محتويات
'); }
ذكر أنهار الجنة في القرآن الكريم
الآيات التي ذكرت أنهار الجنة
أول آية تحدثت عن وجود الأنهار في الجنة في ترتيب المصحف هي قوله -تعالى-: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ)،[١] وآخرها المذكورة في سورة البينة: (جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ).[٢][٣]
وبين الآتين عشرات الآيات التي تتحدث عمّا أعده الله لعباده من النعيم في الجنة، والتي منها: التنعم بالأنهار، والأنهار جمع نهر، وهو: الأُخدود الجاري فيه الماء على الأرض،[٣] ولعل سبب إخبار القرآن لنا بوجود أنهار في الجنة هو أنَّ وجودها جارية في جنات الدنيا سيبلغ بجناتها الذروة في إكمال محاسنها، فاجتماع رؤية الماء الجاري طبيعي مع الأشجار الكثيفة يعطي الناظر رؤية منظر بديع.[٣]
وقد أودع الله في النفوس حب ذلك؛ إمَّا لأن الله -تعالى- أعدّ نعيم الصالحين في الجنة على نحو ما أَلِفَتْه أرواحهم التي كانت في هذا العالم، وإما لأن الله -تعالى- حبّب إلى الأرواح هذه الأشياء في الدنيا؛ لأنها على نحو ما ألفته في العوالم العليا قبل نزولها للأبدان.[٣]
'); }
نهر الكوثر
إنّ أشهر أنهار الجنة التي ذكرت في القرآن هو نهر الكوثر، قال -تعالى-: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)،[٤] والكوثر اسم النهر الذي أعطاه الله لسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فعن أنس -رضي الله عنه-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قالَ: هوَ نَهْرٌ في الجنَّة، قالَ: فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: رأيتُ نَهْرًا في الجنَّةِ، حافَّتيهُ قِبابُ اللُّؤلؤِ، قلتُ: ما هذا يا جَبرائيلُ؟ قالَ: هذا الكوثرُ الَّذي أعطاكَهُ اللَّهُ).[٥]
تنوع أشكال الأنهار في الجنة
تحدّث القرآن الكريم عن تنوّع أشكال أنهار الجنة، قال -تعالى-: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى)،[٦] وتأمَّل تنوُّع أشكال هذه الأنهار -التي هي أفضل ما يشربه أهل الدنيا-؛ فالماء لشربهم وطهورهم، واللبن لقوتهم وغذائهم، والخمر للذّتهم وسرورهم، والعسل لشفائهم ومنفعتهم،[٧] وذلك بحسب التفصيل الآتي:
- (مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ)
مياهه جارية لا تطرأ عليها آفة الأَسَن، كاختلاف اللون والطعم والريح؛ لطول مكثها وركودها.[٨]
- (لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ)
مياهه من لبنٍ -ويسمى الحليب في بعض الدول- لم يحمض ولم يتلف كما يحدث لألبان الدنيا.[٨]
- (خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ)
مياهه من عصير لذيذ لهم، ليس فيها كراهة طعم وريح خمر الدنيا، وليس فيها ما يُسْكِر عقولهم.[٨]
- (عَسَلٍ مُصَفًّى)
مياهه من عسل قد صفي من القذى وما يكون في عسل أهل الدنيا قبل التصفية من الشمع وفضلات النحل وغيرها.[٨]
وقد ذكر الله -سبحانه- هذه الأشكال الأربعة، ونفى عن كل شكل منها الآفة التي قد تعرض له في الدنيا؛ فآفة الماء أن يأسن ويأجن من طول مكثه، وآفة اللبن أن يتغير طعمه إلى الحموضة، وأن يصير قارصاً، وآفة الخمر كراهة مذاقها المنافي للذة شربها، وآفة العسل عدم تصفيته.[٩]
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية:25
- ↑ سورة البينة، آية:8
- ^ أ ب ت ث ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 354.
- ↑ سورة الكوثر، آية:1
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3359، صحيح.
- ↑ سورة محمد، آية:15
- ↑ ابن القيم، حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، صفحة 378. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث المراغي، تفسير المراغي، صفحة 58. بتصرّف.
- ↑ ابن القيم، حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، صفحة 376. بتصرّف.