محتويات
'); }
مفهوم القياس في الفقه الإسلامي
يعد القياس من المصادر الرئيسية في التشريع الإسلامي، ونذكر تعريف القياس فيما يأتي:[١]
- القياس لُغةً: هو التقدير.
- القياس اصطلاحًا: إلحاق حكم الأصل للفرع لاشتراكهما في العلة؛ مثل قياس حكم النبيذ -الفرع الذي لم يرد له حكم-، على حكم الخمر -الأصل الذي ورد فيه حكم-، لاشتراكهما في العلة -الإسكار-، فيأخذ النبيذ نفس حكم الخمر -التحريم-.
أركان القياس
للقياس عدة أركان نذكرها فيما يأتي:[٢]
- الركن الأول: وهو الأصل
أيّ الحكم الذي يُقاس عليه، أو النص الذي ورد فيه الحكم.
- الركن الثاني: وهو الفرع
أيّ المسألة التي يُراد إلحاقها بالأصل المقيس عليه.
'); }
- الركن الثالث: حكم الأصل
وهو الوصف الذي سيحمل حكم الفرع عليه.
- الركن الرابع: هو الوصف
وهو الذي جمع بين الفرع المراد حمله على حكم والأصل الذي سيحمل الفرع عليه، ويُعرف بالعلّة.
حجية القياس
القياس حجّة بإجماع أهل العلم؛ حيث ذهب أكثر الفقهاء، وأصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- و التابعين من بعدهم إلى القول بحجيّته.
حيثُ قال الآمدي: “وبه قال السلف من الصحابة، والتابعين، والشافعي، وأبو حنيفة، ومالك، وأحمد بن حنبل، وأكثر الفقهاء والمتكلمين”، وخالفهم في ذلك الظاهريّة، حيث أنكروا حجيّة القياس.[٣]
ويقصد بحجيّة القياس هو وجوب الأخذ به والعمل بحكمه في الشريعة الإسلامية، وذلك واجب على المجتهد والمقلّد، وقال الفخر الرازي: “المراد من قولنا القياس حُجَّةً أنّه إذا حصل ظنٌّ أن حُكْم هذه الصورة مثل حُكْم تلك الصورة فهو مكلَّفٌ بالعمل به في نفسه، ومكلَّفٌ بأن يُفْتِىَ به غيرَه”.[٣]
واستدل الأصوليون على أنّ القياس حجّة يجب العمل بها، بما جاء في القرآن الكريم، والسنة النبويّة الشريفة، والإجماع، والعقول، وأقوى هذه الأدلّة هو فعل الصحابة، حيث وقع الإجماع منهم على حجيّته والعمل به في الوقائع التي لم يرِد بها نص، وتكرّر الأخذ بها فيما بينهم، واشتهرت هذه الأحكام من غير إنكار بينهم على ذلك.[٣]
شروط القياس
لصحة القياس واعتباره شرعًا يجب أن تتوافر به مجموعة من الشروط، وفيما يأتي بيانها:[٤]
- أن يكون حكم الأصل قد ثبت بدليل شرعي من القرآن الكريم، أو السنة النبويّة الشريفة، أو بالإجماع، وأن يكون هذا الدليل صحيحًا بغلبة الظن، وغير منسوخ.
- أن يكون الحكم المقيس عليه معقول المعنى، أمّا الحكم غير معقول المعنى فلا يمكن تعدية الحكم فيه، ومثال ذلك حكم عدد ركعات الصلاة، فسبب عددها غير مفهوم، فهو محدد من عند الله -تعالى- لحكمة غير معلومة.
- أن يتواجد الوصف في الفرع بصورة تامّة، وأن يُقطع بوجود ذات الوصف الموجود في الحكم، أو أن يكون الظن غالبًا بوجود ذات العلّة في الفرع.
- أن لا يكون هناك نص قد حمل حكمًا للفرع مخالفًا لحكم الأصل، فالقياس يكون باطلًا إذا تمّ على خلاف النص، أمّا إذا كان موافقًا لحكم الأصل؛ فهو جائز لتكثير الأدلة.
- أن يكون حكم الفرع وحكم الأصل متساويان، فلا يجوز قياس مكروه على حرام، أو واجب على مندوب، لعدم تساويهما في الحكم.
- أن تكون علّة الحكم متعدية، فالعلة القاصرة لا يصح التعليل بها، ولا يصح كذلك تعدية الحكم بها.
- أن تكون العلّة قد ثبتت بمسلك من مسالك العلة، ويقصد بذلك النص.
- أن تكون العلّة موافقة للنص والإجماع في حال كانت مستنبطة.
- أن تكون العلّة ذات وصف مناسب لترتيب الحكم عليها في حال كانت العلّة مستنبطة.
- أن يكون القياس في الأحكام الشرعية العمليّة، فلا يصح القياس في الأحكام العقائديّة والتوحيد في حال أدى القياس إحداث بدعة وتعطيل.
أنواع القياس
أولى العلماء اهتمامًا خاصًا للقياس لكونه من مصادر التشريع، كما أنّ للقياس أنواع عديدة نذكرها فيما يأتي:[٥]
- قياس الأولى
وهو الذي يكون فيه الفرع حكمه أولى من المقيس عليه، ومثاله: قياس ضرب الوالدين على التأفف.[١]
- القياس المساوي
وهو الذي يتساوى به حكم المقيس والمقيس عليه، ومثاله: قياس إحراق مال اليتيم على أكله.[١]
- قياس الدّلالة
وهو توافق المقيس عليه والمقيس في العلة، إلّا أنّ التوافق لا يكون جليًّا بينهما.
- قياس الشبه
وهو الذي يتواجد به شبه بين الأصل أو بين الأصلين، ومثاله العبد؛ فمن الممكن إلحاقه بالجمل لأنه مملوكٌ مثله، ومن الممكن إلحاقه بالرجل الحر لاشتراكهما في الإنسانية.
- القياس الجلي
هو القياس الذي تظهر علته وتفهم للسامع من أول وهلة، كقوله عليه السلام: "لا يقضي القاضي وهو غضبان"، يقاس عليه كل ما يشوش الفكر مثل الجوع والعطش والهم.[٦]
- القياس الخفي
هو الذي وقع خلاف فيه لعدم القطع في علته؛ مثاله قياس الأرز على البر لاشتراكهما في الاقتيات، لأن العلة فيهما لا تفهم بأول وهلة بل تحتاج إلى النظر والتفكر.[٦]
- قياس الطرد
هو الذي تطّرد به العلّة في أيّ زمان ومكان.
- قياس العكس
وهو الذي يعاكس الحكم، فيكون القياس على الحكم في حال وقوع خلافه؛ مثاله قوله تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا)[٧]، ففي الآية استدلال على حقيقة القرآن الكريم بإبطال نقيضه.[٨]
المراجع
- ^ أ ب ت محمد مصطفى الزحيلي، الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، صفحة 238-237. بتصرّف.
- ↑ محمد حسين الجيزاني، معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة، صفحة 180. بتصرّف.
- ^ أ ب ت بلقاسم الزبيدي، الاجتهاد في مناط الحكم الشرعي دراسة تأصيلية تطبيقية، صفحة 384-385. بتصرّف.
- ↑ محمد حسين الجيزاني، معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة، صفحة 193-194. بتصرّف.
- ↑ “القياس: تعريفه وأركانه وأنواعه”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 1/1/2022. بتصرّف.
- ^ أ ب أبو عبد الله الحسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي (2004)، كتاب رفع النقاب عن تنقيح الشهاب، السعودية: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، صفحة 246،247، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 82.
- ↑ تقي الدين أبو البقاء محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي ابن النجار الحنبلي (1997)، كتاب شرح الكوكب المنير شرح مختصر التحرير (الطبعة الثانية)، السعودية: مكتبة العبيكان، صفحة 400، جزء 4. بتصرّف.