يعتبر الاستغفار، والدّعاء، والتّصدّق من أفضل الأعمال والصّدقات الجارية التي يمكن إهداؤها إلى الميّت، فنحن في هذا الدّنيا نحيا بأمر الله عزّ وجلّ، فإذا استدعى الله عزّ وجلّ أمانته فلا يجوز لنا أن نبكي وننوح، فقد يحزن المسلم على فراق أحد ما، أويشتاق لعزيز فارقه، ولكن لا يجوز له أبداً أن يبكي بصوتٍ مرتفعٍ، ويشقّ الجيوب، ويلطم، وكلّ هذه الأفعال التي قد تخالف ما أمرنا الله عزّ وجلّ به، وتتعب الميّت في قبره.
محتويات
كيفية الدعاء للميت
من الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها للميت، ما يلي:
- اللهمّ أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنّة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النّار.
- اللهمّ عامله بما أنت أهله، ولا تعامله بما هو أهله.
- اللهمّ اجزه عن الإحسان إحساناً، وعن الإساءة عفواً وغفراناً.
- اللهمّ إن كان محسناً فزد من حسناته، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيّئاته.
- اللهمّ أدخله الجنّة من غير مناقشة حساب، ولا سابقة عذاب.
- اللهمّ اّنسه في وحدته، وفي وحشته، وفي غربته.
- اللهمّ أنزله منزلاً مباركاً، وأنت خير المنزلين.
- اللهمّ أنزله منازل الصدّيقين، والشّهداء، والصّالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
- اللهمّ اجعل قبره روضةً من رياض الجنّة، ولا تجعله حفرةً من حفر النّار.
- اللهمّ افسح له في قبره مدّ بصره، وافرش قبره من فراش الجنّة.
- اللهمّ أعذه من عذاب القبر، وجفاف ِالأرض عن جنبيها.
- اللهمّ املأ قبره بالرّضا، والنّور، والفسحة، والسّرور.
- اللهمّ إنّه في ذمّتك وحبل جوارك، فقِهِ فتنة القبر، وعذاب النّار، وأنت أهل الوفاء والحقّ، فاغفر له وارحمه، إنّك أنت الغفور الرّحيم.
- اللهمّ إنّه عبدك وابن عبدك، خرج من الدّنيا، وسعتها، ومحبوبها، وأحبّائه فيها، إلى ظلمة القبر، وما هو لاقيه.
- اللهمّ إنّه كان يشهد أنّك لا إله إلّا أنت، وأنّ محمّداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به.
- اللهمّ إنّا نتوسّل بك إليك، ونقسم بك عليك أن ترحمه ولا تعذّبه، وأن تثبّته عند السّؤال.
- اللهمّ إنّه نَزَل بك وأنت خير منزولٍ به، وأصبح فقيراً إلى رحمتك، وأنت غنيٌّ عن عذابه.
- اللهمّ آته برحمتك ورضاك، وقهِ فتنة القبر وعذابه، وآته برحمتك الأمن من عذابك حتّى تبعثه إلى جنّتك يا أرحم الرّاحمين.
- اللهمّ انقله من مواطن الدّود، وضيق اللّحود، إلى جنّات الخلود.
- اللهمّ احمه تحت الأرض، واستره يوم العرض، ولا تخزه يوم يبعثون ” يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلّا من أتى الله بقلبٍ سليم “.
- اللهمّ يمّن كتابه، ويسّر حسابه، وثقّل بالحسنات ميزانه، وثبّت على الصّراط أقدامه، وأسكنه في أعلى الجنّات، بجوار حبيبك ومصطفاك صلّى الله عليه وسلّم.
- اللهمّ أمّنه من فزع يوم القيامة، ومن هول يوم القيامة، واجعل نفسه آمنةً مطمئنّةً، ولقّنه حجّته.
- اللهمّ اجعله في بطن القبر مطمئنّاً، وعند قيام الأشهاد آمناً، وبجود رضوانك واثقاً، وإلى أعلى درجاتك سابقاً.
- اللهم اجعل عن يمينه نوراً، حتّى تبعثه آمناً مطمئنّاً في نورٍ من نورك.
- اللهمّ انظر إليه نظرة رضا، فإنّ من تنظر إليه نظرة رضاً لا تعذّبه أبداً.
- اللهمّ أسكنه فسيح الجنان، واغفر له يا رحمن، وارحمه يا رحيم، وتجاوز عمّا تعلم يا عليم.
- اللهمّ اعف عنه، فإنّك القائل “ويعفو عن كثير”.
- اللهمّ إنّه جاء ببابك، وأناخ بجنابك، فَجد عليه بعفوك، وإكرامك، وجود إحسانك.
- اللهمّ إنّ رحمتك وسعت كلّ شيء، فارحمه رحمةً تطمئنّ بها نفسه، وتقرّ بها عينه.
- اللهمّ احشره مع المتّقين إلى الرّحمن وفداً.
- اللهمّ احشره مع أصحاب اليمين، واجعل تحيّته سلامٌ لك من أصحاب اليمين.
- اللهمّ بشّره بقولك “كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيّام الخالية”.
- اللهمّ اجعله من الّذين سعدوا في الجنّة، خالدين فيها ما دامت السّموات والأرض.
- اللهمّ لا نزكّيه عليك، ولكنّا نحسبه أنّه آمن وعمل صالحاً، فاجعل له جنّتين ذواتي أفنان، بحقّ قولك: ” ولمن خاف مقام ربّه جنّتان “.
- اللهمّ شفّع فيه نبيّنا ومصطفاك، واحشره تحت لوائه، واسقه من يده الشّريفة شربةً هنيئةً لا يظمأ بعدها أبداً.
- اللهمّ إنّه صبر على البلاء فلم يجزع، فامنحه درجة الصّابرين، الذين يوفّون أجورهم بغير حساب، فإنّك القائل ” إنّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حساب “.
- اللهمّ إنّه كان مصلّ لك، فثبّته على الصّراط يوم تزلّ الأقدام.
- اللهمّ إنّه كان صائماً لك، فأدخله الجنّة من باب الريّان.
- اللهمّ إنّه كان لكتابك تالياً وسامعاً، فشفّع فيه القرآن، وارحمه من النّيران، واجعله يا رحمن يرتقي في الجنّة إلى آخر آية قرأها أو سمعها، وآخر حرفٍ تلاه.
- اللهمّ ارزقه بكلّ حرفٍ في القرآن حلاوةً، وبكلّ كلمة كرامةً، وبكلّ اّية سعادةً، وبكلّ سورة سلامةً، وبكل جُزءٍ جزاءً.
- اللهمّ ارحمه فإنّه كان مسلماً، واغفر له فإنّه كان مؤمناً، وأدخله الجنّة فإنّه كان بنبيّك مصدّقاً، وسامحه فإنّه كان لكتابك مرتّلاً.
- اللهمّ اغفر لحيّنا وميّتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذَكرنَا وأنثانا.
- اللهمّ من أحييته منّا فأحيه على الإسلام، ومن توفّيته منّا فتوفّه على الإيمان.
- اللهمّ لا تحرمنا أجره ولا تضللنا بعده.
- اللهمّ ارحمنا إذا أتانا اليقين، وعرق منّا الجبين، وكثر الأنين والحنين.
- اللهمّ ارحمنا إذا يئس منّا الطّبيب، وبكى علينا الحبيب، وتخلّى عنّا القريب والغريب، وارتفع النّشيج والنّحيب.
- اللهمّ ارحمنا إذا اشتدّت الكربات، وتوالت الحسرات، وأطبقت الرّوعات، وفاضت العبرات، وتكشّفت العورات، وتعطّلت القوى والقدرات.
- اللّهم ارحمنا إذا حُمِلنا على الأعناقِ، وبلغتِ التراقِ، وقيل من راق، وظنّ أنّه الفراق، والتفَّتِ السَّاقُ بالسَّاقِ، إليك يا ربَّنا يومئذٍ المساق.
- اللهمّ ارحمنا إذا ورينا التّراب، وغلّقت القبور والأبواب، وانفضّ الأهل والأحباب.
- اللهمّ ارحمنا إذا فارقنا النّعيم، وانقطع النّسيم، وقيل ما غرّك بربّك الكريم.
- اللهمّ ارحمنا إذا قُمنا للسّؤال، وخاننا المقال، ولم ينفعنا جاهٌ، ولامال، ولا عيال، وليس إلّا فضل الكبير المتعالّ.
- اللهمّ إنّه عبدك وابن عبدك وابن أمتك، مات وهو يشهد لك بالوحدانيّة، ولرسولك بالشّهادة، فاغفر له إنّك أنت الغفّار.
- اللهمّ لا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده، واغفر لنا وله، واجمعنا معه في جنّات النّعيم يا ربّ العالمين.
- اللهمّ أنزل على أهله الصّبر والسّلوان، وارضهم بقضائك.
- اللهمّ ثبّتهم على القول الثّابت في الحياة الدّنيا، وفي الآخرة، ويوم يقوم الأشهاد.
- اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد، وعلى اّله وصحبه وسلّم إلى يوم الدّين.
حكم الدعاء للميت
يعدّ الدّعاء للميت بعد أن يتمّ دفنه، واستغفار الله عزّ وجلّ له، والسّؤال له بأن يرزقه الله التثبيت عند السّؤال، هو أمر مشروع، وذلك للحديث الذي أخرجه أبو داود، عن عثمان رضي الله عنه قال:” كان النبيُّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – إذا فَرَغَ من دَفْنِ الميتِ، وقف عليه فقال: استَغْفِرُوا لِأَخِيكُم، وسَلُوا له التثبيتَ، فإنّه الآنَ يُسْأَلُ “. وذكر ابن القيم:” أنّه كان من هدي النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – القيام على القبر هو وأصحابه ويسأل الله التثبيت للميّت، ويأمرهم أن يسألوا له التثبيت “.
وقد ذكر ابن تيمية أنّ الله تعالى نهى النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – عن الصّلاة على المنافقين، أو القيام على قبورهم، فقال تعالى:” وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ “، التوبة/84، وذكر أنّ مفهوم ذلك يفيد مشروعيّة الصّلاة على الميّت قبل الدّفن، والقيام على قبره بعد الدّفن.
وإنّ الدّعاء للميت بالمغفرة لهو من الأمور التي نصّ عليه أهل العلم، ووكذلك الدّعاء لأهله بالصّبر والمثوبة، وذكروا أنّ ذلك من سنّة النّبي صلّى الله عليهم وسلّم، ومنهم الشربيني في مغني المحتاج، والغمراوي في السّراج الوهّاج، والنّووي في المجموع، ولكن فعل ذلك بشكل جماعي لم يثبت عن السّلف. (1)
فضل الدعاء للميت
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له “، أخرجه مسلم وأبو داوود . وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ مَاتَ لَهُ ابْنٌ بِعُسْفَانَ ، أَوْ بِقُدَيْدٍ ، فَقَالَ : يَا كُرَيْبُ انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ النَّاسُ فَخَرَجَ فَإِذَا النَّاسُ قَدِ اجْتَمَعُوا لَهُ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : تَقُولُ هُمْ أَرْبَعُونَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَأَخْرِجُوهُ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلا لا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلا شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ ” .
آداب الدعاء
هناك مجموعة من الآداب التي يجب على الدّاعي أن يتحلى بها، ومنها:
- أن يكون مطعم الدّاعي، وملبسه، ومسكنه، وكلّ أمر يملكه، حلالاً لا حرام فيه، ودليل ذلك ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لاَ يَقْبَل إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَال تَعَالَى:” يَا أَيُّهَا الرُّسُل كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا “، المؤمنون/51 “.
- أن يستغلّ الأوقات الشّريفة ليدعو، مثل يوم عرفة من السّنة، وشهر رمضان، ويوم الجمعة، ووقت السّحر من الليل، قال تعالى:” وبِالأَْسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ “، الذاريات/18.
- أن يستغلّ الأحوال الشّريفة، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:” إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ عِنْدَ زَحْفِ الصُّفُوفِ فِي سَبِيل اللَّهِ تَعَالَى، وَعِنْدَ نُزُول الْغَيْثِ، وَعِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ، فَاغْتَنِمُوا الدُّعَاءَ فِيهَا “. وَقَال مُجَاهِدٌ:” إِنَّ الصَّلاَةَ جُعِلَتْ فِي خَيْرِ السَّاعَاتِ، فَعَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ “. وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” لاَ يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ “، أخرجه أبو داوود.
- أن يدعو وهو مستقبل للقبلة، ورافع يديه حتى يُرى بياض إبطيه، فقد رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ:” أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَوْقِفَ بِعَرَفَةَ، وَاسْتَقْبَل الْقِبْلَةَ، وَلَمْ يَزَل يَدْعُو حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ “.
- أن يمسح بيديه وجهه في آخر الدّعاء، فقد قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:” كَانَ رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذَا مَدَّ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لَمْ يَرُدَّهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ “. (2)
فضل الدعاء
من أهمّ الأدلة على فضل الدّعاء ما ورد في السّنة النبويّة الشّريفة، مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم:” ليس شيء أكرم على الله عزَّ وجلَّ من الدّعاء “، شرح السنة. وهذا يدلّ على كرم الدّعاء، وارتفاع مكانته عند الله تعالى، ذلك لأنّ الدّعاء هو أساس العبادة، ولبّها، ومركزها، والعبادة هو ما خلق الله عزّ وجلّ الإنسان من أجله، وأكرم هذه العبادات عند الله الدّعاء.
وممّا ورد عن فضل الدّعاء في السّنة النّبوية الشّريفة، ما رواه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه، وغيرهم بإسناد جيِّد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” مَن لَم يدعُ الله سبحانه غَضِبَ عليه “، وفي هذا الحديث دليل كاف على حبّ الله عزّ وجلّ أن يدعوه عبده، ولذلك فإنَّه سبحانه وتعالى يغضب من عباده الذين يتركون دعاءه، قال تعالى:” وَقَالَ رَبُّكُم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ “، غافر/60، وهذا دليل على أنّ ترك العبد للدعاء يعتبر من الاستكبار، ويجب عليه أن يتجنّب الوقوع في مثل هذا الأمر. (2)
المراجع
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 67320/ 22-9-2005/ حكم الدعاء والاستغفار للميت قبل الدفن وبعده/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(2) بتصرّف عن الموسوعة الفقهية الكويتية/ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- الكويت.