تعليم

أنواع الدساتير

الدستور

لم يتمّ وضع مفهوم مُحدَّد للدستور، إلّا أنّ معظم التعريفات التي وضعها المُتخصِّصون للدستور تدور حول فكرة رئيسيّة، وهي فكرة الحُكم؛ فمنهم من عرّف الدستور، أو القانون الدستوريّ على أنّه: مجموعة القواعد الأساسيّة التي يتمّ من خلالها تحديد شكل الدولة، ورَسم قواعد الحُكم فيها، وهي التي تضمن حقوق الأفراد في المجتمع، وتُنظِّم السُّلطات العامّة في الدولة، وتُبيّن اختصاص كلٍّ منها. كما يُعرَّف الدستور أيضاً على أنّه: مجموعة القواعد القانونيّة التي تُنظِّم أمر الحُكم في الدولة. وهناك من يرى أنّ الدولة هي أسبق في الوجود من الدستور؛ ولذلك يجدون أنّه ليس هناك داعٍ؛ لإدخال الدولة في التعريف؛ فالقواعد القانونيّة للدستور تُبيِّن أمر الحُكم في جماعة سياسيّة، في وقت مُحدَّد.[١]

أنواع الدساتير

للدساتير أربعة أنواع رئيسيّة مُقسَّمة إلى قسمَين، وِفق معيارَين رئيسيَّين، وهما:

من حيث المصدر

تنقسم الدساتير من حيث المصدر إلى:[٢]

الدساتير المُدوَّنة

الدساتير المُدوَّنة (بالإنجليزيّة: Written Constitutions): هي الدساتير التي تكون أحكامها، وقواعدها مكتوبة، ومُدوَّنة في وثيقة، أو مجموعة وثائق رسميّة، على هيئة تشريع، أو تشريعات صادرة عن السُّلطة العُليا المُختَصَّة في الدولة. والمُشرِّع الدستوريّ في الدولة يكون عادةً السُّلطة التأسيسيّة الأصلية؛ فهي التي تضع الدستور الذي يُعَدُّ بالتأكيد أعلى قيمة من القوانين التي تصدرُ عن جهات أخرى في الدولة، والمقصود هنا هو المجلس النيابيّ (البرلمان)، والدستور هو أساس البرلمان، وهو الذي يُحدِّد اختصاصاته، والإجراءات اللازم اتِّباعها عند إصدار القوانين العاديّة. وتاريخيّاً، لم تَكُن الدساتير المُدوَّنة، أو المكتوبة موجودة قَبل عام 1787م، حيث وضعت الولايات المُتَّحِدة الأمريكيّة دستور بلادها كنموذج أوّلي للدساتير المُدوَّنة، وفي عام 1791م، وُضِع الدستور المُدوَّن للثورة الفرنسيّة، واستمرَّ بعد ذلك انتشار هذا النوع من الدساتير في بُلدان، ودُول العالَم، علماً بأنّه في بعض الأحيان، كانت تتمُّ إضافة أعراف دستوريّة مُنبثِقة من التقاليد، والأعراف السائدة، إلى الدستور المُدوَّن؛ لتوضيح، وتفسير بعض نصوصه. وتتميّز الدساتير المُدوَّنة بعدّة مُميِّزات، أهمّها:[٢]

  • الوضوح، والدقّة؛ حيث لا يتمّ إصدارها إلّا بعد أن يتمّ تدقيقها، وفَحْصها من قِبَل مُختَصِّين.
  • التحديد الواضح، والصريح لحُرّيات الأفراد، وحقوقهم، وواجباتهم.
  • إتاحة الفرصة للمُشرِّع الدستوريّ؛ لوضع شروط مُحدَّدة تمنعُ تعديل الدستور بسهولة.
  • تدوين الدستور، حيث لا يمنع هذا الأمر وجودَ عُرف دستوريّ يُكمِّل نصّاً في الدستور، أو يُفسِّره.

الدساتير غير المُدوَّنة

الدساتير غير المُدوَّنة (بالإنجليزيّة: Constitutions Customery)، وتُسمَّى أيضاً الدساتير العُرفيّة: وهي الدساتير التي تُستَمَدّ تشريعاتها، ونصوصها من التقاليد، والأعراف السائدة في المجتمع، بحيث أصبحت هذه التقاليد مُلزِمة للسُّلطة العامّة، وهي بذلك تختلف عن الدساتير المُدوَّنة؛ فأحكامها، وقواعدها لا تكون مُنبثِقة عن تشريع دستوريّ صادر من جهة رسميّة، وهذا النوع من الدساتير هو ما كان سائداً قَبل ظهور الدساتير المُدوَّنة (المكتوبة) في نهاية القرن الثامن عشر، إذ التزمت معظم الدُّول بوَضْع الدستور المُدوَّن، باستثناء بريطانيا التي أبقَت على دستورها العُرفيّ الذي نشأ عن طريق السوابق التاريخيّة، والأعراف. علماً بأنّ الدساتير غير المُدوَّنة تتميَّز بمُميِّزتَين رئيسيَّتَين، هما:[٢]

  • التعبير عن الماضي الذي كان يعيشه الشعب، ووَصْل ماضيهم بحاضرهم؛ فالدساتير العُرفيّة نشأت بتعاقُب الأجيال، دون الحاجة إلى الكتابة، والتدوين.
  • الاستناد إلى العُرف المَرِن، والقابل لمُواكَبة، واستيعاب التغيُّرات الاقتصاديّة، والاجتماعيّة والسياسيّة في الدُّول.

من حيث إمكانيّة التعديل

تنقسم الدساتير من حيث إمكانيّة التعديل عليها إلى:[٣]

الدساتير المَرِنة

يُمكن تعريف الدستور المَرِن على أنّه: الدستور الذي يمكن التعديل عليه، أو إلغاؤه، كحال القوانين العاديّة الصادرة عن السُّلطة التشريعيّة (المجلس النيابيّ)؛ فهي تتيحُ إمكانيّة إجراء التعديلات، والتصحيحات إذا دَعَت الحاجة إلى ذلك، ومثال ذلك الدستور الإنجليزيّ الذي يُعتبَر دستوراً عُرفيّاً (غير مُدوَّن)، وفي الوقت نفسه دستوراً مَرِناً؛ حيث يمكن تعديله بإجراءات تعديل القانون العاديّ نفسها، كما أنّ هناك بعض الدساتير المُدوَّنة (المكتوبة) تتمتَّع بمرونة التعديل عليها، ومثال ذلك: الدستور الفرنسيّ، والإيطاليّ، والسوفيتيّ. وممّا سبق يتبيّن أنّ الدستور المَرِن يتميَّز بعدّة مُميِّزات، أهمّها:[٣]

  • قد يكون الدستور المَرِن عُرفيّاً، أو مكتوباً؛ وهو بذلك يتلاءم مع الظروف التي يتطوَّر فيها المجتمع.
  • قد تُؤدّي المرونة في الدستور إلى إضعاف قُدسيَّته، والتقليل من هيبته عند المُواطِنين، والسُّلطات الحاكمة.
  • قد تدفع المرونة في الدستور، وسهولة التعديل عليه السُّلطة التشريعيّة إلى إجراء تعديلات ليست لها ضرورة.

الدساتير الجامدة

يُمكن تعريف الدستور الجامد على أنّه: الدستور الذي لا يُمكن تعديل نصوصه إلّا باتِّباع إجراءات أشدّ صرامة من التي يتمّ اتِّباعها في تعديل أحكام القانون العاديّ الصادر عن السُّلطة التشريعيّة، وتتمثّل مظاهر جمود الدستور بتحريم تعديل نصوصه في فترة مُحدَّدة، أو اشتراط إجراءات مُحدَّدة؛ للتعديل عليه، أو جمود بعض نصوصه بصفة مُطلَقة، وبذلك قد تكون الدساتير جامدة مُطلَقاً، أو نسبيّاً، ويُقصَد بالجمود المُطلَق للدساتير: أنّ الدستور قابل للتعديل في أيّ وقت، والجمود لا يتعلَّق بالتعديل ذاته، بل بالطريقة التي يتمُّ فيها إجراؤه، أمّا الجمود النسبيّ للدساتيرن فهو يعني: جواز تعديل مختلف أحكام، ونصوص الدستور في أيّ وقت، وِفق الإجراءات التي ينصُّ عليها الدستور. ومن الأمثلة على الدساتير الجامدة المُدوَّنة (المكتوبة) الدستور المصريّ، وعلى الدساتير الجامدة غير المُدوَّنة (العُرفيّة) القوانين الأساسيّة للمملكة الفرنسيّة قَبْل ثورة 1789م. وممّا سبق يتبيّن أنّ الدساتير الجامدة لها عدّة مُميِّزات، من أهمّها:[٣]

  • الاتِّفاق مع طبيعة القواعد الدستوريّة، ومع مكانتها من الناحية الموضوعيّة.
  • إضفاء قَدر من الاستقرار، والثبات على أحكام الدستور؛ ممّا يجعلها بعيدة عن اعتداء المجلس النيابيّ.

المراجع

  1. الدستور، صفحة 4. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت النظرية العامة للقانون الدستوري، صفحة 15-18. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت أشرف إبراهيم سليمان، مبادئ القانون الدستوري: دراسة موجزة عن القانون الدستوري و النظم السياسية (الطبعة الأولى )، صفحة 65-69. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

الدستور

لم يتمّ وضع مفهوم مُحدَّد للدستور، إلّا أنّ معظم التعريفات التي وضعها المُتخصِّصون للدستور تدور حول فكرة رئيسيّة، وهي فكرة الحُكم؛ فمنهم من عرّف الدستور، أو القانون الدستوريّ على أنّه: مجموعة القواعد الأساسيّة التي يتمّ من خلالها تحديد شكل الدولة، ورَسم قواعد الحُكم فيها، وهي التي تضمن حقوق الأفراد في المجتمع، وتُنظِّم السُّلطات العامّة في الدولة، وتُبيّن اختصاص كلٍّ منها. كما يُعرَّف الدستور أيضاً على أنّه: مجموعة القواعد القانونيّة التي تُنظِّم أمر الحُكم في الدولة. وهناك من يرى أنّ الدولة هي أسبق في الوجود من الدستور؛ ولذلك يجدون أنّه ليس هناك داعٍ؛ لإدخال الدولة في التعريف؛ فالقواعد القانونيّة للدستور تُبيِّن أمر الحُكم في جماعة سياسيّة، في وقت مُحدَّد.[١]

أنواع الدساتير

للدساتير أربعة أنواع رئيسيّة مُقسَّمة إلى قسمَين، وِفق معيارَين رئيسيَّين، وهما:

من حيث المصدر

تنقسم الدساتير من حيث المصدر إلى:[٢]

الدساتير المُدوَّنة

الدساتير المُدوَّنة (بالإنجليزيّة: Written Constitutions): هي الدساتير التي تكون أحكامها، وقواعدها مكتوبة، ومُدوَّنة في وثيقة، أو مجموعة وثائق رسميّة، على هيئة تشريع، أو تشريعات صادرة عن السُّلطة العُليا المُختَصَّة في الدولة. والمُشرِّع الدستوريّ في الدولة يكون عادةً السُّلطة التأسيسيّة الأصلية؛ فهي التي تضع الدستور الذي يُعَدُّ بالتأكيد أعلى قيمة من القوانين التي تصدرُ عن جهات أخرى في الدولة، والمقصود هنا هو المجلس النيابيّ (البرلمان)، والدستور هو أساس البرلمان، وهو الذي يُحدِّد اختصاصاته، والإجراءات اللازم اتِّباعها عند إصدار القوانين العاديّة. وتاريخيّاً، لم تَكُن الدساتير المُدوَّنة، أو المكتوبة موجودة قَبل عام 1787م، حيث وضعت الولايات المُتَّحِدة الأمريكيّة دستور بلادها كنموذج أوّلي للدساتير المُدوَّنة، وفي عام 1791م، وُضِع الدستور المُدوَّن للثورة الفرنسيّة، واستمرَّ بعد ذلك انتشار هذا النوع من الدساتير في بُلدان، ودُول العالَم، علماً بأنّه في بعض الأحيان، كانت تتمُّ إضافة أعراف دستوريّة مُنبثِقة من التقاليد، والأعراف السائدة، إلى الدستور المُدوَّن؛ لتوضيح، وتفسير بعض نصوصه. وتتميّز الدساتير المُدوَّنة بعدّة مُميِّزات، أهمّها:[٢]

  • الوضوح، والدقّة؛ حيث لا يتمّ إصدارها إلّا بعد أن يتمّ تدقيقها، وفَحْصها من قِبَل مُختَصِّين.
  • التحديد الواضح، والصريح لحُرّيات الأفراد، وحقوقهم، وواجباتهم.
  • إتاحة الفرصة للمُشرِّع الدستوريّ؛ لوضع شروط مُحدَّدة تمنعُ تعديل الدستور بسهولة.
  • تدوين الدستور، حيث لا يمنع هذا الأمر وجودَ عُرف دستوريّ يُكمِّل نصّاً في الدستور، أو يُفسِّره.

الدساتير غير المُدوَّنة

الدساتير غير المُدوَّنة (بالإنجليزيّة: Constitutions Customery)، وتُسمَّى أيضاً الدساتير العُرفيّة: وهي الدساتير التي تُستَمَدّ تشريعاتها، ونصوصها من التقاليد، والأعراف السائدة في المجتمع، بحيث أصبحت هذه التقاليد مُلزِمة للسُّلطة العامّة، وهي بذلك تختلف عن الدساتير المُدوَّنة؛ فأحكامها، وقواعدها لا تكون مُنبثِقة عن تشريع دستوريّ صادر من جهة رسميّة، وهذا النوع من الدساتير هو ما كان سائداً قَبل ظهور الدساتير المُدوَّنة (المكتوبة) في نهاية القرن الثامن عشر، إذ التزمت معظم الدُّول بوَضْع الدستور المُدوَّن، باستثناء بريطانيا التي أبقَت على دستورها العُرفيّ الذي نشأ عن طريق السوابق التاريخيّة، والأعراف. علماً بأنّ الدساتير غير المُدوَّنة تتميَّز بمُميِّزتَين رئيسيَّتَين، هما:[٢]

  • التعبير عن الماضي الذي كان يعيشه الشعب، ووَصْل ماضيهم بحاضرهم؛ فالدساتير العُرفيّة نشأت بتعاقُب الأجيال، دون الحاجة إلى الكتابة، والتدوين.
  • الاستناد إلى العُرف المَرِن، والقابل لمُواكَبة، واستيعاب التغيُّرات الاقتصاديّة، والاجتماعيّة والسياسيّة في الدُّول.

من حيث إمكانيّة التعديل

تنقسم الدساتير من حيث إمكانيّة التعديل عليها إلى:[٣]

الدساتير المَرِنة

يُمكن تعريف الدستور المَرِن على أنّه: الدستور الذي يمكن التعديل عليه، أو إلغاؤه، كحال القوانين العاديّة الصادرة عن السُّلطة التشريعيّة (المجلس النيابيّ)؛ فهي تتيحُ إمكانيّة إجراء التعديلات، والتصحيحات إذا دَعَت الحاجة إلى ذلك، ومثال ذلك الدستور الإنجليزيّ الذي يُعتبَر دستوراً عُرفيّاً (غير مُدوَّن)، وفي الوقت نفسه دستوراً مَرِناً؛ حيث يمكن تعديله بإجراءات تعديل القانون العاديّ نفسها، كما أنّ هناك بعض الدساتير المُدوَّنة (المكتوبة) تتمتَّع بمرونة التعديل عليها، ومثال ذلك: الدستور الفرنسيّ، والإيطاليّ، والسوفيتيّ. وممّا سبق يتبيّن أنّ الدستور المَرِن يتميَّز بعدّة مُميِّزات، أهمّها:[٣]

  • قد يكون الدستور المَرِن عُرفيّاً، أو مكتوباً؛ وهو بذلك يتلاءم مع الظروف التي يتطوَّر فيها المجتمع.
  • قد تُؤدّي المرونة في الدستور إلى إضعاف قُدسيَّته، والتقليل من هيبته عند المُواطِنين، والسُّلطات الحاكمة.
  • قد تدفع المرونة في الدستور، وسهولة التعديل عليه السُّلطة التشريعيّة إلى إجراء تعديلات ليست لها ضرورة.

الدساتير الجامدة

يُمكن تعريف الدستور الجامد على أنّه: الدستور الذي لا يُمكن تعديل نصوصه إلّا باتِّباع إجراءات أشدّ صرامة من التي يتمّ اتِّباعها في تعديل أحكام القانون العاديّ الصادر عن السُّلطة التشريعيّة، وتتمثّل مظاهر جمود الدستور بتحريم تعديل نصوصه في فترة مُحدَّدة، أو اشتراط إجراءات مُحدَّدة؛ للتعديل عليه، أو جمود بعض نصوصه بصفة مُطلَقة، وبذلك قد تكون الدساتير جامدة مُطلَقاً، أو نسبيّاً، ويُقصَد بالجمود المُطلَق للدساتير: أنّ الدستور قابل للتعديل في أيّ وقت، والجمود لا يتعلَّق بالتعديل ذاته، بل بالطريقة التي يتمُّ فيها إجراؤه، أمّا الجمود النسبيّ للدساتيرن فهو يعني: جواز تعديل مختلف أحكام، ونصوص الدستور في أيّ وقت، وِفق الإجراءات التي ينصُّ عليها الدستور. ومن الأمثلة على الدساتير الجامدة المُدوَّنة (المكتوبة) الدستور المصريّ، وعلى الدساتير الجامدة غير المُدوَّنة (العُرفيّة) القوانين الأساسيّة للمملكة الفرنسيّة قَبْل ثورة 1789م. وممّا سبق يتبيّن أنّ الدساتير الجامدة لها عدّة مُميِّزات، من أهمّها:[٣]

  • الاتِّفاق مع طبيعة القواعد الدستوريّة، ومع مكانتها من الناحية الموضوعيّة.
  • إضفاء قَدر من الاستقرار، والثبات على أحكام الدستور؛ ممّا يجعلها بعيدة عن اعتداء المجلس النيابيّ.

المراجع

  1. الدستور، صفحة 4. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت النظرية العامة للقانون الدستوري، صفحة 15-18. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت أشرف إبراهيم سليمان، مبادئ القانون الدستوري: دراسة موجزة عن القانون الدستوري و النظم السياسية (الطبعة الأولى )، صفحة 65-69. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

مقالات ذات صلة

الدستور

لم يتمّ وضع مفهوم مُحدَّد للدستور، إلّا أنّ معظم التعريفات التي وضعها المُتخصِّصون للدستور تدور حول فكرة رئيسيّة، وهي فكرة الحُكم؛ فمنهم من عرّف الدستور، أو القانون الدستوريّ على أنّه: مجموعة القواعد الأساسيّة التي يتمّ من خلالها تحديد شكل الدولة، ورَسم قواعد الحُكم فيها، وهي التي تضمن حقوق الأفراد في المجتمع، وتُنظِّم السُّلطات العامّة في الدولة، وتُبيّن اختصاص كلٍّ منها. كما يُعرَّف الدستور أيضاً على أنّه: مجموعة القواعد القانونيّة التي تُنظِّم أمر الحُكم في الدولة. وهناك من يرى أنّ الدولة هي أسبق في الوجود من الدستور؛ ولذلك يجدون أنّه ليس هناك داعٍ؛ لإدخال الدولة في التعريف؛ فالقواعد القانونيّة للدستور تُبيِّن أمر الحُكم في جماعة سياسيّة، في وقت مُحدَّد.[١]

أنواع الدساتير

للدساتير أربعة أنواع رئيسيّة مُقسَّمة إلى قسمَين، وِفق معيارَين رئيسيَّين، وهما:

من حيث المصدر

تنقسم الدساتير من حيث المصدر إلى:[٢]

الدساتير المُدوَّنة

الدساتير المُدوَّنة (بالإنجليزيّة: Written Constitutions): هي الدساتير التي تكون أحكامها، وقواعدها مكتوبة، ومُدوَّنة في وثيقة، أو مجموعة وثائق رسميّة، على هيئة تشريع، أو تشريعات صادرة عن السُّلطة العُليا المُختَصَّة في الدولة. والمُشرِّع الدستوريّ في الدولة يكون عادةً السُّلطة التأسيسيّة الأصلية؛ فهي التي تضع الدستور الذي يُعَدُّ بالتأكيد أعلى قيمة من القوانين التي تصدرُ عن جهات أخرى في الدولة، والمقصود هنا هو المجلس النيابيّ (البرلمان)، والدستور هو أساس البرلمان، وهو الذي يُحدِّد اختصاصاته، والإجراءات اللازم اتِّباعها عند إصدار القوانين العاديّة. وتاريخيّاً، لم تَكُن الدساتير المُدوَّنة، أو المكتوبة موجودة قَبل عام 1787م، حيث وضعت الولايات المُتَّحِدة الأمريكيّة دستور بلادها كنموذج أوّلي للدساتير المُدوَّنة، وفي عام 1791م، وُضِع الدستور المُدوَّن للثورة الفرنسيّة، واستمرَّ بعد ذلك انتشار هذا النوع من الدساتير في بُلدان، ودُول العالَم، علماً بأنّه في بعض الأحيان، كانت تتمُّ إضافة أعراف دستوريّة مُنبثِقة من التقاليد، والأعراف السائدة، إلى الدستور المُدوَّن؛ لتوضيح، وتفسير بعض نصوصه. وتتميّز الدساتير المُدوَّنة بعدّة مُميِّزات، أهمّها:[٢]

  • الوضوح، والدقّة؛ حيث لا يتمّ إصدارها إلّا بعد أن يتمّ تدقيقها، وفَحْصها من قِبَل مُختَصِّين.
  • التحديد الواضح، والصريح لحُرّيات الأفراد، وحقوقهم، وواجباتهم.
  • إتاحة الفرصة للمُشرِّع الدستوريّ؛ لوضع شروط مُحدَّدة تمنعُ تعديل الدستور بسهولة.
  • تدوين الدستور، حيث لا يمنع هذا الأمر وجودَ عُرف دستوريّ يُكمِّل نصّاً في الدستور، أو يُفسِّره.

الدساتير غير المُدوَّنة

الدساتير غير المُدوَّنة (بالإنجليزيّة: Constitutions Customery)، وتُسمَّى أيضاً الدساتير العُرفيّة: وهي الدساتير التي تُستَمَدّ تشريعاتها، ونصوصها من التقاليد، والأعراف السائدة في المجتمع، بحيث أصبحت هذه التقاليد مُلزِمة للسُّلطة العامّة، وهي بذلك تختلف عن الدساتير المُدوَّنة؛ فأحكامها، وقواعدها لا تكون مُنبثِقة عن تشريع دستوريّ صادر من جهة رسميّة، وهذا النوع من الدساتير هو ما كان سائداً قَبل ظهور الدساتير المُدوَّنة (المكتوبة) في نهاية القرن الثامن عشر، إذ التزمت معظم الدُّول بوَضْع الدستور المُدوَّن، باستثناء بريطانيا التي أبقَت على دستورها العُرفيّ الذي نشأ عن طريق السوابق التاريخيّة، والأعراف. علماً بأنّ الدساتير غير المُدوَّنة تتميَّز بمُميِّزتَين رئيسيَّتَين، هما:[٢]

  • التعبير عن الماضي الذي كان يعيشه الشعب، ووَصْل ماضيهم بحاضرهم؛ فالدساتير العُرفيّة نشأت بتعاقُب الأجيال، دون الحاجة إلى الكتابة، والتدوين.
  • الاستناد إلى العُرف المَرِن، والقابل لمُواكَبة، واستيعاب التغيُّرات الاقتصاديّة، والاجتماعيّة والسياسيّة في الدُّول.

من حيث إمكانيّة التعديل

تنقسم الدساتير من حيث إمكانيّة التعديل عليها إلى:[٣]

الدساتير المَرِنة

يُمكن تعريف الدستور المَرِن على أنّه: الدستور الذي يمكن التعديل عليه، أو إلغاؤه، كحال القوانين العاديّة الصادرة عن السُّلطة التشريعيّة (المجلس النيابيّ)؛ فهي تتيحُ إمكانيّة إجراء التعديلات، والتصحيحات إذا دَعَت الحاجة إلى ذلك، ومثال ذلك الدستور الإنجليزيّ الذي يُعتبَر دستوراً عُرفيّاً (غير مُدوَّن)، وفي الوقت نفسه دستوراً مَرِناً؛ حيث يمكن تعديله بإجراءات تعديل القانون العاديّ نفسها، كما أنّ هناك بعض الدساتير المُدوَّنة (المكتوبة) تتمتَّع بمرونة التعديل عليها، ومثال ذلك: الدستور الفرنسيّ، والإيطاليّ، والسوفيتيّ. وممّا سبق يتبيّن أنّ الدستور المَرِن يتميَّز بعدّة مُميِّزات، أهمّها:[٣]

  • قد يكون الدستور المَرِن عُرفيّاً، أو مكتوباً؛ وهو بذلك يتلاءم مع الظروف التي يتطوَّر فيها المجتمع.
  • قد تُؤدّي المرونة في الدستور إلى إضعاف قُدسيَّته، والتقليل من هيبته عند المُواطِنين، والسُّلطات الحاكمة.
  • قد تدفع المرونة في الدستور، وسهولة التعديل عليه السُّلطة التشريعيّة إلى إجراء تعديلات ليست لها ضرورة.

الدساتير الجامدة

يُمكن تعريف الدستور الجامد على أنّه: الدستور الذي لا يُمكن تعديل نصوصه إلّا باتِّباع إجراءات أشدّ صرامة من التي يتمّ اتِّباعها في تعديل أحكام القانون العاديّ الصادر عن السُّلطة التشريعيّة، وتتمثّل مظاهر جمود الدستور بتحريم تعديل نصوصه في فترة مُحدَّدة، أو اشتراط إجراءات مُحدَّدة؛ للتعديل عليه، أو جمود بعض نصوصه بصفة مُطلَقة، وبذلك قد تكون الدساتير جامدة مُطلَقاً، أو نسبيّاً، ويُقصَد بالجمود المُطلَق للدساتير: أنّ الدستور قابل للتعديل في أيّ وقت، والجمود لا يتعلَّق بالتعديل ذاته، بل بالطريقة التي يتمُّ فيها إجراؤه، أمّا الجمود النسبيّ للدساتيرن فهو يعني: جواز تعديل مختلف أحكام، ونصوص الدستور في أيّ وقت، وِفق الإجراءات التي ينصُّ عليها الدستور. ومن الأمثلة على الدساتير الجامدة المُدوَّنة (المكتوبة) الدستور المصريّ، وعلى الدساتير الجامدة غير المُدوَّنة (العُرفيّة) القوانين الأساسيّة للمملكة الفرنسيّة قَبْل ثورة 1789م. وممّا سبق يتبيّن أنّ الدساتير الجامدة لها عدّة مُميِّزات، من أهمّها:[٣]

  • الاتِّفاق مع طبيعة القواعد الدستوريّة، ومع مكانتها من الناحية الموضوعيّة.
  • إضفاء قَدر من الاستقرار، والثبات على أحكام الدستور؛ ممّا يجعلها بعيدة عن اعتداء المجلس النيابيّ.

المراجع

  1. الدستور، صفحة 4. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت النظرية العامة للقانون الدستوري، صفحة 15-18. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت أشرف إبراهيم سليمان، مبادئ القانون الدستوري: دراسة موجزة عن القانون الدستوري و النظم السياسية (الطبعة الأولى )، صفحة 65-69. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى