'); }
اسمه وصحبته
مالك بن دينار وهو من صغار التابعين، ويُكنّى بأبي يحيى البصري، وهو من الطبقة الخامسة من أهل البصرة، كان أبوه من سبي سِجِسْتان، وقيل: من كابل، وكان مولى لامرأة من بني ناجية من بني سامة بن لؤي، ويقال: مولى خلاس بن عمرو بن المنذر بن عصر بن أصبح بن عبد الله.[١]
وقد وُلد في بيئة إيمانية دعوية، تضيء فيها قناديل العلم والمعرفة من فتيان الصحابة وكبار التابعين، فقد ولد في أيام ابن عباس، وقد سمع من أنس بن مالك والحسن البصري وسعيد بن جبير ومحمد بن سيرين،[٢] ومن أصحابه في أهل زمانه الذين اشتهروا بعلمهم وزهدهم محمد بن واسع.[٣]
حفظه للقرآن وورعه
وعُرف عن مالك بن دينار حفظه للقرآن وتعلّقه الشديد به، وكان من ورده اليومي أن يقرأ كل يوم جزءاً من القرآن أمام أصحابه إلى أن يختمه، فإن أسقط حرفًا قال: (بذنب مني وما الله بظلاّم للعبيد)،[٤] وكان يعظ حفَظة القرآن ويذكّرهم دائماً بضرورة زرع القرآن في القلوب لا ذكره فقط على الألسُن، فالقرآن يسقي القلوب ليزهر وينبت فيه الخير.
'); }
كما تسقي الماء الأرض لتزهر الورد وتزداد الأرض جمالاً فيقول: “يا حملة القرآن! ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع المؤمن، كما أنّ الغيث ربيع الأرض، وقد ينزل الغيث من السّماء فيُصيب الحشَّ فيكون فيه الحبّة فلا يمنعها نَتَنُ موضعها أن تهتزّ وتخْضرّ وتحسُن، فيا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟”،[٥] كما أنّ مالك بن دينار عُرف بسعة علمه وشدّة ورعه وزهده.[٦]
مصدر قوته
كان يكتب المصاحف ويبقى على النسخة الواحدة مدة أربعة أشهر حتى ينهيها، فيأخذ على هذا أجرة لتكون هذه الأجرة مصدر قوته،[٧]وكان مالك بن دينار يبتعد عن الطيبات من الطعام ليعلّم نفسه ويربيها على الزهد في الدنيا، فغايته ومبتغاه ليس متاع الحياة الدنيا وإنما نعيم الآخرة وسعادتها.[٨]
والدنيا دار مرور وهي دنيا فانية، وما وُجدنا فيها إلا للعمل وتحصيل الحسنات فيها للفوز بالجنة التي هي دار البقاء،[٨]أما نوع لباسه فكان أيضاً يدل على زهده فقد كان يلبس الثياب الخشنة وهي إزاراً من صوف وعباءة خفيفة في الصيف، فيعلّم نفسه على خشونة الحياة والصبر عليها.
أما في الشتاء فلم يزد على لباسه سوى قطعة من فرو، أما بيته فقد كان مسكناً متواضعاً ليس فيه إلا ما هو بحاجته سواء من الأثاث أو من القوت.[٩]
وهؤلاء العلماء الأفاضل لم يكن ينقصهم المال حتى عاشوا بالزهد بل كان كل ما يصلهم يخرجونه في مجال الخير، وارتضوا لأنفسهم حياة الزهد مرضاة لله، وطمعاً في جنة دار البقاء، وقد وثقه النسائي وابن سعد وابن حبان، واستشهد به البخاري، وكان من الذين رووا القليل من الأحاديث.
وقد روى ما يقارب أربعين حديثاً، وصدّق الذهبي وابن حجر وعابد،[١٠]توفي مالك بن دينار على أرجح الأقوال عام (130هـ) -رحمه الله-، فقد كان مشعلاً من مشاعل العلم والعطاء.[١١]
المراجع
- ↑ أبو القاسم ابن عساكر، تاريخ دمشق، صفحة 395. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 362. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين الذهبي، تذكرة الحفاظ، صفحة 27. بتصرّف.
- ↑ ابن الجزري، غاية النهاية في طبقات القراء، صفحة 36. بتصرّف.
- ↑ إسماعيل الأصبهاني، سير السلف الصالحين، صفحة 934. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 364. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 364. بتصرّف.
- ^ أ ب أبو القاسم ابن عساكر، تاريخ دمشق، صفحة 406. بتصرّف.
- ↑ ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، صفحة 26 – 27. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين الذهبي، ميزان الاعتدال، صفحة 426. بتصرّف.
- ↑ محمد الأثيوبي، قرة العين في تلخيص تراجم رجال الصحيحين، صفحة 420. بتصرّف.