خَالِدُ بنُ الوَلِيْدِ ابْنِ المُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ يَقَظَةَ بنِ كَعْبٍ، سَيْفُ اللهِ، وَفَارِسُ الإِسْلاَمِ، وَلَيْثُ المَشَاهِدِ، السَّيِّدُ الإِمَامُ، الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، قَائِدُ المُجَاهِدِيْنَ، أَبُو سُلَيْمَانَ القُرَشِيُّ، المَخْزُوْمِيُّ، المَكِّيُّ، وَابْنُ أُخْتِ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ مَيْمُوْنَةَ بِنْتِ الحَارِثِ، وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: سَيْفَ اللهِ، فَقَالَ: (إِنَّ خَالِداً سَيْفٌ سَلَّهُ اللهُ عَلَى المُشْرِكِيْنَ).[١]
مقدمات لدخول خالد بن الوليد في الإسلام
عندما دخل النبي صلّى الله عليه وسلّم مكة لأداء عمرة القضاء، خرج خالد بن الوليد خارج مكة ولم يحضر دخوله، وكان أخوه الوليد بن الوليد مع النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة حاضراً معه، فطلبه لرؤيته فلم يجده، فكتب إليه كتاباً فيه:(فَإنِّي لَمْ أَرَ أَعْجَبَ مِنْ ذَهَابِ رَأْيِكَ عَنِ الإِسْلَامِ وَعَقْلُكَ عَقَلَكَ، وَمِثْلُ الإِسْلَامِ يَجْهَلُهُ أَحَدٌ؟ قَدْ سَأَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْكَ، فَقَالَ: “أَيْنَ خَالِدٌ؟ “، فَقُلْتُ: يَأْتِي اللَّهُ بِهِ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: “مَا مِثْله يَجْهَلُ الإِسْلَامَ، وَلَوْ كَانَ جَعَلَ نِكَايَتَهُ وَجِدَّهُ المُسْلِمِينَ عَلَى المُشْرِكِينَ كَانَ خَيْرًا لَهُ، وَلقدَّمْنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ”، فَاسْتَدْرِكْ يَا أَخِي مَا قَدْ فَاتَكَ، وَقَدْ فَاتَتْكَ مَوَاطِنُ صَالِحَةٌ.)
فلما جاء الكتاب لخالد بن الوليد وقرأه سُرَّ بسؤال النبي عنه وتشجع أكثر وقوي لإظهار إسلامه، ورأى في منامه وكأنه في بلاد قل اتساعها يابسة وخرج إلى أرض خضراء واسعة، فعرف أنها رؤيا، فلما قدم المدينة قصها لأبي بكر الصديق رضي الله عنه فقال له: “هُوَ مَخْرَجُكَ الذِي هَدَاكَ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ، وَالضِّيقُ الذِي كُنْتَ فِيهِ الشِّرْكُ”[٢]
وقف خالد بن الوليد بين جموع من المشركين وقال:” لقد استبان لكل ذي عقل أن محمداً ليس بساحر ولا شاعر، وأن كلامه من كلام رب العالمين” وقف هذا الموقف على أنه سمع القرآن كثيراً وسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلك عدة مرات، لكن الآن ملأ الإسلام قلبه وأراد أن ينبت ويشق طريقه فيه.[٣]
رحلته للدخول الإسلام
همّ خالد بن الوليد للخروج إلى المدينة، وكان يريد أن يصاحبه أحد، فلقي صفوان ابن أمية، فقال له: يا أبا وَهْب، أما ترى ما نحن فيه؟ إنما نحن كأضراس، وقد ظهر محمد على العرب والعجم فلو قدمنا على محمد واتبعناه فإنَّ شرف محمد لنا شرف، امتنع صفوان ورفض كل الرفض، وقال له: لو لم يبق غيري ما اتبعته أبداً، فتفرقا، فأدرك خالد أن صفوان قد قتل أبوه وأخوه في بدر، ثم لقي عكرمة بن أبي جهل، فقال له مثل ما قال لصفوان، فقال له مثل ما قال صفوان، فطلب منه أن يكتم عليه فقبل، فذهب خالد بن الوليد إلى منزله فجهز ناقتين وخرج بهما، فلقي عثمان بن طلحة، فعرض عليه مرافقته إلى النبي وقال له: إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر لو صُبَّ فيه ذَنُوبٌ من ماء لخرج، فوافق عثمان وصحبه، وفي الطريق وجدا عمرو بن العاص سلموا عليه، فسلم عليهم، فسألوه لما هو خارج، وسألهم لِمَ هم خارجين، فأجابوهم بأنهم أرادوا الإسلام والدخول بدين محمد صلى الله عليه وسلم، فقال لهم عمرو أنه خرج لنفس الهدف، وأكملوا ثلاثتهم الطريق إلى المدينة.[٤]
وصل ثلاثتهم المدينة المنورة وأُخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقدومهم، فذهبوا أولاً ولبسوا أحسن ثيابهم، ثم قصد النبي صلى الله عليه وسلم فلقي أخاه في الطريق فقال له:” أسرع فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُخبر بك فسُرَّ بقدومك وهو ينتظركم، ثم أذّن للعصر، فانطلقوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان وجه النبي قد تهلل بالفرح وسُرَّ بإسلامنا، فتقدم خالد بن الوليد فبايع وقال: “إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله”، فقال: تعال، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الحمد لله الذي هداك، قد كنتُ أرى لك عقلًا رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير”، ثمّ بايع عثمان بن طلحة ثمّ عمرو بن العاص، فبايع خالد على أن يغفر له ما تقدم من ذنبه، فقال له النبي :”إن الإِسلام يجبُّ ما كان قبله، والهجرة تجبّ ما كان قبلها”، وكان قدومهم سنة ثمانٍ للهجرة في صفر.[٥]
المراجع
- ↑ شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 366.
- ↑ موسى بن راشد العازمي، كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 566-567. بتصرّف.
- ↑ راغب السرجاني، كتاب السيرة النبوية، صفحة 13. بتصرّف.
- ↑ محمد يوسف الكاندهلوي، كتاب حياة الصحابة، صفحة 189. بتصرّف.
- ↑ “قصة إسلام خالد بن الوليد”، إسلام ويب، 13-9-2020، اطّلع عليه بتاريخ 17-1-2022. بتصرّف.