الاجتهاد وحكمه
يُعرف الاجتهاد في أصول الفقه بأنّه: بذل الجهد لإدراك حكمٍ شرعيٍّ من أدلّته الشرعية، وهو واجبٌ على كلّ من كان قادراً على القيام به، حيث قال الله -تعالى- في القرآن الكريم: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)،[١] ويمكن للقادر على الاجتهاد أن يعرف الحقّ بنفسه، ولا يكون له ذلك إلّا إذا كان صاحب سعةٍ في العلم، واطلاعٍ كبيرٍ على النصوص الشرعية والأصول التي يجدر مراعاتها؛ حتى لا يقع فيما يخالف شيئاً منها، فلا يجوز لطلبة العلم الذين لم يدركوا من العلم إلّا شيئاً يسيراً بعد أن يُنصّبوا أنفسهم مجتهدين، لما قد يؤدّي إليه ذلك من وقوعهم في أخطاءٍ جسيمةٍ، كالعمل بأحاديث عامّةٍ ولكنّها مخصّصةً، أو العمل بأحاديث منسوخةٍ دون العلم بنسخها، أو العمل بأحاديث أجمع العلماء على مخالفتها لظاهرها دون العلم بإجماع العلماء على ذلك، ويمكن للاجتهاد أن يتجزء لدى العالم، فيكون مجتهداً في مسألةٍ من المسائل العلمية، أو في بابٍ من أبواب العلم ونحو ذلك.[٢]
شروط الاجتهاد
شدّد بعض العلماء في شروط الاجتهاد وخفّف فيها آخرون، وذكروا شروطاً لقبول الاجتهاد وشروطاً لصحته، وفيما يأتي بيان جملةٍ من هذه الشروط:[٣]
- شروط قبول الاجتهاد: وهي ثلاثة شروطٍ لا بدّ من توفرها فيمن يتصدّى للاجتهاد وبدونها لا يُقبل اجتهاده، وهذه الشروط هي:
- الإسلام: فلا يقبل الاجتهاد من غير المسلم؛ لأنّ الاجتهاد عبادةٌ، والإسلام شرطٌ لصحّة العبادة.
- التكليف: بحيث يكون المجتهد بالغاً عاقلاً حتى يتمكّن من فهم النصوص، واستخلاص الأحكام منها.
- العدالة: فلا يقبل قول الفاسق، ولا يُعمل بفتواه.
- شروط صحة الاجتهاد: وهي مجموعةٌ من العوامل التي لا بدّ من توفرها في المجتهد؛ حتى تتكوّن لديه الملكة الفقهية، والفهم السليم، فيكون بذلك قادراً على الاستنباط بطريقةٍ صحيحةٍ، وهذه الشروط هي:
- المعرفة بكتاب الله تعالى.
- المعرفة بالسنّة النبوية.
- المعرفة باللغة العربية، وقواعدها.
- المعرفة بأصول الفقه؛ حيث إنّها أساس الاجتهاد.
- المعرفة بمقاصد الشريعة.
- الدراية بمواقع إجماع العلماء.
- الدراية بأحوال العصر، وظروفه، ومجتمعاته.
أنواع المجتهدين
ينقسم المجتهدون إلى أنواعٍ عديدةٍ، فيما يأتي ذكرها:[٤]
- المجتهد المطلق؛ وهو العالم بالقرآن الكريم، والسنّة النبوية، وأقوال الصحابة رضي الله عنهم، وهو الذي يجتهد في أحكام النوازل قاصداً موافقة الأدلّة الشرعية حيث كانت.
- مجتهدٌ مقيّدٌ بمذهب إمامه، وهو المجتهد في معرفة فتاوى المذهب، وأقواله، وأصوله، ومآخذه، ممّا يمكّنه من التخريج عليها دون أن يكون مقلّداً لإمامه لا في الحكم ولا في الدليل، بل مقلداً له في الاجتهاد والفُتيا.
- مجتهدٌ مقيدٌ في مذهب من انتسب إليه، فهو متقنٌ له في فتاويه وعالم بها، ومقرٌّ لها بالدليل، ولا يتعدّى أو يخالف أقوال وفتاوى مذهبه، وإذا وجد نصاً لإمامه لم يعدل عنه إلى غيره البتّة، فقد اكتفى بنصوص إمامه عن استنباط الأحكام بنفسه، واستخراجها من النصوص.
- مجتهدٌ في مذهب من انتسب إليه، فهذا يحفظ فتاوى إمامه، ويقلده تقليداً محضاً، وليس لديه إلّا التقيلد المذموم لأقوال إمامه.
المراجع
- ↑ سورة النحل، آية: 43.
- ↑ “حكم الاجتهاد في الإسلام وشروط المجتهد”، www.islamqa.info، 2008-6-3، اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-7. بتصرّف.
- ↑ “شروط الاجتهاد”، www.library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-7. بتصرّف.
- ↑ إيمان بنت محمد القثامي (2014-6-3)، “من هو المجتهد ، وأنواع المجتهدين”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-7. بتصرّف.