وضوء و صلاة

جديد ما حكم الصلاة في البيت

مقالات ذات صلة

الصلاة

تُعرّف الصلاة شرعاً بأنها التعبد لله -تعالى- بأقوال وأفعال مخصوصة، تُفتتَح بالتكبير، وتُختتَم بالتسليم، ومن الجدير بالذكر أن للصلاة مكانة خاصة وأهمية عظيمة في الإسلام، فهي عمود الدين، وثاني أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أول ما يُحاسب عليه المسلم يوم القيامة، ومما يدل على علو منزلتها أن الله -تعالى- فرضها على نبيه -عليه الصلاة والسلام- في السماء السابعة يوم الإسراء والمعراج، بالإضافة إلى أنها آخر ما يُفقَد من الدين، فمن فرط فيها ضاع دينه، ولذلك كانت آخر وصيةٍ من وصايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل لحوقه بالرفيق الأعلى: (الصلاةَ الصلاةَ وما ملكت أيمانُكم)،[١] وهناك العديد من الآيات الكريمة التي تدل على خطورة ترك الصلاة أو التهاون في أدائها، كقول الله تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا)،[٢] وقول الله -تعالى- عن تساؤل أهل الجنة عن المجرمين: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ).[٣][٤][٥]

الصّلاة في البيت

وفيما يأتي بيان الحكم بشكل مفصّل للصلاة في البيت، سواء كانت فريضة أم نافلة:[٦]

صلاة الفريضة في البيت

شرع الله تعالى لنبيه -عليه الصلاة والسلام- سنن الهدى، وصلاة الفريضة في المسجد من تلك السنن، ولا شك أن صلاة الفريضة في البيت مخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من سرَّه أن يلقَى اللهَ غدًا مسلمًا فلْيحافظْ على هؤلاءِ الصلواتِ حيثُ يُنادَى بهنَّ)،[٧] بالإضافة إلى أن أداء صلاة الفريضة في البيت مشابهة لحال المنافقين، إذ لم يكن يتخلّف عن صلاة الجماعة في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا منافقٌ معلوم النفاق، ومما يدل على حرص الصحابة -رضي الله عنهم- على أداء صلاة الفريضة في المسجد، إتيانهم بالمريض منهم وهو يُهادَى بين الرجلين حتى يُقام في الصف، وقال بعض أهل العلم بعدم رخصة ترك صلاة الجماعة في المسجد إلا بعذر، وذلك لما ورد من الأحاديث النبوية بالتشديد على الصلاة في البيت، والتخويف من ترك الصلاة في المسجد، ومنها ما رُوِي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن سمِع النِّداءَ فلم يُجِبْ فلا صلاةَ له إلَّا مِن عذرٍ)،[٨] وفي الحقيقة أن للعلماء عدة أقوال في حكم صلاة الجماعة في المسجد، وفيما يأتي بيانها:

  • فرض عين على القادر عليها: حيث قال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- بأن صلاة الجماعة في المسجد فرض عين على كل مسلم قادر عليها، ووافقه على ذلك علماء الظاهرية الذين يأخذون بظاهر الحديث، وقد اختلف أصحاب هذا القول فيما بينهم؛ فمنهم من اعتبر صلاة الجماعة في المسجد شرط لصحة الصلاة، وبناءً على ذلك اعتبروا أداء الصلاة في البيت من غير عذر باطلة، ومنهم من لم يعتبرها شرطاً لصحة الصلاة، وبذلك اعتبروا الصلاة في البيت صحيحة مع الإثم، ومن الأحاديث التي استدل بها الإمام أحمد على وجوب الصلاة في المسجد ما رُوِي عن أبي هريرة أنه قال: (أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رجلٌ أعمى، فقال: يا رسولَ اللهِ! إنه ليس لي قائدٌ يقودُني إلى المسجدِ، فسأل رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن يُرخِّصَ له فيُصلِّي في بيتِهِ، فرخَّصَ له، فلما ولَّي دعاهُ فقال هل تسمعُ النداءَ بالصلاةِ؟ فقال: نعمْ، قال فأَجِبْ)،[٩] فبما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد أوجبها على الأعمى على الرغم من وجود العذر، فهي واجبة على الصحيح الذي لا عذر له.
  • سنة مؤكدة: وهو قول الإمام أبوحنيفة، ومالك، وكثير من الشافعية، حيث استدلوا على رأيهم بعدد من الأحاديث، منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صلَّى أحدُكم في رحلِهِ ثمَّ أدرَكَ الإمامَ ولم يصلِّ فليُصلِّ معَهُ فإنَّها لَهُ نافلةٌ)،[١٠] ويدل حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الصلاة مع الجماعة بأنها نافلة، أن الصلاة الأولى أجزأت عن الفريضة ووقعت صحيحة، بالإضافة إلى ما رُوِي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (والذي ينتظرُ الصلاةَ حتى يصليَها مع الإمامِ أعظمَ أجرًا من الذي يصليَها ثم ينامُ)،[١١] وفي الحديث دلالة على أن أجر الصلاة في المسجد مع الجماعة أعظم من أجر الصلاة في البيت، ولكن الصلاة في البيت صحيحة.
  • فرض كفاية: وقد قال أصحاب هذا الرأي بوجوب إقامة الصلاة في جماعة على أهل كل منطقة، وفي حال تم إقامتها من قِبَل بعضهم سقط الوجوب عن البقية وأصبحت مستحبة في حقهم، ويرجع السبب في ذلك إلى أن إقامة الصلاة والأذان من شعائر الإسلام، واستدل اصحاب هذا الرأي بما ورد من الأحاديث المُؤكِّدة لفضل الصلاة في المساجد والمُحذِّرة من تركها، وقد تبنى هذا الرأي كثير من المالكية والحنفية، ورُوِي عن الشافعي في أحد قوليه.

صلاة النافلة في البيت

على الرغم من أن صلاة الفريضة في المسجد أفضل من أدائها في البيت، إلا أن صلاة النافلة في البيت أفضل من أدائها في المسجد، باستثناء النوافل التي يُسن الاجتماع لها في المسجد؛ كصلاة الكسوف، أو التنفل قبل صلاة الجمعة، ومما يدل على أن صلاة النافلة في البيت أفضل من المسجد، ما رُوِي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (اجعَلوا من صلاتِكم في بيوتِكم، ولا تتخِذوها قبورًا)،[١٢] وقد بين الإمام النووي -رحمه الله- أن المقصود من الحديث هو الصلاة في البيوت وعدم جعلها كالقبور مهجورةً من الصلاة، والمراد بذلك صلاة النافلة، أي صلوا النوافل في بيوتكم، ومن الأحاديث التي تدل على أفضلية صلاة النافلة في البيت ما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا قضى أحدُكم الصلاةَ في مسجده، فليجعلْ لبيتِه نصيبًا من صلاتِه، فإنَّ اللهَ جاعلٌ في بيتِه من صلاتِه خيرًا)،[١٣] والمقصود أداء صلاة الفرض في المسجد، وأداء النوافل في البيت، لأن في ذلك عمارة للبيت بذكر الله تعالى، وحضور الملائكة واستبشارهم، فتعُمّ بذلك البركة على البيت وأهله.[١٤]

المراجع

  1. رواه ابن جرير الطبري، في مسند علي، عن أم سلمة هند بنت أبي أمية، الصفحة أو الرقم: 166، صحيح.
  2. سورة مريم، آية: 59.
  3. سورة المدثر، آية: 43,42.
  4. “أَهميَّةُ الصَّلاةِ وفَضلُها”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-1-2019. بتصرّف.
  5. محمد الشوبكي (6/6/2015م)، “تعريف الصلاة وفضلها وحكمها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3/1/2019م. بتصرّف.
  6. حامد العطار، “حكم صلاة الجماعة”، www.fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 3/1/2019م.بتصرف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 654، صحيح.
  8. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2064، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 653، صحيح.
  10. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن يزيد بن الأسود العامري السوائي، الصفحة أو الرقم: 575، صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 662، صحيح.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 777، صحيح.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 778، صحيح.
  14. “الأفضل صلاة النافلة في البيت”، www.islamqa.info، 12/9/2002م، اطّلع عليه بتاريخ 3/1/2019م. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى