محتويات
'); }
السبب المباشر لغزوة أحد
لم يطب العيش والاستقرار للمشركين بعد هزيمتهم الصعبة أمام المسلمين يوم بدر، وأصرّوا أن يلاقوا المسلمين مجدّداً حتّى يثأروا لقتلاهم وصناديدهم؛ ولذلك فقد احتجزوا العير التي نجت من قافلة أبي سفيان والتي تسبّبت في أحداث غزوة بدرٍ، احتجزوها وطلبوا إلى أصحابها أن يجعلوها مالاً مُعيناً لهم للقضاء على النبيّ -عليه السّلام- ودينه وأصحابه، ووافق أصحاب العير ووهبوها لهم؛ ليصدّوا فيها عن سبيل الله، قال الله تعالى فيهم: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)،[١] وانضمّ إليهم المقاتلون من الرجال والنساء، وجهّزوا لهم العدّة والعتاد؛ لتكون الغزوة التالية وهي غزوة أحد والتي وقعت أحداثها في صباح اليوم السابع من شهر شوال للعام الثالث من الهجرة النبويّة.[٢][٣]
عدد المشركين في غزوة أحد
كان عدد من انضمّ من المشركين إلى جيش المقاتلين المتّجه إلى المدينة نحو ثلاثة آلاف رجلٍ مقاتلٍ، بينهم خمس عشرة امرأة، وثلاثة آلاف بعيرٍ، وجُهّز مئتا فرسٍ وسبعمئة درعٍ كلّ ذلك وضع تحت قيادة أبي سفيان، الذي كان قائداً عامّاً للجيش، يجاوره خالد بن الوليد الذي كان القائد العسكريّ للواقعة، وانطلق الجيش بكلّ هذا العدد والعتاد متّجهاً إلى المدينة، فأرسل العبّاس عمّ النبيّ خبراً إليه يُطلعه فيه أنّ قريشاً قصدت الحرب وقد تحرّكت فعلاً تجاه المدينة، ولمّا وصل الخبر إلى النبيّ -عليه السّلام- أخبر أصحابه ليتهيؤوا ويعدّوا العدّة لملاقاتهم، ثمّ جلس إليهم يخيّرهم بين انتظار قريش في المدينة، وهذا كان رأي الرسول عليه السّلام، وكبار الصحابة، إذ إنّ في الانتظار داخل المدينة ميّزةٌ؛ لأنّ جيش قريش لن يجرؤ على دخولها على أصحابها، وبين الخروج لملاقاة العدوّ على أطراف المدينة، وذلك كان الخيار الذي تحمّس إليه بعض الصحابة ممّن لم يدركوا بدراً، وألحّوا على النبيّ الطلب أن يخرجوا لملاقاة العدوّ، فنزل النبيّ -عليه السّلام- عن رأيه إلى رأي أصحابه، وتهيّأ للحرب وتهيّأ لها الصحابة.[٢]
'); }
خرج النبيّ -عليه السّلام- مع أصحابه لملاقاة جيش المشركين، لكنّ شيئاً من الريبة دخل نفوس بعض من خرج؛ لأنّ القرار الذي أُنفذ كان بعكس ما أشار إليه النبيّ، وهو البقاء في المدينة، فاستغلّ كبير المنافقين عبد الله بن أبيّ بن سلول هذا الريب وأثار بلبلةً في نفوس الناس مستجيباً لتثبيط اليهود في المدينة أيضاً، فانسحب بثلث الجيش عائداً بهم، ويصف الله تعالى صعوبة هذا الموقف حتّى على المؤمنين حقّاً، إذ إنّ بعضهم همّ بالرجوع واللحاق بمن عاد إلى المدينة، لولا أن ثبّته إيمانه ويقينه، قال تعالى: (إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)،[٤] ولذلك فقد حرص النبيّ -عليه السّلام- كلّ الحرص أن يبثّ روح القوّة والطمأنينة في الجيش وأن يحقّق في قلوبهم الثقة في نصر الله وتأييده لهم كما كانت يوم بدر، ثمّ إنّ النبيّ -عليه السّلام- كرّر الوصية بالثبات وعدم الاستعجال لمن اختارهم؛ ليكونوا رُماةً يحموا ظهره من فوق الجبل، وكلّ ذلك كان استعداداً وتهيئةً لما توقّع النبيّ -عليه السّلام- حدوثه.[٥]
التقى الجمعان وأبلى المؤمنون بلاءً حسناً في ضرب عدوّهم حتى بدا للحظةٍ أنّ النصر صار حليفاً للمسلمين، وبدأت جيوش المشركين بالانسحاب شيئاً فشيئاً، وصار المسلمون يتمكّنون من بعض الغنائم من أعدائهم، ولمّا رأى الرماة هذا الحال رغبوا في شيء من الغنائم فأسرعوا إليها ناسين أمر النبيّ -عليه السّلام- أن يبقوا في مكانهم حتّى يأذن لهم، فكانت هذه اللحظة هي الوقت الفاصل بين ثبات النصر حليفاً للمسلمين وبين إعادة الجولة مجدّداً، والتي حالفت المشركين هذه المرّة، والذي حصل أنّ خالداً -رضي الله عنه- وهو قائد المشركين يوم أحد، انتبه إلى نزول الرماة عن الجبل، فصعد الجبل وقتل من بقي من الرماة ثابتاً ومنهم أميرهم عبد الله بن جبير وبدأ يرمي المسلمين بالسهام، فاضطرب المسلمون واهتزّت صفوفهم، وعاد المشركون لحمل لوائهم وأعادوا الهجوم على المسلمين حتى أوقعوا فيهم مصاباً كبيراً أهمّه محاولة قتل النبيّ -عليه السّلام- وجرح وجهه وكسر رباعيته.[٣][٥]
تثبّت النبيّ من عودة المشركين إلى مكّة
بعد نهاية أحداث غزوة أحد وانسحاب المشركين فرحين بنصرهم معتبرينه يوماً بيوم بدر، أرسل النبيّ -عليه السّلام- خلفهم من يتثبّت أنّهم قصدوا مكّة ولم يتّجهوا نحو المدينة؛ لأنّ النبيّ -عليه السّلام- خشي ألّا تكتفي قريش بهذا النصر ويغيروا عليهم في المدينة بعد رجوعهم إليها، لكنّ عليّاً -رضي الله عنه- تتبّع القوم وعلم أنّهم توجهوا إلى مكّة، ولم يكتف النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك بل أعلن حالة طوارئ ليلة الأحد الثامن من شهر شوال، فبات من يحرس المدينة ومن فيها من أيّ غادرٍ، ثمّ ما إن أصبح الصباح حتى نادى في المسلمين؛ ليتهيأوا مجدّداً ليخرجوا في أثر قريش حتى يقطعوا عليهم أيّ تفكيرٍ بالعودة والإغارة على المدينة، ولم يرض النبيّ -عليه السّلام- أن يخرج معه إلّا من شهد أحداً، وخرجوا في أثر جيش المشركين وخيّموا في منطقةٍ تسمّى حمراء الأسد يوم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء.[٦]
لم يكن بعيداً عن جيش المشركين أن يعودوا مجدّداً باحثين عن نصرٍ مؤزّرٍ واستئصالٍ حقيقيّ للإسلام والنبيّ عليه السّلام، فقد جلس قادة المشركين يتشاورون بالعودة إلى المدينة وتحقيق الأهداف التي خرجوا لأجلها من مكّة، وبينما هم في تشاورٍ وبحثٍ لكيفيّة العودة والإغارة على المدينة، إذ جاءهم معبد بن أبي معبد الخزاعيّ يخوّفهم ويثير الرعب في نفوسهم أنّ النبيّ -عليه السّلام- خرج بجيشٍ أكبر وأعظم، وهو سائرٌ على أثر الجيش راغبٌ في الانتصار أكثر من أيّ وقتٍ آخر، وحذّرهم البقاء أو التفكير في العودة لقتالهم، ففزع القوم من خبر معبد وتابعوا مسيرهم نحو مكّة، لا يفكّرون بالعودة إلى الحرب قريباً.[٦]
المراجع
- ↑ سورة الأنفال، آية: 36.
- ^ أ ب “غزوة أحد”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-5. بتصرّف.
- ^ أ ب “عرض إجمالي لغزوة أحد”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-4. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 122.
- ^ أ ب “الصراع بين مكة والمدينة غزوة أحد”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-4. بتصرّف.
- ^ أ ب “جوانب من حيطته وحذره صلَّى الله عليه وسلَّم في غزوة أحد “، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-5. بتصرّف.