباب في تحرير الأنساب.
  • لباب النقول في أسباب النزول.
  • ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين.
  • متشابه القرآن.
  • المحاضرات والمحاورات.
  • المذهب في ما وقع في القرآن من المعرب.
  • المزهر.
  • مسالك الحُنَفا في والدي المصطفى.
  • المستطرف من أخبار الجواري.
  • مشتهى العقول في منتهى النقول.
  • مصباح الزجاجة في شرح سنن ابن ماجة.
  • مفحمات الأقران في مبهمات القرآن.
  • مقامات في الأدب.
  • المقامة السندسية في النسبة المصطفوية.
  • مناقب أبي حنيفة.
  • مناقب مالك.
  • مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا.
  • المنجم في المعجم.
  • نزهة الجلساء في أشعار النساء.
  • النفحة المسكية والتحفة المكية.
  • نواهد الأبكار.
  • همع الهوامع.
  • الوسائل إلى معرفة الأوائل.

وفاة الإمام جلال الدين السيوطي

تُوفِّي الإمام السيوطي بعمر الواحد والستين قبل فجر يوم الجمعة في التاسع عشر من جمادى الأولى عام 911 هجري،[١٤] وقد كان مريضاً لمدَّة سبعةِ أيامٍ يُعاني فيها من ورمٍ شديدٍ في يده اليُسرى، وقد توفِّي في منزله، ودُفن في حوش قوصون خارج باب القرافة.[١٥]

المراجع

  1. إياد الطباع (1996م)، الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي معلمة العلوم الإسلامية (الطبعة الأولى)، سوريا – دمشق: دار القلم، صفحة 29-32. بتصرّف.
  2. محمد موسى (1997م)، إعجاز القرآن الكريم بين الإمام السيوطي والعلماء دراسة نقدية ومقارنة (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية – جدة: دار الأندلس الخضراء، صفحة 219-220. بتصرّف.
  3. ابن العماد الحنبلي (1986م)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب (الطبعة الأولى)، لبنان – بيروت: دار ابن كثير، صفحة 75-80، جزء 10. بتصرّف.
  4. طاهر حمودة (1989م)، جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي (الطبعة الأولى)، لبنان – بيروت: المكتب الاسلامى، صفحة 94-97. بتصرّف،
  5. جلال الدين السيوطي (2010م)، حُسْنُ السَّمْتِ فِي الصَّمْتِ، مصر: دار العلم والإيمان للنشر والتوزيع، صفحة 44-45.بتصرف.
  6. عادل نويهض (1988م)، معجم المفسرين من صدر الإسلام وحتى العصر الحاضر (الطبعة الثالثة)، لبنان – بيروت: مؤسسة نويهض الثقافية للتأليف والترجمة والنشر، صفحة 264، جزء 1. بتصرّف.
  7. إياد الطباع (1996م)، الإمام الخافظ جلال الدين السيوطي معلمة العلوم الإسلامية (الطبعة الأولى)، سوريا – دمشق: دار القلم، صفحة 73-76. بتصرّف.
  8. محمد موسى (1997م)، إعجاز القرآن الكريم بين الإمام السيوطي والعلماء دراسة نقدية ومقارنة (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية – جدة: دار الأندلس الخضراء، صفحة 259-262. بتصرّف.
  9. طاهر حمودة (1989م)، جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي (الطبعة الأولى)، لبنان – بيروت: المكتب الاسلامى، صفحة 122-126. بتصرّف.
  10. ^ أ ب إياد الطباع (1996م)، الإمام الخافظ جلال الدين السيوطي معلمة العلوم الإسلامية (الطبعة الأولى)، سوريا – دمشق: دار القلم، صفحة 77-80. بتصرّف.
  11. طاهر حمودة (1989م)، جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي (الطبعة الأولى)، لبنان – بيروت: المكتب الاسلامى، صفحة 138-142. بتصرّف.
  12. جلال الدين السيوطي (2010م)، حُسْنُ السَّمْتِ فِي الصَّمْتِ، مصر: دار العلم والإيمان للنشر والتوزيع، صفحة 48-50. بتصرّف.
  13. خير الدين الزركلي (2002م)، الأعلام (الطبعة الخامسة عشر)، لبنان – بيروت: دار العلم للملايين، صفحة 301-302، جزء 3. بتصرّف.
  14. محمد موسى (1997م)، إعجاز القرآن الكريم بين الإمام السيوطي والعلماء دراسة نقدية ومقارنة (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية – جدة: دار الأندلس الخضراء، صفحة 268. بتصرّف.
  15. ابن العماد الحنبلي (1986م)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب (الطبعة الأولى)، لبنان – بيروت: دار ابن كثير، صفحة 78-79، جزء 10. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

جلال الدين السيوطي

جلال الدين السيوطي هو عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد سابق الدين بن الخضيري الأسيوطي نسبةً إلى مدينة أسيوط في صعيد مصر، وهو عالم موسوعي في التفسير، والحديث، والتاريخ، واللغة، والفقه، والأدب، ولد في القاهرة سنة 849هـ ونشأ فيها، رحل إلى الشام واليمن والحجاز والمغرب والهند، ثم عاد إلى مصر واستقر فيها، تولى العديد من المناصب، وعندما بلغ الأربعين من عمره اعتزل داخل منزله، وعكف على التصنيف، وتوفي سنة 911هـ في القاهرة.

نشأة جلال الدين السيوطي

نشأ السيوطي يتيماً، حيث توفي والده وهو في السادسة من عمره، واتجه إلى حفظ القرآن وأتمه قبل أن يتم الثامنة من عمره، كما حفظ بعض الكتب؛ مثل: العمدة، وألفية ابن مالك، ومناهج الفقه والأصول، مما ساهم في زيادة سعة إدراكه ومعرفته، وكان محل رعاية وعناية من العديد من العلماء من رفاق أبيه، حيث كان والده من العلماء الصالحين ذوي المكانة العالية والرفيعة، وكان العديد من أبناء الوجهاء والعلماء يتلقون العلم على يديه.

تولى بعض العلماء، ومنهم الكمال بن الهمام الحنفي، وهو أكبر فقهاء عصره أمر الوصاية على السيوطي، وتأثر به السيوطي، وبشكل خاص عندما ابتعد عن أرباب الدولة والسلاطين، وقام السيوطي بالعديد من الرحلات العلمية، ودرس الحديث في المدرسة الشيخونية.

شيوخ جلال الدين السيوطي

تأثر السيوطي بنخبة من كبار العلماء الذين نبغوا في علوم الدين واللغة والأدب بجميع فروعها، وبدأ بطلب العلم سنة 864هـ، ودرس الفقه والنحو والفرائض، وقبل أن يمضي عامين أجيز بتدريس اللغة العربية، وألف كتابه الأول: شرح الاستعاذة والبسملة وهو في السابعة عشرة من عمره، وجلس السيوطي مع 150 شيخاً، وكان منهجه في الجلوس إلى المشايخ أن يختار شيخاً واحداً يجلس إليه، وإذا توفي انتقل إلى غيره.

كان محيي الدين الكافيجي عمدة شيوخه، حيث لازمه لمدة أربع عشرة سنة، وأخذ عنه التفسير، والأصول، والمعاني، والعربية، ومعظم علمه، كما كان يلقبه بأستاذ الوجود، ومن شيوخه أيضاً: شرف الدين المناوي الذي أخذ عنه القرآن والفقه، وتقي الدين الشبلي الذي أخذ عنه الحديث، كما تلقى العلم على يد شيوخ من النساء أمثال آية بنت جار الله بن صالح، وأم الفضل بنت محمد المقدسي.

تلاميذ جلال الدين السيوطي

كان شمس الدين الداودي صاحب كتاب طبقات المفسرين، والمؤرخ ابن إياس صاحب كتاب بدائع الزهور، وشمس الدين الشامي محدث الديار المصرية، وشمس الدين بن طولون من أبرز تلاميذ السيوطي.

مؤلفات جلال الدين السيوطي

ألف جلال الدين السيوطي الكثير من الكتب والرسائل، وذكر ابن إياس في تاريخ مصر أن مصنفاته بلغت ستمئة مصنف من مختلف الأطياف والمواضيع، ومن أبرز مؤلفاته: الإتقان في علوم القرآن، وإسعاف المبطأ برجال الموطأ، والمزهر في علوم اللغة وأنواعها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

جلال الدين السيوطي

جلال الدين السيوطي هو عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد سابق الدين بن الخضيري الأسيوطي نسبةً إلى مدينة أسيوط في صعيد مصر، وهو عالم موسوعي في التفسير، والحديث، والتاريخ، واللغة، والفقه، والأدب، ولد في القاهرة سنة 849هـ ونشأ فيها، رحل إلى الشام واليمن والحجاز والمغرب والهند، ثم عاد إلى مصر واستقر فيها، تولى العديد من المناصب، وعندما بلغ الأربعين من عمره اعتزل داخل منزله، وعكف على التصنيف، وتوفي سنة 911هـ في القاهرة.

نشأة جلال الدين السيوطي

نشأ السيوطي يتيماً، حيث توفي والده وهو في السادسة من عمره، واتجه إلى حفظ القرآن وأتمه قبل أن يتم الثامنة من عمره، كما حفظ بعض الكتب؛ مثل: العمدة، وألفية ابن مالك، ومناهج الفقه والأصول، مما ساهم في زيادة سعة إدراكه ومعرفته، وكان محل رعاية وعناية من العديد من العلماء من رفاق أبيه، حيث كان والده من العلماء الصالحين ذوي المكانة العالية والرفيعة، وكان العديد من أبناء الوجهاء والعلماء يتلقون العلم على يديه.

تولى بعض العلماء، ومنهم الكمال بن الهمام الحنفي، وهو أكبر فقهاء عصره أمر الوصاية على السيوطي، وتأثر به السيوطي، وبشكل خاص عندما ابتعد عن أرباب الدولة والسلاطين، وقام السيوطي بالعديد من الرحلات العلمية، ودرس الحديث في المدرسة الشيخونية.

شيوخ جلال الدين السيوطي

تأثر السيوطي بنخبة من كبار العلماء الذين نبغوا في علوم الدين واللغة والأدب بجميع فروعها، وبدأ بطلب العلم سنة 864هـ، ودرس الفقه والنحو والفرائض، وقبل أن يمضي عامين أجيز بتدريس اللغة العربية، وألف كتابه الأول: شرح الاستعاذة والبسملة وهو في السابعة عشرة من عمره، وجلس السيوطي مع 150 شيخاً، وكان منهجه في الجلوس إلى المشايخ أن يختار شيخاً واحداً يجلس إليه، وإذا توفي انتقل إلى غيره.

كان محيي الدين الكافيجي عمدة شيوخه، حيث لازمه لمدة أربع عشرة سنة، وأخذ عنه التفسير، والأصول، والمعاني، والعربية، ومعظم علمه، كما كان يلقبه بأستاذ الوجود، ومن شيوخه أيضاً: شرف الدين المناوي الذي أخذ عنه القرآن والفقه، وتقي الدين الشبلي الذي أخذ عنه الحديث، كما تلقى العلم على يد شيوخ من النساء أمثال آية بنت جار الله بن صالح، وأم الفضل بنت محمد المقدسي.

تلاميذ جلال الدين السيوطي

كان شمس الدين الداودي صاحب كتاب طبقات المفسرين، والمؤرخ ابن إياس صاحب كتاب بدائع الزهور، وشمس الدين الشامي محدث الديار المصرية، وشمس الدين بن طولون من أبرز تلاميذ السيوطي.

مؤلفات جلال الدين السيوطي

ألف جلال الدين السيوطي الكثير من الكتب والرسائل، وذكر ابن إياس في تاريخ مصر أن مصنفاته بلغت ستمئة مصنف من مختلف الأطياف والمواضيع، ومن أبرز مؤلفاته: الإتقان في علوم القرآن، وإسعاف المبطأ برجال الموطأ، والمزهر في علوم اللغة وأنواعها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى