نعيم الجنة
ترقّ القلوب وتصفو الأرواح المشتاقة عند ذكر نعيم الجنة، فالجنّة هي من أعظم أماني العبد المؤمن، وقد ورد في الجنة العديد من الأوصاف، ومن ذلك أنّ لها ثمانية أبواب؛ بابٌ للصلاة، وبابٌ للجهاد، وبابٌ للصيام اسمه باب الريان، وبابٌ يدخل منه أهل الصدقة، أمّا عن أهل الجنة فلهم حظٌ وافرٌ من الهيبة والجمال، فأوّل فوجٌ يدخل الجنة يكونون في الحُسن والوضاءة كضوء القمر ليلة البدر، أمّا الفوج الذي يلونهم فهم كالكوكب الدُّري الذي يضيء السماء، أمّا بناء الجنة فيكون لبنةً من ذهبٍ، ولبنةً من فضةٍ، وتراب الجنة الزعفران، والحصى فيها من اللؤلؤ والياقوت، أمّا أنهارها ففيها اللبن، والعسل، والخمر الذي لا يُذهب العقل، فقال الله تعالى في وصفها: (يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ*بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ*لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ)،[١] وغيرها الكثير، أمّا عن أشجار الجنة، ففيها شجرةٌ تُسمّى شجرة طوبى يستظلّ الراكب في ظلّها مسافة مئة عامٍ، أمّا نساء أهل الجنة فقد جاء في وصفهن أنّ نظر الواحدة منهُنّ إلى الأرض كالإضاءة ما بين السماء والأرض، وأعظم ما يحصل عليه أهل الجنة من النعيم رؤية وجه الله جلّ جلاله، وسلامه عليهم، حيث إنّهم سيرونه كما يرون القمر ليلة البدر، لا يُضامونَ في رؤيته، ففي هذه اللحظة ينسى العبد كلّ ما عاناه في الحياة الدنيا من مصاعبٍ ومشاقٍ وأكدارٍ، ويتبدّد أمام النعيم المقيم.[٢]
كلمات عن الجنة
تبتهج النفوس وتطيب القلوب بذكر الجنة؛ فهي النعيم المقيم والأُنس الذي لا كدر فيه، وهي دار الفرح والسعادة، أمّا الحياة الدنيا ففيها السعادة والحزن، والعسر واليسر، وفيها العافية والمرض، فلا يُمكن أن يكتمل للإنسان في الحياة الدنيا مطلب الراحة والسكينة، حيث وصف النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الدنيا والآخرة بقوله: (الدُّنيا سِجنُ المؤمنِ وجنةُ الكافرِ)،[٣] فالعاقل من فهم حقيقة الدنيا، وأنّها دارٌ للعبور إلى الحياة الحقيقية، وهي الحياة الآخرة، فالواجب على العبد ألّا يتّخذ الدنيا مقرّاً له ويغفل عن الآخرة، والمُحسن من جعل أكبر همّهُ الآخرة، فمن كانت الآخرة مطلبه ومبتغاه؛ أعطاه الله -عزّ وجلّ- الغنى في قلبه، والتوفيق في الدنيا والآخرة، ومهما بلغ الإنسان في الحياة الدنيا من السعادة والنعيم تبقى سعادته ناقصةً، فلا تكتمل سعادة المؤمن إلّا بوضع قدميه في الجنة، يقول الله عزّ وجلّ: (وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ*يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَـذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ)،[٤] فالعاقبة لمن صبر على ما في الدنيا من بلاءٍ واطمأن لوعد الله عزّ وجلّ، وجعل كلّ شوقه للجنة ونعيمها الأبدي، ومن أبرز نعيم الجنة:[٥]
- قصور الجنة، فالناس يبذلون في الحياة الدنيا قُصارى جهدهم في بناء البيوت، وتشييد القصور، ولكنّ قصور الجنة التي أعدّها الله -عزّ وجلّ- لعباده المؤمنين لا تُشبه قصور الدنيا إلّا بالأسماء، فهي نعيمٌ عظيمٌ أعدّه الله -تعالى- لمن أطاعه، وصبر على قضائه، وأحسن إلى العباد، واستكثر من قراءة القرآن، وذكر الرحمن.
- اللباس والزينة في الجنّة، حيث يحرص الناس في الدنيا على اختيار الثوب الحسن وهي من النعيم الزائل، أمّا لباس أهل الجنة فهو لباس الفخر الذي يُزيّنه الذهب والفضة، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ)،[٦] فلأهل الجنة حظٌ كبيرٌ من النعيم.
- طعام وشراب في الجنّة، فلا يوجد وجه مقارنةٍ بين طعام أهل الدنيا وطعام أهل الجنة، فالطعام في الدُنيا فيه النافع وفيه الضار، أمّا الطعام في الجنة فكلّه نافعٌ، فأهل الجنة لا يبولون ولا يتغوّطون، وأول ما يُؤتى لهم من الطعام زيادة كبد الحوت.
- نساء الجنة؛ ميّز الله -تعالى- نساء الجنة بأنّ وجوههنّ نضرةً كلّها جمالٌ، يكسوهنّ الطُهر والعفاف.
- الولدان في الجنة؛ ففي الجنة ولدان لا يتغيّرون، ولا يكبرون، مسخّرون لخدمة أهل الجنة، شبّههم الله -عزّ وجلّ- باللؤلؤ المنثور، وعندما يكون اللؤلؤ منثوراً يكون في حالةٍ من البهاء والجمال الرائع.
الجنة في القرآن
ورد ذكر الجنة في العديد من آيات القرآن الكريم؛ للترغيب في نيلها، ورفع الهمم لبلوغ أعلى الدرجات فيها، حيث بيّن الله -تعالى- الطريق المُوصل إلى الجنة، وهو التزام الإيمان الخالص، والعمل الصالح، حيث ورد في القرآن الكريم أنّ الجنة تتزيّن لعباد الله الصالحين، ولها درجاتٌ متفاوتةٌ بين كلّ درجةٍ ودرجةٍ كالذي بين السماء والأرض، وقد ورد للجنة في القرآن الكريم عدّة أسماءٍ، وهي:[٧]
- الجنة؛ وهو الاسم العام للنعيم، حيث تعرّف الجنة في اللغة بالستر، ومن ذلك: الجنّ؛ لاستتارهم عن أعين البشر.
- دار السلام؛ فالسلام من أسماء الله تعالى، وبها يُسلم عباده المؤمنين من كلّ مكروهٍ، أو همٍ، أو حزنٍ، وتحية أهل الجنة السلام.
- دار الخُلد؛ فنعيم أهل الجنة دائمٌ بلا انقطاعٍ، ولا انتهاءٍ.
- جنة المأوى؛ في الجنة يستقرّ المؤمنين، وتسكن أرواحهم تحقيقا لوعد الله -عزّ وجلّ- لهم.
- جنات عدنٍ؛ والمقصود بعدن الإقامة، والجنة هي دار المُستقرّ.
- الفردوس؛ ومعنى الفردوس البستان، وهو اسمٌ يُطلق على أعلى الجنة.
- جنات النعيم؛ لما فيها من ألوان النعيم الظاهر والباطن، الذي يُبهج الأنفس.
- مقعد صدق؛ فهي دار الحقّ التي تخلو من اللغو، ومن قول الباطل والمنكر.
- المقام الأمين؛ فهو المكان الآمن من كلّ سوءٍ ومكروهٍ.
المراجع
- ↑ سورة الصافات، آية: 45-47.
- ↑ منديل الفقيه (17-10-2011)، “وصف الجنة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-11-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2956، صحيح.
- ↑ سورة غافر، آية: 38-39.
- ↑ د. بدر هميسة، “هيا نشتاق إلى الجنة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-11-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية: 23.
- ↑ “وصف الجنة في القرآن الكريم”، articles.islamweb.net، 29-8-2010، اطّلع عليه بتاريخ 23-11-2018. بتصرّف.