'); } إنّ الصبر خُلقٌ إسلاميٌّ عظيمٌ، وهو واجبٌ بإجماع الأمّة،[١] فقد أوجب الله تعالى على عباده الصبر في مواضع مختلفة من القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ)،[٢] وقوله عزّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[٣] وفيما يلي حديثٌ عن الصبر ودرجاته وأنواعه.
تعريف الصبر
عرَّف ابن القيّم الصبر في كتابه مدارج السالكين بأنّه: حَبس النفسِ عن الجزعِ والتسخّط، وحَبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن التشويش،[٤] وأرود في كتابه عدّة تعريفاتٍ للصبر، منها أنّه: “الوقوف مع البلاءِ بُحسن الأدب”، “تجرّع المرارة من غير تعبّس”، وعرّفه بأنّه: “تعويد النفس الهجوم على المكاره”،[٥] ونقيض الصبرِ الهَلع والجزع عند وقوع المصائب، وهو ممّا نهى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عنه في قوله: “ليسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعا بدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ“،[٦] وعن عليّ -كرّم الله وجهه- قال: “ألا إنّ الصبر في الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد؛ فإذا قُطع الرأس باد الجسد”، ثمّ رفع صوته قائلًا: “ألا إِنّه لا إيمان لمن لا صبر له”.[٧]
'); }
درجات الصبر
قسّم بعض العلماء الصبر إلى ثلاث درجاتٍ، وهي:[٨]
- الصبر على المعصية؛ بمطالعة وعيد الله وعذابه، أو أن يكون باعث الصبر عليها؛ الحياء منه عزّ وجلّ، وأحسن من ذلك أن يكون الباعث محبَّته سبحانه.
- الصبر على الطاعة؛ بالمداومة عليها، والإخلاص فيها، والإحسان في عملها.
- الصبر على البلاء؛ بملاحظة حُسن جزاء من يصبر عليه، وانتظار الفرج، وتهوين البليّة، وذكر النِعم السابقة.
مراتب الصبر على البلاء
ذكر ابن القيّم -رحمه الله- مراتب للصبر، وهي في تعدادها خمسةٌ، وآتيًا ذكرها: [٩]
- مرتبة الصابر: وهي أعم المراتب.
- مرتبة المُصطَبِر: المُكتسب للصبر المليء به.
- مرتبة المُتصبّر: أي مُتَكلّف الصبر الذي يحمل نفسه عليه ويلزمها به، ومن ذلك قول رسول الله عليه الصلاة والسلام: “مَن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ“،[١٠] بمعنى أن الله تعالى جعل ثواب من يَتَصبّر أن يرزقه الصبر ويُعينه عليه.
- مرتبة الصَّبور: وهو الإنسان عظيم الصبر، الذي يكون صبره أكبر وأعظم من صبر غيره.
- مرتبة الصَّبار: الكثير الصبر، فهذا في القدرِ والكمِّ، والذي قَبله في الوصفِ والكيف.
ويتبع ذلك مرتبةٌ أعلى وأكمل، وهي: مرتبة الرضا، والرضا سنَّةٌ وليس بواجبٍ، وتتمثّل في رضا العبد بما حلَّ به من بلاء، وشكر الله تعالى على حاله؛ لما فيه من تكفيرٍ للسيّئات، ونيل الحسنات والجزاء الجزيل، والاستبشار بما عند الله من فرجٍ وتعويض.[١١]
أنواع الصبر
إنّ الصبر على ثلاثة أنواع، هي: صبرٌ بالله، وصبرٌ لله، وصبرٌ مع الله، أما الصبر بالله؛ فيُقصد به الاستعانة به، وأنّه -سبحانه وتعالى- هو المُتفضَّل على العبد بالصبر، يقول تعالى: (وَاصبِر وَما صَبرُكَ إِلّا بِاللَّـهِ)،[١٢] وأمّا الصبر لله؛ فمعناه أن يكون دافع العبد للصبر محبَّة الله، وإرادة رضاه، والتقرّب إليه، والصبرُ مع الله -وهو أشد أنواع الصبر وأصعبها-؛ فيكون بصبر العبد على مُرادات الله وأحكام شريعته؛ فيسير حيث تسير، يتّجه حيث اتّجهت.[١٣]
المراجع
- ↑ “مراتب الصبر “، ابن باز .
- ↑ سورة البقرة، آية:45
- ↑ سورة آل عمران، آية:200
- ↑ ابن القيّم، مدارج السالكين، صفحة 155.
- ↑ ابن القيّم، مدارج السالكين، صفحة 157.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود ، الصفحة أو الرقم:3519، حديث صحيح.
- ↑ ابن أبي الدنيا، كتاب الصبر والثواب عليه، صفحة 24. بتصرّف.
- ↑ ابن القيّم ، مدارج السالكين، صفحة 163-165. بتصرّف.
- ↑ ابن القيّم، مدارج السالكين، صفحة 158. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري ، الصفحة أو الرقم:1469، حديث صحيح.
- ↑ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة43eedcf3_9a90_453c_b9be_4bca1068ee5d
- ↑ سورة النحل، آية:127
- ↑ ابن القيّم، مدارج السالكين، صفحة 156-157.