محتويات
'); }
النبي شعيب عليه السلام
نسب النبي شعيب وترتيبه بين الأنبياء
يُعدّ النبيّ شعيب -عليه السّلام- من الأنبياء العرب، وقد بُعث إلى قوم مَدين وهم عرب شمال الجزيرة العربيّة، وتقع مَدين بين مكّة وفلسطين، وقد كانت بعثته -عليه السّلام- قبل بعثة موسى -عليه السّلام-،[١] حيث ورد ذكر شعيب -عليه السّلام- في القرآن الكريم أنّه قد أُرسل بعد هود، وصالح، ولوط -عليهم السّلام-، وتجدر الإشارة إلى أنّه قد ورد ذكر قوم مَدين في القرآن الكريم بلفظ أصحاب الأيكة.[٢]
صفات النبي شعيب ولقبه
لُقّب نبيّ الله شعيب -عليه السّلام- بخطيب الأنبياء،[٣] ويعود سبب ذلك لاتّصافه بالفصاحة والبلاغة،[١]وهو ما كان يظهر في دعوته لقومه إلى الإيمان، والتّصديق برسالته،[٤] ولحسن مراجعتهم فيما كان يدعوهم إليه.[٥]
'); }
نبوة شعيب عليه السلام
قوم النبي شعيب عليه السلام
أشير مسبقاً إلى أنّ نبيّ الله شعيب -عليه السّلام- بُعث إلى قوم مَدين،[١] وهي مدينة تقع على بحر قلزم -وهو البحر الأحمر- وتحاذي مدينة تبوك،[٦] وقد منّ الله -تعالى- على سكّان مَدين بنعمه الكثيرة في شتّى مناحي الحياة، فمن حيث العدد جعلهم الله شعباً كثير العدد بعد أن كانوا قلّة، حيث قال الله -تعالى-: (وَاذكُروا إِذ كُنتُم قَليلًا فَكَثَّرَكُم)،[٧] ومن حيث القوّة فقد كانوا أقوياء يترصّدون للنّاس في الطّرقات بعد أن كانوا ضعفاء لا حيلة لهم.[٦]
ومن حيث الرّزق والمعاش فقد كانوا أغنياء يملكون البساتين والمحاصيل ويتصرفون في نتاجها بعد أن كانوا فقراء ومحتاجين، ورغم هذه النّعم التي يتنعّمون بها لم يؤمنوا بدعوة شعيب -عليه السّلام- وكفروا بالله -تعالى-،[١] فعبدوا شجرة من الأيك فسُمّوا بأصحاب الأيكة،[٦] وليس هذا فحسب بل شاع بينهم الفساد في معاملاتهم وأخلاقهم، ومن صور ذلك ما يأتي:[١]
- التّطفيف في الكيل والميزان، فإذا اشتروا أوفوا، واذا باعوا أنقصوا.
- التّبخيس في حقوق النّاس الماديّة والمعنويّة، وما يشمل ذلك من غش، وحيل، وإنقاص.
- إخافة المارّة وترويعهم وقطع السّبل عليهم.[٦]
دعوة النبي شعيب
دعا نبي الله شعيب -عليه السّلام- قومه إلى توحيد الله -تعالى-، ونبذ الأصنام والأوثان،[٨] وليس هذا فحسب بل عمد -عليه السّلام- إلى إصلاح الحياة الاجتماعية التي كانت سائدة بينهم، وذلك من خلال ما يأتي:[٩]
- دعا -عليه السّلام- قومه إلى إقامة العدل، والقسط في الكيل والميزان.
- دعا -عليه السّلام- قومه إلى المحافظة على حقوق النّاس وعدم التبخيس فيها.
- دعا -عليه السّلام- قومه إلى مجانبة الإفساد في الأرض.
- دعا -عليه السّلام- قومه إلى المحبة والألفة وبثّها فيما بينهم.
- دعا -عليه السّلام- قومه إلى ترك قرض الدّراهم وكسرها، حيث كانوا يفعلون ذلك بغية تنقيص قدرها وإفسادها، فيتعاملوا بالصّحاح منها، ويبخسون في المقروضة منها.[١٠]
- حذّر -عليه السّلام- قومه من منع المؤمنين الذين اتّبعوه -عليه السّلام- عن سبيل الله -تعالى-.[٢]
- عمد -عليه السّلام- إلى تذكير قومه بنعم الله -تعالى- العديدة عليهم.[٨]
إلّا أنّ قومه -عليه السّلام- لم يستجيبوا لدعوته ولم يتوقفوا عن ضلالهم وإفسادهم، وأصرّوا على كفرهم، فرحل عنهم ومن معه من المؤمنين إلى مكة وأقاموا فيها حتى توفّاهم الله -تعالى- هناك.[١]
عاقبة وجزاء قوم النبي شعيب عليه السلام
كان الأسلوب الذي يتّبعه شعيب -عليه السّلام- مع قومه ليّنا، ولكن بعد إصرارهم على الكفر فتح الله على قومه باباً من أبواب جهنّم سبّب لهم الحرّ الشديد الذي لا يُطاق، ثمّ بعث الله -تعالى- سحابة فيها ريح طيّبة وباردة، فلمّا رأوها تسابقوا نحوها، وعندما اجتمعوا تحتها أُطبقت عليهم،[٨] حيث قال الله -تعالى-: (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)،[١١][٣] كما أنّ الله -تعالى- عذّبهم بالصّيحة؛ وهي صوت عال مخيف من السّماء كان قد أودى بحياتهم،[٩]حيث قال الله -تعالى-: (وَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا شُعَيبًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَأَخَذَتِ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ).[١٢][٦]
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح احمد غلوش (1423)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت:موسسة الرسالة، صفحة 159-160. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (1418)، موجز دائرة المعارف الإسلامية (الطبعة 1)، الشارقة:مركز الشارقة، صفحة 6286، جزء 20. بتصرّف.
- ^ أ ب ابن ابي الدنيا (1416)، العقوبات (الطبعة 1)، بيروت:دار ابن حزم، صفحة 123-124. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير (1388)، قصص الأنبياء (الطبعة 1)، القاهرة:دار التأليف، صفحة 276، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ ابن ابي حاتم (1419)، تفسير القرآن العظيم (الطبعة 3)، السعودية: مكتبة نزار مصطفى الباز ، صفحة 1522، جزء 5. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج حمود الرحيلي (1424)، منهج القرآن الكريم في دعوة المشركين إلى الإسلام (الطبعة 1)، المدينة المنورة:الجامعة الاسلامية، صفحة 219-221، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الاعراف، آية:86
- ^ أ ب ت محمد ملكاوي (1405)، عقيدة التوحيد في القرآن الكريم (الطبعة 1)، المدينة المنورة:مكتبة دار الزمان، صفحة 216-218. بتصرّف.
- ^ أ ب وهبة الزحيلي (1422)، التفسير الوسيط (الطبعة 1)، دمشق:دار الفكر، صفحة 1064، 1069، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر، صفحة 134، جزء 12. بتصرّف.
- ↑ سورة الشعراء، آية:189
- ↑ سورة هود، آية:94