حساب الزكاة

كيفية إخراج زكاة الذهب

كيفية إخراج زكاة الذّهب

تُخْرَجُ زكاة الذّهب وجوباً إذا بلغ النّصاب؛ وهو خمسٌ وثمانون (85) غراماً فأكثر، إذا حالَ عليه الحول؛ أيّ مضى على امتلاكه سنة كاملة،[١] وذلك بِاحتسابِ رُبع العشر، وربع العشر هو (2.5%)، ولفعل ذلك طُرقٌ عِدّة، فيما يأتي بيانها:[٢]

  • الطريقة الأولى: بِقسمةِ مجموع غرامات الذهب التي يملكها المُزكّي على أربعين (40)، ويكون النّاتِجُ هو مقدارُ الزّكاة الواجبُ إخراجهُ بالغرامات، على سبيل المثال لو ملك ثمانمئة (800) غراماً من الذّهب، يفعل ما يأتي: (800÷40=20) غراماً، فالواجب عليه إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثانية: بِقسمةِ مجموعِ الغرامات التي يملكها المُزكّي على عشرة (10)، ثُمَّ على أربعة (4)، ويكونُ الناتجُ هو مقدار الزّكاةِ الواجبُ إخراجها، وتطبيقاً على نفس المثال يفعل ما يأتي: (800÷10=80) غراماً، ثم (80÷4=20) غرامً، فالواجب عليه بذلك إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثالثة: لإخراج زكاةِ الذّهب نقداً، كالدّينار مثلاً، يُضرب سعر غرام الذّهب الواحِد بالدّينار بمجموع الغرامات، ثم يُقسم الناتج على (40)؛ أي يتمّ تحويل مجموع الغرامات إلى دنانير ثم إخراج ربع العشر (2.5%) منها، فإذا كان سِعر غرام الذّهب الواحد بالدنانير الآن (36) ديناراً يفعل المُزكّي ما يأتي: 800×36=28.800 ديناراً، وبعد تحويل المجموع الكلي من الذهب إلى دنانير يُخرِجُ ربع العشر (2.5%) بالقسمة على (40): 28.800÷40=720 ديناراً، فيجب عليه بناءً على ذلك إخراج سبعمئة وعشرين (720) ديناراً، وهي قيمة (20) غراماً من الذّهب.

شروط وجوب الزكاة

شروط وجوب الزكاة الخمسة

يُشترط لوجوب إخراج زكاة المال أن يكون الإنسان مُسلِماً، حُرّاً، مالكاً للنّصابِ، وأن يكون المال مُلكاً مُستقِلاً، حال عليه الحول،[٣] وتفصيلُها في ما يأتي:[٤][٥]

  • أن يكونَ المُزكّي مُسلِماً: يُشترطُ في وجوبِ الزّكاةِ أن يكونَ مُؤدّيها مُسلِماً، فالزّكاةُ مِن أًركانِ الإِسلام ولا تُقبَلُ مِن غير المسلم، وقد قال مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لِيَدعوهُم إلى الإِسلام: (بَعَثَنِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ: إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ، فادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ).[٦]
  • أن يَكونَ حُرّاً: وعكسُ الحريةِ العبوديّة، والعبدُ المَملوك لا يملكُ لِنفسهِ شيئاً، فهو ومتاعهُ و مالهُ ملكٌ لِسيّدهِ، وهذا ما ثبت بحديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وله مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ)،[٧] فما دامت الزَّكاة محلّها الأموالُ غالباً و العبد لا مالَ لهُ؛ سَقطتْ وجوبِيّتُها عن العبيد، كما لا تَجِبُ على المُكاتِب لأنه ما زال عبداً؛ والمُكاتِب: هو العبدُ الذي اتّفَقَ مع سيّده أن يُعْتِقهُ بِثَمن، كمن يشتري نفسه، إذ لا يصبح المُكاتِبُ حُرّاً حتى يُتِمَّ الثّمن المُتّفقّ عليه، فعن زيدِ بنِ ثابتٍ وعائشةَ أمِّ المؤمنين وابنِ عمرَ -رضوان الله عليهم- قالوا: (المكاتبُ عبدٌ ما بقي عليه درهمٌ).[٨]
  • أن يملِكَ نِصابَ المالِ: والنّصابُ هو نِسبَةٌ مُقَدّرَةٌ شَرعاً إذا بَلغَها الإنسانُ في مالهِ كانَ غَنياً ووجبت عليه زكاةُ هذا المال، أمّا إذا لم يَبلُغها فلا زكاة عليهِ، وتَختلفُ الأنصِبَة من صِنفٍ لِآخر؛ فزكاةُ الذّهبِ كما مرّ سابقاً تُقَدّرُ برُبْعِ العُشر (2.5%)، و زكاةُ الحُبوبِ خَمسةُ أوسقٍ أقرّها بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح حين قال: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)[٩] والوَسَقُ: أيّ ستين صاعاً (60) وهو ما يقارب (672) كيلو غرام.[١٠]
  • أن يكون المُلكُ مُستَقِلاً: أي أن يملكَ المزكّي حُريّةَ التّصرُّفِ في ماله فلا يشاركه فيه أَحد، و يُعَبَّرُ عن هذا الشرطِ أَيضاً بِتَمامِ الملكِ أو استقرارِ الملك، ولتَمامِه أَو استقرارِه صورٌ عدّة؛ إذ لا زكاة على السيّدِ في مال المكاتب الذي لَمْ يَدفَعْهُ العبدُ بعد، لأَنّ عجزه عن دفعه يُسقِطُ الدّين ويبقى مملوكاً لسيّده، فَلا يكون السّيّد قَد تَملّك المال تملُّكاً مستقلاً ولذا لا زكاة فيه، كذلك هو الحالُ في الحبوبِ والثّمار التي لَمْ تُحْصَد أو تُقْطَف بعد، إذ لا تَجب فيها الزّكاةُ إلّا إذا تَمكّنَ المُزكّي مِنها بِقطفِها وحَصدِها، فلو أصابَتْها جَائِحة قَبلَ قطفها فَأهلكتِ المحصول؛ فلا تجب الزّكاة في مالِ صاحبها لأنّها لَم تستقر في مُلكِه بعد.
  • أن يحول عليها الحول: ومعناه ألّا زكاةَ في مالٍ حتّى يَتملّكهُ الإنسان سَنةً كاملةً، ويؤيّد ذلك عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم والصحابة -رضوان الله عليهم- لحديث عليّ -رضي الله عنه-، فقال: (ليسَ في مالٍ زكاةٌ حتى يحولَ عليهِ الحَوْلُ)،[١١] فتَسقُطُ الزّكاةُ إذا هلك المال أو مات الإنسان قبل حلول الحول.

الاستثناء في شرط حولان الحول

يعتبر حولان الحول شرطاً أساسياً في وجوب الزكاة، والحولُ مُدّةٌ قدّرها الشارع الحكيم لتحقيق العدالة بين الأغنياء والفقراء، فكما في تطويلها ضررٌ على الفقراء كان في تقصيرها إجحافٌ على الأغنياء، إلّا أن بعض أصناف الأموال اقتضت حكمتها أن تَخرج عن قاعدة حولان الحول، وهي أصنافٌ خمسة بيانها فيما يأتي:[٤][٥]

  • المُعشِّرات: وهي كلّ ما كان نِصابُه العُشرَ أو نِصفه من حبوبٍ وثمارٍ، ويكون حولها وقت حصادها، أي أنّها تُزكّى عِند الحصاد حال عليها الحول أو لم يَحُل.
  • رِبحُ التّجارة: وهو النّاتِج عن التّجارة، ويكون حَوله حول أَصلِه؛ أي أنّه يُزكّى مع رأسِ المال في حول رأس المال، ولو لم يُتمّ الناتج سنةً في مُلك الإنسان.
  • نَتَاجُ السائمة: وهو ما تولّدَ عن الأنعام السائمة، والأنعام السائمة: هي الأنعام التي لا تُعلَف، بل تَرعى بنفسها من كلأ ونبات الأرض،[١٢] ويكون حولها حول أمّها، أيّ أنّها تُزكّى مع أمّهاتها إذا بَلغَت الأمّهات النّصاب.
  • الرّكَاز: وهو كلّ مالٍ دفنه أهلُ الجاهلية ووجده المسلمون،[١٣] وفيه الخُمُس، تُخرَجُ عند إيجاده فلا يُنتَظَرُ فيها حولان الحول، وهي بهذا كالحُبوبِ والثّمار جميعها تُخرَجُ من الأرض، وزكاتها تَجِبُ بالحصول عليها بعد الحصاد.
  • المعادن: وهي كلّ قَيِّمٍ أُخرِجَ من الأرض؛ كالحديد، والياقوت، والنّفط، وحوله كحول الحبوب والثّمار والرّكاز، ويُزكّى عند إيجاده، ونصابه رُبعُ العُشرِ كنصاب الذّهب.

حكمة مشروعية الزكاة

إنّ الاختلافَ والتّفاوت بين النّاسِ في أموالِهم ومكاسبهم سُنّةٌ من سننِ اللهِ في الأرضِ، فتفضيلُ بعضهم على بعضٍ في الرّزقِ أمرٌ حاصلٌ لا هروب منه، لقوله -تعالى-: (وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ فِي الرِّزقِ)،[١٤] والشّارعُ لمّا وضعَ لنا هذه السّنن أرشدنا لطريقةِ عمَلِها المُثلى؛ ليضْمن لنا حياةً كريمة تُحقّق الطمأنينة لسائر فئات المجتمع الأغنياء منهم والفقراء، إذ جاءَتِ الزّكاة كخطوةٍ أساسيةٍ لِحَلِّ هذا التّفاوت، ولتحقيقِ التّكافل المجتمعي؛ لِيسْمو المجتمع كُلّه دفعةً واحدةً فرداً فرداً، وتتّضحُ جُمْلةُ هذه المعاني من خلال بيان بعض الآثار المُترتبة على الزّكاة، منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • أثر الزّكاة في الإيمان: في أداء الزكاة زيادةٌ في الإيمان؛ فهي فريضةٌ وعملٌ صالحٌ يبتغي بِه العبدُ الأَجرَ، ويسعى بِه لنيلِ رِضوانِ اللهِ -تعالى- عنه، والإخلاص فيها قد يكون سبباً في تكفيرِ الذّنوبِ و دخولِ الجنّة -إن شاء الله-، وهذا أسمى ما يطمح إليه المُسلم.
  • أثر الزّكاة في الأخلاق: في أداء الزّكاة زيادةٌ في الخُلق الكريم؛ لِما تَزرعه في النّفس من حُبٍ للبذلِ والعطاء، وتُربّي الفرد على الامتنان وشكر النعمة، كما وتطهّرُ النّفسَ من الشّرّ، والطّمع، والبخل، والشُّح.
  • أثر الزّكاة في مال المُزكّي: في أداء الزّكاةِ زيادةٌ في بركة المال؛ فهي تُنمّي مالَ المُزَكّي ولا تُنقِصُه، ذلك أن دعم الفقير يعني زيادةَ قوّتهِ الشّرائِية التي ستنعَكِسُ في استهلاكه، وتَمَتّعه بالخدمات التي يُقدّمها التّجار وأصحابُ الأعمالِ من الأغنياء، كما أنها تَصونُ المال عن العين والحسد.
  • أثر الزّكاة في التكافل الاجتماعي: الزّكاة تنطوي على شتّى معاني الأخوة، فبذلُ المالِ فيه مواساةٌ للمعدومينَ وسدٌّ لحاجاتِ المحتاجين،[١٧] كما تقي الزّكاة المجتمعَ مِن آفةِ الفقر والضّعفِ والتّمنّن للغير،[١٥] بالإضافة إلى مساهمتها في توزيع المال بين فئات المجتمع والحدّ من احتكار الأغنياء له،[١٧] وبالتالي تقل الجرائم المالية كالسّرقاتِ والنّهبِ لِما تحقّقه في المجتمع من اكتفاءٍ يُوجب التعفُّف عن أموال الناس.[١٦]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين (2009م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية،www.islamweb.net، صفحة 540، جزء 11. بتصرّف.
  2. محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية، بيت الأفكار الدولية، صفحة 25، جزء 3. بتصرّف.
  3. صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 63. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سعيد القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، الرياض، مطبعة سفير، صفحة 42-48. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن عثيمين (2003م)، فتاوى أركان الإسلام (الطبعة الأولى)، الرياض، دار الثريا، صفحة 421-422. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2379، صحيح.
  8. رواه ابن حزم، في المحلى، عن زيد بن ثابت و عائشة أم المؤمنين و ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 9/229، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 979، صحيح.
  10. مجموعة من المؤلفين (2003-2-3)، “ماهو نصاب زكاة الحبوب وزنا؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28. بتصرّف.
  11. رواه أبو داوود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1573، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين (2002-7-15م)، “كيف تزكى الغنم السائمة وما هو قيد السوم؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين (2008-3-18م)، “ما هو الركاز -ما حكمه- ما السبيل الصحيح لاستخراجه؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  14. سورة النحل، آية: 71.
  15. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا، دار الفكر، صفحة 1790-1791، جزء 3. بتصرّف.
  16. ^ أ ب محمد التويجري (2010 م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية، دار أصداء المجتمع، صفحة 588-589. بتصرّف.
  17. ^ أ ب صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

كيفية إخراج زكاة الذّهب

تُخْرَجُ زكاة الذّهب وجوباً إذا بلغ النّصاب؛ وهو خمسٌ وثمانون (85) غراماً فأكثر، إذا حالَ عليه الحول؛ أيّ مضى على امتلاكه سنة كاملة،[١] وذلك بِاحتسابِ رُبع العشر، وربع العشر هو (2.5%)، ولفعل ذلك طُرقٌ عِدّة، فيما يأتي بيانها:[٢]

  • الطريقة الأولى: بِقسمةِ مجموع غرامات الذهب التي يملكها المُزكّي على أربعين (40)، ويكون النّاتِجُ هو مقدارُ الزّكاة الواجبُ إخراجهُ بالغرامات، على سبيل المثال لو ملك ثمانمئة (800) غراماً من الذّهب، يفعل ما يأتي: (800÷40=20) غراماً، فالواجب عليه إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثانية: بِقسمةِ مجموعِ الغرامات التي يملكها المُزكّي على عشرة (10)، ثُمَّ على أربعة (4)، ويكونُ الناتجُ هو مقدار الزّكاةِ الواجبُ إخراجها، وتطبيقاً على نفس المثال يفعل ما يأتي: (800÷10=80) غراماً، ثم (80÷4=20) غرامً، فالواجب عليه بذلك إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثالثة: لإخراج زكاةِ الذّهب نقداً، كالدّينار مثلاً، يُضرب سعر غرام الذّهب الواحِد بالدّينار بمجموع الغرامات، ثم يُقسم الناتج على (40)؛ أي يتمّ تحويل مجموع الغرامات إلى دنانير ثم إخراج ربع العشر (2.5%) منها، فإذا كان سِعر غرام الذّهب الواحد بالدنانير الآن (36) ديناراً يفعل المُزكّي ما يأتي: 800×36=28.800 ديناراً، وبعد تحويل المجموع الكلي من الذهب إلى دنانير يُخرِجُ ربع العشر (2.5%) بالقسمة على (40): 28.800÷40=720 ديناراً، فيجب عليه بناءً على ذلك إخراج سبعمئة وعشرين (720) ديناراً، وهي قيمة (20) غراماً من الذّهب.

شروط وجوب الزكاة

شروط وجوب الزكاة الخمسة

يُشترط لوجوب إخراج زكاة المال أن يكون الإنسان مُسلِماً، حُرّاً، مالكاً للنّصابِ، وأن يكون المال مُلكاً مُستقِلاً، حال عليه الحول،[٣] وتفصيلُها في ما يأتي:[٤][٥]

  • أن يكونَ المُزكّي مُسلِماً: يُشترطُ في وجوبِ الزّكاةِ أن يكونَ مُؤدّيها مُسلِماً، فالزّكاةُ مِن أًركانِ الإِسلام ولا تُقبَلُ مِن غير المسلم، وقد قال مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لِيَدعوهُم إلى الإِسلام: (بَعَثَنِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ: إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ، فادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ).[٦]
  • أن يَكونَ حُرّاً: وعكسُ الحريةِ العبوديّة، والعبدُ المَملوك لا يملكُ لِنفسهِ شيئاً، فهو ومتاعهُ و مالهُ ملكٌ لِسيّدهِ، وهذا ما ثبت بحديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وله مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ)،[٧] فما دامت الزَّكاة محلّها الأموالُ غالباً و العبد لا مالَ لهُ؛ سَقطتْ وجوبِيّتُها عن العبيد، كما لا تَجِبُ على المُكاتِب لأنه ما زال عبداً؛ والمُكاتِب: هو العبدُ الذي اتّفَقَ مع سيّده أن يُعْتِقهُ بِثَمن، كمن يشتري نفسه، إذ لا يصبح المُكاتِبُ حُرّاً حتى يُتِمَّ الثّمن المُتّفقّ عليه، فعن زيدِ بنِ ثابتٍ وعائشةَ أمِّ المؤمنين وابنِ عمرَ -رضوان الله عليهم- قالوا: (المكاتبُ عبدٌ ما بقي عليه درهمٌ).[٨]
  • أن يملِكَ نِصابَ المالِ: والنّصابُ هو نِسبَةٌ مُقَدّرَةٌ شَرعاً إذا بَلغَها الإنسانُ في مالهِ كانَ غَنياً ووجبت عليه زكاةُ هذا المال، أمّا إذا لم يَبلُغها فلا زكاة عليهِ، وتَختلفُ الأنصِبَة من صِنفٍ لِآخر؛ فزكاةُ الذّهبِ كما مرّ سابقاً تُقَدّرُ برُبْعِ العُشر (2.5%)، و زكاةُ الحُبوبِ خَمسةُ أوسقٍ أقرّها بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح حين قال: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)[٩] والوَسَقُ: أيّ ستين صاعاً (60) وهو ما يقارب (672) كيلو غرام.[١٠]
  • أن يكون المُلكُ مُستَقِلاً: أي أن يملكَ المزكّي حُريّةَ التّصرُّفِ في ماله فلا يشاركه فيه أَحد، و يُعَبَّرُ عن هذا الشرطِ أَيضاً بِتَمامِ الملكِ أو استقرارِ الملك، ولتَمامِه أَو استقرارِه صورٌ عدّة؛ إذ لا زكاة على السيّدِ في مال المكاتب الذي لَمْ يَدفَعْهُ العبدُ بعد، لأَنّ عجزه عن دفعه يُسقِطُ الدّين ويبقى مملوكاً لسيّده، فَلا يكون السّيّد قَد تَملّك المال تملُّكاً مستقلاً ولذا لا زكاة فيه، كذلك هو الحالُ في الحبوبِ والثّمار التي لَمْ تُحْصَد أو تُقْطَف بعد، إذ لا تَجب فيها الزّكاةُ إلّا إذا تَمكّنَ المُزكّي مِنها بِقطفِها وحَصدِها، فلو أصابَتْها جَائِحة قَبلَ قطفها فَأهلكتِ المحصول؛ فلا تجب الزّكاة في مالِ صاحبها لأنّها لَم تستقر في مُلكِه بعد.
  • أن يحول عليها الحول: ومعناه ألّا زكاةَ في مالٍ حتّى يَتملّكهُ الإنسان سَنةً كاملةً، ويؤيّد ذلك عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم والصحابة -رضوان الله عليهم- لحديث عليّ -رضي الله عنه-، فقال: (ليسَ في مالٍ زكاةٌ حتى يحولَ عليهِ الحَوْلُ)،[١١] فتَسقُطُ الزّكاةُ إذا هلك المال أو مات الإنسان قبل حلول الحول.

الاستثناء في شرط حولان الحول

يعتبر حولان الحول شرطاً أساسياً في وجوب الزكاة، والحولُ مُدّةٌ قدّرها الشارع الحكيم لتحقيق العدالة بين الأغنياء والفقراء، فكما في تطويلها ضررٌ على الفقراء كان في تقصيرها إجحافٌ على الأغنياء، إلّا أن بعض أصناف الأموال اقتضت حكمتها أن تَخرج عن قاعدة حولان الحول، وهي أصنافٌ خمسة بيانها فيما يأتي:[٤][٥]

  • المُعشِّرات: وهي كلّ ما كان نِصابُه العُشرَ أو نِصفه من حبوبٍ وثمارٍ، ويكون حولها وقت حصادها، أي أنّها تُزكّى عِند الحصاد حال عليها الحول أو لم يَحُل.
  • رِبحُ التّجارة: وهو النّاتِج عن التّجارة، ويكون حَوله حول أَصلِه؛ أي أنّه يُزكّى مع رأسِ المال في حول رأس المال، ولو لم يُتمّ الناتج سنةً في مُلك الإنسان.
  • نَتَاجُ السائمة: وهو ما تولّدَ عن الأنعام السائمة، والأنعام السائمة: هي الأنعام التي لا تُعلَف، بل تَرعى بنفسها من كلأ ونبات الأرض،[١٢] ويكون حولها حول أمّها، أيّ أنّها تُزكّى مع أمّهاتها إذا بَلغَت الأمّهات النّصاب.
  • الرّكَاز: وهو كلّ مالٍ دفنه أهلُ الجاهلية ووجده المسلمون،[١٣] وفيه الخُمُس، تُخرَجُ عند إيجاده فلا يُنتَظَرُ فيها حولان الحول، وهي بهذا كالحُبوبِ والثّمار جميعها تُخرَجُ من الأرض، وزكاتها تَجِبُ بالحصول عليها بعد الحصاد.
  • المعادن: وهي كلّ قَيِّمٍ أُخرِجَ من الأرض؛ كالحديد، والياقوت، والنّفط، وحوله كحول الحبوب والثّمار والرّكاز، ويُزكّى عند إيجاده، ونصابه رُبعُ العُشرِ كنصاب الذّهب.

حكمة مشروعية الزكاة

إنّ الاختلافَ والتّفاوت بين النّاسِ في أموالِهم ومكاسبهم سُنّةٌ من سننِ اللهِ في الأرضِ، فتفضيلُ بعضهم على بعضٍ في الرّزقِ أمرٌ حاصلٌ لا هروب منه، لقوله -تعالى-: (وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ فِي الرِّزقِ)،[١٤] والشّارعُ لمّا وضعَ لنا هذه السّنن أرشدنا لطريقةِ عمَلِها المُثلى؛ ليضْمن لنا حياةً كريمة تُحقّق الطمأنينة لسائر فئات المجتمع الأغنياء منهم والفقراء، إذ جاءَتِ الزّكاة كخطوةٍ أساسيةٍ لِحَلِّ هذا التّفاوت، ولتحقيقِ التّكافل المجتمعي؛ لِيسْمو المجتمع كُلّه دفعةً واحدةً فرداً فرداً، وتتّضحُ جُمْلةُ هذه المعاني من خلال بيان بعض الآثار المُترتبة على الزّكاة، منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • أثر الزّكاة في الإيمان: في أداء الزكاة زيادةٌ في الإيمان؛ فهي فريضةٌ وعملٌ صالحٌ يبتغي بِه العبدُ الأَجرَ، ويسعى بِه لنيلِ رِضوانِ اللهِ -تعالى- عنه، والإخلاص فيها قد يكون سبباً في تكفيرِ الذّنوبِ و دخولِ الجنّة -إن شاء الله-، وهذا أسمى ما يطمح إليه المُسلم.
  • أثر الزّكاة في الأخلاق: في أداء الزّكاة زيادةٌ في الخُلق الكريم؛ لِما تَزرعه في النّفس من حُبٍ للبذلِ والعطاء، وتُربّي الفرد على الامتنان وشكر النعمة، كما وتطهّرُ النّفسَ من الشّرّ، والطّمع، والبخل، والشُّح.
  • أثر الزّكاة في مال المُزكّي: في أداء الزّكاةِ زيادةٌ في بركة المال؛ فهي تُنمّي مالَ المُزَكّي ولا تُنقِصُه، ذلك أن دعم الفقير يعني زيادةَ قوّتهِ الشّرائِية التي ستنعَكِسُ في استهلاكه، وتَمَتّعه بالخدمات التي يُقدّمها التّجار وأصحابُ الأعمالِ من الأغنياء، كما أنها تَصونُ المال عن العين والحسد.
  • أثر الزّكاة في التكافل الاجتماعي: الزّكاة تنطوي على شتّى معاني الأخوة، فبذلُ المالِ فيه مواساةٌ للمعدومينَ وسدٌّ لحاجاتِ المحتاجين،[١٧] كما تقي الزّكاة المجتمعَ مِن آفةِ الفقر والضّعفِ والتّمنّن للغير،[١٥] بالإضافة إلى مساهمتها في توزيع المال بين فئات المجتمع والحدّ من احتكار الأغنياء له،[١٧] وبالتالي تقل الجرائم المالية كالسّرقاتِ والنّهبِ لِما تحقّقه في المجتمع من اكتفاءٍ يُوجب التعفُّف عن أموال الناس.[١٦]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين (2009م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية،www.islamweb.net، صفحة 540، جزء 11. بتصرّف.
  2. محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية، بيت الأفكار الدولية، صفحة 25، جزء 3. بتصرّف.
  3. صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 63. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سعيد القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، الرياض، مطبعة سفير، صفحة 42-48. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن عثيمين (2003م)، فتاوى أركان الإسلام (الطبعة الأولى)، الرياض، دار الثريا، صفحة 421-422. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2379، صحيح.
  8. رواه ابن حزم، في المحلى، عن زيد بن ثابت و عائشة أم المؤمنين و ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 9/229، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 979، صحيح.
  10. مجموعة من المؤلفين (2003-2-3)، “ماهو نصاب زكاة الحبوب وزنا؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28. بتصرّف.
  11. رواه أبو داوود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1573، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين (2002-7-15م)، “كيف تزكى الغنم السائمة وما هو قيد السوم؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين (2008-3-18م)، “ما هو الركاز -ما حكمه- ما السبيل الصحيح لاستخراجه؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  14. سورة النحل، آية: 71.
  15. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا، دار الفكر، صفحة 1790-1791، جزء 3. بتصرّف.
  16. ^ أ ب محمد التويجري (2010 م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية، دار أصداء المجتمع، صفحة 588-589. بتصرّف.
  17. ^ أ ب صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

كيفية إخراج زكاة الذّهب

تُخْرَجُ زكاة الذّهب وجوباً إذا بلغ النّصاب؛ وهو خمسٌ وثمانون (85) غراماً فأكثر، إذا حالَ عليه الحول؛ أيّ مضى على امتلاكه سنة كاملة،[١] وذلك بِاحتسابِ رُبع العشر، وربع العشر هو (2.5%)، ولفعل ذلك طُرقٌ عِدّة، فيما يأتي بيانها:[٢]

  • الطريقة الأولى: بِقسمةِ مجموع غرامات الذهب التي يملكها المُزكّي على أربعين (40)، ويكون النّاتِجُ هو مقدارُ الزّكاة الواجبُ إخراجهُ بالغرامات، على سبيل المثال لو ملك ثمانمئة (800) غراماً من الذّهب، يفعل ما يأتي: (800÷40=20) غراماً، فالواجب عليه إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثانية: بِقسمةِ مجموعِ الغرامات التي يملكها المُزكّي على عشرة (10)، ثُمَّ على أربعة (4)، ويكونُ الناتجُ هو مقدار الزّكاةِ الواجبُ إخراجها، وتطبيقاً على نفس المثال يفعل ما يأتي: (800÷10=80) غراماً، ثم (80÷4=20) غرامً، فالواجب عليه بذلك إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثالثة: لإخراج زكاةِ الذّهب نقداً، كالدّينار مثلاً، يُضرب سعر غرام الذّهب الواحِد بالدّينار بمجموع الغرامات، ثم يُقسم الناتج على (40)؛ أي يتمّ تحويل مجموع الغرامات إلى دنانير ثم إخراج ربع العشر (2.5%) منها، فإذا كان سِعر غرام الذّهب الواحد بالدنانير الآن (36) ديناراً يفعل المُزكّي ما يأتي: 800×36=28.800 ديناراً، وبعد تحويل المجموع الكلي من الذهب إلى دنانير يُخرِجُ ربع العشر (2.5%) بالقسمة على (40): 28.800÷40=720 ديناراً، فيجب عليه بناءً على ذلك إخراج سبعمئة وعشرين (720) ديناراً، وهي قيمة (20) غراماً من الذّهب.

شروط وجوب الزكاة

شروط وجوب الزكاة الخمسة

يُشترط لوجوب إخراج زكاة المال أن يكون الإنسان مُسلِماً، حُرّاً، مالكاً للنّصابِ، وأن يكون المال مُلكاً مُستقِلاً، حال عليه الحول،[٣] وتفصيلُها في ما يأتي:[٤][٥]

  • أن يكونَ المُزكّي مُسلِماً: يُشترطُ في وجوبِ الزّكاةِ أن يكونَ مُؤدّيها مُسلِماً، فالزّكاةُ مِن أًركانِ الإِسلام ولا تُقبَلُ مِن غير المسلم، وقد قال مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لِيَدعوهُم إلى الإِسلام: (بَعَثَنِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ: إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ، فادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ).[٦]
  • أن يَكونَ حُرّاً: وعكسُ الحريةِ العبوديّة، والعبدُ المَملوك لا يملكُ لِنفسهِ شيئاً، فهو ومتاعهُ و مالهُ ملكٌ لِسيّدهِ، وهذا ما ثبت بحديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وله مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ)،[٧] فما دامت الزَّكاة محلّها الأموالُ غالباً و العبد لا مالَ لهُ؛ سَقطتْ وجوبِيّتُها عن العبيد، كما لا تَجِبُ على المُكاتِب لأنه ما زال عبداً؛ والمُكاتِب: هو العبدُ الذي اتّفَقَ مع سيّده أن يُعْتِقهُ بِثَمن، كمن يشتري نفسه، إذ لا يصبح المُكاتِبُ حُرّاً حتى يُتِمَّ الثّمن المُتّفقّ عليه، فعن زيدِ بنِ ثابتٍ وعائشةَ أمِّ المؤمنين وابنِ عمرَ -رضوان الله عليهم- قالوا: (المكاتبُ عبدٌ ما بقي عليه درهمٌ).[٨]
  • أن يملِكَ نِصابَ المالِ: والنّصابُ هو نِسبَةٌ مُقَدّرَةٌ شَرعاً إذا بَلغَها الإنسانُ في مالهِ كانَ غَنياً ووجبت عليه زكاةُ هذا المال، أمّا إذا لم يَبلُغها فلا زكاة عليهِ، وتَختلفُ الأنصِبَة من صِنفٍ لِآخر؛ فزكاةُ الذّهبِ كما مرّ سابقاً تُقَدّرُ برُبْعِ العُشر (2.5%)، و زكاةُ الحُبوبِ خَمسةُ أوسقٍ أقرّها بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح حين قال: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)[٩] والوَسَقُ: أيّ ستين صاعاً (60) وهو ما يقارب (672) كيلو غرام.[١٠]
  • أن يكون المُلكُ مُستَقِلاً: أي أن يملكَ المزكّي حُريّةَ التّصرُّفِ في ماله فلا يشاركه فيه أَحد، و يُعَبَّرُ عن هذا الشرطِ أَيضاً بِتَمامِ الملكِ أو استقرارِ الملك، ولتَمامِه أَو استقرارِه صورٌ عدّة؛ إذ لا زكاة على السيّدِ في مال المكاتب الذي لَمْ يَدفَعْهُ العبدُ بعد، لأَنّ عجزه عن دفعه يُسقِطُ الدّين ويبقى مملوكاً لسيّده، فَلا يكون السّيّد قَد تَملّك المال تملُّكاً مستقلاً ولذا لا زكاة فيه، كذلك هو الحالُ في الحبوبِ والثّمار التي لَمْ تُحْصَد أو تُقْطَف بعد، إذ لا تَجب فيها الزّكاةُ إلّا إذا تَمكّنَ المُزكّي مِنها بِقطفِها وحَصدِها، فلو أصابَتْها جَائِحة قَبلَ قطفها فَأهلكتِ المحصول؛ فلا تجب الزّكاة في مالِ صاحبها لأنّها لَم تستقر في مُلكِه بعد.
  • أن يحول عليها الحول: ومعناه ألّا زكاةَ في مالٍ حتّى يَتملّكهُ الإنسان سَنةً كاملةً، ويؤيّد ذلك عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم والصحابة -رضوان الله عليهم- لحديث عليّ -رضي الله عنه-، فقال: (ليسَ في مالٍ زكاةٌ حتى يحولَ عليهِ الحَوْلُ)،[١١] فتَسقُطُ الزّكاةُ إذا هلك المال أو مات الإنسان قبل حلول الحول.

الاستثناء في شرط حولان الحول

يعتبر حولان الحول شرطاً أساسياً في وجوب الزكاة، والحولُ مُدّةٌ قدّرها الشارع الحكيم لتحقيق العدالة بين الأغنياء والفقراء، فكما في تطويلها ضررٌ على الفقراء كان في تقصيرها إجحافٌ على الأغنياء، إلّا أن بعض أصناف الأموال اقتضت حكمتها أن تَخرج عن قاعدة حولان الحول، وهي أصنافٌ خمسة بيانها فيما يأتي:[٤][٥]

  • المُعشِّرات: وهي كلّ ما كان نِصابُه العُشرَ أو نِصفه من حبوبٍ وثمارٍ، ويكون حولها وقت حصادها، أي أنّها تُزكّى عِند الحصاد حال عليها الحول أو لم يَحُل.
  • رِبحُ التّجارة: وهو النّاتِج عن التّجارة، ويكون حَوله حول أَصلِه؛ أي أنّه يُزكّى مع رأسِ المال في حول رأس المال، ولو لم يُتمّ الناتج سنةً في مُلك الإنسان.
  • نَتَاجُ السائمة: وهو ما تولّدَ عن الأنعام السائمة، والأنعام السائمة: هي الأنعام التي لا تُعلَف، بل تَرعى بنفسها من كلأ ونبات الأرض،[١٢] ويكون حولها حول أمّها، أيّ أنّها تُزكّى مع أمّهاتها إذا بَلغَت الأمّهات النّصاب.
  • الرّكَاز: وهو كلّ مالٍ دفنه أهلُ الجاهلية ووجده المسلمون،[١٣] وفيه الخُمُس، تُخرَجُ عند إيجاده فلا يُنتَظَرُ فيها حولان الحول، وهي بهذا كالحُبوبِ والثّمار جميعها تُخرَجُ من الأرض، وزكاتها تَجِبُ بالحصول عليها بعد الحصاد.
  • المعادن: وهي كلّ قَيِّمٍ أُخرِجَ من الأرض؛ كالحديد، والياقوت، والنّفط، وحوله كحول الحبوب والثّمار والرّكاز، ويُزكّى عند إيجاده، ونصابه رُبعُ العُشرِ كنصاب الذّهب.

حكمة مشروعية الزكاة

إنّ الاختلافَ والتّفاوت بين النّاسِ في أموالِهم ومكاسبهم سُنّةٌ من سننِ اللهِ في الأرضِ، فتفضيلُ بعضهم على بعضٍ في الرّزقِ أمرٌ حاصلٌ لا هروب منه، لقوله -تعالى-: (وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ فِي الرِّزقِ)،[١٤] والشّارعُ لمّا وضعَ لنا هذه السّنن أرشدنا لطريقةِ عمَلِها المُثلى؛ ليضْمن لنا حياةً كريمة تُحقّق الطمأنينة لسائر فئات المجتمع الأغنياء منهم والفقراء، إذ جاءَتِ الزّكاة كخطوةٍ أساسيةٍ لِحَلِّ هذا التّفاوت، ولتحقيقِ التّكافل المجتمعي؛ لِيسْمو المجتمع كُلّه دفعةً واحدةً فرداً فرداً، وتتّضحُ جُمْلةُ هذه المعاني من خلال بيان بعض الآثار المُترتبة على الزّكاة، منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • أثر الزّكاة في الإيمان: في أداء الزكاة زيادةٌ في الإيمان؛ فهي فريضةٌ وعملٌ صالحٌ يبتغي بِه العبدُ الأَجرَ، ويسعى بِه لنيلِ رِضوانِ اللهِ -تعالى- عنه، والإخلاص فيها قد يكون سبباً في تكفيرِ الذّنوبِ و دخولِ الجنّة -إن شاء الله-، وهذا أسمى ما يطمح إليه المُسلم.
  • أثر الزّكاة في الأخلاق: في أداء الزّكاة زيادةٌ في الخُلق الكريم؛ لِما تَزرعه في النّفس من حُبٍ للبذلِ والعطاء، وتُربّي الفرد على الامتنان وشكر النعمة، كما وتطهّرُ النّفسَ من الشّرّ، والطّمع، والبخل، والشُّح.
  • أثر الزّكاة في مال المُزكّي: في أداء الزّكاةِ زيادةٌ في بركة المال؛ فهي تُنمّي مالَ المُزَكّي ولا تُنقِصُه، ذلك أن دعم الفقير يعني زيادةَ قوّتهِ الشّرائِية التي ستنعَكِسُ في استهلاكه، وتَمَتّعه بالخدمات التي يُقدّمها التّجار وأصحابُ الأعمالِ من الأغنياء، كما أنها تَصونُ المال عن العين والحسد.
  • أثر الزّكاة في التكافل الاجتماعي: الزّكاة تنطوي على شتّى معاني الأخوة، فبذلُ المالِ فيه مواساةٌ للمعدومينَ وسدٌّ لحاجاتِ المحتاجين،[١٧] كما تقي الزّكاة المجتمعَ مِن آفةِ الفقر والضّعفِ والتّمنّن للغير،[١٥] بالإضافة إلى مساهمتها في توزيع المال بين فئات المجتمع والحدّ من احتكار الأغنياء له،[١٧] وبالتالي تقل الجرائم المالية كالسّرقاتِ والنّهبِ لِما تحقّقه في المجتمع من اكتفاءٍ يُوجب التعفُّف عن أموال الناس.[١٦]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين (2009م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية،www.islamweb.net، صفحة 540، جزء 11. بتصرّف.
  2. محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية، بيت الأفكار الدولية، صفحة 25، جزء 3. بتصرّف.
  3. صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 63. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سعيد القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، الرياض، مطبعة سفير، صفحة 42-48. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن عثيمين (2003م)، فتاوى أركان الإسلام (الطبعة الأولى)، الرياض، دار الثريا، صفحة 421-422. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2379، صحيح.
  8. رواه ابن حزم، في المحلى، عن زيد بن ثابت و عائشة أم المؤمنين و ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 9/229، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 979، صحيح.
  10. مجموعة من المؤلفين (2003-2-3)، “ماهو نصاب زكاة الحبوب وزنا؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28. بتصرّف.
  11. رواه أبو داوود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1573، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين (2002-7-15م)، “كيف تزكى الغنم السائمة وما هو قيد السوم؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين (2008-3-18م)، “ما هو الركاز -ما حكمه- ما السبيل الصحيح لاستخراجه؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  14. سورة النحل، آية: 71.
  15. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا، دار الفكر، صفحة 1790-1791، جزء 3. بتصرّف.
  16. ^ أ ب محمد التويجري (2010 م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية، دار أصداء المجتمع، صفحة 588-589. بتصرّف.
  17. ^ أ ب صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

كيفية إخراج زكاة الذّهب

تُخْرَجُ زكاة الذّهب وجوباً إذا بلغ النّصاب؛ وهو خمسٌ وثمانون (85) غراماً فأكثر، إذا حالَ عليه الحول؛ أيّ مضى على امتلاكه سنة كاملة،[١] وذلك بِاحتسابِ رُبع العشر، وربع العشر هو (2.5%)، ولفعل ذلك طُرقٌ عِدّة، فيما يأتي بيانها:[٢]

  • الطريقة الأولى: بِقسمةِ مجموع غرامات الذهب التي يملكها المُزكّي على أربعين (40)، ويكون النّاتِجُ هو مقدارُ الزّكاة الواجبُ إخراجهُ بالغرامات، على سبيل المثال لو ملك ثمانمئة (800) غراماً من الذّهب، يفعل ما يأتي: (800÷40=20) غراماً، فالواجب عليه إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثانية: بِقسمةِ مجموعِ الغرامات التي يملكها المُزكّي على عشرة (10)، ثُمَّ على أربعة (4)، ويكونُ الناتجُ هو مقدار الزّكاةِ الواجبُ إخراجها، وتطبيقاً على نفس المثال يفعل ما يأتي: (800÷10=80) غراماً، ثم (80÷4=20) غرامً، فالواجب عليه بذلك إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثالثة: لإخراج زكاةِ الذّهب نقداً، كالدّينار مثلاً، يُضرب سعر غرام الذّهب الواحِد بالدّينار بمجموع الغرامات، ثم يُقسم الناتج على (40)؛ أي يتمّ تحويل مجموع الغرامات إلى دنانير ثم إخراج ربع العشر (2.5%) منها، فإذا كان سِعر غرام الذّهب الواحد بالدنانير الآن (36) ديناراً يفعل المُزكّي ما يأتي: 800×36=28.800 ديناراً، وبعد تحويل المجموع الكلي من الذهب إلى دنانير يُخرِجُ ربع العشر (2.5%) بالقسمة على (40): 28.800÷40=720 ديناراً، فيجب عليه بناءً على ذلك إخراج سبعمئة وعشرين (720) ديناراً، وهي قيمة (20) غراماً من الذّهب.

شروط وجوب الزكاة

شروط وجوب الزكاة الخمسة

يُشترط لوجوب إخراج زكاة المال أن يكون الإنسان مُسلِماً، حُرّاً، مالكاً للنّصابِ، وأن يكون المال مُلكاً مُستقِلاً، حال عليه الحول،[٣] وتفصيلُها في ما يأتي:[٤][٥]

  • أن يكونَ المُزكّي مُسلِماً: يُشترطُ في وجوبِ الزّكاةِ أن يكونَ مُؤدّيها مُسلِماً، فالزّكاةُ مِن أًركانِ الإِسلام ولا تُقبَلُ مِن غير المسلم، وقد قال مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لِيَدعوهُم إلى الإِسلام: (بَعَثَنِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ: إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ، فادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ).[٦]
  • أن يَكونَ حُرّاً: وعكسُ الحريةِ العبوديّة، والعبدُ المَملوك لا يملكُ لِنفسهِ شيئاً، فهو ومتاعهُ و مالهُ ملكٌ لِسيّدهِ، وهذا ما ثبت بحديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وله مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ)،[٧] فما دامت الزَّكاة محلّها الأموالُ غالباً و العبد لا مالَ لهُ؛ سَقطتْ وجوبِيّتُها عن العبيد، كما لا تَجِبُ على المُكاتِب لأنه ما زال عبداً؛ والمُكاتِب: هو العبدُ الذي اتّفَقَ مع سيّده أن يُعْتِقهُ بِثَمن، كمن يشتري نفسه، إذ لا يصبح المُكاتِبُ حُرّاً حتى يُتِمَّ الثّمن المُتّفقّ عليه، فعن زيدِ بنِ ثابتٍ وعائشةَ أمِّ المؤمنين وابنِ عمرَ -رضوان الله عليهم- قالوا: (المكاتبُ عبدٌ ما بقي عليه درهمٌ).[٨]
  • أن يملِكَ نِصابَ المالِ: والنّصابُ هو نِسبَةٌ مُقَدّرَةٌ شَرعاً إذا بَلغَها الإنسانُ في مالهِ كانَ غَنياً ووجبت عليه زكاةُ هذا المال، أمّا إذا لم يَبلُغها فلا زكاة عليهِ، وتَختلفُ الأنصِبَة من صِنفٍ لِآخر؛ فزكاةُ الذّهبِ كما مرّ سابقاً تُقَدّرُ برُبْعِ العُشر (2.5%)، و زكاةُ الحُبوبِ خَمسةُ أوسقٍ أقرّها بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح حين قال: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)[٩] والوَسَقُ: أيّ ستين صاعاً (60) وهو ما يقارب (672) كيلو غرام.[١٠]
  • أن يكون المُلكُ مُستَقِلاً: أي أن يملكَ المزكّي حُريّةَ التّصرُّفِ في ماله فلا يشاركه فيه أَحد، و يُعَبَّرُ عن هذا الشرطِ أَيضاً بِتَمامِ الملكِ أو استقرارِ الملك، ولتَمامِه أَو استقرارِه صورٌ عدّة؛ إذ لا زكاة على السيّدِ في مال المكاتب الذي لَمْ يَدفَعْهُ العبدُ بعد، لأَنّ عجزه عن دفعه يُسقِطُ الدّين ويبقى مملوكاً لسيّده، فَلا يكون السّيّد قَد تَملّك المال تملُّكاً مستقلاً ولذا لا زكاة فيه، كذلك هو الحالُ في الحبوبِ والثّمار التي لَمْ تُحْصَد أو تُقْطَف بعد، إذ لا تَجب فيها الزّكاةُ إلّا إذا تَمكّنَ المُزكّي مِنها بِقطفِها وحَصدِها، فلو أصابَتْها جَائِحة قَبلَ قطفها فَأهلكتِ المحصول؛ فلا تجب الزّكاة في مالِ صاحبها لأنّها لَم تستقر في مُلكِه بعد.
  • أن يحول عليها الحول: ومعناه ألّا زكاةَ في مالٍ حتّى يَتملّكهُ الإنسان سَنةً كاملةً، ويؤيّد ذلك عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم والصحابة -رضوان الله عليهم- لحديث عليّ -رضي الله عنه-، فقال: (ليسَ في مالٍ زكاةٌ حتى يحولَ عليهِ الحَوْلُ)،[١١] فتَسقُطُ الزّكاةُ إذا هلك المال أو مات الإنسان قبل حلول الحول.

الاستثناء في شرط حولان الحول

يعتبر حولان الحول شرطاً أساسياً في وجوب الزكاة، والحولُ مُدّةٌ قدّرها الشارع الحكيم لتحقيق العدالة بين الأغنياء والفقراء، فكما في تطويلها ضررٌ على الفقراء كان في تقصيرها إجحافٌ على الأغنياء، إلّا أن بعض أصناف الأموال اقتضت حكمتها أن تَخرج عن قاعدة حولان الحول، وهي أصنافٌ خمسة بيانها فيما يأتي:[٤][٥]

  • المُعشِّرات: وهي كلّ ما كان نِصابُه العُشرَ أو نِصفه من حبوبٍ وثمارٍ، ويكون حولها وقت حصادها، أي أنّها تُزكّى عِند الحصاد حال عليها الحول أو لم يَحُل.
  • رِبحُ التّجارة: وهو النّاتِج عن التّجارة، ويكون حَوله حول أَصلِه؛ أي أنّه يُزكّى مع رأسِ المال في حول رأس المال، ولو لم يُتمّ الناتج سنةً في مُلك الإنسان.
  • نَتَاجُ السائمة: وهو ما تولّدَ عن الأنعام السائمة، والأنعام السائمة: هي الأنعام التي لا تُعلَف، بل تَرعى بنفسها من كلأ ونبات الأرض،[١٢] ويكون حولها حول أمّها، أيّ أنّها تُزكّى مع أمّهاتها إذا بَلغَت الأمّهات النّصاب.
  • الرّكَاز: وهو كلّ مالٍ دفنه أهلُ الجاهلية ووجده المسلمون،[١٣] وفيه الخُمُس، تُخرَجُ عند إيجاده فلا يُنتَظَرُ فيها حولان الحول، وهي بهذا كالحُبوبِ والثّمار جميعها تُخرَجُ من الأرض، وزكاتها تَجِبُ بالحصول عليها بعد الحصاد.
  • المعادن: وهي كلّ قَيِّمٍ أُخرِجَ من الأرض؛ كالحديد، والياقوت، والنّفط، وحوله كحول الحبوب والثّمار والرّكاز، ويُزكّى عند إيجاده، ونصابه رُبعُ العُشرِ كنصاب الذّهب.

حكمة مشروعية الزكاة

إنّ الاختلافَ والتّفاوت بين النّاسِ في أموالِهم ومكاسبهم سُنّةٌ من سننِ اللهِ في الأرضِ، فتفضيلُ بعضهم على بعضٍ في الرّزقِ أمرٌ حاصلٌ لا هروب منه، لقوله -تعالى-: (وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ فِي الرِّزقِ)،[١٤] والشّارعُ لمّا وضعَ لنا هذه السّنن أرشدنا لطريقةِ عمَلِها المُثلى؛ ليضْمن لنا حياةً كريمة تُحقّق الطمأنينة لسائر فئات المجتمع الأغنياء منهم والفقراء، إذ جاءَتِ الزّكاة كخطوةٍ أساسيةٍ لِحَلِّ هذا التّفاوت، ولتحقيقِ التّكافل المجتمعي؛ لِيسْمو المجتمع كُلّه دفعةً واحدةً فرداً فرداً، وتتّضحُ جُمْلةُ هذه المعاني من خلال بيان بعض الآثار المُترتبة على الزّكاة، منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • أثر الزّكاة في الإيمان: في أداء الزكاة زيادةٌ في الإيمان؛ فهي فريضةٌ وعملٌ صالحٌ يبتغي بِه العبدُ الأَجرَ، ويسعى بِه لنيلِ رِضوانِ اللهِ -تعالى- عنه، والإخلاص فيها قد يكون سبباً في تكفيرِ الذّنوبِ و دخولِ الجنّة -إن شاء الله-، وهذا أسمى ما يطمح إليه المُسلم.
  • أثر الزّكاة في الأخلاق: في أداء الزّكاة زيادةٌ في الخُلق الكريم؛ لِما تَزرعه في النّفس من حُبٍ للبذلِ والعطاء، وتُربّي الفرد على الامتنان وشكر النعمة، كما وتطهّرُ النّفسَ من الشّرّ، والطّمع، والبخل، والشُّح.
  • أثر الزّكاة في مال المُزكّي: في أداء الزّكاةِ زيادةٌ في بركة المال؛ فهي تُنمّي مالَ المُزَكّي ولا تُنقِصُه، ذلك أن دعم الفقير يعني زيادةَ قوّتهِ الشّرائِية التي ستنعَكِسُ في استهلاكه، وتَمَتّعه بالخدمات التي يُقدّمها التّجار وأصحابُ الأعمالِ من الأغنياء، كما أنها تَصونُ المال عن العين والحسد.
  • أثر الزّكاة في التكافل الاجتماعي: الزّكاة تنطوي على شتّى معاني الأخوة، فبذلُ المالِ فيه مواساةٌ للمعدومينَ وسدٌّ لحاجاتِ المحتاجين،[١٧] كما تقي الزّكاة المجتمعَ مِن آفةِ الفقر والضّعفِ والتّمنّن للغير،[١٥] بالإضافة إلى مساهمتها في توزيع المال بين فئات المجتمع والحدّ من احتكار الأغنياء له،[١٧] وبالتالي تقل الجرائم المالية كالسّرقاتِ والنّهبِ لِما تحقّقه في المجتمع من اكتفاءٍ يُوجب التعفُّف عن أموال الناس.[١٦]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين (2009م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية،www.islamweb.net، صفحة 540، جزء 11. بتصرّف.
  2. محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية، بيت الأفكار الدولية، صفحة 25، جزء 3. بتصرّف.
  3. صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 63. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سعيد القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، الرياض، مطبعة سفير، صفحة 42-48. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن عثيمين (2003م)، فتاوى أركان الإسلام (الطبعة الأولى)، الرياض، دار الثريا، صفحة 421-422. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2379، صحيح.
  8. رواه ابن حزم، في المحلى، عن زيد بن ثابت و عائشة أم المؤمنين و ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 9/229، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 979، صحيح.
  10. مجموعة من المؤلفين (2003-2-3)، “ماهو نصاب زكاة الحبوب وزنا؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28. بتصرّف.
  11. رواه أبو داوود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1573، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين (2002-7-15م)، “كيف تزكى الغنم السائمة وما هو قيد السوم؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين (2008-3-18م)، “ما هو الركاز -ما حكمه- ما السبيل الصحيح لاستخراجه؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  14. سورة النحل، آية: 71.
  15. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا، دار الفكر، صفحة 1790-1791، جزء 3. بتصرّف.
  16. ^ أ ب محمد التويجري (2010 م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية، دار أصداء المجتمع، صفحة 588-589. بتصرّف.
  17. ^ أ ب صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

كيفية إخراج زكاة الذّهب

تُخْرَجُ زكاة الذّهب وجوباً إذا بلغ النّصاب؛ وهو خمسٌ وثمانون (85) غراماً فأكثر، إذا حالَ عليه الحول؛ أيّ مضى على امتلاكه سنة كاملة،[١] وذلك بِاحتسابِ رُبع العشر، وربع العشر هو (2.5%)، ولفعل ذلك طُرقٌ عِدّة، فيما يأتي بيانها:[٢]

  • الطريقة الأولى: بِقسمةِ مجموع غرامات الذهب التي يملكها المُزكّي على أربعين (40)، ويكون النّاتِجُ هو مقدارُ الزّكاة الواجبُ إخراجهُ بالغرامات، على سبيل المثال لو ملك ثمانمئة (800) غراماً من الذّهب، يفعل ما يأتي: (800÷40=20) غراماً، فالواجب عليه إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثانية: بِقسمةِ مجموعِ الغرامات التي يملكها المُزكّي على عشرة (10)، ثُمَّ على أربعة (4)، ويكونُ الناتجُ هو مقدار الزّكاةِ الواجبُ إخراجها، وتطبيقاً على نفس المثال يفعل ما يأتي: (800÷10=80) غراماً، ثم (80÷4=20) غرامً، فالواجب عليه بذلك إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثالثة: لإخراج زكاةِ الذّهب نقداً، كالدّينار مثلاً، يُضرب سعر غرام الذّهب الواحِد بالدّينار بمجموع الغرامات، ثم يُقسم الناتج على (40)؛ أي يتمّ تحويل مجموع الغرامات إلى دنانير ثم إخراج ربع العشر (2.5%) منها، فإذا كان سِعر غرام الذّهب الواحد بالدنانير الآن (36) ديناراً يفعل المُزكّي ما يأتي: 800×36=28.800 ديناراً، وبعد تحويل المجموع الكلي من الذهب إلى دنانير يُخرِجُ ربع العشر (2.5%) بالقسمة على (40): 28.800÷40=720 ديناراً، فيجب عليه بناءً على ذلك إخراج سبعمئة وعشرين (720) ديناراً، وهي قيمة (20) غراماً من الذّهب.

شروط وجوب الزكاة

شروط وجوب الزكاة الخمسة

يُشترط لوجوب إخراج زكاة المال أن يكون الإنسان مُسلِماً، حُرّاً، مالكاً للنّصابِ، وأن يكون المال مُلكاً مُستقِلاً، حال عليه الحول،[٣] وتفصيلُها في ما يأتي:[٤][٥]

  • أن يكونَ المُزكّي مُسلِماً: يُشترطُ في وجوبِ الزّكاةِ أن يكونَ مُؤدّيها مُسلِماً، فالزّكاةُ مِن أًركانِ الإِسلام ولا تُقبَلُ مِن غير المسلم، وقد قال مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لِيَدعوهُم إلى الإِسلام: (بَعَثَنِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ: إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ، فادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ).[٦]
  • أن يَكونَ حُرّاً: وعكسُ الحريةِ العبوديّة، والعبدُ المَملوك لا يملكُ لِنفسهِ شيئاً، فهو ومتاعهُ و مالهُ ملكٌ لِسيّدهِ، وهذا ما ثبت بحديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وله مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ)،[٧] فما دامت الزَّكاة محلّها الأموالُ غالباً و العبد لا مالَ لهُ؛ سَقطتْ وجوبِيّتُها عن العبيد، كما لا تَجِبُ على المُكاتِب لأنه ما زال عبداً؛ والمُكاتِب: هو العبدُ الذي اتّفَقَ مع سيّده أن يُعْتِقهُ بِثَمن، كمن يشتري نفسه، إذ لا يصبح المُكاتِبُ حُرّاً حتى يُتِمَّ الثّمن المُتّفقّ عليه، فعن زيدِ بنِ ثابتٍ وعائشةَ أمِّ المؤمنين وابنِ عمرَ -رضوان الله عليهم- قالوا: (المكاتبُ عبدٌ ما بقي عليه درهمٌ).[٨]
  • أن يملِكَ نِصابَ المالِ: والنّصابُ هو نِسبَةٌ مُقَدّرَةٌ شَرعاً إذا بَلغَها الإنسانُ في مالهِ كانَ غَنياً ووجبت عليه زكاةُ هذا المال، أمّا إذا لم يَبلُغها فلا زكاة عليهِ، وتَختلفُ الأنصِبَة من صِنفٍ لِآخر؛ فزكاةُ الذّهبِ كما مرّ سابقاً تُقَدّرُ برُبْعِ العُشر (2.5%)، و زكاةُ الحُبوبِ خَمسةُ أوسقٍ أقرّها بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح حين قال: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)[٩] والوَسَقُ: أيّ ستين صاعاً (60) وهو ما يقارب (672) كيلو غرام.[١٠]
  • أن يكون المُلكُ مُستَقِلاً: أي أن يملكَ المزكّي حُريّةَ التّصرُّفِ في ماله فلا يشاركه فيه أَحد، و يُعَبَّرُ عن هذا الشرطِ أَيضاً بِتَمامِ الملكِ أو استقرارِ الملك، ولتَمامِه أَو استقرارِه صورٌ عدّة؛ إذ لا زكاة على السيّدِ في مال المكاتب الذي لَمْ يَدفَعْهُ العبدُ بعد، لأَنّ عجزه عن دفعه يُسقِطُ الدّين ويبقى مملوكاً لسيّده، فَلا يكون السّيّد قَد تَملّك المال تملُّكاً مستقلاً ولذا لا زكاة فيه، كذلك هو الحالُ في الحبوبِ والثّمار التي لَمْ تُحْصَد أو تُقْطَف بعد، إذ لا تَجب فيها الزّكاةُ إلّا إذا تَمكّنَ المُزكّي مِنها بِقطفِها وحَصدِها، فلو أصابَتْها جَائِحة قَبلَ قطفها فَأهلكتِ المحصول؛ فلا تجب الزّكاة في مالِ صاحبها لأنّها لَم تستقر في مُلكِه بعد.
  • أن يحول عليها الحول: ومعناه ألّا زكاةَ في مالٍ حتّى يَتملّكهُ الإنسان سَنةً كاملةً، ويؤيّد ذلك عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم والصحابة -رضوان الله عليهم- لحديث عليّ -رضي الله عنه-، فقال: (ليسَ في مالٍ زكاةٌ حتى يحولَ عليهِ الحَوْلُ)،[١١] فتَسقُطُ الزّكاةُ إذا هلك المال أو مات الإنسان قبل حلول الحول.

الاستثناء في شرط حولان الحول

يعتبر حولان الحول شرطاً أساسياً في وجوب الزكاة، والحولُ مُدّةٌ قدّرها الشارع الحكيم لتحقيق العدالة بين الأغنياء والفقراء، فكما في تطويلها ضررٌ على الفقراء كان في تقصيرها إجحافٌ على الأغنياء، إلّا أن بعض أصناف الأموال اقتضت حكمتها أن تَخرج عن قاعدة حولان الحول، وهي أصنافٌ خمسة بيانها فيما يأتي:[٤][٥]

  • المُعشِّرات: وهي كلّ ما كان نِصابُه العُشرَ أو نِصفه من حبوبٍ وثمارٍ، ويكون حولها وقت حصادها، أي أنّها تُزكّى عِند الحصاد حال عليها الحول أو لم يَحُل.
  • رِبحُ التّجارة: وهو النّاتِج عن التّجارة، ويكون حَوله حول أَصلِه؛ أي أنّه يُزكّى مع رأسِ المال في حول رأس المال، ولو لم يُتمّ الناتج سنةً في مُلك الإنسان.
  • نَتَاجُ السائمة: وهو ما تولّدَ عن الأنعام السائمة، والأنعام السائمة: هي الأنعام التي لا تُعلَف، بل تَرعى بنفسها من كلأ ونبات الأرض،[١٢] ويكون حولها حول أمّها، أيّ أنّها تُزكّى مع أمّهاتها إذا بَلغَت الأمّهات النّصاب.
  • الرّكَاز: وهو كلّ مالٍ دفنه أهلُ الجاهلية ووجده المسلمون،[١٣] وفيه الخُمُس، تُخرَجُ عند إيجاده فلا يُنتَظَرُ فيها حولان الحول، وهي بهذا كالحُبوبِ والثّمار جميعها تُخرَجُ من الأرض، وزكاتها تَجِبُ بالحصول عليها بعد الحصاد.
  • المعادن: وهي كلّ قَيِّمٍ أُخرِجَ من الأرض؛ كالحديد، والياقوت، والنّفط، وحوله كحول الحبوب والثّمار والرّكاز، ويُزكّى عند إيجاده، ونصابه رُبعُ العُشرِ كنصاب الذّهب.

حكمة مشروعية الزكاة

إنّ الاختلافَ والتّفاوت بين النّاسِ في أموالِهم ومكاسبهم سُنّةٌ من سننِ اللهِ في الأرضِ، فتفضيلُ بعضهم على بعضٍ في الرّزقِ أمرٌ حاصلٌ لا هروب منه، لقوله -تعالى-: (وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ فِي الرِّزقِ)،[١٤] والشّارعُ لمّا وضعَ لنا هذه السّنن أرشدنا لطريقةِ عمَلِها المُثلى؛ ليضْمن لنا حياةً كريمة تُحقّق الطمأنينة لسائر فئات المجتمع الأغنياء منهم والفقراء، إذ جاءَتِ الزّكاة كخطوةٍ أساسيةٍ لِحَلِّ هذا التّفاوت، ولتحقيقِ التّكافل المجتمعي؛ لِيسْمو المجتمع كُلّه دفعةً واحدةً فرداً فرداً، وتتّضحُ جُمْلةُ هذه المعاني من خلال بيان بعض الآثار المُترتبة على الزّكاة، منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • أثر الزّكاة في الإيمان: في أداء الزكاة زيادةٌ في الإيمان؛ فهي فريضةٌ وعملٌ صالحٌ يبتغي بِه العبدُ الأَجرَ، ويسعى بِه لنيلِ رِضوانِ اللهِ -تعالى- عنه، والإخلاص فيها قد يكون سبباً في تكفيرِ الذّنوبِ و دخولِ الجنّة -إن شاء الله-، وهذا أسمى ما يطمح إليه المُسلم.
  • أثر الزّكاة في الأخلاق: في أداء الزّكاة زيادةٌ في الخُلق الكريم؛ لِما تَزرعه في النّفس من حُبٍ للبذلِ والعطاء، وتُربّي الفرد على الامتنان وشكر النعمة، كما وتطهّرُ النّفسَ من الشّرّ، والطّمع، والبخل، والشُّح.
  • أثر الزّكاة في مال المُزكّي: في أداء الزّكاةِ زيادةٌ في بركة المال؛ فهي تُنمّي مالَ المُزَكّي ولا تُنقِصُه، ذلك أن دعم الفقير يعني زيادةَ قوّتهِ الشّرائِية التي ستنعَكِسُ في استهلاكه، وتَمَتّعه بالخدمات التي يُقدّمها التّجار وأصحابُ الأعمالِ من الأغنياء، كما أنها تَصونُ المال عن العين والحسد.
  • أثر الزّكاة في التكافل الاجتماعي: الزّكاة تنطوي على شتّى معاني الأخوة، فبذلُ المالِ فيه مواساةٌ للمعدومينَ وسدٌّ لحاجاتِ المحتاجين،[١٧] كما تقي الزّكاة المجتمعَ مِن آفةِ الفقر والضّعفِ والتّمنّن للغير،[١٥] بالإضافة إلى مساهمتها في توزيع المال بين فئات المجتمع والحدّ من احتكار الأغنياء له،[١٧] وبالتالي تقل الجرائم المالية كالسّرقاتِ والنّهبِ لِما تحقّقه في المجتمع من اكتفاءٍ يُوجب التعفُّف عن أموال الناس.[١٦]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين (2009م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية،www.islamweb.net، صفحة 540، جزء 11. بتصرّف.
  2. محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية، بيت الأفكار الدولية، صفحة 25، جزء 3. بتصرّف.
  3. صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 63. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سعيد القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، الرياض، مطبعة سفير، صفحة 42-48. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن عثيمين (2003م)، فتاوى أركان الإسلام (الطبعة الأولى)، الرياض، دار الثريا، صفحة 421-422. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2379، صحيح.
  8. رواه ابن حزم، في المحلى، عن زيد بن ثابت و عائشة أم المؤمنين و ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 9/229، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 979، صحيح.
  10. مجموعة من المؤلفين (2003-2-3)، “ماهو نصاب زكاة الحبوب وزنا؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28. بتصرّف.
  11. رواه أبو داوود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1573، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين (2002-7-15م)، “كيف تزكى الغنم السائمة وما هو قيد السوم؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين (2008-3-18م)، “ما هو الركاز -ما حكمه- ما السبيل الصحيح لاستخراجه؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  14. سورة النحل، آية: 71.
  15. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا، دار الفكر، صفحة 1790-1791، جزء 3. بتصرّف.
  16. ^ أ ب محمد التويجري (2010 م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية، دار أصداء المجتمع، صفحة 588-589. بتصرّف.
  17. ^ أ ب صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

كيفية إخراج زكاة الذّهب

تُخْرَجُ زكاة الذّهب وجوباً إذا بلغ النّصاب؛ وهو خمسٌ وثمانون (85) غراماً فأكثر، إذا حالَ عليه الحول؛ أيّ مضى على امتلاكه سنة كاملة،[١] وذلك بِاحتسابِ رُبع العشر، وربع العشر هو (2.5%)، ولفعل ذلك طُرقٌ عِدّة، فيما يأتي بيانها:[٢]

  • الطريقة الأولى: بِقسمةِ مجموع غرامات الذهب التي يملكها المُزكّي على أربعين (40)، ويكون النّاتِجُ هو مقدارُ الزّكاة الواجبُ إخراجهُ بالغرامات، على سبيل المثال لو ملك ثمانمئة (800) غراماً من الذّهب، يفعل ما يأتي: (800÷40=20) غراماً، فالواجب عليه إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثانية: بِقسمةِ مجموعِ الغرامات التي يملكها المُزكّي على عشرة (10)، ثُمَّ على أربعة (4)، ويكونُ الناتجُ هو مقدار الزّكاةِ الواجبُ إخراجها، وتطبيقاً على نفس المثال يفعل ما يأتي: (800÷10=80) غراماً، ثم (80÷4=20) غرامً، فالواجب عليه بذلك إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثالثة: لإخراج زكاةِ الذّهب نقداً، كالدّينار مثلاً، يُضرب سعر غرام الذّهب الواحِد بالدّينار بمجموع الغرامات، ثم يُقسم الناتج على (40)؛ أي يتمّ تحويل مجموع الغرامات إلى دنانير ثم إخراج ربع العشر (2.5%) منها، فإذا كان سِعر غرام الذّهب الواحد بالدنانير الآن (36) ديناراً يفعل المُزكّي ما يأتي: 800×36=28.800 ديناراً، وبعد تحويل المجموع الكلي من الذهب إلى دنانير يُخرِجُ ربع العشر (2.5%) بالقسمة على (40): 28.800÷40=720 ديناراً، فيجب عليه بناءً على ذلك إخراج سبعمئة وعشرين (720) ديناراً، وهي قيمة (20) غراماً من الذّهب.

شروط وجوب الزكاة

شروط وجوب الزكاة الخمسة

يُشترط لوجوب إخراج زكاة المال أن يكون الإنسان مُسلِماً، حُرّاً، مالكاً للنّصابِ، وأن يكون المال مُلكاً مُستقِلاً، حال عليه الحول،[٣] وتفصيلُها في ما يأتي:[٤][٥]

  • أن يكونَ المُزكّي مُسلِماً: يُشترطُ في وجوبِ الزّكاةِ أن يكونَ مُؤدّيها مُسلِماً، فالزّكاةُ مِن أًركانِ الإِسلام ولا تُقبَلُ مِن غير المسلم، وقد قال مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لِيَدعوهُم إلى الإِسلام: (بَعَثَنِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ: إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ، فادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ).[٦]
  • أن يَكونَ حُرّاً: وعكسُ الحريةِ العبوديّة، والعبدُ المَملوك لا يملكُ لِنفسهِ شيئاً، فهو ومتاعهُ و مالهُ ملكٌ لِسيّدهِ، وهذا ما ثبت بحديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وله مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ)،[٧] فما دامت الزَّكاة محلّها الأموالُ غالباً و العبد لا مالَ لهُ؛ سَقطتْ وجوبِيّتُها عن العبيد، كما لا تَجِبُ على المُكاتِب لأنه ما زال عبداً؛ والمُكاتِب: هو العبدُ الذي اتّفَقَ مع سيّده أن يُعْتِقهُ بِثَمن، كمن يشتري نفسه، إذ لا يصبح المُكاتِبُ حُرّاً حتى يُتِمَّ الثّمن المُتّفقّ عليه، فعن زيدِ بنِ ثابتٍ وعائشةَ أمِّ المؤمنين وابنِ عمرَ -رضوان الله عليهم- قالوا: (المكاتبُ عبدٌ ما بقي عليه درهمٌ).[٨]
  • أن يملِكَ نِصابَ المالِ: والنّصابُ هو نِسبَةٌ مُقَدّرَةٌ شَرعاً إذا بَلغَها الإنسانُ في مالهِ كانَ غَنياً ووجبت عليه زكاةُ هذا المال، أمّا إذا لم يَبلُغها فلا زكاة عليهِ، وتَختلفُ الأنصِبَة من صِنفٍ لِآخر؛ فزكاةُ الذّهبِ كما مرّ سابقاً تُقَدّرُ برُبْعِ العُشر (2.5%)، و زكاةُ الحُبوبِ خَمسةُ أوسقٍ أقرّها بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح حين قال: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)[٩] والوَسَقُ: أيّ ستين صاعاً (60) وهو ما يقارب (672) كيلو غرام.[١٠]
  • أن يكون المُلكُ مُستَقِلاً: أي أن يملكَ المزكّي حُريّةَ التّصرُّفِ في ماله فلا يشاركه فيه أَحد، و يُعَبَّرُ عن هذا الشرطِ أَيضاً بِتَمامِ الملكِ أو استقرارِ الملك، ولتَمامِه أَو استقرارِه صورٌ عدّة؛ إذ لا زكاة على السيّدِ في مال المكاتب الذي لَمْ يَدفَعْهُ العبدُ بعد، لأَنّ عجزه عن دفعه يُسقِطُ الدّين ويبقى مملوكاً لسيّده، فَلا يكون السّيّد قَد تَملّك المال تملُّكاً مستقلاً ولذا لا زكاة فيه، كذلك هو الحالُ في الحبوبِ والثّمار التي لَمْ تُحْصَد أو تُقْطَف بعد، إذ لا تَجب فيها الزّكاةُ إلّا إذا تَمكّنَ المُزكّي مِنها بِقطفِها وحَصدِها، فلو أصابَتْها جَائِحة قَبلَ قطفها فَأهلكتِ المحصول؛ فلا تجب الزّكاة في مالِ صاحبها لأنّها لَم تستقر في مُلكِه بعد.
  • أن يحول عليها الحول: ومعناه ألّا زكاةَ في مالٍ حتّى يَتملّكهُ الإنسان سَنةً كاملةً، ويؤيّد ذلك عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم والصحابة -رضوان الله عليهم- لحديث عليّ -رضي الله عنه-، فقال: (ليسَ في مالٍ زكاةٌ حتى يحولَ عليهِ الحَوْلُ)،[١١] فتَسقُطُ الزّكاةُ إذا هلك المال أو مات الإنسان قبل حلول الحول.

الاستثناء في شرط حولان الحول

يعتبر حولان الحول شرطاً أساسياً في وجوب الزكاة، والحولُ مُدّةٌ قدّرها الشارع الحكيم لتحقيق العدالة بين الأغنياء والفقراء، فكما في تطويلها ضررٌ على الفقراء كان في تقصيرها إجحافٌ على الأغنياء، إلّا أن بعض أصناف الأموال اقتضت حكمتها أن تَخرج عن قاعدة حولان الحول، وهي أصنافٌ خمسة بيانها فيما يأتي:[٤][٥]

  • المُعشِّرات: وهي كلّ ما كان نِصابُه العُشرَ أو نِصفه من حبوبٍ وثمارٍ، ويكون حولها وقت حصادها، أي أنّها تُزكّى عِند الحصاد حال عليها الحول أو لم يَحُل.
  • رِبحُ التّجارة: وهو النّاتِج عن التّجارة، ويكون حَوله حول أَصلِه؛ أي أنّه يُزكّى مع رأسِ المال في حول رأس المال، ولو لم يُتمّ الناتج سنةً في مُلك الإنسان.
  • نَتَاجُ السائمة: وهو ما تولّدَ عن الأنعام السائمة، والأنعام السائمة: هي الأنعام التي لا تُعلَف، بل تَرعى بنفسها من كلأ ونبات الأرض،[١٢] ويكون حولها حول أمّها، أيّ أنّها تُزكّى مع أمّهاتها إذا بَلغَت الأمّهات النّصاب.
  • الرّكَاز: وهو كلّ مالٍ دفنه أهلُ الجاهلية ووجده المسلمون،[١٣] وفيه الخُمُس، تُخرَجُ عند إيجاده فلا يُنتَظَرُ فيها حولان الحول، وهي بهذا كالحُبوبِ والثّمار جميعها تُخرَجُ من الأرض، وزكاتها تَجِبُ بالحصول عليها بعد الحصاد.
  • المعادن: وهي كلّ قَيِّمٍ أُخرِجَ من الأرض؛ كالحديد، والياقوت، والنّفط، وحوله كحول الحبوب والثّمار والرّكاز، ويُزكّى عند إيجاده، ونصابه رُبعُ العُشرِ كنصاب الذّهب.

حكمة مشروعية الزكاة

إنّ الاختلافَ والتّفاوت بين النّاسِ في أموالِهم ومكاسبهم سُنّةٌ من سننِ اللهِ في الأرضِ، فتفضيلُ بعضهم على بعضٍ في الرّزقِ أمرٌ حاصلٌ لا هروب منه، لقوله -تعالى-: (وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ فِي الرِّزقِ)،[١٤] والشّارعُ لمّا وضعَ لنا هذه السّنن أرشدنا لطريقةِ عمَلِها المُثلى؛ ليضْمن لنا حياةً كريمة تُحقّق الطمأنينة لسائر فئات المجتمع الأغنياء منهم والفقراء، إذ جاءَتِ الزّكاة كخطوةٍ أساسيةٍ لِحَلِّ هذا التّفاوت، ولتحقيقِ التّكافل المجتمعي؛ لِيسْمو المجتمع كُلّه دفعةً واحدةً فرداً فرداً، وتتّضحُ جُمْلةُ هذه المعاني من خلال بيان بعض الآثار المُترتبة على الزّكاة، منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • أثر الزّكاة في الإيمان: في أداء الزكاة زيادةٌ في الإيمان؛ فهي فريضةٌ وعملٌ صالحٌ يبتغي بِه العبدُ الأَجرَ، ويسعى بِه لنيلِ رِضوانِ اللهِ -تعالى- عنه، والإخلاص فيها قد يكون سبباً في تكفيرِ الذّنوبِ و دخولِ الجنّة -إن شاء الله-، وهذا أسمى ما يطمح إليه المُسلم.
  • أثر الزّكاة في الأخلاق: في أداء الزّكاة زيادةٌ في الخُلق الكريم؛ لِما تَزرعه في النّفس من حُبٍ للبذلِ والعطاء، وتُربّي الفرد على الامتنان وشكر النعمة، كما وتطهّرُ النّفسَ من الشّرّ، والطّمع، والبخل، والشُّح.
  • أثر الزّكاة في مال المُزكّي: في أداء الزّكاةِ زيادةٌ في بركة المال؛ فهي تُنمّي مالَ المُزَكّي ولا تُنقِصُه، ذلك أن دعم الفقير يعني زيادةَ قوّتهِ الشّرائِية التي ستنعَكِسُ في استهلاكه، وتَمَتّعه بالخدمات التي يُقدّمها التّجار وأصحابُ الأعمالِ من الأغنياء، كما أنها تَصونُ المال عن العين والحسد.
  • أثر الزّكاة في التكافل الاجتماعي: الزّكاة تنطوي على شتّى معاني الأخوة، فبذلُ المالِ فيه مواساةٌ للمعدومينَ وسدٌّ لحاجاتِ المحتاجين،[١٧] كما تقي الزّكاة المجتمعَ مِن آفةِ الفقر والضّعفِ والتّمنّن للغير،[١٥] بالإضافة إلى مساهمتها في توزيع المال بين فئات المجتمع والحدّ من احتكار الأغنياء له،[١٧] وبالتالي تقل الجرائم المالية كالسّرقاتِ والنّهبِ لِما تحقّقه في المجتمع من اكتفاءٍ يُوجب التعفُّف عن أموال الناس.[١٦]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين (2009م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية،www.islamweb.net، صفحة 540، جزء 11. بتصرّف.
  2. محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية، بيت الأفكار الدولية، صفحة 25، جزء 3. بتصرّف.
  3. صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 63. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سعيد القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، الرياض، مطبعة سفير، صفحة 42-48. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن عثيمين (2003م)، فتاوى أركان الإسلام (الطبعة الأولى)، الرياض، دار الثريا، صفحة 421-422. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2379، صحيح.
  8. رواه ابن حزم، في المحلى، عن زيد بن ثابت و عائشة أم المؤمنين و ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 9/229، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 979، صحيح.
  10. مجموعة من المؤلفين (2003-2-3)، “ماهو نصاب زكاة الحبوب وزنا؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28. بتصرّف.
  11. رواه أبو داوود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1573، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين (2002-7-15م)، “كيف تزكى الغنم السائمة وما هو قيد السوم؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين (2008-3-18م)، “ما هو الركاز -ما حكمه- ما السبيل الصحيح لاستخراجه؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  14. سورة النحل، آية: 71.
  15. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا، دار الفكر، صفحة 1790-1791، جزء 3. بتصرّف.
  16. ^ أ ب محمد التويجري (2010 م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية، دار أصداء المجتمع، صفحة 588-589. بتصرّف.
  17. ^ أ ب صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

كيفية إخراج زكاة الذّهب

تُخْرَجُ زكاة الذّهب وجوباً إذا بلغ النّصاب؛ وهو خمسٌ وثمانون (85) غراماً فأكثر، إذا حالَ عليه الحول؛ أيّ مضى على امتلاكه سنة كاملة،[١] وذلك بِاحتسابِ رُبع العشر، وربع العشر هو (2.5%)، ولفعل ذلك طُرقٌ عِدّة، فيما يأتي بيانها:[٢]

  • الطريقة الأولى: بِقسمةِ مجموع غرامات الذهب التي يملكها المُزكّي على أربعين (40)، ويكون النّاتِجُ هو مقدارُ الزّكاة الواجبُ إخراجهُ بالغرامات، على سبيل المثال لو ملك ثمانمئة (800) غراماً من الذّهب، يفعل ما يأتي: (800÷40=20) غراماً، فالواجب عليه إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثانية: بِقسمةِ مجموعِ الغرامات التي يملكها المُزكّي على عشرة (10)، ثُمَّ على أربعة (4)، ويكونُ الناتجُ هو مقدار الزّكاةِ الواجبُ إخراجها، وتطبيقاً على نفس المثال يفعل ما يأتي: (800÷10=80) غراماً، ثم (80÷4=20) غرامً، فالواجب عليه بذلك إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثالثة: لإخراج زكاةِ الذّهب نقداً، كالدّينار مثلاً، يُضرب سعر غرام الذّهب الواحِد بالدّينار بمجموع الغرامات، ثم يُقسم الناتج على (40)؛ أي يتمّ تحويل مجموع الغرامات إلى دنانير ثم إخراج ربع العشر (2.5%) منها، فإذا كان سِعر غرام الذّهب الواحد بالدنانير الآن (36) ديناراً يفعل المُزكّي ما يأتي: 800×36=28.800 ديناراً، وبعد تحويل المجموع الكلي من الذهب إلى دنانير يُخرِجُ ربع العشر (2.5%) بالقسمة على (40): 28.800÷40=720 ديناراً، فيجب عليه بناءً على ذلك إخراج سبعمئة وعشرين (720) ديناراً، وهي قيمة (20) غراماً من الذّهب.

شروط وجوب الزكاة

شروط وجوب الزكاة الخمسة

يُشترط لوجوب إخراج زكاة المال أن يكون الإنسان مُسلِماً، حُرّاً، مالكاً للنّصابِ، وأن يكون المال مُلكاً مُستقِلاً، حال عليه الحول،[٣] وتفصيلُها في ما يأتي:[٤][٥]

  • أن يكونَ المُزكّي مُسلِماً: يُشترطُ في وجوبِ الزّكاةِ أن يكونَ مُؤدّيها مُسلِماً، فالزّكاةُ مِن أًركانِ الإِسلام ولا تُقبَلُ مِن غير المسلم، وقد قال مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لِيَدعوهُم إلى الإِسلام: (بَعَثَنِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ: إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ، فادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ).[٦]
  • أن يَكونَ حُرّاً: وعكسُ الحريةِ العبوديّة، والعبدُ المَملوك لا يملكُ لِنفسهِ شيئاً، فهو ومتاعهُ و مالهُ ملكٌ لِسيّدهِ، وهذا ما ثبت بحديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وله مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ)،[٧] فما دامت الزَّكاة محلّها الأموالُ غالباً و العبد لا مالَ لهُ؛ سَقطتْ وجوبِيّتُها عن العبيد، كما لا تَجِبُ على المُكاتِب لأنه ما زال عبداً؛ والمُكاتِب: هو العبدُ الذي اتّفَقَ مع سيّده أن يُعْتِقهُ بِثَمن، كمن يشتري نفسه، إذ لا يصبح المُكاتِبُ حُرّاً حتى يُتِمَّ الثّمن المُتّفقّ عليه، فعن زيدِ بنِ ثابتٍ وعائشةَ أمِّ المؤمنين وابنِ عمرَ -رضوان الله عليهم- قالوا: (المكاتبُ عبدٌ ما بقي عليه درهمٌ).[٨]
  • أن يملِكَ نِصابَ المالِ: والنّصابُ هو نِسبَةٌ مُقَدّرَةٌ شَرعاً إذا بَلغَها الإنسانُ في مالهِ كانَ غَنياً ووجبت عليه زكاةُ هذا المال، أمّا إذا لم يَبلُغها فلا زكاة عليهِ، وتَختلفُ الأنصِبَة من صِنفٍ لِآخر؛ فزكاةُ الذّهبِ كما مرّ سابقاً تُقَدّرُ برُبْعِ العُشر (2.5%)، و زكاةُ الحُبوبِ خَمسةُ أوسقٍ أقرّها بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح حين قال: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)[٩] والوَسَقُ: أيّ ستين صاعاً (60) وهو ما يقارب (672) كيلو غرام.[١٠]
  • أن يكون المُلكُ مُستَقِلاً: أي أن يملكَ المزكّي حُريّةَ التّصرُّفِ في ماله فلا يشاركه فيه أَحد، و يُعَبَّرُ عن هذا الشرطِ أَيضاً بِتَمامِ الملكِ أو استقرارِ الملك، ولتَمامِه أَو استقرارِه صورٌ عدّة؛ إذ لا زكاة على السيّدِ في مال المكاتب الذي لَمْ يَدفَعْهُ العبدُ بعد، لأَنّ عجزه عن دفعه يُسقِطُ الدّين ويبقى مملوكاً لسيّده، فَلا يكون السّيّد قَد تَملّك المال تملُّكاً مستقلاً ولذا لا زكاة فيه، كذلك هو الحالُ في الحبوبِ والثّمار التي لَمْ تُحْصَد أو تُقْطَف بعد، إذ لا تَجب فيها الزّكاةُ إلّا إذا تَمكّنَ المُزكّي مِنها بِقطفِها وحَصدِها، فلو أصابَتْها جَائِحة قَبلَ قطفها فَأهلكتِ المحصول؛ فلا تجب الزّكاة في مالِ صاحبها لأنّها لَم تستقر في مُلكِه بعد.
  • أن يحول عليها الحول: ومعناه ألّا زكاةَ في مالٍ حتّى يَتملّكهُ الإنسان سَنةً كاملةً، ويؤيّد ذلك عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم والصحابة -رضوان الله عليهم- لحديث عليّ -رضي الله عنه-، فقال: (ليسَ في مالٍ زكاةٌ حتى يحولَ عليهِ الحَوْلُ)،[١١] فتَسقُطُ الزّكاةُ إذا هلك المال أو مات الإنسان قبل حلول الحول.

الاستثناء في شرط حولان الحول

يعتبر حولان الحول شرطاً أساسياً في وجوب الزكاة، والحولُ مُدّةٌ قدّرها الشارع الحكيم لتحقيق العدالة بين الأغنياء والفقراء، فكما في تطويلها ضررٌ على الفقراء كان في تقصيرها إجحافٌ على الأغنياء، إلّا أن بعض أصناف الأموال اقتضت حكمتها أن تَخرج عن قاعدة حولان الحول، وهي أصنافٌ خمسة بيانها فيما يأتي:[٤][٥]

  • المُعشِّرات: وهي كلّ ما كان نِصابُه العُشرَ أو نِصفه من حبوبٍ وثمارٍ، ويكون حولها وقت حصادها، أي أنّها تُزكّى عِند الحصاد حال عليها الحول أو لم يَحُل.
  • رِبحُ التّجارة: وهو النّاتِج عن التّجارة، ويكون حَوله حول أَصلِه؛ أي أنّه يُزكّى مع رأسِ المال في حول رأس المال، ولو لم يُتمّ الناتج سنةً في مُلك الإنسان.
  • نَتَاجُ السائمة: وهو ما تولّدَ عن الأنعام السائمة، والأنعام السائمة: هي الأنعام التي لا تُعلَف، بل تَرعى بنفسها من كلأ ونبات الأرض،[١٢] ويكون حولها حول أمّها، أيّ أنّها تُزكّى مع أمّهاتها إذا بَلغَت الأمّهات النّصاب.
  • الرّكَاز: وهو كلّ مالٍ دفنه أهلُ الجاهلية ووجده المسلمون،[١٣] وفيه الخُمُس، تُخرَجُ عند إيجاده فلا يُنتَظَرُ فيها حولان الحول، وهي بهذا كالحُبوبِ والثّمار جميعها تُخرَجُ من الأرض، وزكاتها تَجِبُ بالحصول عليها بعد الحصاد.
  • المعادن: وهي كلّ قَيِّمٍ أُخرِجَ من الأرض؛ كالحديد، والياقوت، والنّفط، وحوله كحول الحبوب والثّمار والرّكاز، ويُزكّى عند إيجاده، ونصابه رُبعُ العُشرِ كنصاب الذّهب.

حكمة مشروعية الزكاة

إنّ الاختلافَ والتّفاوت بين النّاسِ في أموالِهم ومكاسبهم سُنّةٌ من سننِ اللهِ في الأرضِ، فتفضيلُ بعضهم على بعضٍ في الرّزقِ أمرٌ حاصلٌ لا هروب منه، لقوله -تعالى-: (وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ فِي الرِّزقِ)،[١٤] والشّارعُ لمّا وضعَ لنا هذه السّنن أرشدنا لطريقةِ عمَلِها المُثلى؛ ليضْمن لنا حياةً كريمة تُحقّق الطمأنينة لسائر فئات المجتمع الأغنياء منهم والفقراء، إذ جاءَتِ الزّكاة كخطوةٍ أساسيةٍ لِحَلِّ هذا التّفاوت، ولتحقيقِ التّكافل المجتمعي؛ لِيسْمو المجتمع كُلّه دفعةً واحدةً فرداً فرداً، وتتّضحُ جُمْلةُ هذه المعاني من خلال بيان بعض الآثار المُترتبة على الزّكاة، منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • أثر الزّكاة في الإيمان: في أداء الزكاة زيادةٌ في الإيمان؛ فهي فريضةٌ وعملٌ صالحٌ يبتغي بِه العبدُ الأَجرَ، ويسعى بِه لنيلِ رِضوانِ اللهِ -تعالى- عنه، والإخلاص فيها قد يكون سبباً في تكفيرِ الذّنوبِ و دخولِ الجنّة -إن شاء الله-، وهذا أسمى ما يطمح إليه المُسلم.
  • أثر الزّكاة في الأخلاق: في أداء الزّكاة زيادةٌ في الخُلق الكريم؛ لِما تَزرعه في النّفس من حُبٍ للبذلِ والعطاء، وتُربّي الفرد على الامتنان وشكر النعمة، كما وتطهّرُ النّفسَ من الشّرّ، والطّمع، والبخل، والشُّح.
  • أثر الزّكاة في مال المُزكّي: في أداء الزّكاةِ زيادةٌ في بركة المال؛ فهي تُنمّي مالَ المُزَكّي ولا تُنقِصُه، ذلك أن دعم الفقير يعني زيادةَ قوّتهِ الشّرائِية التي ستنعَكِسُ في استهلاكه، وتَمَتّعه بالخدمات التي يُقدّمها التّجار وأصحابُ الأعمالِ من الأغنياء، كما أنها تَصونُ المال عن العين والحسد.
  • أثر الزّكاة في التكافل الاجتماعي: الزّكاة تنطوي على شتّى معاني الأخوة، فبذلُ المالِ فيه مواساةٌ للمعدومينَ وسدٌّ لحاجاتِ المحتاجين،[١٧] كما تقي الزّكاة المجتمعَ مِن آفةِ الفقر والضّعفِ والتّمنّن للغير،[١٥] بالإضافة إلى مساهمتها في توزيع المال بين فئات المجتمع والحدّ من احتكار الأغنياء له،[١٧] وبالتالي تقل الجرائم المالية كالسّرقاتِ والنّهبِ لِما تحقّقه في المجتمع من اكتفاءٍ يُوجب التعفُّف عن أموال الناس.[١٦]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين (2009م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية،www.islamweb.net، صفحة 540، جزء 11. بتصرّف.
  2. محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية، بيت الأفكار الدولية، صفحة 25، جزء 3. بتصرّف.
  3. صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 63. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سعيد القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، الرياض، مطبعة سفير، صفحة 42-48. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن عثيمين (2003م)، فتاوى أركان الإسلام (الطبعة الأولى)، الرياض، دار الثريا، صفحة 421-422. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2379، صحيح.
  8. رواه ابن حزم، في المحلى، عن زيد بن ثابت و عائشة أم المؤمنين و ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 9/229، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 979، صحيح.
  10. مجموعة من المؤلفين (2003-2-3)، “ماهو نصاب زكاة الحبوب وزنا؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28. بتصرّف.
  11. رواه أبو داوود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1573، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين (2002-7-15م)، “كيف تزكى الغنم السائمة وما هو قيد السوم؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين (2008-3-18م)، “ما هو الركاز -ما حكمه- ما السبيل الصحيح لاستخراجه؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  14. سورة النحل، آية: 71.
  15. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا، دار الفكر، صفحة 1790-1791، جزء 3. بتصرّف.
  16. ^ أ ب محمد التويجري (2010 م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية، دار أصداء المجتمع، صفحة 588-589. بتصرّف.
  17. ^ أ ب صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

كيفية إخراج زكاة الذّهب

تُخْرَجُ زكاة الذّهب وجوباً إذا بلغ النّصاب؛ وهو خمسٌ وثمانون (85) غراماً فأكثر، إذا حالَ عليه الحول؛ أيّ مضى على امتلاكه سنة كاملة،[١] وذلك بِاحتسابِ رُبع العشر، وربع العشر هو (2.5%)، ولفعل ذلك طُرقٌ عِدّة، فيما يأتي بيانها:[٢]

  • الطريقة الأولى: بِقسمةِ مجموع غرامات الذهب التي يملكها المُزكّي على أربعين (40)، ويكون النّاتِجُ هو مقدارُ الزّكاة الواجبُ إخراجهُ بالغرامات، على سبيل المثال لو ملك ثمانمئة (800) غراماً من الذّهب، يفعل ما يأتي: (800÷40=20) غراماً، فالواجب عليه إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثانية: بِقسمةِ مجموعِ الغرامات التي يملكها المُزكّي على عشرة (10)، ثُمَّ على أربعة (4)، ويكونُ الناتجُ هو مقدار الزّكاةِ الواجبُ إخراجها، وتطبيقاً على نفس المثال يفعل ما يأتي: (800÷10=80) غراماً، ثم (80÷4=20) غرامً، فالواجب عليه بذلك إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثالثة: لإخراج زكاةِ الذّهب نقداً، كالدّينار مثلاً، يُضرب سعر غرام الذّهب الواحِد بالدّينار بمجموع الغرامات، ثم يُقسم الناتج على (40)؛ أي يتمّ تحويل مجموع الغرامات إلى دنانير ثم إخراج ربع العشر (2.5%) منها، فإذا كان سِعر غرام الذّهب الواحد بالدنانير الآن (36) ديناراً يفعل المُزكّي ما يأتي: 800×36=28.800 ديناراً، وبعد تحويل المجموع الكلي من الذهب إلى دنانير يُخرِجُ ربع العشر (2.5%) بالقسمة على (40): 28.800÷40=720 ديناراً، فيجب عليه بناءً على ذلك إخراج سبعمئة وعشرين (720) ديناراً، وهي قيمة (20) غراماً من الذّهب.

شروط وجوب الزكاة

شروط وجوب الزكاة الخمسة

يُشترط لوجوب إخراج زكاة المال أن يكون الإنسان مُسلِماً، حُرّاً، مالكاً للنّصابِ، وأن يكون المال مُلكاً مُستقِلاً، حال عليه الحول،[٣] وتفصيلُها في ما يأتي:[٤][٥]

  • أن يكونَ المُزكّي مُسلِماً: يُشترطُ في وجوبِ الزّكاةِ أن يكونَ مُؤدّيها مُسلِماً، فالزّكاةُ مِن أًركانِ الإِسلام ولا تُقبَلُ مِن غير المسلم، وقد قال مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لِيَدعوهُم إلى الإِسلام: (بَعَثَنِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ: إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ، فادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ).[٦]
  • أن يَكونَ حُرّاً: وعكسُ الحريةِ العبوديّة، والعبدُ المَملوك لا يملكُ لِنفسهِ شيئاً، فهو ومتاعهُ و مالهُ ملكٌ لِسيّدهِ، وهذا ما ثبت بحديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وله مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ)،[٧] فما دامت الزَّكاة محلّها الأموالُ غالباً و العبد لا مالَ لهُ؛ سَقطتْ وجوبِيّتُها عن العبيد، كما لا تَجِبُ على المُكاتِب لأنه ما زال عبداً؛ والمُكاتِب: هو العبدُ الذي اتّفَقَ مع سيّده أن يُعْتِقهُ بِثَمن، كمن يشتري نفسه، إذ لا يصبح المُكاتِبُ حُرّاً حتى يُتِمَّ الثّمن المُتّفقّ عليه، فعن زيدِ بنِ ثابتٍ وعائشةَ أمِّ المؤمنين وابنِ عمرَ -رضوان الله عليهم- قالوا: (المكاتبُ عبدٌ ما بقي عليه درهمٌ).[٨]
  • أن يملِكَ نِصابَ المالِ: والنّصابُ هو نِسبَةٌ مُقَدّرَةٌ شَرعاً إذا بَلغَها الإنسانُ في مالهِ كانَ غَنياً ووجبت عليه زكاةُ هذا المال، أمّا إذا لم يَبلُغها فلا زكاة عليهِ، وتَختلفُ الأنصِبَة من صِنفٍ لِآخر؛ فزكاةُ الذّهبِ كما مرّ سابقاً تُقَدّرُ برُبْعِ العُشر (2.5%)، و زكاةُ الحُبوبِ خَمسةُ أوسقٍ أقرّها بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح حين قال: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)[٩] والوَسَقُ: أيّ ستين صاعاً (60) وهو ما يقارب (672) كيلو غرام.[١٠]
  • أن يكون المُلكُ مُستَقِلاً: أي أن يملكَ المزكّي حُريّةَ التّصرُّفِ في ماله فلا يشاركه فيه أَحد، و يُعَبَّرُ عن هذا الشرطِ أَيضاً بِتَمامِ الملكِ أو استقرارِ الملك، ولتَمامِه أَو استقرارِه صورٌ عدّة؛ إذ لا زكاة على السيّدِ في مال المكاتب الذي لَمْ يَدفَعْهُ العبدُ بعد، لأَنّ عجزه عن دفعه يُسقِطُ الدّين ويبقى مملوكاً لسيّده، فَلا يكون السّيّد قَد تَملّك المال تملُّكاً مستقلاً ولذا لا زكاة فيه، كذلك هو الحالُ في الحبوبِ والثّمار التي لَمْ تُحْصَد أو تُقْطَف بعد، إذ لا تَجب فيها الزّكاةُ إلّا إذا تَمكّنَ المُزكّي مِنها بِقطفِها وحَصدِها، فلو أصابَتْها جَائِحة قَبلَ قطفها فَأهلكتِ المحصول؛ فلا تجب الزّكاة في مالِ صاحبها لأنّها لَم تستقر في مُلكِه بعد.
  • أن يحول عليها الحول: ومعناه ألّا زكاةَ في مالٍ حتّى يَتملّكهُ الإنسان سَنةً كاملةً، ويؤيّد ذلك عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم والصحابة -رضوان الله عليهم- لحديث عليّ -رضي الله عنه-، فقال: (ليسَ في مالٍ زكاةٌ حتى يحولَ عليهِ الحَوْلُ)،[١١] فتَسقُطُ الزّكاةُ إذا هلك المال أو مات الإنسان قبل حلول الحول.

الاستثناء في شرط حولان الحول

يعتبر حولان الحول شرطاً أساسياً في وجوب الزكاة، والحولُ مُدّةٌ قدّرها الشارع الحكيم لتحقيق العدالة بين الأغنياء والفقراء، فكما في تطويلها ضررٌ على الفقراء كان في تقصيرها إجحافٌ على الأغنياء، إلّا أن بعض أصناف الأموال اقتضت حكمتها أن تَخرج عن قاعدة حولان الحول، وهي أصنافٌ خمسة بيانها فيما يأتي:[٤][٥]

  • المُعشِّرات: وهي كلّ ما كان نِصابُه العُشرَ أو نِصفه من حبوبٍ وثمارٍ، ويكون حولها وقت حصادها، أي أنّها تُزكّى عِند الحصاد حال عليها الحول أو لم يَحُل.
  • رِبحُ التّجارة: وهو النّاتِج عن التّجارة، ويكون حَوله حول أَصلِه؛ أي أنّه يُزكّى مع رأسِ المال في حول رأس المال، ولو لم يُتمّ الناتج سنةً في مُلك الإنسان.
  • نَتَاجُ السائمة: وهو ما تولّدَ عن الأنعام السائمة، والأنعام السائمة: هي الأنعام التي لا تُعلَف، بل تَرعى بنفسها من كلأ ونبات الأرض،[١٢] ويكون حولها حول أمّها، أيّ أنّها تُزكّى مع أمّهاتها إذا بَلغَت الأمّهات النّصاب.
  • الرّكَاز: وهو كلّ مالٍ دفنه أهلُ الجاهلية ووجده المسلمون،[١٣] وفيه الخُمُس، تُخرَجُ عند إيجاده فلا يُنتَظَرُ فيها حولان الحول، وهي بهذا كالحُبوبِ والثّمار جميعها تُخرَجُ من الأرض، وزكاتها تَجِبُ بالحصول عليها بعد الحصاد.
  • المعادن: وهي كلّ قَيِّمٍ أُخرِجَ من الأرض؛ كالحديد، والياقوت، والنّفط، وحوله كحول الحبوب والثّمار والرّكاز، ويُزكّى عند إيجاده، ونصابه رُبعُ العُشرِ كنصاب الذّهب.

حكمة مشروعية الزكاة

إنّ الاختلافَ والتّفاوت بين النّاسِ في أموالِهم ومكاسبهم سُنّةٌ من سننِ اللهِ في الأرضِ، فتفضيلُ بعضهم على بعضٍ في الرّزقِ أمرٌ حاصلٌ لا هروب منه، لقوله -تعالى-: (وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ فِي الرِّزقِ)،[١٤] والشّارعُ لمّا وضعَ لنا هذه السّنن أرشدنا لطريقةِ عمَلِها المُثلى؛ ليضْمن لنا حياةً كريمة تُحقّق الطمأنينة لسائر فئات المجتمع الأغنياء منهم والفقراء، إذ جاءَتِ الزّكاة كخطوةٍ أساسيةٍ لِحَلِّ هذا التّفاوت، ولتحقيقِ التّكافل المجتمعي؛ لِيسْمو المجتمع كُلّه دفعةً واحدةً فرداً فرداً، وتتّضحُ جُمْلةُ هذه المعاني من خلال بيان بعض الآثار المُترتبة على الزّكاة، منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • أثر الزّكاة في الإيمان: في أداء الزكاة زيادةٌ في الإيمان؛ فهي فريضةٌ وعملٌ صالحٌ يبتغي بِه العبدُ الأَجرَ، ويسعى بِه لنيلِ رِضوانِ اللهِ -تعالى- عنه، والإخلاص فيها قد يكون سبباً في تكفيرِ الذّنوبِ و دخولِ الجنّة -إن شاء الله-، وهذا أسمى ما يطمح إليه المُسلم.
  • أثر الزّكاة في الأخلاق: في أداء الزّكاة زيادةٌ في الخُلق الكريم؛ لِما تَزرعه في النّفس من حُبٍ للبذلِ والعطاء، وتُربّي الفرد على الامتنان وشكر النعمة، كما وتطهّرُ النّفسَ من الشّرّ، والطّمع، والبخل، والشُّح.
  • أثر الزّكاة في مال المُزكّي: في أداء الزّكاةِ زيادةٌ في بركة المال؛ فهي تُنمّي مالَ المُزَكّي ولا تُنقِصُه، ذلك أن دعم الفقير يعني زيادةَ قوّتهِ الشّرائِية التي ستنعَكِسُ في استهلاكه، وتَمَتّعه بالخدمات التي يُقدّمها التّجار وأصحابُ الأعمالِ من الأغنياء، كما أنها تَصونُ المال عن العين والحسد.
  • أثر الزّكاة في التكافل الاجتماعي: الزّكاة تنطوي على شتّى معاني الأخوة، فبذلُ المالِ فيه مواساةٌ للمعدومينَ وسدٌّ لحاجاتِ المحتاجين،[١٧] كما تقي الزّكاة المجتمعَ مِن آفةِ الفقر والضّعفِ والتّمنّن للغير،[١٥] بالإضافة إلى مساهمتها في توزيع المال بين فئات المجتمع والحدّ من احتكار الأغنياء له،[١٧] وبالتالي تقل الجرائم المالية كالسّرقاتِ والنّهبِ لِما تحقّقه في المجتمع من اكتفاءٍ يُوجب التعفُّف عن أموال الناس.[١٦]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين (2009م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية،www.islamweb.net، صفحة 540، جزء 11. بتصرّف.
  2. محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية، بيت الأفكار الدولية، صفحة 25، جزء 3. بتصرّف.
  3. صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 63. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سعيد القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، الرياض، مطبعة سفير، صفحة 42-48. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن عثيمين (2003م)، فتاوى أركان الإسلام (الطبعة الأولى)، الرياض، دار الثريا، صفحة 421-422. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2379، صحيح.
  8. رواه ابن حزم، في المحلى، عن زيد بن ثابت و عائشة أم المؤمنين و ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 9/229، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 979، صحيح.
  10. مجموعة من المؤلفين (2003-2-3)، “ماهو نصاب زكاة الحبوب وزنا؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28. بتصرّف.
  11. رواه أبو داوود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1573، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين (2002-7-15م)، “كيف تزكى الغنم السائمة وما هو قيد السوم؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين (2008-3-18م)، “ما هو الركاز -ما حكمه- ما السبيل الصحيح لاستخراجه؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  14. سورة النحل، آية: 71.
  15. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا، دار الفكر، صفحة 1790-1791، جزء 3. بتصرّف.
  16. ^ أ ب محمد التويجري (2010 م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية، دار أصداء المجتمع، صفحة 588-589. بتصرّف.
  17. ^ أ ب صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

كيفية إخراج زكاة الذّهب

تُخْرَجُ زكاة الذّهب وجوباً إذا بلغ النّصاب؛ وهو خمسٌ وثمانون (85) غراماً فأكثر، إذا حالَ عليه الحول؛ أيّ مضى على امتلاكه سنة كاملة،[١] وذلك بِاحتسابِ رُبع العشر، وربع العشر هو (2.5%)، ولفعل ذلك طُرقٌ عِدّة، فيما يأتي بيانها:[٢]

  • الطريقة الأولى: بِقسمةِ مجموع غرامات الذهب التي يملكها المُزكّي على أربعين (40)، ويكون النّاتِجُ هو مقدارُ الزّكاة الواجبُ إخراجهُ بالغرامات، على سبيل المثال لو ملك ثمانمئة (800) غراماً من الذّهب، يفعل ما يأتي: (800÷40=20) غراماً، فالواجب عليه إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثانية: بِقسمةِ مجموعِ الغرامات التي يملكها المُزكّي على عشرة (10)، ثُمَّ على أربعة (4)، ويكونُ الناتجُ هو مقدار الزّكاةِ الواجبُ إخراجها، وتطبيقاً على نفس المثال يفعل ما يأتي: (800÷10=80) غراماً، ثم (80÷4=20) غرامً، فالواجب عليه بذلك إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثالثة: لإخراج زكاةِ الذّهب نقداً، كالدّينار مثلاً، يُضرب سعر غرام الذّهب الواحِد بالدّينار بمجموع الغرامات، ثم يُقسم الناتج على (40)؛ أي يتمّ تحويل مجموع الغرامات إلى دنانير ثم إخراج ربع العشر (2.5%) منها، فإذا كان سِعر غرام الذّهب الواحد بالدنانير الآن (36) ديناراً يفعل المُزكّي ما يأتي: 800×36=28.800 ديناراً، وبعد تحويل المجموع الكلي من الذهب إلى دنانير يُخرِجُ ربع العشر (2.5%) بالقسمة على (40): 28.800÷40=720 ديناراً، فيجب عليه بناءً على ذلك إخراج سبعمئة وعشرين (720) ديناراً، وهي قيمة (20) غراماً من الذّهب.

شروط وجوب الزكاة

شروط وجوب الزكاة الخمسة

يُشترط لوجوب إخراج زكاة المال أن يكون الإنسان مُسلِماً، حُرّاً، مالكاً للنّصابِ، وأن يكون المال مُلكاً مُستقِلاً، حال عليه الحول،[٣] وتفصيلُها في ما يأتي:[٤][٥]

  • أن يكونَ المُزكّي مُسلِماً: يُشترطُ في وجوبِ الزّكاةِ أن يكونَ مُؤدّيها مُسلِماً، فالزّكاةُ مِن أًركانِ الإِسلام ولا تُقبَلُ مِن غير المسلم، وقد قال مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لِيَدعوهُم إلى الإِسلام: (بَعَثَنِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ: إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ، فادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ).[٦]
  • أن يَكونَ حُرّاً: وعكسُ الحريةِ العبوديّة، والعبدُ المَملوك لا يملكُ لِنفسهِ شيئاً، فهو ومتاعهُ و مالهُ ملكٌ لِسيّدهِ، وهذا ما ثبت بحديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وله مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ)،[٧] فما دامت الزَّكاة محلّها الأموالُ غالباً و العبد لا مالَ لهُ؛ سَقطتْ وجوبِيّتُها عن العبيد، كما لا تَجِبُ على المُكاتِب لأنه ما زال عبداً؛ والمُكاتِب: هو العبدُ الذي اتّفَقَ مع سيّده أن يُعْتِقهُ بِثَمن، كمن يشتري نفسه، إذ لا يصبح المُكاتِبُ حُرّاً حتى يُتِمَّ الثّمن المُتّفقّ عليه، فعن زيدِ بنِ ثابتٍ وعائشةَ أمِّ المؤمنين وابنِ عمرَ -رضوان الله عليهم- قالوا: (المكاتبُ عبدٌ ما بقي عليه درهمٌ).[٨]
  • أن يملِكَ نِصابَ المالِ: والنّصابُ هو نِسبَةٌ مُقَدّرَةٌ شَرعاً إذا بَلغَها الإنسانُ في مالهِ كانَ غَنياً ووجبت عليه زكاةُ هذا المال، أمّا إذا لم يَبلُغها فلا زكاة عليهِ، وتَختلفُ الأنصِبَة من صِنفٍ لِآخر؛ فزكاةُ الذّهبِ كما مرّ سابقاً تُقَدّرُ برُبْعِ العُشر (2.5%)، و زكاةُ الحُبوبِ خَمسةُ أوسقٍ أقرّها بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح حين قال: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)[٩] والوَسَقُ: أيّ ستين صاعاً (60) وهو ما يقارب (672) كيلو غرام.[١٠]
  • أن يكون المُلكُ مُستَقِلاً: أي أن يملكَ المزكّي حُريّةَ التّصرُّفِ في ماله فلا يشاركه فيه أَحد، و يُعَبَّرُ عن هذا الشرطِ أَيضاً بِتَمامِ الملكِ أو استقرارِ الملك، ولتَمامِه أَو استقرارِه صورٌ عدّة؛ إذ لا زكاة على السيّدِ في مال المكاتب الذي لَمْ يَدفَعْهُ العبدُ بعد، لأَنّ عجزه عن دفعه يُسقِطُ الدّين ويبقى مملوكاً لسيّده، فَلا يكون السّيّد قَد تَملّك المال تملُّكاً مستقلاً ولذا لا زكاة فيه، كذلك هو الحالُ في الحبوبِ والثّمار التي لَمْ تُحْصَد أو تُقْطَف بعد، إذ لا تَجب فيها الزّكاةُ إلّا إذا تَمكّنَ المُزكّي مِنها بِقطفِها وحَصدِها، فلو أصابَتْها جَائِحة قَبلَ قطفها فَأهلكتِ المحصول؛ فلا تجب الزّكاة في مالِ صاحبها لأنّها لَم تستقر في مُلكِه بعد.
  • أن يحول عليها الحول: ومعناه ألّا زكاةَ في مالٍ حتّى يَتملّكهُ الإنسان سَنةً كاملةً، ويؤيّد ذلك عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم والصحابة -رضوان الله عليهم- لحديث عليّ -رضي الله عنه-، فقال: (ليسَ في مالٍ زكاةٌ حتى يحولَ عليهِ الحَوْلُ)،[١١] فتَسقُطُ الزّكاةُ إذا هلك المال أو مات الإنسان قبل حلول الحول.

الاستثناء في شرط حولان الحول

يعتبر حولان الحول شرطاً أساسياً في وجوب الزكاة، والحولُ مُدّةٌ قدّرها الشارع الحكيم لتحقيق العدالة بين الأغنياء والفقراء، فكما في تطويلها ضررٌ على الفقراء كان في تقصيرها إجحافٌ على الأغنياء، إلّا أن بعض أصناف الأموال اقتضت حكمتها أن تَخرج عن قاعدة حولان الحول، وهي أصنافٌ خمسة بيانها فيما يأتي:[٤][٥]

  • المُعشِّرات: وهي كلّ ما كان نِصابُه العُشرَ أو نِصفه من حبوبٍ وثمارٍ، ويكون حولها وقت حصادها، أي أنّها تُزكّى عِند الحصاد حال عليها الحول أو لم يَحُل.
  • رِبحُ التّجارة: وهو النّاتِج عن التّجارة، ويكون حَوله حول أَصلِه؛ أي أنّه يُزكّى مع رأسِ المال في حول رأس المال، ولو لم يُتمّ الناتج سنةً في مُلك الإنسان.
  • نَتَاجُ السائمة: وهو ما تولّدَ عن الأنعام السائمة، والأنعام السائمة: هي الأنعام التي لا تُعلَف، بل تَرعى بنفسها من كلأ ونبات الأرض،[١٢] ويكون حولها حول أمّها، أيّ أنّها تُزكّى مع أمّهاتها إذا بَلغَت الأمّهات النّصاب.
  • الرّكَاز: وهو كلّ مالٍ دفنه أهلُ الجاهلية ووجده المسلمون،[١٣] وفيه الخُمُس، تُخرَجُ عند إيجاده فلا يُنتَظَرُ فيها حولان الحول، وهي بهذا كالحُبوبِ والثّمار جميعها تُخرَجُ من الأرض، وزكاتها تَجِبُ بالحصول عليها بعد الحصاد.
  • المعادن: وهي كلّ قَيِّمٍ أُخرِجَ من الأرض؛ كالحديد، والياقوت، والنّفط، وحوله كحول الحبوب والثّمار والرّكاز، ويُزكّى عند إيجاده، ونصابه رُبعُ العُشرِ كنصاب الذّهب.

حكمة مشروعية الزكاة

إنّ الاختلافَ والتّفاوت بين النّاسِ في أموالِهم ومكاسبهم سُنّةٌ من سننِ اللهِ في الأرضِ، فتفضيلُ بعضهم على بعضٍ في الرّزقِ أمرٌ حاصلٌ لا هروب منه، لقوله -تعالى-: (وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ فِي الرِّزقِ)،[١٤] والشّارعُ لمّا وضعَ لنا هذه السّنن أرشدنا لطريقةِ عمَلِها المُثلى؛ ليضْمن لنا حياةً كريمة تُحقّق الطمأنينة لسائر فئات المجتمع الأغنياء منهم والفقراء، إذ جاءَتِ الزّكاة كخطوةٍ أساسيةٍ لِحَلِّ هذا التّفاوت، ولتحقيقِ التّكافل المجتمعي؛ لِيسْمو المجتمع كُلّه دفعةً واحدةً فرداً فرداً، وتتّضحُ جُمْلةُ هذه المعاني من خلال بيان بعض الآثار المُترتبة على الزّكاة، منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • أثر الزّكاة في الإيمان: في أداء الزكاة زيادةٌ في الإيمان؛ فهي فريضةٌ وعملٌ صالحٌ يبتغي بِه العبدُ الأَجرَ، ويسعى بِه لنيلِ رِضوانِ اللهِ -تعالى- عنه، والإخلاص فيها قد يكون سبباً في تكفيرِ الذّنوبِ و دخولِ الجنّة -إن شاء الله-، وهذا أسمى ما يطمح إليه المُسلم.
  • أثر الزّكاة في الأخلاق: في أداء الزّكاة زيادةٌ في الخُلق الكريم؛ لِما تَزرعه في النّفس من حُبٍ للبذلِ والعطاء، وتُربّي الفرد على الامتنان وشكر النعمة، كما وتطهّرُ النّفسَ من الشّرّ، والطّمع، والبخل، والشُّح.
  • أثر الزّكاة في مال المُزكّي: في أداء الزّكاةِ زيادةٌ في بركة المال؛ فهي تُنمّي مالَ المُزَكّي ولا تُنقِصُه، ذلك أن دعم الفقير يعني زيادةَ قوّتهِ الشّرائِية التي ستنعَكِسُ في استهلاكه، وتَمَتّعه بالخدمات التي يُقدّمها التّجار وأصحابُ الأعمالِ من الأغنياء، كما أنها تَصونُ المال عن العين والحسد.
  • أثر الزّكاة في التكافل الاجتماعي: الزّكاة تنطوي على شتّى معاني الأخوة، فبذلُ المالِ فيه مواساةٌ للمعدومينَ وسدٌّ لحاجاتِ المحتاجين،[١٧] كما تقي الزّكاة المجتمعَ مِن آفةِ الفقر والضّعفِ والتّمنّن للغير،[١٥] بالإضافة إلى مساهمتها في توزيع المال بين فئات المجتمع والحدّ من احتكار الأغنياء له،[١٧] وبالتالي تقل الجرائم المالية كالسّرقاتِ والنّهبِ لِما تحقّقه في المجتمع من اكتفاءٍ يُوجب التعفُّف عن أموال الناس.[١٦]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين (2009م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية،www.islamweb.net، صفحة 540، جزء 11. بتصرّف.
  2. محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية، بيت الأفكار الدولية، صفحة 25، جزء 3. بتصرّف.
  3. صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 63. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سعيد القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، الرياض، مطبعة سفير، صفحة 42-48. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن عثيمين (2003م)، فتاوى أركان الإسلام (الطبعة الأولى)، الرياض، دار الثريا، صفحة 421-422. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2379، صحيح.
  8. رواه ابن حزم، في المحلى، عن زيد بن ثابت و عائشة أم المؤمنين و ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 9/229، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 979، صحيح.
  10. مجموعة من المؤلفين (2003-2-3)، “ماهو نصاب زكاة الحبوب وزنا؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28. بتصرّف.
  11. رواه أبو داوود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1573، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين (2002-7-15م)، “كيف تزكى الغنم السائمة وما هو قيد السوم؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين (2008-3-18م)، “ما هو الركاز -ما حكمه- ما السبيل الصحيح لاستخراجه؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  14. سورة النحل، آية: 71.
  15. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا، دار الفكر، صفحة 1790-1791، جزء 3. بتصرّف.
  16. ^ أ ب محمد التويجري (2010 م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية، دار أصداء المجتمع، صفحة 588-589. بتصرّف.
  17. ^ أ ب صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

كيفية إخراج زكاة الذّهب

تُخْرَجُ زكاة الذّهب وجوباً إذا بلغ النّصاب؛ وهو خمسٌ وثمانون (85) غراماً فأكثر، إذا حالَ عليه الحول؛ أيّ مضى على امتلاكه سنة كاملة،[١] وذلك بِاحتسابِ رُبع العشر، وربع العشر هو (2.5%)، ولفعل ذلك طُرقٌ عِدّة، فيما يأتي بيانها:[٢]

  • الطريقة الأولى: بِقسمةِ مجموع غرامات الذهب التي يملكها المُزكّي على أربعين (40)، ويكون النّاتِجُ هو مقدارُ الزّكاة الواجبُ إخراجهُ بالغرامات، على سبيل المثال لو ملك ثمانمئة (800) غراماً من الذّهب، يفعل ما يأتي: (800÷40=20) غراماً، فالواجب عليه إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثانية: بِقسمةِ مجموعِ الغرامات التي يملكها المُزكّي على عشرة (10)، ثُمَّ على أربعة (4)، ويكونُ الناتجُ هو مقدار الزّكاةِ الواجبُ إخراجها، وتطبيقاً على نفس المثال يفعل ما يأتي: (800÷10=80) غراماً، ثم (80÷4=20) غرامً، فالواجب عليه بذلك إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثالثة: لإخراج زكاةِ الذّهب نقداً، كالدّينار مثلاً، يُضرب سعر غرام الذّهب الواحِد بالدّينار بمجموع الغرامات، ثم يُقسم الناتج على (40)؛ أي يتمّ تحويل مجموع الغرامات إلى دنانير ثم إخراج ربع العشر (2.5%) منها، فإذا كان سِعر غرام الذّهب الواحد بالدنانير الآن (36) ديناراً يفعل المُزكّي ما يأتي: 800×36=28.800 ديناراً، وبعد تحويل المجموع الكلي من الذهب إلى دنانير يُخرِجُ ربع العشر (2.5%) بالقسمة على (40): 28.800÷40=720 ديناراً، فيجب عليه بناءً على ذلك إخراج سبعمئة وعشرين (720) ديناراً، وهي قيمة (20) غراماً من الذّهب.

شروط وجوب الزكاة

شروط وجوب الزكاة الخمسة

يُشترط لوجوب إخراج زكاة المال أن يكون الإنسان مُسلِماً، حُرّاً، مالكاً للنّصابِ، وأن يكون المال مُلكاً مُستقِلاً، حال عليه الحول،[٣] وتفصيلُها في ما يأتي:[٤][٥]

  • أن يكونَ المُزكّي مُسلِماً: يُشترطُ في وجوبِ الزّكاةِ أن يكونَ مُؤدّيها مُسلِماً، فالزّكاةُ مِن أًركانِ الإِسلام ولا تُقبَلُ مِن غير المسلم، وقد قال مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لِيَدعوهُم إلى الإِسلام: (بَعَثَنِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ: إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ، فادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ).[٦]
  • أن يَكونَ حُرّاً: وعكسُ الحريةِ العبوديّة، والعبدُ المَملوك لا يملكُ لِنفسهِ شيئاً، فهو ومتاعهُ و مالهُ ملكٌ لِسيّدهِ، وهذا ما ثبت بحديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وله مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ)،[٧] فما دامت الزَّكاة محلّها الأموالُ غالباً و العبد لا مالَ لهُ؛ سَقطتْ وجوبِيّتُها عن العبيد، كما لا تَجِبُ على المُكاتِب لأنه ما زال عبداً؛ والمُكاتِب: هو العبدُ الذي اتّفَقَ مع سيّده أن يُعْتِقهُ بِثَمن، كمن يشتري نفسه، إذ لا يصبح المُكاتِبُ حُرّاً حتى يُتِمَّ الثّمن المُتّفقّ عليه، فعن زيدِ بنِ ثابتٍ وعائشةَ أمِّ المؤمنين وابنِ عمرَ -رضوان الله عليهم- قالوا: (المكاتبُ عبدٌ ما بقي عليه درهمٌ).[٨]
  • أن يملِكَ نِصابَ المالِ: والنّصابُ هو نِسبَةٌ مُقَدّرَةٌ شَرعاً إذا بَلغَها الإنسانُ في مالهِ كانَ غَنياً ووجبت عليه زكاةُ هذا المال، أمّا إذا لم يَبلُغها فلا زكاة عليهِ، وتَختلفُ الأنصِبَة من صِنفٍ لِآخر؛ فزكاةُ الذّهبِ كما مرّ سابقاً تُقَدّرُ برُبْعِ العُشر (2.5%)، و زكاةُ الحُبوبِ خَمسةُ أوسقٍ أقرّها بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح حين قال: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)[٩] والوَسَقُ: أيّ ستين صاعاً (60) وهو ما يقارب (672) كيلو غرام.[١٠]
  • أن يكون المُلكُ مُستَقِلاً: أي أن يملكَ المزكّي حُريّةَ التّصرُّفِ في ماله فلا يشاركه فيه أَحد، و يُعَبَّرُ عن هذا الشرطِ أَيضاً بِتَمامِ الملكِ أو استقرارِ الملك، ولتَمامِه أَو استقرارِه صورٌ عدّة؛ إذ لا زكاة على السيّدِ في مال المكاتب الذي لَمْ يَدفَعْهُ العبدُ بعد، لأَنّ عجزه عن دفعه يُسقِطُ الدّين ويبقى مملوكاً لسيّده، فَلا يكون السّيّد قَد تَملّك المال تملُّكاً مستقلاً ولذا لا زكاة فيه، كذلك هو الحالُ في الحبوبِ والثّمار التي لَمْ تُحْصَد أو تُقْطَف بعد، إذ لا تَجب فيها الزّكاةُ إلّا إذا تَمكّنَ المُزكّي مِنها بِقطفِها وحَصدِها، فلو أصابَتْها جَائِحة قَبلَ قطفها فَأهلكتِ المحصول؛ فلا تجب الزّكاة في مالِ صاحبها لأنّها لَم تستقر في مُلكِه بعد.
  • أن يحول عليها الحول: ومعناه ألّا زكاةَ في مالٍ حتّى يَتملّكهُ الإنسان سَنةً كاملةً، ويؤيّد ذلك عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم والصحابة -رضوان الله عليهم- لحديث عليّ -رضي الله عنه-، فقال: (ليسَ في مالٍ زكاةٌ حتى يحولَ عليهِ الحَوْلُ)،[١١] فتَسقُطُ الزّكاةُ إذا هلك المال أو مات الإنسان قبل حلول الحول.

الاستثناء في شرط حولان الحول

يعتبر حولان الحول شرطاً أساسياً في وجوب الزكاة، والحولُ مُدّةٌ قدّرها الشارع الحكيم لتحقيق العدالة بين الأغنياء والفقراء، فكما في تطويلها ضررٌ على الفقراء كان في تقصيرها إجحافٌ على الأغنياء، إلّا أن بعض أصناف الأموال اقتضت حكمتها أن تَخرج عن قاعدة حولان الحول، وهي أصنافٌ خمسة بيانها فيما يأتي:[٤][٥]

  • المُعشِّرات: وهي كلّ ما كان نِصابُه العُشرَ أو نِصفه من حبوبٍ وثمارٍ، ويكون حولها وقت حصادها، أي أنّها تُزكّى عِند الحصاد حال عليها الحول أو لم يَحُل.
  • رِبحُ التّجارة: وهو النّاتِج عن التّجارة، ويكون حَوله حول أَصلِه؛ أي أنّه يُزكّى مع رأسِ المال في حول رأس المال، ولو لم يُتمّ الناتج سنةً في مُلك الإنسان.
  • نَتَاجُ السائمة: وهو ما تولّدَ عن الأنعام السائمة، والأنعام السائمة: هي الأنعام التي لا تُعلَف، بل تَرعى بنفسها من كلأ ونبات الأرض،[١٢] ويكون حولها حول أمّها، أيّ أنّها تُزكّى مع أمّهاتها إذا بَلغَت الأمّهات النّصاب.
  • الرّكَاز: وهو كلّ مالٍ دفنه أهلُ الجاهلية ووجده المسلمون،[١٣] وفيه الخُمُس، تُخرَجُ عند إيجاده فلا يُنتَظَرُ فيها حولان الحول، وهي بهذا كالحُبوبِ والثّمار جميعها تُخرَجُ من الأرض، وزكاتها تَجِبُ بالحصول عليها بعد الحصاد.
  • المعادن: وهي كلّ قَيِّمٍ أُخرِجَ من الأرض؛ كالحديد، والياقوت، والنّفط، وحوله كحول الحبوب والثّمار والرّكاز، ويُزكّى عند إيجاده، ونصابه رُبعُ العُشرِ كنصاب الذّهب.

حكمة مشروعية الزكاة

إنّ الاختلافَ والتّفاوت بين النّاسِ في أموالِهم ومكاسبهم سُنّةٌ من سننِ اللهِ في الأرضِ، فتفضيلُ بعضهم على بعضٍ في الرّزقِ أمرٌ حاصلٌ لا هروب منه، لقوله -تعالى-: (وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ فِي الرِّزقِ)،[١٤] والشّارعُ لمّا وضعَ لنا هذه السّنن أرشدنا لطريقةِ عمَلِها المُثلى؛ ليضْمن لنا حياةً كريمة تُحقّق الطمأنينة لسائر فئات المجتمع الأغنياء منهم والفقراء، إذ جاءَتِ الزّكاة كخطوةٍ أساسيةٍ لِحَلِّ هذا التّفاوت، ولتحقيقِ التّكافل المجتمعي؛ لِيسْمو المجتمع كُلّه دفعةً واحدةً فرداً فرداً، وتتّضحُ جُمْلةُ هذه المعاني من خلال بيان بعض الآثار المُترتبة على الزّكاة، منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • أثر الزّكاة في الإيمان: في أداء الزكاة زيادةٌ في الإيمان؛ فهي فريضةٌ وعملٌ صالحٌ يبتغي بِه العبدُ الأَجرَ، ويسعى بِه لنيلِ رِضوانِ اللهِ -تعالى- عنه، والإخلاص فيها قد يكون سبباً في تكفيرِ الذّنوبِ و دخولِ الجنّة -إن شاء الله-، وهذا أسمى ما يطمح إليه المُسلم.
  • أثر الزّكاة في الأخلاق: في أداء الزّكاة زيادةٌ في الخُلق الكريم؛ لِما تَزرعه في النّفس من حُبٍ للبذلِ والعطاء، وتُربّي الفرد على الامتنان وشكر النعمة، كما وتطهّرُ النّفسَ من الشّرّ، والطّمع، والبخل، والشُّح.
  • أثر الزّكاة في مال المُزكّي: في أداء الزّكاةِ زيادةٌ في بركة المال؛ فهي تُنمّي مالَ المُزَكّي ولا تُنقِصُه، ذلك أن دعم الفقير يعني زيادةَ قوّتهِ الشّرائِية التي ستنعَكِسُ في استهلاكه، وتَمَتّعه بالخدمات التي يُقدّمها التّجار وأصحابُ الأعمالِ من الأغنياء، كما أنها تَصونُ المال عن العين والحسد.
  • أثر الزّكاة في التكافل الاجتماعي: الزّكاة تنطوي على شتّى معاني الأخوة، فبذلُ المالِ فيه مواساةٌ للمعدومينَ وسدٌّ لحاجاتِ المحتاجين،[١٧] كما تقي الزّكاة المجتمعَ مِن آفةِ الفقر والضّعفِ والتّمنّن للغير،[١٥] بالإضافة إلى مساهمتها في توزيع المال بين فئات المجتمع والحدّ من احتكار الأغنياء له،[١٧] وبالتالي تقل الجرائم المالية كالسّرقاتِ والنّهبِ لِما تحقّقه في المجتمع من اكتفاءٍ يُوجب التعفُّف عن أموال الناس.[١٦]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين (2009م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية،www.islamweb.net، صفحة 540، جزء 11. بتصرّف.
  2. محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية، بيت الأفكار الدولية، صفحة 25، جزء 3. بتصرّف.
  3. صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 63. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سعيد القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، الرياض، مطبعة سفير، صفحة 42-48. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن عثيمين (2003م)، فتاوى أركان الإسلام (الطبعة الأولى)، الرياض، دار الثريا، صفحة 421-422. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2379، صحيح.
  8. رواه ابن حزم، في المحلى، عن زيد بن ثابت و عائشة أم المؤمنين و ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 9/229، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 979، صحيح.
  10. مجموعة من المؤلفين (2003-2-3)، “ماهو نصاب زكاة الحبوب وزنا؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28. بتصرّف.
  11. رواه أبو داوود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1573، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين (2002-7-15م)، “كيف تزكى الغنم السائمة وما هو قيد السوم؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين (2008-3-18م)، “ما هو الركاز -ما حكمه- ما السبيل الصحيح لاستخراجه؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  14. سورة النحل، آية: 71.
  15. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا، دار الفكر، صفحة 1790-1791، جزء 3. بتصرّف.
  16. ^ أ ب محمد التويجري (2010 م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية، دار أصداء المجتمع، صفحة 588-589. بتصرّف.
  17. ^ أ ب صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

كيفية إخراج زكاة الذّهب

تُخْرَجُ زكاة الذّهب وجوباً إذا بلغ النّصاب؛ وهو خمسٌ وثمانون (85) غراماً فأكثر، إذا حالَ عليه الحول؛ أيّ مضى على امتلاكه سنة كاملة،[١] وذلك بِاحتسابِ رُبع العشر، وربع العشر هو (2.5%)، ولفعل ذلك طُرقٌ عِدّة، فيما يأتي بيانها:[٢]

  • الطريقة الأولى: بِقسمةِ مجموع غرامات الذهب التي يملكها المُزكّي على أربعين (40)، ويكون النّاتِجُ هو مقدارُ الزّكاة الواجبُ إخراجهُ بالغرامات، على سبيل المثال لو ملك ثمانمئة (800) غراماً من الذّهب، يفعل ما يأتي: (800÷40=20) غراماً، فالواجب عليه إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثانية: بِقسمةِ مجموعِ الغرامات التي يملكها المُزكّي على عشرة (10)، ثُمَّ على أربعة (4)، ويكونُ الناتجُ هو مقدار الزّكاةِ الواجبُ إخراجها، وتطبيقاً على نفس المثال يفعل ما يأتي: (800÷10=80) غراماً، ثم (80÷4=20) غرامً، فالواجب عليه بذلك إخراج (20) غراماً من الذّهب.
  • الطريقة الثالثة: لإخراج زكاةِ الذّهب نقداً، كالدّينار مثلاً، يُضرب سعر غرام الذّهب الواحِد بالدّينار بمجموع الغرامات، ثم يُقسم الناتج على (40)؛ أي يتمّ تحويل مجموع الغرامات إلى دنانير ثم إخراج ربع العشر (2.5%) منها، فإذا كان سِعر غرام الذّهب الواحد بالدنانير الآن (36) ديناراً يفعل المُزكّي ما يأتي: 800×36=28.800 ديناراً، وبعد تحويل المجموع الكلي من الذهب إلى دنانير يُخرِجُ ربع العشر (2.5%) بالقسمة على (40): 28.800÷40=720 ديناراً، فيجب عليه بناءً على ذلك إخراج سبعمئة وعشرين (720) ديناراً، وهي قيمة (20) غراماً من الذّهب.

شروط وجوب الزكاة

شروط وجوب الزكاة الخمسة

يُشترط لوجوب إخراج زكاة المال أن يكون الإنسان مُسلِماً، حُرّاً، مالكاً للنّصابِ، وأن يكون المال مُلكاً مُستقِلاً، حال عليه الحول،[٣] وتفصيلُها في ما يأتي:[٤][٥]

  • أن يكونَ المُزكّي مُسلِماً: يُشترطُ في وجوبِ الزّكاةِ أن يكونَ مُؤدّيها مُسلِماً، فالزّكاةُ مِن أًركانِ الإِسلام ولا تُقبَلُ مِن غير المسلم، وقد قال مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لِيَدعوهُم إلى الإِسلام: (بَعَثَنِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ: إنَّكَ تَأْتي قَوْمًا مِن أهْلِ الكِتابِ، فادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ).[٦]
  • أن يَكونَ حُرّاً: وعكسُ الحريةِ العبوديّة، والعبدُ المَملوك لا يملكُ لِنفسهِ شيئاً، فهو ومتاعهُ و مالهُ ملكٌ لِسيّدهِ، وهذا ما ثبت بحديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وله مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ)،[٧] فما دامت الزَّكاة محلّها الأموالُ غالباً و العبد لا مالَ لهُ؛ سَقطتْ وجوبِيّتُها عن العبيد، كما لا تَجِبُ على المُكاتِب لأنه ما زال عبداً؛ والمُكاتِب: هو العبدُ الذي اتّفَقَ مع سيّده أن يُعْتِقهُ بِثَمن، كمن يشتري نفسه، إذ لا يصبح المُكاتِبُ حُرّاً حتى يُتِمَّ الثّمن المُتّفقّ عليه، فعن زيدِ بنِ ثابتٍ وعائشةَ أمِّ المؤمنين وابنِ عمرَ -رضوان الله عليهم- قالوا: (المكاتبُ عبدٌ ما بقي عليه درهمٌ).[٨]
  • أن يملِكَ نِصابَ المالِ: والنّصابُ هو نِسبَةٌ مُقَدّرَةٌ شَرعاً إذا بَلغَها الإنسانُ في مالهِ كانَ غَنياً ووجبت عليه زكاةُ هذا المال، أمّا إذا لم يَبلُغها فلا زكاة عليهِ، وتَختلفُ الأنصِبَة من صِنفٍ لِآخر؛ فزكاةُ الذّهبِ كما مرّ سابقاً تُقَدّرُ برُبْعِ العُشر (2.5%)، و زكاةُ الحُبوبِ خَمسةُ أوسقٍ أقرّها بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح حين قال: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)[٩] والوَسَقُ: أيّ ستين صاعاً (60) وهو ما يقارب (672) كيلو غرام.[١٠]
  • أن يكون المُلكُ مُستَقِلاً: أي أن يملكَ المزكّي حُريّةَ التّصرُّفِ في ماله فلا يشاركه فيه أَحد، و يُعَبَّرُ عن هذا الشرطِ أَيضاً بِتَمامِ الملكِ أو استقرارِ الملك، ولتَمامِه أَو استقرارِه صورٌ عدّة؛ إذ لا زكاة على السيّدِ في مال المكاتب الذي لَمْ يَدفَعْهُ العبدُ بعد، لأَنّ عجزه عن دفعه يُسقِطُ الدّين ويبقى مملوكاً لسيّده، فَلا يكون السّيّد قَد تَملّك المال تملُّكاً مستقلاً ولذا لا زكاة فيه، كذلك هو الحالُ في الحبوبِ والثّمار التي لَمْ تُحْصَد أو تُقْطَف بعد، إذ لا تَجب فيها الزّكاةُ إلّا إذا تَمكّنَ المُزكّي مِنها بِقطفِها وحَصدِها، فلو أصابَتْها جَائِحة قَبلَ قطفها فَأهلكتِ المحصول؛ فلا تجب الزّكاة في مالِ صاحبها لأنّها لَم تستقر في مُلكِه بعد.
  • أن يحول عليها الحول: ومعناه ألّا زكاةَ في مالٍ حتّى يَتملّكهُ الإنسان سَنةً كاملةً، ويؤيّد ذلك عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم والصحابة -رضوان الله عليهم- لحديث عليّ -رضي الله عنه-، فقال: (ليسَ في مالٍ زكاةٌ حتى يحولَ عليهِ الحَوْلُ)،[١١] فتَسقُطُ الزّكاةُ إذا هلك المال أو مات الإنسان قبل حلول الحول.

الاستثناء في شرط حولان الحول

يعتبر حولان الحول شرطاً أساسياً في وجوب الزكاة، والحولُ مُدّةٌ قدّرها الشارع الحكيم لتحقيق العدالة بين الأغنياء والفقراء، فكما في تطويلها ضررٌ على الفقراء كان في تقصيرها إجحافٌ على الأغنياء، إلّا أن بعض أصناف الأموال اقتضت حكمتها أن تَخرج عن قاعدة حولان الحول، وهي أصنافٌ خمسة بيانها فيما يأتي:[٤][٥]

  • المُعشِّرات: وهي كلّ ما كان نِصابُه العُشرَ أو نِصفه من حبوبٍ وثمارٍ، ويكون حولها وقت حصادها، أي أنّها تُزكّى عِند الحصاد حال عليها الحول أو لم يَحُل.
  • رِبحُ التّجارة: وهو النّاتِج عن التّجارة، ويكون حَوله حول أَصلِه؛ أي أنّه يُزكّى مع رأسِ المال في حول رأس المال، ولو لم يُتمّ الناتج سنةً في مُلك الإنسان.
  • نَتَاجُ السائمة: وهو ما تولّدَ عن الأنعام السائمة، والأنعام السائمة: هي الأنعام التي لا تُعلَف، بل تَرعى بنفسها من كلأ ونبات الأرض،[١٢] ويكون حولها حول أمّها، أيّ أنّها تُزكّى مع أمّهاتها إذا بَلغَت الأمّهات النّصاب.
  • الرّكَاز: وهو كلّ مالٍ دفنه أهلُ الجاهلية ووجده المسلمون،[١٣] وفيه الخُمُس، تُخرَجُ عند إيجاده فلا يُنتَظَرُ فيها حولان الحول، وهي بهذا كالحُبوبِ والثّمار جميعها تُخرَجُ من الأرض، وزكاتها تَجِبُ بالحصول عليها بعد الحصاد.
  • المعادن: وهي كلّ قَيِّمٍ أُخرِجَ من الأرض؛ كالحديد، والياقوت، والنّفط، وحوله كحول الحبوب والثّمار والرّكاز، ويُزكّى عند إيجاده، ونصابه رُبعُ العُشرِ كنصاب الذّهب.

حكمة مشروعية الزكاة

إنّ الاختلافَ والتّفاوت بين النّاسِ في أموالِهم ومكاسبهم سُنّةٌ من سننِ اللهِ في الأرضِ، فتفضيلُ بعضهم على بعضٍ في الرّزقِ أمرٌ حاصلٌ لا هروب منه، لقوله -تعالى-: (وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ فِي الرِّزقِ)،[١٤] والشّارعُ لمّا وضعَ لنا هذه السّنن أرشدنا لطريقةِ عمَلِها المُثلى؛ ليضْمن لنا حياةً كريمة تُحقّق الطمأنينة لسائر فئات المجتمع الأغنياء منهم والفقراء، إذ جاءَتِ الزّكاة كخطوةٍ أساسيةٍ لِحَلِّ هذا التّفاوت، ولتحقيقِ التّكافل المجتمعي؛ لِيسْمو المجتمع كُلّه دفعةً واحدةً فرداً فرداً، وتتّضحُ جُمْلةُ هذه المعاني من خلال بيان بعض الآثار المُترتبة على الزّكاة، منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • أثر الزّكاة في الإيمان: في أداء الزكاة زيادةٌ في الإيمان؛ فهي فريضةٌ وعملٌ صالحٌ يبتغي بِه العبدُ الأَجرَ، ويسعى بِه لنيلِ رِضوانِ اللهِ -تعالى- عنه، والإخلاص فيها قد يكون سبباً في تكفيرِ الذّنوبِ و دخولِ الجنّة -إن شاء الله-، وهذا أسمى ما يطمح إليه المُسلم.
  • أثر الزّكاة في الأخلاق: في أداء الزّكاة زيادةٌ في الخُلق الكريم؛ لِما تَزرعه في النّفس من حُبٍ للبذلِ والعطاء، وتُربّي الفرد على الامتنان وشكر النعمة، كما وتطهّرُ النّفسَ من الشّرّ، والطّمع، والبخل، والشُّح.
  • أثر الزّكاة في مال المُزكّي: في أداء الزّكاةِ زيادةٌ في بركة المال؛ فهي تُنمّي مالَ المُزَكّي ولا تُنقِصُه، ذلك أن دعم الفقير يعني زيادةَ قوّتهِ الشّرائِية التي ستنعَكِسُ في استهلاكه، وتَمَتّعه بالخدمات التي يُقدّمها التّجار وأصحابُ الأعمالِ من الأغنياء، كما أنها تَصونُ المال عن العين والحسد.
  • أثر الزّكاة في التكافل الاجتماعي: الزّكاة تنطوي على شتّى معاني الأخوة، فبذلُ المالِ فيه مواساةٌ للمعدومينَ وسدٌّ لحاجاتِ المحتاجين،[١٧] كما تقي الزّكاة المجتمعَ مِن آفةِ الفقر والضّعفِ والتّمنّن للغير،[١٥] بالإضافة إلى مساهمتها في توزيع المال بين فئات المجتمع والحدّ من احتكار الأغنياء له،[١٧] وبالتالي تقل الجرائم المالية كالسّرقاتِ والنّهبِ لِما تحقّقه في المجتمع من اكتفاءٍ يُوجب التعفُّف عن أموال الناس.[١٦]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين (2009م)، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية،www.islamweb.net، صفحة 540، جزء 11. بتصرّف.
  2. محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية، بيت الأفكار الدولية، صفحة 25، جزء 3. بتصرّف.
  3. صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 63. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سعيد القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، الرياض، مطبعة سفير، صفحة 42-48. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن عثيمين (2003م)، فتاوى أركان الإسلام (الطبعة الأولى)، الرياض، دار الثريا، صفحة 421-422. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2379، صحيح.
  8. رواه ابن حزم، في المحلى، عن زيد بن ثابت و عائشة أم المؤمنين و ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 9/229، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 979، صحيح.
  10. مجموعة من المؤلفين (2003-2-3)، “ماهو نصاب زكاة الحبوب وزنا؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28. بتصرّف.
  11. رواه أبو داوود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1573، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين (2002-7-15م)، “كيف تزكى الغنم السائمة وما هو قيد السوم؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين (2008-3-18م)، “ما هو الركاز -ما حكمه- ما السبيل الصحيح لاستخراجه؟”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-1-28م. بتصرّف.
  14. سورة النحل، آية: 71.
  15. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا، دار الفكر، صفحة 1790-1791، جزء 3. بتصرّف.
  16. ^ أ ب محمد التويجري (2010 م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، السعودية، دار أصداء المجتمع، صفحة 588-589. بتصرّف.
  17. ^ أ ب صالح السدلان (2004م)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 59. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الزّكاة

الزّكاة في اللغة هي الإنماء والتّطهير، فيُقال: زكى المال بمعنى نمى أو تطهّر، والمُراد بالزّكاة اصطلاحاً كما قال العلماء: حقّ في مالٍ مخصوص، لطائفة مخصوصة، في وقت مخصوص،[١] وتعدّ الزّكاة ركناً من أركان الإسلام الخمسة، فرضها الله -سبحانه وتعالى- على كلّ مسّلم توفّرت فيه الشروط ومَلَك النّصاب، فتُؤخذ من أصحاب الاموال وتُردّ على فقراء المسلمين ومصارف الزّكاة عامّة، وتعتبرعبادة وفريضة ماليّة يقوم بها الإنسان إيماناً بالله تعالى وتسليماً له، ورغبةً في تحصيل الأجر والنّجاة من العقاب، كما أنّ الإنسان المسلم عندما يؤدّي الزّكاة يستشعر أداء الواجب تجاه المجتمع المسّلم.[٢]

كيفيّة إخراج زكاة الذّهب

إذا تحقّقت شروط الزّكاة في الذّهب المملوك للإنسان المسّلم وجب عليه إخراج زكاته، والتي حددها الله -سبحانه وتعالى- بمقدار ربع العُشر؛ أي 2.5%، ويكون إخراج زكاة الذّهب بحساب كميّة الذّهب التي عند الشخص، وإذا بلغ الذّهب نصابه كما حقّقه العلماء وهو 85 غرام، أو أكثر من النّصاب؛ وجب عليه معرفة سعر الغرام الواحد من الذّهب في وقت وجوب الزّكاة عليه، ثمّ يُضرب عدد الغرامات التي يمتلكها من الذّهب بسعر الغرام الواحد منه، ويُضرب النّاتج بربع العُشر؛ أي 2.5%، والناتج هو مقدار ما يجب إخراجه من المال زكاةً للذّهب الذي يملكه.[٣]

ومثال ذلك: إذا امتلك المسلم مقدار 100 غرام من الذّهب، وكان سعر الغرام الواحد من الذّهب يوم إخراج الزّكاة 30 دينار، فالمعادلة هي: 100 غرام×30 دينار= 3000 دينار ؛ وهذا النّاتج هو قيمة الذّهب نقداً، ثمّ يُضرب النّاتج بربع العشر؛ كالآتي: 3000×2.5%= 75 دينار؛ وهذا النّتج هو ما يجب إخراجه زكاةً للذّهب.

الأموال التي تجب فيها الزّكاة

تجب الزّكاة في أنواع معيّنة من المال، وهي خمسة أنواع بيانها كالآتي:[٤]

  • السّائمة من بهيمة الأنعام؛ ويندرج في هذا النوع: الإبل والبقر والغنم.
  • الزّروع والثّمار؛ وتُخرج زكاة هذا الصّنف عند الحصاد.
  • الذّهب والفضّة والمال النقديّ.
  • عروض التجارة؛ والمقصود فيها: كلّ ما كان مخصّصاً للتّجارة من بيعٍ وشراءٍ بهدف الرّبح؛ مثل: العقارات، والآلات، والحيوانات وغيرها.
  • الرِّكاز؛ والمقصود فيه الكنوز المدفونة في الأرض من أيّام الجاهليّة ما لم يكن عليها نقش يدل على أنّها إسلاميّة وإلّا كانت لُقطة، وتخرج زكاة الرِّكاز عند العثور عليه وليس بحولان حوله.

مصارف الزّكاة

إنّ مصارف الزّكاة التي حدّدها الشّرع ثمانية أصناف، وتسمّى مصارف الزّكاة، وقد بيّنها الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم؛ حيث قال:

(إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ)،[٥] وهي كالآتي:[٦]
  • الفقراء؛ وهم الذين لا يجدون ما يكفيهم وعائلاتهم من الطّعام والشّراب وضرورات الحياة.
  • المساكين؛ وحالهم حال الفقراء إلّا أنّ حاجة الفقراء أشدّ من حاجتهم.
  • العاملون عليها؛ أي على الزّكاة؛ وهم الذين يقسمون الزّكاة ويجمعونها من أصحاب الأموال ويكتبونها ونحو ذلك، بأمر من ولي أمر المسلمين.
  • المؤلّفة قلوبهم؛ وهم الذين يُرجى بإعطائهم من مال الزّكاة تأليف قلوبهم للإسلام، فإمّا أن يكونوا كفاراً ويرجى بإعطائهم من مال الزّكاة إسلامهم، وإمّا أن يكونوا مسلمين يُقصد بإعطائهم من الزّكاة تقوية إيمانهم، أو قد يكونوا أشراراً يُرجى دفع أذاهم عن المسملين بالزّكاة، والمقصود أن يكون في إعطائهم من مال الزّكاة مصلحة للإسلام والمسلمين.
  • الرّقاب؛ وهم الرقيق الذين يُعتقون بشرائهم من أصحابهم بمال الزّكاة ثمّ يُتركون أحراراً، ويُقاس عليهم أسرى المسلمين والمختطفين منهم كما قال العلماء.
  • الغارمون؛ وهم المدينون الذين تراكمت عليهم الديون ولا يُمكنهم سدادها، فيجوز سداد ديونهم من مال الزّكاة.
  • الجهاد؛ وهو المقصود بقول: (في سبيل الله)، والمقصود بهذا الصنف هو ما يتعلّق بأمور الجهاد كافّة من تجهيز العُدّة للجهاد، وتجهيز المجاهدين.
  • ابن السّبيل؛ وهو المسافر الذي انقطعت به السُّبل وابتعد عن أهله وانتهى زاده؛ فيُعطى من مال الزّكاة وإن كان غنيّاً في بلده.

شروط وجوب الزّكاة

إنّ إيجاب الزّكاة على المسّلم مشروط بعدّة شروط، وهي كالآتي:[٧]

  • الإسلام؛ فغير المسلم غير مخاطب بخطاب الشّرع، ولو قام كافر بإخراج الزكاة لا تُقبل منه.
  • الحريّة؛ وذلك لأنّ العبد لا يمْلِك فهو كالفقير، والفقير لا تجب عليه الزّكاة بالاتّفاق بين العلماء.
  • مِلْك النّصاب، والنّصاب هو مقدار المال الذي يجب أن يملكه المسلم حتى تجب الزّكاة في ماله.
  • حولان الحَوْل، وذلك لقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (لا زكاةً في مالٍ حتى يحولَ عليه الحولُ)،[٨] والمقصود بالحَوْل هو أن يمرّ على بلوغ النّصاب في مال المسلم عام كامل، ويُحسب ذلك العام بالتقويم الهجريّ وليس بالتقويم الميلاديّ، ويبدأ حساب العام من أوّل يوم بلغ فيه المال نصابه، فإذا بلغ المال النّصاب ثمّ نقص عنه أثناء الحَوْل ثمّ عاد وبلغ النّصاب مرّة أخرى؛ فالصحيح أن يُحسب الحَوْل من بلوغ النّصاب الثّاني على مذهب جمهور العلماء، ويُستثنى من اشتراط الحَوْل أربعة أنواع من الأموال:
    • النّوع الأوّل: الخارج من الأرض؛ وهي الزّروع والثّمار، فتُخرج زكاتها عند الحصاد، لقول الله سبحانه وتعالى: (وَآتوا حَقَّهُ يَومَ حَصادِهِ).[٩]
    • النّوع الثّاني: نتاج المواشي؛ فإذا ولدت الماشية فإنّ المواليد تُضاف إلى النّصاب.
    • النّوع الثّالث: رِبْح التّجارة؛ أي الأرباح الزائدة على رأس المال أثناء الحَوْل، فإنها تُضاف على أصل رأس المال؛ لأنّ الرِّبح فرع والفرع يُلحق بالأصّل.
    • النّوع الرّابع: الرِّكاز؛ فتخرج زكاته بمجرّد العثور عليه، ونِصابه الخُمس.

المراجع

  1. الشيخ محمد طه شعبان (2017-2-18)، “تعريف الزّكاة لغة واصطلاحاً”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-22. بتصرّف.
  2. “الزّكاة…تعريفها وخصائصها”، fatwa.islamweb.net، 2002-5-1، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-22. بتصرّف.
  3. “طريقة إخراج زكاة الذهب”، fatwa.islamweb.net، 2001-2-18، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-22. بتصرّف.
  4. الشيخ محمد طه شعبان (2017-2-25)، “أقسام الزكاة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-22. بتصرّف.
  5. سورة التوبة، آية: 60.
  6. “مصارف الزكاة”، www.islamqa.info، 2005-11-28، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-22. بتصرّف.
  7. الشيخ عادل يوسف العزازي (2013-6-17)، “شروط وجوب الزكاة وحكم مانعها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-22. بتصرّف.
  8. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 9867، حسن.
  9. سورة الأنعام، آية: 141.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى