محتويات
ثقب الأوزون
يُعتبر الأوزون (بالإنجليزيّة: Ozone) من العناصر الضّروريّة للحياة على سطح الأرض، فهو لا يقل أهميّة عن الأكسجين والماء؛ وذلك لأنّه يمتص معظم الأشعة فوق البنفسجيّة الضّارة التي تصلنا من الشّمس، ويحمى بذلك أشكال الحياة المعروفة على سطح الأرض، وبالرّغم من أهميّة طبقة الأوزون للبشر إلا أنّ أنشطة البشر أنفسهم ألحقت الضّرر بطبقة الأوزون حيث أدى إطلاق المواد الكيميائيّة التي صنعها الإنسان مثل مركبات الكلوروفلوروكربون، والهالونات، ورابع كلوريد الكربون، و1،1،1-ثلاثي كلور الإيثان، وبروميد الميثيل إلى نضوب طبقة الأوزون في طبقة السّتراتوسفير فوق القارة القطبيّة الجنوبيّة،[١]علماً أنّ ثقب الأوزون يعني ترقّق طبقة الأوزون في الستراتوسفير، ولا يعني وجود ثقب فعلياً، والذي يتغير موسمياً، ففي بعض الأوقات من السنة يكون الثقب أكبر بينما في أوقات أخر عكس ذلك.[٢]
اكتشاف ثقب الأوزون
بدأ العلماء بقياس الأوزون في الغلاف الجوي للقارة القطبيّة الجنوبية منذ عام 1957، وفي عام 1976 لاحظوا انخفاضاً واضحاً في مستوى الأوزون، في البدايّة اعتقدّ العلماء أنّ الأمر طبيعي، حيث تختلف مستويات الأوزون من موسم أو فصل لآخر وتنخفض بشكلٍ خاص خلال فصل الرّبيع، وقد سجل العلماء بالفعل انخفاض سمك طبقة الأوزون خلال فصل الرّبيع بنسبة 10%، ثم لاحظوا أنّ الأمر يزداد سوءاً في كل ربيع عن سابقه، عندها بدأ العلماء بالقلق، فقد اكتشفوا للتو أكبر ثقب أوزون في العالم، وفي عام 1985 تيقّن العالَم أنّ ثقب الأوزون يمثّل مشكلة كبيرة، وأنّها ناتجة عن البشر أنفسهم،[٢]ومن الجدير بالذّكر أن العلماء اكتشفوا ثقب الأوزون بعد بضع سنوات من تشكلّه في أواخر سبعينيات القرن العشرين، وقد أكدّت وكالة ناسا وجوده عام 1985م.[٣]
أسباب ثقب الأوزون
ينتج ثقب الأوزون عن أسباب بشريّة وأسباب طبيعيّة.
أسباب بشرية
يستخدم البشر الكثير من المنتجات التي تؤدي إلى استنفاذ طبقة الأوزون ومن أهمها:[٤]
- مركبات كلوروفلوروكربون: تستخدم مركبات كلوروفلوروكربون (بالإنجليزيّة: Chlorofluorocarbons) في أجهزة التّبريد، وكمادة دافعة، ولإنتاج الرّغوة، وتوجد أيضاً في الهباء الجوي، وهي مركبات ضارة لأنها تُنتج عناصر تستنفذ الأوزون مثل الكلور، والبروم.
- مركبات الهيدروكلوروفلوروكربون:تُستخدم مركبات الهيدروكلوروفلوروكربون (بالإنجليزيّة: Hydrochlorofluorocarbons) كبديل مؤقت لمركبات كلوروفلوروكربون، وبالرّغم من عمرها القصير إلا أنّها تعمل على تدمير الأوزون بسرعة أكبر مما تفعل مركبات كلوروفلوروكربون.
- بروميد الميثيل: يتم استخدام بروميد الميثيل (بالإنجليزيّة: Methyl bromide) في مبيدات الآفات، ومن مساوئه أنّه يطلق البروم الذي تفوق قدرته على تدمير الأوزون قدرة الكلور بـ 40 مرة.
- مركبات هيدروبرموفلوروكربون: تُطلق مركبات هيدروبرموفلوروكربون (بالإنجليزيّة: Hydrobromofluorocarbons) البروم إلى الجو، وتدخل في تركيب المذيبات، والمنظفات، ومثبطات الحرائق، والمبردات.
- مركبات بروموكلوروميثان: يتم استخدام مركبات بروموكلوروميثان (بالإنجليزيّة: Bromochloromethane) في طفايات الحريق، ومن مساوئها أنّها تنتج كل من البروم والكلور الضّار بالأوزون.
- رباعي كلوريد الكربون: يدخل رباعي كلوريد الكربون(بالإنجليزيّة: Carbon tetrachloride) تركيب طفايات الحريق، والمبردات، والمنظفات، ومن أضراره أنّه يطلق الكلور إلى الغلاف الجوي.
- الهالونات: تُستخدم مركبات الهالونات (بالإنجليزيّة: Halons) في طفايات الحريق، والثّلاجات، ومكيفات الهواء، وفي مذيبات التّنظيف، ومواد التّنظيف الجاف، والتّبخير الزّراعي، والتّغليف المعزول، والمواد الدّافعة المستخدمة في الرّشاشات، ومن مساوئها أنّها تطلق البروم إلى الغلاف الجوي.
- رباعي كلور الإيثان: يتم استخدام مركب رباعي كلور الإيثان (بالإنجليزيّة: Tetrachloroethane) مركب يُستخدم كمذيب للأدوية، ويدخل في تركيب المبيدات الحشريّة، والدّهانات، ومن أضراره إطلاق الكلور للغلاف الجوي.
- ثلاثي كلور الإيثان1،1،1: (بالإنجليزيّة: 1,1,1 trichloroethane)، مركب يُستخدم كمذيب، ومن أضراره أنّه يطلق الكلور إلى الجو.
- كلوروفورم الميثيل: يدخل مركب كلوروفورم الميثيل (بالإنجليزيّة: Methyl chloroform) في تركيب مذيبات التّنظيف، ومن سلبياته أنّه يحرر الكلور في الغلاف الجوي.
- أكاسيد النيتروجين: تحمل أكاسيد النيتروجين (بالإنجليزيّة: Nitrogen oxide) الرّمز (NOx)، ومن الأمثلة عليها أحادي أكسيد النّيتروجين (NO)، وثنائي أكسيد النّيتروجين (NO2)، وأكسيد النيّتروس (N2O)، وتنبعث هذه الأكاسيد من عوادم المركبات، والطّائرات الأسرع من الصّوت، والفضلات الصّناعيّة السّائلة، وتطلقه أيضاً بكتيريا نزع النّيتروجين من الأسمدة، كما أنّه ينطلق أثناء الانفجارات النّووية، حيث يؤدي التّحليل الضّوئي لبعض المركبات إلى تحويلها لأكاسيد النّيتروجين، ويُنتج أيضاً جذور حرة تدمّر الأوزون حيث تتمكن ذرة كلور حرة واحدة من تدمير 510 من جزيئات الأوزون.
أسباب طبيعيّة
تساهم الانفجارات البركانيّة بإطلاق حمض الهيدروكلوريك الذي يساهم في نضوب طبقة الأوزون إذا كان تركيزه مرتفعاً ( 15-20 جزء في المليون من حيث الحجم)، فعلى سبيل المثال تسبّبَّ انفجار بركان الشّيكون بتكوين سحابة تحتوي على 40% من حمض الهيدروكلوريك، وأدى إلى زيادة نسبته لتصل إلى 10% من المخزون العالمي لحمض الهيدروكلوريك في طبقة الستراتوسفير، ويُعتقد أن النّسبة قد تزداد مع الثّورات البركانيّة الكبيرة مثل براكين تامبورا، وكراكاتاو، وأغونغ، ومع ذلك فهناك عوامل تقلّل من تأثير حمض الهيدروكلوريك المباشر على طبقة الأوزون، منها أنّه ينتج عن المستوى المنخفض للنشاط البركاني؛ لذلك قد ينحصر وجوده على طبقة التروبوسفير، ومنها أنّه يتكثّف في العمود البركاني المتصاعد مما يسهّل التّخلص منه عن طريق المطر، أو الثّلج. [٥]
من العوامل الأخرى التي تقلّل التّأثير المباشر للبراكين على طبقة الأوزون قدرة السّتراتوسفير على التّخلّص من حمض الهيدروكلوريك ويمكن الاستدلال على ذلك من نتائج فحص عينات الجليد بعد الانفجارات البركانيّة الكبيرة التي أظهرت وجود نسبة مرتفعة من حمض الكبريتيك، في حين لم تُظهر ارتفاع في نسبة حمض الهيدروكلوريك، كما أنّه لم يُلاحظ أية زيادة في الكلور في السّتراتوسفير خلال ثوران بركان جبل بيناتوبو عام 1991، وفي الحقيقة فإنّ البراكين تُنتج فقط 3% من الكلور الذي يصل إلى السّتراتوسفير، وينتج كلوريد الميثل 15% من الكلور، أما النّسبة الأكبر للكلور (82%) فتصل إلى طبقة الستراتوسفير عن طريق منتجات صنعها الإنسان، خاصةً تلك التي تحتوي على مركبات الكلوروفلوروكربون.[٥]
وجد العلماء أنّ الغازات البركانيّة قد تساهم بطريقة غير مباشرة بالإضرار بطبقة الأوزون، وذلك لأنّ الهباء الجوي الذي ينتج عن الانفجارات البركانيّة الكبيرة لا تدمّر الأوزون مباشرةً، وإنما توفّر سطحاً ملائماً يمكن أن تحدث الّتفاعلات الكيميائيّة عليه، مما يعزّز دور الكلور في استنفاذ الأوزون، ومع ذلك فإنّ الآثار الضّارة للبراكين تدوم فقط من عامين إلى ثلاثة أعوام، تستقر الجزيئات البركانيّة بعدها خارج الغلاف الجوي.[٥]
مخاطر ثقب الأوزون
ينتج عن ثقب الأوزون العديد من الآثار الضّارة على أشكال الحياة المختلفة على سطح الأرض، ومن هذه الآثار:
- الإضرار بصحة الإنسان: يؤدي ثقب الأوزون إلى زيادة الأشعة فوق البنفسجيّة التي يتعرّض لها البشر، والتي تسبّب سرطان الجلد غير الميلاني، وتزيد من تطوّر الأورام الميلانينيّة الخبيثة وسرطان الخلايا الصبغية، وذلك بحسب دراسات علم الأوبئة والدّراسات المخبريّة، كما أنّها تسبّب إعتام العين، وتُضعف جهاز المناعة.[٦]
- الإضرار بالنّباتات: تتعرّض النّباتات عند زيادة تعرضّها للأشعة فوق البنفسجيّة لتغيرات تشمل الشّكل، وتوزيع الغذاء، وعمليات الأيض الثّانوي، وأوقات النّمو والتّطور، بالإضافة إلى حدوث تغييرات في التّوازن التّنافسي بين الأنواع المختلفة، وإصابة النّباتات بالأمراض، مما يؤدي إلى الإضرار بالحيوانات التي تتغذى عليها، وتغيّر الدّورات البيوجيوكيميائيّة أي الدورة الحيوية الجيولوجية الكيميائية التي تحدث في الطّبيعة.[٦]
- تضرّر النّظم البيئية البحريّة: يؤدي ثقب الأوزون إلى زيادة تعرّض العوالق النّباتيّة -التي تُعدُّ أساس الشّبكات الغذائيّة المائيّة – للأشعة فوق البنفسجيّة، الأمر الذي يؤثر على توزيعها وقدرتها على الحركة، و يؤدي بالتّالي إلى نقص إنتاجيتها، ويقلّل من فرص بقائها على قيد الحياة، ومن جهة أخرى يؤدي تعرّض الكائنات الحيّة الصّغيرة مثل الأسماك، والرّوبيان، وسرطان البحر، والبرمائيات للأشعة فوق البنفسجيّة إلى أضرار خطيرة مثل انخفاض القدرة الإنجابيّة، وضعف اليرقات، ويمتد تأثير هذه الأضرار للكائنات الحيّة التي تتغذى عليها فتنخفض أعدادها.[٦]
- اضطراب الدّورات البيوجيوكيميائية: تؤدي زيادة الأشعة فوق البنفسجيّة إلى تغيّر العوامل الحيويّة، والجيولوجيّة، والكيميائية التي تؤثر على دورة المواد على اليابسة وفي الماء، مما يؤدي إلى تغيير مصادر ومصارف غازات الدّفيئة والغازات النّزرة المهمة مثل أول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكربون، وكبريتيد الكربونيل، والأوزون، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى زيادة أو انخفاض تركيز هذه الغازات في الغلاف الجوي.[٦]
- تلف البوليميرات: تؤثر الأشعة فوق البنفسجّية على بعض المواد ذات الأهميّة التّجاريّة مثل البوليميرات الصّناعيّة، والبوليميرات الحيويّة الطّبيعيّة فتصبح أكثر قابليّة للتلف، وتقل مدة صلاحيّتها عند استخدامها في الهواء الطّلق خارج المنزل، لذلك تُضاف إلى هذه المواد إضافات خاصة تحميها نوعاً ما من التّأثير الضّار للأشعة فوق البنفسجيّة.[٦]
- تغيّر المناخ: تشير الدّراسات أنّ وجود ثقب الأوزون في منطقة القطب الجنوبي أدى إلى تغيّر المناخ، وأثرّ على دوران الغلاف الجوي في المنطقة الممتدة من نصف الكرة الجنوبي إلى خط الاستواء، الأمر الذي أدى إلى زيادة هطول الأمطار في المناطق شبه الإستوائيّة، وذلك بحسب دراسة نُشرت في مجلة العلوم (بالإنجليزيّة: Science journal).[٧]
حل مشكلة ثقب الأوزون
نظراً لخطورة ثقب الأوزون، وتفاقم المشاكل التي تنتج عنه، قررّ المجتمع الدّولي اتخاذ إجراءات صارمة لحماية طبقة الأوزون، وتم التّوصل لاتفاقيّة مونتريال عام 1987 والتي تنّص على أهمية البدء بالتّخلّص التّدريجي من مركبات الكلورو فلوروكربون، وقد تم التّصديق على الاتفاقية ودخلت حيز التّنفيذ في عام 1989، وقد انضّم إليها منذ ذلك الوقت 196 دولة بالإضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي، وتُعدُّ اتفاقية مونتريال واحدة من أنجح الاتفاقيات الدّوليّة حتى الآن، إذ تشير التّقارير أنّ تركيز مركبات الكلوروفلوروكربون بدأت بالتّراجع بالفعل، ومن المتوقع تعافي طبقة الأوزون بحلول منتصف هذا القرن.[٨]
المراجع
- ↑ Abdul Jabbar , Asif Munir (1993)، “Ozone Layer Depletion and its Prevention: From Theory to Practice”، sdpi.org, Retrieved 18-12-2019. Edited.
- ^ أ ب “The Ozone Layer”, scied.ucar.edu, Retrieved 18-12-2019. Edited.
- ↑ Roger Dargaville , Robyn Schofield, “THE HOLE IN THE OZONE”، pursuit.unimelb.edu.au, Retrieved 18-12-2019. Edited.
- ↑ Sivakumaran Sivara, “OZONE DEPLETION CAUSES, EFFECTS, CONTROLLING PROGRAMMES AND ITS RECOVERY”، www.academia.edu, Retrieved 18-12-2019. Edited.
- ^ أ ب ت “Ozone destruction”, volcano.oregonstate.edu, Retrieved 18-12-2019. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج “Ozone”, www.albany.edu, Retrieved 18-12-2109. Edited.
- ↑ “Study Links Ozone Hole to Weather Shifts”, www.earth.columbia.edu,22-4-2011، Retrieved 18-12-2019. Edited.
- ↑ Roger Dargaville , Robyn Schofield (21-12-2015), “THE HOLE IN THE OZONE”، pursuit.unimelb.edu.au, Retrieved 18-12-2019. Edited.