الطموح والطمع
الحياة مليئة بالتجارب والمحطات التي نتعلم منها الكثير، ونكتسب من خلالها الكثير من الخبرات التي تساعدنا في المضي قدماً فيها، والطموح من أهمّ الأشياء التي يجب أن تكون موجودة في نفس كل شخص، لأن الطموح هو أساس التقدم، وهو الدافع الكبير الذي يحث الشخص على أن يتعب لأجل أن يحقق هذا الطموح ويصل إليه، كما أن الطموح هو الوجه الآخر للأهداف، فمن خلاله يستطيع الإنسان أن يطور ذاته ويصل إلى أعلى المراتب، فدون وجود طموح، لا يمكن للإنسان أن يتطور، ولا يمكن له أن ينتقل إلى مراتب كبيرة إلا بالصدفة فقط، التي يتكئ عليها الإنسان العاجز والاتكالي لأن من ليس لديه أي طموح كالإنسان الميت، يعيش بلا هدف.
يخلط الكثير من الناس بين طموحهم وهدفهم في السعي لتحقيقه، وبين شعور الطمع الداخلي الذي يجعل الإنسان الطموح أحياناً يتجاوز الحدّ الطبيعي، ويفكر في أن ينال أشياءً ليست من حقه، أو يحاول تحقيق طموح فيه تعدي على طموح الآخرين، وفي هذه الحالة يتحول الطموح إلى طمع، وشعور بالأنانية، فالرغبة الكبيرة في أن يحقق الإنسان أهدافه، تجعله أحياناً شخصاً أعمى، لا يميز بين حقه وحقوق الآخرين، على مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) ولهذا يجب أن يكون هناك تمييز واضح بين الطموح والطمع، كي لا ينجرف الشخص نحو تحقيق شيءٍ يُسيء إلى مبادئ الأخلاق الأساسية.
الفرق بين الطموح والطمع يفصل بينه شعرة صغيرة، يجب أن لا تنقطع، وأن لا يصل الطموح لدرجة الطمع، والنظر إلى ما في أيدي الآخرين، لأن الطموح شيء مشروع، امّا الطمع فهو لا يجوز، لأنّه ينزل بأخلاق الإنسان إلى الحضيض، ويجعله لا يرى إلّا نفسه ومصلحته الشخصية، كأن يطمح شخصٌ ما في أن يتولى منصباً معيناً أو أن يكون في المركز الأول في كلّ شيء، فإن وصل لهذا الشيء بمجهوده الشخصي ودون أن يستخدم وسائل غير مشروعة، فهو يستحق فعلاً أن يحقق رغبته وطموحه، أمّا إن رغب في إزالة الأشخاص من طريقة وتشويه سمعتهم ليحل محلهم، فهذا هو الطمع الذي لا يبرره شيء، ولا يجوز فعله أبداً.
الشخص الطموح الذي لا يعرف الطمع، يكون الله معه، ويحقق له غايته لأنّ نيته صافية، أمّا الشخص الطماع فلن يستطيع تحقيق ما يريد، لأنّ الطمع سبب في جلب المضرة، ولا يجلب النفع أبداً، ولا يمكن أن يصل إلى نتيجةٍ إيجابية في تحقيق شيء، كما أنّ الطموح يُكسب الشخص احترام الآخرين، أمّا الطمع فإنّه يولد البغضاء في القلوب.