فضل سورة ص

'); }

فضل سورة ص

لم يرد في فضل سورة (ص) شيءٌ صحيحٌ، وممّا ورد في فضلها من الأحاديث وتكلَّم العُلماء فيه بتضعيفه حديث: (من قرأ سورة ص كان له بوزن كل جبل سخّره الله لداود عشر حسنات، وعصمه أن يصر على ذنب صغير أو كبير)،[١] فبعض التفاسير التي تورِد أحاديث في فضائل السُّور؛ كتفسير الواحدي، والزمخشريّ، والثعلبيّ، قد أوردت أحاديث في فضائل سور القُرآن عن أُبي بن كعب، وذكر ابن الجوزي في كتابه الموضوعات أنّها أحاديثٌ موضوعةٌ، وأجمعَ أهل الحديث على وضعها،[٢][٣] والحديث المذكور سابقاً هو من الأحاديث الموضوعة، وجاء عن عبد الله بن مبارك أن الزنادقة قاموا بوضعها؛ لإشغال الناس بالقُرآن عن غيره.[٤][٥]

تعريف بسورة ص

تُعدُّ سورة (ص) من السُّور المكيّة، وتُسمَّى أيضاً بسورة داود -عليه السّلام-، وآياتُها ثمانيةٌ وثمانون آيةً عند أهل الكوفة، وقيل: ستٌ وثمانون عند أهل الحِجاز والشَّام والبصرة، وفي عدّ المتوكّل خمسة وثمانون، وأمّا كلماتُها فتبلُغ سبعُ مئةٍ واثنتان وثلاثون كلمةً، وأمّا حُروفها فهي ثلاثةُ آلافٍ وسبعةٌ وستون حرفاً، وسُمِّيت بسورة (ص)؛ إشارةً إلى تحدِّي الله -تعالى- للناس في الإتيان بمثل هذا القرآن، وإشارةً إلى إعجازه، ولافتتاح السُّورة بحرف الصَّاد، وأمّا تسميتُها بسورة داود -عليه السلام-؛ لِذكر قِصَّته في السُّورة.[١][٦]

'); }

وكان سبب نُزول السُّورة مجيء عددٌ من أهل قُريش إلى أبي طالب وهو مريض، فأخبروه أنَّ ابن أخيه مُحمد -عليه الصلاةُ والسلام- يستهزئ بآلهتهم، وطلبوا منه أن ينهاه عن ذلك، فبعث إليه عمُّه فجاءه وجلس عند الباب؛ لعدم وُجود مجلساً بجانبه، وأخبره بأنَّ قُريشاً تشكوه لِسَبِّ آلهتهم، فأخبره أنَّه يُريدُ منهم كلمة يقولونها لتدين لهم العرب، وهي قول: “لا إله إلا الله”، فقاموا فزعين وهم يقولون: “أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ”، فأنزل الله -تعالى- فيهم فواتح السورة،[٧] وتُعدُّ سورة (ص) السورة الثامنة والثلاثين في ترتيب المُصحف، ونزلت بعد سورة القمر، وهي كالمُتمِّم لسورة الصَّافات التي قبلها من حيث ذكرها لبعض الأنبياء الذين لم يُذكروا في سورة الصَّافات.[٨]

موضوعات سورة ص

تناولت سورة ص العديد من الموضوعات، منها ما يأتي:[٩][١٠]

  • إثارتها للعديد من قضايا أصول العقيدة الإسلاميّة؛ كالتوحيد، وإقامة الأدلة على ذلك، بالإضافة إلى الوحي، والحساب، وكان ذلك في بداية السُّورة، وذكرت بعض الشُبُهات التي أوردها المُشركون على الوحيّ، كما فيها إظهارٌ لسعةِ رحمة الله -تعالى-، وعدم قُدرة أحدٍ عن إمساكها إن أرسلها، وعدم قدرة أحد على إرسالها إن أمسكها، وأنَّ الله -سبحانه- يختارُ من يشاء من عباده، ويُنعم عليهم بغير حساب، وكذلك توجيه النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- الناس إلى الصَّبر، وضرب مثالاً على ذلك قصة أيوب -عليه السلام-.
  • تناولها لشُبُهات الكافرين؛ وهي من الآية رقم واحد إلى الآية السادسة عشر، وكانت هذه الشُبهات متعلّقة ببشرية النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، واختصاصه بالوحي، وإنكار التَّوحيد، وغير ذلك.
  • تناولها لِقصص الأنبياء؛ وهي من آية رسم سبعة عشر إلى الآية الثامنة والأربعين، وذكر النِّعم التي أنعم الله -تعالى- بها عليهم، كذكرها للنِّعم التي أنعم الله -تعالى- بها على نبيه داود -عليه السلام-، ومدحها لأيوب -عليه السلام- لصبره وكثره دُعائه، وكذلك ثنائها على إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، وإسماعيل، واليسع، وذي الكفل -عليهم السلام-.
  • ذكرها للنعيم والجحيم؛ وهي من الآية رقم تسعةٍ وأربعين إلى آية رقم أربعة وستين، فتحدّثت عن الجنّة، وأبوابها، وأنهارها، وكذلك عن النَّار وعذابها.
  • ذكرها لِقصَّة بدء الخلق وسجود الملائكة لآدم -عليه السلام-، وهي من آية رقم خمسة وستين إلى آخر السُّورة، وتدلُّ على طاعتهم المُطلقة لله -تعالى-، وعدم عصيانه، وذكرت رفض إبليس السُّجود له، وطرد الله -تعالى- له من الجنَّة، ولعنه وتوعُّده بالنَّار له ولمن تبعه.[١١]
  • ذكرها تعجُّب الكافرين من نُبوَّة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ووصفهم له بالكذب والافتراء، وأشارت إلى اختصاص الله -تعالى- بمُلك السماوات والأرض، وتناولت بعض قصص الأنبياء.[١٢]

المراجع

  1. ^ أ ب محمد الأمين الهرري (2001)، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (الطبعة الأولى)، بيروت: دار طوق النجاة، صفحة 305، جزء 24. بتصرّف.
  2. مُساعِدُ الطَّيَّار (1428 هـ)، شرح مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية (الطبعة الثانية)، السعودية: دار ابن الجوزي، صفحة 176، جزء 1. بتصرّف.
  3. إسماعيل الجراحي العجلوني (2000)، كشف الخفاء ومزيل الإلباس (الطبعة الأولى)، لبنان: المكتبة العصرية، صفحة 515، جزء 2. بتصرّف.
  4. زين الدين محمد المناوي، الفتح السماوي بتخريج أحاديث القاضي البيضاوي، الرياض: دار العاصمة، صفحة 964، جزء 3. بتصرّف.
  5. علي بن (سلطان) محمد، أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري، الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة المعروف بالموضوعات الكبرى، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 475. بتصرّف.
  6. مجد الدين الفيروزآبادى (1996)، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – لجنة إحياء التراث الإسلامي، صفحة 399، جزء 1. بتصرّف.
  7. محمد صديق خان الحسيني (1992)، فتحُ البيان في مقاصد القرآن، صيدا – بيروت: المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر، صفحة 7، جزء 12. بتصرّف.
  8. محمد سيد طنطاوي (1998)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 125، جزء 12. بتصرّف.
  9. جعفر شرف الدين (1420)، الموسوعة القرآنية، خصائص السور (الطبعة الأولى)، بيروت: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 227-229، جزء 7. بتصرّف.
  10. محمد سيد طنطاوي (1998)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 125-127، جزء 12. بتصرّف.
  11. وهبة الزحيلي (1418 هـ)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر المعاصر، صفحة 162، جزء 23. بتصرّف.
  12. مجد الدين الفيروزآبادى (1996)، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – لجنة إحياء التراث الإسلامي، صفحة 399-400، جزء 1. بتصرّف.
Exit mobile version