ما المقصود بذات البين

'); }

ذات البين

كلمة البَيْن: هي مصدر من الفعل بَانَ، والبَيْن: هو البُعد والفرقة، فنقول: أصلح ذات البَيْن، وبينهما بَيْنٌ شاسع، والمقصود البُعد والفرقة، وذات البَيْن: هو ما بين القوم من صلة قرابة أو نسب ومودة، أو هو العداوة والبغضاء، وغُراب البَيْن؛ هو مَن ينذر بمصيبة أو فرقة أو بُعد، فهذه الكلمة دليل الشؤم والفرقة.[١]

وقد استخدمت كلمة غراب البَيْن كثيرًا في الشعر الجاهلي، للدلالة على الفرقة والبُعد بين المُحبين، قال الشاعر عنترة بن شداد:[٢]

أَلا يا غُرابَ البَينِ لَو كُنتَ صاحِبي

قَطَعنا بِلادَ اللَهِ بِالدَوَرانِ

'); }

عَسى أَن نَرى مِن نَحوِ عَبلَةَ مُخبِر

بِأَيَّةِ أَرضٍ أَو بِأَيِّ مَكانِ

لفظ ذات البين في القرآن  

ورد لفظ “ذات البَيْن” في القرآن الكريم في سورة الأنفال، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}[٣]، والمقصود بالآية: أي أُمِروا بالطاعة، والمشي مع الجماعة، وترك المخالفة والمفارقة، ومعنى “ذات بينكم” بحسب تفسير أحمد بن يحيى: أيّ الحالة التي بينكم، وفسّر الزجّاج معنى “ذات بينكم” في الآية: أيّ حقيقة وصلكم، والبَيْن: هو الوَصْل.[٤]

لفظ ذات البين في السنة 

عن أبي الدرداء، عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِدَرجةٍ أفضلَ مِنَ الصَّلاةِ والصِّيامِ والصَّدَقَةِ ؟ قالوا: بلى ، قال صَلاحُ ذَاتِ البَيْنِ ، فَسادُ ذَاتِ البَيْنِ هيَ الحالِقَةُ).[٥] والمقصود بالحديث الكريم: أن أفضل الأعمال هي الإصلاح بين المتخاصمين والمتنازعين، والنهي عن التسبب بالخصام أو المشاجرة بين شخصين أو قبيلتين لأن ذلك فساد ذات البَيْن هو نوع من العداوة والبغضاء والكره التي نهى عنها الحديث الشريف.[٦]

ارتباط لفظ الإصلاح بلفظ ذات البين 

ارتبط لفظ الإصلاح بلفظ ذات البين في الإسلام، فقد كان الإصلاح وظيفة الأنبياء والرّسل، والإصلاح بين الناس يكون بتنقية القلوب من الضغائن والأحقاد الكامنة في النفوس، وهو المقصود بذات البَيْن، فذات البَيْن هو الإصلاح الذي حثّت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة الشريفة.[٧]

فأكبر أسباب الهدم والفساد في المجتمع، هو السعي لبث الفرقة والخلافات بين الناس، وإيقاد نار الفتنة بين الأفراد، وتفرقة الصفوف.[٧]

وأكبر فجوة يدخل منها الشيطان إلى قلب الإنسان، هو تزيين له كل ما يباعد بينه وبين أخيه المسلم كالغضب لأبسط الأسباب، والبخل بأمواله، والغيبة والنميمة عن أخيه المسلم، والكِبر، وهذه كلها أسباب للشيطان ليباعد بين المسلمين ويفرّق صفوفهم.[٧]

وإذا تباعدت القلوب والمشاعر، حتمًا ستتباعد الأجساد، وستحصل قطيعة بين المسلمين، فإذا أردنا إصلاح ذات الَبَيْن، فلنصلح القلوب أولاً، ولننزع ما في الصدور من غلٍ وحقدٍ وبغضاء، من خلال التذكير بالله تعالى، وبالآيات الكريمة التي ملأت القلوب إيمانًا، وحوّلتها من قلوب متنافرة متباعدة، إلى قلوب متآلفة متحابة.[٧]

قال الله تعالى في كتابه العزيز مخاطبًا نبيه: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[٨].

المراجع

  1. “كتاب معجم اللغة العربية المعاصرة”، المكتبة الشاملة، اطّلع عليه بتاريخ 14/11/2021. بتصرّف.
  2. “الديوان » العصر الجاهلي » عنترة بن شداد » لمن طلل بالرقمتين شجاني”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 14/11/2021.
  3. سورة الانفال، آية:1
  4. “كتاب التفسير البسيط”، المكتبة الشاملة، اطّلع عليه بتاريخ 14/11/2021. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن أبو الدرداء، الصفحة أو الرقم:303، خلاصة حكم المحدث صحيح.
  6. “كتاب الجامع الصحيح للسنن والمسانيد”، المكتبة الشاملة، اطّلع عليه بتاريخ 14/11/2021. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت ث “كتاب دراسات وتوجيهات إسلامية”، المكتبة الشاملة الحديثة، اطّلع عليه بتاريخ 14/11/2021. بتصرّف.
  8. سورة الانفال، آية:63
Exit mobile version