سبب نزول سورة الفاتحة

'); }

سبب نزول سورة الفاتحة

ذكر المُفسّرون في كتبهم أنّ سبب نزول سورة الفاتحة ما ذكره الصحابي علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ وهو أنّ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- كان إذا خرج يَسْمع مُنادياً يُناديه، فيقول له المنادي: “يا مُحمد”، فإذا سمعه سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- هرب، فأخبره ورقة بن نوفل أن يثبت إذا سمع الصوت ويسمع ما يقوله المنادي له، فلما ناداه مرة أخرى؛ قال له سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-: “لبّيك”، فتشهّد المنادي، وقرأ عليه سورة الفاتحة، وقال عليّ -رضي الله عنه-: إنّ سورة الفاتحة نزلن من كنزٍ تحت عرش الرحمن.[١][٢]

أين نزلت سورة الفاتحة

تعدّدت آراء المُفسّرين في مكان نُزول سورة الفاتحة، فقيل إنّها مدنيّة، وقيل إنّها نزلت مرّةً بِمكة عندما فُرضت الصلاة، ومرّةً في المدينة عند تحويل القِبلة،[٣] وقيل إنها مكيّة، وورد ذلك في جميع الروايات والأقوال المذكورة في مكان نُزولها،[٤] واستدلّ أصحابُ هذا القول بقوله -تعالى- في سورة الحِجر: (وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ)،[٥] وسورة الحِجر من السّور المُجمع على أنها من السور المكيّة، وفسّر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- السبع المثاني الواردة في الآية بسورة الفاتحة.[٦]

'); }

وذهب بعضُ العُلماء إلى القول بنُزولها مرّتين؛ مرّةً في مكة، واستدلوا بآية سورة الحِجر، ومرّةً في المدينة، واستدلّوا بحديث النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- الذي يرويه ابنُ عباس -رضي الله عنه-: (بيْنَما جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، سَمِعَ نَقِيضًا مِن فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقالَ: هذا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ اليومَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إلَّا اليَومَ، فَنَزَلَ منه مَلَكٌ، فَقالَ: هذا مَلَكٌ نَزَلَ إلى الأرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إلَّا اليَومَ، فَسَلَّمَ، وَقالَ: أَبْشِرْ بنُورَيْنِ أُوتِيتَهُما لَمْ يُؤْتَهُما نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ البَقَرَةِ)،[٧] ورجّح العديد من العلماء أنّها نزلت في مكة، فلا تعارض بين ما سبق من الآية والحديث، حيثُ إن حديث ابنُ عباس -رضي الله عنه- يدلُّ على فضلها.[٨]

فضل سورة الفاتحة

وردت العديد من الأدلة التي تُبيّن فضل سورة الفاتحة، ومن هذه الفضائل ما يأتي:[٩][١٠]

  • ما جاء عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في شأنها، حيث قال: (ما أنزلَ اللَّهُ في التَّوراةِ ولاَ في الإنجيلِ مثلَ أمِّ القرآنِ، وَهي السَّبعُ المثاني، وَهي مقسومةٌ بيني وبينَ عبدي ولعبدي ما سألَ).[١١][١٢]
  • سورة الفاتحة أفضلُ سور القُرآن، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- لأحد الصحابة: (لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ السُّوَرِ في القُرْآنِ قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ. ثُمَّ أخَذَ بيَدِي، فَلَمَّا أرادَ أنْ يَخْرُجَ، قُلتُ له: ألَمْ تَقُلْ: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ سُورَةٍ في القُرْآنِ؟ قالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هي السَّبْعُ المَثانِي، والقُرْآنُ العَظِيمُ الذي أُوتِيتُهُ)،[١٣] ومما يدُل على فضلها أيضاً؛ بُطلان الصلاة أو نُقصان أجرها لمن لم يقرأ بها؛ لأنّها رُكنٌ من أركانها، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ).[١٤]
  • تقسيم الله -تعالى- للفاتحة بالصلاة بينه وبين عبده المُصليّ، حيثُ بدأت بالحمد والثناء والتمجيد لله -تعالى-، وخُتمت بالدُعاء للمُصلي، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في الحديث القُدسيّ: (قالَ اللَّهُ تَعالَى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وبيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، ولِعَبْدِي ما سَأَلَ)؛[١٥] وهذا يدُلّ على عِظمها وفضلها، كما أنّها تحتوي على مقاصد ما جاء في سور القرآن الكريم؛ كأنواع التوحيد، وإثبات الرسالات، والجزاء والبعث، وأقسام البَشَر، وغير ذلك.
  • إقرارُ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- لبعض الصحابة على الرُقيّة بها، وذلك عندما رقوا بها سيّدٌ من أحياء العرب لمّا لدُغ، وشُفي بقراءتها عليه،[١٦] وجاء عن أبي سعيد أنّه قال: “إنها شِفاءٌ من كُل مرض”.[١٧]
  • تعدُّد أسمائها، ومنها: سورة الحمد، والسبع المثاني، وأمّ الكتاب، وأم القرآن، والشفاء، وغيرها من الأسماء، وهذه يدُل على عِظم المُسمّى وفضله.[١٨]

المراجع

  1. علي بن أحمد الواحدي (1994)، الوسيط في تفسير القرآن المجيد (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 57-58، جزء 1. بتصرّف.
  2. علي بن أحمد الواحدي (1992)، أسباب نزول القرآن (الطبعة الثانية)، الدمام : دار الإصلاح، صفحة 19، جزء 1. بتصرّف.
  3. محمد سيد طنطاوي (1998)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 11، جزء 1. بتصرّف.
  4. محمد شفاعت رباني، المكي والمدني، صفحة 10. بتصرّف.
  5. سورة الحجر، آية: 87.
  6. سليمان بن إبراهيم اللاحم (1999)، اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب (الطبعة الأولى)، الرياض: دار المسلم للنشر والتوزيع، صفحة 176، جزء 1. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس ، الصفحة أو الرقم: 806، صحيح.
  8. خالد بن سليمان المزيني (2006)، المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة (الطبعة الأولى)، الدمام : دار ابن الجوزي، صفحة 147-148، جزء 1. بتصرّف.
  9. سليمان بن إبراهيم اللاحم (1999)، اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب (الطبعة الأولى)، الرياض: دار المسلم للنشر والتوزيع، صفحة 194-197، جزء 1. بتصرّف.
  10. محمد بن صالح العثيمين (2006)، فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (الطبعة الأولى)، السعودية: المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع، صفحة 51-52، جزء 2. بتصرّف.
  11. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 3125، صحيح.
  12. عبد القادر محمد منصور (2002)، موسوعة علوم القرآن (الطبعة الأولى)، حلب: دار القلم العربي، صفحة 213. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد بن المعلى، الصفحة أو الرقم: 4474، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 756، صحيح.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 395، صحيح.
  16. خالد بن عبد الرحمن الجريسي، لتحصين من كيد الشياطين ، صفحة 116، جزء 1. بتصرّف.
  17. حمزة محمد قاسم (1990)، منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري، دمشق: مكتبة دار البيان، صفحة 309، جزء 3. بتصرّف.
  18. عبد العزيز بن عبد الله الراجحي، شرح تفسير ابن كثير، صفحة 1، جزء 4. بتصرّف.
Exit mobile version