منذ وجود الإنسان على هذه الأرض وفيه أصنافٌ مختلفة من البشر، منهم يسعى لطلب العلم والمعرفة، ويحاول أن يترك بصمةً مهمةً في الحياة، ومنهم من يستسلم للكسل والجهل ولا يُحدث أي تأثيرٍ يُذكر، وبالطبع لا يمكن أبداً أن يكون المتعلم والجاهل بالمرتبة نفسها، ولا يمكن أن يتساويان أو يكونا بالميزان نفسه، وفي هذا يقول رب العزة في محكم التنزيل: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر: 9]، وفي هذا دليلٌ قاطع أنّ فضل الإنسان المتعلم كبير، ودرجته عالية، ولا يمكن أبداً أن يكون بمرتبة الجاهل.
المتعلم يصنع فرقاً كبيراً في مجتمعه وبلده، ويُساهم في تطور شعبه، فالمتعلم قد يكون طبيباً يعالج المرضى ويخفف آلامهم، وقد يكون مهندساً يخطط للبناء والإعمار والصناعات، وقد يكون معلماً مربٍ للأجيال، كما قد يكون المتعلم صحفياً بارعاً ينقل الأخبار، أو مثقفاً وشاعراً وأديباً، أو محامياً يدافع عن المظلومين ويسعى لنصرتهم، وغير ذلك الكثير، لكن الجاهل عدو نفسه، لا يعمل شيئاً مفيداً أبداً، ولا يستطيع أن يقدم فائدة لأي أحد حتى لو حاول أن يقدم فائدة فستأتي نتيجة هذه الفائدة بالعكس.
يستطيع الإنسان المتعلم فهم حياته بالشكل الصحيح، كما يستطيع فهم أمور دينه ودنياه، وتطبيق كل ما هو مفيد لأجل الحصول على الأفضل، أما الجاهل فيتبع الطرق الملتوية كي يصل إلى ما يريد، لأنّه لا يعرف الطرق الصحيحة، ولا يميز بين الحق والباطل، لذلك فإنّ الله سبحانه وتعالى أنزل في كتبه السماوية وخصوصاً القرآن الكريم الكثير من النصوص والآيات التي تحث على طلب العلم، والسعي فيه، كما أعدّ أجراً عظيماً لطالب العلم، أما الجهل فليس له فضل أو أجر.
يتميز المتعلم بأنّه يعرف كيف يزن الأمور بطريقةٍ حكيمةٍ، ويسعى لتحقيق أهدافه بكل الطرق، على عكس الجاهل الذي يتصرف بعشوائيةٍ لأنّ عقله مبرمج على أن يعتمد على الحظ والصدف، ولا يستند على أي آراءٍ علميةٍ أو منطق، لذلك فإنّ المتعلم على الأغلب يكون إنساناً ناجحاً، على عكس الجاهل الذي يفشل حتى في تحقيق ذاته، كما أنّه يفتقر لوجود هدفٍ يسعى لتحقيقه.
المتعلم يعرف كيف يتكلم ويكون قائداً في الناس، كما أنه ينتقي كلماته بعنايةٍ مطلقةٍ، أما الجاهل فتكون كلماته متلعثمة ومترددة، وأفكاره غير موزونة، مما يجعله يقع في الكثير من الأخطاء، ويخلط الأمور ببعضها، كما أنّ الناس ينظرون للشخص المتعلم بثقة واحترام أكبر، على عكس الجاهل الذي لا يثق أحد برأيه.