محتويات
ما هي سنن الرسول
السنّة في اللغة هي الطريقة، وتُعبِّر عن طريقة ومنهج وأسلوب الشخص في حياته، وسنة الرسول هي منهجه وأسلوبه في الحياة، وقد كان هذا الأسلوب بيّناً مكشوفاً للنّاس حتى يمكن الاقتداء به صلى الله عليه وسلم.[١]
سنن الرسول في بعض العبادات
سنن الرسول في الوضوء
ورد عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عدد من سنن الوضوء؛ منها أنه كان يبدأ الوضوء بالتسمية، ويستاك قبل أن يتوضأ، ويغسل كفيه إلى الرسغين ثلاث مرّات مع تخليل الأصابع، ويتمضمض ويستنشق قبل أن يغسل وجهه، وحين يغسل وجهه فإنه يُخَلِّل اللحية بدلكها بالماء حيث كانت لحيته كثيفة، وكان يبدأ في الغسل باليمنى قبل اليسرى، ويكرره ثلاث مرات، ويمسح جميع رأسه، وأذنيه، ويدعو بعد الوضوء ثم يصلي ركعتين، وكان -عليه السلام- يحافظ على الماء ولا يسرف فيه، فلا يجاوز ما يتوضأ به المُدّ من الماء وهو ما يساوي ملأ الكفين من الماء، ولا يغسل أكثر من ثلاث مرات.[٢][٣]
سنن الرسول في الصلاة
تعلّم المسلمون صلاتهم ممّا ورد لهم من صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما ورد من المندوبات في الصلاة؛ ومنها:[٤]
- النيّة والخشوع، ويندب للمصلي أن يذكر نية الصلاة التي يريد صلاتها وعدد ركعاتها.
- رفع اليدين على مستوى الأذنين في تكبيرة الإحرام، وقبض اليد اليمنى على اليد اليسرى في الفرض والنفل، والتوسط في فتحة القدمين حال القيام بين الانفراج والانقباض.
- قراءة آياتٍ أو سورة كاملةٍ من القرآن بعد الفاتحة.
- تقصير زمن الركعة الثانية عن زمن الركعة الأولى.
- التأمين بعد قراءة قوله تعالى: ولضالّين بقول:آمين سرّاً في الصلاة السرية، وجهراً في الصلاة الجهرية.
- الركوع بظهر وعنق مستويان، حيث يكون الرأس مستقيماً لا موفوعاً ولا منكساً، ووضع اليدين على الركبتين، وتمكينهما منهما مع تفريق الأصابع، وتكون الركبتين منتصبتان، وللرَّجُل أن يبعد مرفقيه عن جنبيه، أما المرأة فتضمهما إليها، مع تكرار قول “سبحان ربي العظيم” ثلاث مرات.
- قول “سمع الله لمن حمده” أثناء القيام من الركوع، وقول “ربنا ولك الحمد” عند الاستواء.
- الاعتماد على الأرض في السجود، أي تمكين الجبهة والأنف منها، والسجود على الركبتين والكفين وباطن أطراف القدمين، وجعل الركبتين هما أول من ينزل للسحود ثم اليدين، أما في القيام للركعة التالية فيندب تقديم اليدين على الركبتين.
- إبعاد الرجل لبطنه عن فخذيه، ولركبته عن مرفقيه في السجود، أما المرأة فتضمُّ نفسها، والتسبيح في السجود بقول “سبحان ربي الأعلى”، ومن ثم الدُّعاء.
- التورك في السجود للرجل والمرأة، وتقصير زمن الجلوس للتشهد الأول عن زمنه للتشهد الثاني، مع وضع اليدين على مقدمة الفخذين في الجلوس من الجلوس وفي التشهدين، ورفع سبابة اليد اليمنى عند التشهد.
- الدِّعاء بعد الانتهاء من الصلاة الإبراهيمية وقبل السلام، ثم التَّسليم من اليمين وبعدها الشمال.
- قراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص بعد الفراغ من الصلوات المفروضة، والتسبيح ثلاث وثلاثون، والتحميد ثلاث وثلاثون، والتكبير ثلاث وثلاثون، ثم يختمها بالتشهد، ثم الاستغفار.
سنن الرسول في الصوم
كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يأمر بالسُّحور قبل الصيام: (تَسَحَّرُوا فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً.)،[٥] كما يستحبّ تأخير السحور إلى ما قبل الأذان، أما الفطور فإنّ النبي كان يأمر بتعجيله، وكان يفطر على رطبات ثم يقوم للصلاة، فإن لم يجد رطبات أفطر على تمرات، فإن لم يجد أفطر على ماء ثم قام للصلاة، وكان يدعو عند فطره.[٦]
سنن الرسول في الذِّكر
كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من الذاكرين الله كثيراً، وكان يعلّم أصحابه كيفية الذكر وفضله، ومن الأذكار التي كان يقولها -عليه الصلاة والسلام-:(لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ)،[٧] ومنها حثّه على تسبيح الله في قوله: (وَمَن قالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ ولو كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ.)،[٨] ومنها ما دلّ عليه أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-: (يا أبَا مُوسَى – أوْ: يا عَبْدَ اللَّهِ – ألَا أدُلُّكَ علَى كَلِمَةٍ مِن كَنْزِ الجَنَّةِ قُلتُ: بَلَى، قَالَ: لا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ.).[٩][١٠]
بعض السنن في أسلوب العيش
سنن الرسول في الأكل والشرب
تشمل السنن التي نقلها العلماء عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- طريقة عيشه وأسلوبه في الأكل والشرب \ونحوها، ومن آداب الأكل والشرب التي كان يحرص عليها -صلى الله عليه وسلّم-:[١١]
- الشرب جالساً، لحديث: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ زَجَرَ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا).[١٢]
- الشرب على ثلاث دفعات، والتنفس خارج الإناء، وعدم الشرب من فم الإناء، لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا شَرِبَ أحَدُكُمْ فلا يَتَنَفَّسْ في الإنَاءِ، وإذَا أتَى الخَلَاءَ فلا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بيَمِينِهِ، ولَا يَتَمَسَّحْ بيَمِينِهِ.).[١٣]
- البدء بمن هم عن يمين الشارب حال تقديم الشراب للآخرين.
- تأخير الساقي نفسه عن الشرب حتى ينتهي الجميع من ذلك، لحديث: (ساقي القومِ آخرُهم شربًا).[١٤]
- ترك انتقاد الطعام، لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (ما عابَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَعامًا قَطُّ، إنِ اشْتَهاهُ أكَلَهُ، وإنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ.).[١٥]
- الإكثار من الأيدي على الطعام بدعوة الناس إلى مشاركته في الأكل.
- أكل ما يسقط من الطعام، وإن كان بها أذى مسحه وأزاله.
- الجلوس مقعياً عند الأكل لحديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مُقْعِيًا يَأْكُلُ تَمْرًا.).[١٦] ويكره للمسلم أن يأكل وهو متكئ، ويكره له أن يأكل تمرتين معاً إلّا إذا أذن المشاركين له بالطعام، لحديث: (لا تُقَارِنُوا فإنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الإقْرَانِ، إلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ).[١٧]
- لعق الأصبع عند الانتهاء من الطعام لتحصيل بركة الطعام، لحديث: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَمَرَ بلَعْقِ الأصَابِعِ وَالصَّحْفَةِ، وَقالَ: إنَّكُمْ لا تَدْرُونَ في أَيِّهِ البَرَكَةُ).[١٨]
- حمْد الله على الطعام بعد الفراغ منه، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(من أكلَ طعاما فقال الحمدُ للهِ الذي أطعمنِي هذا ورزقنيهِ من غيرِ حولٍ مني ولا قوةٍ غُفِرَ لهُ ما تقدّمَ من ذنبهِ).[١٩]
سنن الرسول في اللباس
كان النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- إذا لبس لباساً جديداً سمّى الله -تعالى- سواءً أكان ثوباً أو قميصاً أو عمامة، ثم يدعو الله قائلاً: (اللَّهمَّ لك الحمدُ أنت كسوْتنِيهِ أسألُك من خيرِه وخيرِ ما صُنِعَ له، وأعوذُ بك من شرِّهِ وشرِّ ما صُنِعَ له).[٢٠][٢١]
سنن الرسول في النظافة
كان النُّبيّ -عليه الصلاة والسلام- جميل الهيئة حسناً نظيفاً، وكان يأمر أصحابة بالتنظُّف والتزيّن، وخصوصاً في مواطن الاجتماع؛ كصلاة الجمعة وصلاة العيدين، وقد أمر بالابتعاد عن الرديء من الثياب، والمُتلبِّد الأغبر من الشعر، وقد ورد عنه -صلى الله عليه وسلم-: ( ما على أحدِكم إن وجدَ أو ما على أحدِكم إن وجدتُم أن يتَّخذَ ثوبينِ ليومِ الجمعةِ سوى ثوبَي مِهنتِهِ)،[٢٢] وفي ذلك دليلاً على جواز تخصيص لباسٍ معين للمسجدٍ أو لمناسبةٍ معينة، وقد أمر أيضاً بالاعتناء بنظافة الشعر وإصلاحه، ونظافة اللحية كذلك وتمشيطها وتطييبها.[٢٣] وكان -عليه الصلاة والسلام- يستاك عند القيام للصلاة، وفي كلّ حين، وقد كان يأمر به ويحثُّ على المداومة عليه، وهو من سنن الفطرة التي أشار إليها، لقوله: (عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وإعْفاءُ اللِّحْيَةِ، والسِّواكُ).[٢٤][٢٥]
سنن الرسول في التعامل مع الآخر
أرسى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- للمسلم قواعد في التعامل مع الآخرين؛ مسلمين كانوا أوغير مسلمين، فبيّن أن الكذب والخيانة صفة من صفات المنافقين، وأن المسلم عليه أن يتخيّر لنفسه الصحبة الصالحة؛ لما للصديق من تأثير على صديقه، ولأن الأصدقاء في الدنيا لوجه الله تدوم صداقتهم في الآخرة أيضاً، قال- تعالى-: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)،[٢٦] ومن آداب التعامل مع الناس الصبر عليهم وترك الغضب السريع، وهو وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث: (أنَّ رَجُلًا قالَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ.)،[٢٧] فأوْصى الغاضب حين يغضب أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن يجلس إن كان قائماً، أو يضطجع.[٢٨]
الاختلاط بالناس يستلزم الصبر عليهم والحِلْم على تصرفاتهم، وأصدق مثال لذلك هو محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث كان حليماً ليِّناً مع الناس، وكان -عليه الصلاة والسلام- يعود المريض جبراً لخاطره وتطييباً لنفسه ومواساةً له، وفي ذلك قال:(مَن عادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ في خُرْفَةِ الجَنَّةِ، قيلَ يا رَسولَ اللهِ، وما خُرْفَةُ الجَنَّةِ؟ قالَ: جَناها).[٢٩][٢٨]
سنن الرسول في النوم والاستيقاظ
كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حين يذهب إلى فراشه ينام على شقّه الأيمن، ثم يقول:(أسْلَمْتُ نَفْسِي إلَيْكَ، ووَجَّهْتُ وجْهِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً ورَهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأَ ولا مَنْجا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ، آمَنْتُ بكِتابِكَ الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ وقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)،[٣٠][٣١] وكان -عليه الصلاة والسلام- ينوّع في كيفيات نومه؛ فمَرّةً ينام على الفراش، ومرّة ينام على الأرض، ومرّة على السَّرير، وعلى الحصير أيضاً،[٣٢] وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا استيقظ من النوم ليلاً ذكر الله، وقام إلى الصلاة.[٣٣]
سنن الرسول في الدخول والخروج من المنزل
يستحب للمسلم عند دخوله أو خروجه من المنزل أن يقول الأذكار التي وردت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهي مختصة لكل فعل ضمن الخروج والدخول، وهي:[٣٤]
- التسمية، وذكر الله عند الدخول، لحديث: ( إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قالَ الشَّيْطَانُ: لا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ).[٣٥]
- دعاء بالتوكل على الله عند الدخول.
- الاستياك، حيث كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يبتدئ دخول منزله بالسواك.
- السلام على أهل البيت، لقوله -تعالى: ( فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً).[٣٦]
أما سُنن الخروج من البيت فتبدأ بقول:(بِسمِ اللَّهِ، توَكَّلتُ على اللَّهِ، لا حَولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ)،[٣٧] وبالإضافة إلى كوْن هذا الدعاء سبباً لحماية العبد من الشيطان فإنه يعتبر ذكراً ينال عليه كثير الأجر، ولأن المسلم يخرج من بيته عدة مرّات؛ إلى العمل والمسجد وقضاء حاجات البيت، فإن تطبيق هذه السنّة ينال بها كثير الأجر، فيكفيه الله ما أهمَّه من أمر الدنيا والآخرة، ويقيه الله كلّ شرّ من شرور الإنس والجنّ، ويهديه إلى الصالح من أمر الدنيا والآخره ويبعده عن الضلال.[٣٤]
سنن الرسول في الدخول والخروج من بيت الخلاء
يقول المسلم إذا دخل الخلاء: (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الخُبْثِ والْخَبَائِثِ)،[٣٨] ويدخل إلى الخلاء مُقدِّماً رجله اليسرى على اليمنى، ويخرج منه مُقدِّماً رجله اليمنى، وهذا كلّه مستحب فإن تركه لا حَرَج، ولا يدخل معه إلى الخلاء شيء فيه ذكر الله إلّا للضرورة، وأن يستَتِر ويبتعد عن عيون الناس إن كان يقضي حاجته في الخلاء، ويختار موضعاً رطباً حتى لا يرتد عليه البول فيتنجس، ويتكئ على رجله اليسرى، ويتجنب البول في أماكن الحيوانات والشجر المثمر، لأن ذلك يؤذيهم، ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، فإن كان في مكان مخصص لقضاء الحاجة فلا بأس، ثم يتطهر من البول بالماء، ولا يَمَسَّ الفرج باليد اليمنى.[٣٩]
سنن الرسول في السفر
كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا رجع من سفره ابتدأ بالدخول إلى المسجد، ليصلي فيه ركعتين، وهذا يكون إن قدم في غير وقت كراهة، كوقت العصر وبعد طلوع الفجر، ثم يجلس فيأتي الناس ويسلمون عليه ويسلّم عليهم، وهذا من حسن خلقه -صلى الله عليه وسلم-،[٤٠] ومن سنن النبيّ في السفر أنه كان إذا خرج في سفره دعا الله قائلاً: (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هذا البِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ العَمَلِ ما تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هذا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ في الأهْلِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ المَنْظَرِ، وَسُوءِ المُنْقَلَبِ في المَالِ وَالأهْلِ،)،[٤١]
من هذه الآداب أن يبتعد المسافر عن كل ما يؤذي الناس، فلا يقضي حاجته في أماكن مياههم أو جلوسهم، فهو أحد سببين يستوجبان اللعن، وهي أن يقضي الشخص حاجته في طريق الناس وأماكن الظل، أو الماء، أو البقعة التي يجتمعون فيها، أو تحت الشجر المثمر ونحو ذلك، وهذ دليل على أن الإسلام دين النظافة والرقيّ.[٤٢]
سنن الرسول المتعلقة بالأوقات
كان للنبيّ -صلى الله عليه وسلّم- أذكار وسنن مقيدة بالأوقات، منها أنه كان يجلس في المسجد من بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، ويبدأ عند صلاة الفجر وقت أذكار الصباح، وكان -عليه الصلاة والسلام- إذا رأى شدّة الحر وقت صلاة الظهر فإنه يؤخِّرَها حتى يخفّ الحر، وهذا الإبراد يكون في حق من يخرج للجماعة، ويبدأ وقت أذكار المساء من العصر وحتى غروب الشمس، ولا بأس في قولها بعد الغروب إن تركها لعذر.[٤٣]
أمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الناس إذا غربت الشمس أن يمنعوا أولادهم من الخروج من المنزل، وأن يغلقوا أبواب بيوتهم، وأن يحرصوا على ذكر الله، حفظاً لأولادهم وأنفسهم من الشيطان، لحديث: (إِذَا كانَ جُنْحُ اللَّيْلِ، أوْ أمْسَيْتُمْ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فإنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ، وأَغْلِقُوا الأبْوَابَ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فإنَّ الشَّيْطَانَ لا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا)،[٤٤] وقد كره النبيّ النوم قبل صلاة العشاء مخافة أن تفوت النائم الصلاة، كما كره الحديث والجلوس بعده مخافة أن تفوته صلاة الصبح.[٤٣]
كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يصلّي الضحى إذا انتصف النّهار، وكان يصلّيها أربع ركعات لحديث معاذة -رضي الله عنها-: (أنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَمْ كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى؟ قالَتْ: أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَيَزِيدُ ما شَاءَ.)،[٤٥] وكان عليه السلام يداوم على قيام الليل، وخصوصاً قبل الفجر.[٤٦]
أهمية معرفة سنن الرسول
مهمٌّ لمن أراد خير الدُّنيا والآخرة أن يَعرِف سنّة النبيّ -صلى الله عليه وسلَّم- ويتعلّمها ويجتهد وُسْعه حتى يطبقها في حياته؛ فهي الصِّراط المستقيم، وهي سبيل الهداية، وبها تزداد محبة الله للعبد، وفيها النَّفع الكبير في الدُّنيا والآخرة، وهي من أهم الأسباب التي تُحقِّق محبة النبي في قلب المسلم واتِّباع هديِه مما يزيد في الإيمان والعمل الصالح.[٤٧]
ثمرات اتباع سنن الرسول
ثمرات ابتاع سنّة النبيّ صلى الله عليه وسلم كثير، منها:[٤٨]
- نيْلُ محبة الله، فمن اتّبع النبيّ وأكثر من النوافل حاز محبة الله.
- نيْلُ معيَّةِ الله وتوفيقه وحمايته وجواره.
- إجابة الدعاء، وهذه نتيجة لنيْل محبة الله، فمن أحبه الله أجاب دعاءه، للحديث الذي رواه النبيّ عن ربّه: ( إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ).[٤٩]
- إكمال ما نقص من الفرائض وما اعتراها من خلل، لحديث: (إنَّ أوَّلَ ما يحاسبُ بِه العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه فإن صلحت فقد أفلحَ وأنجحَ وإن فسدت فقد خابَ وخسرَ فإن انتقصَ من فريضة شيئًا قالَ الرَّبُّ تبارك وتعالى انظروا هل لعبدي من تطوُّعٍ فيُكمَّلَ بِها ما أنتقصَ منَ الفريضةِ ثمَّ يَكونُ سائرُ عملِه علَى ذلِك).[٥٠]
- حياة القلب، وتعظيم السنّة، والحفاظ على شعائر الله، فبالتزام النوافل يمتنع العبد من التفريط في الفرائض.
- الهداية والصواب والإخلاص والصدق والرزق والكفاية.
المراجع
- ↑ د. راغب السرجاني، كن صحابيا، صفحة 3، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ د. عبد الله بن حمود الفريج، سنن النبي وأذكاره اليومية، صفحة 23-24. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: وزاة الأوقاف والشؤون الإسلامية، صفحة 358-368، جزء 43. بتصرّف.
- ↑ كوكب عيد (1986)، فقه العبادات على المذهب المالكي (الطبعة الأولى)، دمشق: مطبعة الإنشاء، صفحة 161-167. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1923، صحيح.
- ↑ د. أحمد مصطفى متولي، صفة صيام النبي، صفحة 7-9. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3293، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2691، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 6409، صحيح.
- ↑ د. عبد الله بن حمود الفريح، سنن النبي وأذكاره اليومية، صفحة 135-137. بتصرّف.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، الذكر والدعاء والعلاج بالرقي من الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة الرشد، صفحة 66-68. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2024، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 153، صحيح.
- ↑ رواه الأبباني، في صحيح الترمذي، عن أبو قتادة، الصفحة أو الرقم: 1894، صحيح.
- ↑ رواه صحيح البخاري، في البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2409، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن انس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2044، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جبلة اين سحيم، الصفحة أو الرقم: 2045، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر ابن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2033، صحيح.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن معاذ بن أنس، الصفحة أو الرقم: 3458 ، حسن غريب.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 4020، صحيح.
- ↑ أبو زكريا يحيى بن شرف النووي (2004)، الأذكار للنوية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 58. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الألباني، عن محمد بن يحيى بن حبان، الصفحة أو الرقم: 1078، صحيح.
- ↑ غير معروف، الآداب الإسلامية، صفحة 24-27.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 261، صحيح.
- ↑ محمد صالح المنجد، سلسلة الآداب، صفحة 4-5، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ سورة الزخرف، آية: 67.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6116، صحيح.
- ^ أ ب راشد العبد الكريم (2010)، الدروس اليومية من السنن والأحكام الشرعية (الطبعة الرابعة)، المملكة العربية السعودية: دار الصميعي، صفحة 315-323. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم: 2568، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء ابن عازب، الصفحة أو الرقم: 6315، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1431، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، الرياض: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، صفحة 386، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ صالح عامر قمصان (24-12-2019)، “الإيقلظ لآداب النوم والاستيقاظ”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-9-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب خالد الحسينان (2003)، أكثر من ألف سنّة في اليوم والليلة، القاهرة: دار ابن الجوزي ، صفحة 19-21، جزء 1.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2018، صحيح.
- ↑ سورة النور، آية: 61.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 3426، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 375، صحيح.
- ↑ عبد العزيز الراجحي، شرح عمدة الفقه، صفحة 13-23، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 13، جزء 199. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1342، صحيح.
- ↑ عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 13-14، جزء 6. بتصرّف.
- ^ أ ب د. عبد الله بن حمود الفريج، سنن النبي وأذكاره اليومية، صفحة 74-89. بتصرّف.
- ↑ رواه صحيح البخاري، في البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 3304، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 719، صحيح.
- ↑ عبد الملك بن قاسم، يوم في بيت الرسول، صفحة 41-44. بتصرّف.
- ↑ أسماء بنت راشد الرويشد، طريقك إلى تقوية إيمانك، الربوة: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات، صفحة 51، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ د. عبد الله بن حمود الفريح (1-10-2015)، “ثمرات اتباع السنّة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-9-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 413، صحيح.