الضرائب
تُعدّ الضرائب من أهمّ أشكال الإيرادات العامة للدول؛ حيث تمتلك نظريتها أهميّة كبيرة بين النظريّات المُستخدمة في الماليّة العامة، كما تتميّزُ بدورها المهم في المساهمة بالوصول للأهداف الخاصة بالسياسة الماليّة؛ لذلك ظهرت العديد من المفاهيم والتعريفات المرتبطة بالضرائب، فتُعرَّف بأنّها فروض إلزاميّة تُحدّد من خلال الدول، ويلتزم الأفراد بدفع قيمتها دون مقابل؛ من أجل تقديم المساعدة للدول في تحقيق الأهداف المجتمعيّة، ومن تعريفاتها الأُخرى هي مساهمة ذات طبيعة نقديّة أو عينيّة، ويقدّمها الأفراد للدول التي يعيشون فيها سواء أكانوا يحصلون على فائدة من الخدمات العامة أم لا، وتفرض الدول هذه الضرائب لارتباطها مع أهداف اقتصاديّة، وسياسيّة، وماليّة.[١]
تطور الضرائب في الاقتصاد
شهدت الضرائب تطوراً في الفكر الاقتصاديّ بالتزامن مع ظهور العديد من المراحل الفكريّة الاقتصاديّة، وفيما يأتي معلومات عن أهمّها:[٢]
- الضرائب في الفكر الاقتصاديّ الفيزيوقراطيّ: وهو مجال فكريّ ظهر في القرن الثامن عشر للميلاد بفرنسا، واهتمّ مفكروا هذا الاقتصاد بالضرائب الموحدة والمفروضة على الأراضيّ الزراعيّة؛ حيث تُعدّ المصدر الوحيد لتوفير الثروات، كما أنّ أصحاب هذه الأراضي هم الفئة المجتمعيّة التي تُنتج إيراداً بشكل صافٍ؛ لذلك لا توجد أيّ جدوى لفرض الضرائب على أصحاب الطبقات الأخرى.
- الضرائب في الفكر الاقتصاديّ الكلاسيكيّ: اهتمّ هذا الفكر بضرورة تحقيق التوازن بين تقديرات الإيرادات العامة والنفقات العامة؛ إذ إنّ أفضل إدارة ماليّة تعتمد على وجود توازن في الميزانيّة، وتفادي أيّ مخاطرة لظهور عجز فيها، وظهرت في هذه المرحلة الفكريّة مجموعة من الأفكار الضريبيّة عند عدّة مُفكّرين اقتصاديين من أهمّهم:
- الضرائب عند آدم سميث؛ حيث حرص على تحديد أربعة أُسس للضريبة، وشملت الجباية، والتحصيل الملائم، واليقين، والعدالة، وأشار سميث إلى ضرورة الحاجة للضرائب؛ لأنّها تُعدّ من الوسائل الرئيسيّة للتمويل الخاص بالدول.
- الضرائب عند ديفيد ريكاردو؛ حيث رأى أنّ القطاعات الصناعيّة، والزراعيّة، والتجاريّة يجب أن تبتعد عن تدخُّل الدول، ولكن عندما تريد الدول مواجهة النفقات الخاصة بها يجب أن تقتطع قيمة هذه الضرائب، كما يعتبرها ريكاردو نوعاً من أنواع الريع الخاص بالملكيّة العقاريّة والمؤثرة على السعر العقاريّ، ولا تؤثّر على سعر المستهلك.
أنواع الضرائب
توجد أنواع عدّة للضرائب ولكلٍّ منها مجال خاص فيه، ومن أهمّ هذه الأنواع:[٣]
- الضرائب على الأشخاص: هي من أقدم أنواع الضرائب المعروفة منذ العصور الوسطى؛ حيث فُرِضت على كافة الأفراد، وتتميّز بسهولة حسابها وتحصيلها وفرضها.
- الضرائب على المال: هي التي تُفرض على كافة أموال فرد ما، وتتميّز بالعدالة والوفرة، ولكن لا يُمكن حصر كافة أملاك الأفراد؛ ممّا يؤدي إلى تشجيعهم على التهرب الضريبيّ.
- الضرائب المباشرة وغير المباشرة: هي الضرائب الشائعة والمنتشرة في العصر الحديث، ولكن من الصعب التفريق بينها؛ لذلك يتمّ الاعتماد على استخدام مجموعة من المعايير للمقارنة بين هذه الضرائب وهي:
- ثبات الخدمة أو المنتج الخاضع للضريبة: هي كافة المواد التي تُفرض عليها الضرائب، ففي حال كانت ثابتة بشكلٍ مستمر تُعدّ من الضرائب المباشرة، أمّا في حال لم تكن ثابتة عندها تُعدّ من الضرائب غير المباشرة.
- معيار التحصيل: وهو الاستناد على طبيعة الجهة الإداريّة التي تُحصّل الضرائب أو الوسيلة المستخدمة في تحصيلها، ويختلف هذا المعيار بين دول العالم.
- نقل العبء الخاص بالضرائب: وهو التمييز بين الضرائب غير المباشرة والمباشرة بالاعتماد على الأفراد الذين يتحملونها؛ حيث تُعتبر الضريبة مباشرة عندما يتحملها المكلف الأخير بها، بينما تُصنّف الضريبة بأنّها غير مباشرة في حال نُقِلت من المكلّف بها إلى شخص آخر.
- الضرائب على الدخل: هي ضرائب تفرضها الدول على الأفراد الذين يعيشون في مجتمعاتها، وتُعدّ من الضرائب المهمة؛ لذلك ظهرت لها العديد من المفاهيم والتعاريف المختلفة بين المُفكّرين والكُتّاب، وتشمل هذه الضرائب نوعين هما:
- ضريبة الدخل العامة: هي اعتماد كافة دخول الفرد على ضريبة واحدة فقط، مهما كانت للفرد مصادر مُتعدّدة من الدخل.
- ضريبة فروع الدخل، وتُعرف أيضاً باسم الضرائب النوعيّة؛ أيّ تُفرض الضريبة وفقاً لنوع الدخل الخاص بالفرد، ويعتمد ذلك على تقسيم المصادر الرئيسيّة للدخل؛ حيث يوجد دخل ناتج عن العمل ويتبع لضريبة الأجور، ويوجد دخل ناتج عن رأس المال، ويتبع للضريبة الخاصة بالأموال المنقولة.
القواعد الأساسيّة للضرائب
يعتمد تطبيق الضرائب على مجموعة من القواعد الأساسيّة التي تُعدّ أُسساً تلتزم بها الدول، وتسعى هذه القواعد إلى تعزيز التوافُق بين مصالح الممولين والخزينة العامة، وفيما يأتي معلومات عن أهمّ هذه القواعد:[٤]
- قاعدة المساواة: هي اعتبار العدالة الضريبيّة من المبادئ المهمة للنظام الضريبيّ الفعال؛ حيث تسعى السلطة المشرعة للضريبة إلى تطبيق هذه العدالة أثناء توزيع الأعباء بين أصحاب الضرائب؛ حيثُ تطور هذا المفهوم مع تطور المجتمعات، فيُقصد بالعدالة عند التقليديين بأنّها مساهمة كافة أفراد المجتمع بتحمُّل النفقات الخاصة بالدولة، وفقاً لمقدرة التكلفة النسبيّة لكلٍّ منهم أيّ أن تتناسب مساهمتهم مع دخولهم.
- قاعدة اليقين: هي قاعدة تُشير إلى الضريبة الجيّدة التي تكون مُحددةً بشكل واضح؛ بمعنى أن تكون ضريبة صريحة ومعيّنة، فأسلوب وموعد تحصيلها معروفان، وسعرها واضح ومُحدّد، وتُشير هذه القاعدة إلى وجود معرفة مسبقة عند الفرد المُكلّف بالضريبة من الدولة.
- قاعدة الثبات: هي أنّ حصيلة الضرائب لا تتغيّر نتيجةً للتغيرات الاقتصاديّة؛ وتحديداً في فترة الكساد الاقتصاديّ، ولكن تزداد حصيلة الضرائب غالباً عند زيادة الإنتاج والدخول العامة.
- قاعدة المرونة: هي أن يصحب التغيّر بالدخل من الناحية المكانيّة والزمانيّة تغيّر بحصيلة الضرائب؛ أيّ أن الضرائب المرنة هي التي تشهد زيادةً بقيمتها؛ بسبب ارتفاع معدّلاتها مع عدم ظهور انكماش في وعائها الضريبيّ، ومن ثمّ ظهور انخفاض بحصيلتها.
المراجع
- ↑ عبد الحميد عفيف (2013 – 2014)، فعالية السياسة الضريبية في تحقيق التنمية المستدامة (دراسة)، الجزائر: جامعة فرحات عباس – سطيف، صفحة 2. بتصرّف.
- ↑ خديجة ثابتي (2011 – 2012)، دراسة تحليلية حول الضريبة والقطاع الخاص، الجزائر: جامعة أبو بكر بلقايد – تلمسان، صفحة 11، 12. بتصرّف.
- ↑ مؤيد حمدالله (2005)، دور سياسة ضريبة الدخل في تحقيق الأهداف الاقتصادية في فلسطين، فلسطين: جامعة النجاح الوطنية، صفحة 13، 16، 17، 18. بتصرّف.
- ↑ ليلى بن سنوسي، ومسعودة جديد، الضرائب وآثارها على التنمية الاقتصادية (دراسة)، الجزائر: المركز الجامعي العقيد أكلي محند أولحاج – البويرة، صفحة 5، 6. بتصرّف.