مفهوم الكرامة من الله

'); }

مفهوم الكرامة من الله

المقصود بها كما بينها السفاريني حيث قال: “هي شيء خارق للعادة لا يقترن بدعوى النبوة، ولا هو مقدمة، يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح، ملتزم لمتابعة نبي كلف بشريعته مصحوب بصحيح الاعتقاد والعمل الصالح، علم بها ذلك العبد الصالح أو لم يعلم”، ويوضح ابن أبي العز أن الكرامة هي الدوام على الطاعة وعدم العصيان، وأن أعظم الكرامات هي تلك وافقت كل ما يحبه الله ويرضاه.[١]

والكرامة لغة: أخذت من الإكرام، وفي الاصطلاح فالكرامة لها مفهومان: عام، وخاص، فالعامّ يضم كل ما وهبه الله لعباده المتقين من النعم والعطايا والأرزاق، وأما مفهومها الخاص؛ فهي الأمر الخارق للطبيعة، على غير ما اعتاد عليه الإنسان والجانّ، يجريه الله -تعالى- على يد عبده الصالح.[٢]

وهي ابتغاء مرضاة الله -تعالى- وفق منهجه ومع حرصه على اتباع سنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- التي تُشكر من خلالها النعم الإلهية، وأفضل كرامة وأجلها هي دخول الجنة والعتق من النيران، فالكرامة هي النتيجة الطبيعية للاستقامة وطاعة الله -تعالى- وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.[٢]

'); }

أقسام الكرامة

وللكرامة قسمان وهما:[١]

  • الكرامة الحسية، وعبر عنها ابن عجيبة بقوله: “هي فعل شيء يعارض قوانين الطبيعة ولم يعتد الإنسان عليه مثل: السير على الماء من غير قارب، والطيران في الجو من غير طائرة، والوصول إلى أماكن بعيدة من غير وسيلة نقل، وغير ذلك من خوارق الطبيعة”.
  • الكرامة المعنوية، وعبر عنها ـ: “بطاعة الله -تعالى- في السر والعلن، وأزال الأستارعن قلبه، حتى عرف الله -تعالى- حق المعرفة، مع عصيان النفس وقوة الإيمان وما وقر في قلبه لله -تعالى- من سكينة ويقين”.

ضوابط الكرامة

أصّل الإمام الشاطبي أصولاً وقواعد لاعتبار هذه الكرامات صحيحة ومقبولة شرعاً، ومن هذه القواعد ما يأتي:[١]

  • ألا تخالف النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة ولا الأحكام والقواعد الدينية الكلية، وإلا فإنه يعتبر وهم خيالات شيطانية.
  • أن يكون مقصود الكرامة لعبادة وطاعة واستقامة العبد، فلا تناقض بين الأصل والفرع.

وبين الشيخ سليمان بن عبد الله -رحمه الله- الفرق بين الكرامة واستدراج الشيطان بقوله: “فإذا كان العبد عاصيا لله -تعالى- ويأتي بالموبقات فإن الذي يظهر على يديه ليس كرامة بل هو وهم من صنع الشيطان”، وكل من يقول أنه يعلم الغيب فهو كاذب؛ لأنه عارض نصاً قرآنياً صريحاً قال -تعالى-: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ).[٣][١]

أمثلة على كرامات الأولياء الصالحين

والأمثلة على كرامات الأولياء كثيرة جداً، ومنها ما يأتي:[٤][٥]

  • أورد النووي -رحمه الله- في رياض الصالحين في باب كرامات الأولياء وفضلهم قصة الصحابيين الجليلين وهما: أسيد بن حضير وعباد بن بشر -رضي الله عنهما- أنهم خرجوا من عند النبي -صلى الله عليه وسلم- في ليلة حالكة الظلام ليس هناك أي وسيلة للإنارة؛ فأنار الله -تعالى- من أمامهم الطريق مثل المصباحين.
  • قصة أولئك الفتيان المؤمنين المتقين الذين ثبتوا على توحيدهم لله -تعالى- رغم صد قومهم الكافرين لهم حيث قال -تعالى-: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا).[٦]
  • قصة مريم -عليها السلام- التي بينها الله -تعالى- في كتابه العزيز حيث يقول -تعالى-: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا).[٧]

ومن الأمور التي تدل على إقرار السنة النبوية بالكرامات ما أشار إليه النبي -عليه الصلاة والسلام- في بعض الأحاديث أن الإنسان مهما كان جنسه ولونه ومدى علاقته بمن حوله وحاله من الفقر والغنى ولبسه رثا بالياً كان أم سليماً بهياً، وشعره ومظهره جميلا كان أم غير ذلك؛ وتربطه علاقة إيمانية قوية مع ربه -تعالى- فإن الله سيجيب دعاءه ويلبي رغباته لكرامته عند الله -تعالى- قال -صلى الله عليه وسلم-: (رُبَّ أشْعَثَ، مَدْفُوعٍ بالأبْوابِ لو أقْسَمَ علَى اللهِ لأَبَرَّهُ).[٨][٥]

وكذلك بين النبي -عليه الصلاة والسلام- أن الصالحين من الأمم السابقة كان لهم كرامات عظيمة، ومن ذلك أن الله -تعالى- يلهمهم لفعل وقول الحق، ثم يبين -صلى الله عليه وسلم- أن هذا الأمر ليس فقط محصورا بتلك الأمم فقط.

بل إن من أمته من لهم مثل هذه الكرامات ومنه الإلهام إلى فعل الحق وقوله، وصرّح النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من هؤلاء الصحابي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (لقَدْ كانَ فِيما قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، فإنْ يَكُ في أُمَّتي أحَدٌ، فإنَّه عُمَرُ).[٩][٥]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث عبد الهادي العمري، كتاب آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا [، صفحة 728- 737. بتصرّف.
  2. ^ أ ب أسماء بنت محمد توفيق بركات ملا حسين، كتاب آراء الصاوي في العقيدة والسلوك، صفحة 803-808. بتصرّف.
  3. سورة النمل، آية:65
  4. لابن عثيمين، كتاب شرح رياض الصالحين لابن عثيمين، صفحة 92. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 260-264. بتصرّف.
  6. سورة الكهف، آية:9
  7. سورة مريم ، آية:97
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:2622، صحيح .
  9. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3689، صحيح.
Exit mobile version