بحار ومحيطات

جديد رحلة إلى قاع البحر

قاع البحر

لقاع البحر العديد من الأسرار التي كانت خفيّة ثمّ أصبحت تتكشّف بفضل الدراسات والاكتشافات البحريّة، ويُعَدّ قاع البحر الأرض الصلبة التي تقع تحت سطح المياه في البحار أو المحيطات،[١] وهي منطقة تشبه اليابسة في تضاريسها إلّا أنّها لا تتعرّض لعوامل التعرية والطقس، فتحتفظُ بطبقاتٍ من الرواسب التي تُعتبر كسجلّ تاريخيّ للمناخات السابقة، وبالتالي معرفة تغيّر مسافة الأرض من الشمس. وعندما قرّر العلماء دِراسة قاع البحار وجدوا صعوبةً في ذلك، لأنّ قاع البحر عميق جدّاً ومُعتم، فاستخدم العلماء لدراسة ورسم قاع البحار تقنيات الصوت، لتحديد وجود أجسام في أعمق البحار، واستخدموا أيضاً المتفجرات والزلازل، والمجالات المغناطيسيّة، وتقنيات الأقمار الصناعيّة.[٢][٣] وقد حدّد العلماء عمر أقدم قاع بحر، وهو موجود في البحر الأبيض المتوسّط، وجزء من محيط العالم القديم الواقع بين أفريقيا وأوروبا، إذ يصل عمر قاع البحر هناكَ إلى 280 مليون سنة، أمّا على هوامش شمال المحيط الأطلسي، وشمال غرب المحيط الهادئ، فإنّ عمر قاع المحيط يصل إلى 200 مليون سنة، وهو يحتلّ المرتبة الثانية في القِدَم.[٤]

الطبيعة الجيولوجيّة لقاع البحر

الجيولوجيا البحريّة هي دراسة الصخور الصلبة والأحواض التي تحتوي على المحيطات، ويتكوّن قاع البحر من 5 تضاريس مُميّزة له، وهي:[٥]

  • الرفّ القاريّ: ويعني المناطق الضحلة المغمورة نسبيّاً في القارّات،[٥] حيث يُشكّل نسبة 7% من قاع المحيط، علماً بأنّ بعض الرفوف تكون واسعة جدّاً، كالسواحل الشمالية لسيبيريا، وأمريكا الشماليّة، وبعضها يكون ضيّقاً للغاية، كتلك الواقعة مقابل السواحل الغربيّة لأمريكا الشمالية والجنوبية.[٦]
  • المنحدر والمرتفع القاريّ: يمثّل المنحدر الانتقال الحادّ من الرفّ القاريّ لقاع المحيط العميق، تقطعه مجموعة من الأخاديد الضخمة والتي بدورها تنقل الانهيارات الأرضية إلى تحت الماء. أمّا الارتفاع القاريّ فهو مجموعة الرواسب المتجمعة في قاعدة المنحدر القاريّ.
  • سلسلة وسط المحيط: وهي مجموعة من التلال البركانيّة في وسط المحيط، تمتد عبر أحواض المحيطات، فعندما تثور هذه البراكين فإنّها تقذف حمماً بركانيّةً منصهرةً، تصل لقاع المحيط وتبرد هناك لتشكّل قاعاً جديداً للمحيط.
  • خنادق المحيط: هي منطقة نشطة على شكل قوس ممتد على حواف أحواض المحيطات، تحصل عندها عمليّة الاندساس عندما يُعاد تدوير قاع المحيط إلى داخل الأرض، وهذه الخنادق عبارة عن وديان عميقة، وقد تقع براكين على حوافها الخارجيّة.
  • السهول السحيقة: تمثّل السهول المناطق المستوية والعميقة في قاع المحيط، أحياناً تقطعها سلسلة من التلال السحيقة ذات الذروة الحادة، والتي تمثّل كتلاً مائلة من الصخور الغائرة في رواسب قاع المحيط.

الحياة البحريّة في قاع البحر

تتكّون الحياة الحيويّة في البحار في قيعانها، ويطلق عليها الحياة القاعيّة (بالإنجليزيّة: Benthic zone)، إذ تعيش 98% من الحيوانات والنباتات البحريّة هناك، وتعدّ أحد أكثر المناطق تنوّعاً حيويّاً على الأرض. تختلف أنواع الكائنات التي تعيش في القاع عن تلكَ التي تعيش في مناطق أخرى من البحار، وذلك بسبب وجود ضغط ماء مرتفع، وضوء شمس قليل، وبالتالي فهي تُعَدّ بيئة تعتمد في نموّها على المواد العضويّة والعوالق النباتية، وهي تلعب دوراً مهماً في تحليل المواد العضويّة.[٧] ومن أنواع الحيوانات التي تعيش في قاع البحر:[٧][٨]

  • الإنفونا: (بالإنجليزيّة: Infauna) وهي حيوانات قاعيّة تعيش مدفونة في رمال القاع، أو في المناطق الطينيّة والرواسب البحريّة، أو في أصدافها وقواقعها. تمتلك هذه الكائنات زوائد دقيقة تساعدها على الحفر والاختباء من الأعداء، كما أنّها تمتلك خياشيم خارجيّة للتنفس، وبعض الديدان تقوم بحفر أنابيب ليصل إليها الأكسجين المذاب. ومن أهمّ الأمثلة على هذه الكائنات: المحار، وسمك القوبيون، وسلطعون البازيلاء، والروبيان الشبح، والعديد من أنواع الديدان.
  • قاعيّات فوقيّة: (بالإنجليزيّة: Epifauna) هي حيوانات تعيش عالقة بالصخور القاعيّة، أو تتحرّك فوق القاع، ولأنّها لا تحفر في القاع لحماية نفسها، فإنّها تستخدم وسائل حماية أخرى كتغيير اللّون، أو امتلاكها عاموداً فقريّاً ساماً، وهي تمتلك أجساماً ذات أشكال مضغوطة، ومن الأمثلة على هذه الكائنات سمك الهلبوت (بالإنجليزيّة: halibut)، وبعض الكائنات لديها وسائل حماية أخرى كالأخطبوط والحبّار اللذين يحميان نفسيهما بتوليد سحابة من الحبر حولهما أو تغيير لونهما، وكائنات (Torpedo ray) التي تستخدم الشحنات الكهربائية لحماية نفسها.
  • السّوابح: (بالإنجليزيّة: Nekton Benthos) هي الحيوانات التي تسبح فوق قاع المحيط وتتحرك بسهولة نسبيّة فوقه، مثل الجمبري، والسمك المفلطح القاعيّ.

تتصف معظم الكائنات القاعيّة بأنّ لها هياكل ثلاثيّة، تستغلّها كمأوى وحماية من العواصف، كالشعاب المرجانيّة. أمّا تغذيتها فتتمّ عن طريق تدفق المياه التي تحتوي على الرواسب والمواد العضويّة والملوثات لأجسادها، فتقوم بترشيح المواد الصلبة وابتلاعها، وبالتالي تقوم بالحفاظ على جودة المياه، كالمحار الصلب، وبلح البحر، والاسقالوب. أمّا العامل الآخر الذي يساهم في الحفاظ على جودة المياه هو قيام الكائنات القاعيّة كالبكتيريا بتحليل المواد العضويّة.[٧]

ظاهرة توسّع قاع البحر

إحدى أهمّ الظواهر الطبيعيّة التي تحدث في قاع البحر هيَ ظاهرة توسّع قاع البحر، والتي تحدث على طول قمم المحيطات عندما تنقسم الصفائح التكتونيّة عن بعضها بفعل ظاهرة الحمل الحراريّ في الأعماق. فعندما تنتقل التيارات الحراريّة من الوشاح الأرضيّ واللّب إلى الغلاف الصخريّ، تتسبب الصهارة الساخنة بتشقّق في القشرة، وبالتالي تسرّب هذه الصهارة عبر الكسور لتبرد لاحقاً وتشكّل صخوراً ناريّة، وتصبح هذه الصخور جزءاً جديداً من القشرة فتتوسّع. وبسبب التيارات الحراريّة فإنّ القشرة تصبح أقلّ كثافة وترتفع المواد الأقل كثافة لتشكّل غالباً جبلاً أو منطقة مرتفعة في قاع البحر وفي المقابل تحدث عمليّة اندساس لحافّة الصفيحة الأكثر كثافة أو الشرائح تحت المنطقة الأقل كثافة، وتنصهر في الوشاح الأرضي، وبذلك تحافظ الأرض على شكلها.[٩]

المراجع

  1. “Seafloor”, /www.dictionary.com, Retrieved 20-6-2018. Edited.
  2. Gloria Lotha, Aakanksha Gaur (3-3-2015)، “Undersea exploration”، www.britannica.com, Retrieved 20-6-2018. Edited.
  3. John P. Rafferty, Marco Sampaolo، Adam Augustyn (2-9-2016)، “Ocean basin”، www.britannica.com, Retrieved 20-6-2018. Edited.
  4. “Where do we find the oldest continental rocks and the oldest seafloor”, earthobservatory.sg, Retrieved 20-6-2018. Edited.
  5. ^ أ ب Laurie Duncan, “Geology Of The Ocean Floor”، www.encyclopedia.com, Retrieved 21-6-2018. Edited.
  6. “Continental Shelf”, www.encyclopedia.com, Retrieved 21-6-2018. Edited.
  7. ^ أ ب ت Anastasija Zaiko (28-6-2008), “Benthic zone: habitat”، www.cabi.org, Retrieved 20-6-2018. Edited.
  8. (2014), Sea Creature Safari, USA: Long Beach Marine Institute, Page 9-12. Edited.
  9. “Seafloor Spreading”, www.nationalgeographic.org, Retrieved 21-6-2018. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى