الإيمان
يُعرّف الإيمان بأنّه التصديق بكلّ ما شرعه الله -تعالى- لعباده، وبكلّ ما أخبر به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والإيمان الحقّ هو ما وقر في القلب، وصدّقه اللسان، وانقادت إليه الجوارح، ويشمل الإيمان بالله تعالى، الإيمان بكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، مصداقاً للحديث الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لمّا سأله جبريل -عليه السلام- عن الإيمان، فأجاب النبي: (أن تُؤمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِه، ورُسلِه، واليومِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالقدَرِ خَيرِه وشَرِّه)،[١] ويتبع الإيمان بالأصول الستة التي ذُكرت في الحديث الشريف، الإيمان بما أخبر به الله تعالى، ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، عن الجنة والنار، والحساب، وأخبار الأنبياء والرسل السابقين، وقصصهم مع أقوامهم، وعاقبة أمرهم، وأحداث يوم القيامة، بالإضافة إلى أنّ الإيمان بالقدر يشمل الإقرار بأنّ الله -تعالى- خلق الأشياء كلّها بمحض إرادته، ومشيئته، وأنّ ما شاءه الله كان، وما لم يشاء لم يكن، وأنّ علم الله -تعالى- وسع كلّ شيءٍ، فهو يعلم كلّ ما يجري في العالم من خيرٍ أو شرٍ؛ كالآجال، والأرزاق، والمرض، والصحة.[٢]
صفات أهل الإيمان
ذكر الله -تعالى- الكثير من صفات عباده المؤمنين في القرآن الكريم، وفيما يأتي بيان بعضها:[٣]
- الإيمان بالغيب: الغيب هو كلّ ما غاب عن الإنسان واستتر، ويشمل الإيمان بالغيب الإيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والبعث بعد الموت، والجنة والنار، وقد دلّ على أنّ الإيمان بالغيب من صفات المؤمنين، قول الله تعالى: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛفِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)،[٤] ومن الجدير بالذكر أنّ الله -تعالى- خصّ في الآية الكريمة الإيمان بالغيب بالذكر دون متعلقات الإيمان الأخرى؛ لأنّه الأصل في اعتقاد إمكانية ما يخبر به الأنبياء والرسل، من وجود الله تعالى، وغير ذلك من الغيبيات، فإن آمن الإنسان بالغيب سمع من الأنبياء دعوتهم، ولمس من الأدلة والبراهين ما يؤكد إيمانه، وأمّا الذي لا يؤمن بالغيب، فلا يعتقد بوجود أيّ شيءٍ وراء الماديات المحسوسة، فذلك يُعرض عن الدعوة كحال الماديين، الذين يقولون ما يهلكنا إلّا الدهر، ومن الأمثلة على الأمور الغيبية: الروح، وعلامات الساعة الصغرى.
- إقامة الصلاة: وعرّف ابن عباس -رضي الله عنه- إقامة الصلاة بأنّها إتمام الركوع والسجود، والتلاوة والخشوع، والإقبال على الله تعالى، بينما ذهب مقاتلٌ بن حيّان إلى أنّ إقامة الصلاة تعني إسباغ الوضوء فيها، والالتزام بمواقيتها، وإتقان ركوعها، وسجودها، وتلاوة القرآن، والصلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ إقامة الصلاة من صفات المؤمنين، حيث قال الله تعالى: (هدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ*الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)،[٥] وقد حافظ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على إقامة الصلاة، حتى في أصعب الظروف، فعندما كان في مرض الموت كان يسأل أصلّى الناس؟ فتقول له أم المؤمنين عائشةٌ: هم ينتظرونك، فيطلب أن يضعوا له ماءً في المخضب، ثمّ يغتسل، وعندما يحاول القيام يغمى عليه، ثمّ يفيق فيسأل أصلّى الناس؟ فيردّ عليه الحضور أنّ الناس بانتظاره، فيطلب أن يضعوا له ماءً في المخضب ليغتسل، ثمّ يقوم فيُغمى عليه، ثمّ يفيق فيسأل عن الصلاة، والناس ينتظرونه في المسجد، حتى أرسل لأبي بكر الصديق رضي الله عنه يطلب منه الصلاة بالناس.
- أداء الأمانة: إنّ من صفات المؤمنين أداء الأمانات، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)،[٦] وتشمل الأمانات حقوق العباد؛ كالديون، والعواري، والودائع، بالإضافة إلى الولايات؛ كالإمارة، والإمامة، والوزارة، والرئاسة، ورعاية الأسرة، وتأدية الودائع إلى أهلها، ومن الأمانات التي أمر الله -تعالى- عباده المؤمنين بحفظها؛ التكاليف السرية التي بين العبد وربّه، والتي لا يطلع عليها أحدٌ إلّا الله عزّ وجلّ، والتزام أوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه، حيث قال الله عزّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)،[٧] وقد ضرب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أروع الأمثلة في أداء الأمانة، فقد أدّى الأمانات لأعدائه في مكة عند الهجرة، حيث أمر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالتأخر لأداء الأمانات التي كانت عند رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لأهل مكة؛ فتأخر علي -رضي الله عنه- ثلاث أيامٍ بعد هجرة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأدّى الأمانات إلى أهلها.
- الإنفاق: ومن صفات المؤمنين الإنفاق في سبيل الله تعالى؛ لأنّهم يُقرّون بأنّ المال الذي عندهم، إنّما هو أمانةٌ لديهم، وقد أوجب الله للفقراء والمحرومين جزءاً منه، حيث أمر عباده المؤمنين بالإنفاق، ووعدهم بالأجر العظيم إذا هم فعلوا، حيث قال: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ).[٨]
جزاء أهل الإيمان
بعد أن بيّن الله -تعالى- صفات المؤمنين في القرآن الكريم، ذكر جزاء إيمانهم، حيث قال: (أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)،[٩] فكان أول جزاء للمؤمنين أن وصفهم الله -عزّ وجلّ- بالإيمان، ثم أكّد على تلك الصفة بكلمة حقاً زيادةً في المدح، ووعدهم بدرجاتٍ متفاضلةٍ، ومتفاوتةٍ في الجنة، بحسب تفواتهم في الإيمان، والأعمال الصالحة؛ كالصلاة، والإنفاق في سبيل الله، وتلاوة القرآن، وغير ذلك من أعمال القلب والجوارح، ومن جزاء المؤمنين: مغفرة الذنوب، والعفو عن الزّلات، وتكفير السيئات، بالإضافة إلى الرزق الواسع الكريم، والنصر والتمكين.[١٠]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
- ↑ “الإيمان الحق وصفات المؤمنين”، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2018. بتصرّف.
- ↑ “اللؤلؤ والمرجان من صفات أهل الإيمان”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 2-3.
- ↑ سورة لقمان، آية: 3-4.
- ↑ سورة المؤمنون، آية: 8.
- ↑ سورة الانفال، آية: 27.
- ↑ سورة الحديد، آية: 7.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 4.
- ↑ “جزاء المؤمنين في الآخرة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2018. بتصرّف.