'); }
سورة النصر
وعد الله عباده المستضعفين بأنّه سيمكّن لهم ويورثهم الأرض من بعد أهلها، جزاء صبرهم وإيمانهم وثباتهم على دينه رغم أذى المشركين ونقمتهم وتربصهم بهم، فاستحقوا بهذا ذلك الفضل العظيم منه سبحانه، فالابتلاء والاختبار والتمحيص هي سنة الله في كونه لعباده المؤمين، والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، فعلى مدى سنوات طويلة والنبي وصحبه يتلقون الأذى عن هذه الدعوة حتى ستوي على سوقها، فكان أن مكن الله لها وفتح لها آفاق الكون ليدخل الناس أفواجاً في دين الله سبحانه وهذا كله تجلّى واضحاً في فتح مكة.
أسماء سورة النصر
سورة النصر هي من السور المدنيّة التي نزلت على النبي صلّى الله عليه وسلّم في المدينة المنورة، وسمّيت أيضاً بأسماء أخرى مثل سورة الفتح، وسورة التوديع فحين نزلت على النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال لعائشة: “ما أراه إلّا اقتراب أجلي”، كان نزولها في منى في حجة الوداع على النبي صلى الله عليه وسلم
'); }
سبب نوزل سورة النصر
فيها الوعد الإلهي للنبي محمد بالفتح المبين الذي تم ذكره في سورة الفتح، دون قتال خشية أن يقتل المسلمون من لا يعلمون بإسلامه، فدخل النبيّ وصحابته فاتحين مكّة بلا قتال أو دماء، حتّى روي عنه صلّى الله عليه وسلّم بأنّ عمامته كادت أن تلامس رأس ناقته لشدّة تواضع النبيّ لله في هذا اليوم الميمون، وشكره على كرمه وفضله وكسرت الأصنام التي كانت حول الكعبة آنذاك، وتمّ تطهير الكعبة وما حولها وصعد بلال وأذّن فوق الكعبة ففرح المسلمون، واغتبطوا لهذا النصر المبين وآخى النبيّ بين المهاجرين والأنصار، وفيه دخل الناس في الإسلام أفواجاً وعفى النبي عمن بقي على دينه فقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء، ومنذ ذلك اليوم بدأت الدولة الإسلاميّة تنحو منحىً آخر في مراحلها فمن القبيلة والعصبية القبلية إلى الدولة الإسلامية الكنظمة، التي أقامت الرابطة بين الناس على أساس الدين قبل كي شيء وجميعهم سواسية عند الله وتبقى الأفضلية للتقوى مصداقاً لقوله تعالى: “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ”، دوله لها قوانينها التي تنظمها ودستورها السماوي الخالد، نظمت حياة الناس بل أيضاً نظمت علاقاتها مع غير المسلمين من قبائل الجزيرة والممالك الأخرى التي كانت قائمة آنذاك.
إنّ سنة الله ماضية في خلقه في نصر عباده في حياتهم الدنيا، وإن دائرة الظلم لا محال قائمة على الظالمين، فالله أهلك فرعون حين قال أنا ربكم الأعلى، ولهذا فإنّه كلّما اشتدّت الأزمة وضاقت كان الفرج أقرب، فالله هو الجبار المنتقم الذي قضى بالعدل فلا يظلم عنده أحد وكل مجازى بما قدّم.