أحكام شرعية

جديد حكم خلع الحجاب

ظاهرة خلع الحجاب

ينبغي على المسلمين التمسك بالحجاب الشرعي الصحيح، وحينما نذكر الحجاب فذلك لا يقتصر ذلك على غطاء الرأس فقط كما يظن الكثيرون، فالحجاب هو اللباس الساتر لكامل جسد المرأة؛ لذا لا بدّ من معرفة حكم خلع المرأة حجابها في جميع أحوالها؛ سواء أكان ذلك أمام الرجال الأجانب، أو أمام الرجال من الأقارب والمحارم لها، أو أمام النساء المسلمات، أو أمام النساء غير المسلمات، وما هي الحدود المسموح لها إظهارها من جسدها أمام هذه الأصناف جميعاً.

حكم خلع الحجاب

لقد فرض الله تعالى الحجاب وأوجبه على كل مسلمةٍ بالغةٍ عاقلة، وفرض عليها أن تتقيّد بالحجاب الشرعي الذي يُغطّي جميع جسدها، ومنع الإسلام الحنيف المرأة وحرّم عليها خلع الحجاب، وحرّم عليها إبداء زينتها أمام الرجال الأجانب، وحدّدت الشريعة الإسلامية الأصناف التي يُسمحُ لها بإبداء زينتها أمامهم على النحو الآتي:

  • الزوج والحمو والد الزوج، ووالدها، وأبناؤها، وأبناء زوجها، وإخوتها، وأبناء إخوتها، وأبناء أخواتها.
  • يُباح للمرأة أن تُبدي زينتها أمام من لا يميلون للنساء؛ وهم الرجال الشيوخ الكبار في السن بل الممعنين في الكِبر، أو من بهم عتهٌ وضعفٌ في عقولهم يمنعهم من التمييز، أو الخنثى بالطبيعة.
  • يُباح للمرأة أن تُبدي زينتها أمام الأطفال؛ أي الأطفال ما دون سن التمييز الذي لم يبلغوا بعد ولم ينبعث فيهم الشعور الجنسي بعد.
  • يُباح للمرأة أن تُبدي زينتها للنساء من بنات جنسها وهنّ النساء العفيفات اللواتي يُمكن أن يُستأمنّ على عورات النساء.[١]

حكم خلع الحجاب أمام النساء المسلمات

اختلف الفقهاء في حكم خلع الحجاب وما يجوز للمرأة أن تظهره من زينتها الباطنة أمام النساء المسلمات، على النحو الآتي:

  • ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى القول بأنّه يباح للمرأة المسلمة إبداء جميع زينتها الباطنة باستثناء ما كان بين السرة والركبة، وعلّل القائلون بهذا القول بأنّه ليس هناك خوفٌ من الشهوة أو من الوقوع في الفتنة عند نظر المرأة للمرأة؛ وذلك لوجود المُجانسة، فالمرأة لا تشتهي المرأة مثلما أنّه لا يشتهي الرجل الرجل؛ ولأنّ الضرورة تستدعي انكشاف النساء على بعضهنّ فيما بينهن مثل حاجة المرأة لإرضاع طفلها الرضيع على سبيل المثال، وقالوا بأنّ عورة المرأة المسلمة أمام المرأة المسلمة من السرة إلى الركبة.
  • في رواية أخرى للمذهب الشافعي والحنفي (رواية شاذة ضعيفة) أنّه يُباح للمرأة المسلمة النظر إلى المرأة المسلمة كما ينظر المَحرم إليها، وبناءً عليه يحلُّ لها أن تبدي من الزينة الباطنة من جسمها ما يظهر منها غالباً، وعلّل أصحاب هذا القول ما ذهبوا إليه بأنّه التحرُّز من إبداء المرأة زينتها في تلك المواضع فيه من المشقة، فلا يمكن التحرُّز عن إظهار الزينة أمام النساء لكثرة المخالطة، وقالوا كذلك بأنّ لا داعي لكشف ما لا يظهر من الزينة (فضلاً عن وجود الضرورة والحاجة)، وإذا كان الأمر كذلك، فلا تُبدي المرأة زينتها في هذه المواضع؛ أي الزينة الباطنة.[٢]

حكم خلع الحجاب أمام غير المسلمات

اختلف الفقهاء بما تُبديه المرأة المسلمة من زينتها أمام غير المسلمات على النحو الآتي:

  • ذهب فقهاء المذهب الحنفي بأنّ ما يحلّ للمرأة المسلمة أن تُبديه من زينة أمام المرأة الذمِّية غير المسلمة هو ما يحل للمرأة المسلمة أن تبديه من زينة أمام الرجل الأجنبي في ما يتعلق بالنظر إلى بدنها وزينتها.
  • أما المالكية فذهبوا إلى القول بأنّ عورة المرأة المسلمة أمام المرأة غير المسلمة جميع جسدها ما عدا وجهها وكفيها، واستثنى فقهاء المالكية أن تكون تلك المرأة غير المسلمة أمَتَها، فتكون عورة المرأة المسلمة أمام أمتها الكتابية ما بين السرة والركبة.
  • قال فقهاء المذهب الشافعي: تحتجب المرأة المسلمة عن الكتابية غير المسلمة وجوباً، وذهبوا إلى القول بأنّه يحرم نظر غير المسلمة إليها؛ لأنها ربما تصفها للرجال، وفي وجهٍ آخر عند الشافعيّة يجوز أن ترى من المسلمة ما يمكن أن يبدو عند عملها في بيتها أو مهنتها.
  • ذهب فقهاء المذهب الحنبلي إلى القول بأنّ المرأة غير المسلمة ترى من المرأة المسلمة ما فوق موضع السرة وتحت الركبة؛ لأنّ النساء غير المسلمات كُنّ يدخلن على زوجات النبي عليه الصلاة والسلام؛ إذ لم يكنّ يحتجبن ولم يأمرهنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- بالاحتجاب.[٢]

حكم خلع الحجاب أمام الرجال الأجانب

اختلف العلماء في ما يحل للمرأة المسلمة أن تُبدي من زينتها أو جسمها أمام الرجال الأجانب عنها، والأجنبيّ هو كل رجل لا تربطه بالمرأة صلة رحم أو قُربى؛ كأبٍ، أو زوجٍ، أو ابنٍ، أو ابن أخٍ، أو ابن أخت، أو ابن زوج، وفيما يأتي بيانٌ لأقوال العلماء في المسألة:

القول الأول

ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية إلى القول بأنّه لا يحل نظر الرجل للمرأة الأجنبية إلى سائر جسدها إلا الوجه والكفين، واستدل جمهور العلماء لما ذهبوا إليه بالأدلة الآتية:[٣]

  • يقول تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ[٤] وقالوا بأنّ نظر الرجل إلى مواضع الزينة الظاهرة من المرأة -وهي الوجه والكفين- رُخّص به بقوله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا)،[٥]
  • استدل جمهور العلماء كذلك بما روت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: (أن أسماء بنت أبي بكر دخلَت على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وعلَيها ثيابٌ شاميَّةٌ رقاقٌ فأعرَضَ عنها ، ثم قالَ: ما هذا يا أَسماءُ ؟ إنَّ المرأَةَ إذا بلغَتِ المَحيضَ لم يَصلُحْ أن يُرى منها إلَّا هذا وَهَذا، وأشارَ إلى وجهِهِ وَكَفَّيهِ)[٦]

القول الثاني

ورد القول الثاني في المذهبين الشافعي -في الصحيح من أقوالهم- والحنبلي أنّ المرأة كلها عورة بما في ذلك وجهها وكفّيها، وإلى ذلك ذهب الحنفية بأنّه يحرم على الرجل الأجنبي النظر إلى جسد المرأة حتى وجهها وكفيها، واستدلّ الحنابلة لما ذهبوا إليه بما يأتي:[٧]

  • استدلوا بقوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ).[٨]
  • استدلّوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ، وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي، فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ).[٩].
  • قالوا في استدلالهم أيضاً: أنّ في إباحة نظر الرجل إلى المرأة -إذا أراد الزواج منها- دليل على تحريم نظر الرجل للمرأة عند عدم وجود نية الزواج؛ إذ لو كان النظر مباحاً على الإطلاق فلا وجه للتخصيص.
  • أما حديث الذي روته عائشة عن أسماء بنت أبي بكر ردوا عليه (إن صحّ): بأنّه يُحتمل أن هذا الحديث كان قبل نزول آية الحجاب، فلمّا نزلت فرضية الحجاب حُرِّم على المرأة أن تظهر أمام الرجال الأجانب بما في ذلك الوجه والكفين.[٢]

ملحوظة: إنّ الخلاف السابق ذكره هو في مسألة نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية عنه مع عدم وجود الشهوة، أمّا إن كان نظر الرجل للمرأة الأجنبية مع وجود الشهوة، فقد اتّفق العلماء على تحريم نظر الرجل للمرأة الأجنبية، ولا يشمل الخلاف السابق بيانه هذه المسألة، وتجدر الإشارة أن المالكية والحنفية اتفقوا على تحريم النظر إلى وجه المرأة الشابة وكفّيها.[٧]

المراجع

  1. أبو الأعلى المودودي (1988م)، الحجاب (الطبعة الخامسة)، جدة: الدار السعودية، صفحة 311-314، جزء 1.
  2. ^ أ ب ت إيمان صالح (2-6-2012)، “زينة المرأة”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 22-6-2017. بتصرّف
  3. مجموعة من العلماء (من 1404 – 1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 85، جزء 7.
  4. سورة النور، آية: 29.
  5. سورة النور، آية: 30.
  6. رواه أبو داوود، في سنن أبي داوود، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم: 4104، مرسل خالد بن دريك لم يدرك عائشة.
  7. ^ أ ب وهبة الزحيلي (1996م)، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 2652، جزء 4.
  8. سورة الأحزاب، آية: 53.
  9. رواه أبو داوود، في سنن أبي داود ، عن أم سلمة، الصفحة أو الرقم: 3928، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى