جديد حكم صيام 6 من شوال

'); }

حُكم صيام الستّ من شوال

يُعَدّ صيام الستّ من شوّال مِنحةً إلهيةً عظيمةً للمسلمين، وقد خرجوا من شهر رمضان مستشعرين فضل الصيام ولذّته؛ فجاء تشريع صيام الأيام السّت من شهر شوال إعظاماً لهم بالأجر والمثوبة لهم،[١] وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى استحباب صيام الستّ من شوال، واستدلّوا بقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)،[٢] وخالفهم في ذلك المالكية؛ حيث ذهبوا إلى كراهته، واستدلّوا بأنّ صيام الستّ من شوّال لم يكن أمراً وارداً عند السلف من أهل المدينة، وقد يكون صيام الستّ من شوال بعد تمام شهر رمضان سبباً في اعتقاد وجوب صيامها، فَيُكرَه في هذه الحالة، ولا يُكرَه في غيرها.[٣]

وقت صيام الستّ من شوال

يُسَنّ للمسلم أن يبدأ بصيام الستّ من شوال في اليوم التالي ليوم العيد، مع التوالي في صيامها؛ لما في ذلك من المسارعة في العبادة، وعدم فواتها بداعي التأخير والتأجيل، وذلك في المعتمد عند جمهور الفقهاء من الشافعية والحنفية والحنابلة،[٤][٥][٦] إلّا أنّ ذلك لا يَلزم المسلم؛ فله أن يصومها بعد العيد بيوم أو أيام، مع الحُرّية في الصيام بشكل مُتتالٍ أو مُتفرّق -كما ذُكِر سابقاً-، وذلك حسب قدرته واستطاعته.[٧]

'); }

حُكم قطع صيام الستّ من شوال

اختلف الفقهاء في حُكم قطع صوم التطوُّع بعد البدء فيه على قولَين، هما:[٨]

  • الشافعية والحنابلة: ذهبوا إلى جواز القطع، إلّا أنّه يُكرَه لغير عُذر صحيح، وقد استدلّوا على كراهة القطع لغير غرض صحيح بأنّ القطع فيه تفويت للأجر، واستدلّوا على الجواز بما رواه البخاري عن أم المؤمنين جويرية -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا يَومَ الجُمُعَةِ وهي صَائِمَةٌ، فَقالَ: أصُمْتِ أمْسِ؟، قالَتْ: لَا، قالَ: تُرِيدِينَ أنْ تَصُومِي غَدًا؟ قالَتْ: لَا، قالَ: فأفْطِرِي).[٩]
  • الحنفية والمالكية: ذهبوا إلى حرمة القطع، ولزوم القضاء، واستدلّوا بقوله -تعالى-: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)؛[١٠] إذ إنّ الآية عامة في صيام الفرض أو التطوّع؛ فدلّت على لزوم إتمام الصوم، ولزوم الإتمام يقتضي وجوبه، فإن قَطع صومه لَزمه قضاؤه كسائر الواجبات.

فضل صيام الست من شوال

يُشرَع للمسلم صيام الستّ من شوال، وأكرم الله صائمها بالأجر الكبير؛ فقد أخبر عنه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بقوله: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)؛[٢] فيكون صيامها بمثابة صيام سنة كاملة، وليس ذلك فحسب فقد صرّح الفقهاء من الشافعية والحنابلة بأنّ صيامها يعدل صيام فرض سنة كاملة، بالإضافة إلى أنّ صيامها يُعوّض النقص الذي حصل في صيام رمضان لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (فإنِ انتقصَ من فريضتهِ شيءٌ قال الربُّ تبارك وتعالى انظروا هل لعبدي من تطوُّعٍ فيُكمَّلُ بها ما انتُقِصَ من الفريضةِ).[١١][١٢]

للمزيد من التفاصيل حول فضل صيام ستة شوال الاطّلاع على المقالات الآتية:

حكم تقديم صيام الستّ من شوال على القضاء

تناول الفقهاء بالبحث حكم صيام التطوّع، كصيام الستّ من شوال لمَن عليه قضاء من شهر رمضان، وخلاصة ما آرائهم في المسألة على النّحو الآتي:[١٣][١٤]

  • القول بالجواز: وهو مذهب الحنفية، وقول عند الإمام أحمد اختاره الشيخ ابن عثيمين، واستدلوا لرأيهم بعدّة أدلة، منها ما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ يَكونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِن رَمَضَانَ، فَما أسْتَطِيعُ أنْ أقْضِيَ إلَّا في شَعْبَانَ)،[١٥] ووجه الدّلالة في الرّواية أنّ السّيدة عائشة أخبرتْ أنّها كانت تقضي ما فاتها من رمضان في شعبان، ومن المستبعد أنّها تهمل صيام التّطوع، ومنه صيام السّت من شوال؛ فدلّ على جواز تقديم التّطوع على قضاء الواجب.
  • القول بالجواز مع الكراهة: وهو مذهب المالكية والشّافعية، واختاره الإمام ابن باز، ودليلهم على الجواز ما ورد في القول السّابق، أمّا الكراهة؛ فقالوا: إنّ تقديم التّطوع على قضاء الواجب يلزم منه عدم المبادرة إلى الواجب وتأخيره.
  • القول بالتّحريم: وهو مذهب الحنابلة، حيث ذهبوا إلى عدم صحة تقديم صيام الستّ من شوال على قضاء الواجب، واستدلّوا بقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)؛[٢] فمن قدّم صيام الستّ على القضاء لا ينطبق عليه الأجر الوارد في الحديث؛ لأنّه صام بعض رمضان وليس كلّه، وهو بذلك لا يكون قد أتبع الستّ برمضان، وإنّما أتبعها ببعض رمضان.

كما تعدّدت آراء الفقهاء في ثبوت الأجر الوارد في حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)[٢] لمن قدّم صيام الستّ من شوال على القضاء، وخلاصة ما ذهبوا إليه كما يأتي:

  • الشافعية والحنابلة: إنّ الثواب الوارد في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- لا يحصل للصائم ما لم يُتمّ صيام رمضان.[١٦][١٧]
  • المالكية: إنّ الثواب الوارد في حديث رسول الله يحصل لمن قدّم صيام الستّ على القضاء، حتى قالوا بأنّه لو صام ستّاً من غير شوال يحصل له الثواب الوارد في الحديث؛ فتحديد النبيّ لصيامها في شوال هو من باب التخفيف على المُكلَّف لاعتياده الصيام، لا من باب التخصيص.[١٨]

للمزيد من التفاصيل حول موعد صيام شوال الاطّلاع على مقالة: ((متى يبدأ صيام الست من شوال)).

حُكم جمع صيام القضاء وصيام الستّ من شوال

الجمع بين عبادتَين بنيّة واحدة هو ما يُسمّى بالتشريك، ولا يصحّ ذلك إن كانت كلّ عبادة منهما مقصودة لذاتها، وعليه فلا يصحّ الجمع بين صيام القضاء، والستّ من شوال بنيّة واحدة؛ لأنّ القضاء عبادة مقصودة لذاتها كصيام الستّ من شوال، أمّا من صام في شوال بنيّة القضاء، وصام ستّة أيام أو أكثر، فيُرجى أن يحصل له الأجر والثواب بصيامها في شوال، إلّا أنّ ثواب من خصّص صيام ستٍّ من شوّال تطوُّعاً أعظم وأكبر.[١٩]

حُكم صيام الستّ من شوال إذا وافق يوم الجمعة أو السبت

حُكم صيام الستّ من شوال إذا وافق يوم الجمعة

اتّفق الفقهاء على جواز صيام يوم الجمعة تطوُّعاً في حال وافق يوم عرفة، أو عاشوراء، أو صام يوماً قبله أو بعده، أو وافق عادة للصائم، كمن يصوم يوماً، ويفطر آخر، أمّا إفراد يوم الجمعة بالصيام في غير ما سبق فقد كان موضع بحثٍ بين الفقهاء على قولين، كما يأتي:[٢٠]

  • الشافعية والحنابلة: قالوا بكراهة إفراد يوم الجمعة بالصيام، وقد استدلّوا بقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يَصُومَنَّ أحَدُكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ، إلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أوْ بَعْدَهُ).[٢١]
  • الحنفية والمالكية: قالوا بجواز إفراد يوم الجمعة بالصيام مع استحباب صومه، وقد استدلّوا بما رواه ابن حبان عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصومُ مِن غُرَّةِ كلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيَّامٍ وقلَّما يُفطِرُ يومَ الجمعةِ).[٢٢]

حكم صيام الستّ من شوال إذا وافق يوم السبت

اتّفق جمهور الفقهاء على كراهة إفراد يوم السبت بالصيام إلّا إذا صام يوماً قبله، أو بعده، واستدلّوا بقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تصوموا يومَ السبتِ، إلا فيما افتُرِضَ عليكم)؛[٢٣] فالنهي صريح عن إفراده بالصوم، ويُحمَل على الكراهة لا التحريم؛ إذ إنّ السنّة دلّت على جواز صيام يوم السبت إذا ضُمَّ إليه غيره، وأجاز بعض أهل العلم إفراد يوم السّبت بالصيام، وهو رواية عن الإمام أحمد، واختاره الإمام ابن حجر وابن تيمية، واستدلوا بأدلةٍ عدّة، منها: ما روته أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: (كان رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يصومُ يومَ السَّبتِ ويومَ الأحدِ أكثَرَ ممَّا يصومُ في الأيَّامِ، ويقول: إنَّهما عِيدَا المُشرِكينَ؛ فأنَا أُحِبُّ أنْ أُخالِفَهم)،[٢٤] وقالوا: من المُحتمل أنّ النبي -عليه السلام- كان يُفرده بالصوم، كما يحتمل أنّه كان يصوم الأحد معه، ولا دليل على ترجيح أحد الاحتمالين.[٢٥]

للمزيد من التفاصيل حول صيام ستة من شوال الاطّلاع على مقالة: ((صيام ستة من شوال)).

المراجع

  1. “صوم الست من شوال”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-3-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1164 ، صحيح.
  3. سامي الصقير، أحكام صيام الستّ من شوال، صفحة 12-14. بتصرّف.
  4. سعيد باعشن (1425ه – 2004م)، شرح المقدمة الحضرمية المسمى بشرى الكريم بشرح مسائل التعليم (الطبعة الأولى)، جدّة: دار المنهاج، صفحة 583. بتصرّف.
  5. حسن الشرنبلالي (1425ه – 2005م)، مراقي الفلاح شرح متن نور الايضاح (الطبعة الاولى)، القاهرة: دار المكتبة العصرية، صفحة 236. بتصرّف.
  6. عبد الرحمن العاصمي (1397ه)، حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع (الطبعة الأولى)، صفحة 449، جزء 3. بتصرّف.
  7. “متى يبدأ المسلم بصيام ستة أيام من شوال”، www.islamqa.info، 13-10-2007، اطّلع عليه بتاريخ 27-2-2020. بتصرّف.
  8. سامي الصقير، أحكام صيام الستّ من شوال، صفحة 36-42. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جويرية بنت الحارث أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1986 ، صحيح.
  10. سورة البقرة، آية: 187.
  11. رواه ابن حجر العسقلاني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/83، حسن.
  12. محمد المنجد، 21 فائدة في صيام 6 شوال، صفحة 4-6. بتصرّف.
  13. سامي الصقير، أحكام صيام الستّ من شوال، صفحة 16.
  14. سامي الصقير، أحكام صيام الستّ من شوال ، صفحة 21-22. بتصرّف.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1950، صحيح.
  16. أحمد الهيتمي (1420ه – 2000م)، المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 263. بتصرّف.
  17. علاء الدجين المرداوي، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (الطبعة الثانية)، بيروت: دار احياء التراث العربي، صفحة 344، جزء 3. بتصرّف.
  18. محمد الرعيني (1412ه – 1992م)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (الطبعة الثالثة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 414، جزء 2. بتصرّف.
  19. “حكم الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال”، www.islamweb.net، 9-1-2001، اطّلع عليه بتاريخ 29-2-2020. بتصرّف.
  20. سامي الصقير، أحكام صيام الستّ من شوال، صفحة 48-51. بتصرّف.
  21. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1985 ، صحيح.
  22. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبدالله بن مسعود ، الصفحة أو الرقم: 3645 ، صحيح.
  23. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن الصماء بنت بسر المازني، الصفحة أو الرقم: 744 ، حسن.
  24. رواه محمد ابن عبد الوهاب، في الحديث لابن عبد الوهاب، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2/567، إسناده جيد.
  25. سامي الصقير، أحكام صيام الست من شوال، صفحة 53-56. بتصرّف.
Exit mobile version