أحكام شرعية

جديد طريقة دفن الميت

الجنائز في الإسلام

من السُّنة اتّباع الجنازة والمشاركة في حملها ما أمكن ذلك، فإن لم يتمكّن من حملها، فإنّه من السنّة له أن يسبقها إلى المقبرة إن كان ماشياً وأن يكون خلفها إن كان راكباً، مع التزام الحاملين للجنازة والمشيّعين لها بالسَّكينة والهدوء واستحضار عظمة الموت وقيمته، ومن ذلك عدم رفع الصَّوت إلّا بالقرآن والذكر، وقد روي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ)،[١] وإن مشى السائر خلف الجنازة جاز ذلك لكنّ سبقه لها أولى كما ورد في الحديث، في حين يُكرَه أن يمشي الراكبُ أمام الجنازةِ؛[٢] لما رواه المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الجَنَازَةِ، وَالمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا).[٣]

دفن الميت

من آداب وتعاليم الشَّريعة الإسلاميّة أنّه إذا مات مسلمٌ -وبعد الانتهاء من تغسيله وتكفينه وتأدية صلاة الجنازة عليه بعدها- يتمّ حمله والتوجّه به إلى مقابر المسلمين لدفنه، والإسراع بذلك قدر الإمكان، ويكون قد هُيّئ مكانٌ له لهذه الغاية في المقبرة مُسبقاً، حينها يتم دفنه وفق طريقةٍ خاصة؛ لضمان عدم وصول السباع والهوام إلى جثّته، وضمان حفظها من التكشُّف إن داهم تلك المقبرة سيلٌ أو ما شابه ذلك، فإنّ من أولويات الشريعة الإسلامية حفظ جسد المسلم ميتاً كما يُحفظ حيّاً كرامةً له؛ حيثُ إنّ الإنسان بأصله مكرّمٌ في الإسلام حياً وميتاً، وسيستعرض المقال عدة أمور حددها الشرع لدفن الميت وتشييعه يجب الاهتمام بها حال دفنه وقبله وبعده.

طريقة دفن الميت

بعد وصول الجنازة إلى المقبرة يبدأ أهل الميت وأقاربه بإجراءات دفنه، بعد أن يكون القبر قد هُيّئ لذلك، وتجدر الإشارة إلى أنّ حفر القبر على نوعين بحسب طبيعة التُّربة وهما: الشّق واللحد، ومن السنة العمل على الدفن بنظام اللّحد لفعل الصحابة رضوان الله عليهم، إلّا إذا كانت طبيعة الأرض لا تقبل ذلك، فيُعمَد إلى استبدالها بالقبر العادي، وتالياً ما يجب القيام به في دفن الميت في قبره:[٤]

  • إذا كانت الأرض رمليّةً قليلة التَّماسك يُحفر الشَّق بشكلٍ عموديٍّ، أمّا إنْ كانت التُّربة صلبةً متماسكةً؛ فيُحفر اللَّحد وهو الحفر في التُّربة عموديًّا، ثُمّ الحفر جانبيًّا من جهة القبلة، فيوضع الميت في الحفر الجانبيّ؛ وذلك لما رُوي عن عامر بن سعد بن أبي وقاص؛ أنّ سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهما- قال في مرضه الذي هلك فيه: (الحِدوا لي لحدًا، وانصُبوا عليَّ اللبن نَصبًا، كما صُنِعَ برسول الله صلى الله عليه وسلم).[٥]
  • يُنزَل الميت إلى قبره من قِبل عددٍ من الرِّجال.
  • إذا كان المتوفى امرأة؛ فالأولى أن يُنزلها إلى القبر محارمها إن وجدوا، وهم: زوجها، أو والدها، أو أبنائها، أو إخوتها؛ حفظاً لعورتها من التكشُّف، ولإتمام السّتر عليها.
  • يوضع الميت في قبره -سواء كان شقّاً أم لحداً- على جنبه الأيمن، بحيث يكون وجهه مستقبلًا القبلة.
  • يقول مـن تولّى مهمّة دفن الميت حين البدء بدفنه ووضعه في القبر: (بسم الله وعلى ملّة رسول الله صلى الله عليه وسلم).
  • توضع تحت رأس الميت لبنةٌ، أو ترابٌ، أو حجرٌ، ويتمّ تقريبه إلى جانب الجدار من جهة وجهه، ويجعل خلف ظهره التُّراب، أو الطُّوب، أو ما شابه ذلك ممّا يسنده؛ كي لا ينكبّ على وجهه أو ينقلب على ظهره.
  • يُوضع التراب على القبر لسدّ فتحة اللحد إن كان القبر لحداً.
  • يُرفع القبر عن مستوى سطح الأرض بمقدار شبرٍ فقط، ويكون مُسنّماً؛ أي أنّ التُراب المُهال يكون على هيئة السَّنام؛ كي لا تتجمع عليه مياه الأمطار، ثُمّ توضع عليه الحصباء، ويُرَش بالماء حتى يَثبُت التُّراب ولا يتطاير من الهواء، ويُرفَع القبر كي لا يُداس بالأقدام.
  • يُستحبّ بعد الفراغ من الدَّفن الوقوف على القبر، والدُّعاء للميت، والاستغفار له، وقراءة ما تيسّر له من القرآن؛ إيناساً له في تلك الساعة.

أحكام عامة للجنائز

يُشرَع لمن يتّبع الجنائز مجموعةٌ من الأحكام والأمور منها -على سبيل الإشارة لا التفصيل- ما يلي:[٢]

  • حكمُ حملِ الميّتِ ودفنِهِ: يُعتبر حملُ الميّتِ ودفنُه فرضَ كفاية (إن قام به وأقامه مجموعةٌ من المسلمين سقط عن الباقين)، أمّا إذا مات أحد المسلمين فلم يجد من يحمله أو من يدفنه فيصبح حكم ذلك الوجوب، ويُؤثم جميع المسلمين حتى يُدفن ذلك الميت؛ لأنّ في عدم حمل الميت ودفنه هتكاً لحرمةِ الميّتِ، كما أنّ ذلك ينافي التكريم الذي أعطاه الله للإنسان عموماً وللمسلم خصوصاً؛ لكنْ يسقطُ الحملُ والدّفنُ والتّكفينُ إذا وليَهم كافرٌ؛ لأنّه لا يُشترطُ الإسلامُ فيمَنْ يتولّى ذلك.
  • حكمُ أخذِ الأجرةِ على ذلك: يُكرَه أخذُ الأجرةِ لقاء حمل الميت أو دفنه أو غسله وتكفينه؛ لأنّ أخذ الأجرة المالية على ذلك يؤدّي إلى فساد الأجر في الآخرة.
  • يُكرَه إدخال خشبٍ أو ما مسّته النار في القبر إلا للضرورة؛ من باب التفاؤل ألّا تمسّ النار الميت في قبره بعد أن ينصرف عنه أهله.
  • من السنة توسيع القبر وتعميقه ما أمكن، بحيث لا يمكن للسّباع الوصول إلى الجثة، وألّا يجد أحدٌ لها رائحةٌ بعد أن تتحلّل، ويرجع ذلك للعُرف والعادة السائدة في كل منطقةٍ على حدة.
  • لا يجوز شرعاً بل يحرم دفن أكثر من ميتٍ في قبرٍ واحدٍ إلا لضرورةٍ مُلجأةٍ ككثرة الموتى أو قلّة من يدفنهم، أو غير ذلك ممّا يوجب سرعة إجراءات الدفن والتشييع.

المراجع

  1. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبدالله بن عمر ، الصفحة أو الرقم: 3179، صالح.
  2. ^ أ ب “أحكام دفن الميت”، إدارة الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2017. بتصرّف.
  3. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن المغيرة بن شعبة، الصفحة أو الرقم: 1031، حسنٌ صحيح.
  4. ” فتاوى اللجنة الدائمة، الفتوى رقم 1666″، الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2017. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم: 966.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى