فروض وسنن

فضل صيام شعبان

فَضْل صيام شعبان

  • الأعمال تُرفَع إلى الله -تعالى- في شهر شعبان، كما ورد عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه-: (يا رسولَ اللَّهِ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)،[١] والمقصود برًفْع الأعمال في شعبان: الرًّفْع السنويّ لها؛ فقد دلّت النصوص على أنّ الأعمال تُرفَع رَفْعاً يوميّاً، وأسبوعيّاً، وسنويّاً، وأُخرَويّاً، كما ثبت في صحيح الإمام مسلم عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه-: (قامَ فِينا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بخَمْسِ كَلِماتٍ، فقالَ: إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ لا يَنامُ، ولا يَنْبَغِي له أنْ يَنامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهارِ، وعَمَلُ النَّهارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ).[٢]
  • المسلم الذي يعوّد نفسه على الصيام في شهر شعبان يسهُل عليه صيام شهر رمضان.[٣]
  • الاستعداد لصيام رمضان، وطَمَعاً في نَيْل المغفرة من الله -سبحانه-،[٤] كما أنّ في صيام شهر شعبان تبجيلاً وتعظيماً لشهر رمضان المبارك،[٥] وقد ورد عن الإمام ابن رجب في تأويل حديث أسامة بن زيد: (يا رسولَ اللَّهِ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)،[١] أنّ شهر شعبان من الشهور التي قد ينساها أو يُهملها العباد؛ لأنّه شهرٌ يَليه شهر رمضان؛ شهر صيام الفريضة، ويسبقه شهرٌ حرامٌ؛ وهو شهر رجب؛ فقد ينشغل العباد خلال شهر شعبان بأمور الدُّنيا؛ ولهذا ورد الحديث تأكيداً على ضرورة اغتنامه، وأداء العبادة فيه.[٦]
  • الحرص على اتِّباع الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وامتثال سُنّته القوليّة والفِعليّة؛ للفوز بمَحبّة الله -تعالى-، ونَيْل المغفرة والرحمة منه، قال -تعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[٧] ومن الأمور الواردة عن النبيّ -عليه السلام- مواظبته الصيام في شهر شعبان؛ فقد ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّه: (كانَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: قدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: قدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِن شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِن صِيَامِهِ مِن شَعْبَانَ كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا).[٨][٩]

فَضْل صيام يوم النِّصف من شعبان

بحث المحقّقون من أهل العلم في الرّوايات التي تشير إلى فضل صيام النصف من شعبان؛ فوجدوها أحاديث موضوعة وضعيفة، ولا تصلُح للاحتجاج، ولا ترقى إلى الصحّة بحال من الأحوال، ومن هذه الروايات التي لا تصحّ ما رُوي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا كانت ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ فقوموا ليلَها، وصوموا نَهارَها، فإنَّ اللَّهَ يَنزِلُ فيها لغُروبِ الشَّمسِ إلى سماءِ الدُّنيا، فيقولُ: ألا من مُستغفِرٍ لي فأغفرَ لَه! ألا مُسترزِقٌ فأرزقَهُ ألا مُبتلًى فأعافيَهُ ألا كذا ألا كذا حتَّى يطلُعَ الفجرُ)؛[١٠] فهذه الرّواية مثلاً حكم عليها الألباني بالقول: ضعيف جداً أو موضوع، وبناء على ذلك؛ فإنّ تخصيص يوم النصف من شعبان بصوم، على اعتبار أنّ له فضيلة على غيره لا يصحّ.[١١]

ولكن يستحبّ للمسلم صوم هذا اليوم على أنّه أحد الأيّام البِيض التي ندبَ الشّرع إلى صيامها، من غير قصد تخصيص هذه الليلة عن سواها، وقد جاءت روايات أخرى حكم المُحدّثون بصحّتها في فضْل ليلة النِّصف من شعبان، ولكنّ هذه الروايات لا تُشير إلى تخصيص عبادة معيّنة فيها؛ من صيامٍ، أو قيامٍ، وإنّما على المسلم اغتنامها بالخير كلّه، وعدم مُخالفته للسنّة؛ بالابتداع، أو تخصيصها بعبادةٍ ما، ومن هذه الأحاديث ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يطَّلِعُ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى خلقِه لَيلةَ النَّصفِ مِن شعبانَ، فيغفِرُ لعبادِه إلَّا لِاثنَينِ: مُشاحنٍ، وقاتلِ نفْسٍ).[١٢][١١]

صيام شعبان

نال شهر شعبان مكانة كبيرة في الإسلام؛ فقد وردت فيه عدّة آثارٍ من السنّة النبويّة المُطهّرة التي تحثّ على الصيام فيه، ومنها: ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أكْثَرَ مِن شَعْبَانَ، فإنَّه كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ وَكانَ يقولُ: خُذُوا مِنَ العَمَلِ ما تُطِيقُونَ، فإنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حتَّى تَمَلُّوا. وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما دُووِمَ عليه وإنْ قَلَّتْ، وكانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا)،[١٣] وورد عن أمّ سلمة -رضي الله عنها-: (ما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يصومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ، إلا شعبانَ ورمضانَ)[١٤] فهذه الأحاديث وغيرها تشير صراحة إلى مكانة هذا الشهر، وتؤكّد على مشروعية وفضل الصيام فيه، ويجدر بالمسلم الحرص على الاقتداء بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، لينال بذلك الخيرات وتحلّ عليه البركات.[١٥]

الحكمة من استحباب صيام شعبان

قال الإمام ابن الجوزيّ إنّ الأوقات التي يسهو عنها الناس، ويتجاهلونها لأسبابٍ دُنيويّةٍ؛ يكون الأجر فيها مُعظَّماً ومُباركاً؛ فمَن واظبَ في تلك الأوقات على عمل الخير والصلاح والتطوُّع لله -تعالى-، فله من الثواب الكثير؛ لأنّه فَضَّل الخير والصالحات على المُلهِيات والشهوات، وقد وردت في السنّة النبويّة عدّة أحاديث تحثّ على صيام التطوُّع بشكلٍ عامٍ، دون تحديد يومٍ، أو شهرٍ منه، ومنها: ما أخرجه البخاريّ في صحيحه عن أبي سعيد الخدريّ: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)[١٦] وما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (الصِّيامُ و القرآنُ يَشْفَعَانِ للعبدِ يومَ القيامةِ، يقولُ الصِّيامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ والشهوةَ، فشفعْني فيهِ، ويقولُ القرآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِالليلِ فَشَفِّعْنِي فيهِ، قال: فيشفعانِ)،[١٧] وصيام النَّفل من العبادات المحمودة التي تُقرِّب العبد من ربّه، وتُساعد المسلم على تهذيب النَّفس، وضَبطها، والتحكُّم فيها، ممّا يُؤدّي إلى تحقيق الصلاح في الدُّنيا والآخرة.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 2356، حسن.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 179، صحيح.
  3. مجموعة من المؤلفين (2014م)، ملتقى أهل اللغة، صفحة 1549، جزء 10. بتصرّف.
  4. محمد المقدم، دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم، صفحة 6، جزء 9. بتصرّف.
  5. سليمان العودة (2013م)، شعاع من المحراب (الطبعة الثانية)، الرياض-المملكة العربية السعودية: دار المغني للنشر والتوزيع، صفحة 58، جزء 7. بتصرّف.
  6. ^ أ ب أحمد عرفة، “فضائل شهر شعبان”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2020. بتصرّف.
  7. سورة آل عمران، آية: 31.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1156، صحيح.
  9. “هل هناك فضل لصيام الخمسة عشر يومًا الأولى من شهر شعبان؟”، www.islamweb.net، 2-7-2018، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2020. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في ضعيف ابن ماجه، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 261، ضعيف جداً أو موضوع.
  11. ^ أ ب “هل يصوم يوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفاً ؟”، www.islamqa.info، 3-9-2006، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2021. بتصرّف.
  12. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسن، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 6642، صحيح بشواهده.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1970، صحيح.
  14. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 736، حسن.
  15. سعيد القحطاني (2010م)، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثانية)، القصب- الرياض: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 365.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 2840، صحيح.
  17. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 984، حسن صحيح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

فَضْل صيام شعبان

  • الأعمال تُرفَع إلى الله -تعالى- في شهر شعبان، كما ورد عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه-: (يا رسولَ اللَّهِ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)،[١] والمقصود برًفْع الأعمال في شعبان: الرًّفْع السنويّ لها؛ فقد دلّت النصوص على أنّ الأعمال تُرفَع رَفْعاً يوميّاً، وأسبوعيّاً، وسنويّاً، وأُخرَويّاً، كما ثبت في صحيح الإمام مسلم عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه-: (قامَ فِينا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بخَمْسِ كَلِماتٍ، فقالَ: إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ لا يَنامُ، ولا يَنْبَغِي له أنْ يَنامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهارِ، وعَمَلُ النَّهارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ).[٢]
  • المسلم الذي يعوّد نفسه على الصيام في شهر شعبان يسهُل عليه صيام شهر رمضان.[٣]
  • الاستعداد لصيام رمضان، وطَمَعاً في نَيْل المغفرة من الله -سبحانه-،[٤] كما أنّ في صيام شهر شعبان تبجيلاً وتعظيماً لشهر رمضان المبارك،[٥] وقد ورد عن الإمام ابن رجب في تأويل حديث أسامة بن زيد: (يا رسولَ اللَّهِ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)،[١] أنّ شهر شعبان من الشهور التي قد ينساها أو يُهملها العباد؛ لأنّه شهرٌ يَليه شهر رمضان؛ شهر صيام الفريضة، ويسبقه شهرٌ حرامٌ؛ وهو شهر رجب؛ فقد ينشغل العباد خلال شهر شعبان بأمور الدُّنيا؛ ولهذا ورد الحديث تأكيداً على ضرورة اغتنامه، وأداء العبادة فيه.[٦]
  • الحرص على اتِّباع الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وامتثال سُنّته القوليّة والفِعليّة؛ للفوز بمَحبّة الله -تعالى-، ونَيْل المغفرة والرحمة منه، قال -تعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[٧] ومن الأمور الواردة عن النبيّ -عليه السلام- مواظبته الصيام في شهر شعبان؛ فقد ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّه: (كانَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: قدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: قدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِن شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِن صِيَامِهِ مِن شَعْبَانَ كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا).[٨][٩]

فَضْل صيام يوم النِّصف من شعبان

بحث المحقّقون من أهل العلم في الرّوايات التي تشير إلى فضل صيام النصف من شعبان؛ فوجدوها أحاديث موضوعة وضعيفة، ولا تصلُح للاحتجاج، ولا ترقى إلى الصحّة بحال من الأحوال، ومن هذه الروايات التي لا تصحّ ما رُوي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا كانت ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ فقوموا ليلَها، وصوموا نَهارَها، فإنَّ اللَّهَ يَنزِلُ فيها لغُروبِ الشَّمسِ إلى سماءِ الدُّنيا، فيقولُ: ألا من مُستغفِرٍ لي فأغفرَ لَه! ألا مُسترزِقٌ فأرزقَهُ ألا مُبتلًى فأعافيَهُ ألا كذا ألا كذا حتَّى يطلُعَ الفجرُ)؛[١٠] فهذه الرّواية مثلاً حكم عليها الألباني بالقول: ضعيف جداً أو موضوع، وبناء على ذلك؛ فإنّ تخصيص يوم النصف من شعبان بصوم، على اعتبار أنّ له فضيلة على غيره لا يصحّ.[١١]

ولكن يستحبّ للمسلم صوم هذا اليوم على أنّه أحد الأيّام البِيض التي ندبَ الشّرع إلى صيامها، من غير قصد تخصيص هذه الليلة عن سواها، وقد جاءت روايات أخرى حكم المُحدّثون بصحّتها في فضْل ليلة النِّصف من شعبان، ولكنّ هذه الروايات لا تُشير إلى تخصيص عبادة معيّنة فيها؛ من صيامٍ، أو قيامٍ، وإنّما على المسلم اغتنامها بالخير كلّه، وعدم مُخالفته للسنّة؛ بالابتداع، أو تخصيصها بعبادةٍ ما، ومن هذه الأحاديث ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يطَّلِعُ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى خلقِه لَيلةَ النَّصفِ مِن شعبانَ، فيغفِرُ لعبادِه إلَّا لِاثنَينِ: مُشاحنٍ، وقاتلِ نفْسٍ).[١٢][١١]

صيام شعبان

نال شهر شعبان مكانة كبيرة في الإسلام؛ فقد وردت فيه عدّة آثارٍ من السنّة النبويّة المُطهّرة التي تحثّ على الصيام فيه، ومنها: ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أكْثَرَ مِن شَعْبَانَ، فإنَّه كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ وَكانَ يقولُ: خُذُوا مِنَ العَمَلِ ما تُطِيقُونَ، فإنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حتَّى تَمَلُّوا. وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما دُووِمَ عليه وإنْ قَلَّتْ، وكانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا)،[١٣] وورد عن أمّ سلمة -رضي الله عنها-: (ما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يصومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ، إلا شعبانَ ورمضانَ)[١٤] فهذه الأحاديث وغيرها تشير صراحة إلى مكانة هذا الشهر، وتؤكّد على مشروعية وفضل الصيام فيه، ويجدر بالمسلم الحرص على الاقتداء بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، لينال بذلك الخيرات وتحلّ عليه البركات.[١٥]

الحكمة من استحباب صيام شعبان

قال الإمام ابن الجوزيّ إنّ الأوقات التي يسهو عنها الناس، ويتجاهلونها لأسبابٍ دُنيويّةٍ؛ يكون الأجر فيها مُعظَّماً ومُباركاً؛ فمَن واظبَ في تلك الأوقات على عمل الخير والصلاح والتطوُّع لله -تعالى-، فله من الثواب الكثير؛ لأنّه فَضَّل الخير والصالحات على المُلهِيات والشهوات، وقد وردت في السنّة النبويّة عدّة أحاديث تحثّ على صيام التطوُّع بشكلٍ عامٍ، دون تحديد يومٍ، أو شهرٍ منه، ومنها: ما أخرجه البخاريّ في صحيحه عن أبي سعيد الخدريّ: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)[١٦] وما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (الصِّيامُ و القرآنُ يَشْفَعَانِ للعبدِ يومَ القيامةِ، يقولُ الصِّيامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ والشهوةَ، فشفعْني فيهِ، ويقولُ القرآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِالليلِ فَشَفِّعْنِي فيهِ، قال: فيشفعانِ)،[١٧] وصيام النَّفل من العبادات المحمودة التي تُقرِّب العبد من ربّه، وتُساعد المسلم على تهذيب النَّفس، وضَبطها، والتحكُّم فيها، ممّا يُؤدّي إلى تحقيق الصلاح في الدُّنيا والآخرة.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 2356، حسن.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 179، صحيح.
  3. مجموعة من المؤلفين (2014م)، ملتقى أهل اللغة، صفحة 1549، جزء 10. بتصرّف.
  4. محمد المقدم، دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم، صفحة 6، جزء 9. بتصرّف.
  5. سليمان العودة (2013م)، شعاع من المحراب (الطبعة الثانية)، الرياض-المملكة العربية السعودية: دار المغني للنشر والتوزيع، صفحة 58، جزء 7. بتصرّف.
  6. ^ أ ب أحمد عرفة، “فضائل شهر شعبان”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2020. بتصرّف.
  7. سورة آل عمران، آية: 31.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1156، صحيح.
  9. “هل هناك فضل لصيام الخمسة عشر يومًا الأولى من شهر شعبان؟”، www.islamweb.net، 2-7-2018، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2020. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في ضعيف ابن ماجه، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 261، ضعيف جداً أو موضوع.
  11. ^ أ ب “هل يصوم يوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفاً ؟”، www.islamqa.info، 3-9-2006، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2021. بتصرّف.
  12. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسن، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 6642، صحيح بشواهده.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1970، صحيح.
  14. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 736، حسن.
  15. سعيد القحطاني (2010م)، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثانية)، القصب- الرياض: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 365.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 2840، صحيح.
  17. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 984، حسن صحيح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

فَضْل صيام شعبان

  • الأعمال تُرفَع إلى الله -تعالى- في شهر شعبان، كما ورد عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه-: (يا رسولَ اللَّهِ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)،[١] والمقصود برًفْع الأعمال في شعبان: الرًّفْع السنويّ لها؛ فقد دلّت النصوص على أنّ الأعمال تُرفَع رَفْعاً يوميّاً، وأسبوعيّاً، وسنويّاً، وأُخرَويّاً، كما ثبت في صحيح الإمام مسلم عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه-: (قامَ فِينا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بخَمْسِ كَلِماتٍ، فقالَ: إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ لا يَنامُ، ولا يَنْبَغِي له أنْ يَنامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهارِ، وعَمَلُ النَّهارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ).[٢]
  • المسلم الذي يعوّد نفسه على الصيام في شهر شعبان يسهُل عليه صيام شهر رمضان.[٣]
  • الاستعداد لصيام رمضان، وطَمَعاً في نَيْل المغفرة من الله -سبحانه-،[٤] كما أنّ في صيام شهر شعبان تبجيلاً وتعظيماً لشهر رمضان المبارك،[٥] وقد ورد عن الإمام ابن رجب في تأويل حديث أسامة بن زيد: (يا رسولَ اللَّهِ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)،[١] أنّ شهر شعبان من الشهور التي قد ينساها أو يُهملها العباد؛ لأنّه شهرٌ يَليه شهر رمضان؛ شهر صيام الفريضة، ويسبقه شهرٌ حرامٌ؛ وهو شهر رجب؛ فقد ينشغل العباد خلال شهر شعبان بأمور الدُّنيا؛ ولهذا ورد الحديث تأكيداً على ضرورة اغتنامه، وأداء العبادة فيه.[٦]
  • الحرص على اتِّباع الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وامتثال سُنّته القوليّة والفِعليّة؛ للفوز بمَحبّة الله -تعالى-، ونَيْل المغفرة والرحمة منه، قال -تعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[٧] ومن الأمور الواردة عن النبيّ -عليه السلام- مواظبته الصيام في شهر شعبان؛ فقد ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّه: (كانَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: قدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: قدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِن شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِن صِيَامِهِ مِن شَعْبَانَ كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا).[٨][٩]

فَضْل صيام يوم النِّصف من شعبان

بحث المحقّقون من أهل العلم في الرّوايات التي تشير إلى فضل صيام النصف من شعبان؛ فوجدوها أحاديث موضوعة وضعيفة، ولا تصلُح للاحتجاج، ولا ترقى إلى الصحّة بحال من الأحوال، ومن هذه الروايات التي لا تصحّ ما رُوي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا كانت ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ فقوموا ليلَها، وصوموا نَهارَها، فإنَّ اللَّهَ يَنزِلُ فيها لغُروبِ الشَّمسِ إلى سماءِ الدُّنيا، فيقولُ: ألا من مُستغفِرٍ لي فأغفرَ لَه! ألا مُسترزِقٌ فأرزقَهُ ألا مُبتلًى فأعافيَهُ ألا كذا ألا كذا حتَّى يطلُعَ الفجرُ)؛[١٠] فهذه الرّواية مثلاً حكم عليها الألباني بالقول: ضعيف جداً أو موضوع، وبناء على ذلك؛ فإنّ تخصيص يوم النصف من شعبان بصوم، على اعتبار أنّ له فضيلة على غيره لا يصحّ.[١١]

ولكن يستحبّ للمسلم صوم هذا اليوم على أنّه أحد الأيّام البِيض التي ندبَ الشّرع إلى صيامها، من غير قصد تخصيص هذه الليلة عن سواها، وقد جاءت روايات أخرى حكم المُحدّثون بصحّتها في فضْل ليلة النِّصف من شعبان، ولكنّ هذه الروايات لا تُشير إلى تخصيص عبادة معيّنة فيها؛ من صيامٍ، أو قيامٍ، وإنّما على المسلم اغتنامها بالخير كلّه، وعدم مُخالفته للسنّة؛ بالابتداع، أو تخصيصها بعبادةٍ ما، ومن هذه الأحاديث ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يطَّلِعُ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى خلقِه لَيلةَ النَّصفِ مِن شعبانَ، فيغفِرُ لعبادِه إلَّا لِاثنَينِ: مُشاحنٍ، وقاتلِ نفْسٍ).[١٢][١١]

صيام شعبان

نال شهر شعبان مكانة كبيرة في الإسلام؛ فقد وردت فيه عدّة آثارٍ من السنّة النبويّة المُطهّرة التي تحثّ على الصيام فيه، ومنها: ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أكْثَرَ مِن شَعْبَانَ، فإنَّه كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ وَكانَ يقولُ: خُذُوا مِنَ العَمَلِ ما تُطِيقُونَ، فإنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حتَّى تَمَلُّوا. وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما دُووِمَ عليه وإنْ قَلَّتْ، وكانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا)،[١٣] وورد عن أمّ سلمة -رضي الله عنها-: (ما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يصومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ، إلا شعبانَ ورمضانَ)[١٤] فهذه الأحاديث وغيرها تشير صراحة إلى مكانة هذا الشهر، وتؤكّد على مشروعية وفضل الصيام فيه، ويجدر بالمسلم الحرص على الاقتداء بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، لينال بذلك الخيرات وتحلّ عليه البركات.[١٥]

الحكمة من استحباب صيام شعبان

قال الإمام ابن الجوزيّ إنّ الأوقات التي يسهو عنها الناس، ويتجاهلونها لأسبابٍ دُنيويّةٍ؛ يكون الأجر فيها مُعظَّماً ومُباركاً؛ فمَن واظبَ في تلك الأوقات على عمل الخير والصلاح والتطوُّع لله -تعالى-، فله من الثواب الكثير؛ لأنّه فَضَّل الخير والصالحات على المُلهِيات والشهوات، وقد وردت في السنّة النبويّة عدّة أحاديث تحثّ على صيام التطوُّع بشكلٍ عامٍ، دون تحديد يومٍ، أو شهرٍ منه، ومنها: ما أخرجه البخاريّ في صحيحه عن أبي سعيد الخدريّ: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)[١٦] وما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (الصِّيامُ و القرآنُ يَشْفَعَانِ للعبدِ يومَ القيامةِ، يقولُ الصِّيامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ والشهوةَ، فشفعْني فيهِ، ويقولُ القرآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِالليلِ فَشَفِّعْنِي فيهِ، قال: فيشفعانِ)،[١٧] وصيام النَّفل من العبادات المحمودة التي تُقرِّب العبد من ربّه، وتُساعد المسلم على تهذيب النَّفس، وضَبطها، والتحكُّم فيها، ممّا يُؤدّي إلى تحقيق الصلاح في الدُّنيا والآخرة.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 2356، حسن.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 179، صحيح.
  3. مجموعة من المؤلفين (2014م)، ملتقى أهل اللغة، صفحة 1549، جزء 10. بتصرّف.
  4. محمد المقدم، دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم، صفحة 6، جزء 9. بتصرّف.
  5. سليمان العودة (2013م)، شعاع من المحراب (الطبعة الثانية)، الرياض-المملكة العربية السعودية: دار المغني للنشر والتوزيع، صفحة 58، جزء 7. بتصرّف.
  6. ^ أ ب أحمد عرفة، “فضائل شهر شعبان”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2020. بتصرّف.
  7. سورة آل عمران، آية: 31.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1156، صحيح.
  9. “هل هناك فضل لصيام الخمسة عشر يومًا الأولى من شهر شعبان؟”، www.islamweb.net، 2-7-2018، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2020. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في ضعيف ابن ماجه، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 261، ضعيف جداً أو موضوع.
  11. ^ أ ب “هل يصوم يوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفاً ؟”، www.islamqa.info، 3-9-2006، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2021. بتصرّف.
  12. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسن، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 6642، صحيح بشواهده.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1970، صحيح.
  14. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 736، حسن.
  15. سعيد القحطاني (2010م)، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثانية)، القصب- الرياض: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 365.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 2840، صحيح.
  17. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 984، حسن صحيح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

فَضْل صيام شعبان

  • الأعمال تُرفَع إلى الله -تعالى- في شهر شعبان، كما ورد عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه-: (يا رسولَ اللَّهِ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)،[١] والمقصود برًفْع الأعمال في شعبان: الرًّفْع السنويّ لها؛ فقد دلّت النصوص على أنّ الأعمال تُرفَع رَفْعاً يوميّاً، وأسبوعيّاً، وسنويّاً، وأُخرَويّاً، كما ثبت في صحيح الإمام مسلم عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه-: (قامَ فِينا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بخَمْسِ كَلِماتٍ، فقالَ: إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ لا يَنامُ، ولا يَنْبَغِي له أنْ يَنامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهارِ، وعَمَلُ النَّهارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ).[٢]
  • المسلم الذي يعوّد نفسه على الصيام في شهر شعبان يسهُل عليه صيام شهر رمضان.[٣]
  • الاستعداد لصيام رمضان، وطَمَعاً في نَيْل المغفرة من الله -سبحانه-،[٤] كما أنّ في صيام شهر شعبان تبجيلاً وتعظيماً لشهر رمضان المبارك،[٥] وقد ورد عن الإمام ابن رجب في تأويل حديث أسامة بن زيد: (يا رسولَ اللَّهِ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)،[١] أنّ شهر شعبان من الشهور التي قد ينساها أو يُهملها العباد؛ لأنّه شهرٌ يَليه شهر رمضان؛ شهر صيام الفريضة، ويسبقه شهرٌ حرامٌ؛ وهو شهر رجب؛ فقد ينشغل العباد خلال شهر شعبان بأمور الدُّنيا؛ ولهذا ورد الحديث تأكيداً على ضرورة اغتنامه، وأداء العبادة فيه.[٦]
  • الحرص على اتِّباع الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وامتثال سُنّته القوليّة والفِعليّة؛ للفوز بمَحبّة الله -تعالى-، ونَيْل المغفرة والرحمة منه، قال -تعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[٧] ومن الأمور الواردة عن النبيّ -عليه السلام- مواظبته الصيام في شهر شعبان؛ فقد ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّه: (كانَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: قدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: قدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِن شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِن صِيَامِهِ مِن شَعْبَانَ كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا).[٨][٩]

فَضْل صيام يوم النِّصف من شعبان

بحث المحقّقون من أهل العلم في الرّوايات التي تشير إلى فضل صيام النصف من شعبان؛ فوجدوها أحاديث موضوعة وضعيفة، ولا تصلُح للاحتجاج، ولا ترقى إلى الصحّة بحال من الأحوال، ومن هذه الروايات التي لا تصحّ ما رُوي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا كانت ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ فقوموا ليلَها، وصوموا نَهارَها، فإنَّ اللَّهَ يَنزِلُ فيها لغُروبِ الشَّمسِ إلى سماءِ الدُّنيا، فيقولُ: ألا من مُستغفِرٍ لي فأغفرَ لَه! ألا مُسترزِقٌ فأرزقَهُ ألا مُبتلًى فأعافيَهُ ألا كذا ألا كذا حتَّى يطلُعَ الفجرُ)؛[١٠] فهذه الرّواية مثلاً حكم عليها الألباني بالقول: ضعيف جداً أو موضوع، وبناء على ذلك؛ فإنّ تخصيص يوم النصف من شعبان بصوم، على اعتبار أنّ له فضيلة على غيره لا يصحّ.[١١]

ولكن يستحبّ للمسلم صوم هذا اليوم على أنّه أحد الأيّام البِيض التي ندبَ الشّرع إلى صيامها، من غير قصد تخصيص هذه الليلة عن سواها، وقد جاءت روايات أخرى حكم المُحدّثون بصحّتها في فضْل ليلة النِّصف من شعبان، ولكنّ هذه الروايات لا تُشير إلى تخصيص عبادة معيّنة فيها؛ من صيامٍ، أو قيامٍ، وإنّما على المسلم اغتنامها بالخير كلّه، وعدم مُخالفته للسنّة؛ بالابتداع، أو تخصيصها بعبادةٍ ما، ومن هذه الأحاديث ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يطَّلِعُ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى خلقِه لَيلةَ النَّصفِ مِن شعبانَ، فيغفِرُ لعبادِه إلَّا لِاثنَينِ: مُشاحنٍ، وقاتلِ نفْسٍ).[١٢][١١]

صيام شعبان

نال شهر شعبان مكانة كبيرة في الإسلام؛ فقد وردت فيه عدّة آثارٍ من السنّة النبويّة المُطهّرة التي تحثّ على الصيام فيه، ومنها: ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أكْثَرَ مِن شَعْبَانَ، فإنَّه كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ وَكانَ يقولُ: خُذُوا مِنَ العَمَلِ ما تُطِيقُونَ، فإنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حتَّى تَمَلُّوا. وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما دُووِمَ عليه وإنْ قَلَّتْ، وكانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا)،[١٣] وورد عن أمّ سلمة -رضي الله عنها-: (ما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يصومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ، إلا شعبانَ ورمضانَ)[١٤] فهذه الأحاديث وغيرها تشير صراحة إلى مكانة هذا الشهر، وتؤكّد على مشروعية وفضل الصيام فيه، ويجدر بالمسلم الحرص على الاقتداء بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، لينال بذلك الخيرات وتحلّ عليه البركات.[١٥]

الحكمة من استحباب صيام شعبان

قال الإمام ابن الجوزيّ إنّ الأوقات التي يسهو عنها الناس، ويتجاهلونها لأسبابٍ دُنيويّةٍ؛ يكون الأجر فيها مُعظَّماً ومُباركاً؛ فمَن واظبَ في تلك الأوقات على عمل الخير والصلاح والتطوُّع لله -تعالى-، فله من الثواب الكثير؛ لأنّه فَضَّل الخير والصالحات على المُلهِيات والشهوات، وقد وردت في السنّة النبويّة عدّة أحاديث تحثّ على صيام التطوُّع بشكلٍ عامٍ، دون تحديد يومٍ، أو شهرٍ منه، ومنها: ما أخرجه البخاريّ في صحيحه عن أبي سعيد الخدريّ: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)[١٦] وما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (الصِّيامُ و القرآنُ يَشْفَعَانِ للعبدِ يومَ القيامةِ، يقولُ الصِّيامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ والشهوةَ، فشفعْني فيهِ، ويقولُ القرآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِالليلِ فَشَفِّعْنِي فيهِ، قال: فيشفعانِ)،[١٧] وصيام النَّفل من العبادات المحمودة التي تُقرِّب العبد من ربّه، وتُساعد المسلم على تهذيب النَّفس، وضَبطها، والتحكُّم فيها، ممّا يُؤدّي إلى تحقيق الصلاح في الدُّنيا والآخرة.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 2356، حسن.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 179، صحيح.
  3. مجموعة من المؤلفين (2014م)، ملتقى أهل اللغة، صفحة 1549، جزء 10. بتصرّف.
  4. محمد المقدم، دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم، صفحة 6، جزء 9. بتصرّف.
  5. سليمان العودة (2013م)، شعاع من المحراب (الطبعة الثانية)، الرياض-المملكة العربية السعودية: دار المغني للنشر والتوزيع، صفحة 58، جزء 7. بتصرّف.
  6. ^ أ ب أحمد عرفة، “فضائل شهر شعبان”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2020. بتصرّف.
  7. سورة آل عمران، آية: 31.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1156، صحيح.
  9. “هل هناك فضل لصيام الخمسة عشر يومًا الأولى من شهر شعبان؟”، www.islamweb.net، 2-7-2018، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2020. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في ضعيف ابن ماجه، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 261، ضعيف جداً أو موضوع.
  11. ^ أ ب “هل يصوم يوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفاً ؟”، www.islamqa.info، 3-9-2006، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2021. بتصرّف.
  12. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسن، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 6642، صحيح بشواهده.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1970، صحيح.
  14. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 736، حسن.
  15. سعيد القحطاني (2010م)، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثانية)، القصب- الرياض: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 365.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 2840، صحيح.
  17. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 984، حسن صحيح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

فَضْل صيام شعبان

  • الأعمال تُرفَع إلى الله -تعالى- في شهر شعبان، كما ورد عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه-: (يا رسولَ اللَّهِ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)،[١] والمقصود برًفْع الأعمال في شعبان: الرًّفْع السنويّ لها؛ فقد دلّت النصوص على أنّ الأعمال تُرفَع رَفْعاً يوميّاً، وأسبوعيّاً، وسنويّاً، وأُخرَويّاً، كما ثبت في صحيح الإمام مسلم عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه-: (قامَ فِينا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بخَمْسِ كَلِماتٍ، فقالَ: إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ لا يَنامُ، ولا يَنْبَغِي له أنْ يَنامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهارِ، وعَمَلُ النَّهارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ).[٢]
  • المسلم الذي يعوّد نفسه على الصيام في شهر شعبان يسهُل عليه صيام شهر رمضان.[٣]
  • الاستعداد لصيام رمضان، وطَمَعاً في نَيْل المغفرة من الله -سبحانه-،[٤] كما أنّ في صيام شهر شعبان تبجيلاً وتعظيماً لشهر رمضان المبارك،[٥] وقد ورد عن الإمام ابن رجب في تأويل حديث أسامة بن زيد: (يا رسولَ اللَّهِ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)،[١] أنّ شهر شعبان من الشهور التي قد ينساها أو يُهملها العباد؛ لأنّه شهرٌ يَليه شهر رمضان؛ شهر صيام الفريضة، ويسبقه شهرٌ حرامٌ؛ وهو شهر رجب؛ فقد ينشغل العباد خلال شهر شعبان بأمور الدُّنيا؛ ولهذا ورد الحديث تأكيداً على ضرورة اغتنامه، وأداء العبادة فيه.[٦]
  • الحرص على اتِّباع الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وامتثال سُنّته القوليّة والفِعليّة؛ للفوز بمَحبّة الله -تعالى-، ونَيْل المغفرة والرحمة منه، قال -تعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[٧] ومن الأمور الواردة عن النبيّ -عليه السلام- مواظبته الصيام في شهر شعبان؛ فقد ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّه: (كانَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: قدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: قدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِن شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِن صِيَامِهِ مِن شَعْبَانَ كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا).[٨][٩]

فَضْل صيام يوم النِّصف من شعبان

بحث المحقّقون من أهل العلم في الرّوايات التي تشير إلى فضل صيام النصف من شعبان؛ فوجدوها أحاديث موضوعة وضعيفة، ولا تصلُح للاحتجاج، ولا ترقى إلى الصحّة بحال من الأحوال، ومن هذه الروايات التي لا تصحّ ما رُوي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا كانت ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ فقوموا ليلَها، وصوموا نَهارَها، فإنَّ اللَّهَ يَنزِلُ فيها لغُروبِ الشَّمسِ إلى سماءِ الدُّنيا، فيقولُ: ألا من مُستغفِرٍ لي فأغفرَ لَه! ألا مُسترزِقٌ فأرزقَهُ ألا مُبتلًى فأعافيَهُ ألا كذا ألا كذا حتَّى يطلُعَ الفجرُ)؛[١٠] فهذه الرّواية مثلاً حكم عليها الألباني بالقول: ضعيف جداً أو موضوع، وبناء على ذلك؛ فإنّ تخصيص يوم النصف من شعبان بصوم، على اعتبار أنّ له فضيلة على غيره لا يصحّ.[١١]

ولكن يستحبّ للمسلم صوم هذا اليوم على أنّه أحد الأيّام البِيض التي ندبَ الشّرع إلى صيامها، من غير قصد تخصيص هذه الليلة عن سواها، وقد جاءت روايات أخرى حكم المُحدّثون بصحّتها في فضْل ليلة النِّصف من شعبان، ولكنّ هذه الروايات لا تُشير إلى تخصيص عبادة معيّنة فيها؛ من صيامٍ، أو قيامٍ، وإنّما على المسلم اغتنامها بالخير كلّه، وعدم مُخالفته للسنّة؛ بالابتداع، أو تخصيصها بعبادةٍ ما، ومن هذه الأحاديث ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يطَّلِعُ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى خلقِه لَيلةَ النَّصفِ مِن شعبانَ، فيغفِرُ لعبادِه إلَّا لِاثنَينِ: مُشاحنٍ، وقاتلِ نفْسٍ).[١٢][١١]

صيام شعبان

نال شهر شعبان مكانة كبيرة في الإسلام؛ فقد وردت فيه عدّة آثارٍ من السنّة النبويّة المُطهّرة التي تحثّ على الصيام فيه، ومنها: ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أكْثَرَ مِن شَعْبَانَ، فإنَّه كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ وَكانَ يقولُ: خُذُوا مِنَ العَمَلِ ما تُطِيقُونَ، فإنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حتَّى تَمَلُّوا. وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما دُووِمَ عليه وإنْ قَلَّتْ، وكانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا)،[١٣] وورد عن أمّ سلمة -رضي الله عنها-: (ما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يصومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ، إلا شعبانَ ورمضانَ)[١٤] فهذه الأحاديث وغيرها تشير صراحة إلى مكانة هذا الشهر، وتؤكّد على مشروعية وفضل الصيام فيه، ويجدر بالمسلم الحرص على الاقتداء بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، لينال بذلك الخيرات وتحلّ عليه البركات.[١٥]

الحكمة من استحباب صيام شعبان

قال الإمام ابن الجوزيّ إنّ الأوقات التي يسهو عنها الناس، ويتجاهلونها لأسبابٍ دُنيويّةٍ؛ يكون الأجر فيها مُعظَّماً ومُباركاً؛ فمَن واظبَ في تلك الأوقات على عمل الخير والصلاح والتطوُّع لله -تعالى-، فله من الثواب الكثير؛ لأنّه فَضَّل الخير والصالحات على المُلهِيات والشهوات، وقد وردت في السنّة النبويّة عدّة أحاديث تحثّ على صيام التطوُّع بشكلٍ عامٍ، دون تحديد يومٍ، أو شهرٍ منه، ومنها: ما أخرجه البخاريّ في صحيحه عن أبي سعيد الخدريّ: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)[١٦] وما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (الصِّيامُ و القرآنُ يَشْفَعَانِ للعبدِ يومَ القيامةِ، يقولُ الصِّيامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ والشهوةَ، فشفعْني فيهِ، ويقولُ القرآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِالليلِ فَشَفِّعْنِي فيهِ، قال: فيشفعانِ)،[١٧] وصيام النَّفل من العبادات المحمودة التي تُقرِّب العبد من ربّه، وتُساعد المسلم على تهذيب النَّفس، وضَبطها، والتحكُّم فيها، ممّا يُؤدّي إلى تحقيق الصلاح في الدُّنيا والآخرة.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 2356، حسن.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 179، صحيح.
  3. مجموعة من المؤلفين (2014م)، ملتقى أهل اللغة، صفحة 1549، جزء 10. بتصرّف.
  4. محمد المقدم، دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم، صفحة 6، جزء 9. بتصرّف.
  5. سليمان العودة (2013م)، شعاع من المحراب (الطبعة الثانية)، الرياض-المملكة العربية السعودية: دار المغني للنشر والتوزيع، صفحة 58، جزء 7. بتصرّف.
  6. ^ أ ب أحمد عرفة، “فضائل شهر شعبان”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2020. بتصرّف.
  7. سورة آل عمران، آية: 31.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1156، صحيح.
  9. “هل هناك فضل لصيام الخمسة عشر يومًا الأولى من شهر شعبان؟”، www.islamweb.net، 2-7-2018، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2020. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في ضعيف ابن ماجه، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 261، ضعيف جداً أو موضوع.
  11. ^ أ ب “هل يصوم يوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفاً ؟”، www.islamqa.info، 3-9-2006، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2021. بتصرّف.
  12. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسن، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 6642، صحيح بشواهده.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1970، صحيح.
  14. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 736، حسن.
  15. سعيد القحطاني (2010م)، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثانية)، القصب- الرياض: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 365.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 2840، صحيح.
  17. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 984، حسن صحيح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

فَضْل صيام شعبان

  • الأعمال تُرفَع إلى الله -تعالى- في شهر شعبان، كما ورد عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه-: (يا رسولَ اللَّهِ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)،[١] والمقصود برًفْع الأعمال في شعبان: الرًّفْع السنويّ لها؛ فقد دلّت النصوص على أنّ الأعمال تُرفَع رَفْعاً يوميّاً، وأسبوعيّاً، وسنويّاً، وأُخرَويّاً، كما ثبت في صحيح الإمام مسلم عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه-: (قامَ فِينا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بخَمْسِ كَلِماتٍ، فقالَ: إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ لا يَنامُ، ولا يَنْبَغِي له أنْ يَنامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهارِ، وعَمَلُ النَّهارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ).[٢]
  • المسلم الذي يعوّد نفسه على الصيام في شهر شعبان يسهُل عليه صيام شهر رمضان.[٣]
  • الاستعداد لصيام رمضان، وطَمَعاً في نَيْل المغفرة من الله -سبحانه-،[٤] كما أنّ في صيام شهر شعبان تبجيلاً وتعظيماً لشهر رمضان المبارك،[٥] وقد ورد عن الإمام ابن رجب في تأويل حديث أسامة بن زيد: (يا رسولَ اللَّهِ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)،[١] أنّ شهر شعبان من الشهور التي قد ينساها أو يُهملها العباد؛ لأنّه شهرٌ يَليه شهر رمضان؛ شهر صيام الفريضة، ويسبقه شهرٌ حرامٌ؛ وهو شهر رجب؛ فقد ينشغل العباد خلال شهر شعبان بأمور الدُّنيا؛ ولهذا ورد الحديث تأكيداً على ضرورة اغتنامه، وأداء العبادة فيه.[٦]
  • الحرص على اتِّباع الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وامتثال سُنّته القوليّة والفِعليّة؛ للفوز بمَحبّة الله -تعالى-، ونَيْل المغفرة والرحمة منه، قال -تعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[٧] ومن الأمور الواردة عن النبيّ -عليه السلام- مواظبته الصيام في شهر شعبان؛ فقد ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّه: (كانَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: قدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: قدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِن شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِن صِيَامِهِ مِن شَعْبَانَ كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا).[٨][٩]

فَضْل صيام يوم النِّصف من شعبان

بحث المحقّقون من أهل العلم في الرّوايات التي تشير إلى فضل صيام النصف من شعبان؛ فوجدوها أحاديث موضوعة وضعيفة، ولا تصلُح للاحتجاج، ولا ترقى إلى الصحّة بحال من الأحوال، ومن هذه الروايات التي لا تصحّ ما رُوي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا كانت ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ فقوموا ليلَها، وصوموا نَهارَها، فإنَّ اللَّهَ يَنزِلُ فيها لغُروبِ الشَّمسِ إلى سماءِ الدُّنيا، فيقولُ: ألا من مُستغفِرٍ لي فأغفرَ لَه! ألا مُسترزِقٌ فأرزقَهُ ألا مُبتلًى فأعافيَهُ ألا كذا ألا كذا حتَّى يطلُعَ الفجرُ)؛[١٠] فهذه الرّواية مثلاً حكم عليها الألباني بالقول: ضعيف جداً أو موضوع، وبناء على ذلك؛ فإنّ تخصيص يوم النصف من شعبان بصوم، على اعتبار أنّ له فضيلة على غيره لا يصحّ.[١١]

ولكن يستحبّ للمسلم صوم هذا اليوم على أنّه أحد الأيّام البِيض التي ندبَ الشّرع إلى صيامها، من غير قصد تخصيص هذه الليلة عن سواها، وقد جاءت روايات أخرى حكم المُحدّثون بصحّتها في فضْل ليلة النِّصف من شعبان، ولكنّ هذه الروايات لا تُشير إلى تخصيص عبادة معيّنة فيها؛ من صيامٍ، أو قيامٍ، وإنّما على المسلم اغتنامها بالخير كلّه، وعدم مُخالفته للسنّة؛ بالابتداع، أو تخصيصها بعبادةٍ ما، ومن هذه الأحاديث ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يطَّلِعُ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى خلقِه لَيلةَ النَّصفِ مِن شعبانَ، فيغفِرُ لعبادِه إلَّا لِاثنَينِ: مُشاحنٍ، وقاتلِ نفْسٍ).[١٢][١١]

صيام شعبان

نال شهر شعبان مكانة كبيرة في الإسلام؛ فقد وردت فيه عدّة آثارٍ من السنّة النبويّة المُطهّرة التي تحثّ على الصيام فيه، ومنها: ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أكْثَرَ مِن شَعْبَانَ، فإنَّه كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ وَكانَ يقولُ: خُذُوا مِنَ العَمَلِ ما تُطِيقُونَ، فإنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حتَّى تَمَلُّوا. وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما دُووِمَ عليه وإنْ قَلَّتْ، وكانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا)،[١٣] وورد عن أمّ سلمة -رضي الله عنها-: (ما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يصومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ، إلا شعبانَ ورمضانَ)[١٤] فهذه الأحاديث وغيرها تشير صراحة إلى مكانة هذا الشهر، وتؤكّد على مشروعية وفضل الصيام فيه، ويجدر بالمسلم الحرص على الاقتداء بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، لينال بذلك الخيرات وتحلّ عليه البركات.[١٥]

الحكمة من استحباب صيام شعبان

قال الإمام ابن الجوزيّ إنّ الأوقات التي يسهو عنها الناس، ويتجاهلونها لأسبابٍ دُنيويّةٍ؛ يكون الأجر فيها مُعظَّماً ومُباركاً؛ فمَن واظبَ في تلك الأوقات على عمل الخير والصلاح والتطوُّع لله -تعالى-، فله من الثواب الكثير؛ لأنّه فَضَّل الخير والصالحات على المُلهِيات والشهوات، وقد وردت في السنّة النبويّة عدّة أحاديث تحثّ على صيام التطوُّع بشكلٍ عامٍ، دون تحديد يومٍ، أو شهرٍ منه، ومنها: ما أخرجه البخاريّ في صحيحه عن أبي سعيد الخدريّ: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)[١٦] وما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (الصِّيامُ و القرآنُ يَشْفَعَانِ للعبدِ يومَ القيامةِ، يقولُ الصِّيامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ والشهوةَ، فشفعْني فيهِ، ويقولُ القرآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِالليلِ فَشَفِّعْنِي فيهِ، قال: فيشفعانِ)،[١٧] وصيام النَّفل من العبادات المحمودة التي تُقرِّب العبد من ربّه، وتُساعد المسلم على تهذيب النَّفس، وضَبطها، والتحكُّم فيها، ممّا يُؤدّي إلى تحقيق الصلاح في الدُّنيا والآخرة.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 2356، حسن.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 179، صحيح.
  3. مجموعة من المؤلفين (2014م)، ملتقى أهل اللغة، صفحة 1549، جزء 10. بتصرّف.
  4. محمد المقدم، دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم، صفحة 6، جزء 9. بتصرّف.
  5. سليمان العودة (2013م)، شعاع من المحراب (الطبعة الثانية)، الرياض-المملكة العربية السعودية: دار المغني للنشر والتوزيع، صفحة 58، جزء 7. بتصرّف.
  6. ^ أ ب أحمد عرفة، “فضائل شهر شعبان”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2020. بتصرّف.
  7. سورة آل عمران، آية: 31.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1156، صحيح.
  9. “هل هناك فضل لصيام الخمسة عشر يومًا الأولى من شهر شعبان؟”، www.islamweb.net، 2-7-2018، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2020. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في ضعيف ابن ماجه، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 261، ضعيف جداً أو موضوع.
  11. ^ أ ب “هل يصوم يوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفاً ؟”، www.islamqa.info، 3-9-2006، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2021. بتصرّف.
  12. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسن، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 6642، صحيح بشواهده.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1970، صحيح.
  14. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 736، حسن.
  15. سعيد القحطاني (2010م)، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثانية)، القصب- الرياض: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 365.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 2840، صحيح.
  17. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 984، حسن صحيح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى