قال المتنبي يوماً: عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
إنّه الطموح هو صفة الناجحين الذين يتربعون على رأس القمة دوماً، فمخطئ هو من يظن أن هؤلاء الناجحين قد حققوا نجاحهم وحصلوا عليه على طبق من ذهب، فالنجاح ابن الصبر، وأخ الجد والمثابرة، ورفيق الطموح، وإن سأل أحدهم عن معنى الطموح فهو ذلك الدافع الذي يحرّك الإنسان دوماً، ويدفعه نحو حلمه في كل ساعة وكل دقيقة ليحقق أهدافه ويشعر بلذة النجاح.
للطموح فوائد عديدة تعود على الفرد والمجتمع بالخير، أمّا فوائده على الفرد فتتمثّل بتسهيل طريق النجاح أمامه، وتخليصه من وقت الفراغ الذي قد يوقعه بالزلّات، فالإنسان الطموح مشغول دوماً في تحسين قدراته، واكتساب مهارات جديدة، وبالقيام بمحاولات عديدة، بالإضافة إلى أنّه ما يجعل الإنسان يشعر بقيمة نفسه عن طريق العمل، وتحقيق الرسالة التي خلقنا المولى عزّ وجل من أجلها، وبالتالي فهو يولّد في الإنسان مشاعر الإنجاز، والسرور، ويبعده عن الكآبة واليأس اللذين يهلكان الفرد إن سيطرا عليه.
أمّا بالنسبة للمجتمع فالطموح أساس رقيّه، كيف لا وهو أساس كل النجاحات، والاختراعات، والاكتشافات الجديدة! أليس هو السبب في العديد من محاولات النجاح بعد الفشل؟ وخير دليل على ذلك اختراع العالم أديسون للمصباح الكهربائي بعد تسع وتسعين محاولة فاشلة، فطموحه هو ما حركه لاختراع شيء عظيم ينفع البشرية إلى يومنا هذا، والطموح هو ما يبعد أفراد المجتمع عن الآفات التي يسببها الفراغ والبطالة، فيغدو المجتمع مجتمعاً عاملاً منتجاً يشبه في نشاطه خلية النحل.
وطموح الإنسان يجب أن يكون محصوراً ومحدّداً في أمور الخير، فلا يطمح إنسان لإفساد علاقة شخصين ببعضهما البعض مثلاً، أو في أن يكون سبباً في فقدان شخص لوظيفته أو ما شابه، فالطموح أمر نبيل يجب أن تكون مساعيه نبيلة مثله، وهو لا يتضارب مع المنافسة الشريفة بل على العكس هو وقودها الذي يحرّك كل فرد للإبداع، والإحسان، والإتقان والتنافس مع زملائه لتحقيق الأفضل، وفي ذلك قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: “وفي ذلك فليتنافس المتنافسون” (سورة المطففين، آية: 26)
موضوع تعبير عن الطموح (2) الحياة مدرسة أستاذها الزمان، ودروسها التجارب، نكتسب فيها الخبرات، ونتعلم المعارف، وتتدرب ونطور مهارات، فننجح أحيانًا ونخفق أحيانًا أخرى، ولتعلم أنّه ليس عارٌ على الإنسان أن يقع أثناء رحلة تحقيق طموحه، ولكن العار ألّا يحاول النهوض ثانيةً، فما دمت على قيد الحياة عليك أن تتعب وتثابر، فإذا أخطأت لا توجه اللوم للآخرين أو تعلق مشاكلك عليهم، ولا تبكِ على اللبن المسكوب، فإنّ بكائك لن يعيده بل، اجتهد لتوفر غيره، واعلم سبب إخفاقك لتتجنبه في الأيام القادمة.
لا تنظر إلى الحجارة المتناثرة حولك، بل اجمعها وابن منها سلماً ترتقي به إلى النجاح، ولا تيأس أبدًا، فقد تكون على بعد خطوة واحدة من الأمل المرجو والحلم الذي شكلته في ذهنك، واعلم أنّ سرّ النجاح في تنظيم الوقت، وامسح من قاموسك كلمة "إنّي مشغول"، بل ضع لنفسك خطةً فعالةً، ودعمها بخطةٍ بديلةٍ في حال الفشل؛ كي لا تصاب بخيبة الأمل، فلماذا لا تخطط لقادم الأيام ومستقبل الزمان؟ لماذا لا تضع خطة لحياتك لمدة سنة أو سنتين أو حتى خمس أو عشر؟ لماذا تردد كلمة "لوقته فرج"، تعلم من أخطاء الماضي وادرس تجارب اليوم لتحقق أهداف وأحلام الغد، لا تيأس فاليأس ليس من أخلاق ذوي العزم، وكيف تيأس ولك رب كبير، لهذا لا تقل يا رب لي همٌ كبير ولكن قل يا هم لي رب كبير، أسعَ لتحقيق ذاتك وهدفك في هذه الحياة، واترك لك بصمة تدلّ عليك، وإلّا فما فائدة وجودك في هذه الحياة؟
زد بطموحك على الحياة ولا تكن زائدًا عليها، فكل حلم قد حققه من قبلك كان حلماً يوماً ما، وها نحن نعيشه الآن واقعاًً، فالطموح هو أن ترى الأحلام بعين قلبك حقيقة، وأن تعمل لأجلها ليل نهار حتى تتحقق، ولا تكل ولا تمل فالأهداف الكبيرة لم تُخلق ليحققها كل الناس، بل لتكون نصيب نخبة منهم يتميزون بالصبر، والجلَد، ويتحلّون بالطموح، ولا تنسَ أثناء رحلتك أن تضع مخافة الله، ومنفعة وطنك نصب عينيك لتكون أهدافك ميمونة، وخطواتك مباركة بإذنه تعالى.
فيديو عن الطموح وكيف يمكن تحقيقه
للمزيد تابع الفيديو التالي