السيرة النبوية

خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم

خصائص الرّسول صلّى الله عليه وسلّم

يُقصد بخصائص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّها: الأمور التي امتاز واختُصّ بها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن غيره، وتتعدّد إلى أنواعٍ، أوّلها: الواجبات؛ كالشورى، وثانيها: المحرّمات، وثالثها: المُباحات؛ كالوِصال في الصيام، ورابعها: الفضائل؛ كتحريم الزواج من زوجاته -رضي الله عنهنّ- بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وتكمُن أهميّة معرفة خصائص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في التعرّف على المنزلة الرفيعة للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ومعرفة ما اختُصّ به من صفاتٍ، وفضائل، وأحكامٍ، وتمييز الصحيح من صفاته، وعدم المغالاة فيها، واتّباع ما أمر به الشَّرع دون إفراطٍ أو تفريطٍ.[١]

ما اختُصّ به الرّسول عن سائر الأنبياء

اختُصّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعدّة خصائص ميّزته عن باقي الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، يُذكر منها:[٢]

  • أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، فأيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لي المَغَانِمُ ولَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً)،[٣] فالحديث يدلّ على أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- اختُصّ عن باقي الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- بعدّة أمورٍ؛ وهي: أداء أمّته الصلاة في أيّ البِقاع من الأرض، وتشريع التيمم لأمّته؛ تخفيفاً وتوسعةً لهم، وإباحة الغنائم له -عليه الصلاة والسلام-، وشفاعته يوم القيامة.
  • أرسل الله -تعالى- محمّداً -عليه الصلاة والسلام- للنّاس كافّةً، وليس إلى قومٍ بذاتهم دون غيرهم.
  • جعله الله -عزّ وجلّ- خطيب الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وإمامهم، وخاتمهم.
  • جعل الله -سُبحانه- معجزة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- خالدةً باقيةً، ولم يحدّدها بزمنٍ معيّنٍ.
  • أُسري به إلى سدرة المُنتهى، ثمّ رجع إلى بيته في ليلةٍ واحدةٍ.
  • أوّل من يفيق يوم القيامة، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام قال: (إنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَومَ القِيَامَةِ، فأكُونُ في أوَّلِ مَن يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بجَانِبِ العَرْشِ، فلا أدْرِي أكانَ مُوسَى فِيمَن صَعِقَ فأفَاقَ قَبْلِي، أوْ كانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ).[٤]
  • كانت أمّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- خير الأمم وأكرمها، قال -تعالى-: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ)،[٥] ومن الخصائص المتعلّقة بالأمّة أيضاً؛ التجاوز عنها عمّا وقع منها خطأً أو نسياناً، وما حدّثت به الأنفس دون عملٍ أو قولٍ، كما ثبت في صحيح مُسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتي ما حَدَّثَتْ به أَنْفُسَهَا، ما لَمْ يَتَكَلَّمُوا، أَوْ يَعْمَلُوا بهِ)،[٦] كما خصّ الله -تعالى- أمّة الإسلام بيوم الجُمعة، فكان خير أيّام الأسبوع.[٧]

ما اختُصّ به الرّسول من الأحكام

اختُصّ الرّسول -عليه الصلاة والسلام- بعددٍ من الأحكام الخاصّة به فقط دون أمّته، بيانها فيما يأتي:[٨][٩]

  • أوجب الله -تعالى- عدداً من الأمور في حقّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فقد، دون أن يُوجبها في حقّ أمّته، وهي: السواك، والأُضحية، وصلاة الوتْر، وسنّة الفجر.
  • حرّم الله -عزّ وجلّ- على نبيّه -عليه الصلاة والسلام- بعض الأمور؛ منها: الصدقة؛ تشريفاً وتكريماً له ولآل بيته؛ إذ حُرّمت أيضاً عليهم، استدلالاً بما أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ قال: (أَخَذَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِن تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا في فِيهِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كِخْ كِخْ، ارْمِ بهَا، أَما عَلِمْتَ أنَّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ)،[١٠] كما حرّم الله على نبيّه استبدال زوجاته، قال -تعالى-: (لَّا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّـهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا)،[١١] وحرّم عليه أيضاً التزوّج من الكتابيّة، والقراءة والكتابة أيضاً؛ تنزيهاً له، وإثباتاً لمعجزته، ودرءاً لأي شُبهةٍ عنه،قال -تعالى-: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)،[١٢] كما مُنع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من نظم الشِّعر، فكانت تلك عادة العرب أهل الفصاحة واللغة، قال -تعالى-: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ).[١٣]
  • أباح الله -عزّ وجلّ- للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعض الأمور الخاصّة به فقط؛ منها: التزوّج بأي عددٍ من النّساء، ودون مهرٍ أو وليٍ، وبلفظ الهبة، والوصال في الصيام.

مكانة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم

حَظِيَ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بمنزلةٍ رفيعةٍ ومكانةٍ عاليةٍ، فله الفَضْل في كلّ أجرٍ وثوابٍ يناله المُسلم إلى يوم القيامة باعتباره المُبلّغ لرسالة ربّه، إذ كان حريصاً على فَهْم كلّ ما أمر به الله -تعالى- وبلّغه لعباد الله، ومن الجدير بالذِّكر أنّ الإنسان من أعظم المقاصد الإلهيّة في الكون، وهو الوحيد القادر على استيعاب وتلقّي الخطاب الإلهيّ؛ ولذلك فقد اختار الله محمّداً من كافّة البشر لتبليغ الرسالة،[١٤] وجعل له مكانةً بين العباد بِاعتباره مُمتثلاً الأخلاق التي نصّ عليها القرآن الكريم، في أقواله، وأفعاله، وسائر أموره، كما كان في دعوته للدِّين الإسلاميّ يسيراً معصوماً.[١٥]

المراجع

  1. أبو حفص بن الملقن (2017)، مختصر غاية السول في خصائص الرسول (الطبعة الأولى)، الرياض: مدار الوطن، صفحة 9-10، جزء 4. بتصرّف.
  2. إسماعيل الدمشقي (2010)، الفصول في اختصار سيرة الرسول، الكويت: دار النوادر، صفحة 311-313 + 318-321 . بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 335، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6517، صحيح.
  5. سورة آل عمران، آية: 110.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 127، صحيح.
  7. “خصائص الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أمته في الدنيا”، www.islamweb.net، 3-6-2010، اطّلع عليه بتاريخ 14-8-2020. بتصرّف.
  8. جمال الدين السرمري (2015)، خصائص سيد العالمين وما له من المناقب العجائب على جميع الأنبياء عليهم السلام (الطبعة الأولى)، صفحة 508-509. بتصرّف.
  9. أحمد حطيبة، تفسير الشيخ أحمد حطيبة، صفحة 3-10، جزء 254. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1069، صحيح.
  11. سورة الأحزاب، آية: 52.
  12. سورة العنكبوت، آية: 48.
  13. سورة يس، آية: 69.
  14. بديع الزمان النورسي (1988)، حقيقة التوحيد (الطبعة الثانية)، صفحة 130-132. بتصرّف.
  15. عبد الحليم محمود، السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، صيدا- بيروت: المكتبة العصرية، صفحة 18. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

خصائص الرّسول صلّى الله عليه وسلّم

يُقصد بخصائص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّها: الأمور التي امتاز واختُصّ بها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن غيره، وتتعدّد إلى أنواعٍ، أوّلها: الواجبات؛ كالشورى، وثانيها: المحرّمات، وثالثها: المُباحات؛ كالوِصال في الصيام، ورابعها: الفضائل؛ كتحريم الزواج من زوجاته -رضي الله عنهنّ- بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وتكمُن أهميّة معرفة خصائص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في التعرّف على المنزلة الرفيعة للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ومعرفة ما اختُصّ به من صفاتٍ، وفضائل، وأحكامٍ، وتمييز الصحيح من صفاته، وعدم المغالاة فيها، واتّباع ما أمر به الشَّرع دون إفراطٍ أو تفريطٍ.[١]

ما اختُصّ به الرّسول عن سائر الأنبياء

اختُصّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعدّة خصائص ميّزته عن باقي الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، يُذكر منها:[٢]

  • أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، فأيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لي المَغَانِمُ ولَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً)،[٣] فالحديث يدلّ على أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- اختُصّ عن باقي الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- بعدّة أمورٍ؛ وهي: أداء أمّته الصلاة في أيّ البِقاع من الأرض، وتشريع التيمم لأمّته؛ تخفيفاً وتوسعةً لهم، وإباحة الغنائم له -عليه الصلاة والسلام-، وشفاعته يوم القيامة.
  • أرسل الله -تعالى- محمّداً -عليه الصلاة والسلام- للنّاس كافّةً، وليس إلى قومٍ بذاتهم دون غيرهم.
  • جعله الله -عزّ وجلّ- خطيب الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وإمامهم، وخاتمهم.
  • جعل الله -سُبحانه- معجزة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- خالدةً باقيةً، ولم يحدّدها بزمنٍ معيّنٍ.
  • أُسري به إلى سدرة المُنتهى، ثمّ رجع إلى بيته في ليلةٍ واحدةٍ.
  • أوّل من يفيق يوم القيامة، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام قال: (إنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَومَ القِيَامَةِ، فأكُونُ في أوَّلِ مَن يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بجَانِبِ العَرْشِ، فلا أدْرِي أكانَ مُوسَى فِيمَن صَعِقَ فأفَاقَ قَبْلِي، أوْ كانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ).[٤]
  • كانت أمّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- خير الأمم وأكرمها، قال -تعالى-: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ)،[٥] ومن الخصائص المتعلّقة بالأمّة أيضاً؛ التجاوز عنها عمّا وقع منها خطأً أو نسياناً، وما حدّثت به الأنفس دون عملٍ أو قولٍ، كما ثبت في صحيح مُسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتي ما حَدَّثَتْ به أَنْفُسَهَا، ما لَمْ يَتَكَلَّمُوا، أَوْ يَعْمَلُوا بهِ)،[٦] كما خصّ الله -تعالى- أمّة الإسلام بيوم الجُمعة، فكان خير أيّام الأسبوع.[٧]

ما اختُصّ به الرّسول من الأحكام

اختُصّ الرّسول -عليه الصلاة والسلام- بعددٍ من الأحكام الخاصّة به فقط دون أمّته، بيانها فيما يأتي:[٨][٩]

  • أوجب الله -تعالى- عدداً من الأمور في حقّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فقد، دون أن يُوجبها في حقّ أمّته، وهي: السواك، والأُضحية، وصلاة الوتْر، وسنّة الفجر.
  • حرّم الله -عزّ وجلّ- على نبيّه -عليه الصلاة والسلام- بعض الأمور؛ منها: الصدقة؛ تشريفاً وتكريماً له ولآل بيته؛ إذ حُرّمت أيضاً عليهم، استدلالاً بما أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ قال: (أَخَذَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِن تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا في فِيهِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كِخْ كِخْ، ارْمِ بهَا، أَما عَلِمْتَ أنَّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ)،[١٠] كما حرّم الله على نبيّه استبدال زوجاته، قال -تعالى-: (لَّا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّـهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا)،[١١] وحرّم عليه أيضاً التزوّج من الكتابيّة، والقراءة والكتابة أيضاً؛ تنزيهاً له، وإثباتاً لمعجزته، ودرءاً لأي شُبهةٍ عنه،قال -تعالى-: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)،[١٢] كما مُنع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من نظم الشِّعر، فكانت تلك عادة العرب أهل الفصاحة واللغة، قال -تعالى-: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ).[١٣]
  • أباح الله -عزّ وجلّ- للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعض الأمور الخاصّة به فقط؛ منها: التزوّج بأي عددٍ من النّساء، ودون مهرٍ أو وليٍ، وبلفظ الهبة، والوصال في الصيام.

مكانة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم

حَظِيَ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بمنزلةٍ رفيعةٍ ومكانةٍ عاليةٍ، فله الفَضْل في كلّ أجرٍ وثوابٍ يناله المُسلم إلى يوم القيامة باعتباره المُبلّغ لرسالة ربّه، إذ كان حريصاً على فَهْم كلّ ما أمر به الله -تعالى- وبلّغه لعباد الله، ومن الجدير بالذِّكر أنّ الإنسان من أعظم المقاصد الإلهيّة في الكون، وهو الوحيد القادر على استيعاب وتلقّي الخطاب الإلهيّ؛ ولذلك فقد اختار الله محمّداً من كافّة البشر لتبليغ الرسالة،[١٤] وجعل له مكانةً بين العباد بِاعتباره مُمتثلاً الأخلاق التي نصّ عليها القرآن الكريم، في أقواله، وأفعاله، وسائر أموره، كما كان في دعوته للدِّين الإسلاميّ يسيراً معصوماً.[١٥]

المراجع

  1. أبو حفص بن الملقن (2017)، مختصر غاية السول في خصائص الرسول (الطبعة الأولى)، الرياض: مدار الوطن، صفحة 9-10، جزء 4. بتصرّف.
  2. إسماعيل الدمشقي (2010)، الفصول في اختصار سيرة الرسول، الكويت: دار النوادر، صفحة 311-313 + 318-321 . بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 335، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6517، صحيح.
  5. سورة آل عمران، آية: 110.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 127، صحيح.
  7. “خصائص الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أمته في الدنيا”، www.islamweb.net، 3-6-2010، اطّلع عليه بتاريخ 14-8-2020. بتصرّف.
  8. جمال الدين السرمري (2015)، خصائص سيد العالمين وما له من المناقب العجائب على جميع الأنبياء عليهم السلام (الطبعة الأولى)، صفحة 508-509. بتصرّف.
  9. أحمد حطيبة، تفسير الشيخ أحمد حطيبة، صفحة 3-10، جزء 254. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1069، صحيح.
  11. سورة الأحزاب، آية: 52.
  12. سورة العنكبوت، آية: 48.
  13. سورة يس، آية: 69.
  14. بديع الزمان النورسي (1988)، حقيقة التوحيد (الطبعة الثانية)، صفحة 130-132. بتصرّف.
  15. عبد الحليم محمود، السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، صيدا- بيروت: المكتبة العصرية، صفحة 18. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

خصائص الرّسول صلّى الله عليه وسلّم

يُقصد بخصائص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّها: الأمور التي امتاز واختُصّ بها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن غيره، وتتعدّد إلى أنواعٍ، أوّلها: الواجبات؛ كالشورى، وثانيها: المحرّمات، وثالثها: المُباحات؛ كالوِصال في الصيام، ورابعها: الفضائل؛ كتحريم الزواج من زوجاته -رضي الله عنهنّ- بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وتكمُن أهميّة معرفة خصائص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في التعرّف على المنزلة الرفيعة للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ومعرفة ما اختُصّ به من صفاتٍ، وفضائل، وأحكامٍ، وتمييز الصحيح من صفاته، وعدم المغالاة فيها، واتّباع ما أمر به الشَّرع دون إفراطٍ أو تفريطٍ.[١]

ما اختُصّ به الرّسول عن سائر الأنبياء

اختُصّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعدّة خصائص ميّزته عن باقي الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، يُذكر منها:[٢]

  • أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، فأيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لي المَغَانِمُ ولَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً)،[٣] فالحديث يدلّ على أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- اختُصّ عن باقي الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- بعدّة أمورٍ؛ وهي: أداء أمّته الصلاة في أيّ البِقاع من الأرض، وتشريع التيمم لأمّته؛ تخفيفاً وتوسعةً لهم، وإباحة الغنائم له -عليه الصلاة والسلام-، وشفاعته يوم القيامة.
  • أرسل الله -تعالى- محمّداً -عليه الصلاة والسلام- للنّاس كافّةً، وليس إلى قومٍ بذاتهم دون غيرهم.
  • جعله الله -عزّ وجلّ- خطيب الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وإمامهم، وخاتمهم.
  • جعل الله -سُبحانه- معجزة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- خالدةً باقيةً، ولم يحدّدها بزمنٍ معيّنٍ.
  • أُسري به إلى سدرة المُنتهى، ثمّ رجع إلى بيته في ليلةٍ واحدةٍ.
  • أوّل من يفيق يوم القيامة، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام قال: (إنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَومَ القِيَامَةِ، فأكُونُ في أوَّلِ مَن يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بجَانِبِ العَرْشِ، فلا أدْرِي أكانَ مُوسَى فِيمَن صَعِقَ فأفَاقَ قَبْلِي، أوْ كانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ).[٤]
  • كانت أمّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- خير الأمم وأكرمها، قال -تعالى-: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ)،[٥] ومن الخصائص المتعلّقة بالأمّة أيضاً؛ التجاوز عنها عمّا وقع منها خطأً أو نسياناً، وما حدّثت به الأنفس دون عملٍ أو قولٍ، كما ثبت في صحيح مُسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتي ما حَدَّثَتْ به أَنْفُسَهَا، ما لَمْ يَتَكَلَّمُوا، أَوْ يَعْمَلُوا بهِ)،[٦] كما خصّ الله -تعالى- أمّة الإسلام بيوم الجُمعة، فكان خير أيّام الأسبوع.[٧]

ما اختُصّ به الرّسول من الأحكام

اختُصّ الرّسول -عليه الصلاة والسلام- بعددٍ من الأحكام الخاصّة به فقط دون أمّته، بيانها فيما يأتي:[٨][٩]

  • أوجب الله -تعالى- عدداً من الأمور في حقّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فقد، دون أن يُوجبها في حقّ أمّته، وهي: السواك، والأُضحية، وصلاة الوتْر، وسنّة الفجر.
  • حرّم الله -عزّ وجلّ- على نبيّه -عليه الصلاة والسلام- بعض الأمور؛ منها: الصدقة؛ تشريفاً وتكريماً له ولآل بيته؛ إذ حُرّمت أيضاً عليهم، استدلالاً بما أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ قال: (أَخَذَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِن تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا في فِيهِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كِخْ كِخْ، ارْمِ بهَا، أَما عَلِمْتَ أنَّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ)،[١٠] كما حرّم الله على نبيّه استبدال زوجاته، قال -تعالى-: (لَّا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّـهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا)،[١١] وحرّم عليه أيضاً التزوّج من الكتابيّة، والقراءة والكتابة أيضاً؛ تنزيهاً له، وإثباتاً لمعجزته، ودرءاً لأي شُبهةٍ عنه،قال -تعالى-: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)،[١٢] كما مُنع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من نظم الشِّعر، فكانت تلك عادة العرب أهل الفصاحة واللغة، قال -تعالى-: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ).[١٣]
  • أباح الله -عزّ وجلّ- للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعض الأمور الخاصّة به فقط؛ منها: التزوّج بأي عددٍ من النّساء، ودون مهرٍ أو وليٍ، وبلفظ الهبة، والوصال في الصيام.

مكانة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم

حَظِيَ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بمنزلةٍ رفيعةٍ ومكانةٍ عاليةٍ، فله الفَضْل في كلّ أجرٍ وثوابٍ يناله المُسلم إلى يوم القيامة باعتباره المُبلّغ لرسالة ربّه، إذ كان حريصاً على فَهْم كلّ ما أمر به الله -تعالى- وبلّغه لعباد الله، ومن الجدير بالذِّكر أنّ الإنسان من أعظم المقاصد الإلهيّة في الكون، وهو الوحيد القادر على استيعاب وتلقّي الخطاب الإلهيّ؛ ولذلك فقد اختار الله محمّداً من كافّة البشر لتبليغ الرسالة،[١٤] وجعل له مكانةً بين العباد بِاعتباره مُمتثلاً الأخلاق التي نصّ عليها القرآن الكريم، في أقواله، وأفعاله، وسائر أموره، كما كان في دعوته للدِّين الإسلاميّ يسيراً معصوماً.[١٥]

المراجع

  1. أبو حفص بن الملقن (2017)، مختصر غاية السول في خصائص الرسول (الطبعة الأولى)، الرياض: مدار الوطن، صفحة 9-10، جزء 4. بتصرّف.
  2. إسماعيل الدمشقي (2010)، الفصول في اختصار سيرة الرسول، الكويت: دار النوادر، صفحة 311-313 + 318-321 . بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 335، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6517، صحيح.
  5. سورة آل عمران، آية: 110.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 127، صحيح.
  7. “خصائص الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أمته في الدنيا”، www.islamweb.net، 3-6-2010، اطّلع عليه بتاريخ 14-8-2020. بتصرّف.
  8. جمال الدين السرمري (2015)، خصائص سيد العالمين وما له من المناقب العجائب على جميع الأنبياء عليهم السلام (الطبعة الأولى)، صفحة 508-509. بتصرّف.
  9. أحمد حطيبة، تفسير الشيخ أحمد حطيبة، صفحة 3-10، جزء 254. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1069، صحيح.
  11. سورة الأحزاب، آية: 52.
  12. سورة العنكبوت، آية: 48.
  13. سورة يس، آية: 69.
  14. بديع الزمان النورسي (1988)، حقيقة التوحيد (الطبعة الثانية)، صفحة 130-132. بتصرّف.
  15. عبد الحليم محمود، السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، صيدا- بيروت: المكتبة العصرية، صفحة 18. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى