وضوء و صلاة

عدد مرات مسح الرأس في الوضوء

عدد مرَّات مسح الرَّأس عند الوضوء

ذهب الفُقهاء إلى أنّ السنّة في مسح الرّأس هي: مسح الرَّأس مرّةً واحدةً بِماءٍ واحِدٍ، ويجوزُ ثلاث مرّاتٍ، وقال الشّافعيّ: ثلاث مرّاتٍ بثلاث مياه،[١] وممّن ذهب إلى القول بجواز المسح مرّةً واحِدةً: مالك، والثّوريّ، والحسن، والأوزاعيّ،[٢] وذهب جُمهور الفقهاء كذلك ما عدا الشّافعيّ إلى المسح مرّةً واحِدةً؛ لأن الرّأس لا يتشرّب الماء، فلو مُسح ثلاث مرّات لكان ذلك كغسله.[٣]

وجاء في حديثِ عُثمان عن وضوء النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- أنّه: (توضأَ ثُمَّ مسحَ رأسَهُ)،[٤] من غير بيانٍ للعدد، فقال الشافعيّة باستحباب المسح ثلاث مرّات؛[٥] قياساً على بقيّة الأعضاء،[٣] وأمّا الجُمهور فيرون أنّ الرّأس والأُذُنان من الأعضاء التي لا يتكرّر مسحُها،[٦] واستدلّ الشّافعيّة ببعض الأحاديث والأقوال الضّعيفة، كحديث ابن البيلماني وحديثِ عثمان اللذان يقولان فيه عن النبيّ: “مسح رأسهُ ثلاثاً”،[٧] وحمل الحنفيّة الرّوايات التي تقولُ بمسح الرّأس ثلاث مرّاتٍ على أنّ الأمر بالتّثليث محمولٌ على مسحهِ بِماءٍ واحدٍ.[٨]

حكم مسح الرّأس عند الوضوء

اتّفق الفُقهاء على أنّ مسح الرّأس من فرائض الوضوء، واستدلّوا بِقول الله -تعالى-: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ)،[٩] ولكن تعدّدت آراؤهم في القدر المُجزئ في مسحه،[١٠] فذهب بعضُ أهلُ التّفسير في تفسير قوله -تعالى-: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ)،[٩] إلى أنّ المقصود بها: وامسحوا بما بدا لكم من الرّأس عند القيامِ للصّلاة،[١١] وقد ثبت وُجوب المسح وفرضيّتهُ في الكتاب، والسُّنة، والإجماع، فمن الكِتاب قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ)،[٩] ومن السُّنة فِعلُ النّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (أنه مسَح بيديه فأقبلَ بهما وأدبَر بدَأ بمقدَّمِ رأسِه ثم ذهَب بهما إلى قفاهُ ثم ردَّهما إلى المكانِ الذي بدَأ منه)،[١٢] وأمّا الإجماع فقد أجمعت الأُمّة على أنّ مسح الرّأس من فرائض الوضوء.[١٣]

صفة مسح الرّأس عند الوضوء

ذهب المالكيّة والحنابلة إلى القولِ بِوجوبِ مسح جميع الرّأس، وأمّا الحنفيّة والشّافعيّة فقالوا بِمسح بعض الرّأس، واعتبروا مسحهُ كله من سُنن الوضوء، واستدلّ الحنفيّة على قولهم بِفعل النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-، حيث توضّأ ومسح جميعَ رأسه، وجاء عنه مسحه على ناصيته، فلم يمسح جميع رأسه؛ فيُحمل على مسح بعض رأسه، ولكنّ الشّافعيّة استحبّوا مسح جميع الرّأس؛ اتّباعاً وخُروجاً من الخِلاف عند من يوجبه، ولكنّ الحنفيّة قالوا إن من داوَم قصداً على ترك مسح جميع الرّأس بلا عُذرٍ يأثم،[١٤] واستدلّ من قال بمسح بعض الرّأس بِفعل النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بناصِيَتِهِ، وعلَى العِمامَةِ وعلَى الخُفَّيْنِ)،[١٥] كما أنّ الباء في (بِرُءُوسِكُمْ) تدلُ على التّبعيض، ولا تدلُّ على مسح جميع الرّأس، وكان النبيّ إذا مسح رأسه أقبل وأدبر، وهي أفضلُ هيئاتِ المسح.[١٦]

المراجع

  1. أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان أبو الحسين القدوري (2006)، التجريد للقدوري (الطبعة الثّانية)، القاهرة: دار السّلام، صفحة 121، جزء 1. بتصرّف.
  2. أحمد بن محمد المعروف بالطحاوي (1417)، مختصر اختلاف العلماء (الطبعة الثّانية)، بيروت: دار البشائر الإسلامية، صفحة 136، جزء 1. بتصرّف.
  3. ^ أ ب عطية بن محمد سالم، شرح بلوغ المرام، صفحة 4، جزء 15. بتصرّف.
  4. رواه العيني، في عمدة القاري، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 2/364، صحيح الإسناد.
  5. دُبْيَانِ بن محمد الدُّبْيَانِ (2005)، موسوعة أحكام الطهارة (الطبعة الثانية)، الرياض: مكتبة الرشد، صفحة 337، جزء 9. بتصرّف.
  6. دُبْيَانِ بن محمد الدُّبْيَانِ (2005)، موسوعة أحكام الطهارة (الطبعة الثانية)، الرياض: مكتبة الرشد، صفحة 525، جزء 10. بتصرّف.
  7. عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى (2012)، الفقه الميسر (الطبعة الثانية)، الرياض: مَدَارُ الوَطن للنَّشر، صفحة 66-67، جزء 1. بتصرّف.
  8. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 362، جزء 43. بتصرّف.
  9. ^ أ ب ت سورة المائدة، آية: 6.
  10. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثّانية)، الكويت: دار السّلاسل، صفحة 255، جزء 37. بتصرّف.
  11. محمد بن جرير بن يزيد بن كثير أبو جعفر الطّبري (2001)، تفسير الطّبري = جامع البيان عن تأويل آي القرآن (الطبعة الأولى)، السعودية: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، صفحة 185، جزء 8. بتصرّف.
  12. رواه ابن الملقن، في البدر المنير، عن عبدالله بن زيد، الصفحة أو الرقم: 2/203، صحيح.
  13. محمد حسن عبد الغفار، شرح متن أبي شجاع، صفحة 18، جزء 14. بتصرّف.
  14. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة (الطبعة الثّانية)، الكويت: دار السّلاسل، صفحة 361، جزء 43. بتصرّف.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن المغيرة بن شعبة، الصفحة أو الرقم: 274، صحيح.
  16. محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني (2003)، الروضة النّدية (ومعها: التعليقاتُ الرَّضية على «الرَّوضة النّديَّة» ) (الطبعة الأولى)، الرياض: دَارُ ابن القيِّم للنشر والتوزيع، صفحة 154-156، جزء 1. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الوضوء

يعتبر الوضوء الصحيح من أهم الشروط لقبول صلاة المؤمن، ويكون ذلك من خلال مراعاة شروط الوضوء وأركانه، فالإسلام دين النظافة والطهارة، حيث يندرج الوضوء تحت مفهوم الطهارة كمتطلب شرعي له آدابه وأحكامه، ويقصد بالوضوء تمرير الماء على أعضاء الوضوء جميعها.

عدد مرات مسح الرأس في الوضوء

هناك اختلاف بين العلماء على مشروعية تكرار مسح الرأس في الوضوء، فذهب جمهور العلماء إلى أنه يجب أن يمسح الرأس مرة واحدة، وهذا قول كلٍّ من الإمام أحمد والإمام مالك والإمام أبي حنيفة وبعض الذين يتبعون الإمام الشافعي، بينما ذهب الشافعي ومعظم من يتبعون مذهبه إلى أنه يجوز في مسح الرأس التكرار، وكان دليلهم على ذلك مجموعة من الأحاديث؛ منها: حديث عثمان عند أبي داود، ويذكر فيه جواز تثليث المسح، كما أنه استدل على ذلك بالقياس على باقي أعضاء الوضوء، وأشار جمهور العلماء إلى أنّ ذلك الحديث ضعيف، كما أنهم استدلوا بالقياس على التيمم والمسح فوق الجبيرة.

كيفيّة الوضوء الصحيحة

قال الله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: 6].

يظهر في الآية الكريمة أنّ هناك مجموعة من الخطوات التي يجب على المُسلم أن يتبعها إذا نوى الوضوء، وهي على التّرتيب كالآتي:

  • النية؛ ومحلها القلب، ثمّ التسمية فيقول: بسم الله.
  • غسل الكفّين ثلاث مرّات.
  • المضمضة ثلاث مرّاتٍ، وذلك بإدخال الماء في الفم ثمّ إخراجه.
  • الاستنشاق ثلاث مرّات، ويكون بجذب الماء بواسطة النَّفَس داخل الأنف، ثمّ إخراجه الماء، فقال الرّسول صلى الله عليه وسلم: (…وبالِغْ في الاستنشاقِ إلَّا أن تَكونَ صائمًا) [صحيح].
  • غسل الوجه ثلاث مرّات، وحدود الوجه من منبت الشعر إلى أسفل الذقن، ومن الأذن اليسرى إلى الأذن اليمنى، وإن كان الوجه يعلوه شعرٌ أو لحيةٌ فيجب غسلهما؛ وذلك بهدف الوصول إلى البشرة، وإن كان الشعر غزيراً فيجب غسل ظاهره.
  • غسل اليدين إلى المَرفقين ثلاث مرّات، ومن السنة البدء بغسل اليد اليمنى.
  • مسح الرأس مرّةً واحدةً.
  • مسح الأذنين مرّةً واحدةً.
  • غسل الرّجلين إلى الكعبين ثلاث مرّات، مع إدخال المياه بين الأصابع.
  • الدعاء بدعاء الوضوء: (أشهَدُ أن لَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لَا شريكَ لَهُ، وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهمَّ اجعلْنِي مِنَ التوَّابينَ، واجعلْنِي منَ المتطهِّرينَ).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الوضوء

يعتبر الوضوء الصحيح من أهم الشروط لقبول صلاة المؤمن، ويكون ذلك من خلال مراعاة شروط الوضوء وأركانه، فالإسلام دين النظافة والطهارة، حيث يندرج الوضوء تحت مفهوم الطهارة كمتطلب شرعي له آدابه وأحكامه، ويقصد بالوضوء تمرير الماء على أعضاء الوضوء جميعها.

عدد مرات مسح الرأس في الوضوء

هناك اختلاف بين العلماء على مشروعية تكرار مسح الرأس في الوضوء، فذهب جمهور العلماء إلى أنه يجب أن يمسح الرأس مرة واحدة، وهذا قول كلٍّ من الإمام أحمد والإمام مالك والإمام أبي حنيفة وبعض الذين يتبعون الإمام الشافعي، بينما ذهب الشافعي ومعظم من يتبعون مذهبه إلى أنه يجوز في مسح الرأس التكرار، وكان دليلهم على ذلك مجموعة من الأحاديث؛ منها: حديث عثمان عند أبي داود، ويذكر فيه جواز تثليث المسح، كما أنه استدل على ذلك بالقياس على باقي أعضاء الوضوء، وأشار جمهور العلماء إلى أنّ ذلك الحديث ضعيف، كما أنهم استدلوا بالقياس على التيمم والمسح فوق الجبيرة.

كيفيّة الوضوء الصحيحة

قال الله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: 6].

يظهر في الآية الكريمة أنّ هناك مجموعة من الخطوات التي يجب على المُسلم أن يتبعها إذا نوى الوضوء، وهي على التّرتيب كالآتي:

  • النية؛ ومحلها القلب، ثمّ التسمية فيقول: بسم الله.
  • غسل الكفّين ثلاث مرّات.
  • المضمضة ثلاث مرّاتٍ، وذلك بإدخال الماء في الفم ثمّ إخراجه.
  • الاستنشاق ثلاث مرّات، ويكون بجذب الماء بواسطة النَّفَس داخل الأنف، ثمّ إخراجه الماء، فقال الرّسول صلى الله عليه وسلم: (…وبالِغْ في الاستنشاقِ إلَّا أن تَكونَ صائمًا) [صحيح].
  • غسل الوجه ثلاث مرّات، وحدود الوجه من منبت الشعر إلى أسفل الذقن، ومن الأذن اليسرى إلى الأذن اليمنى، وإن كان الوجه يعلوه شعرٌ أو لحيةٌ فيجب غسلهما؛ وذلك بهدف الوصول إلى البشرة، وإن كان الشعر غزيراً فيجب غسل ظاهره.
  • غسل اليدين إلى المَرفقين ثلاث مرّات، ومن السنة البدء بغسل اليد اليمنى.
  • مسح الرأس مرّةً واحدةً.
  • مسح الأذنين مرّةً واحدةً.
  • غسل الرّجلين إلى الكعبين ثلاث مرّات، مع إدخال المياه بين الأصابع.
  • الدعاء بدعاء الوضوء: (أشهَدُ أن لَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لَا شريكَ لَهُ، وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهمَّ اجعلْنِي مِنَ التوَّابينَ، واجعلْنِي منَ المتطهِّرينَ).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى