حياة الرسول و الصحابة

جديد حب الصحابة للرسول

الصحابة

الصحابي في اللغة مشتق من الصحبة، وهو جارٍ على كلّ من صحب غيره قليلاً كان أو كثيراً، أمّا معناه في الاصطلاح فهو كلّ من لقي النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به، ومات على الإسلام، وقد أظهر الصحابة الكرام أشد المحبّة تجاه النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت محبة الرسول واجبة على كل مسلم، فإنّها لدى الصحابة أشدّ وأقوى؛ فقد أحبّ الصحابة الرسول حباً فاق كلّ حبّ، فآثروه على أنفسهم، وأموالهم، وأولادهم، وأهلهم، وقد سطّروا أروع القصص في ذلك، وفي هذا المقال سنعرفكم على مظاهر حبّ الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم.

حب الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم

دفاع الصحابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم

لقد خاض الرسول صلى الله عليه وسلم العديد من الحروب مع كفار قريش، حيث أخذت دعوة الإسلام تغزو معاقل الكفر، فاستقبلها المشركون بمحاولة إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم، فتعرّضوا له في كلّ مكان، حتى وهو قائم يصلي في محرابه، فكان الصحابة يدافعون عنه، ويبذلون أنفسهم فداءً له، وخير مثال على ذلك ردّة فعل أبو بكر رضى الله عنه عندما رأى عقبة بن أبي معيط؛ أحد كبار الكفار؛ يحاول قتل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في ناحية من نواحي المسجد الحرام، حيث انطلق إليه أبو بكر بسرعة كالسهم، فأخذ بمنكبيه، ودفعه دفعةً شديدة، ثمّ أخذ يردد قوله تعالى: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ) [ غافر:28].

خوف الصحابة من فراق صلى الله عليه وسلم

كان الرسول صلى الله عليه وسلم مصدر أمن لأصحابه، حيث أنقذهم من ظلمة الجهل إلى نور الإسلام المبين، وقد كان الصحابة الكرام يخافون من فراق النبي لهم، ومن ذلك عن معاذ بن جبل: (لما بعَثه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى اليمَنِ، خرَج معه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يوصيه، ومعاذٌ راكبٌ، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تحتَ راحلتِه، فلما فرَغ، قال : يا معاذُ، إنَّكَ عسى أن لا تَلقاني بعدَ عامي هذا، ولعلَّكَ أن تمرَّ بمسجِدي وقبري فبَكى معاذٌ خشعاً لفراقِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم التَفَت، فأقبَل نحوَ المدينةِ، فقال: إنَّ أهلَ بيتي هؤلاءِ ترَونَ أنتم أولى الناسِ بي، أولى بي المتقونَ مَن كانوا وحيثُ كانوا، اللهم إنّي لا أُحِلُّ لهم فَسادُ ما أصلحت، وايمُ اللهِ لتكفأنَّ أُمَّتي عن دِينِها كما يكفأُ الإناءُ في البَطحاءِ) [ إتحاف الخيرة المهرة]، وقد بكى معاذ لفراق الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكن خوفهم من فراق الرسول يقتصر على فراق الدنيا، بل وصل إلى خوفهم من فراقه في الآخرة.

تفضيل الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم على مَن سواه

كان الصحابة رضوان اله عليهم من شدة حبهم للرسول صلى الله عليه وسلم يفضلونه على أهلهم، وذويهم، وأنفسهم، وهذا ما أمرنا الله به في كتاب العزيز، ومن ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (لما كان يوم أُحد حاص أهل المدينة حيصة وقالوا: قُتِل محمد، حتى كثرت الصوارخ في ناحية المدينة، فخرجت امرأة من الأنصار محرمة فاستقبلت بأبيها وابنها وزوجها وأخيها لا أدري أيهم، استقبلت بهم أولاً، فلما مرَّت على أحدهم قالت: من هذا؟ قالوا: أبوك، أخوك، زوجك، ابنك، تقول: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: أمامك، حتى دُفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بناحية ثوبه، ثم قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذا سلمت من عطب) [مجمع الزوائد].

تنافس الصحابة في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم

أظهر الصحابة رضوان الله عليهم محبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ضربوا أروع الأمثلة في المنافسة على محبته، فكان كل واحد منهم يسعى إلى الفوز بمحبة الرسول له أكثر من غيره من الصحابة، فاجتهدوا في محبته، وأخلصوا النية في مودّته.

تقبيل الصحابة جسد الرسول صلى الله عليه وسلم الطاهر

كان الكثير من الصحابة يعبّر عن حبّه للرسول صلى الله عليه وسلم بتقبيل جسده الطاهر، ومن ذلك (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عدَّلَ صفوفَ أصحابِه يومَ بدرٍ وفي يدِه قدحٌ يعدِّلُ به القومَ فمرَّ بسوادِ بنِ غَزيَّةَ حليفَ بني عدي بنِ النَّجارِ وهو مُسْتنتِلٌ من الصفِّ فطعن في بطنِه بالقدحِ وقال استوِ يا سوادُ فقال يا رسولَ اللهِ أوجَعْتَني وقد بعثك اللهُ بالحقِّ والعدلِ فأقِدْني قال فكشف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن بطنِه وقال استقِدْ قال فاعتنقَه فقبَّل بطنَه فقال ما حملكَ على هذا يا سوادُ قال يا رسولَ اللهِ حضَر ما ترى فأردتُ أن يكون آخرُ العهدِ بك أن يمَسَّ جلدي جلدَك فدعا له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بخيرٍ وقال له استوِ يا سوادُ) [السلسلة الصحيحة].

فداء الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم الطاهر

كان الصحابة رضوان الله عليهم من صدق حبهم للرسول صلى الله عليه وسلم يتلذذون في أشكال العذاب المختلفة في سبيل نجاته صلى الله عليه وسلم، وحرصاً منهم على سلامته من الأخطار المختلفة، وقد كان الصحابة لا يرتاحون في حال تعرّض النبي للتعذيب والإيذاء.

امتثال الصحابة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم

مما دلّ على عظيم حب الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم طاعتهم لأوامره، والانتهاء عما ينهي عنه.

كيف تكون محبة النبي صلى الله عليه وسلم

  • تكون محبته باتباعه صلى الله عليه وسلم.قال تعالى: ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) [آل عمران: 31]، فليس الطريق إلى محبة الله إلا باتباع حبيبه المصطفى، ولا يمكن للعبد ان يتوصل إلى الحبيب بشيء أحسن من اتباعه.
  • تكون بنصرته، والدفاع عن سنته، والانقياد لها.
  • دوام الذكر العبد المحب له صلى الله عليه وسلم، والشوق لرؤيته.

محبة رسول الله وسط بين الغلو والجفاء

يعتبر جفاء النبي صلى الله عليه وسلم كفر، وكذلك الغلو في محبته بتجاوز الحد المشروع طريقاً للكفر، وقد كان الصابة الكرام رضوان الله عليهم يمتثلون لهذا المبدأ في حبهم له، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه (لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك) [ حاشية بلوغ المرام لابن باز]، وتعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم يكون محله في القلب، واللسان، والجوارح كالآتي:

  • التعظيم بالقلب: يكون بتقديم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم على النفس والولد.
  • التعظيم باللسان: الثناء عليه.
  • التعظيم بالجوارح: اتباع أوامره، واجتناب نواهيه، والعمل على إظهار دينه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى