سنّة الموت
من السنن التي سنّها الله -تعالى- في الكون وفي المخلوقات سنّة الموت، حيث جعل الله -عزّ وجلّ- لكلّ مخلوقٍ نهاية، فالموت حقيقة لا يُنكرها المؤمن العاقل المُدرك لحقيقة أنّ الحياة الدنيا دار عملٍ وبذلٍ، وأنّها دار فانية وزائلة، وهي الطريق إلى المستقرّ في الجنة أو في النار، والمُدرك أيضاً أنّ الدار الآخرة هي دار السّكون والراحة، ودار الجزاء والثواب على أعمال الدنيا، فالرّسول محمد -صلّى الله عليه وسلّم- مات وهو أشرف وأفضل الخلق، والواجب على المسلم أن يستعدّ ويتهيأ للموت؛ بالقيام بالأعمال الصالحة، وسلوك طريق الحقّ والصواب الذي شرعه الله تعالى، وهذا من شأنه أن يؤدّي إلى الارتقاء بالمجتمع، وإصلاحه، تحقيقاً لمبدأ الخلافة في الأرض، ونيلاً لرضا الله تعالى، وطمعاً في دخول الجنة في الحياة الآخرة.[١]
التغلّب على الخوف من الموت
جُعل الخوف من فطرة الإنسان، فالله- تعالى خلق الإنسان وفطر فيه الخوف؛ حيث قال في القرآن الكريم: (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا)،[٢] والواجب أن يوجّه الإنسان الخوف في الأمور الحسنة التي يجب عليه أن يخاف منها بشكلٍ طبيعيّ ومقبول، دون زيادة الخوف عن حدّه المطلوب، وقد يُصاب الإنسان بالخوف من الموت بشكلٍ خاصٍ حتى يتفرّع منه خوفه من المرض، والخوف من رؤية الدم، والهلع من حالات الإغماء وغيرها، ويمكن أن يُعزى الخوف من الموت لعدة أسباب؛ منها: جهل حقيقة الموت، والشعور بالذنب لارتكاب المعاصي، والخوف من فراق الشهوات، والملذّات، والأحبّة من الناس، ولكن يجب على الإنسان أن يدرك أنّ الموت حقيقة لا مفرّ منها أبداً، والواجب عليه أن يستعدّ للموت بالأعمال التي تُنجّيه وتدخله الجنّة في الحياة الآخرة.[٣]
وفيما يأتي بيان بعض الأمور التي تخلّص النفس من خوفها من الموت:[٣]
- ذكر الموت، وزيارة القبور، والمشاركة في جنازات الأموات؛ حيث أوصى الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- بذلك؛ فهذا من شأنه أن يُذكّر الإنسان بالحياة الآخرة.
- أوصى الكثير من التربويين للتخلّص من الخوف من الموت بالتعرّض وتعمّد رؤية الأموات، والدماء، والجنائز، وحالات الإغماء.
- يمكن علاج الخوف من الموت بالقيام برحلاتٍ طويلةٍ دون صحبة أحد، إن كان سبب الخوف من الموت فراق الأحبّة، أو الفراق بشكلٍ عامٍ.
- أوصى أحد التربويين علاج الخوف من الموت بالعزل الانفراديّ الذي يُخفّف من ألم الفراق، ومثال ذلك: ما تفعله الأمهات بأطفالهم بجعل غرف نوم خاصة بهم وبعيدة عن غرفة الآباء والأمهات، ممّا يجعلهم يعتمدون على أنفسهم مع التخفيف من ألم فراق الأم.
- أوصى علماء النفس العسكريّ المقاتلين -عند سيطرة فكرة الخوف من الموت على نفوسهم- بتجهيز النفس لقبول الأمر السيء مع محاولة تفاديه وصرفه، وكذلك أوصوا بالرضا والتسليم وقبول الأمر الذي سيقع، والعمل على تغليب الشعور بالتفاؤل على الشعور بالشؤم.
- إدارة الحياة والأوقات بشكلٍ إيجابيّ؛ بملء وقت الفراغ بالأمور النّافعة والمفيدة، والحرص على التواصل الاجتماعي بشكلٍ حسنٍ وجيّدٍ، والاجتهاد في أداء الصلاة على وقتها، والحرص على تلاوة القرآن الكريم والتقرّب إلى الله -تعالى- بالدعاء، والخضوع، والتذلّل، وقراءة ومطالعة الكتب المفيدة ذات المحتوى الإيجابيّ، كما أنّ لممارسة الرّياضة دوراً هامّاً في التخلّص من الشعور بالخوف من الموت، وبخاصّة التمارين الاسترخائية.[٤]
- الاستعاذة بالله -تعالى- من الشيطان الرجيم، والمداومة على الأذكار؛ مثل: أذكار الصباح والمساء، وآيات وأدعية الرّقية الشرعيّة.[٥]
الاستعداد للموت
حتى يتلّغب الإنسان على شعور الخوف من الموت يجب عليه أن يستعدّ للموت بالقيام ببعض الأعمال؛ منها:[٦]
- المحافظة على أداء ما افترضه الله -تعالى- من الفرائض والواجبات على المسلمين؛ منها: الصلاة، والصيام، والزكاة، والحجّ، والحرص على اتّباع سنّة محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- في الأقوال، والأفعال بقدر الاستطاعة؛ حيث إنّ الله -تعالى- لا يُكلّف النّفس إلّا بما تسطيع القيام به.
- التوبة والرجوع إلى الله تعالى؛ حيث ذكر الإمام النووي أنّ التوبة واجبة على العبد عن كلّ ذنبٍ اقترفه، وهي تتحقّق بثلاثة شروط إن كانت متعلّقة بذنبٍ بين العبد وربّه؛ وهذه الشروط هي: الإقلاع عن المعصية، والندم على ارتكابها، والعزم على عدم العودة إليها، وإن كان الذنب متعلّقاً بحقٍّ من حقوق العباد فالواجب على التائب أن يُعيد الحقوق إلى أصحابها.
- حُسْن الظن بالله تعالى، وعدم القنوط من رحمته، والحرص على الرجاء في الأحوال كلّها وخاصّةً عند الخاتمة.
- ذكر عذاب القبر ونعيمه، وما يكون بعده من أهوالٍ وأحداثٍ خاصّة بيوم القيامة، والحياة الآخرة من البعث، والجزاء، والمرور على الصراط، واستلام العبد لصحيفة أعمال الحياة الدنيا، ثمّ ما يكون من دخول الجنّة أو النار، وما أعدّه الله -تعالى- فيهما، واستحضار عظمة الوقوف أمام الله -تعالى- للحساب.
- إخلاص نيّة الأعمال إلى الله تعالى، والتواضع والذلّ له، والبعد عن الغرور والكبر، وأداء الحقوق إلى أصحابها مع البعد عن الظلم، والحرص على القيام بالطاعات والعبادات التي تُقرّب من الله تعالى، والابتعاد عن المعاصي والفواحش والمنكرات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.[٧]
الخوف من الله
يجب على كلّ مسلم أن يخاف الله تعالى، ويتحقّق ذلك بالقيام ببعض الأعمال، منها: تلاوة القرآن الكريم، مع الحرص على تدبّر معانيه ودلالاته، واستشعار عظم الذنب وعواقبه، وتحقيق تقوى الله -عزّ وجلّ- بأداء الطاعات، وتجنّب المنكرات، وترك المُحرّمات، وتحقيق معرفة الله -تعالى- بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، والتعرّف على فضل الخوف من الله تعالى، وتدبّر الآيات التي ورد فيها العذاب والوعيد، وتدبّر أحوال الظالمين والعُصاة ومصيرهم الذي وصلوا إليه، والتفكّر في أحوال الناس يوم القيامة.[٨]
المراجع
- ↑ “مصيبة الموت”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة المعارج، آية: 19.
- ^ أ ب “كيف تطرد الخوف من الموت والمرض”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2018. بتصرّف.
- ↑ “الخوف من الموت”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2018. بتصرّف.
- ↑ “نصائح للمبتلى بوسواس الخوف من الموت”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2018. بتصرّف.
- ↑ “الاستعداد للموت”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2018. بتصرّف.
- ↑ “موسوعة الفقه الإسلامي – الموت وأحكامه”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2018. بتصرّف.
- ↑ “الخوف من الله تعالى”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2018. بتصرّف.